Skip to main content

Full text of "مراجع ومصادر عن تاريخ العلويين في العراق وبلاد الشام"

See other formats


فلاحو سورية 


أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأنا وسياساتهم 





فلسفة وفكر 


ها اقتصاد وتنمية 


001 لسانيات 

1 آداب وفنون 
تاريخ 

كه علم اجتماع وأنتروبولوجيا 
أدياق ودراسظ إسلاعية 


علوم سياسية 
2 وعلاقات دولية 





























ارا 





0 


تحليل شامل لتطور فلاحي سورية الاجتماعي والاقتصادي والسياسي 
الحديث: أي تلك الطبقة التي خرح منها من لا يزالون يمسكون بالسلطة. 
وهو يركّز على حزب البعث. وبنية السلطة بعد عام 1963 وعهد حافظ 
الأسد. مقدّمًا رواية فريدة في غناها عن انتقال السلطة من فئة إلى 
رك 


يتفخص بطاطو الفروق الاجتماعية بين فلاحي سورية وتطور طرائق 
عيشهم وأحوالهم الاقتصادية. ويمخص أشكال وعيهم وتنظيمهم 
وسلوكهم باختلاف الحقب. ويستكشف الأوجه الفلاحية في حزب البعث 
الذي لم يكن قوة واحدة بل جماعات متعددة مترابطة. ثم يقدم نظرات 
ثآقبة في شخصية حافظ الأسد وسلوكة. وخصائص نظامه: وبنى 
سلطته. وهو يعتمد في ذلك كله على كم وآفر من المعلومات 
الاجتماعية والاقتصادية. وعلى مقابلات شخصية كثيرة. 





المؤلف 

حنا بطاطو (1926 - ه200): بآحث فلسطيني مختص بتاريخ المشرق 
العربي الحديث وسياساته وبنياته الاجتماعية. نال الدكتوراه في العلوم 
السياسية من جامعة هارفرد 1960 عن أطروحة بعنوان الشيخ والفلاح 
في العراق 1917 1958. اشتغل بالتدريس في الجامعة الأميركية في 
بيروت من 1962 إلى 1982, وفي جامعة جورجتاون في أميركا من 1982 
حتى تقاعده 1994. من أعماله الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات 
الثورية الجديدة في العراق (1978). 


المترجمان 

عبد آلله فاضل: مترجم سوريء نقل إلى العربية عددًا من الكتب من بينها: 
اللغز الأنثوي (بيتي فريدان), والأنثروبولوجيا الاقتصادية: التاريخ 
والإثنوغرافيا والنقد (كريس هان وكيّث هارت). 

رائد النقشبندي: مترجم سوريء ترجم عددًا من الكتب والأبحاث من 
الإنكليزية والفرنسية إلى العربية. منها رواية القوة الخفية للويس 
كابيروس. 


ل 


١١م4‎ 


المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 
5ك ألنت5 ببرعنامه ع اععدووع8 عمع ععتامع0 طوعم 


8 ع 


4> 


فلا حو سورية 
أبناءٌ وجهائهم الريفيين الأقل شأنا وسياساتهم 


المركز العربي للابحاث 
ودراسة السياساتث 


سلسلة ترجمان 
الهيئة الاستشارية 





هذه السلسلة 


في سياق الرسالة الفكرية التي يضطلع بها «المركز 
العربي للأبحاث ودراسة السياسات»» وفي إطار 
نشاطه العلمى والبحثى؛ تُعنى «سلسلة ترجمان» بتعريف 
قادة الرأي والنخب التربوية والسياسية والاقتصادية 
العربية إلى الإنتاج الفكري الجديد والمهم خارج 
العالم العربي» من طريق الترجمة الأمينة الموثوقة 
المأذونة للأعمال والمؤلفات الأجنبية الجديدة أو ذات 
القيمة المتجددة فى مجالات الدراسات الإنسانية 
والاجتماعية عامة؛ وفي العلوم الاقتصادية والاجتماعية 
والإدارية والسياسية والثقافية بصورة خاصة. 

تستأنس «سلسلة ترجمان» وتسترشد بآراء نخبة من 
المفكرين والأكاديميين من مختلف البلدان العربية» 
لاقتراح الأعمال الجديرة بالترجمة» ومناقشة 
الإشكالات التى يواجهها الدارسون والباحثون والطلبة 
الجامعيون العرب على السواءء من الافتقار إلى التتاج 
العلمي والثقافي للمؤلفين والمفكرين الأجانب» 
وشيوع الترجمات المشوّهة أو المتدنية المستوى. 
وتسعى هذه السلسلة» من خلال الترجمة عن مختلف 
اللغات الأجنبية» إلى المساهمة في تعزيز برامج 
«المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات» الرامية 
إلى إذكاء روح البحث والاستقصاء والنقدء وتطوير 
الأدوات والمفاهيم وآليات التراكم المعرفي» والتأثير 
في الحيز العامء لتواصل أداء رسالتها في خدمة 
النهوض الفكريء والتعليم الجامعي والأكاديمي» 
والثقافة العربية بصورة عامة. 


ب 


1 
فلا حو سورية 


أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأنا وسياساتهم 


ترجمة 
عبد الله فاضل 
رائد النقشيندىي 
مراجعة 
ثائر ديب 


ع١‏ 1 
ا 4 المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات 
معدو ؟] ععالنت5 بوالوط 8 طعمقعوع8 عه عععموك طمم 


الفهرسة فى أثناء النشر ‏ إعداد المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات 
بطاطوء حنًا 

ء 2 8 

فلاو سورية: أبناءٌ وجهائهم الريفيين الأقل شأنًا وسياساتهم / حنا بطاطو؛ ترجمة 
عبد الله فاضل» رائد النقشبندي؟؛ مراجعة ثائر ذيبا. 

3 ص.؛ جداول؟ 24 سم. ‏ (سلسلة ترجمان) 

يشتمل على ببليوغرافية (ص. 645 - 665) وفهرس عام. 

15181 978-614-445-008-6 

1. المزارعون - سورية - تاريخ القرن 0 2. سورية - السياسة والحكومة - 
القرن 20. 3. حزب البعث العربى الاشتراكى (سورية). 4. المزارعون ‏ أحوال 
اقتصادية ‏ سورية - تاريخ القرن 20. 5. المزارعون - النشاط السياسي - سورية - 
تاريخ القرن 20. 6. المجتمعات الريفية - سورية ‏ تاريخ - القرن 0 7. الأسد» 
حافظ؛ 1930 - 2000. أ. فاضلء عبد الله بديع. ب. النقشبندي» رائد. ج. ديبء ثائر. 
د. العنوان. ه. السلسلة. 
1 2326ظ2 

الترجمة العربية الكاملة لكتاب: 
تي يات 
اناه مأعط1 لسع روعءتلطقاواة لقنا «عكوعنط 15 01 كأمقلدعءيء12 عط 
و(رتره 11 برط 
عن دار النشر 
9 رووعء 217551نا لمماععملمط 
0-691-00254-1 15811 


. 


الناشر 

. : 4 .4 
| الحده ] المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات 
لت ممنضسدك بونامم 8 مممممه +0 عمامعة ممعم 


شارع رقم: 826 منطقة 66 

المنطقة الدبلوماسية ‏ الدفنة» ص. ب: 10277 - الدوحة - قطر 

هاتف: 44199777 00974 فاكس: 00974-44831651 

جادة الجنرال فؤاد شهاب ‏ شارع سليم تقلا - بئاية الصيفي 174 
ص. ب: 11-4965 - رياض الصلح ‏ بيروت 2180 1107 - لبنان 
هاتف: 8 991837 00961-1, فاكس: 991839 1- 00961 

البريد الإلكتروني: 018.عأنط لاقم تهطهل ©1066 ماتماءط 
الموقع الإلكتروني: 55ه.ع اناا أ أكهتةط00. نيدم 


الطبعة الأولى عن المركز 
بيروت» تشرين الأول/ أكتوبر 2014 


إلى الشعب السوري 


ل ين 


قائمة الجداول رمو ماما ا 
مقدمة الترجمة العربية 11 
تمهيد تسسا ساوسو ا س2 
القسم الأول 
ظروف الفلاحين الاجتماعية والاقتصادية 
الفصل الأول: دور العوامل الديموغرافية 3 
الفصل الثاني: ضروبٌ من التمييز مج سو او م1 
«الفلاحون البستانيون» و«الفلاحون الزراعيوة) ..................41 
الفلاحون المسالمون والفلاحون من أصل محارب ................ 45 
- الفلاحون «أهل السئة» والفلاحون «أهل البدع» 1 
الفلاحون بلا عشائر والفلاحون المرتبطون بعشائر واس سي 62 
الفلاحون مالكو الأرض والفلاحون غير المالكين؛ وملاك 
الأرض الحضريون التقليديون» والمستثمرون الحديثون.........74 
الفصل الثالث: الأحوال المعيشية 00000 000001 
- توزيع الدخل الزراعي قبل إعادة تنظيم العلاقات الزراعية 
وبعدها ا ا 89 


خفض العبء الضريبى سي ب ا يي ل 
د الكهرية السريعة للروقها سم د ا 134 
انتشار شبكات المياه الآمنة 1 
- توسّع الرعاية الصحية الريفية 10 
- تطور وسائل الاتصال والنقل ممم 14 
- تكثيف الجهد التعليمي للدولة سي ات م و 43 
الفصل الرابع: الكفاءة الاقتصادية ل ل ل 1 
- استخدام الأرض 1 
اتجاهات النمو الزراعي والعوامل السببية ذات الصلة 1 
الاتجاهات المحتملة للتقدم في المستقبل يي 1 
القسم الثاني 


أنماط الوعي والتنظيم والسلوك السياسي الفلاحي قبل البعث 
الفصل الخامس: مدخل: صور الفلاحين عند ابن خحلدون وبلزاك 


وتروتسكي والأب عيروط وجي سي سكوت وأهميتها ........ 185 
الفصل السادس: أولى التنظيمات الفلاحية أو نقابات الفلاحين 

البستانيين بين القرن السابع عشر والقرن العشرين م 191 
الفصل السابع: الصوفية بين الفلاحين: هل كانت مصدرًا للاستكانة 

السياسية؟ ل و 0 


الفصل الثامن: نزوع الفلاحين الجبليين إلى التمرد ونزوع فلاحي 
السهول المفتوحة إلى طرق الدفاع غير المباشر في أيام العثمانيين 
والانتداب الفرنسي 2 215 


61 


الفصل التاسع: الشيوعيون والفلاحون ساس 2 
الفصل العاشر: الاشتراكيون العرب أو أول حزب زراعي في تاريخ 
سورية ب 13 دسا سوبا و 21 
القسم الثالث 
البعثية في جوانبها الريفية والفلاحية 
الفصل الحادي عشر: البعث القديم والتربية السياسية لإنتليجنسيا ريفية ...261 
الفصل الثاني عشر: البعث «الانتقالي» أو بعث الستينيات 
وصعود الوجهاء الريفيين أو القرويين الأقل شأناء وترييف 


الجيش وإلى حد ما بيروقراطية الدولة 281 
الأصول الاجتماعية لأعضاء اللجنة العسكرية 20 
- العوامل التي أدّت إلى صعود طبقة الوجهاء الريفية 

أو القروية الأقل شأنًا ااا 0000 
- زيادة ترييف القوات المسلّحة 2 
- أسباب النفوذ القويّ للضباط العلويين اس 20 
- التغلغل الريفي في بيروقراطية الدولة و20 
- تعزيز الصبغة الريفية لحزب البعث تو 
السياسات الزراعية في الستينيات ومعناها الاجتماعي 310 


- سقوط التيار السائد من حزب البعث في الستينيات وأسبابه. 327 
الفصل الثالث عشر: بعث ما بعد 1970 بقالبه الأسدي وتوجهه 


المهنى تر اموت م3257 
قائد المسيرة 0-0000 
الخصائص العامة للبعث الجديد وتركيبته الاجتماعية 30000 


9 


- أسباب انخفاض نسبة الفلاحين في الحزب في الثمانينيات 
وارتفاعها في ما بعد اس ع و 
حافظ الأسد أو أول حاكم لسورية من أصول فلاحية 
الفصل الرابع عشر: خلفية حافظ الأسد وتعليمه الباكر وتدرّبه الحزبي 
وأولى معاركه السياسية 0 
الفصل الخامس عشر: سيرة الأسد ومؤهّلاته العسكرية 
أو الاستنتاجات المتعلقة بقيادته العسكرية استنادًا إلى أدائه فى 
حربي 1967 و1973 وفي أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان.... 373 


الفصل السادس عشر: الوجوه المتنوّعة للسلطة في دولة الأسد ...383 
- بضع ملاحظات عامة أوليّة على البلاغة «الديمقراطية» 

ووقائع الحياة ب ل لس ا 3801 
وجهات النظر العلنية والخاصة للأسد من سلطة البشر 

عمومًا وأهليتهم للسياسة 1 

- بئية سلطة الأسد: مستوياتها الأربعة وخصائصها الأساسية.... 387 

الفصل السابع عشر: تركيرٌ سريع على أشكال السلطة الأشد حذقًا....... 389 


الفصل الثامن عشر: تنظيم السلطة في النسق الثاني من نظام الأسد 
وانّسام هذا التنظيم من بين صفات أخرى بسمة أساسية 


من سمات الحياة الفلاحية 40 
- الغريزة الأولية تجاه العائلة والعشيرة وأثرها 40 
طبقة الوجهاء الريفيين الأقل شأنا والحلقة الداخلية 

الضيقة في قيادة النظام ةذ [ذ1ذ[ذ[1[ذ[ذ[ذ[1[ذ[ز[ذ[ذ[ز[ز[ [ [ [ ا 000 
هل نظام الأسد طائفي؟ 4131 


- سوء استعمال السلطة في المراتب العليا ورمزها الأول........ 426 


«أزمة الخلافة» 230 
توترات جديدة 0 ا 


- نبذة عن شبكات الأمن والاستخبارات وشخصياتها الرئيسة... 440 
الفصل التاسع عشر: نظرة إلى المستوى الثالث من مستويات السلطة 

أو إلى قوام النخبة العليا من حزب البعث سم 449 
الفصل العشرون: نقل التركيز إلى المستوى الرابع من مستويات 

السلطة أو تحليل توضيحي لدور الاتحاد العام للفلاحين» 


المنظمة الشعبية الرئيسة الرديفة للحزب 2210 ]1 46 
الفصل الحادي والعشرون: نظرة أقرب إلى قمة السلطة أو شخصية الأسد 
بوصفها عاملا في المحافظة على حكمه وإحباط خصومه........471 
الفصل الثاني والعشرون: الطريقة التي تعامل بها الأسد مع الإخوان المسلمين 
ومقاتليهم وما تلقيه من أضواء على أساليبه في السيطرة 479 
- التغلّب على الإخوان المسلمين باسترضاء «العلماءة 
وكيف استجاب هؤلاء ا 2 
- الإفادة من الانقسامات داخل الإخوان م م 302 
- تشجيع نزعة التهدئة لدى «جناح دمشق» من الإخوان؟ ......... 488 
- مواجهة الضربات العنيفة للمقاتلين وعصياناتهم المسلحة 
الكبيرة أو أخطر تحد داخلي يواجهه نظام الأسد 0 489 
- استخدام القوة تدريجًا في البداية والتمييز بين المقاتلين 
وترك خط رجعة ل«المضللين؟ منهم 2 49 
- تحسّس مزاج البلد 5 498 
11 


607 


- تغيير التركيبة الطائفية لقيادة البعث وتعيين عدد أكبر من السئة 


من عائلات ذات مكانة دينية رفيعة في مناصب رفيعة 499 

ربط المقاتلين رافضى التسوية بوكالة الاستخبارات 
المركزية والمرا جر صة النهاية ال 500 
إحباط الإخوان المسلمين في المنفى 5 ه1060 
- أكثر ثبانًا على سرجه من أيّ وقت مضى شط 1 50 

الفصل الثالث والعشرون: المفاهيم الرئيسة لدى حافظ الأسد 
على صعيد السياسات الإقليمية: الغايات أم الوسائل؟ 51 
حافظ الأسد والقومية العربية ا 0 
الأسد والحرب العراقية الإيرانية 00 
- الصراع مع إسرائيل ومبدأ التوازن الاستراتيجي لس 5 


الفصل الرابع والعشرون: دراسة معمقة لعلاقات الأسد بحركة فتح 


ومنظمة التحرير الفلسطينية بين عامي 6 و1997 والضوء 


الذي تلقيه على أهدافه وأساليبه لوع ا ا 7 512 
- الفترة الأولى من التعاون بين حزب البعث وحركة فتح 56 
- قضية يوسف عرابى و 2527 


من هزيمة العرب في عام 1967 حتى الأزمة الأردنية 

في عامي 1970 و1971 520 
- الانعطاف والاستدارة قبل الحرب الأهلية اللبنانية خلال 

عامي 5 و1976 وبعدها والانتقال من العداوة الكامنة 

إلى الحرب الصريحة ا 0 
- فاصل من الانسجام الظاهري مل سوسس اس سسا 5 


12 


الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 12 والتخلي التام عن 
المقاومة الفلسطينية وتركها تواجه مصيرها 2 


- انقطاع العلاقات ومعركة طرابلس يي 
- عرفات يصنع المفاجآات ااا 2112121111 
- مبادرة ياسر عرفات والملك حسين في عام 1985 2000 
عودة حركة فتح إلى الظهور في المعادلة العسكرية اللبئانية 

والمزاعم المتعلقة ب «الضمانات» المقدمة إلى إسرائيل 

و«حرب المخيمات» بين عامي 1985 و1988 ا 
- الانتفاضة والاتفاق الهش في عام 1988 واستمرار 

التباعد في السياسات ا ا ل 
- فتح صفحة جديدة؟ ا 


ياسر عرفات يمضى فى سبيله ااا 221111110111000 


التعاون مجددًا 0 


الفصل الخامس والعشرون: خائمة اق ل 0 
ملحق: أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث في سورية» 
1997-3 يي 


13 


5277 


نقطة 207176 


قائمة الحداول 


(1-1): عدد سكان سورية الإجمالي وسكانها الريفيين والعاملين 


فى الزراعة وتربية الحيوانات والحراج امول ا لا و 211 3 
(2-1): العمر المتوقع والمؤشرات الديموغرافية» سورية مقارنة 
ببلدان مختارة من الشرق الأوسط وبلدان متقدمة 3 


(3-1): نسبة السكان العاملين في الزراعة في أعوام 1984-1970 
و1989 و1991 0 ااا 00 
(1-2): توزيع حيازات الأرض الخاصة في أعوام 1951 و1958 
و1971-1970 يي ل يي 0 
(2-2): أصحاب الأراضي ومساحاتهم من الحيازات في فترة 
0 -1971 بحسب توزيع عائد الحيازات الاقتصادي 728 
(3-2): السوريون العاملون في الزراعة وتربية الحيوانات والحراج 
بحسب حالتهم العملية في الأعوام 1960 و1972 و1984 
و1989 و1991 رز ز ز 1 11 1 
(4-2): الحد الأقصى للحيازات المملوكة فرديًا بموجب قوانين 
الإصلاح الزراعي أو مراسيمه لأعوام 1958 و1963 و82..1980 


15 


(5-2): التصرف بالأراضي المستولى عليها بموجب قوانين الإصلاح 

الزراعي حتى عام 1975 المع انول ا 1147 
(2 - 6): العناصر الإضافية لأثر الإصلاح الزراعي كما انعكست في البيانات 

الرسمية الوحيدة المتوافرة للعموم حتى نهاية عام 1995 86 
(7-2): أصحاب الحيازات الزراعية في سورية في 1971-1970 و87..1981 
(1-3): النائج المحلي الصافي لسورية بحسب تكلفة عوامل الونتاج 

وحصة القطاع الزراعي بملايين الليرات السورية وبالأسعار 

الثابتة لعام 1985 في سنوات مختلفة بين عامي 1963 و99...1995 
(2-3): متوسط الحد الأدنى اليومي من الأجر للعمال الزراعيين 

ولأعمال زراعية مختارة في سنوات مختارة ما 10 
(3-3): متوسط تكاليف الإنتاج المقدرة رسميًا ومتوسط المردود 

والأسعار الرسمية لمحاصيل رئيسة مختارة فى 1983 و107....1991 


(3 -4): تكاليف الإنتاج وأسعار الشراء وهوامش الربح لمحاصيل 


رئيسة مختارة في أعوام 1980 و1985 و1990 109 
(5-3): القروض النقدية والعيئية المقدمة من مصرف سورية 

الزراعى أو المصرف الزراعى التعاونى (119......)1990-1942 
(3- 6): توزيع القروض العينية والنقدية التي منحها المصرف الزراعي 

التعاوني في سنوات مختارة في فترة الأسد بحسب القطاع.......122 
(7-3): حصة الزراعة من إجمالي الاثتمان الممنوح من المصارف 

المتخصصة كلهاء 1994-1957 معي ا ب ا و 10 


(8-3): الإيرادات من الضرائب التي تؤثر في الطبقات الزراعية وغير 
الزراعية نسبةً إلى الإيرادات الضريبية الإجمالية في سنوات 
مختارة 1101 


(9-3): كهربة القرى فى سورية» 1992-1903 وو و لط 1137 


(10-3): بعض المؤشرات المتعلقة بالصحة في سورية في سنوات 


مختارة 10 
(11-3): النقل والاتصالات فى سورية فى سنوات مختارة 6 14 


(12-3): التوزيع النسبي لسكان سورية (ريف وحضر) ممن يبلغون 
العاشرة فأكثر استنادًا إلى مستوى التعليم في أعوام 


0 و1976 و1991 1 
(1-4): استعمالات الأراضى» 1993-1961 1 


(2-4): مساحة الأرض المروية بحسب طريقة الري لسنوات مختارة....160 
(3-4): الرقم القياسي لإجمالي الإنتاج الزراعي النباتي 


والحيوانى» 6 -1995 ارو ةا الم الامو لو م م اد ا 1 2 11106 
ومردودها» 4 1995 ا ا ل ا 11 


(4- 5): أداء سورية الزراعي مقارنة بأداء بلدان أخرى من الشرق الأوسط... 166 
(4- 6): التقدم في مكننة الزراعة السورية واستخدام الأسمدة الكيماوية 


ومواد المكافحة و و ا 1 8 116 
(7-4): المتعلمون في سورية في علوم الزراعة والحيوان في سنوات 
مختارة 1 


(8-4): قيمة التجارة الخارجية السورية بالأسعار الجارية» 
والحصة النسبية لتجارتها بالمنتتوجات الزراعية ولأغراض 
المقارنة» حصة النفط الخام والمشتقات النفطية في القيمة 
الإجمالية لصادراتها 1995-1963 مستا 1 
(-15): أعضاء المكتب التنفيذي لحزب البعث» 1954-1945» 


17 


ال هد 


(2-0): القيادات العليا لحزب البعث» 1958-1945 

(ملخص الجدول 1-11) اماو امسو وسو 200 
(1-12): أعضاء اللجنة العسكرية البعثية منذ تأسيسها في عام 1959 

حتى إحلال المكتب العسكري التابع للقيادة القطرية لحزب 


البعث في محلها في آب/ أغسطس 1465 2 
(2-12): أعضاء اللجنة العسكرية لحزب البعث» 1959 - آب/ أغسطس 

5 (ملخص الجدول 1-12) و 291 
(3-12): التركيبة الاجتماعية لحزب البعث في عام 1968 31 
(4-12): تركيبة القيادة القطرية لحزب البعثء أيلول/ سبتمبر 19673 

حتى شباط/ فبراير 1966 (ملخص بيانات في الملحق) 000 
(5-12): القيادة القطرية لحزب البعثء آذار/ مارس 1966 حتى 

تشرين الثاني/ نوفمبر 1970 (ملخص بيانات في الملحق).......320 
(6-12): توزيع أراضي الإصلاح الزراعي تحت الأنظمة المختلفة 

فى سورية 0 
( -1): القوة العددية لحزب البعث» 1971 و1974 و1981 و1989 

و1992 ا 1 


(2-13): العنصر النسائى فى حزب البعث» 1974 و1982 و342....1992 
(3-13): توزع أعضاء حزب البعث بحسب المحافظات 

والجامعات وبين قوات الأمن 1 
(4-13): التركيبة المهنية لتنظيمات حزب البعث بحسب 

المحافظات والجامعات وقوات الأمن في عام 21989 

باستثناء فئة «غير ذلك6 31 314:7 


18 


(5-13): التركيبة الاجتماعية لحزب البعث في أعوام 1968 

و1974 و1982 و1989 و1992 1 0 0000 
(13 - 6): التركيبة الاجتماعية للعنصر النسائي في حزب البعث 

لعاف 11:9182و 0-1992 مد ام مو 352 
(1-17): عضوية غرفة تجارة دمشق بحسب الفئة فى سنوات مختارة...393 
(2-17): التكاليف الضريبية على الأرباح الصافية من المشروعات 

فى عامى 1974 و1992 319 
(3-17): قيمة المستوردات والصادرات المسجلة للقطاع الخاص 

وحصتها النسبية من مجموع قيمة المستوردات والصادرات 

المسجلة فى سورية؛ 1995-1972 اما ا 306 
(4-17): قيمة إجمالي إنتاج القطاع الخاص الصناعي بالأسعار 

الجارية» وحصتها النسبية من قيمة مجموع الإنتاج الصناعى 

الإجمالى فى سورية و 9398 
(1-18): الأشخاص الذين شغلوا المواقع الرئيسة في القوات 

. المسلحة والتشكيلات العسكرية النخبوية وأجهزة الأمن 

والمخابرات» 1997-1970 10 
(2-18): ملخص الجدول (1-18) ا بت اس 417 
(3-18): أسماء قادة فرق الجيش وانتماءاتهم الدينية (باستثناء 

في أعوام 1973 و1985 و1992 مسي ا و 1 423 
(1-19): توزيع أعضاء حزب البعث والقيادة القطرية للحزب 

بحسب الفئة العمرية» 110 0[ ا 
(2-19): أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث بحسب الدين 

والطائفة» 1997-1963 لم ا اس اع 3 25 


(3-19): تركيبة القيادة القطرية لحزب البعث» 


تشريق الثاق/ توفمين 39927-1970 سا ل ا ميت 455 
(1-20): عضوية الجمعيات الزراعية و/ أو الروابط الفلاحية 
في أعوام 21960 1972. 1975, 1984 1991 463.....1995 
20 


6149+ 


مقدمة الترجمة العربية 


مس 
عن المؤلف 
حنًا بطاطو باحث وأكاديمي بارز» فلسطيني الأصل أميركي الجنسية» 
شغل بالتأري بخ و البحث لماعي السياني لعدد د من بلدان 0 ق الأوسط» 


ولد حنا رن 9 في عام 226 عاك فيها حتى عام ْ1ظ15 
حين هاجر إلى الولايات المتحدة» وهناك درس في مدرسة إدموند ويلش 
(اممطء5 طكاة/لا 0 في جامعة جورج تاون. وفي عام 0 حصل 
على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفرد. وكانت أطروحته بعنوان 
الشيخ و( الفلاح ذ فى العر اق» 1917 - 1958 جز سعكمعءط ءمز سه طإبره:51 11:6) 
(1917-1958 ,وم. بعد ذلك انتقل إلى بيروت وعمل أستاذًا في الجامعة 
الأميركية بين عامي 1962 و1982. ثم عاد إلى الولايات المتحدة» ودرّس 
في جامعة جورج تاون حتى عام 4 . 

حاز يطاطلى شتنهزة واسعة من خنلال ابعال جنا القراق التبي بناها عازن 
معارف واسعة وعميقة بشؤون العراق وعلى علاقات واسعة مع عراقيين في 
مواقع مختلفة ومن مشارب مختلفة. وقد يكون كتابه الطبقات الاجتماعية 
القديمة والحركات الثورية فى العراق / 4ه كعععها0 امنءه5 014 7386) 
(يومج! كزه كات سعما/! بريه رمنانتأونك 18 الصادر في عام ةىظ1 أهم تلك الدراسات. 
وبخبوهذا الكتاب بالعربية في عام 21995 بعدما ترجمه عفيف الرزاز» وصدر 

فى ثلاثة أجزاء عن مؤسسة الأبحاث العربية. يتناول الجزء الأول الطبقات 
الاجتماعية القديمة من ملاك الأرض ورجال المال والتجار منذ العهد العثماني 
حتى قيام الجمهورية في عام 1958. وفي الجزء الثاني يركز على تجربة الحزب 


21 


الشيوعي العراقي وغيره من الحركات الثورية في العراق. أما الجزء الثالث 
فيتناول الشيوعيين والبعثيين والضباط الأحرار» أي تلك الفئات التي شكلت 
واجهة المشهد السياسي العراقي بعد إطاحة الملكية في عام 1958. 


في عام 2 » حصل بطاطو على إجازة تفرغ علمي من جامعة جورج 
تاون للقيام بدراسة عن الفلاحين في سورية ودورهم في السياسة. وقد نشرت 
الدراسة في عام 1999 تحت عنوان فلاحو سورية: أبناء وجهائهم الريفيين 
الأقل شأنا و سياساتهم أمجنظ «عدععا كال كإه 115 0ععكهط 6[) نووجمءط ؤوأسرى) 
(ععءننامط «أه :771 4ه ,عواطمه300. وها نحن نضعها اليو مم بين يدي القارئ. وإضافة 
إليها كان بطاطو قد نشر أبحائًا عن سورية» منها «بعض الملاحظات عن 
الجذور الاجتماعية للمجموعة العسكرية الحاكمة في سورية» وأسباب 
سيطر تهاا بربعازانال! بواثانداة ؤمنبرد كزه كامم أمأعه5 ع[ جره كردم ةاودصعوط0 عترمى) 
© 5[ «ن/ كععلتهن) 112 214 ولاه 07 تشرت فى أءت#امل أكمظ 341001 116 
في عام 1981» ومقالة أخرى عن «الأخوان المسلمين في سورية» نشرت في 
عاسموء ا «الاظطالط في عام 2. 


توفي حنا بطاطو في الولايات المتحدة في عام 2000. 


عن الكتاب 

يسير حنا بطاطو في كتابه عن سورية على المنهاج نفسه الذي اتبعه في 
كتابه عن العراق. فهو. للوصول إلى تحليل طبيعة السلطة السياسية القائمة فى 
سورية فى زمن دراسته» يعود إلى الجذور التاريخية والاجتماعية والاقتصادية 
والسياسية للفئات المشكلة لها. ونتيجة الخصوصية السورية يسلط الضوء 
على الجوانب العقائدية والمذهبية لتلك الفئات. ولا يكتفى بطاطو بالمصادر 
المكتوبة والموثئقة من كتب وصحف وتقارير وغيرهاء بل يذهب أبعد من 
ذلكء ليلتقي الأشخاص الفعليين الذين كان لهم شأن في الحوادث التي 
يتناولهاء أو الذين كانوا شهودًا عليهاء أو متأثرين بهاء كلقائه فلاحين عاديين 
ليجمع شهاداتهم في المسائل التي يتناولهاء التاريخية منها أو الحديثة التي 
تؤثر فيهم تأثيرًا مباشرًا. ثم يعمد إلى مقاطعة المعلومات والروايات المختلفة 
عن الحوادث لتكوين صورة متكاملة معقدة عن واقع هو ذاته معقد. ويذهب 
أحيانًا إلى مقابلة الأشخاص الذين يرد ذكرهم في مصادر معينة ليطرح عليهم 


22 


الآراء المختلفة ويقف على رأيهم فيهاء ما اقتضى منه كثيرًا من السفر في 
سورية وفي خارجها. وعلى الرغم من حرصه على توثيق معلوماته ودقتهاء 
فإنه يلجأ إلى مصادر قد لا تتمتع بالصدقية التامة» كالمقابلات مع أشخاص 
كانوا طرفًا في صناعة الحوادث التاريخية» وبالتالي ليسوا حياديين في رواياتهم» 
وكذلك في لجوئه إلى وثائق بلا تاريخ أو بلا مكان صدور أو بلا اسمء 
بستينها بها لاجم ارح امل ذا بدك طن دون أن يدل الاقيارء 
إلى ما قد يكتنف هذه المراجع من ضعف. 

جاء الكتاب في خمسة وعشرين فصلاء موزعة على أربعة أقسام؛ إضافة 
إلى ملحق وقائمة بالمصادر. خلإ ادك سرك عرض اا جرد 
الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين بما في ذلك التمايزات في ما بينهم من 
حيث العقيدة الدينية والملكية والخلفية التاريخية والارتباط ل 
والاستعداد للقتال وغير ذلك من التمايزات التى كان لها شأن فى تشكيل 
وعي الفلاحين وسياستهم. ويقدم القسم الثاني (6 فصول) عرضًا لأنماط 
وعي الفلاحين وتنظيمهم وسلوكهم السياسي قبل تسلم حزب البعث السلطة 
في عام 1963» فيعرض الأشكال المبكرة من التنظيم الحرفي للفلاحين» 
والأفكار الصوفية والمذهبية التي سادت بينهم, وثوراتهم وتمرداتهم على 
الحكم العثماني وفي فترة الانتداب الفرنسي» ومن ثم أشكال الوعي والتنظيم 
الحديثة» ويعرض تجربة الحزب العربي الا؛ شتراكي بزعامة أكرم الحوراني» 
وتجربة الشيوعيين والبعثيين. وفي القسم الثالث (3 فصول) ينصب الاهتمام 
على الجوانب الريفية والفلاحية في عقيدة حزب البعث وسياساته» بما في 
ذلك الأصول الريفية لكثيرين ممن انضموا إليه» وأصبحوا قادته في ما بعده 
ويبين انقسام التجربة التاريخية لحزب البعث إلى ثلاث مراحلء المرحلة 
الأولى من البدايات حتى تسلم البعث السلطة في عام 1963» وتمتد بعض 
خصائصها حتى عام 6 © والمرحلة الثانية» وهي مرحلة انتقالية تمتد بين 
حركة 23 شباط/ فبراير 1966 واستيلاء حافظ الأسد على السلطة في 16 
تشرين الثاني/ نوفمبر 1970» ويعود بعض خصائص هذه المرحلة إلى عام 
3. أما المرحلة الثالثة فتبدأ باستيلاء حافظ الأسد على السلطة. وهو يبين 
الاختلافات العميقة بين هذه المراحل ليستنتج أن بعث حافظ الأسد يختلف 
تمامًا عن بعث المرحلتين الأولى والثانية» وهو اختلاف يصل إلى حد التناقض 


23 


7 


أحيانًا. ويتناول القسم الرابع (12 فصلا)» وهو يشكل القسم الأكبر من 
الكتاب. مرحلة حافظ الأسد. الذي يعتبره المؤلف أول حاكم لسورية من 
أصل فلاحي. وفيه يتناول النظام الذي بناه الأسد ومراحله وأزماته والشخصيات 
والأجهزة السياسية والعسكرية التى شكلت ركائزه وسياسته الداخلية والإقليمية 
والدولية. ويحلل بنيته الطائفية والعشائرية والمناطقية» ومستويات السلطة» 
ودور كل مستوى في السياسة العامة للنظام. 

لاشك في أن بطاطو حاول» ونجح في ذلك إلى حد بعيد» رسم لوحة 
شاملة لطبيعة النظام السوري وتركيبته وسياساته. وتناول ذلك كله من جوانب 
وزوايا غير مسبوقة في الدراسات التي تناولت تاريخ سورية الحديث أو نظا 
الأسد على وج الخصروص: لكتدافي سيعيه إلى رس هله اللوحة القاملة ليأ 
إلى مصادر قد لا تتمتع بالصدقية التامة» وهذا ما أوقعه في بعض الأخطاء 
التى أشرنا إلى بعضها فى ملاحظات هامشية. كما أن الاعتماد على مقابلات 
شخصية مع أشخاص أصبحوا الآن في العالم الآخر أو مع أشخاص فضلوا 
عدم ذكر أسمائهم يجعل تدقيق تلك المعلومات أمرًا عصيًا إن لم يكن 
مستحيلا. 

بقي أمر آخرء وهو أن هذا الكتاب يقدم فائدة كبيرة لفهم النظام الذي بناه 
الأسد. لكنه يقدم فائدة أخرى لمن يريد أن يفهم هذا النظام في جوانبه 
المختلفة التي تتمثل في المراجع والمصادر التي يعود إليهاء والتي تمنح 
القارئ» إذا ما رجع إليها مع هذا الكتاب. بصيرة وفهما لنظام يتميز بلا شك 
بطبيعة وبنية تميّزانه من غيره من الأنظمة مهما حمل من عناصر التشابه معها 
في هذا الجانب أو ذاك. 


عن الترجمة 

ليس في ترجمة هذا الكتاب ما يختلف عن ترجمة أي كتاب آخر إلا 
جانب واحدء وهو أنه يستخدم عددًا كبيرًا من الاقتباسات والاستشهادات 
المأخوذة أصلًا من مصادر عربية» وبالتالي لا بد للمترجم من العودة إلى تلك 
المصادر ليبحث عن الاقتياس كما هو. وكانت الصعوبة هي الحصول على 
الوثائق والمراجع التي رجع إليها المؤلف. فهو رجع إلى كتب وصحف 


24 


ومجلات ونشرات ومخطوطات ومقابلات شخصية وغير ذلكء» من أزمنة 
مختلفة وفي ميادين متنوعة جدّاء ما يجعل الوصول إلى بعضها أمرًا عصيًا. 
وعلى الرغم من الجهد المبذولء بقي هناك بعض الوثائق القليلة التي لم 
نتمكن من الحصول عليها فاضطررنا إلى ترجمتها. ولجأناء حيث اقتضى 
الأمر» إلى هامش يشرح بعض ما قد يبقى غامضًا إذا لم يشرح؛ وميّزنا هوامشنا 
بعلامة (:) تمييرًا لها من هوامش المؤلف المرقمة. ولم نلجأ إلا في مواضع 
قليلة إلى وضع هامش نبيّن فيه اعتراضنا على فكرة أو نذكر فيه خطأ معلومة 
ما. بقي أمر أخير» وهو وجود مواضع قليلة فيها خطأ في الإسناد إلى المصدر 
الصحيح فبيّناه. وهناك مواضع وجدنا الاقتباس في المصدر الأصلي في 
صفحة مختلفة عن تلك التي يوردها المؤلف» وقد يكون ذلك ناتجًا من 
استخدام طبعة مختلفة» فوضعنا ملاحظة 3 تشير إلى اسم دار النشر ورقم الطبعة 
وتاريخها ورقم الصفحة في الطبعة التي أخذنا منها الاقتباس. وقد لا تكون 
مبالغة إذا قلنا إن ترجمة هذا الكتاب لم تكن ترجمة فحسبء بل انطوت على 
شيء من التدقيق والتحقيق» حتى أن مصادره نفسها تستحق تحرو أن تكون موضع 
دراسة لمن لديه ما يكفي من الوقت والاهتمام. 


المترجمان 


25 


نقطة 207176 


ينصبٌ الاهتمام في القسمين الأولين من هذا الكتاب على فلاحي سورية» 
في محاولة لإبراز العناصر المهمة في تمايزهم الاجتماعي وتطور نمط حياتهم 
وظروفهم الاقتصادية وأشكال وعيهم وسلوكهم. ونأمل أن يساهم ذلك» ليس 
في فهم أفضل للبعثيّة التي كانت كما يوضح القسم الثالث من هذا الكتاب ‏ 
عباءة لتشكيلة من القوى ذات الغرائز والأطر الذهنية المختلفة فحسبء بل فى 
فهم الممسكين بروافع السلطة الحاسمة منذ عام 1963 الذين تعود جذورهم 
إلى المجتمع الريفي» وشكلتهم تجربته التاريخية إلى حد بعيد. أما في القسمين 
الباقيين فينتقل اهتمامنا إلى أولئك الممسكين بالسلطة» وخصوصًا إلى حافظ 
الأسد وخصائص نظامه والخطوط الرئيسة لسلوكه. 

لا يسعى هذا الكتاب إلى إثيات فرضية معينة أو دحضهاء ولا إلى أن 
يستخلص من الأدلّة المتراكمة أي نظرية عامة» بل يحاول أن يفسرهء بأكثر ما 
يمكن من الدقة» المعطيات المتصلة بسورية فى سياقات البلد التاريخية 
والمعاصرة. أمَا النموذج الذي اخترناه في فصول كثيرة فتضمن تقدمًا من 
تعميمات منخفضة المستوى أو متوسطة إلى الأدلّة المؤكّدة وثيقة الصلة 
بالموضوع. 

تلقيت في مسار بحثي وفي أثناء زياراتي في أعوام 1980 و1985 و1990 
و1992 لقرى في مناطق سورية شتى ‏ منها حوران وجبل الدروز وجبل 
العلويين وغوطة دمشق وسهول حمص وحماه وفي جوار حلب ودير الزور- 
مساعدة من فلاحين كثيرين فتحوا لي قلوبهم» وسلطوا الفسوء على جوانب 


27 


مختلفة من حياتهم وتقلّبات مصائرهم على مر السنين. كما أنني مدين لسوريين 
آخرين كثر ‏ كتابًا وصحافيين وباحثين واختصاصيين ورجال أعمال وموظفين 
في الدولة وحزب البعث وقادة في حركات المعارضة - شاركوني وجهات 
نظرهمء أو زودوني بمنشوراتهم» واقتبست منهم في مواضع ملائمة في النص أو 
في الحواشي؛ وفضّل بعضهم أن يبقى مغفل الاسم. 
المرحوم أكرم الحوراني» ملهم أول حركة زراعية في تاريخ سورية؛ 
والمرحومين ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار» مؤسَسَي حزب البعث؟؛ 
والمرحوم زكي الأرسوزيء أبرز قادة اللاجئين العرب من لواء الاسكندرون؛ 
وهاني الهندي» أحد قادة حركة القوميين العرب ومؤسسيها؛ وأوائل البعثيين 
أو الناشطين الاشتراكيين العرب جلال السيد والدكتور وهيب الغانم والدكتور 
سامي الجندي والدكتور أنطون مقدسي وعبد الرحمن المارديني؛ والدكتور 
إبراهيم ماخوس» أحد أقوى الحلفاء المدنيين للّو اء صلاح جديد؛ والعقيد 
عبد الحميد السرّاج» رئيس المكتب الثاني في سورية (المخابرات العسكرية) 
بين عامي 1955 و1958 ووزير الداخلية في أيام الجمهورية العربية المتحدة؛ 
والعقيد أحمد المير» عضو الحلقة الداخلية فى اللجنة العسكرية التى شكلت 
مركز الثقل في نظام البعث في الستينيات. - 1 

أدين بالشكر أيضًا لقيادة حزب البعث التي تكرّمت علي بنتائج 
الإحصاءات المتعلقة بالكادر العددي لحزب البعث في عام 1992 وما قبله. 
وتركيبته الاجتماعية؛ وللراحل أبي إياد» أحد قادة المقاومة الفلسطينية الذي 
كان كريمًا بوقته» وأتاح لي ملفات منظمة التحرير الفلسطينية المتصلة بعلاقاتها 
مع النظام في سورية؛ ولعدنان سعد الدين» المراقب العام الأسبق للإخوان 
المسلمين في سورية الذي أجاب بصبر عن الأسئلة الكثيرة التي طرحتها عليه؛ 
ولتمام البرازي» وهو صحافي من حماه تكرّم وزودني بنصوص مقابلاته مع 
قادة مختلفين من المعارضة. 

أنا ممتن أيضًا بطرائق مختلفة للأساتذة بيتر كلارك نوات جهاه5) وهاني 
فارس ومحمد حداد وعبد الله حنا ويوسف إيبش وفولكر بيرثز عكاه/) 


28 


(وعطاءط وإليزابيث بيكارد (لقههف5 طاء811220) وعبد الكر يم رافق وفيصل الركبي 
وسهيل شدود وأندر و فنسنت (80ع0ه1/ بااععلصق)؛ وللسقراء ديفيد مالون 082310) 
8431086 وريتشارد مورفى (الإتناوسدة8ة 0تهطء81)؛ ولطلابى السابقين الذين أثبت 
أسماءهم هنا مرتبة أبجديًا: ربى أصبحي وديان كو 5 اي (تزسدهه عمموتط) 
وستيف داي (لإ28 51606) وماريوس ديب (2665 5نائهة184) وزهير غزال وماغي 
غران ميتشل (ااعطء11ة مم0 أأوودل/ة) و يسام حداد وريك هوير عمه10 عاءنظ) 
ومرهف جويجاتي وجيم ريللي (مراانعظ دذل) وداليا سلام ويزيد صايغ وحافظ 
لشي ورغية الماع وقر از .ظر االمي: 

أودّ أيضًا أن أعبر عن شكري للمعهد الفرنسي في دمشق على كرمه؛ 
ولمجلس أبحاث العلو مم الاجتماعية في نيويورك طعمهءدهءظ ععموذه5 لوذءه5) 
(لأههساه0 على المنحة التي قدمها لي للقيام بيبحث ما بعد الدكتوراه مع تكاليف 
السفر في عام 1985؟ ولمركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج 
تاون على منحي إجازة تفرغ علمي في عام 1992؟؛ ولزملائي السابقين في 
جامعة جورج تاون: الأستاذ حليم بركات ومايكل هَدسون (موووسة؟ اعمطه041) 
وإبراهيم إبراهيم وإبراهيم عويس وجون د. رويدي (لإلءدظ .2 مطمق) وهشام 
شرابي وباريرا ستاوسر (5]088556 68,8:ة8) على دعمهم وتشجيعهم. 

أنا مدين بالفضل على نحو خاص لثابت المهايني» أحد مؤسسي حركة 
القوميين العرب واتحاد قوى الشعب العامل الناصري وشخصياتها البارزة 
ونائب رئيس غرفة تجارة دمشق بين عامي 1960 و1983 والمدير التنفيذي 
لغرفة التجارة العربية الأميركية في نيويورك بين عامي 1985 و1987 الذي 
كثيرًا ما ألحفت عليه بالأسئلة» ولا سيّما في مسائل تتعلق بالطبقة التجارية في 
سورية» وكان مفيدًا على الدوام. ١‏ 1 

بالطبع. لا أحد ممن ذكرتهم آنقًا مسؤول عن الآراء التي أعبّر عنها في 
هذا الكتاب أو عن التعميمات التي أطلقها أو عن الأخطاء التي قد أكون 
وقعت فيها. 

أنا مدين بعمق لابن أختي شكري عبد الله الذي تطوّع لمعالجة مخطوطتي 
معالجةً نصّية في ذكرى أمه أختي ماري عبد الله بطاطو. 


29 


ال يد 


أعبّر أيضًا عن امتناني العميق لعبد الحميد دامرجيء الصديق المحترم 
الذي يسّر طباعة هذا الكتاب بمعونة سخية من مطبعة جامعة برنستون. 

أنا مدين بالفضل لمارغريت كيس 08562 نعتدهمة31) على العناية الكبيرة 
فى تحرير النص؛ ولمادلين آدامز (05تقلخ عمأءاء8420) وبنجامين تيت متصدزدء8) 
(:18 والأعضاء الآخرين العاملين في مطبعة جامعة برنستون على لطف 


30 


القسم الأول 


ظروف الفالدحين الاجتماعية والاقتصادية 


ن 1ق هه طداة 


الفصل الأول 
دور العوامل الديموغرافية 


حصلت زيادات ملحوظة في عدد سكان سورية بين نهاية الحرب العالمية 
الأولى والوقت الحاضر. ومع أن الأدلة الإحصائية ذات الصلة قد تكون 
ناقصة على نحو ماء ولا سيما ما يخص العقود الأربعة الأولى من هذا القرن» 
فإن استمرار النمو الديموغرافي جلي للعيان. فقد ازداد عدد سكان سورية من 
نحو 1,5 مليون”' في عام 1922 إلى نحو 13,8 مليونًا في عام 1994 (انظر 
الجدول (1-1))» أي أكثر من تسعة أضعاف. وكان متوسط معدل النمو 
السنوي 3.3 في المئة في الفترة 1991-1970©. 

تعود بدايات هذا النمو السكاني الذي كان عالمياء إلى القرن التاسع 
عشر. وكما أشار فرناند بروديل (46ده:8 4مدمء5) فإِنّ إيقاعه الذي سجل 
ارتفاعا مستمرًا على الرغم من حالات التباطؤء كان يختلف عن إيقاع الأزمنة 
السابقة» وكان يتميز بالتناوب بين جزر ومد2, 


ارتبطت هذه الظاهرة في سورية في البداية بنهضة الزراعة واندماجها 
التدريجى أو المتقطع في شبكة التجارة العالمية. لكن الزيادة السكانية كانت 
نتيجة نهضة الزراعة بقدر ما كانت سببًا لهاء بمعنى أن الظاهرتين غلّّت 


(1) لا يشمل هذا الرقم سكان لواء إسكندرون الذين قدروا ب212 ألفًا. 
202 ,([1993] بعلعدظ لاعولا ع" :.0 ,1 ,ومع ستطعة/) 1993 مجع انه رمواوسوط وأر0!! علصة8 نأعم/لا 
001 
(3) ,لاما يذ وعومدآ! عادولا بج ل() برو *8[-51 [ ,جع ةأهاتوه©) جه «وأزمعناتط ,اعلسهج8 لعمدء؟ 
3 .م بعأطتكيوط عازه كاتساا ©:11 :غلانا برملتوعفاط لت كع لناعندراى 786 :1 .701 ,(1982-1984 


33 


إحداهما الأخرى وعززتها. وساهمت عوامل أخرى, عاجلًا أم آجلاء في تقدم 
الزراعة» بما في ذلك زيادة الأمن الريفي وتغلغل المال المتزايد في الريف 
وفكرة الربح وترسيخ حقوق الملكية واستقرار البدو وإدخال الآلات والأسمدة 
الاصطناعية وشق الطرق ومد سكك الحديد وبناء الموانىئع وشبكات الري. 

إذا كانت الزيادة السكانية قد ارتبطت فى البداية بانتعاش الزراعة» فإِنّ 
استمرارها كان انعكاسًا للهبوط في معدلات الوفيات؛ ولا سيما بعد الحرب 
العالمية الثانية. ويمكن أن تُعْرّى هذه العملية إلى الحد من بطش الأمراض 
المتوطنة وتزايد الوصول إلى المياه النظيفة وتحسّن الصحة العامة وزيادة 
مرافقها وتحسن الأنظمة الغذائية ورعاية صحة الطفل والتوسع في استخدام 
الصادّات الحيوية. وكما يبين الجدول (2-1). انخفض معدل الوفيات 
الخام" في سورية بمقدار الثلثين بين عامي 1960 و1991» وكان في هذه 
السنة الأخيرة» وهذا أمر مثير للاهتمام» أقل منه في اليابان أو الولايات 
المتحدة؛ على افتراض دقة المؤشرات الديموغرافية. ويبين الجدول ذاته أن 
سورية حققت أيضًا تقدمًا كبيرًا بين عامي 1960 و1991 في إطالة العمر 
المتوقع الإو سصماءوم»ه 111 وخفض معدل وفيات الأطفال. ويمكن أن يُعرَّى 
هذاء جزئيًا على الأقل» إلى اهتمام نظامها الملحوظ برفاه أبناء الريف؛ وهو ما 
يمكن تفسيره؛ بدورهء بالجذور الريفية للنظام وجمهوره الريفيء لكن من 
المشكوك فيهء في ما يخص معدل وفيات الأطفال؛ أن يكون التفاوت الريفي 
الحضري قد أزيل تمامًا؛ ويبدو أن الريفيين الذين يبلغون خمسين سنة فأكثر 
يعيشون أطول من نظرائهم الحضريين”". 

(#) معدل الوفيات الخام هو العدد السنوي للوفيات لكل 1000 من السكان. 

(4) في سنوات 1979-6 حيث لم ينشر المكتب المركزي للإحصاء أرقامًا للسنوات 
التالية ‏ كان معدل وفيات الأطفال الذكور لكل ألف طفل عمره 0 -1 سنة هو 69.34 في المناطق 
الريفية و2 45.9 في المناطق الحضرية» وللإناث 65.49 و31.46 على التوالي؛ الجمهورية العربية 
السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاءء المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 


4 .ص 60. أمّا في ما يخص الأشخاص البالغين خمسين عامًا فما فوق» قانظر الجدول 2/8 في 
الصفحة ذاتها من المصدر ذاته. 


34 


الجدول (1-1) 


عدد سكان سورية الإجمالي وسكانها الريفيين والعاملين في الزراعة وتربية 
الحيوانات والحراج (بالآلاف) 















ن | السكان الريفيون الزراعة وتربية 


للسكان الريفيين الحيوانات والحراج | الناشطر 
00 
652-5222 
“ا ا امد إل ا 
تق لك ل 25 كك ممه 
ل 0 
0-4 
ار 22222565222 12ت 


المصدر: (الاعوء0) «مأامءتاصما ,عءامعصلوط ,تلع 0 ماعبر3 ععاوفمصلطة 7116 ,كدمتاول! أه عنومعآ 
,13 | لفلط؟! ,37275558 0آ ,عه0)11 مواععه؟ ممتفالي8 امع :86-87 .مم ,(1945 ركدمتنوا8 01 عنووعآ1 
أاء عدوعمم عل عطهعة م0111 بجلتوية )5 .11.1 دده 1948 ععطماء0 22 06 ععاعا 10 8 لاعممة ,584976 
0111 :كقسةط) (968[-928|) 605 :1100م كع[ذالء011زى 9:65 [اكألهاى كعك أزونع 16 ,لمتأهالء 1 سعمل عل 










:10 .م ,(970] ,هأ)هامع يعمل عل ك عووعمم عل عطورة 
الجمهورية العربية السورية؛ وزارة التخطيطه مديرية ال حصاء التعداد العام للسكان لعام 1960 
(دمشق: الوزارة» 1960): ص 1-30 3؛ 34 - 35 و162 -163؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة 
مجلس الوزراءء؛ المكتب المركزي للإحصاء: التعداد العام للسكان لعام 0 (دمشق: المكتب 
المركزي؛ [1970])ء مج 1». ص 1؛ 39 و306؛ نتائج التعداد العام للسكان في الجمهورية العربية 
السورية» 1981 (دمشق: المكتب المركزي للإحصاءء 1988): ص 44 و225؛ المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 1991؛ ص 60؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1992. ص 491-90 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994: ص 62 و81-80., والمجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 2©6؛» ص 58. 
(أ) تقديرات. 
(ب) غير متوافر. 
(ج) لم يحسب من قاموا بالتعداد في عامي 1960 و1970 عددًا كبيرًا من النساء العاملات في المزارع 
العائلية. 
(د) لا يأخذ هذا الرقم في الحسبان العناصر البدوية الذين بلغ عددهم 211670 في عام 1960. 


35 


نك 


مع أن سورية تستطيع في ظروف مثالية أن تستوعب في اقتصادها قوة 
عمل أكبر» فققد كان النمو الديموغرافي السريع؛ بين حين وآخر في العقود 
الأربعة الأخيرة» عامل زعزعة مهما في الحياة السورية. وياقترانه مع عناصر 
أخرى كالجفاف المتكرر وتأكل التربة» زاد الضغط على الأرض» وتسبب 
بهجرة ريفية غير مسبوقة» وجعل دمشق والمدن الرئيسة الأخرى تعجٌ بالسكان 
والمشكلات, ورفع تكلفة الغذاء» وفاقم التفاوتات الاقتصادية؛ وساهم على 
نحو غير مباشر في صعود البعثيين» كما ساهم أخيرًا في التأكل الجزئي لآثار 
الإصلاح الزراعي المفيدة. ويفسّر النمو الديموغرافي أيضًاء متضافرًا مع عدم 
كفاية الإنتاجية والتحسن في مستويات المعيشة منذ الخمسينيات فصاعدًا وما 
تلاه من ارتفاع في الاستهلاك الفردي» تحويل سورية في السبعينيات من يلد 
يفوق فيه صافى صادراته الغذائية صافى وارداته منها إلى العكسء وهذا ما 
زاده بالتالي» من العبء المالي على البلد إلى حد كبير. 

لكن يبدو أن انخفاضًا متزامئًا فى عدد سكان سورية الزراعيين حدث بين 
عامي 1976 1989 (انظر الجدول 3-1). والحقيقة؛ يجب النظر إلى 
الأرقام الرسمية بشيء من الشك. ذلك أن التذبذبات الحادة في حجم قوة 
العمل الزراعية التي تعكسها هذه الأرقام تنبع» في جزء منهاء من تقلبات 
الطقسء لكنها ربّما تكون ناجمة أيضًا عن عيوب أو تغيرات في طرائق أخذ 
العيّنات. وربما يكون رقم عام 1976 انحرافا إحصائيًا إلى حد ما. وقد تكون 
تقديرات السنوات السابقة على تعداد عام 1981 أو التالية له» والتي نشرت 
في عام 1988» مشوبة بالخطأ. ومع ذلكء كان انخفاض عدد السكان العاملين 
في الزراعة في تلك الفترة كبيرًا جدًا في جميع الأحوال. وإضافة إلى ذلك؛ 
هناك علامات على أن بعضًاء على الأقل» من مالكي المزارع الصغيرة أو غير 
القابلة للحياة هم الآن مجرد مزارعين يدوام جزئيء بعد أن اضطرتهم الحاجة 
الاقتصادية إلى القيام بأعمال ثانية في المدن القريبة. 

يضرب انخفاض عدد السكان العاملين في الزراعة في السنوات المعنية 
بجذوره في تفاوت الدخل بين العمال الريفيين والحضريين وجاذبية حياة 
المدينة وعدم انتظام الهطول المطري واستنزاف المياه الجوفية في بعض 


36 


الحدول (2-1) 


العمر المتوقع والمؤشرات الديموغرافية» سورية مقارنةٌ ببلدان مختارة من 
الشرق الأوسط وبلدان متقدمة 


معدل الولادة الخام لكل| معدل الوفيات الخام | العمر المتوقع لدى | معدل وفيات الأطفال 
الولادة (بالسنوات) لكل ألف طفل 


(يعمر 1-0) 


اه ناض اك ا لفن لكالكا 
عان|»» اتات اتام 
00 
س |»|ء«ا«| »انا ة| »ا ماناس ]»تام 


سف | 5 | #45 | |20 |5 | ا »| »| || | 
اسه | .ه || »| »| ةلث || |ةة|ة | 2 لمم 
الأس | | :ه |7 | |: |5 |2 | »|6 | :زه | 
ار 2 





المصادر: ,[لهة8 لامو/لا ع1] :.0) ,5 ,مماعمتامه/7) 982( عرمدك!! ادع بم«صماءه« لم1 تعلهد8 لأعمبلا 
1] :.ن) ,12 بالماققتلطامة/لا) 1986 ارممء! انه رمماءع2 11024 :150-151 بجوم لهة 144-145 .مم ,(1982 
1 ] :.1.)0 ,تاماه تاحاعة/7١)‏ 988[ ارومء!! ا1الءارررماءنع 11010 :230-233 .مم ,([1986 ,اموه لأعمكلا 
:.).0آ بتاماأصتطكةللا) 993[ نومع ازءرمماءدء 11010 لهة ,222-223 .وم ,([1988 ,كلموظ 10عمثلا 
.290-93 .مم لمه 238-239 .رم ,(1993 ,لعلمد8 للأعمللا عطال] 


37 


الحدول (3-1) 
نسبة السكان العاملين في الزراعة في أعوام 1984-1970 و1989 و1991 


السكان العاملون في الزراعة وتربية | النسبة المئوية من مجموع السكان 
الحيوانات والحراج (بالآلاق) (1) الناشطين اقتصاديًا 





المصادر: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء: نتائج 
التعداد السكاني في الجمهورية العربية السورية.» 0 «دمشق: المكتب المركزي» [د.ت.])) مج 1» 
ص 306؛ التعداد العام للسكان في الجمهورية العربية السورية. 1981., ص 225؛ والمجموعة 
الإحصائية الزراعية السنوية والمجموعة الإحصائية لسنوات متعددة؛ والاتحاد العام للفلاحين: المؤتمر 
العام الراييع (دمشق: [الاتحاد العام للفلاحين:ء [د.ت.])؛ ص 428 المؤتمر العام الخامس (دمشق: 
الاتحاد العام للفلاحين» [د.ت.])» ص 71؛ والمؤتمر العام السادس (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 
[1986]): ص 3 5. أعطى المؤتمر الأخير الرقم 696200 عددًا للسكان العاملين في الزراعة» لكنتي 
اعتمدت على الرقم الوارد في تعداد عام 1981 الذي نشر في عام 1988. 


38 


اكيس ليد 


ملاحظة: لم تنشر الحكومة السورية أرقامًا لأعوام 1988-1985 و1990. 

(أ) يمكن تفسير التغيّر قصير الأجل (من سنة إلى سنة) في قوة العمل الزراعية بتقلب الطقس عمومًاء 
لكن للتحول إلى مهن أخرى والهجرة الخارجية دور أيضًا. 

(ب) من المؤكد وجود تقليل في عدد النساء العاملات في الأسرة. 

(ج) ليس واضحًا سبب انخفاض عدد السكان الزراعيين بحدة في عامي 6 و1981. مالت 
مؤشّرات الإنتناج الزراعي الإجمالي في هاتين الستتين إلى الارتفاع (انظر الجدول 4 - 3). ومن 
المحتمل أن يكون رقم عام 1976 انحرافًا إحصائيّاء أو أن التقديرات الإحصائية للسنوات السابقة أو 
اللاحقة يشوبها خلل. قد يكون هذا التفسير الأخير صحيحًا أيضًا بالنسبة إلى السنوات السابقة على عام 
1 أو التالية لها. 

(د) هبطت الزراعة السورية نتيجة الجفاف في عام 1984. 


المناطق نتيجة الإفراط في استخدامها والاعتماد المتزايد على الآلات الزراعية 
وعلى نمط الإنتاج الرأسمالي المكثف والتأرجح الحاد في أسعار الحبوب 
عالميًا. وفي النصف الثاني من السبعينيات» أغري كثير من الفلاحين في 
المناطق التي تعتمد على مياه المطرء كحوران وجبل الدروزء بالبحث عن 
حظهم في دول الخليج» لكن امال هؤلاء العمال المهاجرين تضاءلت مع 
الحركة الهابطة لأسعار النفط عالميًا بعد عام 1981» ولا سيما بعد الهبوط 
الحاد في أسعار النفط في عام 1985. وقد يفسر هذا العامل» مضافًا إلى 
التحسّن النسبي في شروط الحياة في الريف وانخفاض فرص تشغيل الفلاحين 
في المدنء ما وصفه الاتحاد العام للفلاحين بأنّه «هجرة عكسية؛ من المناطق 
الحضرية إلى القرى في أوائل التسعينيات”*©»؛ والذي انعكس فى ازدياد قوة 
العمل الزراعية من عر 7 في عام 21989 إلى نحو 9214 في 
عام 71991» لكن عام 1991 كان أيضًا عام هطول مطري استثنائي©. 


(5) الاتحاد العام للفلاحينء المؤتمر العام السابع (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 2)1991 
ص 20-19. 

(6) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاءء المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1991. ص 90. 

(7) الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء.؛ المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1994. ص 80. 

(8) انظر الجدول 1-14 المتعلق بتساقط الثلج وهطول المطر سنويًا. 


39 


ثمّة ملمح ديموغرافي آخر مهم هو انخفاض معدل مشاركة السكان في 
قوة العملء» حيث وصل في عام 1970 إلى 24.9 وفي عام 1981 إلى 22.7 
وفي عام 1991 إلى 27.8 في المئة©. من المحتمل أل يكون قد دخل 
رسميًا في هذا العدّ جزءٌ من النساء العاملات في مزارع العائلة بلا أجر. لكنه 
من الممكن تفسير معدل المشاركة المنخفض فى العمل عموماء بميل التركيب 
السكاني العمري بانّجاه الشباب: ففي عام 4 ؛ وهو آخر عام تتوافر عنه 
البيانات ذات الصلة؛ كان 44.8 فى المئة من السوريين يبلغون أقل من خمسة 
عشر عامًا من العمر""". وإضافة إلى ذلكء لا تشارك نسبة عالية من النساء 
الحضريات فى قوة العمل. وهذان العاملان يضيفان الكثير إلى العبء 
الاقتصادي المُلقى على كاهل القسم العامل من السكان. 


(9) بناء على أرقام في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 
للإحصاء: التعداد السكاني في الجمهورية العربية السورية» 1970. مج 1» ص 1 و39 التعداد السكاني 
في الجمهورية العربية السورية» 1981 (دمشق: المكتب المركزيء [د.ت.])) ص 44 و225: 
والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994. ص 724. 

(10) بناء على أرقام في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 
للإحصاءء المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام #6 ص 59. 


40 


الفصل الثانى 
ضروب من التمييز 


«الفلاحون البستانيون» و«الفلاحون الزراعيون» 

ليست هناك فئة عامة تُدُعَى «الفلاحون». وهذا التعبير يشير إلى تشكيلة 
من الفئات الاجتماعية. وأحد التمايزات المحلّية المهمة هو بين «الفلاح 
البستاني» و«الفلاح الزراعي». 

كثيرًا ما كان الفلاحون البستانيون مرتبطين بالبلدات والمدن ذلك الارتباط 
الوثيق» ويعيشون إِمّا في مناطق حضرية نائية وإما في الريف المجاور لها مباشرة. 
ولذلك تأثروا بالتغلغل الاقتصادي الأوروبي في وقت أبكر وبصورةٍ أعمق من 
باقي الفلاحين. وكانت ملكية الأرض أعلى أيضًا بينهم منها بين الفلاحين 
الزراعيين. وتمتعواء إضافة إلى ذلك. بمزايا الاتحاد المهني أو إمكاناته منذ أوائل 
القرن السابع عشرء إن لم يكن أبكر””» في حين لم ينظم الفلاحون الزراعيون 
بفاعلية لغايات اقتصادية وسياسية حتى أواسط أربعينيات القرن العشرين©2. 

النموذج الأصلي للفلاح البستاني هو فلاح الغوطة» واحة دمشق الغتاء 
التي تغذيها مياه نهر بردى» وموقع أشجار الفواكه والجداول والغدران المترقرقة 
المشهورة في التاريخ العربي. فلاحو الغوطة اليوم» مثلما كانوا في أيام الرحالة 
العربي القروسطي ابن بطوطة» «كأهل الحاضرة في مناحيهه0!. وأصبحوا 


(1) انظر الفصل السادس من هذا الكتاب. 
(2) أنظر الفصل العاشر من هذا الكتاب. 


(3) ابسن بطوطة (الذي سافر في الغوطة في عام 1326).؛ تحفة النظار في غرائب الأمصار - 


41 


اك هه 


مؤخرًا أقرب إليهم على نحو متزايد لأن كثيرًا من قراهم قد تمدّن. وهم 
يختلفون» في هذا الصدد؛ عن الفلاحين الآخرين أمثال أبناء وادي الفرات أو 
المرج. وهي منطقة إلى الشرق من الغوطة. الذين ما زالواء» وإن بصورة متناقصة» 
أقرب إلى البدو في قيمهم وقواعد سلوكهم. وكذلك هي الحال؛ وإن بدرجة 
أقل» مع فلاحي حوران ذلك السهل الفسيح الخصيب الذي يعتمد على مياه 
الأمطار في جنوب سورية؛ واشْتٌهِرٌ بأنه مخزن الحبوب الرئيس لدمشق. 

كان فلاحو حوران» بخلاف فلاحي المرج والفرات المتحدرين من أصل 
بدوي حديث نسبياء يزرعون الحبوب منذ قرون, لكنهم شكلوا في الجزء 
الأكبر من العهد العثماني صنمًا من الفلاحين المتنقلين من قرية إلى أخرى 
يحدوهم الأمل في الخلاص من مضايقة القبائل البدوية أو جشع الحكام 
المفرط» وتشجعهم وفرة الأرض القابلة للزراعة وانتشار الزراعة المشاعية 
(ومنصصة اهصسصددهه) في منطقتهم. وفي جميع قرى حوران. كما لاحظ 
الرحالة الأوروبى الثاقب جان لوي بوركهارت (التةطاععا8 ناما هده1) في 
عام 1812» كانوا (يجدون مساكن واسعة في المنازل القديمة [المهجورة]؛ 
وجملا ينقل عائلتهم ومتاعهم؛ وبما أنهم لم يكونوا مرتبطين بأي بقعة محددة 
بملكية خاصة: أو بأي مزارع» ويجدون أراضي فسيحة يزرعونها في كل 
مكان. ما كانوا يستكرهون مغادرة مسقط رأسهم1*. 


يتقيد فلاحو الغوطة؛ مثلهم في ذلك كمثل الدمشقيين من الفئات الأكثر 
تواضعاء بتعاليم دينهم بانتظام. وفي الحقيقة» بلغ تدين بعضهم في الستينيات 
حد التردد في قبول الأرض المصادرة بموجب قانون الإصلاح الزراعي خشية 
من مخالفة التعاليم الإسلامية”». ولمعظم قراهم جوامعها وخطباؤها وأئمتهاء 


- وعجائب الأسفار ؛ أنظر: «متاعسقدعا سبال تع دمسممععة عطاممة عاءرعا ,/ه/ةاام8 ملك معومرم! بأهاتائة8 نآ 
.36 .م ,(1968 ,[.3 .5] :زكتمة2)) ااأعسصتنعمدة .1 ,8 أء بمعمفطاءط .0) عدم 

انظر أيضًا: محمد كرد علي. خطط الشام؛ 6 مج (دمشق: [د.ن.اء 1925 - 1928): مج 6) ص 299. 

(4) ,(1822 ,لإمتدانا .ل ت«مقدمل) نما راملا عا تيه وأسزى :ا عاءندم 2 بالممطاععن8 كدعا مطمل 

2.22 

(5) عن هذه النقطة انظر: 12 صمل عامعامية عنوناتامم اء عمغاعمم؟ عمف 1» ,كأسومداظ عتموال عمسم 

.م ,(1980 ,آآ صمبيا انوع هنا كعاءبه عمغاكلمى عل عمغطا) «رممصوط عل مانامان 


42 


في حين يغيب الدين الممأسس غيابًا جليًا في كثير من القرى البعيدة عن 
المدن. في عام 0 كان هناك ما لا يقل عن 6300 قرية وما يزيد على 
0 دسكرة أو قرية صغيرة في سورية» لكن لم يكن فيها إلا 1173 رجل 
دين ريفيًاء ولم يتلق إلا 241 منهم تعليمًا رسميًا». وفي عام 1993» كان 
هناك 6454 قرية و7153 قرية صغيرة» لكن لا توجد أرقام حديثة عن عدد 
رجال الدين في الريف©. ويكاد يكون لكل قرية جبلية مزارهاء وهو أحيانًا 
مزار ذو قبة بيضاء مبني على أسلوب الكنعانيين القدماء على قمة جبل أو في 
مكان مرتفع آخرء ويدل على مكان دفن قديس مُبِجّلء يسميه الفلاحون 
«وليّك» ويعتبر حامي القرية. ليس هناك غالبًا أي نُصّبِء وتظلل قبر الولي 
شجرة سنديان قديمة تنمو من دون قلق في وسط الحقول©. 


الفلاحون البستانيون في الغوطة همء بلا جدال» أمهر مزارعي سورية. 
وتشير الطريقة الكفوءة» ولكن اللطيفة والحذرة» التي يعتنون بها بأشسجار 
فاكهتهم إلى موقف متأصل ينتقل من الأب إلى الابن. ويسري حب الأرض 
في دمهمء بخلاف كثيرين من فلاحي المرج أو الفرات الذين يكرهون الزراعة» 
أو يحتقرون العمل اليدويء وإذا ما تمكنوا من تحويش ما يكفي من المال» 
فسيهجرون المحراث» ويشترون مواشي» ويتحولون إلى الرعي*. في الحقيقة» 
مال عدد كبير من هؤلاء الفلاحين» بعد وقت غير طويل من استفادتهم من 


(6) الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء. التعداد العام 
للسكان لعام 1970 (دمشق: المكتب المركزي؛ 1970)؛ 7؛ ص 225. 

(7) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء. المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 4» ص 30. 

(8) لاحظ كثر من الطلاب في سورية في الماضي الانتشار الواسع للمزارات في المتاطق الجبلية 
والهضبية. انظر؛ جء1اءملة زه كاع36 امعء5 عدا 10 زعا[ كل تتلفءاءمدا فته بأو #ركما 776 بعلتيا أمنسدة 
لقة لزءأاهء8 لتقطاءعن]1 تص00ل«مط) تبمامل 126 ,أعطعقسسطءد 5م6011 :287 .م ,(1853 ,[.طم .مع تمملهما) مسري 
.8 انهلا بد[8) «عدمى عل هتره اروعء2 7726 .وجزى بلاء8 موتطاومآ علنسضاء0 :23-24 .وم ,(1888 ,مم5 
:كنا 1) ععاابامات كعل عبره2 ع! ,عكذتعاناءل/لا 5عنوعةل لهة ,213 لاد ,95-96 .مم ,(1907 ,لإمدمتمه© لتنة اقباط 

255-56 .مم ,1.امن ,(1940 رعنت ي اانامسة 

(9) لفتني إلى هذه النزعة الأستاذ يوسف إيبش» وحسن سامي بن عبد الرحمن اليوسف الذي 
يتحدر من عائلة مرموقة من ملاك الأرض امتلكت قرى في المرج والغوطة والجولان والبطيحة (اسم 
الضفة الشرقية من بحيرة طبرية). 


43 


الإصلاح الزراعي» إلى بيع”" قطع الأرض التي حصلوا عليها حديثاء أو 
تأجيرهاء وهو الأغلب» إلى مزارعين طبيعيين أو أشخاص ذوي رأسمال» 
ليعيشواء كما من قبل» على تربية قطعان الأغنام أو التحول إلى مهن أكثر 
ملاءمة لطبعهم في المدن النامية بسرعة. لكن هذه العملية كانت ناجمة أيضًا 
عن عدم ربحية حيازاتهم الصغيرة. 

أقرب الفلاحين إلى فلاحي الغوطة من حيث المهارة والارتباط بالأرض 
هم أصحاب البساتين العاملون في وديان نهر العاصي قرب حمص وحماه؛ 
والفلاحون المغامرون المعروفون ب«أهل العود؛ أو «أصحاب الشجر:© 
الذين يعيشون في المرتفعات المسكونة منذ زمن بعيد والمتموجة بانسياب في 
منطقة إدلب الغنية بالبساتين والتي تؤمن جزءً! كبيرًا من حاجات سورية من 
الفواكه والزيتون. 

فلاحو السهول العلويون هم أيضًا في مجالهم الملائم في الزراعة. وهم 
منتجو الغذاء الأساسيون في منطقة اللاذقية على مدى مئات السنين. واعتبرهم 
قنصل إنكليزي» كانت له صلة طويلة بهم في القرن التاسع عشرء «مساوين في 
ذكائهم على الأقل ل[فلاحي] أي بلد في أوروبا»2». ورأى فيهم دارس 
فرنسي» درسهم دراسة معمقة في ثلاثينيات القرن العشرينء «قدرة عظيمة 
على التكيّف1*6. لكن خاصيتهم الأبرز هي قدرتهم على تحمل المشقات. 
وهذه السمات لدى علويي السهولء. لا علويى الجيال» إضافة إلى سهولة 
انقيادهم» تفسّر لماذا كان الملاكون الكبار في الماضي يفضلونهم عمومًا على 
الفلاحين من أصل بدوي الذين يصعب قيادهم وإرضاؤهم. وعلى سبيل 
المثال» طرد آل الحراكي» وهم من أكبر عوائل ملاك الأرض في معرة النعمان» 
محاصصين من قبيلة الموالي في العشرينيات وأحلّوا محلّهم مزارعين علويين 


(10) كان هذا صحيحًا مع أن قانون الإصلاح الزراعي حظر على المستفيدين نقل ملكية الأرض 
قبل مضي عشرين سنة. 
(11) عن هذا اللقب. انظر: اباصم جومفع عل ملاظ .صءااء' ل «مزهة! مآ بفلتسوا؟ ممصطمه-امقطة 
.م ,(1959 ,ةانم سطمنا"! عل عمسا :ممصوط) 
(12) استشهد يها: ,8 ,بأد اعه كط هته عع سدق 116 ,عل نآ 
)2013 ,م ,1 .أهنا ركعاليامات كعك تروط عا رعكدى انعلا 


44 


19م 


في جميع قراهم. وحذا حذوهم في العقود التالية ملاك آخرون في وادي 
العاصي*". ولا بد من أن تكون تطورات مشابهة قد جرت في القرن التاسع 
عشرء ما قد يفسر وجود قرى علوية في مناطق بعيدة عن جبال العلويين» كما 
في المرج”'“والجولان قبل احتلال إسرائيل له2. وتفسر هذه العمليات أيضًا 


لماذا يشكل الفلاحون العلويون اليوم الأغلبية الساحقة في وادي الغاب. 


الفلاحون المسالمون والفلاحون من أصل محارب 


وسم هس 0 


ثمّة تمييز مهم آخر بين الفلاحين الذين تميّزوا بنزعة مسالمة على مدى 
أجيال كثيرة والفلاحين المتحدرين من محاربين» أو الذين كانوا في الماضي 
غير البعيد منظمين.ء إلى هذه الدرجة أو تلك» بهدف الدفاع وشنّ الغارات» 
والذين كان حمل السلاح جزءًا من حياتهم اليومية» وكان استعدادهم للقتال 
عنصرًا ضروريًا للبقاء. ومع أن هذا التمييز بات الآن أمرًا تاريخيًا في جوهره 
وفى مغزاهء فإن العادات القديمة والنفسيات القديمة» كما بيّنت الحوادث 
المأساوية في لبنان» عميقة ولا تذوي بسهولة. 


يمكن وضع فلاحي الغوطة وحوران وأهل العود في إدلب وعلويي 
السهولء من بين آخرين» في فئة الفلاحين المسالمين. أمَا الفلاحون الأكثر 
استقلالية والأقل تحملًا للظلم والأميل إلى تجاهل الإجراءات المتضاربة مع 
مصالحهم. أو إلى تحدّيهاء فهم الفلاحون الذي كانوا يومًا بدوًا والذين يمثل 
مزارعو حوض الفرات والجزيرة ‏ المنطقة الواقعة بين نهري الفرات والخابور- 
مثالا جيدًا عليهم. ولكن لعل أقوى الفلاحين في حبهم للحرية والأصعب في 
تطويعهم سياسيًا هم فلاحو الجبالء وأيرزهم علويّو الجبال والدروز. 

مثّلت الأسلحة النارية «الرمز الحقيقي» لعلوبي الجبال» كما أشار جاك 
ويلرس 550مهاناء/لا 120065) في الثلاثينيات. لكرامة الإنسان وحارسه 


214 .( ,جع أاء' كل 0:1أه8 ما ,فل ندل 

(15) قرية البيطارية. 

(16) قرى زعورة والغجر وعين فيت: -272 .(م اضة ,76-77 :59-60 .مم ,ابداتول 71716 بغ اعقتسطءة 
273 


45 


الأفضل7". لكن الفلاحين الدروز كانوا تاريخيًا أخشن طبعًا وأميل إلى 
الحرب. وتركت لنا غيرترود بيل 8611 46نضة6) وصمًا لا ينسى للفرق بين 
وجهتي نظر البدو والدروز من الغزو. فكتبت في عام 1907: 

تجد روح المغامرة مداها الكامل في [الغارة ة البدوية]» إذ يمكنك أن 
تتصور الإثارة في ركوب الخيل ليلا عبر السهل» واندفاع الأفراس في الهجوم» 
وفرقعة البنادق البهيجة (والحميدة نسبيًا)» والتهلل لمعرفة أنك شخص مرهف 
وأنت تيمم وجهك نحو ديارك مع غنيمتك. إنه أفضل ضروب الفنتازيا.. مع 
توابل الخطر وراءها. لا أقصد أن الخطر كبير على نحو يثير الذعر... قَلّما 
يميل العربي المغير إلى القتدل. ولا يرفع يده ضد النساء والأطفال» وإذا ما 

سقط رجل هنا أو هناك غالبًا ما يكون ذلك مصادفة» إذ من يستطيع أن يكون 
واثقّا من المصير النهائي لطلقة بندقية عندما تنطلق في طريقها المتمرد على 
القانون؟ هذه هي نظرة الأعراب إلى الغزو؛ لكن الدروز ينظرون إليه بطريقة 
مختلفة. فهو عندهم حرب حمراء. وهم لا يلعبون اللعبة كما يجب أن تلعب» 
يخرجون ليذبحوا فلا يبقوا على أحد. ما دام في قارورتهم ذرة من البارود 
ولديهم من القوة ما يكفي لشد الزناد» فإنهم يقتلون كل رجل وامرأة وطفل 
يلقونه 10 

ربما كانت غيرترود بيل متحيزة للبدوء ونظرتها إليهم رومانسية نوعًا ماء 
ونظرتها إلى الدروز قاسية نوعا ماء لكن الشراسة في الحرب ليست بالطبع 
من سمات الدروز وحدهم: حيث أظهرت الحرب الأهلية في لبنان ومجزرتا 
صبرا وشاتيلا أن المسيحيين الموارنة ‏ أعضاء الكتائب فى هذه الحالة ‏ 
يمكن أيضنا أن يكويوا فتديدي الفراوة: وسعيد غنب' الدروز كتير من فوته 
من ظرفهم التاريخي بوصفهم أقلية محاصرة روحيًا وماديًا لكنها لا تلين؛ 
وهي تجربة غير مألوفة للبدو. 

كانت الغارات الناجحة التي شنها دروز لبنان في القرنين السابع عشر 
والثامن عشر هي الطريقة التي جعلوا بها جبل حوران (واسمه الآن جبل 


)217 .6 ,م ,1 .أ ,كعاتيامات وعل كبروط مل ,عدو أناءللا 
)218 66-7 .مع روسزك ,لاع8 


46 


العرب) جبلًا لهم وأعطوه اسمهم. وبالغزو أيضًا استولوا على السهول الواقعة 
إلى الجنوب. كانت بعض البلدات والقرى التي سيطروا عليها مهجورة زمنًا 
طويلاء أو كان البدو يشغلونها موسميّاء لكن كثيرًا غيرها كان يعود تقليديًا إلى 
فلاحى حوران أو أبناء مدنه”©. على سبيل المثال» كانت عشيرتان حورانيتان 
تنيساة قطفان السويدات المدينة الدرزية الرئيسة عالت ماب سويدان 
السنّة» وآل دحدل المسيحيون وكانتا تتوليان المشيخة مناوبة في ما بينهما!©. 
وبالمئل؛ فإنَ القرى الدرزية الحالية في جوار صلخد كانت حيتئدذ بيد عشيرة 
الزعبى السنية”©. كان طرد هذه العشائر وغيرها وتواتر الصدامات المسلحة 
التي أحدثها سبب المشاعر السيئة القديمة» والتي خفّت قليلًا الآن» بين فلاحي 
حوران وفلاحي الدروز. 


تغلب الدروز على الحورانيين» لا بفضل خصائصهم الحربية فحسبء بل 
أيضًا نتيجة قدرتهم الأكبر على التلاحم في المغامرات المشتركة أو في 
لحظات الخطر العام. كانت قوة الدروز كلهاء في مثل تلك الحالات» واستنادًا 
إلى عرف قديمء تستدعى بإشعال نيران التحذير على أعلى قمم جبل الشيخ 


الفلاحون «أهل السئة» والفلاحون «أهل البدع 6 


فلاحو سورية متمايزون أيضًا بالمعنى الديني. وفي هذا المجال» 
الجماعات الأقل أهمية بالمعنى العددي هم اليزيديون الناطقون بالكردية 
الذين يعيشون في نحو عشرين قرية في حوض نهر عفرين شمال غرب حلب؟ 
والإسماعيليون الذين يتمركزون أساسًا حول مركزهم الأصلي في السلمية 


(19) حنا أبي راشدء جبل الدروز (بيروت: مكتبة الفكر العربي؛ 1961) (القاهرة: مكتبة زيدان 
العمومية؛ 1925). ص 121-119؛ حوران الدامية: جبل الدروز (القامرة: مكتبة زيدان العمومية» 
6 ص 1؛ عباس أبو صالح وسامي مكارم. تاريخ الموحدين الدروز السياسي في 
المشرق العربي (بيروت: [المجلس الدرزي للبحوث والإنماء]ء [د.ت.])؛ ص 200-195. 

(20) أبى راشد. حوران الدامية» ص 179. 

(21) أبي راشدء جبل الدروزه ص 1. 

(8) ترجمنا («دفدط00) بأهل السئّة و(«هفدمعاء11) بأهل البدع. 


47 


67 


ومن بلداتهم الحصينة قلعة الخوابي وقلعة الكهف والقدموس؛ والشيعة 
الإمامية الاثنا عشرية التي تقطن منطقة قبر الست» وهي قرية في الغوطة وموقع 
ضريح السيدة زينب (بنت الحسين بن علي) وعددًا آخر من القرى في مناطق 
إدلى22) وإعزاذ, 

يأتي بعد ذلك» في الوزن العدديء الدروز الذين يشغلونء إضافة إلى 
كتلة جبل العربء اثنتي عشرة قرية صغيرة في الجبل الأعلى جنوب غرب 
حلب» وخمس قرى في سهل إدلب”**» وقرية جرمانا في الغوطة؛ التي يقال 
إنها سميت بهذا الاسم لأنها أسست في عام 1898» وهي السنة التي قام بها 
إمبراطور الجر مان فيلهلم الثاني (11 مساعطاة8) بزيارة دولة لدمشق. 


الأكثر عددًا بعد ذلك هم المسيحيون ‏ والقسم الأكبر منهم روم أرثوذكس 
وسريان أرثوذكس وروم كاثوليك ‏ المتتشرون في أجزاء مختلفة من ريف 
سورية» بما في ذلك حوران** والريف الواقع شرق حمص** ومنطقة 
الحسكة في شمال الجزيرة والمنطقة الساحلية بين طرطوس وبانياس» ووادي 
النصارى الذي يقع جنوب شرق جبال العلويين» حيث لهم تمركز كبير هناك» 
وفي تلك القرى القديمة مثل معلولا الشبيهة بقرص العسل والناطقة بالآرامية 
في أقصى غرب سلسلة القلمون إلى الشمال من دمشق. 

يفوق عدد الفلاحين العلويين الذين حددنا للتو مناطق استقرارهم 
الرئيسة» عدد المسيحيين. أما الفلاحون الآخرون جميعًا الذين يشكلون أغلبية 
واضحة» فهم من السئة. وهم موجودون بأعداد كبيرة في جميع المحافظات 
عدا اللاذقية والسويداء. 


في مايخص توزع السكان بحسب الدين» ليس هناك سوى تقديرات 
تقريبية تتعلق بالعهد السابق على استقلال سورية. وتشير إلى أنه في نهاية 


(2) ولا سيما الفوعة ومعرّة مصرين وكفاريا. 

(23) من بين غيرها: نيّل والتغاولة. 

(24) بما في ذلك كيفتين ومعرة الإخوان وكقرينًا. 

(25) في قرى مثل خبب وتبنة ويصير. 

(26) في صدد والحفر وزيدل ومسكنة وفيروزة من بين قرى أخرى. 


48 


عام 3 » عندما وصل عدد سكان سورية. باستثناء البدو» إلى نحو 2.86 
مليونين (في عام 1993 بلغ عدد السوريين نحو 13.8 مليوثًا) ‏ شكل 
اليزيديون 0.1 فى المئة والشيعة 0.4 والإسماعيليون 1.0 واليهود 1.0 
والدروز 3.1 والعلويون 11,4 والمسيحيون 14,1 والسّنة 68.9 في المئة من 
المجموع”©. لكنّ المسيحيين لم يشكَلواء وفقًا لتعداد 1960 الذي لا يخلو 
أيضًا من العيوبء إلا 8.3 في المئة من عدد السكان الإجمالي في تلك الفترة 
والبالغ 5 ملايين» من دون حساب البدو 2240 الذين يمكن احتسابهم ضمن 
السئة. يمكن أن يعزى هذا الفرق الحاد في نسبة المسيحيين جزئيًا إلى عيوب 
إحصائية» كما يمكن أن يرد إلى الهجرات الخارجية في الفترة الواقعة بين 
التعدادين. وفي غياب أرقام أخرى وثيقة الصلة» من غير الممكن تحديد الوزن 
النسبي الحالي بدقة للطوائف الإسلامية المتنوعة والطوائف المتفرعة عنها. 

كان الدين» ولا سيما بعد تقدم الأصولية» عامل شقاق أكثر منه قوة 
موحدة. حتى في الماضيء وعلى الرغم من إقامة الدين روابط بين الفلاحين 
تتجاوز مستوى القرية أو الناحية؛ أعاق جديا نمو وعي أخوي بين أنصار 
الأديان المختلفة» كما أعاق فرص العمل المشترك. ولم يصبح الجهد الموحد 
ممكنًا إلا بعد صعود القومية والاشتراكية فى ما بعد. 


كان اليزيديون والدروز والعلويون من بين طوائف سورية الدينية الأكثر 
انغلاقًا. والقاعدة هي أن المرء لا يمكنه أن ينضم إلى هذه الطوائف. بل يمكنه 
أن وله قتها حيس وللاني] حميكا حي بحاة بهوعها الخاصة: ويحركها 
شعور قوي بالمسؤولية نحو أخوتها في الدين. 
من وجهة نظر العقيدة الدينية» فإن لليزيديين المنظمين لاهوتيًا على 
نحو مُحُكم أشد نقاط الاتصال غموضًا مع طوائف سورية الأخرى؛ على 
الرغم من أنهم يعاملون القرآن والإنجيل بإجلال. وليس واضحًا هل ثمة 
(27) تستند النسب إلى الأرقام الواردة في الملحق ب. الجدول 2. من كتاب: ,تمده أروطاىم 
.6 .م ,([1945] ,جوعء لأأو ناتولا 01050 :«ملهما) برمدكط أمءارثامطه ,و«مبماعا 070 وتجرد 


١228(‏ 7 رية ١‏ سة ا ريةء وزارة التخطيطء مد ةا حخصاء. التعداد العا للسكان لعا 
1560 (دمشق: الوزارة» 0)). ص 08 -19, 


49 


عناصر في إيجانهم تربطهم بميثرا (2ئط)841)» وهو إله من آلهة الفرس القدماء» 
وكثيرًا ما قن بالشمس في الأزمنة اللاحقة. وردًا على سبر دقيق قامت به 
غيرترود بيل فى شأن طبيعة المعتقدات اليزيدية» أكد دليلها الذي كان ابن 
فلاح يزيدي: «إننا نعبد الشمس كل يوم عند الفجرة”. لكن الدارس 
الألماني مينزل (اءمهه91 .70) أنكر وجود عنصر عبادة الشمس في الديانة 
اليزيدية**. واستنادًا إلى لجنة دولية درست الطائفة بشىء من العمق» يؤمن 
البريديون بكائن أسدى يسزته ينزدان فلا65 يعقد أنه لا يولي العاله 
كثيرًا من الاهتمام» وأنه أرفع من أن يُعبد مباشرة. وانبعثت منه سبع أرواح 
عظيمة» أولها وأعظمها طاووس ملك (ود'78 له0481. ومن خلال هذا الملك» 
أخرج يزدان العالم إلى الوجود. وأجره بعد ذلك له مدة عشرة آلاف سنة 
مرت منها ستة آلاف677. يمثل طاووسن ملكء الذي يعتبر ملاكًا ساقطًا لكنه 
تائب» على شكل طاووس من البرونز أو الحديد» وتوجد منه سبعة نماذج 
تطابق عدد الأرواح العظيمة. ويحمل رجال دين صغارء يطلق عليهم لقب 
ل الفلاحون لها 
التبجيل. أمَا تمثال الطاووس السابع؛ الأقدم بينهاء فلا يغادر قط مزار الشيخ 
عديء وهو مركز حياتهم الدينية» ويقع في مدينة لالش في سهل الموصل 
في شمال العراق. والشيخ عدي الذي عاش في القرن الحادي عشر أو الثاني 
عشرء هو مشرّع الطائفة وقديسها الرئيس» ويشكل بوضوح واحدًا مع 
طاووس ملك عن طريق التقكص*". 


من الأشياء التي تميز اليزيديين» وتُعتبر سبب الشك في معتقداتهم» ميلهم 
القوي إلى السرية. ويُعدٌ الدروز والعلويون الأقرب إليهم في هذا الخصوص. 
في الواقع يقال إن القلّة الدروزء أو «العُقّال»» كي يحفظوا أسرار الإيمان حتى 


(29) مم رواسرزى ,أاع8 

(30) انظر مقالته عن اليزيدية في: كو ماألءمماعءن:ظ 508016 ,كله ,تعصسديا .11 .ل لمم ططأ6 .2 .م .1 

.642 .م ,([1953] رقوعء2 نزالدعع اننا العمره© .لا .81 ردعهطاة) ««ماك1 

(31) «مذكرات وصفية عن الحدود بين سورية والعراق» مع ملاحظة بتاريخ 77 من 
الأمين العام لعصبة الأمم إلى وزارة الخارجية البريطانية: .192-193 .وم ,1302/15/89 8 ,406/69/4694 80 
032 .«والتعولا» ,أععوعء11 


530 


اكيس سيد 


عن جماهير أتباعهم الذين كانوا يوصفون ب«الجهَال؛؛ كانوا في الماضي 
يخفون كتبهم المقدسة في الأرض؛ ليكونوا بذلك واثقين من قدرتهم على 
حماية أسرارهم حتى باتت طائفتهم» من وجهة النظر هذه مثل «النملة السوداء 
على المسح الأسود في الليلة الظلماء0*©. 

لعلّه كانت هناك استئناءات نادرة» لكن القاعدة العامة هي أن الفلاح 
الدرزي العادي ينتمي إلى طبقة «الجهّال4. والأرجح أن يعيش درزيّاء ويموت 
درزيًا من دون أن تكون لديه أدنى فكرة عن أسرار العقيدة. وإذا ما أبدى فرد 
من «الجهّال؛ رغبة في الانضمام إلى جماعة «العُقَال»» فعليه أن ينال حظوة 
لديهمء وأن يخضع لفترة تجريب مدتها ستتان. فإذا فاز أخيرًا بالقبول» فإنه 
يؤمر بحفظ الأسرار ويعطى تعليمات للدخول في عهد رسمي يدعى «الميثاق»؛ 
وينص على ما يلي: 

توكلت على مولانا الحاكم الأحد, الفرد الصمدء المنزه عن الأزواج والعدد. أقر 

أنا فلان بن فلان؛ إقرارًا أوجبه على نفسيء, وأشهد به على روحي» في صحة من 

عقلي وبدنيء وجواز أمريء طائعًا غير مكره ولا مجبره أني أتبرأ من جميع 

المذاهب والمقالات والأديان والاعتقادات» كلها على أصناف اختلافاتهاء وأني لا 

أعترف بشيء غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره؛ والطاعة هي العبادة؛ وأني لا 

أشرك في عبادته أحدًا مضى أو حضر أو ينتظرء وأني أسلم روحي وجسمي ومالي 

وولدي ... لمولانا الحاكم جل ذكره؛ وأرضى بجميع أحكامه لي أو علي ... ومن 

يقر أن ليس في السماء إله معبود» ولا في الأرض إمام موجود إلا مولانا الحاكم 

جل ذكره كان من الموحدين الفائزين. كتب في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا 

من سنين عبد مولانا جل ذكره ومملوكه حمزة بن علي بن أحمد. هادي 

المستجيبين”*” 2 المنتقم من المشركين والمرتدين بسيف مولانا جل ذكره وشدة 


سلطانه وحده!235. 


(33) عسواالامم اداة جمد اه كسبعه:7 كعد ,اتماعذان” هد بع7تماكالط «رمى :ععمسط «وألولط( ها ,5ن نعلا 

.15 .م ,(1863 ,[.8 .ه] :واعو©) كك ,(1979 رووعع" وانطم-حطة :ستمفعتكصمة) 

(34) بالعربية» هادي المستجيبين. في المذهمب الإسماعيلي. تشير كلمة المستجيبين إلى الذين 
استجابوا للدعوة. 


هف . مده 


(5) ترجمة فرنسية غير دقيقة عمومًا للميثاق: ,145-146 ,جح بععسبط «ماتهل! صا ,ؤلإن0 د 


51 


الموحدون هو الاسم الحقيقي للدروزء وهو مشتق من إيمانهم بأن 
الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي الذي حكم مصر بين عامي 996 و1021م؛ 
قد مثل الله في وحدانيته9©. وهم يُسمّون ب«الدروز» نسبة إلى أحد المبشرين 
الأوائل بالحاكم بأمر الله وهو نشتكين الدرزي الفارسي الذي «يمقته؛ الدروز 
و«ايلعنونه؛ في مجالسهم الدينية”* لأنه «شوهة محتوى دعوة التوحيد©. 
وفي المنظومة اللاهوتية الدرزية» يعود دور الهادي الأعظم إلى حمزة بن 
علي بن أحمد. أحد أبناء زوزدت» وهي بلدة في مقاطعة خراسان الفارسية. نشر 
حمزة» وهو فعليًا المؤسس الرئيمس للديانة الدرزية. أفكاره في القاهرة في عام 
7م وهو العام الذي يعتبره الدروز عام ظهور التجسد الإلهى فى الهيئة 
البشرية للخليفة الحاكم بأمر الله. 


يطلب الدين من الفلاحين وغيرهم من «الجهّال»؛ من بين أمور أخرى» 
«سدق”*" اللسان وحفظ الأخوان. والتوحيد لمولانا جل ذكره في كل عصر 
وزمان ودهر وأوان » ثم الرضى بفعله كيف ما كان » ثم التسليم لأمره في 
السر والحدثان6”©. هذه القواعد الأخلاقية تنسخء في الديانة الدرزية» الأركان 
الأساسية التي فرضها الإسلام» وهي النطق بالشهادتين والصلاة والصيام 
والزكاة و الحج. 

الطائفة الدرزية هيء تاريخيّاء فرع من الإسماعيلية. وكان حمزة نفسه 
وأتباعه الأوائل إسماعيليين» وهي فرقة شيعية متطرفة شقت لنفسها طريقا 
بعيدةً عن الشيعة الإمامية في القر ن الثامن الميلادي. 


يمكن العثور على نص عربي يضمير المفرد الغائب في: أبي راشدء جبل الدروز» 
ص 85-84. 

(36) ميت السلالة الفاطمية (1171-909) بهذا الاسم نسبة إلى فاطمة ينت النبي محمد» 
زوجة الإمام علي. أم الحسن والحسين. 

(37) أبي راشد؛ جبل الدروزء ص 82. 

(38) أبو صالح ومكارم, تاريخ الموحدين الدروز.» ص 3 

(8) هكذا ترد في المراجع الدرزية». بالسين وليس بالصاد. [المترجم] 

(39) أبي راشدء جبل الدروز» ص 00 


52 


مذهبيّاء يمكن تمييز الشيعة الإمامية» في جوانب مهمة كثيرة» من الكتلة 
الرئيسة من المؤمنين المسلمين؛ السئة» الذين أطلق عليهم هذا الاسم لأنهم 
يتخذون سنة النبي محمد هَذَيا مُلِْمًا لهم إلى جانب القرآن. وعلى عكس 
وجهة النظر السنية عن الإمامة أو الحاكمية العليا على المسلمين بوصفها 
مصلحة عامة يجب تركها لحرية الأمة (جماعة المؤمنين) في الاختيار» تعتقد 
الشيعة الإمامية أن عليًا بن أبي طالبء ابن عم النبي» وسلالته الأقرب من 
فاطمة بنت النبي» هم الأئمة الشرعيون. وفي حين يحصر السئّة التوسط بين 
الله والبشر بالقرآن» فإن الإمامية تجعلها في الأئمة الذين يعتبرون» على الرغم 
من أنهم فانون» حملة جزء من الكيان الإلهي. وهم. لذلك السبب» منزهون 
عن المعصية ومعصومون من الخطأ في تأويلاتهم القرآن والحديث النبوي. 
تعترف الإمامية باثني عشر إمامًا معصومًا (ومن هنا جاءت تسمية الاثني 
عشرية)»”**) وتعتقد بعودة الإمام الأخير الذي غاب عن الأنظار في ظروف 
غامضة في عام 378م, والذي تطلق عليه ألقاب «المستتر» و«المُنتَظره الذي 
يعيد الإيمان الحقٌّ في آخر الزمان. وفي غضون ذلكء فإن وسطاءه مع 
المؤمنين هم المجتهدون الذين يتمتعون بسلطة إعطاء تأويلات لحقائق الدين 
مستقلة وجازمة لكنها عرضة للخطأ. ويفسر مقتل الإمام علي» واستشهاد 
الحسين الذي يجري إحياء ذكراه بتمثيليات عجيبة (مجالس عزاء). والموت 
الموصوف بالسم لكثير من الأئمة الآخرين» واضطهاد الموالين للطائفة» 
استغراق العقيدة الشيعية القوي في العذاب ومركزية فكرة الآلام في إسلامهاء 
وإغراءها الخاص للفقراء والمضطهدينء بما في ذلك أجزاء من الفلاحين في 
بلدان كلبئان والعراق وسورية. 

اختلفت الإسماعيلية مع الإمامية في شأن خليفة الإمام السادس. فهم 
يقرون بإمامة إسماعيل» الابن البكر للومام السادسء على الرغم من وفاة 
إسماعيل في عام 0م قبل خمس سنوات من وفاة والده. وأعلن بعض 
الإسماعيلية محمد بن إسماعيل آخر الأئمة» فأصبحوا بذلك يعرفون ب «السبعية4ة. 


(40) علي والحسن والحسين وعلي زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم 
وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري ومحمد المنتظر. 


53 


ال ين 


كان ما ميّز الإسماعيلية تاريخيًا هو إغراؤهم المباشر للمحرومين 
وتشديدهم على سرية التنظيم. أمّا أكثر أفكارهم خصوصية فهي فكرتهم عن 
المعنى الباطني للقرآن. التي تستلزم تأويلا مجازيًا لنصوصه. إذ ليس معناه 
الظاهر إلا قناع يحجب الحقيقة عن إدراك غير المهتدين. وتركت هذه السمة 
الباطنية بصمتها على المنظومة الدينية للدروز والعلويين. 

ما زال هناك كثير من الشك فى شأن المعتقدات الحالية للعلويين» أو 
النصيريّة إذا أردنا أن نستخدم الاسم الديني الأكثر ملاءمة لهم. فكثير من 
المعلومات الموجودة عن شعائرهم وعقائدهم مأخوذ في النهاية من كتاب 
نشر في عام 1859 في حلب”. كان كاتبه سليمان الأذني [الأضني] من 
سكان أنطاكية» وهو عضو سابق في الطائفة وتحوّل عنها إلى اليهودية فالإسلام 
السني فالمسيحية على التوالي» واغتيل في ما بعد. لا يخلو عمله من التحيّزء 
لكنه نفيس إلى حد ما لأنه تبنى كتيبًا نصيريًا أصيلًا بوضوح ومجهول الكاتب» 
اسمه كتاب المجموع. وهو عبارة عن مجموعة من ست عشرة سورة هي 
سور الصلاة العامّة”. كما نجد في صفحات الأذني تصويرًا بيانيًا لعملية 
تلقينه أسرار الإيمان النصيري وهو في الثامنة عشرة. 

كان على سليمان» قبل أن يتلقى تعليمه في مبادئ الطائفة وكتاب المجموع. 
أن يجتاز ثلاثة طقوس تّعْدية أو تنسيب مستقلة تفصل بينها فترتان اختباريتان» 
مدة الأولى أربعون يومّاء والثانية سبعة شهور. في الطقس الأول الذي يتضمن 
شرب قدح من الخمر (حكم القرآن على الخمر بأنه «رجس من عمل الشيطان؛)؛ 
صُلَي عليه فحسبء وأمر بالكتمان. وأمر في الطقس الثاني أن يردد» بعد تناول 
قدح آخر من الخمرء كلمات «سر ع م س»» وأن يكرر هذه الصيغة خمسمئة مرة 

(41) الكتاب الذي ظهر أيضًا في يبروت في عام 1863 هو: سليمان الأذني» كتاب الباكورة 
السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية. ونشرت ترجمة غير كاملة له إلى اللغة الإنكليزية قام بها 
إدوارد ساليزيريء انظر: تاتس عمنه أمظ واممسندان5 غه عامو8 عطا 6ه عهناهل2» ,رمسطفتله5 .5 لمدسلع 


كناه1م0© طاأط رطفممقطلة 2ه للمعما5 ممصتولت5 برط ممتوتاع1 ممستمعبل! عط 04 كعترعاوركة عط ومتدماءوزط 
.227-308 .م ,(1865) 2 .20 مكتألا .أه/ا ,أمادء 0 مع م47 ءا لزه [:7تنامل «ركاء ةا 


42 للاطلاع على ترجمة فرنسية ل كتاب المجموع. ان 
.(1900 مقهللأده8 .8 :حضصوط) كلتمكملز دهعل 


54 


في اليوم. وفي الطقس الثالث» خاطبه الملقن الرئيمس» أو الإمام» بعد مجموعة 
شعائر معقدة» وهو يحدق عابسًا في المبتدئ: «أتقبل قطع الرأس واليدين 
والرجلين ولا تبيح بهذا السر العظيم؟» فقال: : (نعما . ثم سائده اثنا عشر كفيلاء 
وكفل «رجلان معتبران» الكفلاء. وبعد ذلك أقسم التلميذ ثلاث مرات على 
كتاب المجموع بألا يبيح «سرٌ الله. ثم حذره الإمام قائلا: «اعلم يا ولدي أن 
الأرض لا تقبلك فيها مدفونًا إن أبحت بهذا السر ولا تعود تدخخل القمصان 
البشرية بل حين وفاتك تدخل قمصان المسوخية وليس لك منها نجاة أَبِذً]*©. 

يعبّر تحذير الإمام بوضوح عن اعتقاد بتقمّص الأرواح» وهي فكرة ناتجة 
من احتكاك النصيريين بأبناء الجبال الأخرى في سورية: اليزيديون والدروز 
والإسماعيليون.* ومن الأمور المثيرة للاهتمام في هذا المجال وصف ديفيد 
هيوم (06نا11 0910) بعض ملامح ديانة البريطانيين في أيام الرومان» حين كتب 
في عام 1761: «غَرّسَ الدرويدز (145نه0) [الذين كانوا كهنة البريطانيين] في 
الأذهان تة تقمّص الأرواح الأبدي؛ وبذلك وشعوا سلطتهم بقدر مخاوف 
مريديهم الهيابين. كانوا يمارسون شعائرهم في أيكات مظلمة أو في معتزلات 
سرية أخرى؛ وحتى يضفوا المزيد من الغموض على ديانتهم؛ لم يكونوا 
يبلغون عقائدهم إلا إلى التلاميل» ويمنعونهم بصرامة من كتابتها)9*, 

لا يمكن المرء إِلّا أن يدهش من كيفية توصّل البريطانيين القدماء وأيناء 
الجبال في سورية إلى الاشتر تراك بمعتقدات متشابهة. في أي حالء كان أول 
شيء تعلّمه التلميذ النصيري الجديد» بحسب كتاب المجموع» هو معنى 
الأحرف النصيرية السرية «ع م س؛. العين» كما قيل لهء هي علي بن أبي 
طالب» والميم محمك» والسين سلمان الفارسي. علي هو «المعنى». أي معنى 
الألوهية (المستتر). ومحمد هو «الاسم»» أي صورة علي الظاهرة» وهو أيضًا 
«الحجاب» الذي يحتجب علي خلفه. يكمل سلمان الفاردسي الثالوث» وهو 


(43) الأذني» كتاب الباكورة, ص 2 - 6 و .229-233 .نم «بكامه8 عطا له موناملة» رصساطفذامد 

(44) لكنّ الإسماعيليين» على عكس الطوائف الثلاث الأخرى» يرفضون فكرة تقمّص الروح في 
أجسام الحيوانات. 

(45) «متاياوبت8] ءا ها مدكدع©) كنتثابال إن «رماعهن م1 ءن[) :«مزر 0 1نمأعلظ إن «رماعلط 11:6 رعسل لأحوط 

28 .م ,ا .آهل ,(1879 ,وتعطامعظ عل ععوهولا ارملا بجع 11) 1688 دآ 


55 


يمثل «الباب4» أي باب محمد وحامل كتابه. كان سلمان الفارسي تاريخيًا 
من صحابة النبي» وهو فارسي اهتدى إلى الإسلام؛ وكانء استنادًا إلى الروايات 
الشيعية التقليدية» واحدًا من أو ائل الشيعة في الإسلام. وهو كذلك يتمتع 
باحترام كبير في إيران المسلمة. وإذا كان من الممكن الوثوق بكاتبناء فإنه لم 
يكن من الممكن قبول أي عضو من أي طائفة أخرى في الطائفة النصيرية» في 
أيامه على الأقل» (إلَا إن كان من العجم:: والسبب هو إيمان النصيرية المعاصر 
الواضح بأن العجم كانوا مثلهم يؤمنون بألوهية علي”. 

يبدو من كتاب المجموع الذي أصبح التلميذ الجديد مطلعًا عليه بعد 
ذلكء أن «سرّ؛ النصيرية (معرفة ع م س) يعزى في النهاية إلى ابن نصيرء 
واسمه الكامل أبو شعيبٍ محمد بن نصير العبدي البكري النميري (السورة 
الرابعة)» وأن الدور الأكثر فاعلية في إرشاد النصيريين إلى «الدين الصحيح» 
هو الدور الذي قام به أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي (السورة 
الأولى). كان ابن نصير الذي أخذت الطائفة اسمها منه» من البصرة» ويُعرّف 
في كتاب المجموع بأنه باب الحسن العسكريء الإمام الشيعي الحادي عشر 
الذي توفي في عام 0874*. أما الخصيبي (957-874م) فولد في مصرء 
لكنه عاش فترة من الزمن في جنبلاء وهي بلدة في جنوب العراق بين الكوفة 
وواسط ومركز القرامطة (الإسماعيلية)» الحركة الثورية المشهورة والمشاعية 
المزعومة التي ظهرت إلى الوجود في أثناء ثورة الزنج الهائلة (883-869م)» 
ووجدت موالين لها في القرنين التاسع والعاشر بين الفلاحين والصناع في 
اليمن وسورية”". 


ينصّ كتاب المجموع صراحة على أن عليا اخترع محمدًا من «نور 
ذاتهقل وأن محمدًا خلق سلمان الفارسى من «نور نورها» وأن سلمان 


(46) الأذني» كتاب الباكورة؛ ص 3 و18. 

(47) المصدر نفسه.» ص 82. 

(48) المصدر نفسهء» ص 15. 

(49) انظر لوي ماسينيون («مسوادعةكة كندامة)ء مقالات عن «القرامطة» (كمدتامسعت؟) 
و«التصيريين» (عندع31)» في: ,456 لمتتة 218 ,نهم ,اصدأكا ره مأفءمماعتومظ «مترورزى 

ومحمد أمين غالب الطويل» تاريخ العلويين (بيروت: دار الأندلس»؛ 1966)» ص 212-200. 


56 


م 


خلق الخمسة الأيتام © المقداد”* وأبو ذرٌ**© وعبد الله" وعثمان*6) 
وقنبر بن كادان”» ‏ وأن الخمسة الأيتام خلقوا الأرض (السورة 
الخامسة). واستنادًا إلى الروايات الشيعية» كان المقداد وأبو ذرء مع 
سلمان. الشيعة الأصليين. أمّا بقية الأيتام فكانوا أيضًا من المسلمين 
الأوائل وقريبين جدا من علي. 


من وجهة النظر النصيرية» كما يزعم كاتبناء جد جميع النصيريين في 
البداية على هيئة كواكب نورانية» لكن لأنهم تفاخروا بعدم وجود خلق أكرم 
منهمء أهبطهم الرب إلى دار سفلانية» خالقا لهم هياكل بشرية. أمَا محمد 
وسلمان الفارسي والخمسة الأيتام فلا ينتمون إلى هذا العالم الدنيوي» لكنهم 
يشكلون جزءًا من المراتب السبع الأولى لأهل المراتب الذين يشكلون «العالم 
النوراني العظيم» الذي يقع تحت الربوبية مباشرة. وقد ظهروا على الأرض 
ليرشدوا المخلوقات الهابطة إلى سبيل الصواب مرة أخرىء وليعيدوهم إلى 
حالتهم السماوية القديمة ليشكلوا المراتب السبع الأخيرة لأهل المراتب. 
وأولئك الذي يصرون على كفرهم يحكم عليهم بالحبس في أشكال ممسوخة 


من الحياة. 
قد تكون السورة الأهم في كتاب المجموع هي الحادية عشرة» واسمها 
«الشهادة»» وتقول أهم فقراتها: 


شهد الله أن لا إله إِلّا هو. ... إن الدين عند الله هو الإسلام. ربا آمنًا بما 
أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين بشهادة ع م س. اشهد عليّ أيها 
الحجاب العظيم» اشهد عليّ أيها الباب الكريم؛ اشهد عليٌ يا سيدي المقداد 
اليمين» اشهد عليّ يا سيدي أبو الذر الشمالء اشهد عليّ يا عبد الله اشهد 


(50) بالعربية: الخمسة الأيتام. 
(51) المقداد بن الأسود الكندي. 
(52) أبو ذر الغفاري. 

(53) عبد الله بن رواحة الأنصاري. 
(54) عثمان بن مظعون النجاشي. 
(55) قثبر بن كادان الدوسي. ‏ - 


57 


عليّ يا عثمان, اشهد عليّ يا قنبر بن كادان©6؛ ... اشهدوا عليّ يا أهل 
المراتب ويا عالم الصفا أجمعين. إني أشهد بأن ليس إلا إلا علي ابن أبي 
طالب”6 الأصلع المعبود» ولا حجاب إِلَا السيد محمد المحمود؛ ولا باب 
إلا السيد سلمان الفارسي المقصود. وأكبر الملائكة الخمسة الأيتام» ولا رأي 
إلا رأي شيخنا وسيدنا الحسين بن حمدان الخصيبي الذي شرّع الأديان في 
سائر اللندافة. .. اشهد بأني نصيري الدين جندبي* الر أي جية 60 
الطريقة خضت 60 المذهب 0 المقال ميموني2' الفقه . وأقر في 
الرجعة ا والكرة الزهراء وفي كشف الغطاء وجلاء العماء وإظهار ما 
كتم وإعلان ما خفي وظهور علي بن أبي طالب من عين الشمس قابض على 
كل نفس.ء الأسد من تحته.ء وذو الفقار» بيده؛ والملائكة خلفه» والسيد 
سلمان بين يديه. والماء ينبع من بين قدميه والسيد محمد ينادي ويقول: هذا 
مولاكم علي بن أبي طالبء فاعرفوه وسبحوه وعظموه وكبّروه» هذا خالقكم 
ورازقكم فلا تنكروه. فاشهدوا عليّ يا أسيادي أن هذا ديني واعتقادي وعليه 
اعتمادي وبه أحيا وعليه أموتء وعلى بن أبي طالب حىّ لا يموت» بيده 
القدرة والجبروت. إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاء 
علينا من ذكرهم السلاه©6. 


(56) هنا يدعو الملقّن لشهادة أهل المراتب السبع الأولى (إضافة إلى الحجاب والباب والخمسة 
الأيتام) وأهل المراتب السبع الأخرى الذين يخاطبهم بألقابهم فحسب. في حالة المجموعة الأولى» ترد 
الألقاب مرتبة من الأعلى إلى الأدنى» وهم: النقيب والنجيب والمختص والمخلص والممتحن. أمّا 
المراتب السبع الأخرى فتشمل المقرّب والكروبي والروحاني والمقدّس والسايح والمستمع واللاحق. 

(57) تطبع كلمة «ابن» في اسم علي بن أبي طالب في هذه السورة بالألف (وليس «بن» أي من 
دون ألف) انسجامًا ريما مع إنكار النصيريين للأصل البشري لعلي بن أبي طالب. 

(58) نسبة إلى محمد بن جندب» أحد خلفاء ابن نصير. 

(59) نسبة إلى محمد الجتان الجنيلاني» خليفة آخر لابن نصير وأحد أيناء جنيّلاء العراق. 

(60) انظر لاحمًا. 

(61) نسبة إلى محمد بن علي الجلّي الذي كان من جلَيًا قرب أنطاكية وأحد تلاميذ الخصيبي. 

(62) نسبة إلى الميمون بن قاسم الطبراني (المتوفى في عام 1035)» أحد تلاميذ الجلّي. 

(63) ذو الفقار هو اسم سيف شهير للتبي ولعلي من بعده. ومن الواضح أنه سمي بهذا الاسم 
نتيجة (فقرات» صغيرة جميلة على حافته: :ه500م]) «منها اعذاودتاتذطهمف4 م4 ,عمما سدنااكلةا لمدسلع 

56 مم ,5 898 ,1 عامه8 ,(1877 ,[.طم .م] 


)264 الأذنى» كتاب الباكورة؛ ص 26 - 27. و .255-256 .رم «ادمظ عط 6ه مدنامل2» ,لصستاطذامة 


58 


هل يؤمن جميع العلويين بالمعتقدات الواردة في كتاب المجموع, أم 
بعضهم فحسب؟ في هذا السياقء هناك بياذ رسمي وثيق الصلة بالموضوع 
أصدره في عام 1973 ثمانون رجل دين من العلويين يمثلون أجزاء مختلفة 
من الريف العلوي. وفيه أعلنوا: «إن أكثر ما يفرق بين الناس [في سورية] 
جهلهم بحقيقة بعضهم البعض» وإتباعهم لما تزين لهم أهواؤهم. واعتمادهم 
ا ا لي 0 ت6. وأضافوا: : 
يخلو أي مجتمع من انحرافات دخيلة» صار بسببها عرضة للتشهيرة . 
مجتمعناء نحن المسلمين العلويين» مستهدقًا لأقسى أنواع التش: 0 
ولا تزال النفوس المريضة تنبش من الماضي. وت كقاما ستكلقه عاد الإسلام 
والعروبة»» واختتموا بتوكيد قاطع أن كتابهم القرآن» وأنهم مسلمون ا 
وأنهم» مثل أغلبية الشيعة» اثنا عشرية» أي مشايعين للأئمة الاثنى عشر”6. 
وقبل ذلك بعقود عدة» في عام 1936» ا ا 0 
قالوا فيه: «إن العلويين ليسوا سوى أنصار الإمام علي؛ وما الإمام علي سوى 
ابن عم الرسول وصهره ووصيه60. 

هل كانت هذه التوكيدات قناعات أصيلة أم مجرد تمويه اجتهادي 
وشخصي لمعتقداتهم الحقيقية بما فيه مصلحة جماعتهم» أم محاولات 
حكيمة لتذليل الاختلافات بينهم وبين جمهور المؤمنين الشيعة الأكثر قبولًا 
وذوي الوعي السياسي المتزايد في الشرق المسلم؟ إنه لأمر ذو دلالة أنه 
عندما عبر اللواء صلاح جديد» رجل سورية العلوي القوي في النصف 
الثاني من الستينيات» عن مخاوفه من ارتفاع المشاعر الطائفية في البلد» 
اقرح عليه وزير إعلامه الإسماعيلي سامي الجنديء ردًا على المشكلة 
ووقفًا للشك الذي غذّته الطوائف الأخرى؛ أن ينشر كتب الطائفة العلوية 
السرية» فما كان من جديد إِلّا أن رد بحدة: «لو فعلنا لسحقنا المشايخ0”». 

لكن في أوائل السبعينيات» أكدت الشيعة الإمامية بقيادة الإمام موسى 

(65) علماء ورجال دين من الطائفة العلوية الإسلامية في الجمهورية العربية السورية ولبنان» 
العلويون: من هم وما هي عقيدتهم ([د.م.]: [د.ن.]» 1973)؛ ص 5 - 7 20-16 و27. 

(66) المصدر نفسه. ص 10. 


)262 سامي الجندي» البعث (بيروت: دار التهار» 9) ص 1455-4 


59 


نك 


الصدرء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلىء «الوحدة المذهبية»*6) 
للعلويين مع الشيعة» واتخذ خطوات ل2كسر طوق العزلة الذي فرضه الأعداء 
والمنحرفون على الأخوة العلويين»”*». 

إضافة إلى ذلك» يبدو أن هناك انقسامات حقيقية بين علماء العلويين في 
شأن مسألة ألوهية علي. وهذا واضح من وقائع «مؤتمر إسلامي علوي» عقد 
في مكان غير محدد في سورية في عام 1973» بعد وقت من نشر بيان رجال 
الدين العلويين الثمانين. كان المؤتمر برعاية زعماء الشعب العلوي وأبرز 
مشايخهم الدينيين. وأرسلت الدعوات إلى العلماء المخلصين فقط (من 
الطائفة العلوية) الذين همهم الوحيد توحيد الصفوف وحل المسائل التي كانوا 
منقسمين عليها. وكان الهدف الخروج من المؤتمر برأي واحد على أساس 
«الكتاب والسئة؛ و«القلوب مجتمعة على عبادة الله وحده». أعطى العلماء 
المدعوون تعهّدات تلزمهم ألا يكشفوا مسيقًا أي شيء عن المؤتمر المزمع 
عقده من أجل حمايته من معارضة بعض المشايخ ضيقي العقول الذين 
يستخدمون الدين مثل شبكة للتمسّك [بأشياء هذا] العالم©. 


كان البند الرئيس على جدول أعمال المؤتمر يتعلق بمسألة الغلو 
بخصوص الإمام علي. قدّم أحد المشاركين الرئيسين» عقل الصافي 7 
الموضوع معترفا أنه يمثل السبب الرئيس للخلاف بين مشايخٍ العلوييت2©. 
وسيطر الشيخ بدر الدين جوهر”©» وهو الشخصية الأكثر نفوذًا في المؤتمر 
على ما تلا ذلك من نقاش. يكمن جذر المشكلة؛» من وجهة نظره» في قبول 
بعض المشايخ الرجعيين دينيًا بعض الحكايات التي نشرها السبئيون بعد وفاة 
الإمام علي؛ حيث أله مؤسسهم. عبد الله بن سبأء وهو يهودي تحوّل إلى 


(68) بالعربية» الوحدة المذهبية. 

(69) مقدمة بقلم المفتي الجعفري (الشيعي) الممتاز عبد الأمير قبلان لكتاب العلويون. 

(70) المؤتمر الإسلامي العلوي؛ مناظرات في المؤتمر الإسلامي العلوي ([د.م.]: [د.ن.1ء 
3)» ص 15-9. 

(71) هذا ليس الاسم الحقيقي للمشارك» بل اسم مستعار. 

(22) المؤتمر الإسلامى العلوي» مناظرات. ص 29. 

(23) هذا أيضًا اسم مستعار. 


60 


الإسلام, عليًا الذي حكم عليه بنفسه. وفق تلك الرواية» بالموت حرقًا (لكن 
أبي الفتح الشهرستاني [المتوفى في عام 1153] يؤكد في كتابه الملل والنحل 
أن عليًا اكتفى بنفيه)*. وتابع الشيخ جوهر أن القبول بحكايات السبئيين جاء 
نتيجة الجهل. ولم يقم المشايخ الذين آمنوا بها بأي محاولة لردّها إلى القرآن 
والسنة أو إلى الدليل المثبت. واختتم بأن [عليًا] أمير المؤمنين لا يمكن أن 
يقول عن نفسه شيئّاء ثم يقول بعد ذلك شيئًا آخر لا يتفق معه» فقد قال لبعض 
أصحابه: «إنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربٌ لا ربّ غيره يملك منّا ما لا نملك 
من أنفسنا7”0» فقيل له بأنه قد يرد [المؤمنون بألوهية علي]؛ وهم أهل لذلك؛ 
بأنَ الاعتراض على عقيدتناء استنادًا إلى هذا القول لأمير المؤمنين» أمر مردود 
من وجهة نظرناء لأن لكلماته معنى حرفيًا ومعنى باطنيّاء والمعنى الحرفى 
موجّه إلى أهل الظاهرء وهم عامة الناس» أما المعنى الباطن فإلى 0 
في المعرفة الباطنية“» وهم الخاصّة... وهو ما أكده بقوله: «ظاهري إمامة 
ووصية» وباطني غيب منيع لا يدرك:79. 


حسم الشيخ جوهر النقاش برفض مذهب ازدواجية معنى الأقوال التقليدية 
المعترف بها عمومّاء والتمايز الناشئ من ذلك بين المؤمنين باعتباره منافيًا للآية 
القرآنية: «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرًا4 [سبا: 7]28©. ودان 
الشيخ جوهر» مستمدًا الدعم من آية أخرى لا تسجدوا للشمس ولا للقمر 
واسحدوا لله الذي خلقهن» [فصلت: 37]» ممارسات بعض العلويين 0 مزج 
تبجيله عليًا بتبجيله القمرء رمز علي النجميء معتبرًا أنها ممارسات وثنية9©. 


بالطبع» لم يكن للفلاحين الغلويين شآن في:هذم المناظرة الدينية التي 
سعت إلى أن : تقرر لهم ما يجب أن يؤمنوا به. ٠‏ ومن ن المحتمل أن بعضهم على 
الأتل امس ناويات أورنك اللجاء ء المتنورين كالشيخ جوهر وألقى نير 


(74) أبو الفتح محمد عبد الكريم الشهرستانيء الل والّحلء تحرير عبد العزيز محمد الوكيل 
(القاهرة: [ د.ن.]» 12)1968: 174 

(75) المؤتمر الإسلامي العلوي. مناظرات» ص 45-29. 

(76) المصدر نفسه. ص 48 - 49. 

(77) المصدر نفسه؛ ص 50. 

(78) المصدر نفسه.» ص 76 -78. 


67 


الخرافات القديمة. لكن كثيرًا من الآخرين لعلّهم لا يزالون على ارتباطهم 
القوي بالطقوس الدينية القديمة» ولا سيما أولئك الدائرين في فلك الأولياء 
المدفونين في أضرحة ذات قبب بيضاء تشكل معلمًا لكثير من قمم التلال في 
الريف العلويء. الذين لطالما اعتبروا حراس قراهم. ولعل فريقًا ثالثاء ممن 
تأثّروا بالتعليم الجديد ونزوع البعثيين» قد أصبح أقل حماسة لأي إيمان ديني 
وأكثر حماسة لأمور حياتهم اليومية الضاغطة. 


الفلاحون بلا عشائر والفلاحون المرتبطون بعشائر 


يمكن توزيع الفلاحين السوريين أيضًا إلى فلاحين ذوي روابط عشائرية 
على هذه الدرجة من القوة أو تلك. أو ذوي روابط عشائرية مفككة إلى هذه 
الدرجة أو تلكء» وفلاحين فقدوا كل آثار العشائرية ولا يرتبطون إلا على 
الأساس الإقليمي. 

بستانيو الغوطة و«أهل العود؛ في منطقة إدلب وأصحاب بساتين الفاكهة 
الذين يعيشون في حمص وحماه وحلب أو في جوارها والمزارعون العلويون 
في ساحل اللاذقية وسهل بانياس هم فلاحون بلا عشائر. 

أما في قرى الفرات ورافديه الرئيسين ين البليخ والخابورء فما زال النظام 
القبلى حيًا. وهكذاء يتتمى الفلاحون على ضفتى الخابور الأدنى والفرات - 
من الحدود السورية العراقية إلى البُصَيْرة ‏ إلى قبيلة العقيدات. أما أولئك 
الذين يعيشون على الخابور الأعلى ورافده الفرعي» الجغجغ, فهم من الجبور. 
وعلى الضفة اليسرى من الفرات صعودًا من البصيرة نحو الأعلى يتوضع 
فلاحو البقارة. وأبعد نحو أعلى النهرء في محافظة الرقة» وعلى البليخ الأدنى 
يعيش فلاحو العفادلة» وإلى الشمال منهم على البليخ هناك الفلاحون 
المرتبطون بالفدعان. ووراء سد الطبقة الجديد» تشغل قبيلة ولدة نحو خمسين 
قرية على شاطئ الفرات وفي منطقة منبج. 

تنطبق على جميع هؤلاء الفلاحين» إلى هذا الحد أو ذاك» الملاحظة 
التي قدّمها في عام 1973 قائد سابق في حزب البعث وهو من أبناء دير الزور» 
عندما قال: «الفلاح [...] في منطقتنا خاصة ليس فردًا وإنما هو قبيلة برمتها. 


62 


اكاك اللا يننا 


وإذا حصل اعتداء عليه أو وقع غبن فإن القبيلة كلها تضع ثقلها في الميزان 
وتنصره وتدفع عنه الظلم والامتهان6””©. لكن حتى في منطقة الفرات» تتراخى 
الروابط التي تشدّ الفلاحين إلى قبائلهم تحت تأثير قوى متنوعة. يمكن فهم 
طبيعة هذه العملية على النحو الأمثل عبر استرجاع موجز للتاريخ الحديث 
لإحدى هذه القبائل» العفادلة. 

في أثناء الاحتلال الفرنسي (1945-1920)» شكّل فلاحو العفادلة 
حرا مل النعلام القباي الذي بسيطر عليه زغماء الفدعان» وه قييلة افيه 
ومسلحة تعمل برعي قطعان الجمالء وتُعَدٌ فرعًا من قبيلة عنزة المعروفة. ٠‏ في 
تلك الفترة» كان زعيمها الرئيس الأمير مجحم بن مهيد الذي ناهض بقوة 
الملك فيصل في عامي 1919 و1920». وخدم في عام 1921 مصالح فرنسا 
بأن أخضع. نيابة عنهاء دير الزور ومناطق أخرى من الفرات. وفي الأربعينيات 
كان يملك. من بين أملاك أخرى» خمسين ألف هكتار على جبل شبيث 
وسيطر على القرى العشرين المحيطة ب «عاصمته جب العلي96". 

تكوّن نظام القدعان القبلي حينها من خمس مجموعات ذات مكانة. في 
قمة هذا النظام تربعت عائلات الشيوخ» ومنها فخذا الفدعان الرئيسان. ويعدها 
مباشرة جاءت عائلات رؤساء الفروع الأخرى المختلفة من القبيلة. وفي 
المرتبة الثالشة على سلم المكانة حال العبيد ذوو الحظوة لدى الشيوخ 
المسيطرين. وكان ينطبق على هؤلاء القول القبلي الجاري: «عبد الشيخ 
شيخ». وشكل أبناء قبيلة الفدعان العاديون المجموعة الرابعة ذات المكانة. 
دفي اسكل السلّم حل «اللفيف» أو الأتباع. كان الفلاحون العفادلة» بمن في 

شيو خهم» يعتبرون أتباعاء وكان عليهم أن يدفعوا الخو لأسيادهم. وكان 

ل ا 0 
مجندين من الزكّرت» وهو لقب أطلق على الأشخاص المنبتّين الذين لا 
ينتمون إلى أي قبيلة» ويستخدمون مقابل أجر. وفي إحدى المرات» في عام 


(79) جلال السيد. حزب البعث العربي (بيروت: دار النهار للنشرء 1973)» ص 136. 
(80) أحمد وصفي زكريا (1964-1889).» الذي كان بين عامي 1943 و1950 مفتشًا عامًا 
لوزارة الزراعة: أحمد وصفى زكرياء عشائر الشام؛ ط 2 (دمشق: دار الفكرء 1983): ص 601-599. 


63 


1 , أنخحذ العفادلة جانب الولدة» وهي قبيلة مجاورة من الزرّاع ترتبط بهم 
برابط القرابة» عندما رفضت أن تدفع الخوة لزعماء الفدعان» لكن هذا لم يود 
إلا إلى ما يعرف محليًا ب«ذبحة الولدة» التي قيل إن ما يزيد على مئة رجل 
من الولدة هلكوا فيها. لم يفلح العفادلة في خلع نير الفدعان حتى استقلال 
سورية في عام 6©» عندما بسطت الدولة الوطنية سلطتها في المنطقة 
وأنهت سلطة الفدعان القسرية. 


لم تكن إقامة النظام الوطني هي العامل الوحيد الذي أمال الميزان 
الاجتماعي المحلّي إلى مصلحة العفادلة وغيرهم من القبائل الزراعية. وترتّب 
عن إدخال الآلات الزراعية الحديثئة في النصف الثاني من الأربعينيات إلى 
وادي الفرات أثر مشابه. وراكم شيوخ العفادلة ثروة كبيرة إلى حد أن زعماء 
الفدعان» في حلول عام 1951: ما عادوا يتعاملون معهم على أنهم أقل شأناء 
بل على أنهم أنداد. وتمثل ذلك بزواج فيصل الهويديء أحد زعماء العفادلة» 
من ابنة أمير الفدعان مجحم بن مهيد. لكنء بالتزامن مع ذلكء. راح يتطور 
تمايز اقتصادي ضمن العفادلة ويزداد حدة. فقد ارتفع الدخل السئوي لوحدى 
عائلات العفادلة من المشايخ من خمسين ألف ليرة سورية في عام 1950 إلى 
مليون وأربعمئة ألف ليرة في عام 1963. وانقسمت القبيلة على نحو متزايد 
إلى شيوخ وشيوخ ثانويين يملكون الأرض ورجال قبيلة عاديين لا يملكون 
الأرض ويعملون بالمحاصصة. وجرى تقسيم الأرض المشاع؛ أي التي 
تملكها القبيلة جماعيّاء وتحويلها إلى ملكية خاصة تحت تأثير دخول مكنئنة 
الزراعة» ودخول النظام النقدي» ودافع الربح» والتغير الذي ازداد حدة من 
اقتصاد الكفاف إلى اقتصاد توجهه السوق. 

قوّض إلغاء القانون القبلي من جانب الدولة في عام 1956 وتطبيق قانون 
الإصلاح الزراعي في عام 1958 والمراسيم ذات الصلة في عامي 1963 
و1964 السلطة الاجتماعية للشيوخ الأغنياء» وقاد بعد عام 1966 إلى زوال 
نفوذهم السياسي على المستوى الوطني على الأقل. وساهمت الإجراءات 
ذاتها في المزيد من إضعاف الروابط القبلية. كما قلل تقسيم الملكية من تلاحم 
الأسرة الممتدة. 


64 


لكن الفلاحين لا يزالون يحتفظون بألقابهم القبلية» ولا يزال كثيرون 
منهم يعيشون معًا على أراضيهم القديمة. وبالطبع لم تعد الوحدة الاقتصادية 
الفاعلة هى القبيلة» بل الأسرة الفردية. لكن إخلاص أفراد القبيلة» أو جزء من 
ايلا مفنهيع اتعهن ثم رمح إصيتمر الأخراف القديسة: نوز نضورة 
متناقضة؛ في التحكم في العلاقات الاجتماعية. وكذلك تستمر التصورات 
القديمة» ولا تتلاشى إلا تدريجا. 


كان إغراء البعثيين في منطقة العفادلة ‏ منطقة الرقة ‏ في البداية (أي في 
الخمسينيات والستينيات) أقوى بين الطلاب الشباب المنحدرين من مجموعات 
قبلية ذات مكانة أدنى أو من مجموعات هامشية في النظام القبلى. وبين عامي 
6 و1970» كان رئيس مكتب اتحاد الفلاحين في الرقة سليلا متعلمًا لعبد 
أحد الشيوخ» وكان أمين فرع الحزب معلم مدرسة سابق وابن بائع خضر”©. 


لكن يبدو أن بعض زعماء القبائل والبطون الزراعية استعادوا درجة من 
نفوذهم المحلي بعد عام 1970. الفترة التي اقترنت بحافظ الأسد. وهذا ما 
يشير إليه انتخاب جاسم المحيميد الهويدي» زعيم العفادلة» نائبًا في مجلس 
الشعب في عام 1973**» وانتخاب عبد الرزاق الهويدي» وهو زعيم آخر من 
العفادلة عضوًا في مجلس مدينة الرقة في عام 1972”* ثم نائبًا في مجلس 
الشعب في عام 1977*©. 


مع أنه من الخطر أن نعمّم شروط جزء واحد من البلد على شروط 
الأجزاء الأخرىء يمكن أن نطرح فرضية جديرة بالدفاع عنهاء على أساس 
الدليل المستمد من سهل حوران. مفادها أن النظام العشائري القديم لم يتعرض 


0) تستند الملاحظات في الفقرات الخمس السايقة إلى بيانات واردة في: سليمان نجم الخلف 
(أحد أبناء قرية حاوي الهوى في محافظة الرقة وعضو فرع الظاهر من قبيلة العفادلة)» «الزعامة القيلية 
وسياساتها في منطقة الرقة في سورية». 

(82) المرسوم الرئاسي رقم 1093 بتاريخ 29/ 5/ 1973.» الجريدة الرسمية (الجمهورية العربية 
السورية)» الجزء الأول رقم 23 لعام 1973» ص 112. 

(83) البعث. 7/ 1972/4. ص 5. 

(84) المرسوم الرئاسي رقم 1655 بتاريخ 5/ 8/ 1977.» الجريدة الرسمية. الجزء الأول» رقم 
3 لعام 1973 ص 4. 


65 


ال ايند 


إلا لحد أدنى من التعكير في المناطق الريفية التي لم تكن قبل فترة الإصلاح 
الزراعي تتميز بتمركز ملكيات كبيرة من الأرض. عمليّاء ما زالت العشيرة ذاتها 
التي سيطرت على السياسة المحلية في أثناء الاحتلال الفرنسيء في كل قرية 
من قرى بصرىء وهي منطقة في حوران تغلب فيها ملكيات الأرض الصغيرة 
أو المتوسطة؛ مسيطرة تحت حكم البعث. وهكذاء في قرية الصمد التي تضم 
نحو 1500 نسمة ينتمون إلى ثماني عشائر”*"» شغل مكتب شيخ البلد على 
نحو مستمر أعضاء من عشيرة الشيوخ منذ عام 1925 على الأقل©*. وفي 
جمرينء كان المخاتير على مدى «عقود كثيرة» من إحدى العشائر المحلية 
الشلاث؛ الكفارنة””*©. وفي عدد من القرى المجاورة الأخرىء بما فيها غصم 
ومعربة والسمّاقيات» كانت عشيرة المقداد مهيمنة منذ أيام العثمانيين. 


يشكل آل المقداد أيضًا العشيرة الرئيسة فى بلدة بصرى الريفية التي يتكوّن 
سكانها من سبع عشائر 0 ونحو خمسين عائلة شيعية» ويصل العدد 
الكلي إلى اثني عشر ألف نسمة. يعتبر الشيعة» ومعظمهم عمال وأصحاب 
حرفء وافدين جددًا نسبيّاء وجاءوا من بلدة النبطية اللبنانية. وليس آل المقداد 
أقدم المجموعات التى حلت في بصرى» لأنهم هاجروا من السويداء منذ نحو 
0 سنة. أمّا أقدم عشيرة فهى آل الحمد» وهم ذوو بشرة فاتحة وغاليًا ذوو 
شعر أشقر وعيون زرقء ويزعمون أنهم يتحدرون من حاكم روماني لبصرى 
القديمة» لكنهم» استنادًا إلى آخرين من أبناء بصرىء يتحدرون من الصليبيين. 
ولا يملك آل الحمد سوى قرعا (2”:نه) واحدة من أراضي بصرى الزراعية التي 
تبلغ 16,425 قرعاء في حين يملك آل المقداد نحو 12 قرعاء حيث كل قرعا 
تساوي عشرة آلاف دولم أو ألف هكتار 69 ينعكس القدر الاجتماعي الرفيع 
لآل المقداد أيضًا في حقيقة أن أفرادهم يهيمنون على أهم أوجه النشاط في 

(85) كلمة (دمه01) - حمايل وهي جمع حمولة [ترجمناها عشيرة وجمعها عشائر ‏ المترجم] 

(86) حديث مع الشيخ أحمد موسى الصماديء أيار/ مايو 1980. 

(87) حديث مع أحد قاطني جمرين في أيار/ مايو 1980. 

(88) المقداد والحمد والخليل وبني حامد ودوس والصلاخدة والسويدان. 

(89) كل قرعا تساوي أيضًا عشرين فدانّاء وهي وحدة أخرى للقياس تستخدم في بصرى. الهكتار 
يساوي 2471 آكرّا. 


66 


البلدة. وهكذاء في عام 0 كان شيخ البلد في بصرى» وإمام الجامع 
المركزي فيها (الجامع العمري)» ومدير مكتب الآثار» وصاحب المقهى 
الرئيمس» ومدير ورشة صناعة السجاد» كلهم من عشيرة المقداد9©, 

يتمنع آل المقداد بصلات جيدة منذ منقلب القرن العشرين على الأقل. 
وكان لهم نفوذ في «المابين» ‏ مكتب كبير خدم السلطان ‏ في أيام السلطان 
عبد الحميد (7)1909-1876. وكان لهم ممشل في مجلس المبعوثان 
التركي في ظل حكم حزب تركيا الفتاة”” وفي البرلمان السوري في فترة 
الانتداب الفرنسي”*” وفي فترة ما بعد الاستقلال*”. وبعد وصول البعثيين 
إلى السلطة. أصبح واحد منهمء هو عبد الحميد المقداد. محافظ السويداءء 
وبين عامى 1966 و1970 كان عضوًا فى القيادة القطرية لحزب البعث. وفى 
ما بعد» انتخب فرد آخر من العشيرة» هو خالد عبد الرحمن المقداد نائبًا في 
مجلس محافظة درعا (حوران). 


يبدو أن بلدة بصرى والقرى القريبة منها قد تُرِكَت وشأنها إلى حدّ بعيد 
في ظل حكم الرئيس حافظ الأسد. وبالمعنى السياسيء فإِنّ الفرقٌ بين ظروف 
بصرى الحالية وظروفها في أيام الفرنسيين» على سبيل المثال» هو أنه في حين 
كانت العشيرة المهيمنة على البلدة مسؤولة أمام القنصل الفرنسي في درعاء 
فإنها الآن مسؤولة أمام محافظ درعا البعثي أو أمين فرع حزب البعث. 


لكن منطقة بصرى شهدت تغيرات مهمة في الحياة الاقتصادية 


(90) تستند الملاحظات السابقة المتعلقة ببصرى والقرى المحيطة بها إلى محادثات في أيار/ 
مايو 1980 مع ستة عشر ساكنا من سكان بصرى من مشارب حياتية مختلفة» يمن في ذلك آل المقداد 
وغير آل المقداد» وسنة وشيعة» وعمال وزعماءء. وكانوا ذوي فائدة جميعًاء ولا سيما سليمان المقداد 
مدير الآثار في المنطقة والشيخ محمود الحمد شيخ عشيرة الحمد البالغ ثمانين سنة. 

(91) أبي راشد» حوران الدامية» ص 58. 

(92) سعد الدين أفندي خليل المقداد: 0 50 ,م0156 واعره" بااتماترقا امع 

رسالة بتاريخ 17 1909. من القنصل ديفي؛ دمشقء إلى السير ج. لوثرء لندن. 

(93) مصطفى المقداد: عف«مءعء# ,1405/441/89 15 ,406/76/4694 0" ,م065 مولعمه" بمتما8 أممر 

.198 .م ,(1938) 04 ماعطا عر[ا ابه وأبترخ مذ ععا/اأأوممسعءط عاراهدما إن 

(94) عبد اللطيف المقداد: خالد العظم. مذكرات خالد العظم» 3 ج (بيروت: [الدار المتحدة 

للنشر]ء 1973). ج 3» ص 307. 


67 


والاجتماعية. فمن حيث العلاقات الزراعية» أصبح التمايز الأساس الآن بين 
ملاك الأرض الصغار والعاملين بأجر» لا بين المالكين الصغار والمرابعين» 
كما كان الحال قبل الإصلاح الزراعي» وجاء اسم المرابعين من أنهم كانوا 
يحصلون على ربع عائدات عملهم فقطء. بغض النظر عن درجة سوء 
المحصول. كما انكسر أيضًا تأثير التجار والمقرضين الدمشقيين الذين نفذوا 
إلى المجتمع المحلي منذ أواخر خمسينيات القرن العشرين. ولم يعد أصحاب 
المتاجر في بصرى دمشقيين» كما كانت الحال سابقاء بل من أبناء بصرى 
الأصليين. وساعدت في هذه العملية المدخرات التي راكمها كثير من أبناء 
البلدة والقرى الذين ذهبوا للعمل في الخليج والسعودية. ان 
من الخارج بغزارة» مصحويًا بالتقدم السريع في التعليم» إلا أن يترك أثرًا سلبيًا 
في حياة بصرى العشائرية التقليدية. ومثير للاهتمام كيف أن آل المقداد لم 
يجدوا صعوبة في انتخاب زعيم جديد بعد وفاة شيخهم السابق منذ نحو عقد 
من الزمن. يُضَاف إلى ذلك أنهم ما عادوا يعيشون حصريًا في الحي الشرقي 
من البلدة» كما كانت الحال في الماضي. وبالمثل» أصبح التجمع المكاني 
للعشائر الأخرى أقل وضوحًا بكثير. وتزايد الزواج بين العشائر أيضًا إلى حد 
بعيد. فهناك زواجات حتى بين السّئَة والشيعة» لكن هذا لم يحدث بعد مع 
الدروز في المناطق المجاورة» فهؤلاء منغلقون في نزعتهم؛ ويحملون في 
ذاكرتهم القريبة نزاعات مٌّرّة على الأرضء ولا سيما مع آل المقداد. لكن 
الحس بالانتماء إلى جماعة واحدة ضمن المنطقة ينمو على نحو ملحوظ”*”. 
تعد الزعبيّة أكبر عشيرة زراعية في حوران كلها من حيث العدد. وهي 
منتشرة على الأقل في ست عشرة قرية في مناطق درعا وإزرع؛ لكن مركزها 
في أثناء حياة آخر زعمائهاء الشيخ محمد مفلح الزعبي» كان قرية خربة غزالة. 
ومن حيث النفوذ والتأثير السياسي» لم يكن يفوقها في الفترة قبل البعث سوى 
عشيرة الحريري التي كانت مهيمنة في ثماني عشرة قرية في المنطقة ذاتهاء 
وكان مقرها الرئيس في داعل إلى الشمال من مديئنة درعا. وفي أثناء الاحتلال 
الفرنسي دارت رحى التنافس بين العشيرتين: لأن زعيم الزعبية 0 


(95) للاطلاع على مصادرء انظر الهامش 90 من هذا الفصل. 


68 


م 


بالفرنسيين» في حين ارتبط زعيم الحريرية بالقوميين. وفي فترة ما بعد 
الاستقلال» استفاد آل الحريري بصورة طبيعية من خدماتهم للقضية القومية» 
لكن آخر زعيم كبير لهم؛ الشيخ أحمد جمال الحريري؛ المتوفى في عام 
3 استمد قوته أيضًا من صلاته بالسعوديين الذين أعطوه معاضًا منتظمّاء 
ومن تحالف أقامه مع الشيخ لورانس الشعلان» وهو ثري كبير» يملك نحو 
خمسين ألف رأس من الغنم وزعيم الرولة» وهي قبيلة بدوية مهمة 9 

في ظل حكم البعث» هبط وضع شريحة الشيوخ في العشيرتين اقتصاديًا 
وسياسياء لكن عشيرة الزعبية متفوقة في النفوذ الآن على آل الحريري. ويمكن 
أن يعزى ذلك جزئيًا إلى المنزلة التي اكتسبها أفراد العشيرة الأدنى مرتبة في 
حزب البعث. وفي الحقيقة» كان للزعبية» مصادفةً أو قصدًاء ممثلٌ في كل جناح 
بعشي رئيس من عام 1963. فموسى الزعبي الذي كان عضوًا في المجلس 
الوطني لقيادة الثورة في عامي 3 و1964 وقائد سلاح الصواريخ في عامي 
5 و1966» كان حليفًا باررًا لأمين الحافظ» أول رئيس بعثي للدولة. وكان 
محمد الزعبي» وهو معلم مدرسة سابق وعضو في القيادة القطرية لحزب البعث 
بين عامي 1964 و1966» مؤيدًا للواء صلاح جديد» رجل سورية القوي في 
النصف الثاني من الستيئيات. أمّا في جانب الرئيس حافظ الأسد منذ عام 1970 
فصاعدًا فهناك محمود الزعبي» رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال بين عامي 
1 و1978» وعضو (مرشح أو كامل) في القيادة القطرية لحزب البعث منذ 
عام 1975» ورئيس مجلس الشعب بين عامي 1986 و1987.؛ ورئيس الوزراء 
منذ حزيران/ يونيو 1987. 

فى جبل العرب أو محافظة السويداء» وهى منطقة أخرى تسود فيها 
الملكيات الصغيرة والمتوسطة (قبل الإصلاح الزراعي)» كان النظام العشائري لا 
يزال يت ضح يليم سن القرطلي الي اسه رد كن قد أضجف على لير درسو 
كما فى الحانيقع الصلة ف مسول جورت الدرج الدزوز اليك يرن نين نطلا 
عشائري تراتبي انطوى على توزيع متفاوت للهيبة والسلطة الاجتماعية. شكلت 
عشيرة آل الأطرش أعلى طبقة في هذا التراتب. وضمّت ثلاثة فروع عشائرية 


(96) حديث مع ابن الشيخ أحمد جمال الحريريء أيار/ مأيو 1980. 


69 


رئيسة”» وعاشت فى ما لا يقل عن ست عشرة بلدة ريفية وقرية وسادت 
فيها!09. كانت قاعدة نفوذها فى جنوب جيل العرب الذي مارست فيه» مع بعض 
التقطعء سلطة فاعلة إلى هذه الدرجة أو تلك وفي أغلب الأحيان عملي أكثر 
منها رسميًا - بين متتصف القرن التاسع عشر وعام 1963. وكان نفوذها ملموسًا 
أيضًا في الأجزاء الشمالية من الجبل» لكن كان عليها هنا أن تنافس عشيرتين 
أخريين جاءتا بعدها فى الأهمية: آل عامر*”) الذين كانوا مؤلفين من ست 
مجموعات متفرقة2"9 وكان لهم شأن في إحدى عشرة قرية”"؛ والحلبية الذين 
كانت لهم المكانة الرفيعة أو تقاسموا تلك المكانة في قرى عدة في وادي 
اللوا 1 وروت مكانة عشيرتين» هما آل أبو عساف1018) وآل أبو فد 
لأنهما قدّمتا كثيرًا ممن شغلوا مناصب قضائية في الريف الدرزي. 


أمَا من حيث النفوذ الديني فلم يستطع» ولا يستطيع أحد أن يجاري آل 
الهجري من قنوات وآل الحناوي من سهوة البلاطة وآل جربوع من السويداء؛ 
الذين قدّموا أجيالا عدّة من مشايخ العقل» وهم أعلى زعماء دينيين لدى 
الدروز. وإنه لأمر ذو دلالة أن خط التمييز في المجال الاجتماعي لم يتطابق 
مع ذاك الذي للدين» والذي ميز مشايخ العقل ورجال الدين الأدنى مرتبةً منهم 
الأجاويد ‏ عن جمهور الجَهّال. ولا يوجد في جبل العرب سوى ثلاثة 
مشايخ عقلء لكن هناك مئات الأجاويد. وهؤلاء لهم في كل بلدة ريفية 
زعيمهم الخاص - السايس - وهو منصب يميل إلى أن يكون ورائيًا في العائلة 
1 وعلى الرغم من أن آل الأطرش وآل عامر والحلبية شغلوا مكانة رفيعة 

في السلم الاجتماعي» لكنهم كانوا ينتتمون» من وجهة نظر دينية» إلى طبقة 


(97) آل إسماعيل وآل نجم وآل حمود. 

(98) السويداء وصلخد والقريًا وقيسما وعنز وعرى ورساس وعرمان وملح وصميد وأم الرمان 
وعوس والعئاة والهويا وذيبين والغارية. 

(99) تعرف أيضًا باسم العوامرة. 

(100) جماعات بشير وخمري وأسعد وفارس وقبلان ودعيبس. 

(01) شهبا ونمرة وعمرة والمتونة والسويمرة والبئينة والهيت والهيات وتعلا ومردك وبريكة. 

(102) يما في ذلك الصّورة والثعلة والهيت. 

(103) عاش آل أبو عسافء وكانوا مسيطرين في قرى سليم وولغا وعتيل. 

(104) كان آل أبو راس مسيطرين على قرية الرحى. 


00 


الجهال؛ باستثناء قلة قليلة منهم ممن تلقوا تعليمًا في المعرفة الدرزية الباطنية. 

تهددت المكانة الاجتماعية للعشائر المسيطرة تهديدًا جديًا أول مرّة فى 
عام 1889. فالفلاحون الذين لم يكونوا يتمتعون بأي حقوق ملكية» والذين 
تحرّكوا في البداية بتحريض من منافسي الزعيم الأعلى لآل الأطرشء انقلبوا 
على جميع مشايخ القرى» وأبعدوهم عنهاء واستولوا على الأرض. وتوصضل 
الزعماء الدينيون إلى تسوية لم تعمر طويلاء فانتعشت شت ثورة الفلاحين من 
جديد وازدادت حذة» وفي عام 110 طُرِدَ مشايخ القرى مرة أخرى. ٠‏ وفي 
هذه المرة» لجأ آل الأطرش إلى العثمانيين الذين تدخلواء وأعادوا المشايخ 
إلى موقعهم القديم. لكن إحدى النتائج الباقية للثورة كانت تغيير العلاقات 
الزراعية» حيث حصل الفلاحون على الحق في الملكية؛ ومنذ ذلك الوقت 
فصاعدًا أصبح كثيرون منهم ملاك الأرض. 

ساعدت قوة الرابطة الدينية المشتركة بين العشائر في استعادة الانسجام 
بينها. وكان للمحاولاات التكررة فين الحكوماتد العثمائية والفرنسية 
والسورية - لإخضاع الجبل الأثر ذاته. وتعزّز التلاحم الاجتماعي أيضًا نتيجة 
ضيق المسافة الاقتصادية بين العشائر المختلفة. ذلك أنه لم يتوافر بين أيدي 
آل الأطرش أو آل عامر قط ثروات كبيرة» وكان الفلاحون الدروز عمومًا 
يحصلون على مستوى حياة مقبول من أرضهم البعل» ولكن في الأغلب ليس 
قبل صراع معها حتى آخر حبة يمكن أن تمنحها. وهناك عامل آخر ساهم على 
المدى الطويل في تماسك موقف العشائر البارزة» هو اشتراك كثر من أعضائها 
في ثورة الدروز (1927-1925) ضد المحتلين الفرنسيين. وبالطبع» كانت 
هيية أولئك الأفراد هي التي تعزّزت في المقام الأول» لكنهم كانوا ممثلين 
أصيلين للنظام العشائري. وكان مكسبهم المعنوي بالنتيجة مكسبًا لعشائرهم. 
على الرغم من أن بعضهم كان ذا ميول قومية» وكانت الثورة نفسها قد اندلعت 

تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع52!0. 


(105) تستند التعميمات في الفقرات الثلاث السابقة إلى محادثات في حزيران/ يونيو 5 مع 
فلاحين دروز» بمن في ذلك خمسة من شهبا واثنان من آل الأطرش ‏ جبر الأطرش ونشأت الأطرش - 
وكذلك إلى بيانات في: رثآ 406/46/4694 0 :ه0111 موتعده؟ ,متهاتي8 امع 

رسالة بتاريخ 25 آذار/ مارس 1921» من القنصل بالمرء دمشقء إلى إيرل كيرزون («مسد0 1:ه8)ء - 


71 


نك 


يمكن إدراك المغزى الاجتماعي لثورة 1927-1925 من حقيقة أن 
معظم البعثيين الدروز الذين حققوا شهرة وطنية في الستينيات تحدروا من بين 
المشاركين البارزين فيهاء وتحديدًا حمد عبيد وشبلي العيسمي وسليم حاطوم؛ 
وأخيرًا منصور الأطرش. 


كان حمد عبيد» وهو سليل عائلة من الوجهاء الريفيين وملاك الأرض 
المتوسطين من السويداء وابن أحد شهداء ثورة 1927-1925 وحفيد على 
عبيد أحد أبرز المشاركين فيها©"'©؛ عضرًا فى القيادة القطرية لحزب البعث 
واللجنة الععسكرية البعثية أو المكتب العسكري بين عامي 1963 و1966» 
وقائد اللواء 71 المدرع في قطنا في فترة 1964 - 1965 ووزير الدفاع في 
عام 5. 


أما شبلي العيسمي» وهو معلم مدرسة سابق وابن قائد آخر من قادة ثورة 
الدروز ‏ هو يوسف العيسمي الشيخ والمالك من قرية امتان ‏ فكان عضوًا في 
القيادة القطرية لحزب البعث بين عامى 1964 و2921966. 


وكان سليم حاطوم. وهو ابن شقيق كامل وفواز حاطوم اللذين «ماتا 
شهيدين» وابن ذوقان حاطوم» وهو مدير للإحصاء ومالك متوسط من قرية 


لندن؛ والوثيقة رقم: 9 8 ,406/57/4694 580؛ رسالة بتاريخ 31 كانون الثاني/ يناير 26 19» من 
القنصل سمارت (5:80)) دمشقء إلى السير أوستن تشامبرلين (هنقاءءط هط معادداة :51)» لندن؛ والوثيقة 
رقم: 2571/89 8 ,371/52889 50 رسالة بتاريخ 8 أذار/ مارس 1946؛ من شون (55056). البعثة 
البريطانية» بيروت» إلى إرنست بيفين (دالاع8 056م5)؛ لندن؛ أبى راشد.ء جبل الدروز» ص 44-42 
103 و206-178؛ أبو صالح ومكارمء تاريخ الموخدين: ص 0 -372؛ ظافر القاسميء وثائق 
جديدة عن الثورة السورية الكبرى 1927-1925 (بيروت: دار الكتاب الجديد؛, 1965)): ص 
2 - 2167 ومقابلات 1100 0 ود. جبر الأطرش مع منصور الأطرش: 1 .مه ,1 .ام؟ ,إملس8! «ببه 
,6-14 .هم ,(1984 (أة). 

(1101 :0 هى لسان حال الجالية الدرزية العالمية» نوكسفيل» تينيسي). 

(106) حديث مع حمد عبيد في 30 حزيران/ يونيو 1985. في شأن سيرة علي عبيد ودوره في 
ثورة 1925 -1927» انظر: أدهم آل جنديء تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي (دمشق: 
مطبعة الاتحاد» 1960)) ص 244. 

(107) عن دور الشيخ يوسف حمد العيسمي في الشورة؛ انظر: آل جنديء تاريخ الثورات 
السورية)» ص 243. 


72 


ذيبين في قضاء صلخد ومشارك فاعل في ثورة الدروز*"": قائد إحدى 
وحدات المغاوير الرئيسة فى «ثورة4 1963 وانقلاب 1966. وعضوا فى 
القيادة القطرية لحزب البعث فى فترة 1965 -1966. 


أما منصور الأطرشء, وهو محاضر سابق في الأدب العربي في جامعة 
دمشق وأحد أبناء بلدة القريًا وابن سلطان باشا الأطرش أبرز شخصية في 
ثورة 1927-1925" فكان عضو في القيادة القطرية لحزب البعث من 
104 إلى 6. 


كان منصور الأطرش البعثي الدرزي الوحيد المعروف الذي تحدر من 
عشيرة درزية رفيعة المكانة. أمّا عبيد والعيسمي وحاطوم فجاءوا من عشائر 
ذات مكانة متوسطة. وجاء البعثيون الدروز الذين وصلوا إلى عضوية القيادة 
القطرية لحزب البعث في ظل حكم حافظ الأسد. أي منذ عام 1970 وهم 
حديثة مراد”» وحمود القباني وتوفيق صالحة ‏ من عائلات متوسطة أو أقل9'". 


بقي الحس بالعشيرة قويًا بين الدروز الأرستقراطيين بعد مجيء البعثيين 
إلى السلطة. على سبيل المثال؛ ما زال لعشيرة الأطرش التي تعد الآن نحو 
خمسة آلاف فردء زعيمها الخاصء هو الأمير سليم الأطرش الذي ألبسه «عباءة 
الزعامة» فى عام 14 مشايخ العقل الثلاثة فى جبل العرب2110, وبالمثل» 
يواصل آل عامر تعيين أمير لهم (نوّاف عامر) في شهبا2'". لكن موقع هؤلاء 
ذلك. تعتبر الروابط العشائرية بين الفلاحين الدروز العاديين الآن أقل أهمية 


(108) حديث مع عاطف وعادل حاطوم, أيار/ مايو 1985. 

(109) عن سالطان الأطرش وأعماله الثورية» انظر: آل جنديء تاريخ الشورات السورية» 
ص 233 -234. وعبد الرحمن الشهبندرء ثورة سورية الكبرى: [أسرارها وعواملها ونتائجها: ننبؤات 
خطيرة عن كارثة فلسطين الحاضرة] (عمان: دار الجزيرة» [1940])»: ص 81-51. 

(:) كان حديثة مراد في القيادة حتى عام 1970» واعتقل عام 1971 مع من تبقى من القيادة 
السابقة وبقي في السجن حتى التسعينيات» وهذا واضح في الملحق الذي يضعه المؤلف في آخر الكتاب. 

(110) مراد والقباني ابنا ملاكي أراض متوسطين؛ وصالحة ابن فلاح صاحب أرض صغيرة. 

(111) محادثات مع د. جبر الأطرش ونشأت الأطرشء حزيران/ يونيو 1985. 

(112) محادثات مع فلاحين من شهباء حزيران/ يونيو 1985 


03 


بكثير من رابطة الدين أو المنطقة أو القرية. وانخفض احترامهم على نحو 
ملحوظ للعشائر الأرستقراطية القديمة. وكما عبّر فلاح درزي من شهبا عن هذا 
الأمر في عام 1985 للمؤلف: «في الماضي كان آل عامر في وضع يذلّون فيه 
الجميع؛ والآن يستطيع فلاح بسيط أن يذل آل عامر». 

لكن الأهمية السياسية المتواصلة التي تتمتع بها العشيرة انكشفت 
على نحو فاضح في سلوك اللجنة العسكرية البعثية التي شكّلت مركز 
الثقل في النظام البعثي بين عامي 1963 و1966. ويحسب منيف الرراز 
الذي كان أميئًا عامًا لحزب البعث: «وكما فعلت [اللجنة العسكرية] في 
الحزب المدني» فقد أدخلت الكثير من الأعضاء في التنظيم دون أي 
توجيه حزبي سابق» بسبب من قرابتهم أو صداقتهم أو انتمائهم 
العشائري22'2. كان الرزاز يشير أساسّاء وإن لم يكن حصرّاء إلى سلوك 
الأعضاء العلويين فى اللجنة العسكرية. وظهرت نزعات مماثلة في الفترة 
التي اقترنت بحافظ الأسد في أثناء إعادة تنظيم الجيش وسلك الضباط 
وما رافقهما من تشكيل وحدات ضاربة ذات أهمية سياسية خاصّة» كما 
سنبين في الفصل الثامن عشرء حيث سنقوم بمحاولة للتعمق في بنية 
السلطة في سورية. 


الفلاحون مالكو الأرض والفلاحون غير المالكين 
وملاك الأرض الحضريون التة لتقليديون» والمستثمرون الحديثون 
يمكن التمبيز اقتصاديًا أيضَاء وبالطبع» بين السكان المزارعين. الخط 
الأول الذي يمكن رسمه هو بين أولئك الذين يملكون الأرض والذين لا 
يملكونها. وهناك خطوط تمايز أخرىء. لكنها خطوط تشابك أيضًاء بين 
الملاك الكبار والمتوسطين والصغارء أو بين ملاك الأرض الذين لديهم 
مصدر ماء وافر أو منتظم إلى هذه الدرجة أو تلك» وأولئك الذين له يزالون 
يعتمدون على الظروف المناخية المتقلبة» أو بين ملاك الأرض الأغنياء 
(113) منيف الرزازء التجربة المرة (بيروت: دار غندور للطباعة والنشر والتوزيع» 7). ص 131. 


704 


اك ييه 


ماليّاء وأولئك الذين لا يملكون إلا رأسمال متوسطًا أو صغيرًا أو لا 
يملكون رأسمالا قط. لا يعني الحرمان من ملكية الأرض بالضرورة العجز 
الاقتصادي؛ فمن بين الأشخاص ذوي الأهمية المتزايدة فى الحياة الزراعية 
السورية بعد عام 1973 المستثمر الذي لا يملك الأرض في الأغلب» بل 
يؤجرها أو ببساطة يأتي برأسماله على شكل مال وآلات حديئة للقيام 
بالإنتاج. 


يمكن الاستدلال على الوزن العددي النسبي للمجموعات الاقتصادية 
المتنوعة من الأرقام الواردة في الجداول (1-2) و(2 -2) و(2 -3). ولا 
توجد بيانات رسمية عن توزيع حيازات الأرض الخاصة للفترة التي تلت 
1971-0» لكن الأرقام في الجدول (2 - 3) والمتعلقة بالحالة العملية 
للسوريين العاملين في الزراعة وتربية الحيوانات والحراج لها قيمتها في الفهم 
العام للبنية الطبقية في الريف السوري في الثمانينيات وأوائل التسعينيات. 


«العاملون بأجر؛ الذين يمكن تشغيلهم على أساس موسمي أو دائم» 
و«العاملون بأجر عيني»» و«العاملون لدى الغير من دون أجرة هم عموماء 
بلا أرض. لكن فئة «العاملين بأجر أو راتب» تشمل عددًا قليلا نسبيًا من 
المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين ومديري المزارع والمرشدين 
الزراعيين الذين قد يملكون أرضًا. في الحقيقة» أعطيت الأولوية في توزيع 
أر اضي الإصلاح الزراعي لحملة الشهادات في الزراعة والميادين الفنية 
ذات الصلة. و«العاملون بلا أجر لدى العائلة» هم ذرية الفلاحين الملاكين 
الصغار أو المتوسطين» وهم في معظم الحالات الورثة المتوقعون لحيازات 
ليست كبيرة بما يكفي ليعيشوا منها. والأغلبية العظمى ممن يعملون 
لحسابهم هم فلاحون أصحاب أراضٍ صغيرة يملكون. عموماء أقل من 
عشرة هكتارات (لكن هذه المساحة تزيد في المناطق ذات الهطول المطري 
القليل)» ويمكن أن يقسموا إلى أصحاب حيوانات الجر والآخرين - وهم 
الأقل عددًا والأفقر ‏ الذين يجب عليهم» أو كان يجب عليهم في الماضي 
قبل إنشاء التعاونيات المحلية في قراهم» أن يعتمدوا في الفلاحة اعتمادًا 
تامًا على قوتهم البدنية. 


75 


يشمل «أصحاب العمل؟ الفلاحين ملاك الأرض الأغنياء والمتوسطين» 
وملاك الأرض الزراعية الحضريين التقليديين؛ وملاك الأرض أو 
المستأجرين الحديثين» أو ببساطة المستثمرين أصحاب الآلات أو موظفي 
الأموال. وبالطبع» فإنْ طبقة «أصحاب العمل»؛ منذ 1963» لم تعد مكوّنة 
من الأفراد الذين كانوا عناصرها الأساسية قبل عام 1958 إلا جزئيًا 
فحسب. وبعبارة أخرى» غادر الطبقة أفراد أو عائلات ودخلها سواهم على 
نطاق واسع. أمّا المستثمرون فهم الحامل الرئيس لتقدّم الرأسمالية في 
الزراعة» ويتألفون. عمومًاء من كبار ملاك الأراضي أو المستأجرين» ولا 
سيما في المناطق المروية أو مناطق الهطول المطري الكبير؛ وهذا يعني 
ملاك أو مستأجري ما يزيد على مئة هكتار» أو أصحاب الأراضي الشركاء 
في الأرضء أو الشركاء الممولين» أو الشركاء في كل من الأرض والتمويل 
(انظر الجدولين (2 -1) و(2 -2)). 

الانخفاض الحاد في عدد «أصحاب العمل» و«العاملين بأجر؛ بين عامي 
0 و1972 والزيادة الحادة المتزامئة معه في عدد الذين يعملون لحسابهم 
والعاملين بلا أجر لدى العائلة اللذين يعكسهما الجدول (2 - 3) هما بوضوح 
نتيجة إجراءات الإصلاح الزراعي في عامي 8 و1963. ومن 0 
أن هذه هي الحال أيضًا بالنسبة إلى التحوّلات المهمة في نموذج تملك 
الأرض الذي يعكسه الجدول (1-2). 

يبين الجدول (2 -4) السقوف أو الحدود العليا المتعاقبة لملكية 
الأرض الخاصة التي حددتها مراسيم . عامي 1958 و1963 50-07 
عناصر تأثيرهاء غير تلك المحددة آنقاء من الجدولين 20 -5) و(2 06 
اللذزين يبرزات عددًا من الحقائق . أولى أثر الإصلاح الزراعي الكبير لعام 
8 في 3247 شخصًا شكّلوا 1.1 في المئة فقط من إجمالي ملاك 
الأرض» لكنهم كانوا يتحكمون في أكثر من ثلث الأرض المستثمرة في 
سورية. أمَا مرسوم عام 1963 فأثر في 1372 شخصًا آخر. ووصلت 
مساحات أراضيهم الخاضعة للإصلاح إلى 48767 هكتارًا. انيّاء أحدثت 
الإصلاحات أعمق تأثيرها في البنية الزراعية لمحافظات القنيطرة ودمشق 
والحسكة وحمص والرقة وحلب وإدلب وحماف ولكنها لم 


/6 


بد وك يسم 6 توك برسم م تسم | (حم) ١ع‏ ريصم المصسم لحمو حبكت (إ) 

1م - صوق “كت تر ميج نبكككر الكيم) يسمي 

جوت - ريع بعكم :مع ]اومن جتلوركك ممعم تي مقو كر سحي بسكم بك ديق كسمم تكسم يت كقسضم :0ك ( 26 - 06 ممم 
261 (لزقظ إرهنزا: 15 الزلرإنا,ك [لددة' 61ي8)" 0 ج؟9' 

ر23]30: 8/6031] 01ا3104!15 10 00!18013(111ا8] بايزعإنة' [61وغ])' 0' وع' "نام ملالكاق 57" 84689" ,)ات 5310/01/02 طر 2101 02477 0ط 0012420غلاقلاز 221/19 

22300 الزاكنإناةك اطلام [إن/0دئنا هلام 00[242ئلاقلاز إلا زإاة إنزا]3 11583 2 وبااتا 0 7083 ؟)/ل!ت' طلام 867 (10-1م0نا؟ يزهحد :“5 61 ] م نا وسكة ا 


اننا لاا نتن هانمتا اانا اننا لفن 


48و 
00 1 
ل 60 
__ 


اعم »ع ع ع تي لللياة 
>« غا سكت ال سل كتداعك عي 


مركم كم صيلس 56100 
كسم إحوضم | وكسم زر كسم أحكضم | دم | كسم إحكضم] ذم | 856 لو نم | صم 
خم | يسح | يسيم خسم | يصاصم | يسيم يضمن سس | سم كسم | جومم َ 5 
جعي يي عي 0 كسم | صكضم | كخم 
يضم احم 


(خ)ىةغع- 061 0261-4661 0261-46 عمى لامير يسيم الها -- 


و كر رمسم كسم وك روكت سم جا بصم و ل “مرجم رذ بوكس جرورته انميع 





(كص حيرة) 61-61 ع0؟ رووة؟ إزوو] فلكم ف يسوجم بيع جره لويم 
(<ع) ممصم 


نقطة 2676 


الحدول (2-2) 


أصحاب الأراضى ومساحاتهم من الحيازات فى فترة 1971-1970 بحسب 
توزيع عائد الحيازات الاقتصادي 


















مساحة الحيازات (بآلاف الهكتارات) 


أرض غير قابلة أ ايل زرا | النسبة 
زرا مسو 
تك ال 


حائزون 00 
26038 
عائلاتهم 
حائزون شركاء في 
20013 
حائزون 0 
0ظ000ظ2 
ا 
17 
ممولون 
حائزون شركاء ة 
ب 37 7 57 
العمل والأرض 
حائزون شركاء 
في 22317 
العمل والتمويل 
حائزون شركاء في 
90718 
الأرض والتمويل 


دود 00 


المصدر: استنادًا إلى أرقام ذ في الجمهورية العربية السورية» وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيء نتائج 
التعداد الزراعي: 0 -1971غ» ص 30. 34: 38غ. 42غ 2.46 250 2.54 58. 462 و66. 














08 


709 





5 - 2 
ست | ست | ست ع سم م 5 8 


556 


اياي م إعم اسيك اس سي ست يت ال | اما 
ساسج أ سح ا سح ا« ا عم 


وكيم كمم ايصمم وبين | ينين ويم كم مم 
1661 5 6261 : 6 لل[ ممع 1 
وكيم يسور | 0 يقيين سن || لان م ويسم وتسم | م 
وتجسمر ووصم 


61661 66861 58861 52461 0961 ليم 3 
يترعمهم | لسهيم بح ص 2 كسم © جار كتصم| يتتكو؟ رص 6م “كو كسمم تكسم 
9 -2) مممصم 


البخيصم ممم فك “أور كمي مو بروص لقم صصص مرصس عم جكية جر ([سصمم) ف (6) 
وى لوي 6" 


كي كسم يتسويي واكك ار مون لمر عب جو “لج رمن 6 جمس تر “بسي جر كبنص عتم رو جسم لح رتبت حصي قي يتنو 6ك ]سم 
وك ف جك عجر ججه جو «بسركم تمت 6و6 رورج صد عو كسم "تر *رووع» اوجن قري تر بورك ججحب عوبطم ضيه رضت رس) 


يو م “سم وك تي مجم جو كومم كي ومست 3و6 مم للم (0) 
ممصم فر مرسمة لم روصم بكرو ل صصص مسر ل يتن روصم جر مركم ل (لذ) 
“سيكرس ع مون عرمصية “تووم جر لضب رك ل رمع 


يكس كع جسم خسم مصيزة . (]) 


530 


“وج> هوثت درووو الوم 
يممسسم | بحسم يقر مار بي ندم © زع 0 “كت د عن العم كسس رابسم بيت سحي كسم 1 0م - ]0و كت :([] 6و م] دو سيم كوكم مشسوممم| 
جم وووو لوم يكسم بتكبسمر بترمصصي ووكسطدم) وج 0 جع مي كم دز[ مم ج] «مسصامم كوكم نيوسم اكيم ) عمج معي و هسم ميم 
اب أل دعم كوم به كسبنع | وكيم يش سس رجتعم| جمد لوجم :و سام بكم يوسم :ه46 انس يسسوو وي كسس يكيم يلطم ذم وم - وو 6 
اوع - روج "كك در ووم نتوين :طسبم ووو لصم مجحمم لصم مرمصممر دعصم © م رسصصسيم | بكترم دجسم و6 ؟6 ديت كسمم يتةكيم روطم :نج ممم 


ن اق © طدرزة 


تعكّر نمط ملكية الأرض إلا قليلًا في محافظات اللاذقية وطرطوس والسويداء 
(جبل الدروز) ودرعا (سهول حوران). أمّا في محافظة دمشق فلم يتأثر وضع 
الغوطة إلا اسميًا: إذ لم يصادر إلا 2960 هكتارًا من مساحة الغوطة البالغة 
0 ألف هكتار”'". ومن الواضح تمامًا أيضًا أن الإصلاحات شملت 22 في 
المئة من الأرض المستثمرة في سورية» وحتى عام 1975» لم توزع الدولة 
على الفلاحين سوى 33.3 في المئة من مجموع الأراضي المصادرة» 
واستبعدت وباعت 5 في المئة وخصصت 18.1 فى المثة للتعاونيات 
والوزارات المختلفة. وظل الباقي غير موزع والظاهر أن الكثير منه قد أُجَر. 
ولم تقدم الدولة أي بيانات إضافية ذات صلة في ما بعد على الرغم من 
الخفض الإضافى فى الحد الأقصى لحيازات الأرض المملوكة فرديًا بموجب 
مرسوم في عام 2191980. 

مع أن عدد أصحاب الحيازات ازداد من نحو 292273 في عام 
8 إلى 468539 في فترة 1970 -1971» أي بأكثر من 60 في المثة) 
فإن نظام الحيازة الناشئ استمر في كشف تفاوتات صارخة. كما هو واضح 
من الجدول (1-2)» فإن مالكي ما يقل عن عشرة هكتارات؛ عدا من 
لديهم حيازات مختلطة» شكلوا 75.4 في المئة من جميع ملاك الأرض في 
فترة 1971-1970. لكنهم لم يملكوا سندات ملكية إلا ل 23.5 في المئة 
من المساحة الإجمالية للأرض الزراعية المملوكة بالكامل ملكية خاصة. 
أمَا الأرض المؤجرة فكانت موزعة على نحو أكثر تفاونًا: فكان 1.9 فى 
المئة من جميع أصحاب الحيازات بالويجار يتحكمون ب 35.3 في المئة 
من جميع الأرض المستثمرة بالإيجار. 


)2114 للاطلاع على آثار الإصلاحات الزراعية في الغوطة؛ انظمر: معغاعهه! عصصمف8» ,وسومدن8 

89 .م «ركقتاتة1]0 06 هاباه010 15 كمول عأمعتمهة عناوتالامم أء 

(15 ( وبالتالي كرر المكتب المركزي للإخصاء في المجموعة الإحصائية السنوية السورية 

لعام 24».» ص 2109 أرقام عام 5. استنادًا إلى الاتحاد العام للفلاحين» بموجب مرسوم عام 

0 تم الاستيلاء على ما مجموعه 44040 مكتازرًاء» لكن الاتحاد لم يشر إن كانت هذه 

المساحات قد وَزّعت وكيف: الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السابع (دمشق: الاتحاد العام 
للفلاحين» 1 ) ص 82. 


81 


الحدول (4-2) 


الحد الأقصى للحيازات المملوكة فرديًا بموجب قوانين الإصلاح الزراعي أو 
مراسيمه لأعوام 1958 و1963 و1980 






















1- القانون رقم 161 بتاربخ 27 أيلول/ سبتمبر 1958: 
0 هكتار من الأراضي البعل أو 80 هكتارًا من الأراضي المروية أو 
الأراضي المشجرة:؛ مع الحق بنقل عشرة هكتارات من الأراضي المروية أو 
0 هكتارًا من الأراضي البعلية لكل ولد أو زوجة حتى 40 هكتارًا مرويًا أو 
0 هكتارًا بعليًا. 





2- المرسوم التشريعي رقم 88 بتاريخ 23 حزيران/ يونيو 1963 وتعديلاته بموجب 
المرسوم التشريعي رقم 31 بتاربخ 14 أيار/ مايو 1980 مبينة بين قوسين. 

أ الأراضي المروية: 15 إلى 55 هكتارًا (15 إلى 45 هكتارًا) 

5 هكتارًا في منطقة الغرطة؛ 20 هكتارًا في منطقة الساحل؛ 25 هكتارًا في 
سهل البطيحة؛ 40 (30) هكتارًا في بقية الأراضي المروية بالراحة؛ 50 
(40) هكتارًا في الأراضي التي تروى بالرفع بأي واسطة من أنهر الفرات 
والخابور والدجلة؛ 55 (45) هكتارًا في الأراضي التي تروى من مياه الآبار 
في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة؛ 45 (35) هكتارًا في بقية الأراضي 
التي تروى بالرفع. 

ب الأراضي البعلية المشجرة: 35 إلى 50 هكتارًا (30 إلى 45 هكتارًا) 
بين 35 و45 (30 و40) هكتارًا في محافظات اللاذقية (وطرطوس) ومن 
0 إلى 50 (35 إلى 45) هكتارًا في المحافظات الأخرى حسب عمر 
الأشجار والمسافات بينها. 
ج ‏ الأراضي البعلية: 80 إلى 300 هكتار (55 إلى 200 هكتار) 


0 (55) هكتارًا في المناطق التي يزيد فيها معدل الأمطار على 500 مم؛ 


562 


0 (85) هكتارًا في المناطق التي يتراوح فيها معدل الأمطار بين 350 
و500 مم؛ 200 (140) هكتار في المناطق التي يقل فيها معدل الأمطار 
عن 350 مم؛ و300 (200) هكتار في محافظات الحسكة ودير الزور 
والرقة. (يحق للمالك أن يحتفظ هو أو ورثته من بعده بالحد الأعلى للأرض 
البعلية إذا شجر أرضه البعلية بعد تطبيق القانون [1980] أو حوّل أرضه 
البعلية إلى مروية بمياه الآبار» ولكن ليس إذا حوّلها إلى أرض مروية مستفيدًا 
من مياه الأنهار أو مشاريع الري التي تقوم بها الدولة). 


يحق للمالك أن يتنازل لكل من أزواجه وأولاده بما يعادل 8 في المئة 
فقط من المساحة التي يحق له الاحتفاظ بها. 


منذ تراجع سورية عن الراديكالية في عام 20 ت2) حدث انقلاب في 
بعض الاتجاهات التي ولّدها الإصلاح الزراعي» وكان ذلك جزئيًا نتيجة مزيد 

من الهجرات من الريف. فعلى امتداد العقد المنتهي في عام 1 انخفض 
عدد حائزي الأرض بنسبة 5.3 في المئة (انظر الجدول 2 -7). ا 
شك في أن النتقص العددي المطلق حدث أساسًا في صفوف الفلاحين 
أضعات الملكيات الصغيرة» أي بين الفلاحين الذين يملكون أقل من عشرة 
هكتارات. وكانت حيازاتهم غالبا صغيرة جدّاء ففي فترة 0 -1971. كان 
مالا يقل عن 23.6 في المئة من الفلاحين المنتمين إلى هذه الطبقة والبالغ 
عددهم 292983 يملكون أقل من هكتار واحد, و19.5 في المئة غيرهم 
يملكون أقل من هكتارين''» حتى إِنْهم في كثير من الحالات» ولا سيما في 
سنوات الجفاف أو المواسم السيئة» لم يكونوا قادرين على تحقيق ربح معقول 
أو حتى استرداد المصاريف الضرورية» واضطروا إلى تأجير أراضيهم لمزارعين 
أكبر أو لمستثمرين وقطعوا صلتهم بالأرض. وقد أعطى هذا صعودًا لظاهرة 
لافتة هي غياب مالك الأرض - الفلاح. يبدو أيضًا أن بعض المزارعين الصغار 
انفصل عن أراضيه مستسلمًا لإغراء أسعار الأرض المرتفعة في جوار المدن. 


نتائج التعداد الزراعي: 1970 -1971. ص 168. 


53 





7 


الجدول (5-2) 


التصرف بالأراضي المستولى عليها بموجب قوانين الإصلاح الزراعي 
حتى عام 1975 (بآلاف الهكتارات) 


مروية ومزروعة 
بالأشجا 







أراض مخصصة للجمعيات 





والوزارات المختلفة 


أراض مستبعدة ومباعة 


ل ل ار 


مجموع مساحة الأراضي 
1.8ظ1 
المستولى عليها 


المصادر: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 1984: ص 132» والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994» ص 109. 
في العقد ذاته» انخفض قليلًا أيضًا عدد أصحاب الآلات الزراعية الذين 
بلا أرض (ولكن ليس بالضرورة بلا دخل من الأرض) مع أن ملكية مثل تلك 
الآلات لم تكن منتشرة على نطاق واسع: ففي فترة 1971-1970 لم يكن 
سوى 50759 شخصًا يملكون آلات زراعية (معظمها مضخات ري)» في 
حين كان 468539 يحوزون أرضًا”'". وعلى العكس. ارتفع عدد الجرارات 
الزراعية المستخدمة في القطاع الزراعي الخاص بين عامي 0 و1980 
من 8642 إلى 19511» وعدد الحصّادات والدرّاسات والحصّادات ‏ 
الدرّاسات من 1339 إلى 2319'". وهذا يفسّر لماذا انخفض عدد «حائزي 











(117) الجمهورية العربية السورية وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيء نتائج التعداد الزراعي: 
1971-0 ص 158. والجدول (2 -1) فى هذا الفصل. 

(118) الجمهورية العربية السورية؛ وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيء نتائج التعداد الزراعي: 
1971-0»ء ص 158ء والمجموعة الإحصائية الزراعية السنوية» 1981 المرحلة الأولى ‏ بيانات 
أساسية (دمشق: الوزارة» 1972)» ص 326 - 327. 


عن 


الحيوانات فقط؛ بما يعادل 24.5 في المئة في ذلك العقد. يمكن تخمين 
مدى تقدّم المكننة في السنوات اللاحقة من حقيقة أنه» بحلول عام 1993» 
كان ما لا يقل عن 72782 جرارًا و4798 حضادة ودرّاسة وحصادة ‏ دراسة 
قيد الاستخدام في القطاعات الزراعية: الخاص والعام والتعاوني19. ومن 
غير الواضح ما نسبة هذه الآلات في كل قطاعء لكن ليس هناك سوى القليل 
من الشك في أن القطاع الخاص قد امتلك حصة الأسد220. 


في أي حال؛ تعاظمت ثروات المزارعين والمستثمرين المتوسطين والكبار 
المترسملين بعد عام 1970: حتى عندما أصبح وضع الفلاحين أصحاب 
الحيازات الصغار أقل أمنا. وكما هو واضح في الجدول (2 -3) فإن 
«أصحاب العمل؟ الزراعيين ازدادوا من 25850 في عام 1972 إلى 49690 
في عام 1984.» وإلى 137004 في عام 1989» لكن عددهم هبط قليلا إلى 
2 في عام 1991. والأسباب واضحة تمامًا. فبفضل امتلاك الرأسماليين 
المزارعين للمالء كانوا قبل عام 1958» وأصبحوا بعد عام 1970» أقدر من 
أي طبقة أخرى على استخدام الأسمدة الاصطناعية والآلات الحديثة بكفاءة» 
والحصول من أرضهم على غلّة أكبر بعمل أقل وتكلفة أدنى؛ وجني منافع 
الإنتاج المتنوع أو التربية المكثفة للمحاصيل الصناعية والأطعمة الفاخرة. 
ومكنتهم المدخرات التي تراكمت من الأموال التي كسبها أفراد من العائلة في 
السعودية ومنطقة الخليج من استثمار رأس المال الجديد في الزراعة وإنتاج 


(119) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراءء المكتب المركزي للإحخصاء. 
المجموعة الاحصائية السنوية السورية لعام 4 :» ص 144. 

(120) استنادًا إلى: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراءء» المكتب المركزي 
للإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994, والمجموعة الإحصائية السنوية السورية 
لعام 1971 ص 130. عند نهاية عام 1970» كان عدد الجرارات الزراعية المسجلة 73 وعدد 
الحصّادات والدرّاسات والحصّادات ‏ الدرّاسات 2084. عند مقارنة هذه الأرقام بتلك المأخوذة من 
التعداد الزراعي لعام 1971-1970 المستشهد بها في الننصء فإنها توحي بأن 56.8 في المثة من 
الجرارات و64.2 من الحصّادات والدرّاسات والحصّادات ‏ الدرّاسات كانت ملكية خاصة. مفترضين 
أن الإحصاءات المعنية خالية من العيوب. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن اتحاد الفلاحين لم يملك في عام 
0 سوى 797 جرارًا من أصل 671628 أو 1.3 في المئةء و47 حصضّادة من أصل 4131؛ انظر: 
الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السابع» ص 238 و240. 


85 


الحدول (6-2) 


العناصر الإضافية لأثر الإصلاح الزراعي كما انعكست في البيانات الرسمية 
الوحيدة المتوافرة للعموم حتى نهاية عام 1995 (المساحات بآلاف 
الهكتارات) 





اده إسد ]نت إنه إسافه إبستل»»ة اد إسد اس اه 


بيانات واردة في كتاب: منير الشريف» قضية 0 في سورية (دمشق: [د.ن.]ء 1961)): ص 107. 
الأر قام الآخر ى مأخو ذة من : 001/171671/2172 علاط ,ته نأقاهعتسباءمل عل اء عدمععم عل عطوعة 00166 


رعذ ."1 .0 :ققمنة(ا) علناوأأكةاهاى كت عبأاوا 025 بعلاو [ارزأواته عقنااط :6 تتترءاترى عرباأيماجوه' أ «بدى 
,33 .م ,(1970 


86 


اك ليد 


ومن: رئاسة مجلس الوزراء. المكتب المركزي للاحصاء: المجموعة الإحصائية لعام 71آ25. ص 4133 
المجموعة الإحصائية لعام 6 ص 4219 المجموعة الإحصائية لعام 6 » ص 132. والمجموعة 
الإحصائية لعام 4 ©» ص 109. 


(أ) وصلت المساحات المستولى عليها إلى 185500 هكتار. 


(ب) من الواضح أن هذا لا يشير إلا إلى جزء الجولان الذي كان تحت السيطرة السورية في عام 
75. 


١ج(‏ تشمل المساحة أراضي مزروعة بالمحاصيل وأراضي سبانًا. 


المزيد من الفواكه والخضراوات التي تدرٌ ربحًا أعلى مما يمكن الحصول 
عليه باستثمار المال نفسه فى استثمارات أخرىء» نتيجة إعفاء هذه المحاصيل 


من ضوابط الأسعار؛ وعدم فرض ضرائب على الدخل الزراعي» والتفضيل 
العام الذي تمنحه الحكومة لمصلحة الزراعة. 
الجدول (7-2) 
أصحاب الحيازات الزراعية فى سورية فى 1971-1970 و1981 


تسر جيه رض | ويه | «««دهة | ةل 








الات سه | هه | مم ا 
المصادر: الجمهوررية العربية السورية. وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي» نتائج التعداد الزراعي: 
1977-0 المرحلة الأولى ‏ بيانات أساسية (دمشق: الوزارة» 1972)): ص 14 101: 106 


و114؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء. المجموعة 
الاحصائية السئوية السورية لعام 6».» ص 139. 


هكذاء حسّن المستثمرون والفلاحون ملاك الأرض المتوسطون 
والأغنياء حيازاتهم» أو اشتروا مزيدًا من الآلات. أو تحولوا إلى الاستفادة 





57 


من الغياب الفعلي لأي حدّ للحيازات المستأجرة”2'» وبهذه الوسيلة 
سيطروا على قطع أراضي الفلاحين الصغار التي جمعوها معًا واستغلوها 
وفق الأساليب الرأسمالية. وعززوا عملهم الخاص. وبعد أن تملّصوا في 
البداية من قبضة الدولة» عملوا على تحسين وظيفتهم على الرغم من الروح 
المعادية أصلًا للتشريع البعثي. لكن شأنهم المتزايد بعد عام 1970 ينسجم 
مع مصالح العناصر القوية في جهاز الدولة الذين استفادوا من أعمالهم 
وتآمروا على تأجيرهم قطع الأرض التي تملكها الدولة أو شيوخ القبائل أو 
الفلاحون الأفقر. 

يبدو أن ملكية الأرض الزراعية في الوقت الراهن لا تملك من القيمة 
الاجتماعية ما يمكّنها من أن تأتي برأسمال أو تقانة جديدة لاستثمار الأرض. 


(121) في النصف الثاني من الستيتيات» كانت هناك حدود عليا قانونية لمساحة الأرض التي 
يحق لأي شخص أن يستثمرها وحده. على سييل المثال» اثنا عشر هكتارًا من الأرض المروية السليخ» 
وستة هكتارات من الأرض المروية المشجرة التي شكّلت الحد الأقصى المسموح يه في منطقة الغوطة؛ 
القرار رقم 999 تاريخ 12/19/ 1965؛ الجريدة الرسمية (الجمهورية العربية السورية)؛ العدد 5 
(1966)» ص 1303. 


58 


الفصل الثالث 
الأحوال المعيشية 


توزيع الدخل الزراعي قبل إعادة تنظيم العلاقات الزراعية وبعدها 
قبل انتصار الأفكار المتقدّمة المتعلّقة بمسألة الفلاحين في سورية ‏ ذلك 
الاتتصار الذي نجم أساسًا عن وصول عناصر عسكرية من أصل فلاحي إلى 
الواجهة السياسية ‏ وقبل إعادة تنظيم ملكية الأرض والعلاقات الزراعية في 
الخمسينيات والستينيات» لم تكن الكتلة العظمى من حارثي الأرض تكسب 
إلا ما يزيد قليلا على الكفاف. ولم يكد يصل إلى الثلث عدد الذين يستثمرون 
قطعة أرض خاصة بهمء أو يعتنون ببساتينهم الصغيرة المزروعة بالفاكهة» أو 
يتمتعون بمجرد الحقّ في حصة من التوزيع الدوري لقطع من الأرض في ظل 
نظام المشاع القديم للملكية الذي كان لا يزال ساريًا في السهول المركزية» 
على الرغم من أنه كان يفسح المجال على نحو متزايد للتملك الفردي الأكثر 
استقرارًا. وكان العدد الأكبر من الفلاحين الآخرين محاصصين ومستأجرين 
قانونيّا بحسب مشيئة المالك الذي كان قادرًا على إبعادهم عن الأرض متى 
شاءء لكنه نادرًا ما كان يكسر العرف المتمثل بتعاقب ورثة مستأجر الأرض 
على استئجارها. وفى ما عدا مناطق فى جوار المدن مخصصة للبستنة السوقية» 
كما في الغوطة: لم يكن ترك الأرض القابلة للزراعة للإيجار النقدي أمرًا 
معتادّاء لكنه ازداد أهمية بعد الحرب العالمية الثانية. أمّا باقى الفلاحين فكانوا 
يعملون بالأجرة» وليس لهم عمومًا «لا بالقاع ودّ ولا بالسما نجمة»» كما يقول 
فلاحو الفرات وصفًا لأفقر فئة من بينهم. 
89 


الل هد 


ربما يدل نمط استئجار الأرض الأكثر شيوعا في سورية في النصف 
الأول من هذا القرن وفي أوقات سابقة» ذلك النمط الذي يشبه في ملامحه 
الأساسية الترتيبات العرفية التي كانت نافذة في أجزاء قن وزيا في أيام 
آدم سميث (طانه5 سدولخ)» على الأصل المشترك لبعض المؤسسات الزراعية 
في الشرق الأدنى وفي أوروبا. يشير سميث في كتابه ثروة الأمم (لمء !17 11:6) 
(عارهزاهلة ره (1776) إلى نوع من المزارعين الذين «خلفوا بالتدريج» الفلاحين 
العبيد في العصور القديمة الذين كانوا يسمون باللاتينية ب امدناعدط نهماه0. 
وفي القرن الثامن عشرء لم يعد من الممكن العثور عليهم في إنكلتراء لكنهم 
استمروا في بعض مناطق اسكتلنداء حيث كانوا يعرفون بكاههمع1 :«و-اء516 
(مُقطّعي القوس الحديدي)”» وكانوا يشكّلون جزءًا كبيرًا من طبقة الفلاحين 
في فرنساء حيث كانوا يلقبون ب5تمهنزهة)048*'. وكان المالك يزودهم بالبهائم 
والبذار ويأخذ نصف المحصولء بعد أن يضع جانبًا ما يلزم لإطعام البهائه©» 
لكن مارك بلوخ (810 عمدلة)؛ يشير إلى أن ال مودترمة31 كانت مقابل نصف 
المحصول أو ثلثه أو ربعه» يحسب مساهمة كل طرف©©» 


كان النظام المشابه لهذا الشكل من استئجار الأرض في سورية يدعى 
«المُزارّعة»» والمستأجر أو المحاصص يدعى «المُزارع». وربما تعود جذور 
ذلك إلى الماضي البعيد: فالمادة 46 من شريعة حمورابي البابلي التي تعود 
إلى -القرن الثامن عشر قبل الميلاد» تشير إلى المالكين الذين يتركون حقولهم 
للمستأجرين لقاء نصف المحصول أو ثلثه. وكانت شروط المزارعة تختلف 
من منطقة إلى أخرى وأحيانًا من قرية إلى أخرى في الجزء ذاته من البلد. 


(1) تشير كلمة «قوس» إلى عذة الزراعة ولوازمها وتشير كلمة «حديدي» إلى طبيعة العقد. 
(©) معلها816 هو الشخص الذي يزرع الأرض مقابل حصة من المحصول (عادة النصف) ويأخذ 
المستلزمات والأدوات والبذار من صاحب الأرض. 
(2) إن اناوء ا دكممتيملة كه اأوء1! ءا إن كععببهت 010 عجينها! ءا وات بصلينوما نا بطاتدسة صتحله 
366-68 .لهم ,3 .أل ,(1776 ,عقماقعاتتاللا :متاطنط0ط) .كام 3 ,عممزيملق 
(3) حدهكا لعاقاقمه؟! ,كعتناكامعاعه جهنل أأكه8 كاز :0 ترددكظا ارا «بررماكتلط لم8 أعدعم"م ,طعوله عمولة 
.147-148 .صم ,(1966 رووعع© نه )تلد أه بواتدء للملا برعا لرء8) ععمستعطلمه5 أعصدل بز أعدعظ عط 


(4) ومءزط همه عنمج1 زه بروو اداسف دق ٠١‏ ءاهلا ناموط «وعلة امعلء ا :77 ,عله بلمقطعامه .8 معترول 
.144 .م ,(1973 ,ووعع8 بواأومعلائهنا ممأععسظ :ل .لز ,ممع ءعومتط) 


50 


وكانت تدخل عوامل مختلفة فى تحديد حصة المستأجر من المحصولء مثل 
المستلزمات النسبية التي ساهم فيهاء والاستخدام المحلي؛ وطريقة الحراثة» 
والعناية أو المهارة التي يتطلبها المحصول. 

كان المحصول في النصف الأول من هذا القرن في شعال محافظة حلب 
(الذي يشمل محافظة إدلب الحالية) يُوزّع بالتساوي بين المالك والمستأجر» 
و١‏ نيعا في الناطق الترزروعة بالتعنوب التي تسود ها تقاليد فلاخيةه _قديعة؛ 
وتحديدًا التّجْد الغربي. كان المالك يقدم الأرز ض والبذار» ويقدم المستأجر 
عمله وحيوانات الجر. أمّا فى المناطق الأفقر من المحافظة ذاتهاء كما فى 
السهلء فلم يكن المستأجر يقدم سوى قوته العضلية ويأخذ ربع عائدات 
عمله. وعلى هذا الأساس كان يسمى «المُرابع». وكان في السنوات سيئة 
المحصول يهوي إلى الفاقة والعوز©. 


في حوران» جنوب سورية» كانت حصة المستأجر زارع القمح عشية 
الإصلاح الزراعي ربع المحصول”*, لكنها كانت الثلث في القرن التاسع 
عشر”. وفي جبل الدروزء كانت حصة المحاصص الربع منذ البداية» لكنه 
كان يحصل إضافة إلى ذلك على تموين سنوي من الغذاء يصل إلى 20 مدا 
ّ 00 من لني ونتيجة 0 الدروز القوي لارام نسحو أبناء 
ا وك ب .0 . وعلى العكسء كان الفلاح الحوراني 
يترك ليعانى وحدهة عندما يمر بأوقات عصيية9, 


(5) عل متها :كقسدط) عاناممبومفع عل عاساظا .وءاف'ك «مزهة8 مط ,ملتصسوتط ممعطمهءانلطم 
215-66 .م ,(1959 ,انوع ؟ازونا"] 
(6) أحاديث مع فلاحين حورانيين من منطقة بصرى ومع شيخ عشيرة الحمد البالغ ثمانين عامًا 
محمود الحمد (أيار/ مايو 1980). 
(7) .297 .م ,(1822 الإمسا! .ل تصملفهما) لما 'راه1] ءذلا جه متجزى صا عامنوع1 بالمقطاعن8 وتجوعنا طاول 
)23 ل 
(9) أحاديث مع جبر الأطرش ومع فلاحين دروز من شهباء حزيران/ يونيو 1985. المُّد الشائع 
في جنوب سورية هو المّد الدمشقي الذي كان يساوي 20 كلغ. وفي الشمال كان المُد الروماني هو 
المستخدم وهو يساوي 08 كلغ 
(10) حنا أبي راشد. حوران الدامية: جبل الدروز (القاهرة: مكتبة زيدان العمومية» 1926)) ص 210 و212. 


91 


أما وضع المستأجر في الغوطة فكان أفضل عمومّاء وكان يحصل أحيانًا 
على ما يعادل ثلثي المحصول لأن الري والعناية بأشجار الفاكهة يتطلبان 
جهدًا أكبر ومهارة أعلى”". لكن المستأجر في مزارع بعض الملاك الأكبر لم 
يكن يتلقى سوى ثلث المحصول*2". 


اختلفت الممارسات في منطقة حمص من قرية إلى أخرى. على سبيل 
المثال» كان المستأجرون في إحدى القرى التي يقع ثلثا أراضيها في المنطقة 
المروية والثلث الآخر في المنطقة البعلية يتحملون كل المصاريف. ويعطون 
المالك ربع المحصول. وفي قرية أخرى تقع بالكامل في المنطقة المروية» 
كان المالك والمستأجرون يتقاسمون المصاريف والمحصول مناصفة!0. 
وكان هذا النوع الأخير يعرف بالشراكة الحموية لأنهاء كما هو واضح؛ نشأت» 
أو كانت جارية؛ في المناطق المروية من حماه*". 

فى منطقة الرقة (وهى حاليًا محافظة)» وتحديدًا فى الأراضى المتاخمة 
للفرات التي شهدت توسمًا في زراعة القطن في أواخمر الأربعينيات» كان 
مالك الأرض يأخذ بين 20 و25 في المئة من المحصولء على الرغم من أن 
حصته كانت تظهر في العقد المكتوب 17 في المئة فقط. وكان الفلاح يحصل 
على 30 في المئة» والمستثمر أو الرأسمالي الذي لم يكن أحيانًا يقدم سوى 
مضخة الري» يستولي على بقية المحصولء على الرغم من أن تكلفة الري لم 
تكن تتجاوزء عمومّاء 10 في المئة من قيمة المحصول5". 

من الصعب تحديد الدرجة الحقيقية لفقر أو غنى المحاصصين أو ملاك 


(11) «رمقصيوط عل مابمط ه1 فسفل عأمعقهة عدوتاتامم أء عمذتعهه) عصدرهة1» ,كتحومماظ معدا -عصمة 
2 .م ,(1980 ,11 نمنجا غاتومع طالملا رعاعره عمغاوامها عل عوغطا) 
(12) حديث مع حمسن سامي اليوسف, دمشقء 3 حزيران/ يونيو 1980. الأستاذ اليوسف من 
عائلة دمشقية معروفة من ملاك الأرض. 
(13) عتسددمءة ل اء عوندمهة عتستومم عل علبحظ :(عامتاوءه عأمكزة) كدمم1آ عل دبروط عل» ,ممستمدلة عأمية 
98-99 .م ,(1951 ,عقنرهط:50 عل غاأومعلائمنا ركمو ركعماء| عل اوواعول غ1 عنامم علةمأعمقع عمغطا) «رعلهيم 
(14) بدر الدين السباعي» أضواء على رأس المال الأجنبي في سورية (1850- 1958) (دمشق: 
[د.ن.اء 1967): ص 231. 
(15) صوفيا فرا ولوك ويللي دوهوفلء الرقة وأبعادها الاجتماعية؛ ترجمه عن الفرنسية 
عيد الرحمن حميدة (دمشق: وزارة الثقافةه 2 ) ص 140. 


592 


7م 


الأرض الفلاحين الصغار في النصف الأول من هذا القرن. كان دخلهم يتنوع 
كثيرًاء لا من مكان إلى آخر فحسبء بل وفقّ حظوظ السنة الزراعية أيضًا. 
كان نتاج المزرعة ‏ ولا يزال إلى حدٌ بعيد ‏ رهن ظروف الهطول المطري 
التي لا يمكن التنبؤ بها وحالاات الارتفاع والهبوط الحادة المتكررة. 
توصّلت عملية حسابية تقريبية أجراها مساح أراض في عام 6 إلى أن 
أفقر فلاح (مسيحي) في منطقة قلعة الحصن كان يكسب ما يعادل 7 إلى 11 
جنيها استرلينيًا في السنة”*'2. واستنادًا إلى دير اغر ار ل ولع تعن 
الحرب العالمية الأولى؛ كانت القيمة النقدية لمتوسط الدخل السنوي للعائلات 
الفلاحية العلوية في منطقة جبلة قليلة» في معظم الحالات؛ تصل إلى 5 ليرات 
ذهبية تركية» ولا تتخطى 10 ليرات فى أفضلهاء وهذا يعنى أنها تراوحت بين 4,5 
و9 جنيهات استرلينية©. لكن الفلاحين العلويين كانوا فئة خاصة: وما كانوا 
يُحسدون قط على حظهم. وفي ظل الحكم العثماني» قبل ثورة تركيا الفتاة في عام 
8 كانوا يتعرضون لسوء المعاملة والتشنيع؛ وكان نساؤهم وأطفالهم في 
بعض الأحيان (في قرون أسبق) يؤسرونء ويباعون*2. وبعد الحرب العالمية 
الأولى صارت الأحوال الاقتصادية» حتى بالنسبة إلى الفلاحين العلويين الأكثر 
استقلالية والأقل اضطهادًاء بائسة إلى حد أنهم أخذوا يبيعون بناتهم أو يؤجّرونهن 
لأهل المدن الأغنياء. كان بعضهن يباع في الطفولة مدى الحياة بصفة خادمة» لكن 
كانت أغلبيتهن «تؤجّرا فحسب مقابل سعر متفق عليه ولفترة محددة من الزمن*". 


(16) لسة «ماد©ط ,ط .خآ تمازولا بوع[) «امك 172 فاره اسععء2 :77 .مسرك ,ااء8 سدتطاهما علصى0ن 
.6 .م ,(1907 ,لإمفمسمح 
(17) رفيق التميمي ومحمد بهجت. ولاية بيروت (بيروت: دار لحد خاطرء [1918])» 
استشهاد في: عبد الله حناء القضية الزراعية والحركات الفلاحية في سوريا ولبنان: القسم الأول 
(1920-1820) (بيروت: دار الفارابي» 1975)) ص 141» 
رسميًا كانت الليرة الذهبية العثمانية تساوي 100 قرش ذهبي؟ والنابليون يساوي 875 قرضًا ذهييًاه 
والليرة الاسترلينية 110 قروش ذهبية: إه كاءعودو,5 1ه 0/1 6 «مصب روصع ,لإءلعلمع ةا أمعورط 
.م ,(1911 .011 لمعهوتاهاة .1 .1آ تمعلجسمآ) منجرد جا ع2ه17 «أعقاتره 
(18) في ما يخص النقطة الأخيرة انظر: عبد الرزاق البيطارء حلية البشر في تاريخ القرن الثالث 
عشر (دمشق: مجمع اللغة العربية» 1963). الجزء الثالث» ص 1601-1600. 
(19) عبد اللطيف يونس. ثورة الشيخ صالح العلي؛ ط 2 (دمشق: منشورات وزارة الثقافة» 
[د. ت]) ص 178. 


523 


كانت تباينات الدخل بين الطبقات الزراعية المختلفة واسعة. وفي العقد 
الذي سبق الحرب العالمية الأولى» في سنوات الموسم الجيد» كان الدخل 
السو ارعك سرسطاكن قري صلحد التررية من أرحيه قفر #71080ازلرت 
(«ه»اممة01) أو 875 ليرة ذهبية تركية أو نحو 795.5 جنيهًا استرلينيّاء أما دخل 
الفرد الأغنى فى العائلة الدرزية مالكة الأراضى ‏ الطرشان ‏ فكان نحو 5000 
نابليون أو 4350 ليرة ذهيبة تركية. وكانت عائلة العظم الني تربعت على 
0 
جنيه استرليني أو 6600 ليرة ذهبية تركية”©. ما أغنى مالك أرض في دمشق 
عبد الرحمن اليوسفء. الذي حاز الضفة الشرقية لبحيرة د 
بالبطيحة وثلاث قرى في الغوطة وخمسًا في المرج وأربعًا وعشرين في 
الجولان» فكان يحصل على دخل سنوي يراوح بين 7000 و10000 ليرة 
ذهبية تركية» بحسب حظوظ السنة الزراعية7©. 


كان الوكيل العام على أراضي عبد الرحمن اليوسفء الذي يتحمل 
المسؤولية العامة عنهاء يحصل على 10 ليرات ذهبية شهريًاء إضافة إلى مؤن 
غذائية من القرى. وكان الكاتب2» وهو عادة يهودي أو مسيحي يُخْتّار لقدرته 
على حفظ الأسرار ومهاراته الحسابية؛ يكسب 5 ليرات ذهبية شهريا مع 
الطعام. أمّا الوكيل» وهو المسؤول عن قرى بعينهاء فكان يحصل على نصف 
دخله عينيًا من محصول «الشكارة»» وهي قطعة أرض خاصة تفرد له. أمّا 
النتصف الآخر فكان يبلغ 3 ليرات ذهبية في الشهر. وكان شيخ القرية'”*, 
الذي يشرف على توزيع الماء وتنظيف القنوات» يحصل على تعويض سنوي 
مقداره 1.5 ليرة ذهبية» إضافة إلى حصته العينية من المحصول وكانتء كما 
هي الحال مع السقائين ع (السقاية) والمزارعين الآخرين» ربع أو ثلث أو 40 
في المئة» بحسب موقع القرية. وكان تعويض حرّاس المحصول (الوقافة) ‏ 


(220 .223-24 له ,94 ,جع ,تطلو3 ءا أمتنت اععء2 171:6 .مأعبرد ,الع8 
(21) أحاديث مع وجيه اليوسف إيبش وحسن سامي عبد الرحمن اليوسف والأستاذ يوسف إيبش 

وابئة عبد الرحمن اليوسف وابنه وحفيده. بيروت» شباط/ فبراير 21980 ودمشق» حزيران/ يونيو 1980. 
(22) أو كاتب الحسابات. 


(23) حرفيًا #رئيس منظقي القناة». 


54 


الذين لم يكونواء بالمصادفة» يختارون قط من الفلاحين بل من الأكراد أو 
الشركس أو البدو المسلحين من قبيلة رولة ‏ يختلف من موسم إلى آخر*©. 

بعد ربع قرن أو نحوه» حدّد تقدير أولي في عام 1936 متوسط الدخل 
السنوي لعائلة فلاح محاصص بعشرين ليرة ذهبية تركية» وذاك الذي لعائلة 
فلاح من الملاك الصغار بثلاثين ليرة ذهبية تركية. وكان هذا يعني» في الواقع. 
متوسط دخل فردي يبلغ 3.33 ليرات ذهبية للمستأجرين المحاصصين و5 
ليرات ذهبية للفلاحين مالكى الأرض الصغار, لأن عائلات الفلاحين كانت 
تتألف في المتوسط من ستة أفراد”. كان سعر الليرة الذهبية التركية في عام 
6 » حين كانت لا تزال فى التداول» 5.5 ليرات سورية©2 وكانت تصرف 
بجنيه استرليني وستة شلنات وستة دايمات أو 6.59 دولارات”©. بعبارة 
أخرىء إذا كان التقدير يعكس الحقائق عن كثبء فإن متوسط الدخل الفردي 
السنوي للمستأجرين في عام 1936 كان نحو 18.32 ليرة سورية أو 21.94 
دولارّاء وللفلاحين المالكين الصغار 27.50 ليرة سورية أو 32.95 دولارًا. 
عكست هذه الدخول المنخفضة جزئيًا تأثير الكساد العظيم الذي استمر حتى 
عام 1939 بحدة متفاوتة. 


حدّد تقدير أكثر تفصيلا في قرية الشرقلية العلوية التي تقع في هضبة 
الوعر في محافظة حمصء متوسط الدخل الصافي لعائلة تعمل بالمحاصصة 
في عام 15349 لقاء العمل الزراعي بين متتصف أيلول/ سبتمبر ومنتصف أيار/ 
مايو بشُمبّل واحد أو 216 كلغ من القمح و5 شمبل أو 840 كغ من الشعير 
و25 شمبل أو 0 كلغ من الذرة أو ما مجموعه 1476 كلغ من الحبوب 
لعائلة كانت قلّما تضم أقل من سستة أفراد©. نادرًا ما كان هذا الدخل يكفي 


(24) أحاديث مع الأشخاص المذكورين في الهامش 21. 
(25) السباعي. أضواء على رأس المال الأجنبي في سورية؛ ص 243. 
060) .م ,لأسنزق ,هو1219153 أهمهأأقمة)م1 لوندل؟ روالمتصلم ,متفافظ أمعين 
() استنادًا إلى أر قام في : كةنمةاط بزءا[0 بوبماء انما فته ان نوزماءنء 0 توصترى بكساواعة لا ملظ 
47 غهقة ,45 .ززم ,(1959 رؤمعع2 براتورء الول لكوبصولط :.دكق!/1 رعولءطصيدع) ١‏ روطجدعمده84 بمعافدع 3110016 
)228 عتطمومعءة ل اء عتتدوة عصأوم عل علبضط :(ءامتامعه عترير5) وروا عل وبروط عآ» ,ممتسمولز 
.51-2 .وم سرع لوكتط 


595 


نك 


لمستوى ملائم من استهلاك الغذاء وضروريات الحياة الأخرى التي درت 
قي نزي فى مطفة لمنسن حارج الخرطة في الضف الكاتي من امار يعبات 
لكل فلاح فرد» ب 25 كلغ من القمح كل شهر (أو كمية أقل من الشعير والذرة 
في حالة الفقراء جدًا) وكيلوغرام واحد من اللحم (وهذا ترف نادر للفلاحين 
العلويين)؛ و40 كلغ من زيت الزيتون و20 كلغ من السمن و4 صفائح من 
الكيروسين» فضلا عن الكوفية التي لا غنى عنها والعباءة وزوج من القمصان 


2290 


الكتانية بين حين وآخر 
كان عدم كفاية حصة المستأجر في الشرقلية يجبره على طلب العمل في 
الحصاد في شهر أيار/ مايو في السهول الواقعة إلى الشرق من قريته. وكان 
هذا كته من إضيافة نحو سيعين ليرة منوزية إلى دحل أن أخور العمل كما 
هو واضح» ترتفع بحدة في موسم الحصاد””". بما أن سعر بيع القمح بالجملة 
كان بالمتوسط 27 قرشَا سوريًا للكلغ في عام 9 والشعير 16 قرمًا!©) 
ويمكن الافتراض منطقيًا أن حصته من الذرة كانت تساوي 0 ليرة سورية» 
فلا بد أن القيمة النقدية لدخله الإجمالي في عام 1949 كانت نحو 363 ليرة 
سورية» أو اسميًا أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الدخل السنوي المقدر 
لبحافيض في عام 6. لكن تكاليف المعيشة ازدادت. في الفترة الفاصلة» 
ل ا ل ا 
ليرات سورية إلى 233.26. لا بد من أن يبقى في الذهن أن أجزاء كبيرة من 
الزراعة كانت ولا تزال ‏ غير تجارية» وأن ارتفاع أسعاز الغذاء أثّر في العمال 


(29) جزئيًا استنادًا إلى : بجعا؟ به «مقدمآ) اعمط عاومتاط علا وذ «رروضسوط ننه دعصا ,تعمتصوللا معمروط 
.89 .م ,([1948] ,كعتقاكة لقصمتتممعام1 آه عأساتاكما لدنام18 :ارملا 


(30) عتسمممءة 0 كه ععنمعوه عملومم عل علسط8 :(ولمتامع عتعسرك) كدرهطط! عل دبزوط عآ» ,ممتسعدلر 
.53-54 بترم «رءأمتتر 


(31) الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط. مديرية الإحصاء المجموعة الإحصائية 
السورية السنوية لعام 21950 ص 98. 

(32) كان الرقم القياسي الرسمي لأسعار التجزئة ل 22 سلعة أساسية في دمشق 5616 في عام 
9 (1938 - 100) لكنه كان قد وصل إلى ذروته المسجلة والبالغة 8305 في عام 41945 
المجموعة الإحصائية» 1951 -1952» ص 149. كانت قيمة الليرة الذهبية أعلى في عام 1945 حيث 
كان سعر صرفها 45 ليرة سورية؛ المصدر نفسهء ص 1217. 


96 


الزراعيين المأجورين أكثر من تأثيره في المحاصصين الذين كانوا يستهلكون 
السلع التي ينتجونها بأنفسهمء وأفاد في الواقع المزارعين ذوي الفوائض التي 
يمكن تسويقها. لكن نقص الكيروسين وارتفاع سعره في الأربعينيات أثّرا في 
كثير من الفلاحين الذين كانوا يستخدمونه في مصابيح الإضاءة. 

كشف تحقيق أجري في عام 1959.» في أثناء المرحلة الأولى من تطبيق 
إجراءات الإصلاح الزراعيء أن الدخول السنوية ل8417 عائلة مؤلفة من 
خمسة إلى ستة أفراد وتعيش فى 84 قرية موزعة فى مناطق زراعية مختلفة 
تراوحت بين 40 و115 ليرة عر للفرد2, لكن عام 9 والعام الذي 
سبقه كانا عامي جفاف شديدء هبط فيهما الدخل الزراعي إلى 2 و75 في 
المئة على التوالي عن مستوى عام 1957» وهو عام جيد المحصول*©. 

يعكس الجهد الإحصائى الذاهب فى اتجاه معين أو غياب هذا الجهد فى 
بعض الأحيان التحيز الاجتماعي أو المصالح السياسية لنظام معين. وفي هذا 
السياق. ربما يكون ذا معنى أنه في حين حاول الجناح الراديكالي من حزب 
البعث في النصف الثاني من الستينيات أن يحدّد توزيع الدخل الزراعي بحسب 
حصص عوامل الإنتاج» وهي مهمة عسيرة جدّاء ولا سيما في ضوء صعوبة 
فصل تلك الحصص فى حالة الكتلة العظمى من الفلاحين الذين يفلحون 
أر ضهم الخاصة ‏ لم يحاول الجناح الحالي من الحزب متابعة هذه المحاولة. 
كما لم تتخذ أي خطوات فعلية من أجل جمع منهجي لأرقام موثوقة في شأن 
التوزيع ذي المعنى للدخل الزراعي بين الفلاحين مالكي الأرض الصغار 
والمزارعين المتوسطين والمزارعين الأغنياء والمستثمرين والعمال الزراعيين 
المحرومين من الأرض. حيث أهمل كل من الحكومة والحزب واتحاد 
الفلاحين جميعًا هذا الجانب المهم من اقتصاديات الزراعة. 

غير أنه يمكن استنادًا إلى الأرقام الرسمية المتوافرة تكوين فكرة تقريبية 


(3) رزق الله هيلان. الثقافة والتنمية الاقتصادية في سورية والبلدان المخلفة (دمشق: [مكتية ودار 
توزيع ميسلون. 1980): ص 265. 

(34) استنادًا إلى أرقام في : الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراءء المكتب المركزي 
للإحصاء. المجموعة ا السنوية السورية لعام 1971. ص 484. 


57 


عن الوضع الاقتصادي النسبي لأهل الزراعة. ولا تتعلق البيانات الأساسية 
المتوافرة التي يمكن أن نستخلص منها بعض الاستنتاجات عن هذه المسألة 
بالدخل الوطنيء بل بالناتج المحلي الصافي بحسب تكلفة عوامل الإنتاج» 
وهو أقرب شيء إلى الدخل الوطنيء لكنه يختلف عنه لأنه يسقط فرضًا 
الدخل الصافي بحسب عوامل الإنتاج المخول من الخارج”*”. يبين الجدول 
(1-3) آخر التقديرات ذات الصلة لسنوات مختارة بين عامي 1963 و1992» 
وهي تعكس جزئيًا تنقيحات في سلاسل سابقة مشوبة بالعيوب وربما ما زالت 
غير شخالية من الخطأء ويمكن تفسير هذه التقديرات على أُنْها تشير إلى عدد 
من الاتجاهات. 


أولاء عندما نبقي التغيرات من سنة إلى سنة في الحسبانء يتّضح أنَّ دخل 
أهل الزراعة تعرّض لتذبذبات حادة. وهذا ينبع أساسًا من تقلبات الطقس 
وتكرار سوء المحصول. وليس ثمّة خطر آخر على الفلاحين تمكن مقارنته 
بهذا الخطر من حيث الأهمّية. وبما أن الحكومة تحمي هؤلاء من التقلبات 
العالمية في أسعار السلع الرئيسة» فإن الجفاف الآن هو المصدر الأساس 
لانعدام أمنهم الاقتصادي وللقلق والحرمان اللذين يفسدان حياتهم بين الحين 
والآخر. والفلاحون أصحاب الملكيات الصغيرة هم الأكثر حساسية حيال 
آثار الجفاف هذه. لأنه» في حالاته الشديدة؛ قد يجرّدهم من مقتنياتهم 
ومعاشاتهم. 


انيّاء يبدو أن الدخل المحليء أي الدخل الوطني ناقصًا الدخل الصافي 
بحسب تكلفة عوامل الإنتاج المحوّل من الخارج» كان في عام 02 
وبالمعنى الفعلي» أعلى بأربعة أضعاف منه في عام 1963» لكن الدخل 
الزراعي كان أعلى بأقل من ثلاثئة أضعاف. وكذلك هبطت حصة الزراعة في 
الدخل المحلي من 38 في المئة في عام 1963 إلى 22.6 في المئة في عام 
14 


(35) أي الدخول بحسب عوامل الإنتاجء مثل تحويلات العمال المهاجرين أو المقبوضات 
الاستثمارية المستحقة لأشخاص يعيشون في سورية؛ مطروحًا منها الدخل المكتسب في الاقتصاد 
المحلي المستحق لأشخاص يعيشون في الخارج؛ إن وجد. 


538 


اكاك اللا يننا 


الحدول (1-3) 


الناتج المحلي الصافي لسورية بحسب تكلفة عوامل الإنتاج وحصة القطاع 
الزراعي بملايبن الليرات السورية وبالأسعار الثابتة لعام 1985 في سنوات 
مختلفة بين عامى 1963 و1995 


السنة |النانج المحلي الصاني لسورية بحسب تكلفة| حصة القطاع الزراعي ] حصة القطاع الزراعي 
عوامل الإنتاج (في المئة) 





المصادر: استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية. رئاسة مجلس الوزراف المكتب المركزي 
للإحصاء: المجموعة الإحصائية السئوية السورية لعام 1994 ص 491-490؛ والمجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 6 :» ص 23 5. 


(أ) موقتة. 

لا يستتبع ذلك بالضرورة أن الدخل الزراعي الفردي كان. بالنسبة إلى الدخول 
الأخرىء ينزلق هابطًا. وهذا لأنه كانت هناك انخفاضات كبيرة نسبيًا في عدد السكان 
الفلاحين في سنوات كثيرة بين عامي 1976 و1989 (انظر الجدول 3-1). 


99 


لا توجدء لسوء الحظء أرقام دقيقة عن كيفية توزيع الدخل الزراعي بين 
الطبقات الزراعية المختلفة. وسعى البعثيون في الستينيات إلى تخفيف التفاوت 
في توزيع الدخل من خلال وَقْف بعض التفاوتات المعهودة التي ميّزت الريف 
وتضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء. لكن تباينات الدخل استمرت من دون 
شك وازدادت بعد عام 1970 في إثر التراجع عن الراديكالية والمزيد من 
انفتاح الاقتصاد والتخفيف النسبي من ضوابط الدولة في النصف الثاني من 
الثمانينيات. وبالطبع. صارت عائلات مختلفة عن تلك التي كانت في 
الخمسينيات تقف الآن على قمة السلم الاجتماعي في الريف» في حين احتلت 
الدرجات الوسطى عائلات أخرى كثيرة كانت سابقًا تكدح من أجل معيشتها 
عند أسفل السلم. 

في دراسة عن أنماط توزيع الدخل في سورية تشمل فترة 1975-1963» 
حاول اقتصادي مرتبط بالمعهد العربي للتخطيط في الكويت أن يعزل من الدخل 
الزراعي الإجمالي الحصة أو «الفائض» الذي يذهب إلى ملكية الأرض أو رأس 
المال» وكذلك إلى التنظيم والإدارة» والحصة التي تذهب إلى المنتجين. وليس 
واضحًا من نصّه كيف جرى تقدير حجم تلك الحصصء والتقدير يستند إلى سلسلة 
دخل رسمية أقدم جرى تنقيحها منذ ذلك الحين. ولم يَجْرِ بصراحة أيضًا إظهار 
الفرضيات الضمنية في هذه السلسلة» وليس فيها تمبيز بين مالكي الأرض الصغار 
العاملين لحسابهم وأصحاب العمل الزراعيين» أو بين المنتجين العاملين بأجر 
والمنتجين غير المأجورين العاملين في مزارع العائلة. وعلى أي حال» أشارت 
تقديراته إلى أن حصة المنتجين من الدخل الزراعي الإجمالي الذي تنوّع من سنة 
إلى أخرىء كانت 9 في المئة في عام 1963 و12.8 في المئة في عام 1970» 
و5.1 في المئة فقط في عام 1975» وأن حالة المنتجين إجمالَا تبدو أفضل بين 
عامى 1966 و1971 منها فى السنوات الأخرى للفترة المدروسة0. قد يتعلق 
هذا بوجود الجناح الراديكالي من حزب البعث في السلطة بين عامي 1966 
و1970» وبدء نظام حافظ الأسد سياسة التحرير الاقتصادي في عام 1972. 


(36) انظر: عبد المؤمن محمد العلبي: أنماط توزيع الدخل والأجور في القطر العربي السوري» 
0 - 1975 (الكويت: [د.ن.اء 1979).: الجزء الأول» ص ك2 والجزء الثاني» الملحق 3 الجدول 8. 


100 


تشير الأرقام في الجدول (2-3) المعني بمتوسط الحد الأدنى 
اليومي لأجور العمال الزراعيين الداكميين والموسميين في جميع 
المحافظات إلى هبوط في دخولهم الحقيقية بين عامي 1972 و1980. 
لكن يبدو أن دخلهم بين عامي 1980 و1990 أخذ منعطقًا صاعداء في 
ماعداستوات الجفاف». وأن دخلهم ارتفع بمعدل أعلى من معدل 
التضخم. وتنوّع تعويض العمل الحقليء بالتأكيد» من محافظة إلى أخرى. 
على سبيل المثال» كان الحد الأدنى اليومى لعامل الحصاد الموسمى فى 
عام 0 عشرين ليرة سورية فقط في محافظات حمص ودير الزور» 
و45 ليرة في محافظات دمشق وحلب. و70 ليرة في محافظة اللاذقية» 
ووصل إلى 80 ليرة في السويداء””©. ١‏ 

كانت هناك أيضًا ل بين الجنسين. واستنادًا إلى تحر 
أجراها لكاتب فى ]ريت فى ضيفت حناء 01984 يدو أن 0 
الفعلية للعمال الموسميين في المزارع المرسملة في محافظة حلب في تلك 
السنة ‏ حين كان متوسط الحد الأدنى اليومي 25 ليرة سورية ‏ راوحت بين 
0 ليرة لقاء مابين 6.5 و7 ساعات عمل فى حالة النساءء وبين 60 و65 
ليرة لقاء ما بين 8 و9 ساعات عمل فى حالة الرجال؛ أمَا فى حالة العمال 
المستخدمين على مدار العام الذين كان متوسط حدهم الأدنى 24 ليرة» فكان 
الأجر اليومي الفعلي 5 ليرة للنساء و50 ليرة للرجال. لكن في بعض قرى 
منطقة حلبء لم يكن العمال الذكور يحصلون إلا على 25 ليرة يوميّا» وكانت 
نسبة كبيرة من النساء لا تزال تحصل على أجورها بالطريقة التقليدية القديمة: 
سَطْلٌ من غلّة عملهن كل يوم*©. وكان مبرر انخفاض أجور النساء هو أن 

بدت الزيادة الملحوظة في معدل أجور العمال الزراعيين بين عامي 1980 
و1990 متعلّقة إلى حد ما بالزيادة في تكلفة المعيشة» لكنها كانت إلى حد بعيد 
نتيجة الندرة المتزايدة في العمل الحقلي في ذلك العقد. وهذا ما يمكن تفسيره 


(37) وزارة الشؤون الاجتماعية والعملء النشرة الإحصائية السنوية؛ 1990». ص 76. 
380 أحاديث مع مزارعين وعمال زراعبين عدّة في منطقة حلب» حزيران/ يونيو 5. 


101 


اك هد 


بوضوح بالهجرة من الريف. ولا سيما هجرة الذكور البالغين. وربما يكون دافع 
الحركة الصاعدة فى معدلات الأجور الزراعية هذا قد ضعف نتيجة «الهجرة 
المعاكسة» منذ أوائل التسعينيات من المدن والبلدات إلى القرى9©. 


الحدول (2-3) 


متوسط الحد الأدنى اليومي من الأجر للعمال الزراعيين البالغين في جميع 
المحافظات بحسب فئات العاملين ولأعمال زراعية مختارة في سنوات 


مختارة (بالليرات السورية) 


متوسط معدل |متوسط التضخم 
10ظ1 التضخم السنوي السنوي 
0 -1980 [1991-1980 


عمال دائمون 


(39) انظر الفصل الأول» ص 31 - 36 من هذا الكتاب. 


102 








المصادر: حصل المؤلف على أرقام عام 1990 في عام 1992 من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل 
السورية. من أجل أرقام السنوات الأخرىء انظر النشرة الإحصائية السنوية. الصادرة عنها لعامي 1972» 
ص 112 و1980», ص 128. أرقام معدلات التضخم في سورية مأخوذة من: #ا,6!! :علهد8 لاددللا 
10/4 717:6 لصة ,111 .م ,(1982 ,[للمدظ ل1رملقا عط1] :.) .(آ ممماأومتطعة/7) 1982[ برممء] برع ماعو 

.م ,(1993 كلصد8 17/0:10 :.0) .1 ,هه وسمتاعة/ةا) 1994 كمأاك 1م80 


أثّر سعر العمل المرتفع نسبيًا في الثمانينيات وصولًا إلى عام 1991» 
على الأقلء أكثر ما أثّر في المزارعين الصغار والمتوسطين الذين ما زالت 
زراعة محاصيلهم غير ممكننة» مثل منتجي العدس في سورية. يدخل العمل 
اليدوي في كل خطوة تقريبًا من خطوات زراعة العدس الغني بالحديد والبروتين 
«لحمة الفقير): في رش البذار» وتخديد التربة» وقلع العدس الناضج» وتكويم 
المحصول حتى يجف. وغربلة العدس. الدرس وحده يتم باستخدام الجرار 
الآليء أو الجرار القديم الذي يجرّه بغل» وهو عبارة عن لوح خشبي ذي 
عجلات حادة الحواف”. شكلت أجور قلع المحصول يدويًا 38.7 في المئة 
في عام 3. و8 في المئة في عام 12591 مسن مجموع تكلفة إنتاج 
العدس الأحمر البعل”'*» وهذا ناتج من التزامن إلى هذه الدرجة أو تلك؛ بين 
نضج العدس وضرورة جنيه في الوقت ذاته تقريباء وهو ما يرفع فجأة معدلات 
الأجور إلى ذروتها. أمَا العدس الأبيض المروي» فشكلت أجوره؛ على الرغم 
ا 01 

(40) 1 .مه ,6 .اهل ,كوه ستعباطاجواء اعمط 111041 «باكعصوة! اناوعآا عغطا عومزوتممطءه81» ,للكتمصماك مدير1 

.4 ,م ر(1986 لإتقناصول) 


وسيمارسكي كاتب علمي لدى المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة ومقرّه في حلب. 
(41) استنادًا إلى أرقام حصلنا عليها من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في كانون الأول/ 
ديسمير 02 


103 


لكن كيف كان المزارعون الصغار ‏ أي بصورة تقريبية أولئك الذين 
يملكون أو يحوزون بالاستئجار ما لا يزيد على 10 هكتارات أو 0 في 
مناطق الهطول المطري المنخفض - يتدبرون أمورهم كطبقة؟ 


كما هو واضح من الجدول (3-2)» فإن عدد السوريين «العاملين 
لحسابهم» في الزراعة وتربية الحيوانات» وهي فئة تشمل العدد الأكبر من 
المالكين الفلاحين الصغارء انخفض من 364656 في عام 1972 إلى 
4 في عام 1991. أي بنسبة 22.3 في المئة» على افتراض دقة الأرقام 
الرسمية. وبما أن السنتين كانتا جيدتين للزراعة» فكيف يمكن تفسير 
الانخفاض؟ من المؤكد تقريبًا أن بعض «العاملين لحسابهم؟ أصبحوا 
«أصحاب عمل»» وهؤلاء ازداد عددهم من 25850 في عام 1972 إلى 
2 في عام 1991. أي بأكثر من أربعة أضعاف. لكن كثيرين منهم 
كانوا بلا شك غير قادرين على التمسك بملكياتهم أو تخلوا عنهاء في بععض 
الحالات» تحت إغراء الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي. هذا ما يوحي به 
الانخفاض البالغ 5.3 في المئة في عدد أصحاب الأراضي بين عامي 
0 و1981 الذي كشفته التعدادات الزراعية في تلك السنوات 
«انظر الجدول 2 -7). لكن المزارعين الصغار الآخرين عموماء ومن بينهم 
المستفيدون من الإصلاح الزراعي» يأكلون الآن أفضلء» ويتمتّعون بأسباب 
الراحة في الحياة أكثر مما كانوا عليه في الفترة التي سبقت عام 1958» على 
الرغم من عدم ثبات وضعهم الاقتصادي النابع من صغر مساحة أراضيهم أو 
أهواء المناخ والتقلبات السنوية في محصولهم. 

يكمن تفسير تقدمهم جزئيًا في حقيقة أنهم ‏ في كثير من الحالاتء إن 
لم يكن في معظمها ‏ لا يعيشون وعائلاتهم من الزراعة وحدهاء بل يحصلون 
على جزء من دخلهم من أعمال خخارج المزرعة. وفي حين يساعد الأفراد 
الذكور الأصغر سئاء على وجه الخصوصء في حراثة الأرض أو جمع 
المحاصيل» فإنهم يعملون بالأجرة ميكانيكيين أو دمّاني بيوت أو حرّاس في 
المنشآت التجارية أو في أشغال أخرى في البلدات المجاورة» أو في الأعمال 
المعدنية أو سائقي جرارات أو مصلّحين في قراهم أو في القرى المجاورة. 
كان أحد الفلاحين الذين التقى بهم المؤلف في عام 1985 يملك هكتارين 


104 


19م 


بعل قرب حلب لكنه كان» حتى يكمل دخله من الأرضء ينادي على بيع 
الأقمشة في جزء من السنة في شوارع دير الزور على بعد 320 كيلومترّاء 
تاركًا أرضه برعاية زوجته وأولاده الستة. 


ساعد التفضيل الملحوظ الذي تستمر الحكومة في منحه لمصالح 
الطبقات الزراعية في إبقاء كثير من الفلاحين الصغار واقفين على أقدامهم. 
وانعكس هذا التفضيل في أسعار الشراء الرسمية للمحاصيل الرئيسة المهمة 
جدًا من وجهتي النظر السياسية والاقتصادية نتيجة علاقتها المباشرة بدخول 
الفلاحين وتوزيع الدخل بين المدن والريف. يمكن معرفة كيفية تحديد هذه 
الأسعار من الجدول (3-3) الذي يفترض أن الحكومة تتحمل المشقات 
لتضمن للفلاحين مالكي الأرض عائدًا كافيًا مقابل عملهم واستثماراتهم» وفي 
الوقت ذاته. لتشجيع الإنتاج بما يتوافق مع دورة المحاصيل والأهداف 
الموضوعة في خخطة الدولة للإنتاج. 

تقرر الأسعار كل سنة استنادًا إلى تقديرات وزارة الزراعة لمتوسط 
الإنفاق على كل عملية زراعية والمواد المستخدمة لكل محصول مهم؛ 
ولاسيما المحاصيل التي تحتكر الدولة تسويقهاء خصوضًا القمح والشعير 
والعدس والقطن والتبغ والشوندر السكري. كما تؤخذ في الحسبان تكاليف 
نقل المحصول إلى نقاط التجميع التابعة للدولة. ولا تبدو التقديرات منحرفة 
عن تكاليف الإنتاج الفعلية» ويما أن أسعار الشراء الرسميّة تشمل الفائدة على 
رأس المال وتكاليف الإيجارء فإنها تتضمن معونة صافية للمزارعين غير 
المستأجرين أو الذين لم يتلقوا سلمًا نقدية. وتؤمّن الدولة معظم المواده من 
بذار وأسمدة ومواد مكافحة» بشروط ميسّرة» وكان المزارعون» فى بعض 
السنوات بدءً!ا من عام 1985» يتلقون من الأجهزة الحكومية أكياسًا مجانية 

كما يبين الجدولان (3 - 3) و(4-3)؛ كانت هوامش الربح التي تسمح بها 
الحكومة تتنؤع من سنة إلى أخرى ومن محصول إلى آخر. وكانت تعلن قبل 
بداية موسم الزرع. وعندما كانت الحكومة تسعى إلى تشجيع إنتاج محصول 
معين في سنة أو فترة معينة» كانت ترفع سعر الشراء. ولا تفوتنا ملاحظة أن 


د10 


هوامش الربح في عام 1990 بالنسبة إلى معظم المحاصيل الرئيسة كانت عالية 
على نحو استثنائي» أعلى بنسبة 81.2 في المثة للقمح القاسي و79 في المئة 
للقمح الطري و45.7 في المئة للقطن و45.1 في المئة للشعيرء وهو اتجاه بدأ 
في عام 1988 وعكس رغبة الحكومة في تشجيع الفلاحين على زيادة زراعة 
«المحاصيل الاستراتيجية؛ بحسب تعبير الاتحاد العام للفلاحين 2" 

بفضل نظام أسعار الشراء الرسمية» لم يعد المزارعون الصغار عرضة 
للتقلبات الموسمية الداخلية فى أسعار الحبوب» تلك التقلبات التى ميّزت 
الفترة السابقة على الإصلاح الزراعي. سابقّاء كان صغار المزارعين» بعد جمع 
المحاصيلء يتوقون للبيع ليحصلوا على المال لتسديد الديون التي تحمّلوها 
في وقت البذار والحصادء وهو ما كان يعطي أصحاب محلات الجملة - 
الخانجية في حلب والبوابٍ يكية في دمشق وأمثالهم في المدن الأخرى الفرصة 
لشراء الحبوب بسعر رخيص وحجزها على أمل تحقيق ربح معقول من ارتفاع 
قيمتها السوقية في وقت لاحق من السنة عندما يقل المخزون. 

غير أنه يجب أن يبقى حاضرًا في الذهن أن تسويق البيض واللحم 
والدواجن ومعظم الفواكه والخضراوات يستمر عن طريق الوسطاء الذين 
يحققون في بعض الحالات أرباحًا كبيرة» إن لم تكن مفرطة. إضافة إلى ذلك» 
ونتيجة عدم كفاية منشآت الخزن والتبريد» كان منتتجو تلك المنتوجات يتضررون 
في ظروف معيئة نتيجة تراخي عناصر بيروقراطية الدولة أو بطء أدائهم. على 
سبيل المثال» في عام 1985 كان محصول الفواكه سريعة التساقط (الأجاص 
والدرّاق والتفاح والخوخ وما شابه) أكثر وفرّة من أن يسوق محليًا. لكن فشل 
البيروقراطية في إصدار الرّخص اللازمة لتصدير الفائض في الوقت الملائم أدَى 
إلى انخفاض حاد في الأسعار وفي النهاية إلى خسائر كبيرة للمزارعين. 

لا توجد أرقام رسمية عن مستوى دخل صغار المزارعين. ولا يمكن أن 
يعطى عنها سوى إشارة تقريبية استنادًا إلى تحرّيات قام بها المؤلف في عامي 
0 و1992 في قرى مختلفة في مناطق مختلفة من سورية. 


(42) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام السابع (دمشة: الاتحاد العام للفلاحين» 1991): 
التقرير الاقتصادي. ص 121. 


106 


الجحدول (3-3) 
متوسط تكاليف الإنتاج المقدرة رسميًا ومتوسط المردود والأسعار الرسمية 
لمحاصيل رئيسة مختارة في 1983 و1991 


ف |« | ف |0 | ف | اي | تود | اد | قا ل سور 


أ متوسط تكاليف الإنتاج (بالهكتار بالليرة السورية) 
1 العمليات الزرامية 


|« الس لنتكا 
ل 0 
عششب | | | | |« | م ءا سل | لل 
عبت |» || |« | # |« | » | »» | | ا 
عماجي | ته | 0د | 2د | وي | 0يتد | مف | فد | ممه | 6ت | لايل 
ستشة | | | | | |" | |« | | | 
تيد :«: | ** | «« | 2 | 2# | 0م |« وي | 6 | 
نجنا |0« | 2« | 1ث | 129 | 9434 | 6موا | ده | فتيهة | عدف | 


2 - مستلزمات الإنتاج 





نك 





المصدر: 0 من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي» الدائرة الاقتصادية. حزيران/ يونيو 1985 
وكانون الأول/ ديسمبر 2 


(أ) استخدمت أرقام عام 1990 للقمح القاسي لأن أرقام 1991 فيها خطأ. 
(ب) تقسيم الأرض على شكل مساكب لأغراض زرعها وسقايتها. 


108 


الجدول (4-3) 


تكاليف الإنتاج وأسعار الشراء وهوامش الربح لمحاصيل رئيسة مختارة 
في أعوام 1980 و1985 و1990 





المصادر: في ما يخص أرقام 0 انظر: الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السادس (دمشق: 
الاتحاد العام للفلاحين؛ [1986]).: التقرير الاقتصادي. ص 65. أرقام 5 و1990 من وزارة 
الزراعة والإصلاح الزراعيء الدائرة الاقتصادية» كانون الأول/ ديسمبر 1992. 


في قرية تبنة في سهل حورانء على بعد نحو 60 كلم جنوب دمشقء 
تُرْرَع الأرض عمومًا بالقمحء وتعتمد زراعتها بالكامل على المطر. في عام 
2 كان أصغر فلاح في القرية يملك 10 دونمات أو هكتارًا واحداء 
والأغنى يملك 130 دونمًا أو 13 هكتارًا. واستنادًا إلى المزارعين؛ فإنّ العائد 
من الزراعة في سنوات الجفافء أي كل أربع سنوات أو خمس.ء يكون معدومًا 
بالمعنى الحرفي للكلمة: أمّا في السنوات الجيدة فكل دونم يغل ستة أمداد أو 
0 كلغ. فإذا افترضنا أن الأرض كانت مزروعة بالقمح القاسي فحسب وأن 
التقديرات الرسمية لتكاليف الإنتاج صحيحة: فهذا يعني في سنة 21990 وهي 
سنة جيدة» دخلا صافيا يراوح بين 4572 ليرة سورية أو 408 دولارات (بسعر 
الصرف الرسمي البالغ 11.2 ليرة سورية للدولار) لأصغر فلاح و59436 
ليرة أو 5307 دولارات للأغنى. لكن ينبغي ألا يغيب عن البال أن سعر 
الدولار في السوق السوداء وصل إلى خمسين ليرة في تلك السئة. 


109 


في قرية محجة المجاورة والأكبر حجمّاء كان العائد السنوي للفلاح من 
قطعة أرض بعلية تبلغ 10 دونمات أو هكتارًا واحدًا اشُلْلُم للم بحسب 
تعبير فلاح عجوز عن الأمر بطريقة بيانية» وهذا تعبير تركي عثماني يعني «من 
قليل إلى لا شيء». كان الدخل الصافي لفلاح من هذا القبيل يقدّر محليًا في 
عام 2 بما لا يتجاوز 5000 ل. س. (446 دولارًا) إلا نادرًا. وكان يجب 
عليه أن يقوم بعمل خارج مزرعته حتى يكسب ما يقيم أوده. وقد عبر أحد 
المحليين عن الأمر بالقول إنه «يعيش من قلَة الموت». وفي القرية ذاتهاء قيل 
إن الفلاح الذي يحوز أرضًا مساحتها 100 دونم أو 10 هكتارات كان يحصل 
على دخل صافٍ يبلغ نحو 45 ألف ليرة سورية (4018 دولارًا). 

في سيانوه وهي قرية في الريف العلوي؛ على بعد ستة كيلومترات إلى 
الشرق من مدينة جبلة؛ كان الدخل الصافي لصغار الفلاحين الذين تبلغ 
حيازاتهم بين 15 و20 دونمًا مرويّاء أو 1.5 وهكتارين» ومزروعة عمومًا 
بالقمح والزيتون والتبغ يراوح بين 40 ألف و50 ألف ليرة سورية أو 3571 
و4464 دولارًا في عام 1991. 


أما في جوار دوماء وهي الآن مديئة كبيرة في غوطة دمشق تقع شمال 
شرق دمشق بنحو 10.5 كلم ومعظم سكانها يعملون أساسًا في بساتين بقصد 
البيع في السوقء فكان أصغر فلاح يحصل في عام 1990 من أرضه البالغة 
دونمين أو 0.2 هكتار والمروية من بثر أو من إحدى قنوات الغوطة على 
دخل صاف يتراوح بين 10 آلاف و12 ألف ليرة, أو بين 3 و1071 
دولارًا. وفى السنة ذاتهاء استنادًا إلى خبير زراعى محلى» كان يمكن أن يصل 
الدخل الممائل لمزارع يحوز أكبر أرض في منطقة دوماء حيث الحد الأقصى 
المسموح به في الغوطة 15 هكتارّاء إلى 300 ألف ليرة أو 26786 دولارًا. 

لكن المزارعين الكبار يشكلونء مثل الفلاحين الصغارء طيفًا من 
العائلات الموجودة على مستويات مختلفة من الدخل. وهي تندرج أساسًا 
في ثلاث فئات. تضم الأولى بقايا البَكَوَات القدماء أو المتحدرين منهم. 
وهم يعيشون في المدن, لكنهم يزدهرون في بعة بعض القرى لأنهم» بحسب 
تعبير الفلاحين المحليين» مدعومين من فوق. الفئة الثانية من طبقة الفلاحين 


110 


اكيس سيد 


الأغنى الريفية ولها شخصية بلوتوقراطية في جزء منها ورسمية في جزء 
آخرء بمعنى أن مكانتها تستند في جزء منها إلى المال وفي جزء آخر إلى 
صلاتها بالحكومة أو حزب البعث. وفي أمثلة معينة» يتمتع نفوذها بأهمية 
تقليدية أيضًا. أمّا الفئة الثالثة فهي رأسمالية على نحو أوضح. وهي تضم 
المستثمرين» ولا سيما المستثمرين في الآلات الزراعية الذين قد يكونون 

في قرية إبين التي يبلغ عدد سكانها 4000 نسمة. والتي زارها المؤلف 
في عام 1985» وتقع إلى الغرب من مدينة حلب في منطقة غنية بالأراضي 
الزراعية المقسّمة بين القمح والشعير والبطاطا والشوندر السكريء ما زال 
البَكَوّات القدامى يملكون 180 هكتارّاء وحصلوا فى السنة الزراعية 
3 -1984» استنادًا إلى تقديرات محلية» على دخل صاف من إنتاجهم 
يفوق 36000 ليرة سورية أو 9172 دولارًا (بسعر الصرف الرسمي البالغ 
حينها 3.925 ليرات مقابل الدولار)؛ أي ما يعادل على أساس الدولار 
6 ليرة سورية في عام 1990. وفي الوقت نفسهه. لم يكن للبَكَوّات 
القدامى سوى القليل من النفوذ على السكان. كانت الهيمنة الاجتماعية تعود 
إلى عشيرة مؤلفة من نحو 26 عائلة أو 200 فرد تفرّعت عن أحد شيوخ قبيلة 
الموالى المعروفة. كانت العشيرة تملك المضافة» وقد خصصت غلة 10 
هكتارات للمحافظة عليها. وينحدر من هذه العشيرة أيضًا مختار القرية ‏ الأمر 
الذي تواصل على مدى أكثر من جيل - إضافة إلى الممثلين المحليين لحزب 
البعث. وكان جميع أعضاء العشيرة يملكون أرضًا جيدة» لكن الملكية كما 
الموارد كانت موزعة ضمن العشيرة على نحو متفاوت. كان أغناهم يملك 
مزارع أكبر» ويملك؛ وهو الأهم» سبعة جرارت من الجرارات الخمسة عشر 
في القرية. ولم يكن بمقدور الفلاحين الصغار أن يدّخروا رأس المال اللازم 
لشراء حتى جرار صغير» وكان سعره في عام 1985 نحو 60 ألف ليرة سورية 
أو 15287 دولارًا إلا إذا تعاونوا أو اجتمعوا معّا”. ولا بد أن هذا يقدّم 
فكرة عن الوزن الاقتصادي النسبي لأفراد العشيرة الأغنى الذين قذّر متوسط 


(43) استشهد بهذا السعر في تشرين» 16/ 6/ 1985. 


111 


دخلهم الصافي في السنة الزراعية 1984-3 تقديرًا محليًا بأكثر من 50 
ألف ليرة سورية (12739 دولارًا). وعلى العكس» بلغ متوسط الإيراد من 
المهن الزراعية للفلاحين الصغار في هذه القرية - بعد حسم التكاليف كلها 
عدا قيمة عملهم الخاص 12 ألف ليرة سورية (3057 دولارًا) فقط. لكن 
حصة الأسد من الدخل المحلي كانت تذهب إلى مالك الحضّادة ‏ الدرّاسة 
الوحيدة ذ في القرية» وهو تاجر منسوجات حلبي يملك أيضًا 12 هكتارًا مزروعة 
بالبطاطا والعيوندن التسكري: كان قد اشترى هذه الحصّادة ‏ الدرّاسة التى 
امتضلا وندرسل ولب الحبوات وه تحرك في الحقل بمبلع 150 الى 3 
سورية (38217 دولارًا). وكان يفرض على المزارعين مقابل تشغيلها لديهم 

ستة أكياس (شوالات) وزن كل منها بين 125 و1386 كلم لكل 100 سن 

من القمح أو الشعير يتم حصادها. فإذا افترضنا أن الآلة لم تستخدم إلا في 
ا 1 
في السنة المعنية إلى نحو 10 آلاف كيس من القمح و9 آلاف كيس من 
الشعيرء فإن دخله الإجمالى من الحصّادة ‏ الدرّاسة وحدها لا بد من أن يكون 
قد تجاوز 73 ألف ليرة وري (18599 دولارًا). 


في بعض القرى الأكثر إنتاجية في منطقة عفرين ‏ مثل الشيخ حديد التي 
تقع على بعد 105 كلم شمال غرب حلبء وكفر صفرة المجاورة ‏ ترى 
بعض التقديرات المحلية أن الدخل الإجمالى للفلاحين والمستثمرين الأغنى 
يراوح بين 100 ألف و200 ألف ليرة سورية (بين 25478 و50955 دولارًا). 
وقيل إن شقيق الممثل المحلي لحزب البعث في إحدى القرى كان يملك 21 
ألف شجرة زيتون» أي أكثر من حد الملكية القانوني ب18 ألف شجرة. 
له إلى ذلكء أن الدخل من هذه الأشجار كان في سنة جيدة ايكفي 
لتزويد نحو خمسين عائلة فلاحية بوسائل المعيشة». 


تضع الاختلافات الملحوظة من منطقة إلى أخرى في دخخل العناصر 
الأغنى المنخرطة في الزراعة حدودًا للمدى الذي يمكن أن يبلغه أي استنتاج 
يُستخلّص من الحقائق السابقة. وفى الوقت ذاته» لا نقاش فى أن طبقة غنية 
تفرد جناحيها في معظم الريف السوري وأن أعضاءها يدخلون في علاقات 
إنتاجية بوصفهم مالكي آلات زراعية أساسًا. ملكية الجرارات والحصّادات - 


112 


الدرّاسات ومضخات الري في البلد هي في أغلبها ملكيّة خاصة. حتى الآلات 
هي» في معظمهاء ملكية خاصة لأعضاء الجمعيات أكثر منها ملكية مشتركة. 
في الحقيقة» من بين ال 43595 جرارًا المستخدمة في الفلاحة في عام 
5 كان 97.7 في المئة مملوكًا ملكية خاصة و1.5 في المئة فقط يعود 
للجمعيات و0.8 في المئة للقطاع العام. ومع عام 50 ارتفع العدد 
الإجمالى للجرارات فى سورية إلى 61628» لكن حصة الجمعيات التعاونية 
هبطت إلى 1.3 في المئة*». 


يُعَذّ الاستثمار فى الآلات الزراعية إحدى الفرص المربحة التى تركتها 
الحكومة قصدًا لرأس المال الخاص فى محاولتها اجتذاب الثروات الجديدة 
المتراكمة بعد عام 1973 وفي الثمانينيات لدى السوريين العاملين في 
الخليج. كانت هذه الثروات والقيود الرسمية على الاستثمار فى ميادين 
أخرى عاملا أيضًا فى فورة أسعار الأرض الزراعية والزيادة الحادة فى 
حقوق ملكية كثير من المزارعين» ولا سيما أولئك الذين تقع أراضيهم 
قرب المدن والبلدات. كان دونم مروي جيدًا (ألف متر مربع أو عشْر 
الهكتار) في سهل حوران في جوار بصرى يساوي في المتوسط ليرة ذهبية 
تركية واحدة في عام 2.1918 و50 ليرة سورية أو 1.5 ليرة ذهبية تركية في 
أواخر الأربعينيات» لكنه كان يمكن أن يدر مبلعًا يصل إلى 50 ألف ليرة 
سورية أو 100 ليرة ذهبية تركية في عام 1980*. وفي المنطقة المحيطة 
بقطنا جنوب غرب دمشقء كانت قيمة دونم من الأرض الزراعية يدرٌ بين 
0 و600 ليرة سورية فى أواخر الستينيات» بحسب درجة خصوبة تربته 
ووصول الماء إليه والطريق الصالحة في جميع أنواع الطقسء نحو 70 ألف 
ليرة سورية في عام 1985. وكان هذا هو السعر أيضًا في السنة ذاتها لدونم 

(44) الاتحاد العام للقلاحين: المؤتمر العام السادس (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 
[11986): ص 153 - 154. والمؤتمر العام السابعء ص 238. 

(45) أحاديث مع مزارعين في منطقة بصرىء بما في ذلك شيخ عشيرة الحمد البالغ ثمانين عامًا 
من العمرء أيار/ مايو 1980. 


113 


ال يد 


من خيرة أرض الغوطة: كان قبل ربع قرن يباع بألف ليرة سورية فقط©“. 
وكان سعر دونم من الأرض ملائم لبناء الفيلات في منطقة مضايا الجبلية 
(على الطريق بين دمشق والزبداني) يساوي 17 ألف ليرة سورية في عام 
5 لكنه صار يباع ب 400 ألف ليرة في عام 1995. 


لكن في حين أنَّ الارتفاع السريع في قيمة الأرض - بمعدل أعلى بكثير 
من معدل انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية ‏ يفيد المزارعين مالكي 
الأرضء فإنه يرتد أذى على الفلاحين المحرومين من الملكية. لأنه يعرقل 
احتمال حصولهم على حيازات خاصة بهم. 


تكلفة التسليف الزراعي المتناقصة 


هناك عوامل أخرى تؤثر في دخل المزارعين ورفاههم. من أهمها ثقل 
العبء المالي الذي يجب عليهم أن يتحملوه لتلبية حاجاتهم الاثتمانية. 


في الماضي.ء قَلّما كان الفلاحون يفلتون من أيدي المرايين. وكانوا مضطرين 
إلى الاعتماد عليهم من أجل المال الجاهز في المواسم السيئة» أو ببساطة 
لتمويل الفترات الفاصلة بين بذر البذار وجمع المحصولء أو في أيام العثمانيين» 
عندما كان ملتزمو الضرائب أو الجنود الذين يمثلون الحكام المحليين ينزلون 
في قراهم ويطالبون بالميري أو رسوم الدولة. كان معدل الفائدة مفرطًا في 
أغلب الأحيان. حيث كان في ثمانينيات القرن الثامن عشر يراوح "بين 12 و15 
في المئة» بل بين 20 و30 في المئة؛ في كثير من الحالات”. وفي عام 1860 
كان المرابون يتتزعون من الفلاحين ما يصل إلى 50 في المئة**. وفي عام 


(46) أحاديث مع ثابت المهايني» المدير العام لغرفة تجارة دمشق (1971- 1983): 11 كانون 
الأول/ ديسمبر 1985 و29 حزيران/ يونيو 1996. 

(0)) ,1783 وجمء! ١6‏ درا امروط نه وجري ولام« ا كأعنحمم1 الإعواول! عل ابعوطععممدت) وتمومم؟ متامفاكمه) 

.1 254 :2 ,(1788 ,لامكقتط10 .ل لعة .ل .6 .0 تدملهمل) .له 2 ,تاعدهظ عط هنمء1 لعاذاكصمء! ,1785 2:10 ,1784 


(48) مخطوط مجهول المؤلف في مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت» ربما يكون كاتبه الكاهن 
ميخائيل صفيرء بعنوان كتاب الأحزان في تاريخ واقعات الشام وجبل لبنان (غير منشورء 1860): 
ص 126. 


114 


2 كان المعدل «العادي» نحو 30 في المئة””. وظلت مراياة «المقرضين 
الأفرادة سوط الريف حتى خمسيئيات القرن العشرين» حيث كان ضحاياها - 
المزارعون أصحاب الملكيات الصغيرة والمستأجرون الذين يمكن إخلاؤهم 
فورًايدفعون في ذلك العقد معدلات قلّما تقل عن 20 في المئة”؟ وغالبًا 
كانت تراوح بين 50 و100 في المئة''". 


كان كثيرون من التجار يتعاملون بالربا مع الفلاحين» ويخفون ذلك تحت 
صور خادعة. وبما أن القرآن (سورة البقرة» الآية 275)؟ يحرّم الربا صراحة» 
غالبا ما كانوا يخفون الفائدة تحت قناع عقد مستقبلي يجبر الفلاحين على 
تسليم جزء من غلتهم أو كلها بأسعار محددة» هي دائمًا أقل من سعر السوق» 
في زمن جني المحصول. وهذه الطريقة يقة التي كانت ما تزال مستخدمة في 
الخمسينيات» تُعرف ب«البيع على الطلع» (وهي تعني حرفيًا البيع عند تبرعم 
النبات)52. 


كثيرًا ما كان الفلاحون ذوو الملكيات الصغيرة في أيام العثمانيين ينقلون 
أرضهم إلى الدائن ضمانًا للمال الذي يقترضونه باستخدام صيغة شرطية من 
نقل الملكية معروفة بالبيع بالوفاء» وهو بيع يحتفظ البائع فيه بالحق بإعادة 
الشراء لدى تسديد الدين. فإذا ما أخفق في تسديد القرض خلال الفترة 
المتفق عليهاء كان يجرد من ملكيته بالكامل. وبهذه الوسيلة انتقلت مساحات 
كبيرة من الأرض إلى أيدي المرابين. ظل البيع بالوفاء ممارسًا حتى عام 


)249 ,11932 أ تعلاعآ ,406/71/14694 20 ,عه0111 مولعمه بممتمافظ أمع 0 
من القنصل مونك ماسون (دمووك! - عاءده81)ء حلبء إلى السير جون سيمون («مهاة مدهل ءز8)» 
لندن. 
(50) حديث مع ثابت المهايني من غرقة تجارة دمشق» 12/11/ 1985. 
() ره اعسمماءده عتدومهمع 76 بأمعسمواءبع7 لهة دمتأءسائموعع8 عه) علمدظ اهمده أ )مد 121 
.89 ,م ,(1953 بووععظ كماعاموه1]! قصطمل تععمستناوة8) مزصرة 


(8) «الذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسٌ ذلك بأنهم قالوا 
إنّما البيع مثل الرّبا وأحل الله البيع وحرّم الرّبا فمن جاءه موعظةٌ من ريّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله 
ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون4. 

(52) أحاديث مع ثابت المهايني» 11/ 12/ 1985 و29/ 6/ 1996. 


115 


5 حين وضع قانون سدّته جمعية تركيا الفتاة حدًا له:#. وصار المدين 
يحتفظ بمصلحته في الأرض قانونيّاء ويستطيع حتى أن يبيعها وتبقى خاضعة 
لحقوق الدائن. وفي حال عدم سداد القرضء لا يستطيع المقرض أن يصبح 
مالك الأرض» بل يمكنه أن يضعها في المزاد العلنى فحسب وأن يأخذ ماله 
من العائدات. ١ ١‏ 


ظلت الحكومة» وبغض النظر عن هويتهاء عثمانية أكانت أم فرنسية أم 
سورية؛ تنجاهل في الممارسة على مدى قرن : كرا البدا السلا القنيم 
القائل إن إقراض المال مقابل فائدة حرام. وفي عام 1888 أَسَسٌ المصرف 
الزراعي العثماني في مبادرة كان هدفها المزعوم تحرير المزارع من المرابين» 
وفي عام 1918 خلف المصرف الزراعي الحكومي ذلك المصرف. وفي 
ما بعد أعيدت تسميته بالمصرف الزراعي السوري. وقدم المصرفان القروض 
بأسعار فائدة معقولة: 6 في المئة في عام 1888**» و10 في المئة في فترة 
81929-8*. و3 في المئة في عام 6*1932» و4 في المئة بين عامي 
8 9و71942*» و6 في المئة في عام 6*1953). لكن في البداية» كان 
الأشخاص المتنفذون من مالكي الأرض يلتهمون الأموال التي يقرضها هذان 
المصرفان, وكانوا يعيدون إقراض المال لفلاحيهم بفاكئدة بإهظطة. ٠‏ وفي عام 
8 أُصلح النظام» وطبقت رقابة أدق على منح الائتمان. وخفض حجم 


(53) ,3008/85/44 8 ,406/44/4694 0" بعه015 مواعمهة ,متما8 امعد 

المحتوى رقم 7 بعدوان «ملاحظة على قانون الرهن» المرفق برسالة بتاريخ 10 تشرين الأول/ 
أكتوبر 1920.» من السير ه. صامويل (اءنا«مه5 .81 ز5)» القدسء. إلى الإيرل كيرزون » لندن. 

(54) سعيد حمادة؛ النظام النقدي والصرافي في سوريا (بيروت: المطبعة الأميركانية» 1935)» 
ص 33-31. 

(55) ,1144/842/89 8 ,406/71/4694 0" بعه015 مواعءه ,متمائء8 غم 

رسالة بتاريخ 20 كانون الأول/ ديسمبر 1932.» من القنصل مونك ماسون.ء حلبء إلى السير 
جون سيمونء لندن. 

(56) ,(1936 ,ووع86 اتقءأتعصيط تالمأه8) مأجرى زه «مأامعاجممج0 عأتومرمعظ .لت ,طعلفصستطط .8 لألوع 


30م 

7) .5 .م ,وصنزق بمدتكلال ععمععنالعنها لدنداة ,لإلأتصلة ,متمافظ امع 
() زه اعتمماعهك8 ورمع 716 ,انع طرمواءء2 انه موتاءبصاكومعءع2 ع0) علقد8 أقدمأتجمعاما 
.7,89 ,مسري 


16 


7م 


القروض كثيرٌاء وخفض الحد الأقصى لكل مقترض من 5000 إلى 500 ليرة 
ذهبية تركية؛ وقيّد بعشرة أضعاف العشر السنوي على الأرض المرهونة©. 
وبما أن سعر صرف الليرة الذهبية كان 16.5 ليرة سورية في عام 01930 
وصل الحد الأقصى في تلك السنة إلى 8250 ليرة سورية» لكنه خفض أكثر 
في عام 1953 حتى بلغ 7500 ليرة سورية.'' وعندئظٍ توافقت سياسة 
المصرف الائتمانية بوضوح مع متطلبات المزارعين العاملين المتوسطين 
والصغار. وعلى أي حال» ظلت الكتلة العظمى من الفلاحين حتى عشية حقبة 
الإصلاح الزراعي تحت سلطة المرابين. ويكمن جزء من تفسير ذلك في 
جدارتهم الاثتمانية المتدنية وإصرار المصرف على وجود ضمانة جيدة. لكن 
العامل السببي الأساس كان النقص الواضح في موارد المصرف. 


في الأعوام السابقة على الإصلاح الزراعي» لم يكن هناك سوى عدد 
قليل من غير المدنيين بين المستأجرين أو الفلاحين المالكين الصغار. وفي 
منطقة مثل حوران» كان أصحاب المستودعات (البوايكية) والتجار ‏ المرابون 
(السراة) من دمشق يوقعون عمليًا جميع المزارعين في شباكهم. وكانت 
حوران لفترة زمنية طويلة جدًا مخزن حنطة جنوب سورية. وكان أهلهاء وهم 
في معظمهم من الفلاحين الصغار» يبيعون غلالهم في أسواق يتحكم فيها 
تجار من العاصمة. وحتى في بلدات حورانء كان أصحاب المحلات في كثير 
مسن الأحيان دمشقيين. وأصبحت علاقاتهم في الأساس علاقات مدينين 
ودائنين. ويمكن تفسير ذلك جزئيًا بقصر نظر الحورانيين الذي يعبّر عنه أحد 
أمثالهم المفضلة: «اصرف ما في الجيبء يأتك ما في الغيب". أما الدمشقيون» 
على الجانب الآخرء فيفضلون المثل القائل: «خبّيى قرشك الأبيض ليومك 
الأسودة2» لكن تجار العاصمة كانوا أيضًا أبرع من الحورانيين في الأمور 


(59) الأخبار والنظام؛ دليل الجمهورية السورية» 1940-1939 (دمشق: [د.ن.] 1940)) ص 265. 
(60) الجمهورية العربية السوريةء وزارة التخطيطء مديرية الإحصاءء المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 0 وص 121. 
(0) ره اعسبمماعو2 أاأبممبمءظ 71:6 بامعمومواءنء]1 لمة صمتاءتصاعممععه ع5 علمدظ أقعمتأقمعاما 
7.9 مارك 
(62) الملاحظات السابقة استنادًا إلى أحاديث مع مزارعين من حوران؛ بمن فيهم محمود الحمد» 
شيخ عشيرة الحمدء وابن أحمد جمال الحريريء الزعيم السابق لقبيلة الحريري» أيار/ مأيو 1980. 


117 


المالية» وأكثر حسابًا بالتأكيد. وإضافة إلى ذلك كانت آلة الدولة طوع بنانهم. 
فكانوا بذلك قادرين على وضع شروط التجارة والائتمان بطرائق تتلاءم مع 
مصالحهم. 

حوران. فلم يكن التاجر شخصية شعبية بين الفلاحين الدروزء حتى إِنّه كان 
عرضة لشجب بلا حدود في الأدبيات الأخلاقية لشيوخهم. يقول مثل يختصر 
رأيهم على أفضل وجه: «صاحب التجارة لا بد له من الرباء والمرابي لا بد له 
من النار 26206 


بدأ تحكم المرابين بالفلاحين يضعف في أثناء الوحدة المنحوسة بين 
وصول حزب البعث إلى السلطة في عام 3. 


أولاء انسعت شبكة فروع المصرف الزراعي التعاوني ‏ وهو الاسم 
الحالي لأكبر مؤسسة لتقديم الائتمان الزراعي ‏ في العقود الثلاثة الماضية 
على نحو متصاعد. كان للمصرف 30 فرعًا في عام 91953“» و51 فرعا في 
2:4 و62 فرعا في 691986) و71 فرعا في 71990. وساعد ذلك 
في جعل تسهيلاته أقرب إلى مستوى القرية. 


انيّاء ارتفع مبلغ القروض المقدمة من المصرف من متوسط سنوي مقداره 
8 ملايين ليرة سورية في الثلث الأول من الخمسينيات إلى متوسط سنوي 
مقداره 4631.8 مليون ليرة بين عامى 1986 و1990 (انظر الجدول 5-3). 


(63) عن هذا القول» انظر: حنا أبى راشدء حوران الدامية: جبل الدروز (القاهرة: مكتبة زيدان 
العمومية» 1926)») ص 213. ١‏ 

(64) إن أنء:مماءمء2 ءأنو7مء5 776 بااعسرماءبعء5 لهة ومأأءبذكومععه عه؟ علمو8 أمدمنكمصعاما 

0 0 ,واسرك 


(65) الجمهورية العربية السورية. رئاسة مجلس الوزرا المكتب المركزي للإحخصاء. المحموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 5» ص 816. 

(66) الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء. المكتب المركزي للإحصاءء المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 7»؛» ص 492. 

(67) نعيم جمعة؛ التمويل الزراعي (دمشق: [د.ن.]» 1991)؛ ص 12. 


1138 


وفي الفترة الفاصلة انخفض سعر صرف الليرة السورية في السوق الحرة أو 
السوداء من متوسط يبلغ 3.62 ليرات مقابل الدولار في عام 1953* إلى 
متوسط يبلغ 12 ليرة للدولار في عام 1985 و50 ليرة في 71990“. 


الحدول (5-3) 


القروض النقدية والعينية المقدمة من مصرف سورية الزراعي أو المصرف 
الزراعى التعاونى (1990-1947) 


المتوسط الستوي (نسية 
القروض النقدية) 


المصادر: استنادًا إلى أرقام فى: المجموعات الإحصائية والمجموعة الإحصائية الزراعية السنوية 
لسنوات مختلفة. وفي: 071ىمء2 176 بأمعسترماءنء12 لهة دمناءتمامومءعع1 ع0؟ علمد8 أممهتتقمعاما 
رللمأعصتطمة/لا) 993[ ابمجيء8 إترء«مماءتء2 #أجهمط![ علمفظ لاعوبلا :343 ,م ,ويرك ره انرء«بررماءبه12 


:38 .م ,([1993] كلمدظ لاروكلا ع1 :.2.0 - 


(68) استنادًا إلى أر قام في: 772 بامعممماءبت7 هد ممناءيماعموعع. 56, علمد8 أمدوأتقدعاما 
.244 .م ,سرك زه انع «رمماءنت 2 أأبوتوءظط 


(69) كان الهسبوط في سعر الصرف الرسمي لكل دولار أميركي من 2.19 -2.20 ليرتين 
سوريتين في عام 1953 إلى 3.90 - 3.95 ليرات في عام 1985 و11.225 ليرة في عام 1990. 


119 





67 


ديحيى عرودكي» الاقتصاد السوري الحديث (دمشق: [د.ن.اء 1972) ص 183. ونعيم جمعة» التمويل 
الزراعي (دمشق: [د.ن.]. 1991)» ص 225. 


(أ) سنوات الاستقلال الأولى. 

(ب) سنوات حكم عسكري مباشر. 

(ج) سنوات حكم عسكري غير مباشر يتمتع فيه ضباط من الجناح اليساري بسيطرة جزئية 
(د) فترة الوحدة مع مصر 

(ه) سنة الانفصال. 


(١‏ فترة الجناح اليساري من حزب البعث. 


فا كر اجن جاجدو 2 3 )4 فإن قسنة معقولة قله 
القروض تُمْتّح عينيًا: ذلك أنَّ المصرف ب يتمتع باحتكار توزيع البذار ومواد 
المكافحة والأسمدة» وكان يقدم هذه المستلزمات إلى الفلاحين بأسعار 
مدعومة. علاوة على ذلك» تقدم القروض بأشفاز فائدة تقل بصورة واضحة 
عن تكلفة اقتراض الأموال. كان سعر الفائدة على الإقراض للمزارعين الأفراد 
المعو الثاي من السكييات والتصت الأرلددن السبعديات 5 في المئة 
في المئة على السلف التي تقل عن 50 ألف ليرة سورية و7.5 في المئة على 
المبالغ التي تزيد على ذلك. ومنذ عام 171 » خفض سعر الفائدة على 
القروض الصغيرة إلى 3 في المئة» في حين بقي ذاك الذي على القروض 
الكبيرة ثابنًا لم يتغير. وانعكس تحيّز الحكومة لمصلحة الفلاحين في مسألة 
تكلفة الائتمان في حقيقة أن أسعار الفائدة التي يفرضها المصرفان التجاري 
والصناعني مئذ عام 1981 على التجار والصناعيين الأفراد راوحت بين 7.5 
9 في المئة. وبحلول عام 1991» لم تكن أسعار الفائدة قد تغيرت للتجار» 
لكنها ارتفعت إلى 10-9.5 في المئة للصناعيين. 

ثمّة مزيد من المعاملة التفضيلية التي تُعامّل بها الجمعيات التعاونية 
الزراعية. إذ كانت الفائدة على القروض التي تحصل عليها قبل عام 
1 قليلة إلى حد 4 في المئة»ء وبدءًا من تلك السنة راوحت بين 2 
و6 في المئة» لكنها راوحت في عام 1991 بين 4 و6 في المئة» بحسب 


10 


المبلغ الممنوح. . وهي تحصل منذ منتصف الستينيات على حسم يبلغ 5 
في المئة على المنتجات كلها المقدمة من المصرف الزراعي التعاوني. 
وفوق ذلكء ثمّة تمييز لها في السنوات الأخيرة في ما يخص القروض 
طويلة الأجلء لكن الكتلة العظمى من الإقراضء سواء أكانت للجمعيات 
أم للمزارعين الأفراد» كانت للسلف قصيرة الأجلء أي تلك التي يقل 
أجلها عن سنة واحدة00©. 


القروض قصيرة الأجل هي عمومًا للبذار ومواد المكافحة والأسمدة» 
والمال العامل» وتُسْمَرَدٌ خلال 300 يوم. أمَا القروض متوسطة الأجل التي 
يراوح أجلها بين سنة وخمس سنواتء والسلف الأطول أجلا فتَمْتَح لشراء 
آلات أو ماشية وللإنشاءات وتحسين الأرض. 


عاد الاثتمان الزراعي بأعظم المنفعة على مزارعي القطن. أمّا المستفيدون 
الرئيمسون الآخرون فهم المستثمرون بالآلات والتجهيزات ومزارعو الحيوب» 
وفي منتصف الثمانينيات زارعو الأشجار المثمرة©. 

في ماعدا أعوام 1984 و1985 و1987 من فترة حكم الأسدء تلقت 
الجمعيات» المسجّل فيها معظم الفلاحين الصغار الذين شكّلوا في عام 1991 
ما نسبته 83.7 في المئة من - جميع السوريين الناشطين اقتصاديًا في الزراعة 
باستثناء أصحاب الأمار 0 م إجمالي تسليف المصرف الزراعي 
التعاوني تقل عن حصّة القطاع الخاص الذي يضم في الأغلب كبار المزارعين 
وأصحاب الأعمال الزراعيين. وكما يبين الجدول (3 - 6)» كانت حصة القطاع 
الخاص 68.9 في المئة في عام 1971 و52.4 في المئة في 1995» وحصة 
الجمعيات الزراعية 28.3 في المئة و45.9 في المئة للسنوات نفسها. وفي 


(0) تستند الملاحظات في الفقرتين السابقتين إلى بيانات في: عل اه عدوعدم عل عطادمة م0110 
أ ملأاواء عع بعلاوائراهاته علناط ‏ تعتمعاسرى م«بأنعاجعه' أ “د ع«زهاترء :عمل علناظ ,الو أأمالء سناع ول 
:18 ! .م ,(1970 ,.هة .1 .0 :كهميهجا) مبروأاكزاماى 
وفي: الدبيات» سلمية ومنطقتهاء ص 234؛ وجمعة. التمويل الزراعي» ص 66-65و120. 
(71) استنادًا إلى أرقام في الجمهورية العربية السورية؛ وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي» 
المجموعات الإحصائية الزراعية السنوية لسنوات مختلفة. 
(72) انظر الجدول (20 -1). 


هذا المجال؛ من الضروري أيضًا أن يبقى في الذهن أنه حتى عام 1995 كان 
7 في المئة من المساحات المزروعة فعلًا و57.6 في المئة من المساحات 
كلّها القابلة للزراعة لا يزال في القطاع الخاص7©. 


الجدول (6-3) 
توزيع القروض العينية والنقدية التي منحها المصرف الزراعي التعاوني 
في سنوات مختارة في فترة الأسد بحسب القطاع (بملايين الليرات 
السورية) 





المصادر: الجمهورية العربية السورية» وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي: المجموعة الإحصائية الزراعية 
لعام 1 » ص 71-69؛ المجموعة الإحصائية الزراعية لعام 9 © ص 284 - 285؛ الجمهورية 
العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة الإحصائية لعام 
6»: ص 183! المجموعة الإحصائية لعام 1990. ص 145؛ المجموعة الإحصائية لعام 1994: 
ص 147؛ والمجموعة الإحصائية لعام 1996» ص 152. 


(73) استنادًا إلى أرقام في الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط. مديرية الإحصاءء 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 6» ص 111. 


12 


م 


إذا ما أخذنا في الحسبان مجموع الائتمان الممنوح من المصارف 
السورية المتخصصة كلّهاء فمن الواضح أنَّ الحصة النسبية التراكمية للزراعة 
كانت ذات اتجاه هابط بحدّة بين عامي 1971 و1985» لكنها ارتفعت في ما 
بعد (انظر الجدول 7-3). وذهبت حصة الأسد إلى التجارة؛ إذ وصلت إلى 
4 في المئة في فترة 1959-1957» وإلى 78.1 في المئة في الفترة 
1975-71 لكنها انخفضت إلى 47.7 في المثئة في الفترة 1981 - 1985» 
لترتفع إلى 71.6 في المئة في فترة 001994-17 

في غياب معلومات أوثق صلة بالموضوعء من غير الممكن أن نحدّد 
بدقة هل ارتدّت السياسة الاثتمانية للمصرف الزراعي التعاوني في الممارسة 
لمصلحة المزارعين الصغار أم الكبار والمستثمرين. لكن وزير الاقتصاد 
اعترف في تصريح عن القروض الزراعية والصناعية في عام 0 بأنَّ 
«الكثير من الاثتمان كان يذهب إلى أشخاص لديهم ما يكفي من الأموال56©. 
أكثر من ذلك هناك أدلّة على أنه لم يكن جميع الفلاحين متحررين من قبضة 
المرابين الخاصين الجشعة. واشتكى أحد ممثليهم في مجلس الشعب في عام 
7 من أن معدلات فائدة تصل إلى 40-30 في المئة كانت تنتزع من 
المنتتجين.*© ومن الواضح أنَّ هناك عوامل فاعلة تجبر المزارعين الصغار 
على الرجوع إلى المرابين. فالفلاحون يتذمرون من الإجراءات البيروقراطية 
الرتيبة. ومعالجة القروض غالبا تكون بطيئة جدّاء وفى بعض الأحيان لا 
تذهب الأموال العاملة إلى الفلاحين عندما يحتاجون إليها. ومعايير الأهلية 
لنيل القروض صارمة جدًا على الفلاحين الصغار الذين هم خارج المنظومة 
التعاونية. وما زالت القروض قصيرة الأجل لهؤلاء المزارعين تتطلب ضمانة 
مشتركة من ثلاثة أفراد» ويجب ضمان القروض المتوسطة والطويلة بحقوق 
ملكية خاصة لا تتجاوز 60 فى المئة من قيمة الأرضء أو 40 فى المئة إذا 
كانت الأرض مشجرة. وعدد العاملين المدربين المختصين بالائتمان هو 


(24) استنادًا إلى أرقام في المصادر الواردة في الجدول (3 - 7). 

250 4 .م ,(1980 طععما!) اععوا2 عادبمسمعط اممط علاط «هاسرك» 

(76) كلمة لدياب الماشي في جلسة مجلس الشعب بتاريخ 21 شباط/ فبراير 1977» الجريدة 
الرسمية (الجمهورية العربية السورية)» العدد 31. 4/ 8/ 1977. ص 64. 


123 


أيضًا غير كاف. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن المصرف الزراعي 
التعاوني ما زال لا يملك ما يكفي من الموارد لتلبية حاجات الفلاحين 
يالكامل» على الرغم من التوسع السريع في حجم الاثتمان الزراعي في 
العقدين الماضيين. 


الجدول (7-3) 
حصة الزراعة من إجمالي الاثتمان الممنوح من المصارف المتخصصة كلهاء 
1994-7 (بملابيين الليرات السورية) 


المتوسط السنوي لإجمالي | المتوسط السنوي للائتمان 
الاثتمان إلى جميع إلى القطاع الزراعي 
القطاعات الاقتصادية (1) 


1959-7 
1962-0 
1966-3 
1970-27 
1975-1 
1980- 6 
1985-71 


1990-6 


المصادر: استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 
للإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1971: ص 312- 313؛ المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 1974» ص 797؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1980 ص 4511 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1986 ص 585! المجموعة الإحصائية السنوية السورية 
لعام 1990. ص 445» والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1996» ص 481. 

(أ) أبتٍ في الذهن متوسط معدل التضخم السنوي والانخفاض على مر السنوات في قيمة الليرة 
السورية رسميًا وسوقيًا (الجدول 5-3). 





ثمّة عامل آخخر له أثر مهم في دخل المزارعين ورفاههم؛ هو النظام 
الضريبى. 


وكانت الضرائب على الزراعة في أيام العثمانيين تنازلية» واتجهت فعلياء 
وبغض النظر عن نية الحكومة» إلى انتزاع الموارد من عناصر المجتمع الأقل 
قدرة على تأمينهاء ضاربة بقوة أفقر المزارعين والفلاحين وأضعفهم. ولم يكن 
أي جزء من المبالغ الكبيرة المحصّلة من هذه الطبقات يرجع إليها على شكل 
خدمات اجتماعية. وليس هناك أي دليل على أي محاولة جدية من الحكومة 
في ذلك الوقت لدعم كفاءة المنتجين الزراعيين أو تحسين نوعية حياتهم. فهم 
من وجهة نظرها مجرد مصدر للويرادات. 

والحالء أن المقدرة الضريبية للفلاحين جرى تجاوزها في بعض المواقع 
من مناطق معينة. وهذا ما تضافر مع غارات البدو والأكراد والتركمان» أو 
الاستحقاقات الثقيلة التي فرضها شيوخ القبائل العربية تحت اسم الخوة - وهو 
تحوير لكلمة أخوة ‏ ليؤدي إلى هجرة واسعة النطاق للحقول والقرى. وفي 
عام 1787» كتب سي إف فولني (062ا0/ .5 .0)» وهو رحالة أوروبي ذو بصيرة 
نافذة» «كان عدد القرى فى دفاتر أو سجلات الضرائب القديمة [فى باشاليك©» 
(»اقاكة5) حلب]ء يصل إلى 0م أما حاليًا فلا يجد المحصل 400 قرية إلا 
بشق النفس. ورأى كثير من تجارناء ممن أقاموا هناك عشرين سنة» الجزء 
الأكبر من ضواحي حلب يتحول إلى مكان خال من السكان»77. وفي حوران 
جنوب سورية؛ حول الابتزاز المستمر الفلاح إلى وضع ليس أفضل بكثير من 
وضع العرب الرخل»» حسبما لاحظ الدارس الدقيق جان لوي بوركهارت في 
عام 1812. وعلى أمل تلقي معاملة ألطف. كانت العائلات الفلاحية «تنتقل 
باستمرار» من مكان إلى آخر «لتكتشف أن النظام ذاته يسود في كامل البلاد)9©. 
وفي منطقة العلويين» لاحظ أحد الفلاحين في عام 1850 أو نحوه. ردًّا على 

(8©) باشاليك (٠ذاهطود)‏ هي منطقة يحكمها باشاء وتكتب أحيانًا بالقاف: باشاليق [المترجم]. 

(147.)72.م ,2 .أ0؟ ,1785 تبه ,1784 ,1783 عممءلا 1 هذ انرو تبه متجبرى طعبممط! واعنهم!1 ,لإعهامنا 


(28 .299 .م ,انما عزاه1] :زا همه وبري ورا وأعنه 72 بالمقط امير 


125 


ال هد 


سؤال عن ندرة أشجار الفاكهة: «لماذا أزرع شجرة؟ لن يسمح لي بالأكل من 
ثمارها... لا نزرع من الذرة سوى ما نستطيع إخفاءه في الحفر والتجاويف»'”7. 
وفي بعض المناطق» كان الفلاحون يخبئون الحبوب في حجرات تحت الأرض 
تسمى المحميات ضمن حفرة جافة عميقة محفورة في الصخر ومغطاة بالقش 
لحمايتها بشكل جيد**. حتى في عام 21910 بعد زمن طويل من تطبيق 
سلسلة من الإصلاحات المعروفة بالتنظيمات التى جعلت المطاليات الضريبية 
أقل جورًا وطريقة الجباية أقل مزاجية» كان كثر من مزارعي الزيتون يقطعون 
أشجارهم لأن الضرائب «غالبًا كانت تفوق العائدات التي يحصلون عليها من 
المزروعات)07. 

كانت الضريبة الرئيسة على الزراعة قبل حقبة التنظيمات وفي جزء منها 
(1876-1839) تسمى مال الميري (مستحقات الدولة)» أو باختصار الميري» 
وتشمل العُشر التقليدي. وهناك شيء من الشك في كيفية التعامل مع غلة 
الأرض الملك ان الأرض المماواية يلحبة ناا مطافةكخلة بار الأكبر من 
بساتين الفاكهة في غوطة دمشق. ويرى أحد المصادر أن الأراضي الملك كانت 
«في العادة» خاضعة للعُشر وحده ولم تكن تدفع أكثر من العُشْر2*. غير أنّه 
استنادًا إلى القانون 0 الصادر بتاريخ 9 حزيران/ يونيو 1905. لم تَعَدٌ 
الأرض الملك تتحمل أي عشر**» ومن غير الواضح هل كان ذلك تجديدًا أم 
استمرارًا لممارسة قديمة. على أي حال. كان الملك محدودًا في جوار المدن» 
وكان معظم الأرض الزراعية من الناحية القانونية أميريًا أو أملاكًا للدولةء 
وكانت تلك الأجزاء من غلتها الإجمالية السنوية التي يتنازل عنها الفلاحون 


(79) واسزد بصوطملة إن جاعع3 اماع35 عرزا ها اأعةل| ل :رإءءأعمنضذا قتره أء برعا :11 رعلنزآ اعناسيوة 
.118 .م ,(1853 ,[طم .م] :مملدما) 
(80) في ما يخص مصطلح محمية» انظر: محمد سليم الجندي. تاريخ معرة النعمان (دمشق: 
وزارة الثقافة والإرشاد القومي. 103 -1964).ج 2 ص 4 
(0) مسري جذ م7700 أعزاتم8 إن تاععصعم؟6 قله كانماناكدم0) ع ومو ارمصع8 ,إعلعلدء للا امعمرط 
.58 .م ,(1911 011 لعمم و51 .11 .11 الاملتمل) 


(82) زه اعمص«! علا ره «فنه3 ا اعهلاا ذا جه «راءاعم3 عأسيعاعا معدم لأمعدظ! مه ططتن ومالتسداط 
مها ,] .لمن ,(1957 رووعم لكلو امنا لم01 تمعلهما) تحمط عمءلط عدا جا عمآنن) «رعاعمانا ««ه «وذامعزاط) روات 
.246 .م ,1 


)23 .345-346 بجح ,مرك ره ددمنامع دمج 0 عأنممبوعط ,تاعلمستتا 


126 


للحكومة تعتبر في جزء منها إيجارًا. وكانت هذه الأجزاء تختلف من منطقة إلى 
أخرى يسكب «الأنظمة القديمة). ففي باشاليك حلب كانت عَشرًا أو ثُّمنًا أو 
سُبعًا أو خمسًا 04 . وفي حوران. كانت الميري تجبى على الفدان؛ وهو مصطلح 
ينطبق على كل من النير الذي يربط على رقاب الثيران وعلى مساحة الأرض 
التي تحرثها تلك الثيران في يوم واحدء وهذه بدورها كانت تختلف بحسب 
الأحوال. وفي منطقة حمصء كانت تستخدم كلمة الفدان الرومى» وتدل على 
زوج من الثيران (بالمناسبة» في عام 1812 كان الفلاح الذي يملك زوجين أو 
ثلاثة من الثيران يعتبر غيًا)!27". وكان زعيم يم القرية يحدد مبلغ الضريبة الذي 
يتحمله ذاك الفلاح» أو أي فلاح آخرء بحسب عدد فدادينه بالنسبة إلى العدد 
الإجمالي للفدادين المحروثة في سنة معينة» وكانت الضريبة تفرض على كل 
قرية في دفتر الضرائب الخاص بالحكومة بمبلغ مقطوع معين «كان أحيانًا يُرفع 
لدى افتراض زيادة في عدد السكان أو تحت أي ذريعة أخرىء لكنه لم يكن 
ينقص قط عند حدوث نقص في عدد القاطنين»*". 

كان باشا المنطقة الذي يجبي الميري عينيًا أو نقديّاء يقوم في العادة 
بتلزيمهاء وغالبًا كان التجار الأغنياء أو المضاربون أو الصرّافون يلتزمونهاء 
ويعيدون تلزيمها في بعض الأحيان إلى آخرين لقاء مبلغ أعلى. وفي أوائل 
العقد الثاني من القرن التاسع عشرء كانت جباية الميري لكامل باشاليك دمشق 
فى أيدي صرّافى الباشا اليهود الذين كانوا يأخذون 2.5 فى المئة على إيراداته 
ونفقاته» وكان وكلاؤهم ينزلون في القرى وقت جني المحصول ليجبوا الميري 
واعادةً ما كانوا ينتزعون لأنفسهم شيئًا ما7(6. 


)24 ر(1840 ,[.طام .ه] تمعلهمط) متصرد ره كءأاكااما3 أواع مم0 ع١‏ جره ارممع8 ,ومتصحه8 معطمل 

4 لهة 123 .مر 

(285 ,295 .2 ,انما صامط :11 4ه متجرك دز كأعحصطة1 ,الممطاعين8 
استنادًا إلى المؤرخ السوري عبد الكريم رافق» في مطلع القرن العشرين كان الفدان الرومي 
يساوي نحو 13.68 هكتارًاء والفدان الآخر الذي يسميه الفدان الخطاط 0.57 من الهكتار؛ انظر: 41م 
نط «,1 1743-7 عل أوزارريه©) العلرممء عط؛ لمة كناءعددمة1 مععسحعط كممتتواع11 عتصممصوع8» روعلق8 ستمك1 
ربماكالا أماعه3 فره عنوبمسمعظ ا ععأفياى :700-1900 ,اكمظ 4440/6[ عاتجماوة +78 .له ,1100160 ل .م 
.5 ,(1981 ركقع:8 ررأبسية2آ1 :.ز .لل بمماأععمءط) 

)2536 0 م.م ,ماتمط عراه1] عط تنه وأسزى جز عامم 1 ,الممطاعسسه 

(27 .3 .مم ب.لأط1 


127 


إلى جانب الميري» كان على الفلاحين أن يؤمّنوا مصاريف إطعام الجنود 
في مسيرهم وأن يدفعوا عددًا من المستحقات الأخرىء بما في ذلك ضريبة 
أعمال الطرق» وضريبة الأغنام» على شكل مبلغ ثابت على كل رأس.ء والمُحَرّمية 
وهي مكس عثماني قديم كان يجبى في القرى بمعدل غير معروف على أساس 
عدد الثيران المملوكة**. وفوق ذلك كلهء كثيرًا ما كان الباشا يفرض على 
الفلاحين ضرائب «استئنائية». ونتيجة عدم وجود أي مبدأ ناظم لتلك الضرائب» 
كان الفلاحون يعيشون في شك غير عارفين ما المبالغ التي قد تنتزع منهم من 
سنة إلى سنة. ولتلبية تلك المطالب» كان على النساء أحيانًا أن يتخلين عن ما 
يكسبنه وعن أساورهنء وكان على الرجال أن يتخلوا عن مواشيهم””. 

كان الأثر النهائي الصافي للتنظيمات هو تحقيق شيء من الراحة 
للفلاحين وذلك بخفض عدد الضرائب غير المتوقعة وتقييد قدرات ملتزمي 
الضرائب على الظلم وتصحيح بعض المساوئ الأكثر سفورًا في النظام 
الضريبي. وعلى الرغم من أن التقديرات أصبحت أقل اعتباطية» ظل تقدير 
المحاصيل يعتمد على العين إلى حدٌّ بعيد. وظل ملتزم الضرائب يُعْتبر لدى 
القرويين نقيض الخيرء وكان اقترابه يوحي بالفزع والرعب. وفشلت محاولات 
الاستغناء عن التلزيم العمومي للضرائب وفرضها مباشرة عن طريق وكلاء 
الحكومة نتيجة صعوبة إيجاد موظفين مؤهلين وموثوقين. وعشية الحرب 
العالمية الأولى» وبينما كان العهد العثمانى يقترب من نهايته» كانت الضرائب 
على الزراعة لا تزال تطرح للمزايدة العامة إلا في المناطق التي كان الوصول 
إليها يسيرًا. 

في ذلك الوقتء كانت الضريبة الأهم على المزارعين هي العٌشرء كما في 
السابق. وكانت قد فرضت فى الأصل بنسبة عشر الغلة الزراعية» لكنها وصلت 
في عام 1914 إلى 5 في المئة» وكانت تجبى في معظمها عينيًا وقت 
الحصاد قبل الجَمْع» أو حين يكون المحصول على أرض الدرس. وفي المرتبة 


)288 في ما يخص هذا المكس» انظ ير ؛ ,70ر3 إن كع ااعلاماى أولع من ءا ده اسمصء؟! ,وم و8 
71 


(289 .301-03 بجع ,صما عراماط ءا فصت واصترى مذ كاعنوط7 بالمقطاععيه 


128 


61 


الثانية من الأهمية تأتي «الكودا» أو الضريبة على رؤوس الحيوانات. وكانت 
تفرض على أساس شيء من التشابه مع التعداد السنوي بمعدل خمسة قروش 
تركية (نحو تسعة بنسات بريطانية) لكل رأس من الغنم ونحو عشرة قروش 
لكل جمل. وإضافة إلى ذلك. كانت تجبى ضريبة قدرها 0.5 فى المئة (0.4 
في المئة في عام 1886) وتُعْرَف بال «ويركو» على القيمة الرأسمالية للأرض 
الميري. الأرض الملك التي لم تكن تدفع العُشرء كانت تخضع لمعدل 
«ويركو» أعلى: 1.6 في المئة من قيمتها. وفوق ذلك كله» كانت تفرض على 
كل شخص ضريبة تبلغ ليرة ذهبية تركية واحدة (18 شلنًا و0.75 دايمًا)؛ تدعى 
«كرّوزة». وكان على كل ذكر بالغ أن يقدم أيضًا ثلاثة أيام عمل مجانًا في كل 
عام لإنشاء الطرق أو أن يدفع مقابلها نقدًا 16 قرشًا (شلنين و4 دايمات)9©. 


تشير الأدلّة إلى أن أهل الزراعة كانوا يتحملون العبء الضريبي 
الأساس”*» وأن الأغنياء وملاك الأرض النافذين فى كل من المدينة والريف 
ريّما كانوا يدفعون؛ عبر «تأثيرات غامضة»»؛ أقل من الحصة الحقيقية المترتبة 
عليهم» ويعوضون عن الفرق بالمبالغة في زيادة الأعباء على الفئات الأفقر من 
السكان*» مع أن الضرائب الثابتة (تمنة ؛لت) كانت هي ذاتها تصاعدية 
بالمقلوب. بمعنى أن معدلاتها الفعلية ترتفع بمتوالية هندسية مع تناقص ثروة 


(90) فى شأن الكرّوزة ومبلغهاء أنا مدين لسلاح عجوز من تدمرء أجريت معه حديثًا في 18 

القرن التاسع عشرء 1840 - 1876 (القاهرة: دار الجيل» 1 -1962). ص 462-61 
,353-354 له 345-346 .رم ,مامز زه مالم اضمع,0 عأرمرمعظ برطعلعسصاتكا 
ولمعرفة قيمة تحويل العملة التركية إلى عملة إنكليزية انظر؛ ١6‏ «ميه مصعم ,لوءاعلمء/لا 
واعنزهأ1!| وجمعءاك عضا كه 1784 ء7 ده 912[ «معلا! عم قر اقمع بممتهائاتظ أوع01 لهة 21 ,م ركم ةنودم 
.م ,(1913 ,[.طم .ه] نمملهم]ا) 5167 زمارمبرعظ عدلنكده© لنه عنقصو لالط 


(91) على سبيل المثال» في عام 1912: شكلت ضريبة العشر 41.2 في المئة من مجموع 
الإيرادات من ولاية حلبء. وبلغت فى تلك المحافظة وحدها 282 مليون قرش ذهبى أو 256795 جنيهًا 
استرلينيًا. وساهمت ضريبة الحيوانات ب10.2 في المئة والويركو على كل من الأراضي والمباني الزراعية 
والحضرية ب 10.3 في المئة؛ استنادًا إلى أرقام في: 10-1 .وم 19١2,‏ موعلا ءا جه اإمن 8 بالتقا 81 ع0 

(92) تستند هذه الملاحظة إلى محتويات عريضة رفعها دمشقيون؛ وأرسلها في عام 1880 الحاكم 
العام إلى الباب العالي» وتتعلق بحادثة الويركو؟ انظر: ,424/106/11826 0" ,00506 مرنممهظ بمتمااء8 ام 
رسالة بتاريخ 20/ 4/ 1880 من نائب القنصل جاغو (80ه1)» دمشقء إلى السير أ. ه. ليارد .11 .هءز5) 

.(لتقزها 


129 


دافع الضريبة. ومن وجهة نظر الفلاحين» كانت مطالب جباة الضرائب أو 
ملتزميها ظالمة على نحو خاص عند فرضها على محصول ضثيل92. 

في ظل الفرنسيين الذين احتلوا سورية في عام 1920 وانتهى انتدابهم 
فعليًا (وليس رسميًا) في كانون الأول/ ديسمبر 1943» حافظ النظام الضريبي 
على خصائصه الرئيسة في ما يتعلق بالزراعة؛ ما عدا إلغاء التلزيم العمومي 
للعٌشر في عام 1925 وفرضه. من ثم» بحسب تقديرات الحكومة. كما أفسح 
تقدير المحاصيل المجال أمام العشر الثابت بناءً على متوسط عائدات العشر 
لسنوات 1924-1921. لكن بعد عام 1929», حدث ارتداد جزئي إلى نظام 
التقويم القديم. وبقيت الوحدة الضريبية هي القرية كلها بدلا من المزارع 
الفرد. ووقع عبء «الويركوة من حيث المبدأء كما في الماضي» على مالك 
الأرضء لكن العُشر كان يقسم أحيانًا بينه وبين محاصصيه الذين كانوا أحيانًا 
يتحملونه بالكامل*". وفي الثلاثينيات» أصبح العبء الضريبي على المزارعين 
لا يكاد يحتمل نتيجة تقلبات الفرنك الفرنسي الواسعة وربط الليرة السورية 
به”2: فقد خسر الفرنك بين عامي 1920 و1926 نصف قيمته مقابل الدولار 
الأميركي؛ وارتفع بمقدار الثلث تقريبًا بين عامي 1931 و1936. ليهبط مرة 
أخرى بنسبة 50 في المثة بين عامي 1936 و1939*”. وعلاوة على ذلك» 
وقع عبء العٌشرء كما في الماضي؛ «على القرى التي يملكها الفلاحون أكثر 
مما وقع على ملاكي الأرض الكبار»» ودفع الفلاحون عمومًا أكثر بكثير من 
حصتهم العادلة» وساهموا في الضرائب بنسبة تراوح بين 20 و35 في المئة 


(93) أثارت المطالب تحت تلك الظروف شيئًا من «الشغب» في منطقة حماه في عام 41911 
,9 10 ,0120 بلواععه! ,متمائم8 أوعون 
#تقرير ربعي عن شؤون سورية للربع المنتهي بتاريخ 30/ 1911/9». 
(94) عل وعمتهصنانا ,عاواعهد عتس«مدمعة' كل ع0ننا بتقطايا به أ وتجرى نت وأوجج عثلا ما رامناها لقث 
عتتسمدمءى ,لاعفمصةة! لسة ,53 .م ,(1936 بعنوتامطتى عمعمممصم1 تطنمعبرء8) كقصدط عل كتدعمد) انااتاكمة"ل 
347-60 .مم ,ورد ره دمنامءاممع0 
(95) ,171/98 8 ,406/69/4694 10 ,ع011 مواععيه؟ ,متماممظ8 امع 
رسالة بتاريخ 7 أيار/ مايو 1932» من القنصل هول (!140)» دمشقء إلى السير جون سيمون» 
لندن. 
,256 في ما يخص تذبذب الفرنكء انظر: .46 .م ,مأسبزة متناواكم 


110 


من دخلهم الصافي”". ونظرًا إلى تفككهم وانعدام تنظيمهم؛ أدارت الحكومة 
أذنًا صمّاء لشكاواهم. 

ما إن تولى ملاك الأرض الكبار في سورية السيطرة الفعلية على جهاز 
الدولة حتى سارعوا إلى تخليص أنفسهم من كل الضرائب المباشرة على 
الزراعة. ففي عام 1944 ألغيت ضريبتا «الويركو» والعشر. وأنشئت ضريبة 
تبلغ 7 في المئة فقط من قيمة البيع بالجملة على الإنتاج الزراعي المسوّق9". 
وتمثل تأثير هذه الضريبة في إراحة الفلاحين الذين لا ينتجون إلا لاستهلاكهم 
الخاص.ء لكنها تعاملت مع جميع المزارعين الذين يحققون فائضًا يمكن 
تسويقه على قدم المساواة بغض النظر عن الدخل. 

فُرضَّت ضريبة دخل في عام 1942 على جميع الدخول باستئناء تلك 
المستمدّة من الزراعة وتربية الحيوانات. غير أن الضريبة على المواشي بقيت 
عمليّاء فكان يدفع على كل رأس من الأغنام والماعز 1.8 ليرة سورية وليرتان 
على الجمال و5 ليرات على الجواميس و8 ليرات على الخنازير» بغض النظر 
عن صنفها أو قيمة إنتاجها. وكانت الأبقار معفية*”©. 

تمثلت النتيجة الصافية للتغيرات فى الهيكلية الضريبية بانخفاض حاد فى 
مساهمة الزراعة فى الخزيئنة العامة قفى سين كانت الضرائب الواقعة أساسًا 
على كاهل الطبقات الزراعية في عام 1939 مسؤولة عن 39.8 في المئة من 
مجموع الإيرادات الضريبية» فإن النسبة المناظرة لها في عام 1947 لم تبلغ 
سوى 15.2 في المئة (انظر الجدول 3- 8). 


(97( 6 .م ,#أسازى ,10أ5ل90ا0ا ععمعع 1 [اعام1 لدجول؟ ,بونأدءوتصلىة ,متماوظ أمعرن 

(8 9) ,اعمط ءاللالا ءذا «ل كاقنء ماعن ءأنرره:م5 ,فعتقكام عأستمومءظ كه مامعسساظ ,كموتنول2 لعأئدنا 

.م ,(955! ,[35مأ)12! لعاتدنا] :عاعملا ببعل!) [1954 ما] 1/945 

99( .8 .م ,(1947 ,[.طم .ه] :معلومط) بمصء!! :«وأنهية1 تماسترك ,ترهالتصيوةط بط معوءه1] عله 
تغيرت معدلات الضريبة على الحيوانات قليللا في الخمسينيات» حيث كانت على الأغنام والماعز 

5 ليرة سورية لكل رأس وعلى الجمال 2.2 وعلى الجواميس 5.2 وعلى الخنازير 8.2. لم تكن 
الضريبة تنطبق على الأغنام والماعز والخنازير التي يقل عمرها عن سنة وعلى الجمال التي يقل عمرها 
عن ستتين : إن 7164ماع عانبهنرمءط 717116 بالتعسمماءبك0] لهد روأأعنهكممعع8 م؟ علمد8 أهدمتتقمعنما 
276-77 .هم بمأسزى 


131 


67 


باستثناء إدخال رسم تصدير قدره 90 ليرة سورية على كل طن من القطن 
غير المحلوج و200 ليرة على كل طن من القطن المحلو ”29 في عام 
2 بقيت الضرائب الموصوفة أعلاه تشكل العناصر الأساسية لنظام 
الضرائب الزراعية الذي صاغه. إلى حدّ بعيد» ملاك الأراضي الكبار القدامى» 
وورثه البعثيون. وبما أن أصول البعثيين أنفسهم غالبا تعود إلى الشرائح 
المتوسطة من أهل الزراعة» فقد شعروا براحة تامة مع ذلك النظام» وحافظوا 
عليه كما هوء باستئناء الزيادات فى معدلات الضريبة التى اضطروا إلى فرضها 
لمساعدتهم في ردم الفجوة المتزايدة بين الإيرادات والنفقات. 

تراوحت معدلات الضريبة الحالية المفروضة على المنتوجات الزراعية 
المصدرة أو المصئعة محليًا بين 9 و12 في المئة من متوسط أسعارها. 
وتخضع الفواكه والخضراوات والزيتون لضريبة تصدير تبلغ 12 في المئة) 
لكنها لا تخضع إلى أي التزام لدى معالجتها محليًا. والضريبة على الحبوب 
المصدرة هي 9 في المئة فقط. ويخضع الرز والقطن والتبغ والشوندر السكري 
لضريبة 9 في المئة في حال التصدير و9.5 في المئة في حال تصنيعها في 
سورية. وكذلك تتنوع المعدلات على الماشية؛ فهي 2,25 ليرتان سوريتان 
على كل رأس من الغنم والماعز و11 ليرة سورية على الخنزير. والحيوانات 
التي يقل عمرها عن سنة معفاة من الضريبة. والمعدل الفعلي لضريبة تصدير 
القطن هو 9.8 في المئة» ورسم الري 70 ليرة سورية على كل هكتار يستفيد 
من مشاريع الري الحكومية. 

على الرغم من الزيادة في معدلات الضريبة» فإن الطبقات الزراعية تخضع 
الآن يلا شك لضريبة أعلى قليلًا من تلك التي يخضع لها الحضريون أصحاب 
الدخل من الأرض وأهل التجارة والصناعة. والميزة الأبرز التى يتمتعو 
هي استمرار إعفائهم من ضريبة الدخل؛ ومن ضريبة الأرباح منذ 1992. 
وفكرت الخكرية في عام 1988 في إدراع د خلهم في ضاق ضرية دخل 
موحدة. لكن الفكرة الت كما انخفض عبؤهم الضريبي النسبي ذلك 


(100) فرض أيضًا رسم على تصدير الحبوب في عام 1952 لكنه ألغي في عام 1954: لمدمنتهسعاها 
.2177-6 .تإم ,متجرد زه انءرمماءنت 2 ومع 776 باقع تطمواء 10 لقة سمتاءنأكومعع]1 10 علمدظ 


112 


الانخفاض الملحوظ تحت حكم البعثيين. وكما هو واضح من الجدول 
(3 -8)» فإن الضرائب الواقعة عليهم شكلت 13 في المئة من الجباية الضريبية 
الوطنية في فترة 1962 -1963.» لكنها لم تشكل سوى 2.5 في المئة في عام 
3 و3.72 في المئة في عام 1994. ومن الجدول نفسه. يحق لنا أن نستنتج 
أن التجارة الخارجية والرسوم الجمركية» وإلى مدى أبعد الضريبة على أرباح 
المشاريع الحكومية» والشركات الخاصة:» ورجال الأعمال الأفراد المستقلين 
والحرفيين والمهنيين»؛ شكلت المصادر الرئيسة للإيرادات الضريبية الحكومية 
في جزء كبير من الثمانينيات وفي النصف الأول من التسعينيات. وعلى أي 
حال» كانت الضريبة الأخيرة مسؤولة في عام 4 على الرغم من خفض 
القانون رقم 20 بتاريخ 6 تموز/ يوليو 1991.» التكليف الضريبي على الأرباح 
الصافية من الشركات”'"'! ‏ عن نسبة تصل إلى 51.5 في المئة من إجمالي 
الإيرادات الضريبية» باستئناء الإيرادات من أنابيب النفط أو من الرسوم 
القنصلية أو من الرسوم على الأجانب. 

من حيث المبدأء لا تستطيع الشركات الخاصة أو رجال الأعمال الأفراد 
أن ينقلوا إلى المستهلكين» بمن فيهم الفلاحون» حصتهم من ضريبة الأرياح 
إلا بِقَدْرٍ محدود. وذلك نتيجة الرقابة التي تمارسها الحكومة على أسعار 
السلع الاستهلاكية الضرورية أو الرئيسة. ومن جهة أخرىء فإن تلك الرقابة» 
ولا سيما على مستوى تجارة التجزئة» لم تكن فاعلة على الدوام*"2. لكن 
الحكومة لديهاء بالطبع؛ القدرة على نقل ضريبة الأرباح المفروضة على 
المشاريع العامة إلى المستهلكين عن طريق رفع الأسعار. وعندما يجري ذلك 
النقل على السلع غير الأساسية؛ يمكن أن ينتهي الأمر بهذا الجزء من ضريبة 
الأرباح إلى أن يكون انتكاصيًا في تأثيره في الطبقات الزراعية وغير الزراعية 
ذات الدخل المنخفض أو المتوسط. 


(101) انظر الفصل 17 والجدول (2-17) من هذا الكتاب. 

(102) من أجل شكاوى ذات صلة عبّر عنها ممثلو الفلاحين في مجلس الشعبء انظر جلسة 14 
كانون الثاني/ يناير 1978» الجريدة الرسمية؛ العدد 49 بتاريخ 11/21/ 1978: ص 42. انظر أيضًا 
البعسث. 1984/12/28» ص 5؛ الشورة: 28/ 5/ 1986: ص 7, والاتحاد العام للفلاحين.ء المؤتمر 
العام السادس.» ص 44. 


1133 


الكهربة السريعة للريف 
حقق المزارعون والفلاحون في الفترة البعثية مكاسب حقيقية في عدد 
من المجالات الأخرى المهمة. وكان التقدم الأبرز في كهربة الريف. حتى عام 
0 لم تكن هناك إنارة اصطناعية إلا في 218 قرية سورية (انظر الجدول 
3 - 9). وكان معظم الفلاحين ينام ويستيقظ مع الشمس. لكن بحلول عام 
2 :© وبفضل بناء سد الفرات أساسّاء تمت كهربة ما لا يقل عن 7630 قرية 
أو نحو 95 في المئة من جميع القرى. وحسّن ذلك كثيرًا من المعيشة الريفية. 
وفي السبعينيات» كان سكان قرية ما يتحملون ربع تكلفة مد الخطوط الكهربائية 
إلى تلك القرية» لكن منذ عام 1980 أخذت الحكومة تتحمل التكلفة 
كاملة”*"'2.والكهرباء متوافرة حاليًا في معظم الريف بأسعار مدعومة: ففي عام 
5 كان سعر الكهرباء 0.25 ليرة سورية (6.4 سنتات أميركية) لكل 
كيلوواط/ ساعة للمزارع مقابل 0.55 (14 سنتًا) للمشاريع التجارية"". 


الجدول (8-3) 
الإيرادات من الضرائب التي تؤثر في الطبقات الزراعية وغير الزراعية نسبةٌ 
من الإيرادات الضريبية الإجمالية في سنوات مختارة 





(103) تشرين» 1981/3/10 ص 5. 
(104) السفارة الأميركية» دمشقء الملحق الزراعيء التقرير رقم (6002 /ا5) بتاريخ 1 شباط/ 
قبراير 1986. يعنوان: .26ج ,اعمصء 1 ««واامبنائ3 أمنبةأنعاجوا أمنمال توتسرد 


134 


00 


2« 0 


3 الضرائب المؤثرة في الطبفات الزراعية وغير الزراعية 












غرائب إنتاج 


(وححتى عام 






9 ضرائب 
غير مباشرة 


أخرى) 


3 غرت| غمت| م [ دك | هه ا 


6 1 1 
ان , 1 : : 


المصادر: استنادًا إلى أر قام في: عان«مارمع ,كتتقالة عتسمرمءظ 6ه نافععبا8 ,كدمندلط لدائمتا 
203 .م ,(1955 ,[كمعتلهل! لعاتدنا] لمملا بجكل8) [1954[ 0)] 1945 ,اكمط والافتالا ع١‏ ما كارتءنممماءنوط2ة 
67 .م ,((1956] روة1ة معنم مدمتاداعظ ممصد1آ1 تمعبجمط بجعل؟) متررى ره عءاأطبنص8 776 ,أمنوط اعمطمفر 


الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيطء مديرية الإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية 
لعام 1955 ص 218 - 219؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1965. ص 326 - 4327 
الجمهورية العربية السورية » رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاءء المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 4» ص 778 - 779. تستند النسب لعام 1983 إلى أرقام أمّنتها وزارة المالية 
السورية وأرقام 1994 مأخوذة من: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب 
المركزي للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994. ص 441-440. 

(أ) تستند النسب إلى الإيرادات الضريبية الفعلية. 


136 


(ب) تستند النسب إلى أرقام أوليّة عن الإيرادات الضريبية الفعلية. 

(ج) تعود النسبة والمبلغ إلى الفترة الواقعة بين 1 تموز/ يوليو 1962 و31 كانون الأول/ ديسمبر 1963. 
(د) تستند النسب إلى تقديرات الموازئة أو الإيرادات المخططة. 

(ه) ضريبة التصدير على القطن لعام 1953 متضمئة في رقم رسوم التجارة الخارجية والجمارك. 
(و) على الرغم من تحديد هذه الضريية على أنها «ضريبة دخل على الحرف والمهن الصناعية 
والتجارية وغير التجارية» فإنها تشمل الضريبة على الأرباح الصافية للمشاريع العامة وليس أرباح 
أفراد وشركات القطاع الخاص وحسب. 

(ز) ال«ضرائب ورسوم أخرى» لعام 9 وضعت على شكل مبلغ إجمالي مع الضرائب على السلع 
المستهلكة محليًا ورسوم الطابع المبينة في القسم 3. 

(ح) أرقام عامي 1947 و1953 لرسوم الطابع متضمنة في ال«ضرائب ورسوم أخرى؟ المبينة في القسم 2. 


(ط) لا تشمل أرقام الإيرادات الضريبية الإجمالية الإيراد من خطوط أنابيب النفط أو من الرسوم على 
الأجانب أو من الرسوم القنصلية. 


دي هذه أرقام مدورة. 

لكن منذ عام 1985» بدأ يحصل انقطاع في الكهرباء في الريف (يصل إلى 
6-5 ساعات يوميًا في أواخر عام 1986 و5-4 ساعات في عام 1992) نتيجة 
الزيادة الواضحة فى الطلب على الطاقة وقلة الهطول المطري وزيادة استخدام تركيا 
لمياه أعالي الفرات والانخفاض التالي في إنتاج الطاقة الكهرمائية من سد الطبقة!29©. 


الحدول (9-3) 
كهربة القرى فى سورية» 1992-1903 
العدد الإجمالي للقرى المزودة بالكهرياء عند نهاية: النسبة المئوية 
المقدرة للقرى 


المزودة بالكهرياء 
جياه عد ند 12 


عدد القرى المزودة 
بالكهرياء بين عامي 


3 و1970 


المصادر: تشرين» 10/ 1/3 198» 0 4؛ ووحدة جمم المعلومات فى: 
تشرين ص ص 4؛ ووحدة جمع في 


مم ,1993/94 متجرذ ,ءالو« «ورايم) ,اتمنا ععوعع ذتااعنما اقتستمممعع] 


(105) البعث. 1986/10/21 ص 11»و12/9/ 1986. ص 4. 


137 





ال هد 


انتشار شبكات المياه الآمنة 


تبنى شبكات المياه أيضًا على امتداد القطر بوتيرة سريعة. قبل الاستقلال 
لم يكن ثمّة مياه جارية سوى في عدد قليل من المنازل القروية. ولم يكن في 
متناول كثير من القرى سوى أبار سطحية؛ لم تكن آمنة جرثوميًا في بعض 
الأحيان» وكانت تنضب في سنوات الجفاف. وكان على النساء أن يحضرن 
الماء من ينابيع أو آبار أعمق غالبًا تقع بعيدًا عن أكواخهن لكنها أكثر انتظامًا 
في إنتاجيتها ونقية عمومًا عند المنبع. ولم تكن تلك الشروط خاصة ببلدان 
العالم الثالث مثل سورية. ففي الولايات المتحدة» على سبيل المثال» لم تكن 
سوى واحدة من أصل عشر مزارع تملك «تمديدات مياه جارية» في عام 
0»؛ وست من عشر في عام 271960"". 

كان تقدم سورية في العقود الثلاثة الأخيرة في هذا المجال ملحوظًا. 
وبحلول عام 1980 كان 54 في المئة من السكان الريفيين و97 في المئة 
من السكان الحضريين يزودون بماء الشرب عبر الأنابيب. وبموجب الخطة 
الخمسية لأعوام 1985-1981.» كان من المتوقع أن تصل تلك النسب 
إلى 67 و100 في المئة على التوالي”"'©. ومع أنَّ الشكاوى الريفية 
المتعلقة بالوصول إلى الماء الآمن تواصل الظهور من حين إلى آخرء لكنها 
لا تتعلق بتوافر الخدمات بقدر ما تتعلق بضعف صيانة أنابيب المياه 
المو ده )2108 

جودة. 


توسّع الرعاية الصحية الريفية 


.في مجال الرعاية الصحية» لطالما كانت القرى متخلفة عن المدن أشد 
التخلّف. . ففي السنوات السابقة على الاستقلال» كان الفلاحون عندما 


(106) رقنا أدعتيوم آه عاممطاتمعلا هاا ,عء رط مإ «عوحوم رععبالناع عق أه امعمتتدمءط ,وعلما5 لعغلملا 
.8 .م ,(1960 ,011 .أموط .0034 .5 .لا :.0) .8 بمماومتطكة/لا) 1960 


(107) الجمهورية العربية السورية» هيئة تخطيط الدولة» الخطة الخمسية الخامسة للتنمية 
الاقتصادية والاجتماعية (1981- 1985) (دمشق: الهيئة» 1981)» ص 93. 
(108) انظر على سبيل المثال» تشرين» 9/ 7/ 1985. 


138 


يمرضون يستلقون في زاوية من كوخهم حتى يستعيدوا عافيتهم أو يموتوا. 
وكان الحمار أو البغل غاليًا وسيلة نقلهم الوحيدة» وكان كثر منهم يعيشون 
على بعد أيام عدّة عن أقرب طبيب أو مستشفى. ولم تكن تزورهم الوحدات 
الطبية المتنقلة إلا في مناسبات نادرة. وفي عام 1939» كان ما لا يقل عن 
8 في المئة من جميع الأطباء يمارسون المهنة في دمشق وحلب (انظر 
الجدول 10-3). وكان القبول فى المستشفيات متركّرًا أيضًا فى تينك 
المدينتين وفى بعض البلدات الأساسية فى المحافظات”"'©. وبعد الاستقلال 
نمت المرافق الطبية وأعداد العاملين الطبيين تدريجًا. وبحلول عام 1963 
كان عدد الأطباء قد زاد على الضعف مقارنة بعام 1939» وازداد عدد أسرّة 
المستشفيات أربعة أضعاف تقريبًا (انظر الجدول (10-3))» لكن توزيعها فى 
أنحاء البلد استمر متفاونًا على نحو ملحوظ؛ على الرغم من أن الرعاية 
الصحية الأولية أصبحت الآن متوافرة لبعض الفلاحين عن طريق إنشاء 
المستوصفات القروية219. 
الجدول (10-3) 
بعض المؤشرات المتعلقة بالصحة في سورية في سنوات مختارة 

لت يبي اتا 
سس ا هه إءو ا 














578 
اعنيعدعركب ‏ إ<«««ة إوة | ديو | وو ل 
0 
انيتافة روسب إمنة أيه إميه |موم ا 
اسرسفسة ل ان د إل سيا 
عد لضي جيع صقت | ءدداي) »اد | تددن | ودود 
اسمةعرسية ‏ 4ه إ2د إودة |وه ا 
اعدسسيدفييية 0 إد |2 أو أو ا 


)2109 .248-49 ,روم ,متسزى ,ممئكاالط عممععنااعاصا لدحدل؟ ,بالمتصلهة بمتمام8 تمعن 
)١ 0(‏ ره اع رمواءنء 2 عنسممنوعظ 116 باللعصروواءنء1 لمة وملأعيسامموعع] ع0) علسد8 لقومتأأممعار] 
.248-249 له ,158-162 ,مع ,ماسرة 





139 







تابع 


المصادر: استنادًا إلى بيانات في: الأخبار والنظام؛ دليل الجمهورية السورية» 1940-1939 (دمشق: 

[د.ن.]ء 1940): ص 500-489 وص 551-549؟؛ البعسث» 11/19/ 1988. ص 7؛ الجمهورية 

العربية السورية: وزارة الصحة. التقارير الإحصائية السنوية» ورئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 

للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية لسنوات مختلفة؛ والبنك الدولي» تقرير التنمية العالمية لسنوات مختلفة» 
,249 .م روزت رتامأكة11 1 ععمعع لأأعامآ أمحولظ ,المتسصلة بممتمتفظ أمعرن 

(أ) كانت النسبة لمدينة دمشق وحدها 44.9 ولمديئة حلب 24.9. 

(ب) أي في المحافظات الست الأخرى في عام 1939 وفي المحافظات الإحدى عشرة الأخرى في 

السنوات الأخرى. 

(ج) هذه الأرقام لعام 1938. 

(د) هذه الأرقام لعام 198+4. 

(ه) هذه النسبة لعام 1987» عندما كان العدد الإجمالي للمراكز الصحية 521 مركرًا. 

(و) هذه المعدلات لعام 1960. 

(ز) هذه المعدللات لعام 1980. 

كك هذه المعدلات لعام 01. 


ع 





في الفترة البعثية» كان التقدم في الرعاية الطبية لأبناء الريف متفاونًا. وظل 
تطور خدمات المستشفيات في الريف عمومًا متخلمًا في العقود الأخيرة نتيجة 
نقص الأموال: فبين عامى 1963 و1993 انخفضت نسبة عدد الأسرّة إلى 
عدد السكان من 1.12 إلى 1.08 لكل ألف نسمة (انظر الجدول 10-3). 
وإِنْها لمفارقة ‏ وإن كان من الممكن تفسيرها جزئيًا بحاجة سورية إلى العملة 
الصعبة ‏ أن يكون عدد أسرّة الفنادق في عام 1993 (2'0)30249 أي 
ضعف عدد أسرّة المستشفيات (14596). لكن نسبة عدد الأطباء إلى عدد 
السكان ارتفعت من طبيب واحد لكل 105آ5 مواطنين في عام 1603 إلى 
واحد لكل 1943 في عام 1983» وإلى واحد لكل 966 في عام 1993 


(111) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراءء» المكتب المركزي للإحصاء. 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 4» ص 407. 


10 


7م 


(مقارنة بواحد لكل 662 في عام 1960 وواحد لكل 439 في عام 1983 
وواحد لكل 420 في عام 1990 في الولايات المتحدة)*'2. وقد تحقق 
ذلك على الرغم من هجرة عدد كبير من الأطباء السوريين إلى أوروبا 
والولايات المتحدة والبلدان العربية. في متتصف السبعينيات» كان عدد 
السوريين الذين يمتهنون الطب في الخارج أربعة أضعاف أولئك الذين 
يمارسونه في موطنهه217. وفي الوقت ذاته» انخفض معدل الوفيات الخام 
لكل ألف نسمة من 18 في عام 1960 إلى 6 في عام 1991 ومعدل وفيات 
الأطفال لكل ألف ولادة حية من 132 في عام 0 إلى 37 في عام 
1. وفي عام 3 كان توزيع الأطباء بين المحافظات مختلفًا على 
نحو ملحوظ وأقل تفاوًا بالمعنى النسبي مقارنة بعام 1939 أو 1963. على 
سبيل المثال» في عام 1993» كانت نسبة عدد الأطباء إلى عدد السكان في 
طرطوس (طبيبًا واحدًا لكل 724 مواطئا أفضل من النسبة فى دمشق (1 لكل 
1*). كذلك كانت الحال فى حمص (1 لكل 831) مقارئة بحلب (1 لكل 
3 . أما المحافظات التى كانت تلك النسبة فيها فى أسوأ حالاتها فهى 
الحسكة (1 لكل 2235) وإدلب (1 لكل 1760) ودير الزور (1 لكل 1508) 
والرقة (1 لكل 1354) وحماه (1 لكل 1320). من جانب آخرء كانت 
محافظة دمشق تضم 37.3 في المئة من جميع أسرّة المستشفيات مقابل 21.7 
في المئة من سكان القطر. وكانت النسب الممائلة في حلب 22.9 و20.6؛ 
أمَا الأقل خدمة في هذا المجال فكانت محافظات الحسكة (4.1 في المئة من 
الأسرّة مقابل 7.5 في المئة من السكان) وإدلب (والنسب فيها 2.4 و6.8 
على التوالي)!*'"©. 


(112) 1986 بكعاهاى اماملا عدا إن اعمماعطق أمعءااكلاماي بعع#عصصوح 0 امع مده .5.لا 

م0 ,علمدظ لاعملاا لصة ,107 له 103 .مم ,(1986 ,ع00116 وسنتامء© امعصم»600 ,5.لا :2.0 ,ممع متطكوللا) 

م.م ,([1993] علمدظ لاءم/ما ع]!" :.0) .نآ روماعمتامه/لا) 1993 برووء!! أررءبوماءوبمع م 

(113) في عام 1974» كان 11 ألف طبيب سوري يعملون في الخارجء انظر: 7:5 776 

.م ,17/11/1980 ,[زهملجما] 

في حين كان 2066 فقط في سورية الجمهورية العربية السورية» وزارة الصحة» التقرير الإحصائي 

السنوي 0؛» ص 160. 

(10)استنادًا إلى بيانات في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراءء» المكتب 

المركزي للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994. ص 63 و361-360. 


141 


على الرغم من المحدودية النسبية للموارد المالية والنفقات الكبيرة التي 
تتطلبها المستشفيات الحديثة» فإن الرغبة في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من 
المرضى في الريف». دفعت الحكومة في العقدين الأخيرين إلى التركيز الشديد 
على توسيع سلساتها من «المراكز الصحية للخدمات الأساسية"» وتقويتها. 
وجرى استيعاب المستوصفات القديمة التي بلغ عددها 96 في عام 11501955 
و170 في عام 201971 في المراكز الصحية التي وصل عددها في عام 
3 إلى 458 وفي عام 1993 إلى 658 (انظر الجدول 10-3). وأكثر من 
0 في المئة من هذه المراكز يوجد في المناطق الريفية 

عادةً يكون في المركز الصحي الريفي عاملان طبيان مساعدان مؤملان 
ترس رطعب عاذ د كين رجا حلبنا فى اكاك الطب قدي سح 
الإلزاميتين من الخدمة في الريف على الرغم من أنه ما زال ممكنًا للخريجين 
أن يتهربوا من هذا الواجب عن طريق أصحاب نفوذ خفيين. ولمعالجة الطلب 
المتزايد على الرعاية الصحية في الريف؛ كانت الحكومة أيضًا توجه الأطباء 
العسكريين نحو المراكز الريفية”©. 

تجهز المراكز الريفية بتجهيزات متدنية» وقد لا تكون الرعاية التي تقدمها 
ذات جودة عالية: لكنهاء مع الوحدات الطبية المتتقلة؛ حققت نجاحات لا 
شك فيهاء بما في ذلك تلقيح مئات الآلاف من أطفال الفلاحين ضد الجدري 
والدفتريا والحصبة والسل وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض الخطيرة219, 
وهي أيضًا جلو من الروح التجارية بمعنى أنها تقدم خدماتها مجانًا. 


(115) زه اننع اتدرماءنء6 عأتوونجمء :17 بأمعسرمهاءاء لصة لمتاءتصافومعع2 +40 علمد8 لمعه تأمسعاما 

4 ,ص« ,متازى 

(116) الجمهورية العربية السورية» وزارة الصحة: التقرير الإحصائي السنوي 1981. ص 169. 
(117) لمعرفة معلومات تفصيلية عن المراكز الصحية الريفية والاختلال الجغرافي في تقديم 
الرعاية الصحية في منتصف السبعينيات» انظر: طالء11 6ه دونه دتلمبي8 لددمنوءظ8 عط1» ,عادفديمط عتملعداىم 
رك لاق امو عاهونذالة ارت :نامل أ6 :11121110 «راتم تالو ع1 تطا'ف8 عط ععماد وتولزة مذ ممتادعنال8 لمه ويد 
.94-0 .مم ,(1981 بمقصطة8) ١‏ عنكوا ,13 .آم 


(118) في متتصف الثمانينيات» جرى في المرحلة الأولى من حملة التلقيح تلقيح 930552 
طفلا تحت الخامسة من العمر في القطر كله؛ البعث: 0 1986. ص 4غو10/21/ 1986. 
ص 7. والثورة» 11/30/ 1986. ص 9. 


12 


استفاد المزارعون كثيرًا من التطورات فى مجالين آخرين, هما النقل 
والاتصال. فبين عامى 1963 و1993 تضاعف عدد عربات سكك الحديد 
ثلاث مرّات؛ وتضاعف عدد خطوط سكك الحديد ذات القياس المعياري 
أربع مرات تقريبّاء وتضاعف طول الطرق المعبّدة بالإسفلت الملائم لجميع 
الأحوال الجوية خمس مرّات» وتضاعف عدد العربات التي تعمل بمحركات 
من جميع الأنواع اثنتتي عشرة مرة» وعدد الباصات والميكروياصات ثلاث 
عشرة مرة تقريبًا (انظر الجدول 11-3). وربطت المنطقة الزراعية فى أقصى 
الشمال الشرقى والمناطق المستصلحة المروية على الفرات والخابور بواسطة 
سكّة الحديد والطرق مع ساحل المتوسط ذي الكثافة السكائية والمرتفعات 
الغربية الخصبة. ومع منتصف الثمانينيات» كان هناك 1126 كلم من الطرق 
الريفية الجديدة في أربع محافظات في الشمال الشرقي وحده. وربط خيط 
آخر من الطرق الجديدة نحو 500 قرية في منطقة اللاذقية. وفي النصف الثاني 
من الثمانينيات كان يمكن الوصول إلى «أكثر من 80 في المئة» من القرى في 
محافظة حلب عبر طرق قابلة للاستخدام في جميع الفصول1©. ١‏ 
اتسعت شبكة الهاتف أيضًا على نحو ملحوظ. ففي عام 1986 كان 
6 في المئة من جميع المنازل الريفية (و50.8 من جميع المنازل الحضرية) 
يملك خدمة هاتفية» مقارنة بنحو 1.6 في المئة (و12.9 في المئة على التوالي) 
قبل ذلك بعقدين من الزمن”*". 
في الوقت ذاته» استمرت وسائل النقل بالتمركز الزائد في مدينة 
(119) انظر: ,13/7/1984 ,اكعهاط ءأنمهمء2 اعمط عالنولا! «بقرز5» زلا .م ,19/11/1980 ,175 171:6 
:28-29 .مم 
تشرين» 11/22/ 1985. ص 4؛ والبعث. 8/ 12/ 1986 ص 7. 
(120) استنادًا إلى أرقام في الجدول (11-3)» وفي الشورة. 11/19/ 1986. ص 7 وإلى 
إحصاءات متعلقة بالأسر التي وصل عددها في المناطق الريفية في عام 1960 إلى 497394 وفي عام 1981 
إلى 732343 وفي المناطق الحضرية إلى 313579 في عام 1960 وإلى 709874 في عام 1981» 


السورية لعام 6 »ص [6. 


13 


ناك 


دمشق ومحافظتهاء التي كانت تضم في عام 1993 21.7 في المئة من 
السكان, لكنها احتوت على 37.3 في المئة من جميع الباصات 
والميكروباصات. و54 في المئة من جميع سيارات الركاب. أمّا حصتها 
من الشاحنات والصهاريج والشاحنات الصغيرة (بيك أب) فكانت 23.4 
في المئة» وبالتالي ليست بعيدة عن التناسب”'22. وعلى الرغم من تركز 
الباصات في دمشقء. فإن الطلب على النقل العام في العاصمة أعلى من 
العرضء ولا سيما في ساعات ذروة الازدحام. وتعود جذور الأزمة» على 
الأقل في منتصف الثمانينيات» إلى خروج نسبة مهمة من باصات المدينة 
في أي يوم من العمل نتيجة سوء تسييرها أو رداءة الصيانة أو عدم كفاية 
التنسيق ونتيجة النقص الجدي في قطع التبديل والميكانيكيين 
الماهري.222, 

من وجهة نظر المزارعين والفلاحين الذين ما زال كثيرون منهم يتذكرون 
الأيام التي كانت وسائل النقل الوحيدة المتوافرة لهم فيها هي ركوب 
الحيوانات وتحميلهاء فإن منظومة النقل» على الرغم من عدم كفايتهاء أسرع 
وأكثر موثوقية وغالبًا أقل تكلفة» وهي عمومًا مهيأة على نحو أفضل لخدمة 
احتياجاتهم ومصالحهم. وأدّت بلا شك إلى توسيع أسواقهم وإلى توزيع 
متتوجاتهم على نحو أنسبء ولا سيما المنتوجات سريعة التلف. وكذلك 
أعطت دافعًا أكبر للونتاج الزراعي. 

لكن هناك جانبًا آخر لتأثيرات تحسين الاتصالات. فهناك الآن قيم 
ومواقف جديدة تكسر إيقاع الحياة الريفية»؛ وهي عملية سرعها دخول التلفاز 
وانتشار أجهزة الراديو الترانزستور. ولخص تعليق لاذع في الثمانينيات صدر 
عن مزارع من السبخة» وهي قرية تقع على بعد نحو أربعين كيلومترًا إلى 
الشرق من الرقة» وإن بشيء من المبالغة؛ تغيرًا معياريًا حاسمًا في كثير من 
قرى الفرات» حيث قال: «[سابقًا]ء كانت الأشياء تسير على المبدأً القَبَليّ؛ 


(2) تستند النسب إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب 
المركزي للإحصاءء المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994 ص 3 و231-230. 
(122) البعث: 12/ 10/ 1986. ص 7» و12/30/ 1986» ص 6. 


144 


وكان معتادًا أن «يأكل» المرء [خارج المنزل والبيت] لدى شخص آخر قريب 
منه. والآن... [الدولة] تحكم العالم... إذا لم يكن لديك مال فلا أحد يهتم 
بك2”6". ويمكن تمييز ملاحظة مشابهة في شكوى قذمها في عام 1992 
مراقب زراعي من منطقة أخرى. فقد قال: «في القديم كان التعاون [بين 
فلاحي قريتنا] هو أسلوبهم في الحياة... اليوم... نفسية الإنسان القروي قد 
تغيرت فالتعامل أصبح ماديا ومصلحيًا علمًا أنه كان هناك محبة ومودة 
ومشاركة جماعية)”*22. 


تكثيف الجهد التعليمى للدولة 


كان تعليم أطفال الفلاحين في السنوات السابقة على الاستقلال مهملا 
على نحو مُحَزِن. وكانت الخدمات التعليمية ضيقة في جزء منها نتيجة نقص 
الأموال» غير أنَّ استثمار الدولة الضئيل نسييًا في البشر ربما كان أيضًا نتيجة 
سياسة متعمدة من الموظفين الاستعماريين الذين لعلّهم لم يحبّذوا تزايد 
المدارسء أو لم يروا سوى القليل من القيمة في محو الأمية على نطاق واسع» 
على الرغم من اهتمامهم الواسع بنشر اللغة الفرنسية في المدن. 

كان ذهن الفلاحين وشخصيتهم يتشكلان أساسًا بفعل تأثيرات الطبيعة 
والحياة الزراعية باستثناء بعض المناطق» كما في الغوطة» حيث كان بعض 
الصبيان القرويين» في كل قرية كبيرة نسبيًا وتحوي جامعًاء يحضرون إلى 
الكتاتيب» وهي مدارس تعليم القرآن» كما أدذّت خطب الجمعة دورًا في التطور 
الأخلاقي والعقائدي للمجتمعات المحلية. 

(123) استشهاد في: 04ت ,اك :عدلان1 بكعودالال!ا بكماعماماظ ع( جره ميريمك روطف ماتمهم 
هذ وعأقبة5 تسامطاءه51) 15 بومامومعطاهة لقلعه5 هذ وعتلنةك5 جمامطاعها5 ,متجرى بكمعطعملة مذ عمعترم امو 


.49 .م ,(1986 ,لإهماأمممعطنهة أواعم5 
(124) نضال الفلاحين, العدد 21329 1992/10/14: ص 5. 


145 


الحدول (11-3) 
النقل والانصالات في سورية في سنوات مختارة 

ال الا الا الام 
الطرق الملائمة لكل أنواع الطقس (بالكلم) 

ل او ل ا 
1ت 3 

اشةتياسية 0 ]+«دة ‏ | لدف | 
الآليات المتداولة 











| خدعس 0 |«ة 0 هه | 
| طفع 00000000000 ]#2 ]#0 | 
المصادر: الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيطء مديرية الإحصاءء المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 2.1963 ص 226-225 و239؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية 1964, 
ص 230؛ الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة 
الإحصائية لعام 1978» ص 310 و311 و314؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994» 
ص 232-228 و244. تستند إحصاءات خطوط سكك الحديد لعام 1943 إلى أرقام في: :8 

.370-84 .مم ,(1943 لنرمة) مرك ,ععمعوذااعاما لدنولظ ,لوااممتسصلم ,متمامظ 
ملاحظة: لا ينشر المكتب المركزي للإحصاء أرقامًا عن طائرات الركاب أو الئقل. 









507 


(أ) هذه الأرقام المدورة هي لعام 6ؤظ1 وهي»ء مع الأرقام الممائلة لعام 53 مأخوذة من الثورة 


146 


م 


- (دمشق)؛ 11/19/ 1986». ص 7. لا توجد أرقام من هذا القبيل في المجموعات الإحصائية. 
(ب) هذه الأرقام هي لعام 08. 
(ج) كان كثير من هذه القاطرات والمقطورات متقادمًا ويبدو كأنه قد سحب بالتالي من الخدمة. 


تكثف جهد الدولة التعليمي مع تحقيق الاستقلال المالى على يد الحكومة 
السورية في عام 1936» وازداد ذلك بعد استقلال القطر بعد عقد على هذا التاريخ. . 
وارتفع إجمالي التسجيل التعليمي في سورية من 0.13 مليون في عام 251938" 
إلى 0.73 مليون في عام 1963**'. لكن؛ كما يبين الجدول (12-3) بوضوح» 
كان ما يزيد على ثلاثة أرباع سكان الريف حتى عام 1960 لا يزال أميّاء وكان 
انتشار الأمية بين النساء الريفيات يصل إلى 94.8 فى المئة. وعلاوة على ذلك» 
نادرًا ما كانت المدارس الريفية تلبي الحد الأدنى من الحاجات الأساسية. 

بالمناسبة» فإِنَّ الخدمات التعليمية الحكومية السورية لم تكن قط نخبوية 
رسميًا في توجهها مثلما كانت الحال في مصر. فهي لم تعرف قط نظام التعليم 
الابتدائي المزدوج التمييزي الذي كان موجودًا في مصر بشبكاته المتوازية من 
المدارس الابتدائية منخفضة المنزلة للفقراء ورفيعة المنزلة للميسورين» والتى 
استمرت فعليًا في مصر حتى عام 1949”*". لكن المدارس القروية السيواينة 
كانت في الممارسة أقل جودةً من المدارس في المدن, وكادت الطبقات 
الحضرية والريفية العليا والمتوسطة تحتكر التعليم الثانوي والعالي في البلدين» 
سورية ومصرء على امتداد النصف الأول من هذا القرن. 

أبدى الجهد التعليمي تحت حكم حزب البعث نسبًا أكبر بكثير. فبفعل 


الدولة؛ تضاعف عدد المدارس الابتدائية الريفية من أقل من 3000 في عام 


(125) استنادًا إلى أر قام في: .187 .م بوسر ,ععمععتااعام1 أوحدل؟ ,والمتصقة ,متمالم8 أمعمو 
(126) استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية؛ وزارة التخطيطء مديرية الإحصاء» 

المجموعة الإحصائية السئوية السورية لعام 3 » ص 85-79. 
(127) عن هذا النظامء انظر ١‏ ,لإعنصيا3 عنسمدمءظ جه الومشدع لاط نه اصوظ ,أسهدذا وعأمقط© 
لزازومءبالونا 0:!050] نوه0لدمآ) متقاقة لمممتأقادعنم] 01 عاالتاكم1 لدبوه18 عط 6ه 5عءأمكنم4 عط ععلصن لعاوتاطيظ 
7 .2 ,(1954 ,[قوعءط 


17 


3 إلى 4131 في عام 1970 و6302 في عام 2200 وارتفع عدد 
حملة شهادة الدراسة الابتدائية الريفيين من 70843 في عام 1960 إلى 1.16 
مليون في عام 1991» أي من 3.7 في المثة إلى 27.9 في المئة من السكان 
الريفيين الذين يتجاوزون العاشرة من العمر. وفي الفترة نفسهاء ارتفع عدد 
الريفيين الحاصلين على تعليم متوسط أو ثانوي من 22976 إلى 677.000 
(بأرقام مدورة)» وعدد الحاصلين على درجة جامعية من 963 إلى 61 ألما 1©. 
وحالياء فإن جميع الصبيان القرويين وجميع الفتيات القرويات» في ما عدا نسبة 
صغيرة» ممن يبلغون ست سنوات من العمر هم عمليًا مسجلون في المدرسة”'. 

لكن من الضروري أن ننظر إلى أبعد من هذه الأرقام. فعلى الأقل حتى 
عام 1986 لم يكن التقدم النوعي على جميع المستويات مثيرًا للإعجاب. 
واستمر النقص حادًا فى المعلمين المؤهلين فى المناطق الريفية. وكانت غرف 
التدرين مرو حدة على نحو مقر ط.وصيانة الأرية الجدرسة شئنة أخانا: وكان 
من بين العيوب الأخرى تفاوت التقدم بين المناطق المختلفة» وعدم مرونة 
البرامج المدرسية التي لم تكن متلائمة مع حاجات المجتمع القروي» وارتفاع 
معدل التسرب بين الفتيات القرويات عند نهاية التعليم الابتدائي» وانعدام 
الأمن الاقتصادي لجزء من الكادر التعليمي» ورقابة الدولة الوثيقة» والتضييق 
على حرية الفكر والميل الملحوظ إلى إنتاج جيل مذعن”20. 

تبقى الفجوة التعليمية بين الجماهير الفلاحية والطبقات الأعلى منها في 
المدينة والريف مهمة؛ على الرغم من تقلّصها. فمع عام 1991 كان 12.2 


(128) خطاب د. نور الدين الأتاسي» رئيس سورية:؛ البعث؛ 19/ 4/ 1970» والاتحاد العام 
للفلاحين» المؤتمر العام السادس» ص 4. 

(129) استنادًا إلى النسب في الجدول (12-3) وإلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» 
وزارة التخطيط» مديرية الإحصاء. التعداد العام للسكان لعام 1960, ص 2 - 3: والجمهورية العربية 
السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء, المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 
04 ص 727 

(130) يمكن استنتاج ذلك من أر قام في : .294 .م ,1993 اممجرك!1 اتعمبرهاءنو2 فل6 1 تمدق قاعملا 

(131) غالبا ما تنافش المشاكل التي تواجه التعليم بصراحة في الصحافة السورية. انظر على سبيل المثال» 
البعسث: 1986/10/21» ص 6. و11/6/ 1986» ص 7؛ الثورة: 1986/4/19: ص 9 و1986/9/4. 

ص 9. ولسئوات أسبق على ذلك انظر أيضا: .101-108 ,جع ,اكعوزط مأنمدمعظ اعمط والءالة «هفر5» 


18 


في المئة من الذكور الريفيين الذين يبلغون عشر سنوات فأكثر من العمر لا 
يزالون أميين. وكانت النسبة الممائلة للإناث الريفيات 39.4 فى المثة (انظر 
الجدول 12-3). علاوة على ذلكء فإن نسبة كبيرة من أولئك المصنفين «يقرأ 
فقط أو يقرأ ويكتب» وقسما غير قليل من أولئك الذين يحملون شهادات 
رسمية ربما كانوا أمّيين عمليّاء بمعنى أنّهم لم يكونوا مهيئين للعمل بفاعلية 
في المجتمع إلا في أدنى الحدود. 

على الرغم من ذلك. قاد الالتزام القوي للنظام القائم بالتعليم الجماهيري 
والنمو الملحوظ في الخدمات التعليمية الريفية إلى تحسين الفرص الاقتصادية 
ومستوى معيشة أعداد كبيرة من الفلاحين ذلك التحسين الذي لا يمكن 
إنكاره» وإن لم يكن بصورة مباشرة. 


الجدول (12-3) 
التوزيع النسبي لسكان سورية (ريف وحضر) ممن يبلغون العاشرة فأكثر 
استنادًا إلى مستوى التعليم في أعوام 1960 و1976 و1991 
سى| ا ا | #تر ا | | 


أميون 


اك |27 | قةة | 1ه | 57 | 288 | هق | كه |22 |2 
الثاث | 6كة | 44ة | 42 | 4131 | 232 | ههه | 225 | كفت | 07ت | 
جب دوه | 269 | 4ىة | 285 | 505 | 0.0ة | 154 | 254 ]20.1 


يقرأ فقط أو يقرأ ويكتب 


عب |22 | 2د | مود | هده | »ءة| 6د | :د | اد | دو 


إناث 





اك هد 





المصدر: الجمهورية العربية السورية. هيئة تخطيط الدولة» 1979» مستشهد به فى : 107 هاسادصوط :71 
مقتكة لععاوء للا 10 نوأكمأاصطه© عترمومءظ8 كومتلول! لعاتونا بتسمتعط) ب«منزوء8 ملااط ع7[ ١‏ لاله 
,12-18 .مم ,(1980 


تستند أرقام عام 1991 إلى بيانات في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب 
المركزي للإحخصات المجموعة الإحصائية السئوية السورية لعام 4 ص 77-726. 


1530 


الفصل الرابع 
الكفاءة الاقتصادية 


هل كانت الزراعة في سورية تتقدم في ظل حكم البعث؟ هل تُستغل 
أرضها ومياهها الآن على نحو أكثر عقلانية مما كانت عليه قبل عام 1963؟ 
وهل أصبح مزارعوها أمهر وأكفأ؟ 


استخدام الأرض 


من حيث استخدام الأرضء يبدو من الأرقام في الجدول (1-4)؛ وهي 
أرقام يجب النظر إلى دقتها على أنها تقريبية» أن المساحة قيد الاستثمار 
انخفضت من متوسط سنوي يبلغ 6.5 ملايين هكتار في النصف الأول من 
الستينيات إلى متوسط سنوي يبلغ 5.5 ملايين هكتار في الثلث الأول من 
التسعينيات. وإلى جانب هذا الانخفاض البالغ 15.3 في المئة في الأراضي 
المستثمرة؛ هبطت المساحة المتروكة للراحة (السبات) نسبة 82 فى المثة. 
ويتعلق ارتفاع المساحة البعلية المزروعة فعلًا إلى 40.6 في المثة بالهبوط 
الحاد في المساحة غير المستثمرة وهلة هي الخال إلى جد ما مع الزيادة ف ١‏ 
نسبة المراعي البالغة 35.7 في المئة. غيرآن عضن الساخات القابلة للزراعة» 
لكنها غير مزروعة» حُولت أيضًا إلى أرض رعوية. 


يتأنّى الانخفاض في مساحة الأرض قيد الاستثمار من عوامل عدّة. أوّلها 

أنَّ سحب مالكي الأراضي للمياه الجوفية بلا مراقبة يفوق إعادة تغذية الأحواض 

المائية الجوفية. على سبيل المثال» في منطقة القلمون؛ إلى الشرق من السلسلة 

الرئيسة المقابلة للبنان»ء جرى حفر نحو 2200 بثر في أقل من عقد. وعبّر فلاح 
151 


من المنطقة عن الأمر بالقول «ذبحوا المياه»”"». ويعانى ريف دمشق أيضًا 
الإهمال والإسراف في استخدام المياه الجوفية. وسبّب هذاء مقترنًا بالانخفاض 
في هطول المطرء انخفاضًا بنسبة 70 في المئة في مردود آباره في عام 1986©. 
وعلاوة على ذلك». أدى فرط الاستعمال للأغراض الصناعية والمنزلية في جزء 
من نهر بردى وروافده» التي تعتمد غوطة دمشق عليها في وجودهاء إلى تلوث 
مياهه وإلى التحذير الذي أطلقه الجهاز القيادي في الحزب الحاكم من أن 
ابردى يموت). واشتكى فلاح في الثمانين من عمره من هذه المنطقة في عام 
6 قائلًا: «لقد كنا نروي 21 دونمًا منذ عشر سنوات أمّا اليوم فإننا نروي 3 
دونمات فقط بواسطة الآبار التي تعطي 6 إنشات على عمق 30 مترّاء ذلك أن 
مياه بردى لم تعد تجري في فرع المليحة في الصيفء والذي يجري الآن ماء 
آسن وملوث [....] يقتل الشجر ويؤدي إلى يباسه:!”. 

ضاع بعض الرقع من الأرض الزراعية نتيجة التسبّخ أو انتشار الملوحة 
الناجم عن سوء إدارة مياه الري أو عن ضعف التصريف» كما في حوض 
الفرات أو منطقة الغاب شرق جبال العلوييت©. وضاعت بقع مستثمرة أخرى 
نتيجة البناء السكني أو التجاري العشوائىي أو «الزحف السرطاني للكتل 
الإسمنتية»!*) بحسب تعيير الاتحاد العام للفلاحين. وارتفعت المساحة المشغولة 
بالأبنية والطرقات العامة من 246 ألف هكتار في عام 1974 إلى 414 ألف 
هكتار في عام 1986 وإلى 602 ألف هكتار في عام 1993©©. ومن الصعب 
تحديد مساحة الأرض الجيدة الضائعة نتيجة هذا التوسع؛ لكنها كانت كبيرة بما 
يكفي ليدق الاتحاد العام للفلاحين ناقوس الخطر. ولعل المنطقة الأكثر تضررًا 


(1) تشرين» 1985/6/12: ص 4! انظر أيضًا: تشرين» 1987/6/25. ص ك5» والشورة» 
5 0ص 73. 

(2) البععث. 10/23/ 1986. ص 7. 

(3) البععث؛. 23/ 10/ 1986: ص 7. فى شأن حالة نهر بردى » انظر أيضًا: الثورة؛ 22/ 10/ 1986. ص 7. 

(4) الثورة» 28/ 3/ 1987 ص 6. 

(5) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام السادس (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين؛ [1986])) ص 39. 

(6) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1 »؛ ص 174؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1987» 
ص 117. والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 4»؛» ص 104. 


152 


61 


هي الشريط الساحلي الخصب في سورية» حيث «التهمت» طريق عام طرطوس 
- اللاذقية ومصفاة بانياس ومعمل إسمنت طرطوس ومشاريع عامة أخرى 
وامئات؟ المساكن و«الشاليهات» قسمًا كبيرًا من هذا الشريط. وعلاوةً على 
ذلكء خرج نحو 25 ألف هكتار من الأراضي القابلة للزراعة من الاستخدام 
من أجل سد الطبقة وبحيرته. 


الجدول (1-4) 
استعمالات الأراضي؛ 1993-1961 (المتوسط السنوي بآلاف الهكتارات) 


المساحة اد 2 > الفاعةايشترة .0 0 | 
نسبة المساحة إسبات للراحة | المجمو 
مروج ومراع | غابات 


ا 
١‏ »««يف | تمع اتة] هو | 6ن | دو | «دية | وي 
١‏ »دهف | :افد جد | هه |ا«نى| هود | هويا 
| ت«ديفف إ4«ة يت دود | 6ت | ةي | «ددة | ووه 
١‏ »«سيف إ»ية اند هه | هي | ««دة| ذداة | وما 
١‏ ««دسفف | مي اء«ة| هن | «د | وادة | «<دة | روما 


الزيادة أو الانخفاض : 
+ 55.8]+ 40.6 + 35.7 [41.0+ 


المصدر: استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» المجموعة الإحصائية» سنوات متنوعة. 

















النسبيان في المتوسط 
السنوي في 
1993-1 مقارنة 


ب 1965-1961 


(7) البعث. 1/12/ 1987. ص 7. 
(8) (1988 بكنصيةة] !١8.‏ ندملهمنا) اممط عالممقالط معطا م وأووسا5 7186 تمتجرك زه معدل بعلقع5 اعوط 
.45 بط ,(1989 ,دوعو هأمرم!زناه0 )ه كلدو نتملا زعاععات8) 


153 


من جهة أخرى» حدث كثيرٌ من الانخفاض في المساحة المستثمرة نتيجة 
خفض متعمد وضروري في الإنتاج. فقد توسّعت المساحة قيد الحراثة» بما 
في ذلك الأرض السبات» بسرعة كبيرة جدًّا ومن دون أي قيود في السئنوات 
الخمس والعشرين السابقة على استيلاء حزب البعث على السلطة. وتضاعفت 
في الحقيقة أربع مرات تقريباء مرتفعة من نحو 1,75 مليون هكتار في عام 
8 إلى 6.9 ملايين هكتار في عام 3©:»,» وكان ذلك أساسًا بتأثير 
ارتفاع الأسعار الزراعية في أثناء الحرب العالمية الثانية وفي فترة ما بعد 
الحرب. وبما أن أفضل أربعة أنواع من التربة في سورية لا تغطي أكثر من 
6 ملايين هكتار» ومنها التربة الطميية: 0.53؛ وتربة المياه الجوفية: 0.37؟ 
والمتوسطية الحمراء: 0.85؛ والغراموسول (حمراء داكنة وبنية وبنية داكنة 
وسوداء) 2.21 مليونا هكتار ‏ فإن معظم التوسع جرى في مناطق ذات تربة 
بنية مصفرة أقل جودة وذات معدل هطول مطري أقل"'". وتتلقى التربة 
المتوسطية الحمراء هطولًَا مطريًا سنويًا متوسطًا يتجاوز 600 ملم أو 23.6 
إنشَّاء والغراموسول بين 300 و600 ملم (23.6-11.8 إنشا) ولا تتلقى 
البنية المصفرة إلا بين 150 و300 ملم (11.8-5.9 إنشًا). 


دُفِعَت حدود استثمار الأرض فى معظمها نحو الشمال الشرقيء أي 
نحو الجزء السوري من منطقة الجزيرة بين الفراث ودجلة. فى هذه المنطقة؛ 
حيث الأرض عمومًا ملكية عامة» نظريًا على الأقل» ظهر إلى الوجود نظام 
«اغتصاب الأرض:. ذلك أن شيوخ القبائل الأقوياء» الغرباء عن الزراعة» 
«استولوا على تلك الأراضي بحسب مشيئتهم؛» وطوروها بطريقتهم الخاصة. 
وفي وقت يعود إلى عام 89 حذر مدير التعليم الريفي في سورية؛ وكان 
مفتشًا سابقًا على الحدائق المدرسية في فلسطين مدة عشرين سنة» من أن 


(9) زه اده «مماعه0 عتسرمرمعظ 716 ,امعستمماءنة2 لمة لماعم اعدمعع. ع0 علمد8 أمممتتقدعادا 
,8 .م ,(1955 برووعع5 ومتعاجه]ط كمطامل تعمس تااد8) مرك 


والجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاءء المجموعة 
الإحصائية السئوية السورية لعام 2.1993 ص 35. 

(10) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء, المجموعة 
الإحصائية السنئوية السورية لعام 1986. ص 29. 


154 


الجزيرة التي شبهها ب«الغرب البرّي في أميركا أيام الاندفاع على الذهب» 
سوف «تتحول إلى صحراء مرة أخرى» ما لم يُجَيّر أصحاب الزراعة الجدد 
على إدراك أهمية دورة المحاصيل. وأعطى أمثلة كثيرة على «زراعة 
المحصول ذاته فى قطعة الأرض ذاتها سنة بعد سنة وما يترتّب عن ذلك من 
آثار كارثية»”'. من الواضح أن هذه الممارسة أدت إلى إزالة المواد المغذية 
للتربة وإلى استخدام المياه المخزونة في التربة أيضًا وليس الهطول المطري 
الهامشي وحده. كذلك لم يظهر التجار الذين ساهموا في توسع الزراعة من 
خلال استعجار الآأر ض من شيوخ القبائل والاستثمار في الجرارات» اهتمامًا 
بالمحافظة على جودة التربة» لأنهم كانوا يسعون وراء عائدات سريعة؛ ولم 
يتمتعوا ببعد نظر. 


لم يكن زوال خخصوبة التربة الناجم عن الزراعة المستمرة لمحصول بعينه 
العاقبة الوحيدة المترتبة عن توسّع هامش الفلاحة. ولم يكن تقلص الأرض 
المتروكة للرعي أقل خطورة. أبعدت الأغنام السورية» وهي الحيوانات الداجنة 
الأهم في سورية» إلى مراع فقيرة. وأدّى ذلكء مترافقًا مع الزيادة في عدد 
الأغنام» إلى ترك الرعي الجائر آثارًا ضارة في الحياة النباتية في المروج. وبهذا 
المعنى» يجب النظر إلى ما جرى في ظل البعث من إعادة تحويل بعض 
الأر اضي ذات الإنتاجية الهامشية إلى مراع وفتح بعض المساحات القابلة 
للزراعة وغير المستثمرة لتغذية الأغنام على أنها تطورات إيجابية. 

غير أنَّ تأثيرات أخرى كانت تفعل فعلها في الآن ذاته. وتشجع على 
الهجر الجزئي للأراضي الهامشية وتوسع المراعي» وهي تحديدًا نقص اليد 
العاملة الزراعية وارتفاع تكلفتها”'" والزيادة النسبية في الطلب على اللحوم 
والحليب ومشتقاتهماء وبالتالي في أسعارهماء مع ارتفاع مستويات المعيشة. 
ارتفع الرقم القياسي لسعر اللحوم بالجملة بين عامي 2 196 و1985 ثمانية 
أضعافء وبين عامي 1985 و1993 أكثر من خمسة أضعاف غداة تحرير 

0010 لفساآ؟ ,371/75538 0 ,عع0185 سواعره بمتفااء8 أممرن 

مذكرة سسرية غير مؤرخة كتبها في عام 9 سافيج (53738 .8 .1.11) من المجلس البريطاني» 


دمشق» عارضًا الفكرة الرئيسة لحديثه عن الجزيرة مع أحمد قسام. مدير التعليم الريفي في سورية. 
(0 انظر الفصل الثالث من هذا الكتاب. 


155 


7م 


السوق وخفض سعر صرف الليرة السورية الرسمي في عام 1988 من 3.925 
ليرات إلى 11.25/11.20 ليرة مقابل الدولارث*'©. وفي الفترات ذاتهاء ارتفع 
سعر الحليب الطازج في دمشق بمعدل 5.6 و4.7 مرات على التوالي*". 
وكانت أسعار اللحوم أو الحليب عمومًا أكثر حساسية لأعمال السوق من 
أسعار القمح أو الشعير مثلًا التي كانت مضبوطة بقوة من الدولة. 

بيد أنَّ زيادة قطعان الأغنام السوري من 5.07 ملايين في عام 1965 
إلى 13.36 مليونًا في عام 1983 جعلت نقص العلف مشكلة جدية» 
حيث كان نقصًا حادًا جدًا في عام 1984 (نتيجة الجفاف ونقص العملة 
الصعبة) حتى إِنْ المزارعين مربي الأغنام والتجار مالكي الأغنام اضطروا 
إلى خفض عدد قطعانهم وبيع بعض من حيواناتهم من حين إلى آخر ب20 
في المئة من قيمتها قبل سنة. ومع حلول عام 1985» كان عدد أغنام 
سورية قد انخفض إلى 10.99 ملايين» لكنه ارتفع في ما بعد ليعود ويهبط 
إلى 10.14 ملايين في عام 271993. 


(13) استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 
للإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1981 ص 340؛ المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 6 ص 8؛ المجموعة الإحصائية السنوية السسورية لعام 7 ص 290؟ 
والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 21994 ص 294. 

(14) استنادًا إلى أرقام في الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 
للإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1963 ص 208؟ المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 6.»: ص 380.» والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 4». ص 296. 

(15) الجمهورية العربية السورية : وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي» المجموعة الإحصائية 
الزراعية السنوية لعام 84-. ص 8 » ورئثاسة مجلس الوزراء. المكتب المركزي للؤحصاء. 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية تعام 1986: ص 175. 

)216 .5 ,هلق 8524 لا5 .20 ارممك ]ا 

تقرير من الملحق الزراعى» السفارة الأميركية؛ دمشقء إلى المصلحة الزراعية اللخارجية معأ©,ه5) 
(ههذ»مء5 امسلطاددنعهم في وزارة الزراعة الأميركية» بعنوان: 

7 ,1984 ,لتممعط! ««مأامنااى أم اع توا اأمتوما مره 

(17) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراءء المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1986» ص 175؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1991» 
ص 122.» والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 4.» ص 124. 


156 


زادت حدة مشكلة نقص العلف نتيجة النمو الشديد في إنتاج الحليب 
ألف بقرة» كانت 163 ألما من بينها حلويّاء وأتتجت 149 ألف طن من 
الحليب. وبحلول عام 1993 كان لديها 680 ألف بقرة» بينها 289 ألقًا 
حلوبًاء وأنتجت 742 ألف طن من الحليب» على الرغم من حدوث طاعون 
الماشية في سنتين من سنوات تلك الفترة”*©. وفي الفترة ذاتهاء ارتفع عدد 
الدجاج؛ بما في ذلك غير البيّاضء من 4.59 ملايين إلى 10 1 مير 
وارتفع إنتاج بيض المائدة من 306 ملايين بيضة إلى 1.8 مليار بيضة ةا 

تطلبت تربية الدجاج وحدها في منتتصف الثمانينيات 360 ألف طن من 
الذرة الصفراء على الأقل» لكن محصول سورية السنوي من الذرة الصفراء 
وصل في فترة 1993-1986 إلى 56900 طن (في عام 7»©» ولم يتجاوز 
5 ألف طن (في عام 1991). وفي ضوء النقص المستمر في العملة الصعبة 
في القطرء لم يكن من الممكن استيراد الفارق بكامله. وهناك مشكلة أخرى 
تعلن يعبر احرمن طامر علك السجاج؛ وهو دقيق فول الصويا الذي لا 
تنتتجه سورية على الرغم من أن الحاجة السنوية إليه تبلغ 137 ألف طن”©. 
وبدأ مؤخرًا استخدام الشعير بكثافة بديلًا من جزء من الذرة في حصص علف 


(18) طاعون الماشية هو مرض مميت معد يتميز بالحمى والرّحار والتهاب الأغشية المخاطية. 
حدنت جائحات طاعون الماثئسية في عام 1982 و1983؛ من الواضح أن المرض دخل نتيجة استيراد 
غير قانوني لماشية مسن جنوب لبنان» لكنها فحصت عن طريق مسلخ الأبقار الذي احتك بالحيوانات 
المريضة. انظر تقرير رقم (/ا5 3002) بتاريخ 31 آذار/ مارس 1983 من الملحق الزراعيء؛ السفارة 
الأميركية» دمشقء إلى المصلحة الزراعية الخارجية في وزارة الزراعة الأميركية؛ بعنوان: اقدههم» 

,6 .م «ر(1982) قاولز5 ,أرموعا مملأماز5 

وتقريره رقم (لا5 4004) بتاريخ 22 شباط/ فبراير 1984 المتعلق بالوضع في عام 1983. ص 6. 

(19) الجمهورية العربية السورية: وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيء المجموعة الإحصائية 
الزراعية السنوية لعام 1974: ص 156 - 157 و168؛ رئاسة مجلس الوزراءء. المكتب المركزي 
للوحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1986. ص 175 - 177» والمجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 1994. ص 124 - 126. 

(20) البعث. 1/15/ 1987. ص 7؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» 
المكتب المركزي للإحصاءء, المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1986. ص 148؛ المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1991؛ ص 109» والمجموعة الإحصائية لعام 1994. ص 111. 


157 


الدجاج؛ لكن هناك طلبًا كبيرًا على الشعير» لا لتغذية الدجاج فحسبء بل 
والأغنام أيضًا نتيجة وضع العشب السيئ في المراعي السورية. ويتأثر قطاعا 
الألبان والأغنام سنَةَ يكون المحصول سيئًا جذدّاء وقد يخرج بعض منتجي 
الدواجن من العمل”©. 


من أجل تخفيف مشكلة العلف» شجعت المؤسسة العامة للأعلاف» التي 


ست فى عا 4 زراعة الأرض المرويّة بعد حصاد القمح بنوع هجين 
من الذرة قصيرة الأجل فرنسي الأصلء وفكرت جديا في مكننة إنتاج الذرة 
في 0 آلاف هكتار في حوض الفرات. وجرّبت أيضًا خلائط علفية بديلة 
منتجة محليا(ة©. أخِلٌ جزء من قطيع الأغنام السوري من المراعي؛ وأجريت 

ترتييات على أساس تعاوني لتغذية الحملان بدقيق من بذور القطن المحلي 
في زرائب الأغنام. وفي الوقت ذاته» أدخلت وزارة الزراعة» بالاث شتراك مع 
المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) الذي أسس في 
عام 1977 ولديه مساحة للتجارب الزراعية تبلغ 8 هكتارًا في تل هادية 
قرب حلبءه تقنيات جديدة لزيادة مردود الشعيرء من مثل مصالبة زراعة 
البقوليات التي تحفظ الآزوت في التربة» مع الشعير وإضافة السماد الفوسفاتي 
إلى التربة الفقيرة بالفوسفات في شمال سورية*©. 


من الضروري تناول جانب آخر من التغيرات في استخدام الأراضي 
يعكسه الجدول (1-4) وهو التخلي الجزئي عن إراحة الأرض (سبات) 


(21) التقارير رقم (6001 لا5) بتاريخ 8 كانون الثاني/ يناير 6. ورقم (7002 لا5) بتاريخ 27 
كانون الثاني/ يناير 1987 من الملحق الزراعيء السفارة الأميركية» دمشق» إلى المصلحة الزراعية 
الخارجية في وزارة الزراعة الأميركية» بعنوات: ,11-12 ,2-3 .مم «رعومعظ امنممة لءءا لهة ونمم0 تماكزذ» 

0 -8 له ,2-3 قائة 

(22) هناك الآن ثلائة معامل حكومية لخلط العلف في حماه وحلب وقرب دمشق بطاقة إنتاجية 
سنوية تبلغ 110 آلاف طن. 1 

(23) الشورة: 2/28/ 1985. ص 7: البعث. 11/27/ 1986» ص 47 1/15/ 1987. ص 7؛ 
وتقارير الملحق الزراعى»ء السفارة الأميركية» دمشقء إلى المصلحة الزراعية الخارجية في وزارة الزراعة 
الأميركية رقم (6001 لا5) بتاريخ 8 كانون الثاني/ يناير 1986» ص 2 ورقم (3002 59) بتاريخ 31 
آذار/ مارس 1983. ص 12؟ ورقم (2004 لا5) بتاريخ 9 آذار/ مارس 1982. ص 415 

بصممصطاء1) (دملهم!) احمط عاواطلط 1356 لصة ,24-25 .جرع ,(1984) 1.8-9 ركعةاباسبطتموا 1610| ه47 

.40-4 .مم ,(1983 


158 


اكاك اللا يتن 


بديلا من تخريب الأراضي الهامشية. ففي النظام التقليدي كانت الأرض تترك 
دون بذر كل ستتين أو ثلاث بهدف تفادي استنزاف التربة. وكما يمكن 
الاستنتاج من الأرقام المستشهد بها في الجدولء. لم يكن من المسموح في 
النصف الثانى من الثمانينيات ترك إلا 17.3 فى المئة من الأرض المستثمرة 
للراحة؛ بينما في الثلث الأول من التسعينيات كانت النسبة 9.9 في المثة» 
مقارنة ب 46.7 في المئة في النصف الأول من الستينيات. وهذا الانخفاض 
في استخدام الأرض السبات ‏ بقدر ما يتضمن التوسع في المساحات 
المزرروعة بالمحاصيل - يلقي الضوء على الميل المتنامي إلى تغيير الطريقة 
المستقرة في الزراعة» ويدل على تبني دورة محصولية أفضل وطرائق زراعية 

ثمّة حقيقة أخرى تستحقٌ التعليق ويعكسها الجدولان (1-4) و(2-4).» 
هي الزيادة الصغيرة نسبيًا بين عامي 3 و1990 في مجموع المساحة 
المروية»؛ على الرغم من المبالغ الكبيرة المستثمرة في سورية في ترويض نهر 
الفرات وروافده. يكمن جزء من تفسير ذلك فى حقيقة أن كثيرًا من المساحات 
على الفرات المروية حاليًا بالراحة كانت سابقًا تروى بواسطة المضخات. 
وهبطت نسبة المساحة المروية الإجمالية المعتمدة على ضخ المياه من الأنهار 
أو الينابيع أو البحيرات من 59 في المئة في عام 1963 إلى 31.3 في المئة 
في عام 21990 في حين ارتفعت الحصة المروية بالراحة من 16 إلى 19.3 
في المئة. لكن كان معظم الزيادة نتيجة توسع كبير في الري باستخدام 
المضخات من الآبار» وهذا ما أدى» كما ذكرنا آنقاء إلى انخفاض مستوى 
المياه الجوفية في مناطق كثيرة من القطر. 

يمكن أيضًا تفسير الزيادة الصغيرة نسبيًا في المساحة المروية قبل عام 
0 بالصعوبات التي أحاقت باستصلاح الأراضيء ولا سيما إلى الشرق من 
سد الفرات (الطبقة). إذ كانت إحدى المشكلات وجود أملاح قلوية في 
الأرضء وازدادت مع تحسّن الري وزيادة الإنفاق اللازم لتصريف الأرض 
على نحو أكثر كفاءة. وهناك مشكلة أخرى» هي وجود الجبس في التربة»؛ وهي 
مادة تميل إلى الانحلال عند ري الأرض مسببة انخسافها وتصدع بطانات 
القنرات. لذلك كان من الواجب صنع بطانات للقنوات تكون كتيمة واقتصادية 


159 


في الوقت ذاته. في البداية» كانت القنوات تبطّن تبطيئًا مضاعمًا بإسمنت خاص» 
الأمر الذي كان يضاعف تكلفة الاستصلاح التقديرية ثلاث مرات**. لهذه 
الأسباب وغيرهاء أي الهبوط في الإيرادات الحكومية والنتقص في القطع 
الأجنبي؛ تباطأ تطوير الأراضي في حوض الفرات. ففي الخطة الخمسية 
1985-1 لم يدخل في الحراثة سوى 17.500 هكتار جديد في هذا 
الحوضء ويبلغ هذا بالضبط 8.7 في المئة من ال201 ألف هكتار المخططة 
أصلاء و33.3 في المئة من الهدف المعدل البالغ 52500 هكتار”*2. بالإجمال» 
ومنذ إكمال سد الفرات حتى عام 1985: جرى استصلاح 65958 هكتارّاء 
هي 21456 هكتارًا الخاصة بالمشروع الرائد شرق الرقة و23502 هكتار في 
وادي الفرات الأوسط.*© و21 ألف هكتار في سهول مسكنة الغربية”©. 


الجدول (2-4) 
مساحة الأرض المروية بحسب طريقة الري لسنوات مختارة (بنسب مئوية) 


مروية بالراحة من 
الأنهار واليتابيع 
والبحيرات والسيول 





(24) تشرين؛ 11/15/ 21985 ص 44 
.55-6 .وم ,23/3/1984 قمة ,3 .م ,13/4/1979 :50 .م ,12/5/1938 ,اععولط عأدرم معط اعمط ء/100لل 


(25) الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السادس» ص 56. 
(26) بين السد والموقع المعروف باسم حلبية زلبية. 
(27) الثورة» 11/13/ 1985. ص 7؛ وتشرين: 11/25/ 1986 ص 4. 


160 


تابع 
««| هس | ده | 4م | د | هه | 
ف*| قتس | فس | 2م | - | هت | 
المصادر: استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي 
للوحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1978» ص 192؛ المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 7» ص 176؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 904 
ص 106؛ والجمهورية العربية السورية» وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيء المجموعة الإحصائية 
الزراعية السنوية لعام 1986. ص 31. 

لكن إكمال القناة الرئيسة البالغ طولها 18 كلم في آذار/ مارس 1985» 
تلك القناة التي تربط سد الفرات بمنطقة البليخ الأدنى» والتي شملت في 
النهاية ري 100 ألف هكتار في حوض البليخ؛ ودخول سد البعث التنظيمي 
المبني بعد الطبقة ب27 كلم عاجلا في الخدمة؛ وأعمال التصريف الجارية 
حاليًا على مساحة 125 ألف هكتار في الفرات الأدنى؛ وتدشين مشروع 
الخابور في عام 1983» وهو المصمّم لري 137600 هكتار؛ والتغلب 
الواضح على مشاكل التربة الغنية بالجيس وتصدع قنوات الري باستخدام 
الإكساء بالبوتان أو كلوريد البوليفينيل؛ وبناء كثير من السدود الأصغر حجمًا 
وشبكات الري على الأنهار. من مثل سد 16 تشرين الذي اكتمل مؤخرًا على 
النهر الكبير الشمالي في محافظة اللاذقية» كل ذلك مع المشاريع الأخرى ذات 
الصلة القائمة يتوقع أن يؤدي إلى توسع ملحوظ في المساحات المروية في 
سورية في المستقبل القريب» كما يفسر جزئيًا زيادتها من 693 ألف هكتار في 
عام 1990 إلى 1013300 هكتار في عام 1993*©. غير أن معظم الزيادة 
في هذا المشروع كانت مساحات مروية بالمضخات من الآبار» وهذا ما يمكن 
أن نستنتجه من الجدول (2 -4). 

(28) تشرينء 23 و24 و11/25/ 1986», ص 4؛ والبعث. 4/ 12/ 1986: ص 7؟ 

:7 .م ,4/10/1986 لهة ,56 .م ,23/3/1984 ,اممعلط عتورهو«معظ احمظ 1110016 

الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السابع (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 01511 
ص 114-113. جعل سد 16 تشرين وحده من الممكن ري 14 ألف هكتار من السهول في شمال 
وجنوب اللاذقية» والثورة» 12/30/ 1985» ص 5. 


161 


ل ينك 


اتجاهات النمو الزراعى والعوامل السببية ذات الصلة 

بسبب الحقيقة التى مفادها أنَّ الأرض المروية كانت حتى الثلث الأول 
من التسعينيات تشكل 22.2 فى المئة فقط من المساحة كلّها المزروعة 
بالمحاصيل؛ ما زال الإنتاج الزراعي حسّاسًا جدًا للتغيرات في هطول المطرء 
وكان ولا يزال خاضعًا لفترات جفاف مهلكة لا يمكن التنبؤ بها. وهذا يفسر 
التذبذبات القوية من سنة إلى أخرى في المستوى النسبي للحجم الكلي 
للإنتاج الزراعي كما يبين الجدول (4- -3). وبالطبع» + فنإن ثم قيودًا لاومة 
للأرقام القياسية في هذا الجدول» بوصفها تعبيرات عن متوسط التغير» لأن 
المتتوجات النباتية والحيوانية الأساسية التي تنطبق عليها تخضع لتغيّرات 
متنوعة في السعر وف الأهمية النسبية» خصوصًا نتيجة طول فترة المقارنة”©. 
ومع ذلك فإنّهء يمكن النظر إلى هذه الأرقام القياسية على أنها معبرة على 
نحو واسع عن الاتجاه العام للتغير في الإنتاج الزراعي. فإذا ما نظرنا إليها 
مقترنة بالأرقام المتعلقة بمعدلات النمو الزراعي في الجدول (5-4) وبتطور 
إنتاج المحاصيل الرئيسة في سورية ومردودها في الجدول (4 -4). فإنها 
تكشف أن الإنتاج الزراعي ارتفع بين عامي 1962 و1965» واتجه هبوطًا في 
فترة 1966 -1973» باستثناء عام 1972 الذي كان عام وفرة في المحاصيل» 
وكان عمومًا ذا اتجاه صاعد من عام 1974 إلى 3: وهبط على نحو 
ملحوظ في أعوام 4 و1987 و1989»ء واتجه صعودًا مرة أخرى في 
النصف الأول من التسعينيات. 


وصل متوسط معدل نمو الزراعة السنوي لأعوام 1965-1961» بحسب 
تقديرات مكتب الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي في بيروت, إلى 3.5 


في المئة. لكن هذا الرقم يحمل - باعتراف الجميع ‏ درجةً من الميل نحو 


(29) على سبيل المشال؛ في الرقم القياسي لعام 1963: أعطي القمح تثقيلًا مقداره 356 من 
أصل 1000 للمنتوجات النباتية» و136 فقط من أصل 723 في الرقم القياسي لعام 1985؛ انظر: 
الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيطء مديرية الإحخصاء. المجموعة الإحصائية السنوية السورية 
3» ص 267. والجمهورية العربية السورية: رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء: 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1986» ص 135. 


162 


الحدول (3-4) 


الرقم القياسي لإجمالي الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني» 1995-1956 
(1956 - 100) 


2 20 212 
2 
««اج إس| «« إس | إسي ص 

“| »م أ « _إس« ا ست اس 
سا إس«ا س إس| سي يس 
20 2ك 
| س | ص اس سا 


المصادر: الرقم القياسي من أو مستند إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط» 
مديرية الإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية 1963. ص 268؛ المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 1965» ص 2 26؟؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب 
المركزي للإحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1971. ص 64؛ المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام1977 . ص 178؛ المجموعة الإحصائية لعام 1981 ص 4168 
المجموعة الإحصائية لعام 1986. ص 136؛ المجموعة الإحصائية لعام 1987. ص 4113؛ 
والمجموعة الإحصائية لعام 1991. ص 98؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994» 
ص 100؛ والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1996, ص 105. 

(أ) موقتة 












16 


الجدول (4-4) 


تطور إنتاج الحبوب الغذائية والمحاصيل الصناعية الرئيسة ومردودهاء 
1995-4 (متوسط الإنتاج السنتوي بآلاف الأطنان؛ متوسط المردود 
لكل هكتار مزروع فعلًا بالطن المتري) 










ل 0 
مور »ه |قةاء« أنه | أنه | | 

«مو] مد إوة |« إهه|» إدهإعم أ 
“متا ف إعه ان أنه اع« اناه ا 

دهت «١‏ انه ىن |دة | ل 
هيه هد إهادت اده اوت ا 
وين »د عه هده إمفا 
ل 1 ال ا 
دهت« اد ااه إعةا 
د تت | ف ]تا | عا 
--هوه:| ودود ده | فقدفا] مف | 


المصادر: استنادًا إلى أر قام في: زه م«موانء8 ,تكتقككة عتسمدمعظا ,0 امعساتومءآ ,كدمأندل2 لعأأمنا 
:27 لق 17 ,14 .هم ,(1953 ,اانا عاتولا بجك1؟) 1951-1952 ,اكمظا 0811001 ا ا عتواللل«م0) أأدروارمءظ2 
074 ,6 ترد ,اصبروط إن «رفندا3 ه راعوظا ء/00ثاا 6[ :دأ أارء اماع12 نه تتترمك!! 210لا ,اعمتسوللا مععرونا 
عأصمهمءظ .ل .نا :72 .م ,([1957] ,سكتقلكة لمممتاهدمعنمآط كه عالطتاكمآ لورهآ ارملا بجعل؟ هلهم وممزل 
جماءعة5 لمنالناءتميية عطا مز وأععجوكمع طاومع لضع كامعتممواعع8 أموط©» ,أبماء8 ,ع0156 لداعو5 لمة 

66 .م ,(لعطأمممومعصسنك8) (1971 اقية) «بدتكزد 1ه 
يحيى عرودكي» الاقتصاد السوري الحديث (دمشق: [د.ن.1ء 1972)) ج 1» ص 130 و133؛ 
الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراءء المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 6 » ص 245 و232؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 0 
ص 180 و188 - 189! المجموعة الإحصائية السئوية السورية لعام 1984» ص 134 و141-140؛ 
المجموعة الإحصائية لعام 1986» ص 148 - 149 و154 - 155؛ المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 1 :»؛» ص 110-109 و116-115؛ المجموعة الإحصائية لعام 94. 
ص 112-111 و118-117هء والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1996» ص 117-116 
و123-122. 


نهاك 


لصا 1< 









د انه اده | 
»امه ]دوه ل 


164 


19م 


الأعلى لأن الأعوام السابقة 1960-1958 كانت سنوات جفاف حاد00©. 
ولذلك انزاح المعدل قليلًا على نحو يمكن تقديره» وكان» استنادًا إلى 
البنك الدولي ‏ 0.7 في المئة لفترة 1973-1965ء لكنه قفز إلى 8.6 
في المئة في فترة 1980-1970. ليهبط من جديد إلى 0.6 في المئة 
في فترة 1991-0. هذه الأرقام مأخوذة من الجدول (5-4) الذي 
يوضح أن أداء سورية الزراعي في أعوام 1980-1970 كان إيجابياء 
لكنه كان في أعوام (1973-1965 و1991-1979) سلبيًا مقارنة بأداء 
معظم جاراتها من حيث معدل النموء وفي فترة 1991-1979 أيضًا من 
حيث إنتاج الغذاء للفرد. ويمكن أن يعزى ذلك جزئيًا إلى معدل النمو 
السكاني المرتفع نسبيًا. 

بغض النظر عن تأثير الطقس الذي لا مفر منه ‏ من مثل آثار 
الجفاف المدمرة في عام 1966 أو السيول في ربيع 1967 - فإن 
الانخفاض في اتجاه النمو الزراعي في أعوام 1973-1966 يتعلق في 
جزء منه بالمتاعب والتخلعات التي رافقت عملية إعادة تنظيم علاقات 
الملكية وزيادة حدة الوصلاح الزراعي في النصف الثاني من الستينيات. 
كما شهدت الفترة أيضًا انقلابين. إضافة إلى ذلك,. وجه استثمار 
الحكومة نحو مشاريع مثل سد الفرات وبناء الطرق وصوامع تخزين 
البذور والحبوب التي ليس لها أثر فوري في الإنتاج الزراعي» ولن تغل 
عائداتها إلا في العقد التالي'*. وفوق ذلك كله.» خاضت سورية في 
هذه الغترة حربين - في عامي 1967 و1973 الأمر الذي استتبع 
تحويلًا في الأموال لتعزيز قدرتها الدفاعية. 


000 .م «ركالعطرمماعبع2] أمو©» رؤممتاول! لعاتون] 

(31) في فترة 1970-1966 استهلك مشروع الفرات وحده 69 في المئة من إجمالي 
الاستثمار الزراعي المخطط. وكانت حصة «الري واستصلاح الأراضي» 5 في المئة وحصة الزراعة 
الصرف 14.5.ء ثلثان منها ليناء الصوا امع انظر: .49 .م «ركا 6 اجماءناء1 أموط» ,ركدمتاهل( لعائدتا 
لمناقشة اتجاهات الاسثكمار والنمو الزراعي قبل عام 6 ويعده انظر: عنتهدمهمء8» ,مععمدنآ 
.12-16 .مم «بقتكزة هذ أمعسوماءبعط 


165 


166 


0861-1661© 61-0861 م0 تكس يتر ميم رسيم مب مو كوس “ل مد | رمم لتو 0 
7 (4م58ائنا018' 0 2": [لات جزهنام وعنإذ [[ىىع])' 00' ج05-جم]؟ جطم-جطو' #نام 682-887" 
0]0/4 5286 10م 0[2020لللادلاز [عدكهنز [ 986 (خخ؟لاإنا 0018" 0" 2": [[301 جزهن]م تيت ] 6وو)' 00" | وج-]وع' تام إإمارم لمددرم فصر بردومدر :اعصكصم 












001 > 61-861 »6ة) 
02461-0861|0861-6١‏ 
6466-166١‏ 


مرجم قم ف قومي 
فيس مير ممعم جسعي | ويسم يم م ير بسكي 


0 
كك د مدلتيك 
0 

لل ا ا ات لا 


0 -261|0461؟ 2220-2 5961-6461 
مت 


ج ب د لدي م ممم 1 6ه و يم ي )كم بد 
(و-م) ممصم 








صم لرصمم تيمم 
زيم لي كبس عي ممعي لمعيه 











يعكس معدل النمو الزراعي المرتفع نسبيًا لفترة 1982-1974 (الجدول 
(3-4))» في جزء منه؛ الأثر العميق للفورة النفطية في فترة 1981-1973 
التي نتج منهاء لا ارتفاع أسعار النفط السوري فقط ‏ وهو مصدر دخل القطر 
الرئيس من التصدير منذ عام 1974 - ومن ثم زيادة في الاستثمار الحكومي 
المخطط المخصص للزراعة في فترة 1980-1976 تبلغ أحد عشر ضعف 
مستواه في فترة 1966 -1970» أو 7 تقريبًا زيادة تبلغ خمسة أضعاف مستواه 
في فترة 1975-1. بل أيضّاء وفي النهاية» تحسَنٌ ملحوظّء منظور وغير 
منظورء في قدرة كبار المزارعين على الاستثمار 22). وحدث ذلك عبر ما 
يسميه الاقتصاديون «الأثر المضاعف» للازدهارء أي التفاعل التسلسلى 
الاقتصادي الذي يطلقه. ْ 


يمكن عمومًا تفسير الارتفاع في معدل النمو الزراعي في أعوام 
1201 - 1995 بالأولوية العليا التى أعطتها الحكومة للاستثمار فى الزراعة 
في خطتها الخمسية 1995-1991» مع الهدف المعلن المتمثل بتحقيق 
«الاكتفاء الذاتي» على المدى الطويل «في معظم المنتوجات الزراعية»» 
وزيادتها المتزامنة لأسعار شراء المحاصيل الرئيسة الرسمية» سامحة للمنتجين 
بهامش ربح بين 50 و70 في المئة» بحسب «الأهمية الاستراتيجية للمحصول». 
وشجيعها لفطل العامن د يعرسوم في عام 1988 ي على اللدخرك مع اللدولة 
في مشاريع زراعية مشتركة» عن طريق منح تلك المشاريع طيفا واسعًا من 
الإعفاءات الضريبية» والرسوم الجمركية» والأنظمة القائمة التي تضبط التجارة 
والصرف030, 


(32) ازداد الاستثمار الحكومي المخطط في الزراعة والري واستصلاح الأراضي ومشروع سد 
الفرات من 942 مليون ليرة سورية (246.6 مليون دولار) في فترة (1966 - 1970): ,كهونامل( نعانهنا) 
(50 .م «كاهعدمداء بك إكوط» إلى 2.24 ملياري ليرة سورية (586 مليون دولار) في فترة 1971 -1975: 

0 4 باناللع8 ,قات تتتباءع120 لتته لاعموعدع18 أوزعه5 لصة ,أدأعمممز؟ ,عتسمممعظ ,0) ععاوة © 

8« ,([.0.ه] كعتوة) غ13" :اممتعظ]) 971[ جز بردم معط «بماسبرزي 116 نونهه 
وإلى 11 مليار ليرة سورية (2.8 مليارا دولار) في فترة 1980-1976 انظر: :كه 144/6 
0 مم ,12/8/1977 ,اأمعواط ءأض«ونروءط 


(33) وحدة جمع المعلو مات في : 1993/94 ,واسرد عاازمظ مدهت اتنا ععمعوتلاعنها اكتسعدمعظ 
نهة ,23-24 .وم ,(1994 باتدنا عطآ' :هلهم ل) 
البعث. 3/7/ 1995؛ ص 6. 


167 


نك 


ساهمت الزيادة الكبيرة في درجة المكننة في رفع معدلات النمو الزراعي 
لأعوام (1982-1974) و(1995-1991). وكما يمكن أن نستنتج من 
الجدول 4 - 6» فإن عدد الحصّادات ‏ الدرّاسات المستخدمة بين عامى 1972 
و1995 زاد على الضعف. وعدد المحاريث الآلية تضاعف نحو سبع مرات» 
وتضاعف عدد الجرارات التي تبلغ قوتها 50 حصانًا أو أكثر 12 مرة. ومستوى 
المكننة في الجزيرة والغاب وسهول حلب وحماه وحمص أعلى منه في 
حوران أو جبل الدروز حيث الأرض مجزأة إلى حقول صغيرة؛ أو معظم 
التربة حجرية» ما يعرّق استخدام الجرارات أو آلات جني المحصول*. لا 
يتذكر بعض القرى الآن إلا قليلًا الأيام القديمة التي كانت الأرض فيها تحرث 
على شكل أثلام سطحية بمحاريث خشبية خفيفة»؛ ويحصد المحصول 
بالمنجلء» ويدرس بالنوارج» ويذرّى بالمذراة. مثال جيد على ذلك قرية ربلة 
التي تقع على نهر العاصي على بعد نحو 40 كلم جنوب غرب حمص وليس 
فيها إلا 7 آلاف نسمة» لكنها تملك ما يصل إلى 1500 جرار زراعي. 


الحدول (6-4) 
التقدم في مكننة الزراعة السورية واستخدام الأسمدة الكيماوية ومواد 
المكافحة 












اا ]#2 | ا | | لل ااا 
اجات ارس دحسة | <« | ا«دة | 0«»ث | اندر | انود | 


مضخات تسحب الماء من نهر أو | غ.م 7 | 134724 
بئر ارتوازية 


سريت حية صرت | جم | 0 | :تدا| :| اوددف | 


(34) لكن هناك أصلًا مشاريع قائمة لتنظيف مساحات كبيرة من الصخور الكبيرة الكثيرة المتناثرة 
في جبل الدروز وحوران؛ انظر الثورة» 75 :ص 7. 
(35) البعث» 12/30/ 1986» ص 6. 








168 


تابع 
شت || | | وم 


الأسمدة الكيماوية المستخدمة في 247 604 








الزراعة (آلاف الأطنان) 


مواد مكافحة (القيمة بملابين غم غيم 


المصادر: أرقام عامي 1952 و1962 من: رزق الله هيلان» الثقافة والتنمية الاقتصادية في سورية والبلدان 

المخلفة (دمشق: مكتبة (ودار توزيع ميسلون» 1980))» ص 4191 

ومن : :7116ءاتثزى #«لالأنءاجعه' | سبى عرزهانرء اعم عللناط بلوألقامع سمل عل اء عدعععم عل عطممة ع0116 
0 مم ,(1970 .ف .0.1 :كهاصة(!) عننوأاكتماى اه مزامالعدء0 علنوأاررا ه68 عابنا 


ومن: غطا هذ واععتروهع8 طاتازه2) له كامعصومماءنهء أكو8» ,انماء8 رع0116 أواعه5 لهة عأسرممومء8 ,.لؤ.لاآ 
,30 .م ,(1971 اتدجة) «بموكزد آه عماعه5 أمسسذاناعتوم 
أمَا أرقام أعوام 1972 و1982 و1993 فمن: الجمهورية العربية سورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب 
المركزي للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية لعام 1974 ص 266؛ المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 1978: ص 244! المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1983» ص 154-153؛ 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994؛ ص 144 و146» والمجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام6 199 ٠ص‏ 149و151. 
لمعالجة الطلب المتزايد على الآلات الحديثة وخفض اعتماد القطر على 
المستوردات الغالية فى الوقت ذاته» أقامت الحكومة فى النصف الأول من 
السبعينيات» بمشاركة شركة 8 031010 معمل الفرات للجرارات قرب 
حلب الذي كانت حصة الشركة الإسبانية فيه 25 في المثئة. والمعمل هو أساسًا 
معمل تجميعء لكنه في عام 1981 أنتج 15 في المئة من قطع الجرارات» 
وكان الأمل أن ترتفع هذه النسبة في النهاية إلى 55 في المئة. وفي منتصف 
الثمانينيات» كانت لدى المعمل القدرة على تجميع 0 جرار في السنة 
بمحرك قوته 70 حصاثاء وأنتج 4085 جرارًا في عام 1983» لكن إنتاجه هبط 
بعد ذلك؛ فلم ينتج بين عامي 1989 و1992 آلة واحدة» وفي عام 1993 لم 
ينتج سوى 401 جرار. ولم يَعْط أي تفسير لذلك©©. وكان جرار الفرات يباع 


(36) البعث. 28/ 12/ 1984: ص 5؟؛ الاتحاد العام للفلاحين: المؤتمر العام الخامس (دمشق: 
[الاتحاد العام للفلاحينء [د.ن.]).» ص 146 -147؛ المؤتمر العام السادس. ص 157؛ والجمهورية 


169 


في المعمل في عام 3 بسعر 51143 ليرة سورية (13030 دولارًا)!07. 
أما ما كان المزارعون الأفراد يدفعونه فعليًا مقابله فليس واضحًاء لكن شيئًا من 
التذمر ساد بينهم نتيجة التكلفة العالية للآلات الزراعية» ولا سيما بعد زيادة 
في السعر في عام 1985 بلغت 27 في المئة*©. ومن جهة أخرى» يجب أن 
يبقى حاضرًا فى الذهن أن جرارًا أميركيًا ذا قوة مماثلة لقوة جرار فرات كان 
يباع في الولايات المتحدة في عام 1983 بسعر 25 ألف دولار”©. وإضافة 
إلى ذلكء كانت الحكومة السورية في الأعوام الأخيرة تقدم للمزارعين 
الراغبين في شراء آلات جديدة قروضًا مدتها 10 سنوات بمعدل فائدة 3 في 
المعة فط[ 400 


من بين الجرارات ال72782 المستخدمة في الفلاحة في عام 1993» 
كان ما لا يقل عن 97 فى المئة ملكية خاصة؛» وهو ما يعكس حقيقة أن 
الحكومة تكتفي بتخطيط النشاط الزراعي وتنظيمه وأن مشاركتها في الإنتاج 
الزراعي الفعلي قليلة. ٠‏ 

تحققت معدلات النمو الزراعي لأعوام 1982-1974 و1995-1991 
(انظر مرة أخرى الجدول (3-4)) بفضل عوامل مترابطة أخرىء ليس أقلها 
التوسع الكبير في عدد الااختصاصيين الزراعيين المدرزبين في سورية. وهو ما 
نجده جليًا في الجدول (4 - 7). ففي ظل حكم البعث افتتحت كليتان جديدتان 
للزراعة» واحدة في دمشق في عام 1963 وأخرى في اللاذقية في عام 1972. 
وكانت كلية أقدم قد أسست في حلب في عام 1960. وتخرّج في هذه الكليات 
ما لا يقل عن 3793 سوريا بين عامي 1970 و1993. وارتفع عدد المهندسين 


العريية السورية» رئاسة مجلس الوزراءء. المكتب المركزي للاحصاء: المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعام 6 ». ص 8 ؛ المجموعة الإحصائية الستوية السورية لعام 37 » ص 0162 
والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 4.» ص 2160 و 1001 فهة ,(1981 عصدل) اكعمتا 14001 

.م ,23/8/1986 ,رامعا عان«ره امعط اعمط 


(37) استنادًا إلى أرقام في مديرية الإحصاءء حلبء المجموعة الإحصائية لمحافظة حلب. 
4» ص 76. 

(18) الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السادس» ص 154. 

(39) حصلنا على المعلومات من شركة جرارات في منطقة واشنطن العاصمة. 

(40)( 1 .4 ,ع ,13-19/1/1984 ,اعوط ادمع اعمط 1110401 


120 


اكاك لانن 


الزراعيين الحاصلين على تعليم جامعي والمرتبطين بالاتحاد العام للفلاحين 
والمؤسسات التابعة له من 118 في عام 1976 إلى 750 في عام 1985 وإلى 
5 في عام 1989“. وعلى مستوى القطر كله. كان هناك 10896 مهندسًا 
زراعيًا عند نهاية عام 1986» بمن فيهم أولئك المرتبطين بوزارة الزراعة2». 


لم يعد كثيرون من هؤلاء الاختصاصيين يهدرون وقتهم في العاصمة أو 
مراكز المحافظات» كما في الماضيء بل انتقلوا تدريجًا إلى الحقول» حيث 
يعملون عن قرب مع المزارعين؛ مقدمين إليهم النصح في شأن استخدام 
الأسمدة أو المبيدات أو الأصناف الجديدة من المحاصيل» ويطورون طرائق 
إنتاج أكثر توافمًا مع التربة والمزايا المناخية في المنطقة”. 

في الحقيقة» واستنادًا إلى أحد خبراء الأمم المتحدة» تتمتع سورية ب «أحد 
أفضل» أنظمة الإرشاد الزراعي في العالم النامي*». ففي عام 1987» كان لديها 
في الحقول نحو 600 وحدة إرشادية يخدمها 44 مركز دعم. وفيها 1012 
مهندسًا زراعيًا و169 مهندسة زراعية و292 مرشدًا زراعيًا و190 مراقبًا 
بيطريًا(”*». وكل وحدة إرشادية مسؤولة عن 1200-800 عائلة» ويعتمد عليها 
لتغطية 2000 هكتار مروي أو 8000 هكتار بعل©'. ويتلقى عمال الإرشاد 
الزراعي التدريب على يد اختصاصيين لديهم في المتوسط ستتان ونصف من 
الخبرة في الإرشاد الزراعي. ولتقديم الإرشاد للمزارعين» أسس 13343 حقلا 
إرشاديًا بين عامي 1980 و71990". وهناك المزيد من الوحدات الإرشادية 


(41) الاتحاد العام للفلاحين: المؤتمسر العام الخامس» ص 4252 والمؤتمر العام السادس» 
ص 2210 والمؤتمر العام السابع. ص 2102 

(42) البعث. 8/ 7/ 21987 ص 4 

(43) البعث. 1986/11/23 ص 7-6. 

)44( 20-2 .هم ,(1986! أكنوسط) امعواط عزومدمعظ اخمط ءا0ل0ةا1 

(45) البعسث. 30/ 6/ 1987 ص 5. إحدى مصالح الإرشاد الزراعي التي لدينا عنها تفاصيل 
وافرة هي تلك التي في محافظة حلبء والتي ضمت 62 وحدة إرشادية و143 مهندسًا زراعيًا و5 
مرشدين زراعيين و10 أطباء بيطريين أو مشرفين بيطريين في عام 1986» وكانت موازنتها 16 مليون ليرة 
سورية. وغطى اختصاصيوها مساحة تبلغ 690724 هكتارًا مستثمرًا؛ البعث» 11/23/ 1986» ص 6. 

(46) البعث ء 8/ 7/ 1987): ص 6., 

(47) الاتحاد العام للفلاحين: المؤتمر العام السادس» ص 7؛ والمؤتمر العام السابع» ص 6. 


171 


قيد الإنشاءء لكن التركيز الآن هو على المناطق المروية ذات الهطول المطري 
العالي فحسب. لكن حتى في هذه المناطق ما زال كادر الإرشاد الزراعي أقل 
بكثير مما هو مطلوب مقارنة بالحاجات الفعلية. 


الجدول (7-4) 
المتعلمون في سورية في علوم الزراعة والحيوان في سنوات مختارة 


[993ا ]0و :تدز |ه»وة| :ندا [هودا| دوورا 
عدد الطلاب في المدارس 279 
0 
الس سواه 


الزراعية والبيطرية قبل الجامعية 


ا كلياش الؤرية ا | 
إعبدالطاب 2 | 82 |9800 |2304 |8316 |7568 |5286| 6194 
اعبدتجييين 2 إغم | 0< |56 |0<ه:| دود | 6ن | :دف 
كلية الطب البيطري 
إعبداطوب 1 | | 466 |2853 |1035|1188 |1331| 1646 
إعسخيجين ١‏ |[ ]|44 3651 |164 ]122175061 
معهد آذار المركزي لتعليم الفلاحين 
سسب |[ |[ 5|]7231ة|]6 |6 | 
إعسخيين 1 |[ |[ 6]62]3317231 | | 


المصدر: الجمهورية العربية السورية» المجموعة الإحصائية لسنوات متنوعة. 















أعطيت قوة دافعة للنمو الزراعي في فترتي 1982-1974 و1991 -1995 
أيضًا باستخدام الأسمدة الكيماوية ومواد المكافحة على نطاق واسع (انظر 
الجدول 6-4). ففى الستينيات والنصف الأول من السبعينيات» كانت هذه 
الأسمدة ومواد المكافحة تستخدم للقطن والشوندر السكري ونادرًا ما 
استخدمت لمحاصيل القمح أو الشعير. ونظرًا إلى أهمية القطن في الحصول 
على القطع الأجنبي؛ استمرت الحكومة في إعطاء القطن أولوية عليا منذ ذلك 

102 


الحين في كل ما يتعلق بمستلزمات الإنتاج» إلا في بعض الأعوام في أثناء 
الازدهار النفطي أو في أوقات هبوط أسعار القطن العالمية. واستفاد الشوندر 
السكري من اهتمام خاص مشابه. وحين تُبقي في الذهن أن القطن والشوندر 
السكري يزرعان في المناطق المروية؛ يجب أن يكون واضحًا لماذا يُظهر 
المردود بالهكتار لكلا المحصولين تحسئًا على مر السئين أكبر بكثير من ذاك 
الذي للقمح والشعير (انظر الجدول 4 -4) اللذين يزرعان في الأراضي الجافة. 

في النصف الأول من الثمانينيات» كان متوسط مردود القطن السوري 
بالهكتار هو ثالث أعلى متوسط في العالم!". وقد يكون انخفاض المردود 
في فترة 1970-1966 ظاهريًا في جزء منه أكثر منه حقيقيّاء لأن الفلاحين 
كانوا على ما يبدو يبالغون في الإبلاغ عن المساحة المزروعة فعلًا بالقطن» 
لأن تلك المساحة تؤثر في مبلغ القرض الامتيازي الذي يمكن الحصول عليه 

من الحكومة 49 

أمَا الانخفاض الملحوظ في مردود كل هكتار مزروع بالشعير منذ 
الأربعينيات (انظر الجدول (4-4)) فهو أساسًا نتيجة طبيعية للتوسع في 
زراعة الشعير بعد الثلاثينيات نحو الأراضي الأقل إنتاجية أو الأراضي ذات 
الهطول المطري الأقل جدارة بالثقة أو المنخفض. لكن إهمال الحكومة 
النسبي لمحصول الشعير وعدم استخدام الأسمدة أو المبيدات على محصول 
الشعير كانا أيضًا من العوامل المسببة. 

ينطبق الأمر ذاته عمومًا على القمح وصولًا إلى عام 1975 تقريبًا. فمنذ 
ذلك الوقتء أخذ الانشغال الرسمى بهذا المحصول الغذائى الأساس بالتزايد. 
وكان التقدم في استخدام الأسمدة في حقول القمح ولق ) بده ذلك لافبًا» 
ويسر ذلك بناء معمل لنترات الكالسيوم في حمص في عام 1972 بطاقة 
إنتاجية تبلغ 125 ألف طن. وبناء معمل لسماد الأمونيا واليوريا في عام 
2 بطاقة إنتاجية تبلغ 360 ألف طن من الأمونيا و365 ألف طن من 
اليورياء ومعمل لسماد الفوسفات بطاقة إنتاجية تبلغ 450 ألف طن. لكن هذه 


(48) عن هذه النقطةء انظر: .م ,(1985 بإلدل) اععواط ءأو«رمبمعط اكمتا ءالوظا1 
)249 .18 .م «ركاهعتممواءنء2 أكو» ركممتادل! لعائدتا 


الل هد 


المعامل لم تعمل بكامل طاقتها بعد عام 1982» الأمر الذي يعود إلى التقنين 
في الكهرباء من ناحية» وإلى الصعوبة في استيراد قطع الغيار للمعامل نتيجة 
ندرة القطع الأجنبي من ناحية أخرى. وعلاوة على ذلك»؛ ما زالت سورية 
تعتمد على الاستيراد لتلبية حاجاتها كلّها من البوتاسيوه©. 

يجب أيضًا أن يعزى معدل النمو الزراعي المرتفع في فترتي 
(1982-19274) و(1995-1991) إلى إدخال سلالات نباتية جديدة أعلى 
مردودًا وأكثر مقاومة للأمراض والشروط الجافة. وأقدم أصناف القمح المحلية 
هي الحوراني» وهو قمح قاس يزرع في سهول حوران ومحافظة دمشقء وكان 
في الماضي أهم محصول؛ والحماري القاسي الذي يزرع في أنحاء أخرى من 
القطر؛ والسلموني» وهو قمح بني طري كان يصنع منه خبز كبير مدور رقيق 
مثل الورق يسمى «الشيراك» في بعض المناطقء ويأكله الفلاحون عمومًا. 
والصنئف الوحيد من الشعير الذي يبدو أنه قد نشأ في سورية هو العربي» وهو 
حب قاس مغل جيدًا ذو لون أبيض مائل إلى الرمادي؛ لكن أفضل نوعية من 
الشعير كانت تتتج في الماضي هي الرومي الطري ذو اللون الأبيض الزبدي 
والحبة الطويلة6. 


في أثناء الانتداب الفرنسي أدخل بذار شعير بريور القاسي عالي المردود 
رفمخ الدوشاني» وهو قمح طري فرنسي الأصل. كما امسُخدمت للحا أو 


اختبِرّت تدريججاء سلاللات أخرى مستوردة» كالقمسح الصقلي المعروف 
ب «سيناتور كابيللي26"©. وفي السبعينيات» لخر نجاح مهم مع أصئاف محسنة 


(50) عن وضع الأسمدة مؤخرًا في سورية» انظر التقارير رقم 3002 ل8 بتاريخ 31 آذار/ مارس 
113 ورقم 3 لاه يتاريخ 11 شباط/ فيراير 117 من الملحق الزراعي» السفارة الأميركية» دمشق 
إلى المصلحة الزراعية الخارجية في وزارة الزراعة الأميركية يعنوان: دمتاصةا5 تسبذانمعوة لمسمح» 

لاأءلاناءعع تدع ,22 لقة 21-22 .مم «روترز5 رومع 

(51) تهعلهما) كنسكمجبوط لزه 77002 عجل؛ بره [90[ جوعلا ءا جم ا«ممع8 ,01506 مو أده ,لإععاتنظ1" 
بد [8) لامي ج17 14ت ارءئء2 772 .6أجتزى ,ااأء8 سقنتطاامآ علبماءء :8 .م ,(1902 ,ع016 وعموناماذ .11.34 
21 00:10(/1015) ع:[4 ا«مرزنة امرك ,لزءاعلدء/ا أمعصط له ,120 .م ,(1907 ,لإمدم نم00 لتنة 0مااناط ,8.8 تمأعملا 

.6 .م ,(1911 .011 معد متهاك .أ/ا .11[ :هه0همة) تجرد ما عمه<17 أعذاام8 إن ماععوعمرط 

(52) لهممتأهصعاها لمة ,225 .م ,ضري ,ممتكتالط ععمعوتلاعنمهآ املاولة ,لالتستصقلة ,متماام8 غمعمت 

كاتا0[ :ع؟مستالد8) وجري زه اتء”مماءنك2 أأنمرمعظ 7716 بامعددمواءبء لهة ومأاءتافومعع؟1 ع0) علمد8 
.302-304 .رم ,(1955 ,ؤمعع5 كمكلمه11 


174 


من القمح المكسيكي الطري. وفي محافظات عدّة ‏ في مناطق مروية أو ذات 
متوسط هطول مطري سنوي أكثر من 400 ملم أصبحت إلزامية زراعة 80 
في المئة من مساحات القمح بهذه الأصناف عالية المردود””. وفي النصف 
الأول من الثمانينيات» وبفضل تعاون وثيق بين علماء سوريين والمركز الدولي 
للبحوث الزراعية في المناطق الجافة» أَطَلِقَ للمزارعين السوريين قمح جديد 
قاس (شام 1( وقمح جديد للخبز (شام 2). وكلا الصنفين يعطي مردودًا 
أعلى من الأصناف الموجودة*6. 

أمّا فى ما يخص القطن» فاستخدمت سلالات مصرية وأميركية وهجّنت 
مع نباتات محلية. وفي السبعينيات: أدخلت أصناف جديدة ‏ حلب 1 وحلب 
0 وأعطت نتائج جيدة65. 


لم يحظ الشعير باهتمام كبير إلا مؤخخرًا. وعاد تطوير سلالة الفرات 
3 في الثمانينيات بمردود مرتفع: إذ كان مردوده أعلى بنسبة 27 في المئة 


من صنف الشعير الأبيض الميحلى©6. 


أخيرّاء من الضروري في أي تناول للعناصر التي أثرت على نحو مباشر 
أو غير مباشر في معدل النمو الزراعي في فترتي (1982-1974) 
و(1995-1991)» ألا نغفل أهمية تلك العوامل من مثل التحالف السياسي 
بين الحكومة والفلاحين مالكي الأرض وكهربة الريف والتحسين الانتقائي 
للطرق وسياسات التسعير المحابية والتوسع في المدارس الريفية والعيادات 
الصحية والتعزيز العام لرفاه الفلاحين. 


حان الوقت الآن لنفسّر معدل النمو الزراعي السلبي في منتصف 
الثمانينيات. أحد العوامل الواضحة هو حالات الطقس المتقلبة جدًا: جفاف 


(53) القرار رقم 7ت لعام 2 الصادر عن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيء الجريدة 
الرسمية (الجمهورية العربية السورية)» الجزء الأول رقم 42 لعام 21972 ص 1891. 
(54) الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السادس» ص 125؟ ,(1984 ععطاماء0) اكمظ ءللونل1 
.22-23 .مم ,(1985 تقناء"] -تحتمدسة[) أانءمماعبع12 اباجعا أعنرم مادعا له ,27 .2 
(55) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام الخامس»: ص 128. 
(56) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام السادس» ص 125. 


175 


مدمر في عام 1984 وأمطار في غير موسمها وصقيع ورياح حارة في عام 
7.,. والأهم من ذلك. الهبوط الحاد المفاجئ في أسعار النفط العالمية 
وما تلا ذلك من انخفاض في إيرادات سورية من صادراتها النفطية وفي تدفق 
التحويلات من السوريين المهاجرين العاملين في الخليج إلى الاقتصاد 
السوري. وعمل هذاء متضافرًا مع التأرجحات في سعر القطن في السوق 
الدولية والانخفاض الحاد (من 1.5 مليار في عام 1981 إلى 610 ملايين في 
عام 1985) في المنح والقروض التنموية الرسمية الممنوحة وفق شروط مالية 
امتيازية لسورية من جميع المصادر وما رافق ذلك من نقص في القطع الأجنبي 
وانهيار قيمة الليرة السورية مقابل العملات الصعبة؛ على إعاقة المشاريع 
التنموية السورية» وقلص تقليصًا مهما قدرتها على استيراد الآلات وقطع 
الغيار ومقومات علف الحيوانات والأسمدة ومواد المكافحة اللازمة لتقدم 
زراعتها أو تربية الحيوانات فيها". 

لا يمكن أن تحجب هذه التكسات عن النظر المكاسب الحقيقية التي 
حققتها سورية في مجالات التنمية الزراعية المتنوعة» والتي سآطنا عليها 
الضوء في الصفحات السابقة. وفي الوقت ذاته» من الضروري أن نبرز بقوة 
أن سورية أصبحت منذ أوائل السبعينيات» كما يمكن أن نستدل من الجدول 
(8-4)» وستبقى حتى نهاية عام 1990» مستوردًا صافيًا للمنتوجات 
الزراعية. وحتى نعبّر عن الأمر على نحو مختلف. نقول: تجاوز استهلاك 
سورية من الغذاء في تلك السنوات إنتاجها. وكما يمكن أن نستنتج من 
الجدول ذاته» فإن متوسط العجز الزراعي السنوي الإجمالي بالدولار» أو 
زيادة المستوردات الزراعية على الصادرات» تضاعف أربع مرات في فترة 
1980-6 عن مستوى فترة 1975-1971» وازداد بنسبة 1.5 مرة 


(57) تقرير رقم 8003 لا5 بتاريخ 11 شباط/ فبراير 1988 من الملحق الزراعيء السفارة 
الأميركية» دمشقء إلى المصلحة الزراعية الخارجية في وزارة الزراعة الأميركية بعنوان: امهعم تمتجرة» 
.م «1987 ,أزموع]] ممتأمبنزة امسذاأسعتهم 

(58) كانت مبالغ المساعدة التنموية الرسمية في السنوات الفاصلة والتالية بملايين الدولارات 
كمايلي: 962:1982 و1983: 813 و641:1984 و1986: 728 و1987: 697) و بلمدظ ارملا 
لههة ,203 بترم ,([1989 بولمدظ ١1/010‏ 1) :.0) .2 ,وماع متطعة/7؟) 1989 اعممعغ!ط ننه ماع12 0-14[ 


176 


61 


أخرى في فترة 1985-1981. والأسباب واضحة: هبوط أسعار القطن 
العالمية في تلك الفترة» وهو المحصول الزراعي التصديري الرئيس في 
القطر؛ والنمو السكانى العالي (3.3 في المئة في فترة 1991-0؟ انظر 
الجدول 5-4)؛ وزيادة التمدين (كان 49.2 فى المئة من الأسر السورية 
حضريًا في عام 2.1981 في حين كان 7 في المئة كذلك في عام 
0000 وارتفاع مستويات المعيشة (زاد الدخل الفردي من 853 ليرة 
سورية في عام 1963 إلى 7307 ليرات في عام 1984 بالأسعار المجارية©, 
أو ضعفين بالأسعار الثابتة لعام 67)1980؛ وبالنتيجة» ارتفاع كبير في 
الاستهلاك الفردي للمنتوجات الزراعية وفي الطلبء لا على السلع الأساسية 
فحسب. بل على الأطعمة الكمالية أيضًا. 


لكن متوسط العجز الزراعي السنوي ضاق على نحو ملحوظ في 
فترة 1986 -1990» ويبدو أنه تحول إلى فائض في فترة 1991 -1995. 
وكان هذا نتيجة التأكيد على الاستثمار في الزراعة في الخطتين الخمسيتين 
(1990-1986) و(1995-1991) وخفض القيود على المشاريع 
الزراعية الخاصة والقرارات التي اتخذتها الحكومة في عام 1990 ليتم 
الدفع للمزارعين وفق الأسعار العالمية للقمح» وإعفاء الأرباح الزراعية 
من الضرائب في عام 2*1992. واستنادًا إلى الصحافة السورية» حققت 
سورية في عام 1992 الاكتفاء الذاتي من القمح والفواكه والخضراوات. 
غير أنّها لم تنتج في عام 1991 سوى 71.4 في المئة من كل الحبوب 
التى كانت بحاجة إليها(63, 


(59) استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي 
للإحصاء.؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 6*.» ص [67. 

(60) المصدر نفسه ص 653-652. 

(61) هذا استتنتاج تقريبي من أرقام عن الناتج المحلي الصافي الفردي بحسب تكلفة عوامل 
الإنتاج» انظر: المصدر نفسه ص 636 - 637. 

(62) في شأن هذه القرارات» انظر: قهه ,20 .م ,10/5/1991 ,كمهاط عنسوممء8 اعمط ءللفتلة 

.م ,28/2/1992 
(63) البعث. 7/ 3/ 1995. ص 6. 


177 


الحدول (8-4) 
قيمة التجارة الخارجية السورية بالأسعار الجارية» والحصة النسبية لتجارتها 
بالمنتوجات الزراعية ولأغراض المقارنة» حصة النفط الخام والمشتقات 
النفطية في القيمة الإجمالية لصادراتها 1995-1963 


177 | 269 |] 227 1965-3 


المصادر: استنادًا إلى ل قام في : كتاب الفاو التجار 5 السنو ي (اممطهه! 1:4 1:10) أعداد مختلفة» 
باسئئناء أعوام 1990-1986 و1990 -1993» وفي ما يخص الحصص النسبية من القطن الخام 
والنفط في إجمالي الصادرات فهي تستند إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية؛ المجموعة 
الإحصائية لسنوات مختلفة. 

ملاحظة: تشمل التجارة بالمنتوجات الزراعية التجارة بالمنتوجات السمكية والحراجية. 

() استنادًا إلى أرقام أعوام 1986 و1990-1988. 

(ب) في النصف الثاني من الثمانينيات وأوائل التسعينيات» ازداد تصدير المنسوجات زيادة مهمة ليحتل 
المرتبة الثائية بعد النفط والمشتقات النفطية. 

(ج) استنادًا إلى أرقام أعوام 1991 1993. 1995. 





178 


الاتجاهات المحتملة للتقدم في المستقبل 
ما زالت هناك حاجة واضحة إلى مزيد من تحسين الزراعة فى سورية» 
ويزداد ذلك مع توقع أن يبقى النمو السكاني مرتفمًا في العقود القادمة. 
إحدى طرائق تحقيق ذلك هي رفع مستوى المكننة» ولا سيما في المزارع 
التي يملكها فلاحون صغار. وفي هذا الخصوصء تمثل ملكية الأرض المجزأة 
عقبة جدية. ففي عام 1980» كان 74.6 في المئة من الحيازات الزراعية كلها 
أقل من عشرة هكتارات*». ولسوء الحظء لا توجد أرقام رسمية محدثة عن 
توزيع الأراضي. لكن هناك شيئًا من الشك في أن نسبة تلك الحيازات 
انخفضت مع منتصف التسعينيات؛ لكن ليس كثيرًا. وفي ما يخص استخدام 
الجرارات» يعتبر حجم المزرعة الأمثل من وجهة نظر الكفاءة أكبر بكثير من 
مساحة معظم الحيازات الصغيرة. ولمعالجة هذه المشكلة» تطلعت القيادة 
السورية إلى التجميع؛ أي توحيد الوحدات الصغيرة في وحدات كبيرة من 
أجل استغلالها من دون خرق حقوق الملكية. وبدأ تطبيق هذه السياسة على 
نطاق متواضع في المساحات المستصلحة من حوض الفرات657, 


من التقانة الجديدة» وذلك يعني استخدام الأسمدة والمبيدات والبذار عالي 
الجودة بكثافة أعلى ونشر ممارسات مأمولة» من مثل دورة المحاصيل والري 
بالتنقيط وإدارة المياه على نحو أفضل. وفي هذا الخصوص.ء من المقدر 
للجمعيات الزراعية أن تؤدي دورًا رئيسًا. لكن من الضروري ألا نتغاضى عن 
الآثشار طويلة الأجل لاستخدام الأسمدة والمبيدات على نطاق أوسع. ففي 
الولايات المتحدة» على سبيل المثال» وصل استخدام المبيدات منذ السبعينيات 
إلى مستوى يعتبره أنصار البيئة خطرًا». 


(64) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام الخامس» ص 172. عن نسب الحيازات بين 10 
و100 هكتار وفوق 100 هكتارء انظر الجدول (2 -1). 
(65) عن سياسة التجميعء انظر الاتحاد العام للفلاحين: المؤتمر العام الخامس» 
ص 177-1؟؛ والمؤتمر العام السادس» ص 4 و85. والمؤتمر العام السابع» ص 128. 
(66) انظر: تزه عده اام ااصم1 عأن«مرمء2 هبه املعم خانه!! زه علاءء5 برابوط إن قوء36 رعوتقء8 بعملسم 
.227 .م ,(1980 ,ووعوط وملسععدا بلمووكل:0) «متسام8 جرععم6 و1 


179 


7م 


يجب أن تشمل الاتجاهات الأخرى الممكنة للتحسين الزراعي مزيدًا من 
التقددم في عملية الامستغتاء عن ممارسة إزاحة الآرعن وضيطً) أكنا لأنظية 
الري والتصريف ومراقبة أفضل للآبار الخاصة واهتمامًا أكثر بتربية الحيوانات 
وإنتاج الحبوب العلفية وتحسيئا في طرائق ق التخطيط وزيادة في قدرة القطر 
على البحث وترابطًا أفضل في جهد الاختصاصيين والمزارعين وحوافز أعلى 
للمربين وتزويدًا أسرع بالمستلزمات والخدمات الفنية من الحكومة؛ وكفاحًا 
لا يلين ضد البطء والبيروقراطية بوجه عام. 
أخيراء يتوقف الكثير على قدرة الحكومة على تحسين وضعها المالي 
وإشراك الموارد النقدية المحلية والعربية» ولا سيما رأس المال الفائض 
لدى السوريين الناشطين في الخارج» والذي وجد جزء منه طريقه إلى دول 
الجوار كتركيا وقبرص والأردن. وفى محاولة ممكنة جذا لاجتذاب هذه 
الموارد» أقرت الحكومة المرسوم رقم 10 بتاريخ 26 شباط/ فبراير 1986 
الذي يضع تعليمات للشركات الزراعية المشتركة بين القطاع العام 
والمسعيرين السنوريين والعرب» تتوجب هذا المرسوم: تنفق المشاريع من 
الضرائب مدة سبع سنوات بعد تحقيق ربحية. وتُعفى مستلزمات إنتاجها من 
كل قيود الاستيراد والعملة. ويسمح لها أيضًا بالاحتفاظ ب70 في المئة مما 
تكسبه بالقطع الأجنبي. ويحق للمساهمين من البلدان العربية أو المغتربين 
السوريين تحويل أرباحهم إلى الخارج بالعملة الصعبة. واستنادًا إلى قانون 
أحدث؛ يجري هذا التحويل على أساس سعر الصرف «التشجيعي» الموضوع 
في أيلول/ سبتمبر 1986. وفي عام 1994» كان هذا السعر 22 ليرة سورية 
مقابل دولار أميركي واحد. وعلى العكسء منذ الأول من كانون الثاني/ يناير 
8 كان سعر الصرف الرسمي 11.25 ليرة سورية فقط مقابل الدولار. 
وبموجب المرسوم 2.10 ينبغي ألا تقل حصة القطاع العام من الأسهم العادية 
فى أي شركة زراعية مساهمة عن 25 في المثة» وألا تزيد حصة أي فرد 
على 5 في المئة”». أسست حتى الآن سبع شركات من هذا القبيل. أما هل 


(67) الثورة» 1/9/ 1987» ص 7؛ وتثسرين» 5/ 9/ 1989. ص 10. انظر أيضًا الإعلانات التي 
تطلع عموم الناس على تكوين تلك الشركات» من مثل تلك المنشورة في الشورة 12/28/ 1986» 
ص 22 و7/ 7171© ص 5. 


1530 


08 بانتظار ما ستراه. 


على الرغم من توقع أن ينخفض مقدار الماء في نهر الفرات المتاح 
لسورية بحدة في العقد التالي» نتيجة مشروعات الأناضول في جنوب 
شرق تركيا - في إحدى المرات حولت تركيا نهر الفرات مدة شهر كامل 
لتعبئة سد أتاتور ايد - فإن المستقبل المتوقع لزراعة القطر ليس محبطًا. 
أولاء يحظى الاستخدام الحكيم للمياه وتحسين الإنتاجية الزراعية بأولوية 
عليا في الخطة الخمسية الحالية. وبموجب الخطة السابقة عليهاء كانت 
مياه الفرات تستخدم أصلًا لري السهول الخصبة إلى الشمال والجنوب من 
علب يدلا بن وي الأراضني قايلنة الجتوذ إلى الشترق متهباء مااي 
الماضي؟. أمَا ثانيّاك وكما لاحظنا آنقّاء حققت سورية الاكتفاء الذاتي من 
القمح والفواكه والخضراوات. 
ما زال لدى سورية بعض مسافة تقطعها قبل أن تحقق القدرة المعيشية 
التي تمتعت بها في الماضي البعيد: فقد كشفت ألواح إيبلا المكتشفة مؤخرًا 
وهي الآن تل على بعد 42 ميلّا شمال غرب حلبء لكنها كانت في الألف 
الثالث قبل الميلاد مركز مملكة شملت شمال سورية كله أن القرى المحيطة 
بإيبلا كانت تزرع ما لا يقل عن سبعة عشر صنفًا من القمح» وأن إيبلا كانت 
في وضع تستطيع معه تغذية أكثر من 18 مليون إنسان9©. غير أن هذه القدرة 
كانت تتأتّى في جزء منهاء كما يبدو؛ من هيمنة إيبلا التجارية على كامل منطقة 


)26 انظر: .5 .م ,26/1/1990 باكمولط ءأ#دسمعط اعمط 1/4101 
)269 ,445 بج بماسيرد تزه لودل رعاوء5 


(70) هذا مقترح نتيجة كمية الشعير التى قيل إنها كانت مخزنة فى مخازنها الحكومية. انظر: 
,لإهلء أطنده12 :لا ١|.‏ ,لوانت اعلهدت) درهان) جز لع تنكم عباوط «ف بماطط زه كعناطعما 7176 ,مأقمناء5 تمموحوا0 
.17 .م ,(1981 


181 


نقطة 207176 


القسم الثاني 


أنماط الوعي والتنظيم والسلوك السياسي الفلاحي 
قبل البعث 


مدخل: صور الفلا حين عند اين خلدون ويلزاك 
وتروتسكي والأب عيروط وجي سي سكوت وأهميتها 


هل كان فلاحو سورية في القرون السابقة على قرننا ذلك الثقل الميت 
سياسيًا؟ ولماذا الإشارات إليهم في الأدبيات الإسلامية ‏ وهي مجموعة من 
الكتب الحضرية ‏ نادرة وواهية إلى هذا الحدء ما خلا استئثناءات قليلة جدًا؟ 
هل حكم عليهم تناثرهم الجغرافي» وأسلوب حياتهم المنعزل» وحاجتهم إلى 
التعلم» ونقص الصلات أو التعاملات المتبادلة في ما بينهم؛ إِلّا على أساس 
محلي أو إقليمي؛ بالعجز السياسي وقلة الشأن؟ 

قد لا يكون في غير محله أن ندخل إلى هذا الموضوع ببضع ملاحظات 
عن الفلاحين قدّمها ابن خلدون (1332- 1406م )» الذي تأمل تقريبًا في كل 
جانيامن عرانب الحقنازة الأسلاقة الفروسظية: واكن آن الناسن الذين 
يعيشون على الزراعة يتميزون بالمذلة أو انحطاط وضعهم. وهو يقدم, دعمًا 
لهذا الرأي» قولا ينسب إلى النبي محمد الذي قيل إنه صاحء لما رأى سكة 
المحراث في بعض دور الأنصار: «ما دخلت هذه دار قوم إلا دخلهم الذل». 
ويتتبع ابن خلدون جذور هذا الظرف إلى المغارم أو غيرها من الضرائب 
المفروضة على الفلاحين والضرٌ الذي يتحملونه في ممتلكاتهم ووقوعهم 
تحت نير سلطان غالب. ومن وجهة نظره» فإن دفعهم الضرائب والمغارم 
الذي لا تحتمله «النفوس الأبية» ما لم تكن مهددة بالقتل والتلف» هو في حد 
ذاته علامة على الضعف. ويمكن في النهاية تفسيره بتأكل عصبيتهم أو ضياعهاء 
وبالتالي» ضياع قدرتهم على المدافعة والمطالبة بحقوقهم. و«المذلة» بدورها 
تولّد فيهم صفات «المكر والخديعة». ولهذا يستشهد ابن خلدون مرة أخرى 


155 


الل هد 


بحديث النبي. موا ار حم للججازة - كما يكال - يتابع ليقول: «إن 
الرجل إذا غرم حدّث فكذبء» ووعد فأخلف»)22. 


إنه لأمر يسترعي الانتباه مدى التشابه بين بعض العناصر في صورة 
فلاحي الأرض التي تبرز في تحليل ابن خلدون والصورة التي رسمها أونوريه 
دو بلزاك (0هناه8 عل 6:ممهع) (1850-1799) للفلاحين الفرنسيين فى 
عصره. كان بلزاك» بالطبع» كاتب روايات وأهجيات» لكنه كان ذلك الكاتب 
الذي قالت عنه شخصية تاريخية كبيرة بحجم فريدريك إنغلز طءل»:5) 
(كاععم8: «القد تعلمتٌ من تفسيره للمجتمع الفرنسي ‏ على الرغم من المبالغة 
الدرامية في هذا التفسير ‏ أكثر مما تعلّمت من جميع مؤرّخي تلك الفترة 
واقتصادييها وإحصائييها المزعومين». والصفة التي لا يني بلزاك يقرنها 
بالفلاحين في كتابه الفلاحون (75مكتره كها) هي «المكر. ور العجوز 
فورشونء وهو الشخصية الريفية الرئيسة في الرواية» على أنه «ملك الماكرين». 
ففيه ١اتصل‏ المكيافيلية إلى درجة لا تصدق». لكن فورشون لا يُقَدّم على أنه 
فرد: إنه النمط الرئيس لطبقة. وفي رأي بلزاكء أن الفلاحين «أقرباء مقربون» 

من «الهمج'". ومثل الهمج «لا يستعملون الكلام المنطوق قط إلا لينصبوا 
الأفخاخ لأعدائهم:". وأعداؤهم هم الأغنياء الذين يحملون تجاههم حقدًا 
«عميق الجذورة. لكنهم لا يقاتلونهم وجهًا لوجه؛ بل يثبطونهم بمكر 


(1) أبو زيد عبد الرحمن بن محمد ابن خلدونء مقدمة العلامة ابن خلدون (القاهرة: [د.ن» 
د.ت.]).؛ الكتاب الأول» الباب الثاني» الفصل التاسع عشرء ص 142. والباب اللخامس» الفصل الثامن» 
ص 394؛ وترجمة فرائنز روزنتال (لقطادءدم! عمه): «مألءسوممام! ممه :مال لدوبلطة 71 ,مسفامل! دذآ 
,(1958 ,انو هووع] لمة عولء[أبهظ :000مم.آ) لمطتدعوه8 ممم نإ عتطوعخ عط درمت لعنداكمه) ,«وبماعلق م1 
.335-56 :2 لمه ,289-290 :1 
كلا الحديثين المستشهد بهما في النص مأخوذ من صحيح البخاري: انقسدا هذ1 لمسسميلدةة 
تمع لاع ط) .5أم؟؟ 4 ,لطعى] ؟أهلناا .1/1 عدم غلاطدام ,عءدمة ده «عا! كعموناثلهم كعك انمبعء8 .[7:18ه3] ,تمطس8-له 
.214 .هم ,1 .أه0لا لسة ,67 .م ,2 .اهل ,(1862-1908 ,لافظ .ل .8 

الحديث الأخير محذوف من مقدمة العلامة ابن خلدون (طبعة القاهرة) التي رجعت إليها. 

(2) رسالة في نيسان/ أبريل 1888 من إنغلز إلى مارغريت هاركتس (5د#صاعدة! ا#ممومدة) في: 

.0 .م ,([.0 .ه] ,[طم مه) :بسمعذمك!) ععدع و ممعدع م0 وماععاع3 ,واعومظ عإءمعلعمظ لاه عصدقة اما 
(3) دنا عمعاه8 عل ا«ممرمل كه 20 ,أمنا ,بموسوط اسيم 71:6 نوامعمءط 776 رعمعلو8 عل ممم 
.17 لظة 86 ,4ك .مم ,([.ل .ه] ,[معألام] عاملا بو 1) ىء اما عد[ سا1 


1566 


وبوسائل غير مباشرة: بسرقة «اخفية» أو «ذكية»» أو بالتجاوز «شيئًا فشيئًاه 
على ملكياتهمء أو برعي أبقارهم في مراعيهم أو بالاحتطاب عندما لا يكون 
المراقبون أو حراس الغابة موجودينء وب«احتيالات مفيدة للمحتاجين! 
تخترع في الحانة المحلية. وفقرهم الموحش هو «علة وجودهم». كل ذلك 
يحسمه بلزاك بالقول المأثور: «الفلاح النزيه تمامًا وحسن السلوك هو استثناء 
من طبقته). 


من الضروري أن نبقي في أذهاننا أن الروائي الفرنسي يصور في روايته 
الفلاحون. وبطريقته الخاصة» الفلاحين الذين حررتهم الثورة الفرنسية» لكنهم 
كانوا لا يزالون» بحسب تعبير فروشون العجوزء «يُزربون مشل الغنم» في 
قراهمء لا على يد النبلاء» بل ب«قوة الظروف». وفوق ذلك كان عليهم «أن 
يستنزفوا أرواحهم» ليقدموا «أفضل جزء» مما قاموا به لجابى الضرائب» هذه 
المرة» ويبقواء كما من قبل» «بأسمال باليةة. 

لا يدع بلزاك أي شك في شأن الجانب الذي يتعاطف معه. وبخلاف ابن 
خلدون الذي انحدر من نسب أرستقراطي عريق» ولد بلزاك» على الرغم من 
حرف الجر الدال على النبالة فى كنيته؛ لعائلة من الطبقة الوسطى كانت قد 
ارتفعت حديئًا عن فئات الفلاحين. لكن مشاعره كلها كانت منّجهة صوب النبلاء» 
مع أنه لم يتردد في السخرية منهم. على أي حالء رواية الفلاحون هي بوضوح 
ب «مؤامرتهم الدائمة؛ ضد الأغنياء» ألا وهي تقليصهم الملكية الخاصة بقضمها 
شينًا فشيئًا وعلى نحو متواصلء إلى «شيء كائن وغير كائن في الآن نفسهة©». 

يبدي وصف ليون تروتسكي ((واقاه:1 00م.]) للفلاحين الروس ووصف 
الأب هنري عيروط للفلاحين المصريين شينًا من الشبه بوصف بلزاك للفلاحين 
الفرنسيين. ففي إشارته إلى سلوك «الموجيك؟ في المرحلة الأولى من الثورة 
الروسية في عام 1917» يلاحظ تروتسكي في عام 0 وهو المؤيد لقضية 


4( .60-62 .رم ,نوا ععمءط 11816 ,عمداقه 
)5( ههه 91 .مم ,.لأط1 
26 11 .م ,لتط] 


1567 


الطبقة العاملة بالطبع: «يقول الموجيك لنفسه: 'لن تحصل [على الأرض] 
بطيبة القلبء والقوة خطرة:؛ فلنجرّب الحيلة إِذَا'0©. كانت التعابير التى 
استخدمها الأب عيروط في عام 1938 بخصوص الفلاح شبيهة: «مثل كل 
الضعفاء؛ يمارس الفلاح المكر إلى درجة الازدواجية. يعرف كيف يخفي فرحه 
أو عذابه أو جريمته. ... في حيله وضروب خداعه. عندما يترك الأمر للزمن 
ليقرر أو عندما يوافق من دون أي نية لاحترام كلمته؛ أو عندما يستخدم لغة 
غامضة أو مراوغة» أو عندما يسيء الفهم عمدّاء فإنه يظهر قدرة عالية على 
التكف20. 


ترك رأي بلزاك بالفلاحين أثرًا واضحًا في فرضية مثيرة للاهتمام وضعها 
جيمس سكوت (5000 .© 130865) فى دراسته المعمقة عن قرية في مالاي» 
عم اروممووط كزن مط ترمو عباط لم1 إن وردمجروء1! (أسلحة الضعفاء: 
أشكال يومية من مقاومة الفلاحين). يبدأ سكوت من الفرضية القائلة إن 
الفلاحين» بوصفهم طبقة دنياء لم يمنحوا إلا في ما ندر من التاريخ ترف 
النشاط السياسي المفتوح والمنظم». وهو يشدد أيضًا على حقيقة أن الثورات 
الصريحة بالنسبة إليهم محفوفة بالخطر إن لم تكن مدمرة» وأنهاء على أي 
حالء «نادرة»؛ ويُرّججح أن تؤدّي» حتى لو نجحتء إلى نتائج بعيدة عن 
حساباتها. وعلى هذه الأسسء يجادل سكوت بأن الأهم هو التركيز على 
الأشكال النموذجية من سلوك الفلاحين السياسيء وتحديدًا على مقاومتهم 
اليومية «المبتذلة» لكن التى لا تلين ضد أولئك الذين يحاولون أن ينتزعوا 
منهم بالقوة أو بالخداع «العمل والغذاء والضرائب والإيجارات والفائدة». 
أسلحة الفلاحينء في هذا الصراعء هي أسلحة الضعفاء؛ «التواني والنفاق 


(2) جدانا برط موتقفي1 عط جممءا لعتفافمه؟ا ,تماساميه8] «متكعب! عا زه بربماعائط 716 الإملقام؟ صوعآ 

.4 .م ,(1932 كعأعناطء5 لسة متك :عأزملا بجعل8) ممتساكمط 

[يرد هذا المقطع في ترجمة عربية: ليون تروتسكيء تاريخ الثورة الرومسية؛ ترجمة أكرم الديري 

والهيثم الأيوبي (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشرء 1978)» ص 254» كما يلي: «فقد كان 

الموجيك يقول لنفسه: لن أستطيع أخذ هذه الأرض من دون عقبات» ومن الخطر أخذها بالقوة» إذن 
فلأحاول أخذها بالحيلة»» من دون توضيح هل الترجمة عن الروسية أم عن لغة أخرى [المترجم]. 

(8) معلام متامل نزط طعوعءرظ عطا حصو لعنداكصها ,اتتمعمءط «مأبصوط 716 باأنمعيمخ طلطوط مدعلا 

.139-140 .نهم ,(1968 ,ؤوعر2 وممعوعء8 :وماده8) مصهنللكلا 


18 


7م 


والهروب والإذعان الزائف والسرقة والجهل الكاذب والافتراء والحرق 
والتخريب6. ويخلص سكوت إلى أن هذه الأشكال من المقاومة الطبقية لا 
تتطلب أي تنسيق» وتحجمء خصوصًاء عن أي تحد مباشر للسلطة» وهي 
«الأكثر فاعلية» على المدى الطويل©. 


هل يمكن التعرف إلى فلاحي سورية» من حيث مزايا سلوكهم السياسي 
أو أشكال تعبيرهم السياسيء في أي من هذه الصور التي رسمها ابن خلدون 
أو بلزاك أو تروتسكي أو عيروط أو جيمس سكوت؟ 

تستحق نقطة أوردناها في الفصل الثاني أن نعيد تأكيدها هنا: لا يشكل 
فلاحو سورية نمطًا اجتماعيًا واحدًا بل أنماطًا عدّة. وحتى تتحدث على نحو 
ملموس أكثرء من الضروري أن نميزء في السلوك السياسي بين «الفلاحين 
البستانيين» و«الفلاحين الزراعيين»» وبين الفلاحين ذوي الأصل ١‏ المحارب 31 
الفلاحين الجبليين والفلاحين الأكثر مرونة أبناء السهول المفتوحة» وبين 
الفلاحين الذين لا عشائر لهم والفلاحين ذوي الروابط العشائرية القوية» وبين 
الفلاحين مالكي الأرض والفلاحين الذين لا يملكون أرضًاء وبين الفلاحين 
الخاضعين لتأثير أفكار صوفية أو سرية أو الفلاحين الذين ينتمون إلى طوائف 
باطنية» ويحظى لديهم الإيمان بالتقية الدينية بأهمية خاصة والفلاحين الذين 
ليست لديهم مثل هذه الأفكار أو المعتقدات أو الانتماءات. لا يمكن» 
بوضوح» وضع كل هؤلاء الفلاحين المختلفين معًا في كتلة واحدة أو الافتراض 
مسبقًا أنهم يتصرفون سياسيًا بالطريقة ذاتها. 


(9) تمعبحهلا ب ل) معببمكزئعة ادكدءة زه كوجره" برد فرعا جأمع !| مثا إن كترمجرمعة1! باأمء5 ,© وعتصول 
«أألاك-9ك .ررم ,(1985 ,كوعم2 براتومء راهنا علولا 


1569 





0 

















أولى التنظيمات الفلاحية أو نقابات الفلاحين 
البستانيين بين القرن السابع عشر والقرن العشرين 


كان الفلاحون البستانيون (البساتنة) أوائل الفلاحين الذين تمتعوا بإمكانات 
الاتحاد المهني أو مزاياه. إذ انتظموا في القرون السابع عشر والثامن عشر 
والتاسع عشر - إن لم يكن أبكر ‏ في غوطة دمشق في «طائفة»؛ تحت رئاسة 
زعيمهم الخاص (شيخ البساتنة). واتحد نظراؤهم الذين كانوا يعتنون ببساتين 
حلب المروية من نهر قويق» وربما أيضًا أولئك الذين كانوا يعتنون بالبساتين 
على طول العاصي في مناطق حمص وحمه وأنطاكية» على نحو مشابه في 
الفدرة ذاتها(". كانت روابطهم التنظيمية في جوهرها روابط محلية أكثر منها 
على مستوى كامل سورية أو الإمبراطورية العثمانية. وشكلت طائفتهم واحدة 
من 163 نقابة أو نحوه كانت ترجع في القرون المذكورة آنقًّا إلى محاكم 
دمشق أو حلب الشرعية لتنصيب شيوخها أو عزلهم؛ أو لتسوية النزاعات ضمن 
الطائفة أو بين الطائفة والدولة أو السكّان أو الجمعيات الأخرى©. 

كانت طائفة البساتنة في الغوطة» تلك الطائفة التي يبدو أنها قامت إلى 
درجة كبيرة على العرف غير المكتوبء مرتبطة بوضوح بهيكلية طائفة دمشق 
التي وصفها الياس قدسي في عام 1882» وكانت تشاركها الخصائص المميزة 


(0) بقيت طائفة البساتنة موجودة في منطقة حمص حتى عام 1 95؟ انظر: ع[» ,مفصسمدا؟ عأموم 

عا عنام عللمأعدلمم عوغطا) «رعأوعيه عتستمممءة ل ا عمتدمعة عتساأومم عل عليهظا :(علمبامع عفلز5) كدن1]] عل وروم 

.194-196 .مم ,(195!1 ,عمصوطءه5 عل غازوع اونا ركتلمدظ ,دعناء1 عل أوماعمل 

(2) يقدم عبد الكريم رافق في مقالة عن الطوائف الحرفية السورية في الفترة العثمانية قائمة بتلك 

المؤسسات يما في ذلك البساتنة. انظر كتايه: عبد الكريم رافق» بحوث في التاريخ الاقتصادي 
والاجتماعي لبلاد الشام في العصر الحديث (دمشق: [د.ن.]؛ 1985)؛ ص 162 - 163. 


191 


07 


لوحداتها التأسيسية) . ومن المنطقي أن نستنتج من النموذج الذي قدمه قدسي 
أن الطوائف الدمشقية كانت إلى هذه الدرجة أو تلك جمعيات دعم متبادل 
ذات حكم ذاتي؛ لكل منها معاييرها وتقاليدها المحددة ومراتبها الخاصة 
المتمثلة بشيخ المشايخ والنقيب وشيخ الحرفة والشاويش والمعلمين والصناع» 
ويرأسها جميعًا شيخ المشايخ الذي يبدو أنه كان رجلا ذا سلطة معتبرة قبل 
«الإصلاحات؟ العثمانية في القرن التاسع عشر والمعروفة ب«التنظيمات». 
وكقاعدة عامة» كان شيخ كل طائفة ينتخب باتفاق آراء الكبار في المهنة. لكن 
المنصب كان فى بعض الطوائف موروثا فى العائلة ذاتها شريطة موافقة كبار 
الطائفة على المرشح. وكانت الرابطة الاعتبارية قوية إلى حد أن أعضاء الطائفة 
لم يكونوا ينظرون إلى الداخلين الجدد مثل أخوتهم فحسبء بل و«يفضلونهم 
في بعض الظروف على الأخ الطبيعي»). 

يحيط كثير من الجدل بأصول هذه الهيكلية. وزعم قدسي نفسه؛» من 
دون أن يقدم أي مرجع» أنها بقيت في خصائصها الأساسية بلا تغيير منذ 
«الأزمنة الغابرة على الرغم من أنها اكتسبت في الفترة الإسلامية هدقًا دينيًا 
لم يكن موجودًا فيها في الأصل”. لكن لوي مأسينيون («مموندفال! دننام.آ) 
يربط ظهور الطوائف الإسلامية ‏ من دون أن يقدم أي دليل داعم قاطع - 
بصعود القرامطة في القرن التاسع» وهي حركة ثورية شيعية متطرفة ذات 
ميول مساواتية» وسميت بهذا الاسم نسبة إلى حمدان قرمط» وهو قروي 
من العراق. اعتقد ماسينيون أيضًا أن الفترة الواقعة بين القرنين العاشر 
والثاني عشر شكلت «عصر الحرية العظيم» للطوائف”. أما برنارد لويس 
(15سعآ لتهسمه8) فيفترض أن «أشكالها التنظيمية» ريما كانت من أصل 
بيزنطيء لكنه يضيف أن القرامطة منحوا الطوائف «زخمًا جديدًا» وتركوا 


(3) قدسيء «نيذة تاريخية في انكرت الدمشقية». أنا مدين للاستاذ يوسف إييش لأنه زودني 
بنسخة من هذه الورقة وبالنسخة الإنكليزية منها التي نشرها في عام 07.. 
(4) المصدر نفسهء» ص 14-8 و24. 
(5) المصدر نفسهء» ص 9. 
(6) ,(1913-1938 رلافظ .ل .18 بمعلاع!) جمادا كه وألءمماعوجد8 :هذا «امت5» بو«ممعأدكداة كلامآ 
4367 .رم 


12 


«أثرًا عميقًا ومستمرًا فى حياتها الداخلية»0©. وفى هذا الصدد قد يكون 
مهما أن نذكر إشارة المؤرخ المسلم المسعودي (نحو 956-893م) إلى 
تحول معظم الفلاحين في غوطة دمشق إلى معتقدات القرامطة في الشطر 
الأول من القرن العاشر. غير أن الأصل القرمطى للطوائف أو وجود 
الطوائف». بمعنى الجمعيات المهنية الطوعية «التلقائية» أو المستقلة الرامية 
إلى حماية الذات والسعي وراء المصالح الاقتصادية في مجتمع إسلامي 
قروسطي» كان محل تساؤل كلود كاهن (معطه0 06ة0) وس. م. ستيرن 
(دمه:5 .0)5.34*. وبالمشلء أنكر إيرا م. لأبيدوس (ودنالأمةآ .0 1:3) وجود 
جمعيات من هذا النوع في دمشق أو حلب أو القاهرة في الفترة المملوكية» 
أي بين عامى 1250 و1517. إذ كانت تلك الأشكال الجنينية» على النحو 
الذي وجدت فيه» من وجهة نظره مجرد تكوينات أوجدتها الدولة ل «غاياتها 
الخاصة»'". ويتحمل غابرييل باير 8860 661ة6) الذي يوافق على هذه 
الأفكارء مشقة توكيد أن الدافع إلى تطوير نظام الطوائف في القرن السابع 
عشر إلى «إطار عمل شامل» لتنظيم أبناء المدن جاء من الحكومة العثمانية» 
على الأقل في تركيا ومصر. كما عبّر أيضًا عن الرأي القائل إن طوائف 
دمشق كانت «فريدة» في استقلاليتها النسبية التي يبدو أنها تمتعت بهاء ولم 
تكنء بوصفها وحدات لفرض سيطرة الدولة العثمانية وجمع ضرائبهاء 
بأهمية نظيراتها في مدن الشرق الأدنى من مثل القاهرة واستانبول”©. لكن 


(7) ععطوع71) 1 .مه ,8 .أوبا رسوابع 8 بورمتعتاط عتتصمممءع «ركلائيدت أأتصهاذا! عط1» ,كتبجعا لعمصسعع 
.م ,(1937 
)2 علي بن الحسين بن علي المسعودي. التنبيه والإشراف ([يغداد: د.ن.]ء 1938))» 
ص 323-322. 

(9) انظر: ؤأكه'!1 كمدق وتوطينا عمكتستممماناة أء كععتهامامهم كتمعسءسولة» بمعطق علنواكت 
35 كعل نات 1-11-ةا» ,26-27 .مم ,(1959) | .0ه ,6 .أو/ رمعتفصيق4 «رآ] ,عمة معلزامص بال عممسابكتام 
6 .كله ,هعا5 .81 .5 200 تمعته!ط أرعطلة :كممل «ثعناوأكققاء مقصاتكسجد علدممم 16 كمول كع (اعومتددعام:م 
علا عفص لءتاعطاطيظ [1965 ,2 ررابال-28 مسالل بعوءلاه0 كايود أل نه هاء1ل] «سفيومطامت 4 ونه اواولا 
©11» ,شتعاذ .14 .5 لصة ,51-63 .ممع ,(1970 ,تععاحمفت) :لممأ:0) منامم2) «ورماعزلط «مفاكمط «ردولط عا إن كع ءأوك4 
36-47 .هم ,از ءأنماكط 772 ,.كلء ,سعاذ .ق8 .5 80ة اندكنه]آ تدز «رلوازت عتصسواكآ عط كه ممتانااتاكده) 
)210 لوطه :.كقهالا ,عو لطامهت) دعولا علللأاا «عاها عا و عهأازت ذ«أأكلط! ,كنالتمصرها وتبصواة دن[ 
96-101 .مم ,(1967 رومع لإأأواء املا 

0010 عا تا كعءأفلاق3 ,.لء عامه) م .لا نهذ «ره)!1115 ممعاممع 5ع1لل:54 مذ كلائنا0» هه اعءطة© ع 


3ظ1 


البحثين المدققين فى سجلات المحكمة الشرعية اللذين أجراهما 
عبد الكريم رافق وبروس ماسترز (8125465 ٠ن85)‏ كشفا بوضوح أن طوائف 
حلب كانت أيضًا طوعية بطبيعتهاء وتمتعت ب«درجة كبيرة من 
الاستقلالية)2", 

في أي حالء من المؤكد تمامًا أن الطائفة المعنية» وهي هنا الفلاحون 
البستانيون (البساتئة)» كانت تمنع بالقدر على هماية أعفنائينا وإبراذ 
مصالحهم. لا في غوطة دمشق فحسب. بل في منطقة البساتين في حلب. 
هكذاء حين ضغط المحتسب - وهو موظف رسمىي - على طائفة البساتنة 
الحلبية في عام 1617 لتثبيت سعر القرنبيط والملفوف» تقدمت بالتماس إلى 
القاضي المعين من الباب العثماني تشكو فيه من أن مثل ذلك المطلب أو 
تثبيت الأسعار فى المحكمة هما ضد العرف السائد. وأيد القاضي مطلب 
البسناكةة وآمن المحسنن بألا يتدخل في شؤونهه”". ١‏ 


علاوة على ذلكء هناك دليل غير مباشر على أن الفلاحين البستانيين 
أدَوا دورًا في حياة حلب السياسية في القرن الثامن عشر على الأقل. 
ويمكن استنتاج ذلك من حقيقة أن «مستأجري» بساتين حلب كانوا «غالبًا؛ 
من الأشراف أو الإنكشارية» كما هو واضح من الصفحات التي كتبها 
الكسندر راسل (الء55ند8 +06مهءءهاه) في تلك الفترة» وهو طبيب أقام في 
المدينة فترة طويلة من الزمن*"2. وشكل الأشرافء. أو الزاعمون بأنهم من 
سلالة النبي» والإنكشارية» أو أفراد سلك المشاة الدائمين؛ الجناحين 


السياسيين الرئيسين اللذين انقسم إليهما السكان المسلمون» وسيبقون على 


عاتملا بعل بهه00همآ) برمط امعععم2 عن ها تربهاكا كن مكلا ع[ا ««مطل امدظا 1:01 ء:[| زه «وبماكللة علنرواتمء2 

.29-0 لصة 20-22 .مم ,(1970 ,8 .نا لجمكل0 

(12) رافق. بحوث في التارييخ. ص 2-160 19, و «معهلا إه كمذوزم0 716 ,تتعاكدلطة عمد 

0 -600[ ,مصرمعاا تا برتمه«معظ عتتجرواك[ ذا تبه تع زا تصمع علط اعمط /0لةال! عن[ جا معترمساتصوط عت«رمنتووط 

-200 .هم ,(1988 ,جوع 'والوع اتمنا مادملا ببن71 يعارملا بو لح) 

(13) سجل المحكمة الشرعية في حلب رقم 11: ص 55 البند المؤرخ في 29 ذي الحجة 
6 الموافق ل 12/28/ 1617» مستشهد به في: رافق» بحوث في التاريخ» ص 175. 

(14) .1 ههه .6 .0 تمعلدمآ) هل 23 .واأو؟ 2 ,ممصعاه ره 'ودماكئز1ط أمسسولة 716 ,العكسسظ ععلمدعام 

.47 .ص ,1 .آهل ,(1794 ,ممعمتطه] 


14 


اكاك اللا يتن 


انقسامهم حتى الثلث الأول من القرن التاسع عشرء حين كسرت فعليا 
لطة المجناحين !25 


من المحتمل أن معظم البستانيين الأشراف لم يكونوا أشرافًا إلا بالاسم 
نتيجة ميل الأشراف الظاهر إلى الاتحاد بأشسخاص من مرتبتهم ممن كانوا 
قطعًا غرباء عن عائلة النبي على أمل تقوية أنفسهم سياسيًا. وبالمثل» ربما لم 
يكن البستانيون الإنكشاريون جنودًا حقيقيين. وكما يقول فولنيء لم يكن 
إنكشاريو حلب في منتصف ثمانينيات القرن الثامن عشر «سوى حشد من 
الحرفيين والفلاحين» لكنهم «أقل انقيادًا بما لا يقاس» من بقية هذه الطبقات: 
اعندما يسيء باشا ما استخدام سلطته. فهم دائمًا أول من يرفع راية 
العصيان296. 


يمكن تفسير وجود الفلاحين البستانيين في مراتب الأشراف والإنكشاريين 
بإحدى طريقتين. إما أن أعضاء هذه الطائفة بشقيها لم يسلكوا سياسيًا على 
نحو متناغم وإما أن بعضهمء وهو الأرجح. سار مع الأشراف وبعضهم تمسك 
بالإنكشارية على أمل أن يوجد على الدوام» وبغض النظر عن نتيجة النزاعات 
المتكررة بين الجناحين. في الجانب الصحيح للدفاع عن مصالح الطائفة 
بأكملها. 

في دمشق» حيث كان الأشراف كمجموعة عاملا سياسيًا أقل أهمية 
بكثير» يبدو أن الفلاحين البستانيين كان لهم موطئ قدم في سلك الإنكشارية. 
لكن الدليل المتوافر من القرنين السادس عشر والسابع عشر يشير إلى 
حصول كثيرين من الإنكشارية الأصليين على بساتين في غوطة دمشق أو 


(15) انظير: هذ كءألنا5 امدمو5 دعصيول ,1760-1826 ,مصع/ا ها عممالعه" أمءلنزاوم ,مقصفه8 يآ اعطعتز 
لسة ,(1963 ,ووعع مصأامعدت طرمله كه بولمعء امنا :الل اعمقطع) ععوعق5 امعتتامط لمم نزرهئؤ5زل1 
اروتين قراعلي؛ أهم حوادث حلب في النصف الأول من القرن التاسسع عشرء نشسرها أول مرة 
وعلق حواشيها بولس قرألي (القاهرة: المطبعة السورية: [د.ت.]). 

[استنادًا إلى مخطوطة بقلم بولس أروتين» أسقف حلب الماروني]. 
)١0(‏ كمه( +( ثرا اصزروطا هه وأسرك (بربام 1 كأعم !1 الإعماهنا عل ابعمطعدممط كأمعممظ متاممافومم 
01350 .ل ههه .ل .0 .0 [لملممط) .ل 20 كال 2 باعمعظ عط ده لعاقاكمم1 ,1785 4ثره ,1784 ,1783 
.3 .م ,2 .آأه؟ ,(1788 


55ظ1 


استئجارهم لها”"'". وربما كانت العملية العكسية المتمثلة بانخراط الفلاحين 
البستانيين في السلك موجودة أيضاء لكنهم قد لا يكونون بعد عام 1660 
التحقوا إلا باليرلية (8:ز11:ءلا)» وهم الإنكشاريون المحليون الذين كانوا 
بمعنى ما يدافعون عن المصالح المحلية أو الإقليمية؛ وصاروا على شقاق 
متز زايد مع الإنكشاريين الوافدين حديثًا إلى دمشق من القابيقول أو عبيد 
الباب أو السلطان229, 


من غير الواضح إلى أي مدى تأثرت طواتف الفلاحين البستانيين بانخراط 
طوائف سورية في القرن التاسع عشر في عمليتين متعاكستين: تعمّق التغلغل 
الاقتصادي الأوروبي وميل الدولة العثمانية إلى أن تجتذب إلى صفها عناصر 
القوة التي كانت منتشرة حتى ذلك الحين بين الأمراء المحليين والأغوات 
وشيوخ القبائل والمراتب النقابية. وأن تكون هذه العمليات قد نزلت ثقيلة 
الوطأة على الطوائف الحرفية هو أمر واضح من أبيات شعرية قرأها نقيبهم في 
عام 1882 وفي أعوام سابقة في الطقس الخاص بتنسيب الحرفيين إلى 
الحرفة. كان النقيب يقرأ متوسّلا: 

رسول الله ضاق بي الفضاء وجل الخطب وانقطع الرجاء 

رسول الله إني مستجير بجاهك والزمان له اعتداء9) 

غير أنّه؛ بالمعنى الاقتصاديء لا يبدو أن الفلاحين البستانيين شاركوا 
كثيرًا من الحرفيين حظهم التعيس. صحيح أن أقدار هاتين الطبقتين كانت إلى 
حد ما مترابطة في ما بينها ارتباطًا وثيقا: إذ كانت الغوطة» على سبيل المثال» 
تؤمن المواد الخام لأصحاب الحرف اليدوية في دم؛ مشقء مثل القنب لصانعي 
الخيوط والحبال» وخشب الجوز لصانعى الأثاث المزخرفء. والفواكه. ولا 
سيما المشمشء للحلوانيين. لكن هذه الفئات من الحرفيين لم تعان إدخال 
السلع الأوروبية الرخيصة المصنعة آليّا مئلما عانى ناسجو المنسوجات القطنية 


(17) نوفان رجا الحمود. العسكر في بلاد الشام في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين 
(بيروت: دار الآفاق الجديدة» 1981): ص 207 -211. 


(18) عن تعايش هذين السلكين بعد عام 1660 والعداوة بينهماء انظر: ,وع/هظ ساممما -1ب0م 
.32-35 .مع ,(1966 ,كالتزهط؟!1 :الماع8) 17 -1723 ,كن معمصوط ره مع لاوط 11 


(19) قدسيء «نبذة تاريخية»» ص 23. 


وحائكوها. وإنه لصحيح أيضًا أن الفلاحين البستانيين» نتيجة الصلات القوية 
بين الغوطة ودمشقء كان لا بد لهم أن يشعروا بالأثر الضار في الاقتصاد 
الدمشة مشقي الذي تسبب به وصول الملاحة البخارية عبر المتوسط في أربعينيات 
القرن التاسع عشر وتحول مركز الثقل التجاري من الداخل إلى الساحل وفتح 
قناة السويس في عام 1869» وخسارة الكثير من مرور الحجاج المسلمين برا 
وتجارة الترانزيت عبر الصحراء وإفلاس خزينة حكومة دمشق في سبعينيات 
القرن التاسع . ع 29 

من جهة أخرى. لا بد أن يكون الفلاحون البستانيون» ولا سيما أصحاب 
البساتين من بينهم ‏ الذين كانت أعدادهم كبيرة في قرى الغوطة الأقرب إلى 
دمشق . قد استفادوا أخيراء بطرائق مباشرة وغير مباشرة» من تلك التطورات 
من مثل مد شبكة البرق العثمانية إلى دمشق في عام 1859 وحلب في عام 
2» وشق طرقات آمنة وقابلة للاستخدام في مناطق عدّة من سورية بما 
في ذلك طريق دمشق - بيروت للعربات في الثلث الأول من ستينيات القرن 
التاسع عشرء وربط دمشق سروف سك خديد في عام 1895 وبحمص 
وحماه وحلب عبر رياق بين عامى 1903 و1906 وبالمدينة المنورة بين 
عامي 1901 و1908.؛ وتأسيس جهاز للشرطة الريفية فاعل وسلسلة من 
الحاميات النظامية على أطراف البادية السورية وما تبع ذلك من تعزيز للأمن 
في الريف ومن قمع للممارسة المتكررة التي يفرض بموجبها شيوخ بدو 
عنيدون رسمًا على كل بستان أو حيازة أرض7©. 


(20) انظر: نعمان قساطلي (مواليد 1854)؛ الروضة الغنّاء في دمشق الفيحاء.ء ص 124 - 125 
و4130-129 86 0 ,ع0]116 واعرها بمتمالم8 أمعرن 
(رسالة من فاسيف أفندي كليشيان) #سيد من الموثوقين في مدحت باشا» (إلى السيد نيكولسون 
(دمكلمء11ة)» دمشق» 0/8 0 1)؛ عا سمل اسرممء2 ,كاءممع1 عدانكمه© له عتأقدوامت© ,80 ,رامنا" 
كال 350 كناعكقتضة10 هذ كلتك115 عألامومء8» ,لإلائعها سذل لهد ,3.م مععمممط إه +70 م6( جره [189! ممع[ 
,33 .مم ,(1986 .10.20 ,لماومتطمة/لا ,لراتسع لادلا واجماءع0601 ,ومالفامعووتط 1 ,طط) «ر4 ]1830-19 ,لسولرعادتي] 
.8 لصة 36 

(21) عن هذه التطورات. انظير: زه كاعءمردم2 1ه كارهألث م0 ع[ «رمجربه رمع الإعاطهء للا امعمعظ 

17 ,.لة ,أنتتهدةآ 5عاممن) :77-111 .مم ,(1911 ,015 لمعممتتهماك .1 .11 بصملهمآ) متررك مل ع2م<1 طكناتره 
وعمعنطان) كه بوتدى تهنا :معمعتطء) كع«افمء1 زه عأمه8 ه :1800-1914 ,اكمط ءاقتا عد[ له «ربماعذلط عتسمدمءظط 


عتلا ص كدمتاباأه5 لمة كتصءاطم2 نمأور5 01 دمن مستمع 16400 ع1» ,نتضقطة ومستط5 :248-257 .مم ,(1966 ,ووعع 2‏ د 


137 


ال ين 


يفترض ارتفاع متوسط سعر الفواكه بمعدل ثلاثة أضعافء وارتفاع أسعار 
الخضراوات بمعدل الضعفين بين عامى 1891 و2321906* زيادة إيرادات 
الفلاحين البستانبين مالكي الأرض - وربما المحاصصين - في الغوطة. ويمكن 
استنتاج ما يشبه هذا من التوسع في المساحة المزروعة بأشجار المشمش في 
الأعوام السابقة على الحرب العالمية الأولى ونمو تصدير قمر الدين من 
منطقة دمشق من متوسط سنوي يبلغ 17500 جنيه استرليني في عامي 
1888-7 إلى متوسط سنوي يبلغ 28500 جنيه استرليني في السنوات 
السابقة على الحرب ذاتها©. كانت نوى المشمش تقدّر عاليًا في الأسواق 
الخارجية؛ ولا سيما في مرسيليا وهامبورغ بفضل ما تحتويه من حمض 
البروسَّيك. وكان الفلاحون البستانيون يصنعون قمر الدين بأنفسهم في 
البساتين» فكانوا ينزعون نوى المشمشء ويهرسون الفاكهة حتى تصل إلى 
درجة لزوجة ملائمة» ويضعون المشمش المهروس الذي يحصلون عليه على 
ألواح على شكل طبقات رقيقة» ويتركونه تحت الأشجار حتى يجف تمامّاء 
وبعد ذلك كانوا يلقُون الرقائق بعناية» ويحملونها أخيرًا إلى المدينة لبيعها 
للمصدرين وغيرهم من التجار العاديين. كان قمر الدين عمومًا يستهلك في 
سورية» لكن كميات كبيرة منه كانت ترسل إلى مصر وأنحاء متنوعة من 
الإمبراطورية العثمانية*©. 

قد يفسر وضع الفلاحين البستانيين الجيد نسبيًا لماذا ظلت نقابتهم نشيطة 


- زه كع ا#انلع86 ,.كلء ,5تعطسمطع .]ا لممطعن1 لمسة علأه2 تمدتلاالا :هذ «يلتتسممطاسلطم غ,ه لمدءط براممع 
ركوة8 وومعتط0) كن ؤتوء تهنا :مومعت0) تمعن «الرععاءد أل[ :11 :اعمط عاللللط عطا ها «رواتمعاعلملا1 
:0 0آ) 1800-1914 جزااه :معط 11014 ءا ١‏ اعمط 81001 1116 ,ص00 ععع180 0هه ,367-377 .مم ,(1968 
.253-55 لمة [7-2! .مم ,(1981 ,معنتطاءا8 

(20) عله ذ1 عنذا بره 906[ «روعلا عراز رذ رومءة ,ع1:20 غه لعده8 لهة ع01116 نواءره ممتمااظ أدعم0 

17 .م ,(1907 ,ع1 0 بمعممتاهاك .1ط( .1آ :101001) سمنعكم مهنا ره 

2030) انظسر : تسرك ما ممه(1 اكتافر8 كه كاعءمعم, ته كاره ةلل فده ءا معن ارمصع8 ,لإعاعلوعللا 

2. 207 

استنادًا إلى أرقام في: 1888 سمع! ءم// جز :«دصه2 بعفمة كه فمدمظ فسد ع0150 موتدرهظ رمتقائظ مم6 

أدائت 11075 007:0 عط تمصن م8 ,لإعاعلدعء/ةا لصة ,4 .م ,(1889 ,[,حام .ه] تسمقهما) كعكمدبه2 إن ء2ه<1 علا وه 
.34 .0 روأتسزى ددا م160 بأكلالم8 زه كاععووومرم 

(24) عموز! للدم © 6[ انون ا«مجء! ,لالطلقء الا مهة ,6-7 .مم ,[190 معلا ء[) «م لرمصء1 رمتهاتكر8 أمعرن 

7 .م ,وتسرد جز علهط1 ,أكذافم8 إن كاءعورعوم2 اده 


158 


حتى فترة ب بين الحربين» مع أن عضويتها تناقصت كثيرًا. في عام 7 عام 
ولادة الحركة النقابية الجديدة في سورية - حيث من بين ال71720 شخصًا 
الذين يشكلون السكان الناشطين اقتصاديًا في دمشق»؛ لم يكن سوى 27526 
وفى رواية أخرى 3 شخصاء أي ما لا يزيد على 10.8 في المئة» 
مسجلين في الطوائف التقليدية ‏ كانت نقابة الفلاحين البستانيين إحدى 
النقابات «الحرة» تمييرًا لها من النقابات «الرسمية» التي كانت «تُعتمد عادةً» 
من جانب البلدية» وكانت تضم في صفوفها بائعي الخضراوات (الخضرية)9©. 
وكان آخر رئيس لهاء محمد سعيد آغا شيخ البساتنة» يعتني ببستانه الخاص 
في العدويء. وهو بستان تابع لسوق ساروجة أحد أحياء دمشق شق القديمة. ومع 
وفاته في عام 1930» أهمل المكتب وتلاشت النقابة شيئًا فشيئًا. أمَا في 
حمص فاستمرت نظيرتها بالعمل برئاسة رئيسها الخاص حتى عام 251 
وضمت ما لا يقل عن 4 آلاف عضو7©. 

لا شك في أنَّ تجربة الفلاحين البستانيين التنظيمية الطويلة تفسّر قدرتهم 
المميزة على حماية مصالحهم أو مقاومة عسف ملتزمي الضرائب أو إلحاحهم» 
وهي خاصية تميّزهم من معظم الفلاحين الآخرين كما حتق الكو الأرفين من 
بينهم نجاحًا خاصًا في حماية الحقوق المائية كلوه الحركةة سسبدا م 
أنه يمكن تفسير ذلك أيضًا بمستوى معرفة القراءة والكتابة المرتفع بينهم 0 
ا و 
الابتدائية المدنية العثمانية العليا (الرشدية) التي أسست هناك في عام 91911©. 
كانت دوما التي 3 تقع على بعد 14 كلم إلى الشمال الشرقي من دمشقء ويقال 


2250 عالنومء'0 عملزة ,1927 اده كقصسوط ف اتهلاهنا يال عتناعنة5 ه[» ,ومميرتدكوكة1 كتبامآ 
-424 .م ,(1963 ,أععمةلط-له عد تبمأء8) ومممطبهك! .لا بز معائل8 ,مرمملط مم0 تحممل «رعسوتطاممهواعمو 
لتنة ,428 
(26) حديث مع محمد ديب ومحمد زياد» حفيد وابن حفيد محمد سعيد آغا شيخ البساتنة» 
دمشق. 11 كانون الأول/ نوفمبر 1990. 
20220 6] .م «ركتانه1] عل ذلزوط ع[آ» ,مدتسقولة 
)228 عن فتح المذرسة الرشدية في دوماء» انظر: عمر محمود الشالط وحسن بشير الورع: [«دوما 
بلد الكروم»» نسخة مصورة ([دمشة: [د.ن.]ء 1963 -1964])» ص 74. عن وجود المدرسة القرآنية 
هناك» مصدري هو الأستاذ يوسف إيبش» حديث في 15 آب/ أغسطس 1989. 


9ظ1 


إنها كانت» قبل دخول الإسلام؛ موقع دير مسيحي ومقر قبيلة بني تغلب العربية 
المسيحية؛ لا تزال قرية في عام 1911 يبلغ عدد سكانها نحو 7 آلاف, لكنها 
الآن إحدى أكبر المدن في غوطة دمشقء وفيها أكثر من 150 ألف نسمة”©. 

مما يستحق الذكر هنا أيضًا أن شبكة قنوات الري المتطورة جذدًا والقديمة 
ا ا ا ا ات 
الفلاحين البستانيين مالكي الأرض على أن يستشير بعضهم بعضًا بصورة 
متكررة؛ وساعدت في تقدم الممارسات الديمقراطية في ما بينهم؛ وهو ما 
وجد تعبيرًا عنه في مجالس قراهم من كبار السن. وكانواء كقاعدة عامة؛ 
يسوون خلافاتهم ضمن تلك المجالس أو عن طريق الشكوى لطائفتهم أو 
رئيسهم» ويتفادون اللجوء إلى الحكومة, إن أمكن. 

لطالما كان الفلاحون البستانيون من بين فلاحي سورية الأكثر استعدادًا 
للقيام بمشاريع. ففي الفترة ب بين الحربين وبعد الحرب العالمية الثانية» إن لم 
يكن أبكر من ذلك. كان كثيرون من المقاولين أو المضاربين الذين كانوا 
يُعْرّفون في الغوطة باسم الضمّانين من طبقة الفلاحين البستانيين الأغنياء©. 
وكان الضمّانون يشترون محصول الفاكهة وهو لا يزال على الشجر مقابل مبلغ 
ثابت؛ وينظمون عمليات القطاف والتوضيب والنقل على حسابهم. 

ثمّة حقيقة أخرى مهمّة بما يكفي لتسليط ضوء ساطع عليها: هي أن أول 
بعثيي الغوطة» خالد الحكيم؛ وهو عضو مؤسس لفرع حزب البعث في دوما 
وقائده في عام 1946 ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال بين عامي 1963 
و1964» يتحدر من عائلة من الضمّانين الفلاحين البستانيين التى تحولت إلى 
مالكي شاحنات00, ْ 


(29) الشالط والورعء [:دوما بلد الكروم]ء ص 4 - 5؛ حديث مع الشيخ عبد الله علوشء إمام 
أحد مساجد دوماء في دوما 5 كانون الثاني/ يناير1990. 

(30) أنا مدين بهذه الحقيقة للاستاذ يوسف إيبش الذي كانت عائلته تملك أراضي كثيرة في 
الغوطة؛ حديثء 15 أيلول/ سبتمبر 1989. 

(31) حديث مع عمر محمود الشالط» مهندس زراعي من دوما ورئيس مجلس مديتتها 
(1987-1983) ورئيس غرفة زراعة دمشق منذ عام 1987.» دوماء 715. 


0ظ2 


وم 


إنه لأمر ذو مغزى أيضًا أن يكون أول حزب سياسي ذي توجه فلاحي» 
وهو الحزب العربي الاشتراكي ‏ الذي خرجت نواته الأولى إلى الحياة في 
عام 1943 في حماه تحت شعار «هاتو القفة والكريك لنعش الآغا والبيك؟ 
قد استمد قوته الأساسية في تلك المدينة من الفلاحين البستانيين في حي 
العليليات الذي كان في أيام العثمانيين خارج جدران المدينة2©. 


(32) حديث مع أكرم الحوراني» مؤسس الحزب العربي الاشتراكي (1952-1950) وأحد قادة 
حزب البعث (1952 - 1958))؛ ياريس» 15 تموز/ يوليو 1985. 


201 


الفصل السابع 
الصوفية بين الفشلاحين: هل كانت مصدرا للاستكانة 
السياسية؟ 


قبل الحرب العالمية الأولى» ازدهرت الصوفية أشدٌ الازدهار في حياة 
كثيرين من فلاحي سورية. ولم تؤدٌ أي حركة أخرى دورًا يفوق دورها في 
تشكيل قناعاتهم وقيمهم. ولسوء الحظء فإن أثرها العقائدي في الريف لم 
يدرس عن كثب قط. فما تورده المصادر الموجودة من إشارات مباشرة إلى 
قوة الأخويات الصوفية؛ بوصفها قوى ريفية منظمة» أو إلى روابطها المعيشية 
مع الفلاحينء نادر جدّاء كما أن الأدلة ذات الصلة واهية إلى حد لا يمكن 
معه رسم سوى صورة مجزأة. 


الصوفية عصية على التعريف» لأنها حركة ذات جوانب متعددة ودوافع 
وأهواء مختلفة متنوعة. كانت فيها مراحل من الوقار والتسامح ولحظات من 
الغضب والتعصب. وكانت على شخلاف مع الوسلام «الأصولي» أو على توافق 
معه بحسب الأشكال التي اتخذتها ريحب تحكل المؤسمة «الأصولية») أو 
تدهورها. وازدهرت الصوفية في ب بعض الفترات» ودعمت الإيمان المسيطر.» 
لكنها أضعفته في أوقات أخرى؛ وابتذلته. فيها رجال أتقياء ومثاليون» وفيها 
نصَابون ومشعوذون ومرقصو أفاعي. ألهمت القناعة والسلبية والجبرية» لكنهاء 
في مفاصل معينة» تحت السلطة؛ وحدّت الرجال على الشورة. . رفضت في 
أعلى تجلياتها الدئيوية؛ وسعت إلى أن تبعد عن غقول المتمسكين بها كل 
ذكرةعذا تلك المتعافة بكازن أسبفى نري الطرية: كما سيعت إلى أن تتصباوع 
عن أي مشاعر تتعلق بتحقيق الذات؛ لكنها كثيرًا ما أخضعت الضعف الإنساني 
لغاياتهاء وسعت ! إلى السلطة والأغنياء وكسبتهم. ولم تمد جذورها بين 


203 


اك 


الفلاحين إلا في أكثر أشكالها غرابة وبعدًا عن الانضباط» وكانت» بلا شك» 
عاملا باررًا في انتشار الخرافات قبل الإسلامية القديمة في الريفء أو إعادة 
تقويتهاء من مثل الإيمان بالسحر والتعاويذ والمعجزات. كما روجت الولاء 
للأولياء أو «أحباب الله» ضاربة حولهم هالة من القداسة. ومحولة قبورهم إلى 
مواضيع للتبجيل ومراكز للحج. 

ازدهر الفكر الصوفي وتجربته في عصر ملهميه ومعلميه الأوائل: وهم 
من بين آخرين» رابعة العدوية (717 تقديرًا - 801م): وهي أمّة معتوقة وصوفية 
من البصرة؛ والحارث بن أسد المحاسبي (781 -857م)» وهو أيضًا من البصرة 
وأول المؤلفين الصوفيين البارزين؛ وذو النون المصري (المتوفى في عام 
0م)». وهو صاحب فكرة الوجد أو نشوة الحب بوصفها الطريقة الوحيدة 
فارسي وأول الصوفية «السكارى»» ونصير فكرة فناء النفس في الله؛ والجنيد 
البغدادي (المتوفى في عام 910م)» وهو صاحب طريقة صوفية شاملة؛ والحلاج 
الفارسي الذي قتل بصورة وحشية في عام 2م بسبب إيمانه بوحدة الوجود. 

لم تكن الصوفية حتى ذلك العصر قد أخذت شكلًا منظمًا. وتابع معلمو 
الصوفية طريقهم» كل بطريقته الخاصة. وكانت تلك الحلقات من الأنصار 
التي تشكلت حولهم ذات طبيعة عابرة» والصلات بين تلك الحلقات ضعيفة 
وخر يتلم غير أن 0 د وشهد 
يكون قد ماعد في هذه العملية التشكيل الكلاسيكي للمعتقدات الصوفية على 
يد القشيري (المتوفى في عام 1074م) ونجاح أبي حامد الغزالي 
(1111-1058م) في توفيق المذهب الصوفي مع الشريعة الإسلامية وعلم 
الكلام السني. وفي ما بعد أعطى إنتاج محبي الدين بن عربي (1240-1165م) 
الأدبي الغزير والمتميّز الحركة دفعة إلى الأمام. 

في النهاية سيطرت الطرائق الصوفية على عقول عامة الناس» بما في 
ذلك الفلاحين» وظلّت تظهر قرَّة إلى هذه الدرجة أو تلك حتى القرن التاسع 
عشر عندما بدأت تعاني تأكلا مؤسسيًا تدريجيًا ‏ تقطعه بين حين وآخر نوبات 


2014 


المتشددون؛ ومن ثم العلمانيون المتشككون. بدرجة أقل وبعد ذلك بكثير”". 


في تعميم على المجتمع الإسلامي يبدو أنّه إلى الفترة الواقعة بين القرنين 
الثالث عشر والثامن عشرء ذكرٌ هاملتون. أ. ر. جيب أنه «كان لكل مجتمع 
قروي... محفله الصوفي»2©». ولاحظ أنطوان عبد النور» في إشارة أكثر تحديدًا 
إلى سورية العثمانية فى الفترة الواقعة بين القرنين السادس عشر والثامن عشرء 
أن «أصغر قرية كان فيها ... غالبا زاوية»» وهي عبارة عن مصلى يستخدم 
مركرًا لنشاط أنصار الصوفية©. لكن جيب وعبد النور لا يدعمان زعميهما 
بالأدلة اللازمة. واستنادًا إلى أحد زعماء الطريقة الرفاعية الصوفية يبلغ من 
العمر ثمانين عامّاء هو الشيخ عبد الحكيم عبد الباسط (أبو فهد) السقباني» 
وهو أحد أبناء قرية سقبا شرق دمشقء فإنّه لم تكن هنالك زوايا من ذلك 
النوع إلا «في بعض القرى» كما في جسرين وقرحتا في الغوطة وحيش وكفر 
سجنة شمال حماه. وكانت الاجتماعات في معظم القرى التي نشطت فيها 
الطرائق الصوفية تعقد في غرفة الضيوف في بيت أبرز صوفي محليء المقدم 
الذي كان يشكل صلة الوصل بين الموالين والمرشد الأعلى مرتبة الذي يسكن 
في المدينة وصاحب السجادة» أي الشيخ الذي يشغل سجادة صلاة مؤسس 
الطريقة 


() تستند الملاحظات في الفقرات الأر بع السابقة إلى : انامعء4 ده ,#تعلينى ,لمععطهم سصطمل عنطاءى 
كه انمأامعة ان ءذم! جره كأوينادى ,ططأ .1 .ى .11 :(1950 ,مادعنا جه معلاخ :ه«ملهما) بماك زه ىتناعراط عا كه 
208-218 .مم ,(1962 ,قوع ومعمء8 :ومنده8) علاه .1 تصوألائللا لصة ممقطد .ل لمكممتك برط لم6ئلل8 ,بماك 
.كله؟ 3 ,ارمنامعا/اجطن)) وأع«ملا ه درا بورماعاط هتنه ععنءاءىم) :نررم|كل إن عينم ! :17 بدمكعله1]1 .5 .0 الماعدلة1 
,3 .ألا لهة ,201-254 .وم ,2 .له :392-409 .رم 1١‏ .آمل ,(1974 ,كوععط موعمعاك© أه باتوء امنا :مووعاطك) 
158-161 لقة ,122-123 .مص 
وعامر النجار» الطرق الصوفية في مصر (القامرة: [د.ن.اء 118) وعلي زيعور» في العقلية 
الصوفية ونفسانية التصوف (بيروت: دار الطليعة؛» 1979)) ص 432- 4439 

220 .6 .م ,هادا كزه ««مألمعا اا عم نه عبناي ,ططأن 
(3) ء][ الام[ الا[ بعروجمناه عتسرك هأ مل وتمطم؛ عبرأماعاط' | نج ومااعبوم )دا سسدولة اعلطة عستمامةخ 
عاتدعء لونا تطانمرزء8) 2 بوعبومماوتط 5عليةة كعل موتاءءد ,عدأمصدط ا غاأومعلازولا"'! عل كممأامءأاطادام ,عاءؤزى 
.376 .م ,(982!] ,عدتهصدطكا 
(4) حديث مع المؤلف في «الحقلة» في حي الميدان في دمشق» 17 كانون الثاني/ يناير 1990. 

أنا مدين للشيخ أحمد الحبال الرفاعي لأنه رتب أمر اصطحابي إلى مكان إقامة الشيخ السقياني. 


205 


لم تكن هناك في النصف الأول من هذا القرن أي علامة مرئية على وجود 
الصوفية في القرى القَبّلِيّة أو حديثة التأسيس نسبيًا. وأشارت عالمة الأنثروبولوجيا 
لوير سويت 587660 .8 ةذناه])» في ملاحظة تتعلق بشمال غرب سورية في منتصف 
الخبيدات: إلي اتالم تكن عناك اخريات ميونة في القرى الرائعة إلى الشرقء من 
طريق عام حماه ‏ حلب أي في القرى القبلية التي استوطنت في القرن التاسع عشر 
أو بعد ذلكء وأن وجود أخويات من ذلك القبيل #ربما"؟ كان مرتبطًا ب«القرى 
الفلاحية القديمة» الواقعة إلى الغرب من الطريق العام. لكنها أضافت أن «اجتماعا 
أسبوعيّا؛ لطريقة صوفية كان يعقد «ضمن مدى السفر» للقرى القبلية في منطقة تل 
طوقان التي أجرت فيها بحثها”». وكان ذلك الاجتماع مكرسًا لأداء الذّكر الجماعي؛ 
وهو تجربة وج يحبي فيها الأنصار ذكر الله بتعابير تحددها طريقتهم. لكن الاجتماع 
كان أيضًا مناسبة للتخفيف من التوتر: إذ كان بعض الأنصار والأتباع العاديين يبقى 
بعد نهاية الحفلة لمناقشة مشكلات القرية مع المقدم أو الأكبر سنًا©». 


من بين الطرائق الصوفية الناشطة في سورية» أثبتت الطريقة الرفاعية 
على نحو خاصء أنها قوية بين الفلاحين. وكان مؤسسها أحمد الرفاعى 
(المتوفى في عام 1183م) هو نفسه ابن قرية - هي قرية حسن في منطقة 
البصرة ‏ وكان يكسب قوته من العمل في قطع الحطب وجمعه أو من القيام 
بأعمال غير منتظمة متنوعة©. ويبدو أن أعماله الصوفية وَجهَت أساسًا إلى 
الفلاحين. ويبدو أنها كانت مقتصرة على قرية أم عبيدة في جنوب العراق 
وقرى أخرى في جوارها”». وإنه لأمر مميز أن العهد الذي كان المريد يقطعه 
على نفسه لدى قبوله في الطريقة ة الرفاعية يلزمه بأن يكون. من بين أمور 
أخرى. «مواظب على خدمة الفقراء ببحسب الطاقة 00 وفي اللغة الصوفية» 


(5) ,مموتطعتا! كه وتو انمتا ببمطة صمخ) معما!ة! مماببرك 4 «مموم1 /[136 ,موود طاءطمعتات عدتيامآ 
.3 .م ,(1974 
(6) حديث مع الأستاذ يوسف إيبشء 10 كانون الأول/ نوفمير 1989. 
(7) النجارء الطرق الصوفية في مصرء ص 90-89 و92. 
(8) ,قعهطا!) «رماء! زه مألءمماعن 2 37016 ,.كلت ,تعصدع]! .11 .ل ممه طاز0 .2 .ى .11 نها «تماتطسف» 
.98.م ,([1953] روقعوط ببوالوععلالونا اأعدره© نلا .الى 
(9) النجار الطرق الصوفية في مصر.ء ص 8. [يرد ذلك في ص 9 من الطبعة الخامسة 
الصادرة عن دار المعارف [المترجم]. 


206 


اكوك شين 


كان مصطلح فقراء يشير خصوصًا إلى الأنصار الفقراء» لكنه يشير أيضًا إلى 
الفقراء عمومًا29. 

ليس مثيرًا للدهشة أن الشخصيات التاريخية الأبرز التى أدّت أدوارًا خاصة 
في نشر الطريقة الرفاعية في سورية كانت من أصول ريفية ومتواضعة. هكذاء 
كان مؤسس فرع السعدية أو الجباوية ذلك الفرع الذي اجتذب من بين الفلاحين» 
وكان ناشطًا جدًا في أوساطهم بين القرنين السادس عشر والثامن عشر”"» هو 
سعد الدين الجباوي (المتوفى في عام 1300م) من أبناء قرية الجبا في الجولان» 
وكان قبل تحوله إلى الصوفية مثيرًا للقلاقل وقاطع طريق2). وثانية» كان محمد 
أبو الهدى الصيادي (1909-1849) الذي أعطى الطريقة الرفاعية دفعة كبيرة 
إلى الأمام في عهد السلطان عبد الحميد (1876 - 1909)» من أبناء قرية معراتة 
قرب خان شيخون وفي جوار مديئة المعرة التي تقع إلى الشمال الغربي من 
حلب. وارتفع الصيادي إلى مكانة سامية جذاء لكن كان والده» بحسب أبناء 
المعرة المعمرين» «شيحًا أميّا فقيرًا يطوف في المعرة وضواحيهاء فيقرأ على 
قطعة من السكر للوقاية من لسع العقرب والحية» وكان يأخذ عن كل واحدة 
درهمًا أو نصف درهم6”*"". وإذا كان الصيادي قد أثار المسلمين المتزمتين» فإنه 
جذب إلى الطريقة الرفاعية عددًا كبيرًا من الناس من القبائل والقرى والمدن*". 

لماذا وجدت الصوفية عمومًا والرفاعية خصوصًا ذلك القبول الواسع في 
الريف السوري؟ ليست إعادة تركيب أسباب هذه الحقيقة سهلة بأي شكل من 


(10) و'مقسبصء8] ,كم أامروظ تعاماطة (١‏ [ه كة!ماكبت ننه 71675هلة ,عصمة تمعتللئ/ا لعدبحل8] 

251-252 .مم ,(1954 ,أهع12 :082008.آ) 315 بلوتطانآ 

10) .377-18 .هم ,ءتاوطجه ع«أماكاء' أ ن ١روألءننمعج‏ ارا عناولظ اعلطم 

(12) أحمد الحلاق البديري» حوادث دمشق اليومية» 1762-1741» تحرير أحمد عزت 

عبد الكريم (القاهرة: مطبعة لجنة البيان العربي» 2259 ص 92-91 ملاحظات» و ,طعلمأ2 .هق مامعتلة 

.13 ,م ,(1953 ,ووعرظ ققعاعصم علا أة لعتملوظ #الماءع8) كعاتصماة راروط عم علد وأمبرك جا عإنا معطملا 

)213 محمد سليم الجندي» تاريخ معرة النعمان (دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد القرمي» 
3 -1964). الجزء الثانى» ص 215 -216. 

(14) يستند هذا إلى تفصيلات من السيرة الذاتية قدمها أبو الهدى الصيادي في قلادة الجواهرء 

واستشهد به البيطار في: عبد الرزاق البيطار. حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر (دمشق: مجمع 

اللغة العربية» 03ج 1[ءص 495-494. 


207 


الأشكال؛ على الأقل لأن الفلاحين نادرًا ما يتحدثون من ذاتهم» حتى لا نذكر 
ندرة الأدلة التاريخية» ولا سيما في شأن الماضي البعيد. 

قد يكمن أحد مفاتيح هذا الأمر في درجة القرابة بين الصوفية وشكل 
المسيحية الذي كان سائدًا بين فلاحي سورية» الذين تمسّكت كتلتهم العظمى 
بالإيمان المسيحي حتى أواخر القرن الثالث عشر. ويشير الاستخدام العرضي 
للكلمات السريانية في الأدعية الصوفية إلى هذه القرابة*'». وعاشت الصوفية» 
مشل المسيحية السورية» على المعجزات»؛ ورفعت الفقر إلى درجة المثال» 
وشجعت تلك المواقف المتمثلة بالقناعة والتواضع والثقة بالله والصبر في 
وجه الألم والاستفزاز والمصائب. ومن الواضح أن بعض هذه القيم الصوفية 
توافق مع غريزة الفلاحين الطبيعية في حفظ الذات تحت ظروف حكم قاهر 
ومتقلب المزاج. وخدمهم الصبر في تلك الظروف أكثر مما خدمتهم الطريق 
الخطرة للمقاومة المفتوحة» ويمكن أن يكون في النهاية قد ساعدهم في 
إخماد ما لديهم من الجسارة. 

إن اعتماد رفاه الفلاحين القوي على العمليات الطبيعية وشعورهم بالعجز 
أمام الجفاف أو تخريب الجراد جعلهم يميلون إلى النظرة الصوفية تجاه هذه 
الحوادث بوصفها علامات على غضب إلهي» وإلى الممارسات الشعائرية 
الصوفية بوصفها وسيلة يمكن بواسطتها تخفيف ذلك الغضب أو تحاشيه. 
نقرأ في روايات أحمد البديري الحلاق أن «كثر الجراد» في عام 1747 و«زاد 
غلو الأسعار» وفوق ذلك «ازدياد الفجور والفسق والغرور». وللتخلص من 
هذه المحنء؛ ذهب الشيخ إبراهيم الجباوي من فرع السعدية من الطريقة 
الرفاعية مع أتباعه في مسيرة إلى قبر السيدة زينب» حفيدة النبي محمدء في 
قرية قبر الستء ثم داروا حول مدينة دمشق وعملوا الدوسة» وفيه ألقى أبرز 
الأنصار أنفسهم على الأرض ووجوههم نحو الأسفلء وداس الشيخ على 
أجسادهم راكبًا حصانه» من دون أن يسبب لهم أي أذية كما هو مفترض*©". 


(15) كمشال على ذلك» اقرأ الصلاة التي اقتبسها البديري» حوادث دمشق اليومية» ص 53 
والملاحظة. 
(16) المصدر نفسه» ص 91. 


ساعدت الخلفية الريفية لأهم قادة الرفاعية ولكثير من الدعاة على تقدّم 
هذه الطريقة فى الريف. كان الدعاة على مقربة من مشكلات الفلاحين 
وحياتهم» وكانوا متناغمين مع عاداتهم العقلية بما يكفي لكسب دعمهم. ولعل 
العلاقة بالطريقة الرفاعية» ذات الصلات الواسعة والنفوذ القوي» بدت لكثيرين 

لكن اعتبارات ذات طبيعة أكثر واقعية أدّت أيضًا دورًا في الموضوع. 
فقد استفاد أبو الهدى الصيادي نفسه وكثير من أتباعه» ولا سيما بين 
الشيوخ والمقدمين» على نحو مباشر أو غير مباشرء من الدعم السياسي 
والمالى ‏ هبات على هيئة أملاك وأموال ‏ الذي قدمه السلطان عبد الحميد 

2 يقة الرفاعية. أكثر من ذلك» وضع الصيادي» على ما يبدو أشجار 
تسيا تريطهة وتربط كثيرًا من عائلات الطريقة البارزة الريفية والحضرية. 
بمؤسس الطريقة أحمد الرفاعي وبالنبي محمدء معززين بذلك مكانتهم في 
المجتمع وضامنين استثناءهم من الخدمة العسكرية والإعفاء من تكاليف 
مالية معينة !017 

يبدو أن ازدياد ثروة الصيادي وارتباطه الوثيق المتزايد بطبقة ملاك الأرض 
قلّلا من حماسة الفلاحين للطريقة يقة الرفاعية» على الأقل في منطقة المعرة . فقد 
تزوج الصيادي من عائلة الحراكي المحلية» ولعلّه مارس سلطته لدعم مصالح 
حميه نورس الحراكي الذي فاز بمرتبة باشاء ووضع السلطات المحلية تحت 
سيطرته ونجح» بوسائل متعددة. بما في ذلك «شهادات الزور) واستخدام 
«المجرمين (زئم الباشا) لإرهاب الفلاحين» في الاستيلاء على أراضي 
خمسين قرية في منطقة المعرة أو تسجيلها باسمه*"©. وليس من المعروف هل 


(17) الجندي. تاريخ معرة النعمان ج 1» ص 163 و260 وج 2 ص 215 - 216؛ وأبو منة» 
«السلطان عبد الحميد الثاني»» ص 139 

(18) شهادة بتاريخ 31 كانون الثاني/ يناير 1975 من المحامي منيب اليوسفي اليالغ من العمر 
ثمانين عامّاء وكان موظمًا سابقًا في مديرية العدل ونائبًا عن المعرة من عام 1954 إلى 1958 وعضوًا في 
الحزب العربي الاشتراكي وحزب البعثء على التوالي. نص شهادته في: عبد الله حناء القضية الزراعية 
والحركات الفلاحية في سوريا ولبنان: القسم الثاني (1920 - 1945) (بيروت: دار الفارابي» 1978): 
ص 455-454. 


209 


الل هد 


ساعد الصيادي في هذه العملية في فترة رئاسته للجنة تسوية النزاعات المتعلقة 
بالأرض بين الوجهاء والفلاحين أم لا 


على أي حالء إنه لذي دلالة أن طقس الذَّكُر توة قف في منطقة المعرة بعد 
اندلاع ثورة تركيا الفتاة في عام 8 : وما صاحبه من سحب للدعم الرسمي 

من الرفاعية وغيزها من الظرائق الصوفية»؛ وموت الصيادي في عام 1909., إلا 
في أماكن كان الذّكْر يمارس فيها قبل صعود الصيادي”". ومن المحتمل أنه 
حدث هبوط مشابه في أعمال الصوفيين في المناطق الأخرى, ولا سيما في 
المناطق الر 0 حلب حية كان تأثير الصيادي أقوى. 


بعد الصياديء؛ بهتت الرفاعية ‏ وغيرها من الأخويات الصوفية ‏ تدريجًا. 
وفي الفترة ب بين الحربينء ! إزاء الهعجمات المباشرة من جانب الإصلاحيين 
المسلمين المتشددين واستهجان سوء تعامل الشيوخ الصوفيين الأكثر طيشًا 
وسوء تصرفهم أو السخرية منهم» راح صيت أشكال الإيمان الصوفية يزداد 
سوءًا. وتلاشت الرفاعية في الغوطة في قرى قرحتا وجسرين وعربين في 
الثلاثينيات» لكنها لم تنقرض في دوما إلا بعد موت قائدها المحلي» الشيخ 
محمد الأخرس”*©) في عام 2. وفي بعض القرى الأخرى» استمرت حتى 
أيام البعث. وحتى اليوم» تمارس (الحضرة4؛ وهي خدمة «تستحضر فيها روح 
الله4» أو طقس الذكرء كما يعتقد» فى قرية نهجة براق» على بعد أربعة كيلومترات 
جنوب دمشقء لكن ذلك يحصل مرة في السنة وليس كل يوم جمعة كما في 
الأزمنة الماضية. ويحضر الاحتفال قرويون من مناطق مختلفة. وكان الشيخ أبو 
فهد السقباني يعزو سيطرة الرفاعية على جزء من الفلاحين إلى التزام أنصار 
الرفاعية الدقيق نصيحة النبى محمد: «ازهد فى الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند 
الناس يحبك الناس2276. 


(19) الجنديء» تاريخ معرة النعمسان» ج 1وءصض 0. يعزو الجندي توقيف الذكر إلى موت 
الصيادي ليس إلا. 

(20) حديث مع الشيخ عبد الله علوشء إمام أحد مساجد دوماء 5 كانون الثاني/ يناير 1990. 

(21) حديث مع الشيخ عبد الحكيم عبد الباسط (أبو فهد) السقباني» حي الميدان؛ 7 كانون 
الثاتي/ يناير 1990. 


210 


غير أنه حتى السبعينيات» كان ثمّة شيخ صوفي ‏ محمد النبهاني - يستغل 
سذاجة بعض الفلاحين في سبع قرى في محافظة حلب لمصلحته المادية. 
ففي قرية التوايم» على سبيل المثال» كان يستثمر 410 هكتارات من الأرض 
الزراعية التى حصل عليها بماله لكنه سجلها بأسماء ستة عشر شخصًا من 
أتباعه» وكان في نهاية الموسم يحتفظ بكامل المحصول باستثناء جزء صغير 
منةغ :ولا :يدقع لأنصاره البخاصصين فى المحصول تعويضًا عن عملهم سوى 
0 إلى 40 ليرة ة في الشهر إضافة إلى كيس من الحبوب. فيحرمهم بذلك من 
حصتهم البالغة 40 بالمئة بموجب قانون تنظيم العلاقات الزراعية. كما طرد 

من القرية أحد عشر فلاحًا لم يشاركوه وجهة نظره في شأن توزيع قرض منحه 
المصرف الزراعي التعاوني. ولم يحدث إلا بعد قتل أحد مناوئيه من الفلاحين 
في عام 2 أن تدخلت الحكومة ووشتعت بجذا لممارساته”7), 


فى حورانء ظلّت بعض العائلات أو العشائر التى سبق وقدمت قادة 
للطرائق الصوفية متمتعة بالنفوذ بين الفلاحين حتى بعد أن قللوا من أهمية 
هويتهم الصوفية أو تخلوا عنها. وفي هذا الصدد تحضر إلى الذهن عشيرة آل 
الزعبي التي قدمت خلال فترة زمنية طويلة في هذه المنطقة ” شيوخ القادرية - 
وهي طريقة أسسها عبد القادر الجيلاني (المتوفى في عام 6 0)-_ وكان 
لها وزن راجح في ست عشرة قرية على الأقل في منطقتي درعا وإزرع. وكان 
مركزها السياسي في حياة آخر رؤسائهاء الشيخ محمد مفلح الزعبي» قرية 
خربة غزالة؛ أما في أيام صعود فارس الزعبي» وهو نائب موال للفرنسيين» 
فكان هذا المركز قرية دير بخت. وكان مركزها الديني قرية المسيفرة على بعد 
نحو عشرين كيلومترًا إلى الشرق من درعاء حيث قبر ولي العشيرة. أما من 
حيث المكانة والنفوذ السياسي فلم يكن يفوقها في الفترة قبل البعثية سوى 
عشيرة آل الحريري التي قدمت شيوخ الطريقة الرفاعية وكانت مهيمنة في 
ثماني عشرة قرية في المناطق ذاتهاء وكانت قواعدها الرئيسة في داعل والشيخ 
مسكين» إلى الشمال من مدينة درعاة©. 


(22) حناء القضية الزراعية» القسم الثاني»ء ص 459-27 
(23) فرع الحريسري من الطريقة الرقاعية أسسه علي بن أبي حسن الحريري (المتوفى عام 
17م). في شأن القوة النسبية لآل الزعبي وآل الحريري في العشرينيات» انظر: حنا أبي راشدء حوران - 


211 


0 


من الصعب ألا نرى في الجانب المفيد من الصوفية نوعا من العون 
العاطفي للفلاحين في أوقات الشدّة. فلولاها ربما كان على كثيرين منهم أن 
يواجهوا قوى نادرًا ما كانت ودودة. كما ساعدت الصوفية أيضًا في دمج 
الفلاحين اجتماعيًا وربطهم بطريقتها الخاصة في نسيج المجتمع الإسلامي. 
وتوسط شيوخها ومقدموها الألطف» ما أمكن ذلك نيابة عنهم لدى الحكومة 
في أمور من مثل الضرائب أو التجنيد العسكري. ومن جهة أخرى» غرست 
الصوفية في كثير من الفلاحين أفكارًا ومواقف مثل القناعة أو التسليم أو 
الإيمان بالقضاء والقدر وبمشيئة الله وكانت عبودية وتصوفية في آثارها النهائية. 
وبهذا المعنى» أضعفت الفلاحين ذوي الميول الصوفية» وجعلتهم فريسة سهلة 
لملاك الأراضي عديمي الضمير. وفوق ذلك» أصبحت الصوفية وبعض 
طرائقها في فترات تاريخية معينة؛ ولا سيما في فترة السلطان عبد الحميد 
الثاني (1876 -1909))» ملحقا له قيمته من ملاحق الدولة العثمانية. ٠‏ وفي 
حين أثنى الحكام على الأخويات في الجانب المادي؛ فإنها بدووها أتدت 
للبجكاء الوسائل اه لإبقاء الفلاحين ‏ والسكان الحضريين ‏ تحت 
السيطرة. ة. وبتشجيعها على قيم الولاء والطاعة» حتى لسلطان جائر» ونشرها 
التعاليم التي تعتبر تلك القيم جزءًا لا يتجزأ من التقوى الدينية؛ انحطت 
الصوفية إلى مداقع عن الحكم المطلق وحارس له. 
لكن لا بد من الإضافة أنه في أثناء الاحتلال الفرنسي ابتعدت الحركة 
الصوفية عن الميل إلى الحث على الخضوع. صحيح أن بعض الشيوخ نأى 
بنقفسه. وأظهر آأخرون» مثل الشيخ أسعد الصاحب. رئيس الطريقة النقشيندية 
في دمشقء «تسامحهم وتساهلهم مع السلطات)222) أو اتبعوا مسلكًا متعاوثًا 
مع الفرنسيين» مثل زعيم عشيرة الزعبية المتصل بالقاد 631 الكن شنيوكا 


الدامية: جبل الدروز (القاهرة: مكتية زيدان العمومية؛, 1926؛ 1927)» ص 39. ولتفاصيل عن نفوذ 
العشيرتين في أثناء الاحتلال الفرنسي وفي فترة ما بعد الاستقلال وتحت حكم البعث. انظر الفصل 
الثاني. 

(24) عبد الرحمن الشهبندرء ثورة سورية الكبرى: [أسرارها وعواملها ونتائجها: تنبؤات خطيرة 
عن كارثة فلسطين الحاضرة] (عمان: دار الجزيرة» [1940])» ص 18. 

(الشهبتدر: أحد قادة الثورة السورية 1925 -1927). 

(25) انظر ص 70-67 من هذا الكتاب. 


212 


61 


آخرين تحدوا الفرنسيين يجرأة. هكذاء ألقى الشيخ الحلبي رضا الرفاعي 
(1948-1885) وعمه الشيخ طاهر الرفاعي (1926-1872) بثقلهم خلف 
الثورة السورية الريفية في الشمال (1921-1919) بقيادة إبراهيم هنانو 
(1935-1869)) وهو موظف عثماني سابق وابن وجيه ريفي من كفر تخاريم 
جنوب غرب حلب*©. ومرة أخرى» انضم الشيخ ديب القدمي 
(1893 -1958).» وكان أيضًا يندمي إلى الطريقة الرفاعية ومن أبناء قرية القدم 
جنوب دمشقء إلى الفلاحين الثائرين» وقاتل إلى جانبهم في الغوطة في أثناء 
الثورة السورية الكبرى (270)1927-1925. 

على الرغم من ذلك» كانت الصوفية» بلا شكء. إحدى القوى المحافظة 
القوية في حياة الفلاحين» وشكلت عائقًا في طريق أي مسعى عقلاني إلى 
إيجاد حلول حقيقية لمشكلاتهم. 


(26) أدهم آل جنديء تاربخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي (دمشق: مطبعة الاتحاده 
0). ص 118-116؛ 126 و128. 
(27) آل جنديء تاريخ الثورات السورية؛ ص 500. 


213 


نزوع الفلاحين الجبليين إلى التمرد ونزوع فلاحي 
السهول المفتوحة إلى طرق الدفاع غير المباشر في 
أيام العثمانيين والانتداب الفرنسي 


ثمّة قول لكعب الأحبار (المتوفى في عام 652 أو 654م)» وهو من 
علماء الحديث وناصحٌ لأول حاكم عربي لسورية. إذ قال: «إن الله تعالى لما 
خلق الأشياء جعل كل شيء لشيء. فقال العقل أنا لاحق بالشام» فقالت الفتنة 
وأنا معك”2. غير أنْ الفتنة عشّسشْت براحة بين الفلاحين سكان الجبال في 
ريف سورية. وعلى العكسء قلما لجأ فلاحو السهول المفتوحة إلى تدابير 
العنف المكشوفء وكان أكثر اعتمادهم في مواجهة القمع على وسائل العقل 
الحصيف. 


واجه الفلاحون في سهول حوران الشاسعة البعلية الجرداء في أيام 
العثمانيين صعوبات كثيرة. كانواء عندما تضطرب سلطة الدولة في الريف. 
يتعرضون للسلب على يد قطاع طرق مسلحين أو قوات غير نظامية أو قبائل 
عربية بدوية» وكان عليهم بعد عام 1685 وأكثر منه بعد عام 1711» ولا 
سيما في القرن التاسع عشر ‏ أن يقاوموا محاولات التوسع من الدروز الذين 
استقروا حديثا فى الجبال المجاورة. وعندما استعادت الدولة سلطتها المادية 
أو وسعتهاء كان على فلاحي حوران أن يتدبروا أمر الطلب المتكرر على 
العمل القسريء أو الطلب المزاجي على الطعام لقوات الحكومة أو حيوانات 

(1) المقريزي (1442-1364): أحمد بن علي المقريزي. كتاب الخطط المقريزية أو المواعظ 
والاعتسار في ذكر الخطط والآثار (بيروت: [د.ن.]: 1951). ج 1: ص 87. [يرد الاستشهاد في 


ص 150 من الجزء الأول من الطبعة الصادرة عن مكتبة مدبوئي عام 1998 [المترجم]. 


215 


ناك 


الجر لنقل الإمدادات العسكرية» فضلًا عن مطالبات الدائنين أو جباة الضرائب 
أو ملتزميها أو مشايخ القرى وابتزازهم. ومع انتشار الأمن في الجزء الأخير 
من القرن التاسع عشرء وما تلاه من إنشاء سكة حديد الحجاز عبر حوران» 
واستيعاب المنطقة جزئيًا في شبكة التجارة الدولية» بات الفلاحون تحت 
ضغط اقتصادي جديد من ملاك الأرض الغائبين الذين حصلوا من الحكومة 
العثمانية على صكوك ملكية بموجب قانون الأرض لعام 1858 الذي يمنحهم 
حقوقًا بالملكية في أراض بحيازة الفلاحين على المشاع. علاوة على ذلك؛ 
منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر فصاعداء أصبح الفلاحون عرضة للتجنيد 
على نحو متكرر أو مجبرين على المساهمة بمبلغ مكافئ نقدًا. وكما يقول 
جون بورينغ, كان التجنيد يتم على الأقل في أثناء الاحتلال المصري 
لسورية  )1840-1831(‏ «بنوع من الاعتقال العام» في الحقول أو في 
مساكن الفلاحين؛ ويساق الرجال الملائمون بعيدًا عن عائلاتهم للخدمة بعيدًا 
عن بيوتهم2. 

من وجهة نظر الفلاحين في حوران. لم يكن إظهار الجسارة في وجه 
أعدائهم ومواجهة القوة بالقوة خيارًا مجديّاء لأنهم لم يكونوا مكافئين لهم في 
القدرة. فإذا ما لجأوا إلى العنف كان ذلك بمنزلة ملاذٍ أخير ونتيجة يأس تام. 
وكانت القاعدة في الالتفاف على مصاعبهم أن يلجأوا إلى طرائق قائمة على 
الصبر أو الحذر. 


كي يقاوم هؤلاء الفلاحون عمليات اغتصاب أرزاقهم., أو يخففوا من 
مداهاء كانوا يبنون محميات». أو يفيدون من المحميات القديمة» وهى حجرات 


(2) ,26 ,م ,(1840 ,[بماع .ه] تصولهما) وأسرك كره عم أاكزاماى أواعمء ددجم ءا جره «وص8 ,م8 معطمل 
تستند الملاحظات السابقة إلى: 0:ما رامظ ء(! فمه واعيرى دز وأعنه :18 بالمدط مس8 ماوعا مطمل 
,(1822 الإقصسط38 .ل ندمهلدهه]آ) 
(التي تتضمن يومياته عن جولة من دمشق إلى حوران في عام 1812)؟ 77:2 ,5ة:اءممسطء5 طءأللاه6 
تنمصحة 1 عط 01 بمتمدكدء عطلي بامععمالا بعرلسة قمة :(1888 ,ه50 لهه رعانسدءظ لمقطءتظ :دملهمآا) معايعل 
أه لالع الملا ممعتمعنمةق ,كأمعط؟ .م .0ة) «,ممتأدمبعء0 لمعطمضء لله كنامنادع1 المناوء0 طاععاعءمتا8 عط مذ 
,(1982 ,أنساع8 
وحنا أبى راشد: حوران الدامية: جبل الدروز (القاهرة: مكتبة زيدان العمرمية» 1926؛ 1927): 
وجبل الدروز (بيروت: مكتبة الفكر العربي؛ 1961) (القاهرة: مكتبة زيدان العمومية» 1925). 


216 


تحت الأرض يخبئون فيها حبوبهم. وكانت المحميات رباعية الشكل وذات 
أعماق مختلفة ومناطق أساسية. وكانت تُدْعم بجدران» وتغطى بصفائح من 
الإسفلت وبطيقة من الصلصال والأغصان الثخينة. وكان الوصول إليها بواسطة 
سلّم من الحبال وأحيانًا بواسطة درج صغير من الحجر. وكانت لها فتحة 
واحدة تغلق بإحكام كي لا يسهل كشفها على الجنود والنهابين. وتوجد بقايا 
هذه المحميات في كل أنحاء حوران©. 


مرة أخرىء لتفادي الضرائب الظالمة أو غيرها من الإزعاجات» حول 
الفلاحون قدرتهم على الانتقال ووفرة الأرض القابلة للزراعة لمصلحتهم» 
فكانوا يتركون قراهم في عشائر كاملة مع زوجاتهم وأطفالهم» ويبحثون عن 
مساكن جديدة في البيوت القديمة المهجورة في أجزاء أخرى من حوران. 
كانت قرى بأكملها ترحل بهذه الطريقة. وكان ذلك نمط مقاومتهم الأكثر 
شيوعًا. وهذا هو السبب في أن هذه المنطقة» وغيرهاء عرفت في مطلع القرن 
التاسع عشر كثيرًا من القرى المهجورة أو التي كانت تسكن على نحو 
متقطع”*. 

كان سكان القرى الصغيرة» في بعض الحالات» يبحثون عن الأمان بأن 
يربطوا أنفسهم بتجمعات سكانية أقوى. وكان بعض القرى مسوّرًا على شكل 
حوشء وبيوتها تتحد للدفاع المشترك. وكان الدخول إليها عبر بوابة خشبية 
قوية تغلق بإحكام في الليل.”* غير أنه كان بمقدور تلك القرى أن تصمد أمام 
العصابات الصغيرة أو اللصوص لا أمام القبائل القوية أو المغيرين الجريئين 
من جبل الدروز. 


(3) من أجل وصف للمحميات وغايتهاء انظر: محمد سليم الجندي. تاريخ معرة النعمان (دمشق: 
وزارة الثقافة والإرشاد القومي» 1964-3).: الجزء الأول؛ من أجل وصف آخر ومن أجل وجودها 
«يتلك الأعداد الكبيرة في حوران»» انظر: .164-65 .وم ,الدأبادل 77:6 بقطءهسساء5 

(4) انظر: ةنما برأواع عا مضه متجرد دا وأعنصطة1 بالممطعلعسس8 

من أجل خريطة تشير إلى القرى المهجورة والقرى المسكونة جزئيًا في أوائل القرن التاسع عشرء 
انظر : عم تطتتةن) :عو ل سد 0)) 1800-1980 ,المتترمل لتتت وأمرد مز عر |لاء3 010 كومعروملة ,وزبدع! .ل ممصصولط 

.20 .م (1987 رموعوط بواتومء لونلا 
م5( .« ,فانصا عراهم8 ء[| وثنه ونسرك مز دأاعناه 77 بالمقطاعسيهظ 


217 


كان فلاحو حوران يسعون أحيانًا إلى تحقيق شروط أقل سوءًا عبر تفريق 
أعدائهم. لذلك كانوا يدخلون في اتفاقات مع بعض القبائل القوية لقيادة 
قطعانهم من الغنم والماعز إلى الرعي في فصل الشتاءء ويعطونهم في المقابل 
ربع الحملان والجداء و«احصة مماثلة» من السمن©». وكانوا أيضًا يدفعون 
لهم الخوة حتى يمتنعوا من الإغارة على حقولهم ويحرسوا موسمهم من 
القبائل الأخرى أو الدروز الخطرين. لكن الفلاحين تعلموا من التجربة أنّ 
حالهم يكون أفضل في حال اقتطعت منهم الحكومة وحدهاء وليس الحكومة 
والمشايخ المحليين والدروز وقبائل الرخل”. ومن هنا جاء تفضيلهم سلطة 
قوية وطيدة الأركان. والدليل على ذلك هو إعادة السكن المتزايد في القرى 
المهجورة في آخر عقدين من الحكم العثماني عندما بسطت الحكومة سيطرتها 
على حوران وعززتها. وفي الوقت ذاته. لم د تتوقف الحكومة عن أن تكون 
موضوع شكهم. 

مثل فلاحو حورانء أكان في ما يتعلق بانعدام الأمن المرتبط بظروفهم» 
أم بالمشقات أم الأخطاء التي عانوهاء أم بطرائقهم في الدفاع عن أنفسهم أو 
حل مشكلاتهم. أم بذلك الجزء من طاقتهم الذي كانوا يكرّسونه لمجرد البقاء 
أبناء السهول الزراعية الأخرىء بمن في ذلك أبناء السهول المحيطة بحمص 
وحماه وحلب. ولكن لا بد من استثناء حالة مستأجري الأراضى السّنيّة التابعة 
للسلطان عبد الحميد (1909-1876) التى شملت ما لا يقل عن 5 ألف 
هكتار في 567 قرية في مناطق واقعة شرق حلب وجنوبها وحدها. هنا كان 
الفلاحون يدفعون 17 في المئة لا غير من عائدات عملهم. بما في ذلك 7 في 
المئة إيجارًا للأرضء والباقي هو العشر. ولم يكونوا يخضعون لأي ضريبة 
أخرى سوى الكودا أو الضريبة على رؤوس الماشية؛ وكانوا معفيين من 
التجنيد. وغلاوة على ذللكة كان الجتود أوبرجال الشرطة بسترسوتهم. ولذلك 
كانوا في وضع أفضل من باقي الفلاحين في السهول وأكثر رضًا منهم. لكن 
بعد ثورة تركيا الفتاة في عام 1908 أصبحت الأراضي السّنية ملكا للدولة» 


6( ,م ,مط نجأه] نا تنه مأجرك مز وأعنه 138 بالموط اسع 
زفق 91-2 .مم «رلإمنامع© طاععتعصلل! عط صا مموا] عط غه بمامدمقءه عطاك بامععهالا 
2138 


اكيس ميد 


وجرىء تحت الانتداب الفرنسي» نقل جزء كبير من ملكيتها إلى مشايخ القبائل 
أو إلى رجال ذوي مال أو نفوذ. وأدى التغير في الملكية إلى هبوط في حظوظ 
المستأجرين9. 


اختلف فلاحو الجبال في أفعالهم وردّات أفعالهم عن فلاحي السهول. 
وما ميّز الفلاحين الجبليين هو براعتهم في استخدام الأسلحة وميلهم إلى 
الإغارة أو المقاومة المسلّحة ضد الحكومة. كان هذا صحيحًا خصوصًا فى 
حالة الفلاخين الجبليبن الذين شكلوا جماعات مغلقة نسبيًا وذات تقليد 
طويل من الاستقلال الذاتي» كالدروز في جبل العرب. أو غيرهم ممن كانوا 
يميلون إلى العزلة الإثنية والتركّز في مناطق معينة» على الرغم من أنهم أقل 
اندماجًا وأكثر تمرِّقًا من الدروز بفعل العوامل العشائرية» مثل العلويين في 
الجبال الساحلية. وفىي ما عذا فترة الاحتلال المصري لسورية 
(1840-1831): كان يحكم أولئك العلويين» في العهد العثماني» شأنهم 
شأن الدروزء زعماؤهم» على الأقل حتى عام 1858» عندما وقعوا تحت 
حكم تركي مباشر مزعزع ومتقطع. 

انخرط الفلاحون الدروز منذ بداية القرن التاسع عشر حتى الثورة السورية 
الكبرى (1927-1925) في ما لا يقل عن ثماني عشرة غارة كبيرة على القرى 
في حوران أو انتفاضات مسلحة أو مواجهات عسكرية ضد المصريين أو 
العثمانيين أو الفرنسيين”. وفى الفترة ذاتهاء تحدّى الفلاحون العلويون الحكومة 
القائمة» أو رفعوا السلاح ضدهاء في ثلاث عشرة مناسبة مختلفة على الأقل29. 


(8) انظر: ,0001ل 0:0 مأجترك درأ كرو |لاء5 0ه كلعدرملة ,كأبعا 

وعبد الله حناء القضية الزراعية والحركات الفلاحية في سوريا ولبنان: القسم الثاني 
(1945-1920) (بيروت: دار الفارابي» 1978): ص 39 - 43. 

(9) حصلت الأعمال المسلحة في أعوام ٠1837‏ 1851. 1860. 1876 1877 1880 
1.» 1890. 2.1893 1894. 2.1895 2.1896 2.1897 2.1901 1903. 1906 4910 
1927-5؛ أبي راشدء جبل الدروزء ص 100-6؛ محمد كرد علي» خطط الشام؛ 6 مج (دمشق: 
[د.ن.]ء 1928-1925)»: مج 3 ص 110-101» وعبد الله حناء القضية الزراعية والحركات الفلاحية 
في سوريا ولبنان: القسم الأول (1920-1820) (بيروت: دار الفارابي» 1975): ص 159 وما يليها. 

(10) في أعرام: 1806. 218111808 1815. 1834 01844 1852 1855. 1858. 
00 41921-0: 


219 


كان ثمّة ارتباط واضح بين القلق أو التمرّد والابتداع الديني. لكن لا بد 
على الرغم من أصلهم الجبلي» صاروا مع الوقت أقل حدّة وقسوة وأكثر 
خنوعا من علويي الجبال. 


صحيح أن هناك عناصر في الأديان الابتداعية تميل إلى تشجيع الصفات 
أو العواطف الملازمة للحرب. فعلى سبيل المثال» يغرس الإيمان الدرزي 
لدى المؤمنين به فضيلة الشجاعة. يقول حمزة» أول مرشد للدروزء في إحدى 
رسائله «معشر الإخوان من خشى من بشر مثله سلّط عليه. وإن الموحد 
الديّان» بتوحيد مولاه» شسجاع غير جبان»'". وإيمان الدروز بأن مدة حياتهم 
مقررة سلمًا على نحو مُبْرّمم وأن روحهم ستنتقل عند الموت إلى جسد آخر 
إنمًا يعزّز شجاعتهم. وقد يفسر ذلك إلى حد ما عاداتهم العسكرية وحبهم 
للقتال. لكن تمرّس فلاحي جبل الدروز بالحرب يضرب جذوره في تعرضهم 
الطويل للمخاطر وصداماتهم المتكررة مع البدو المحاربين. وفي أيام 
العثمانيين» كانوا يحرثون الأرض والبارودة على أكتافهم» كما تشير مؤرّخة 
درزية”*"©. لكن العامل الذي عمل لمصلحتهم أكثر من أي عامل آخرء ومكنهم 
من تحدي الحكومة ومقاومتها بنجاح هو غالبا وعورة تلك الأجزاء من البلد» 
التي عاشوا فيها وقاتلوا» وقسوتها وبعدها عن مراكز سلطة الدولة. ويمكن 
قول الكثير من هذا القبيل عن العلويين الجبليين الذي حمتهم الطبيعة على 


انظر : :32-33 .مم ,(1900] ,قهالأده8 .خآ تكامة©) عارزوعمل[ عمل «روزعناه: اء عجزماكة11 ,لناهكدنانا غمع] 

امعطمفعء لتة كنامنامعء]” اممضدعء© للأععاعمتل! ع هذل ممسمط غطا كه بماممكدعط 116 ,أمععمكا 

!840-186(١ 16‏ أ«أاععاوط تنه مأجرى دز بلع تتمجره01 توهلا عطوملة :62 له 49 .مم «مومكدمتعء0 

دنةنا اللا لسه ,109-11 .مم ,(1968 ,8 وسملدعمهات نو0نما) برإماعم3 مره عع اتام جره أواعدمة1 عدا كه اعمترمر1 

«[ادرععاء ال( 1116 جاممطا عالاوثاط عطا ءا «مزامعاتتع 100( ل[ ععاا«واعه8 ,.كلء ,عامط .آ لمقطءنظ لمة عتامط 

370-71 .مم ,(968] ,جوع مومعتطك أه نزاتد حادملا بمعمعتة0) دمن 

كرد عليء خطط الشامء مج 3. ص 27؛ وحناء القضية الزراعية» القسم الأول» 

ص 162» وعبد اللطيف يونسء ثورة الشيخ صالح العلي» ط 2 (دمشق: منشورات وزارة 
الثقافة» زد. ت]). 

(11) الرسالة 2.35 استشهدت بها: «(ء11 /ه برفما5 مولز 4ه :عمصص2 +77 ,متلععدا! دادم .31 داولا 

22 .م ,(1984 ,المظ .3 .ا تمعلاعا) راواعم3 ره [انه مك2 

2012 132 .م مشقتط] 


220 


نحو مشايه من الهجمات المفاجئة. وعاشوا فى مناطق اتسمت بارتفاعات 
حادة شديدة الانحدار ووديان ضيقة عميقة. 


كان كثيرٌ من انتفاضات الدروز والعلويين مسألة دافع طبيعي أكثر منها 
مسألة تنظيم مدروس. وغاليًا ما كانت هذه الانتفاضات تؤدي إلى نتائج مفردة 
مستقلة» بمعنى أن نتيجة ثورة سابقة لم يكن لها عادةً تأثير في الثورات 
اللاحقة. وعلاوة على ذلكء فإِنّ معظمها كان سلبيًا بطبيعته. وبعبارة أخرى» 
كانت تلك الانتفاضات توجه ضد أخطاء معينة أو مطالب مرهقة محددة. كان 
الفلاحون يكرهون الضرائب من كل نوع؛ باستثناء الزكاة. أما ما كانوا يمقتونه 
أكثر من أي شيء آخر فهو التجنيد. وكما عبّر شيخ علوي عن الأمر في عام 
0 : «مهما كانت الضرائب ثقيلة فهى لا شىء بالمقارنة بقصلنا عن 
أبنائنا»”*"». واشتدت الثورات ضد الدولة في النصف الثاني من القرن التاسع 
عشر لأن جهدها لتعزيز قدراتها الضريبية أو التعبوية اشتدٌ أيضًا. كانت 
الحكومة في عيون الفلاحين قوة شريرة» معتدية تحصل على إيراداتها بطريقة 
غير شرعية. وكان عَقَال الدروز يعتقدون أن «أموال الحكام والأمراء حرام فلا 
يأكلون شيئًا من طعامهم ولا من طعام خدمهم2*". وكان المشايخ العلويون 
يحملون الاعتقاد نفسه. فيقول الشيخ علي سلمان, والد الشيخ صالح العلي 
قائد الثورة العلوية (1921-1918): (إنني لم آكل في حياتي كلها مع رجل 
موظف خشية أن يكون قد ظلم أحدًا من الناس)*29. 

نَجَمّ بعض الثورات في جزء منه عن الاختلال بين عدد السكان الكثيف 
وندرة الموارد فى الجبال. ومن المؤكّد أنْ هذا العامل كان حاضرًا فى الثورة 
التي قادها الشيخ صالح العلي*". وبالمثل» وقف جوع فلاحي جبل الدروز 
للأرض وراء قذَّرٍ كبير من تمرّدهم. ففي مواجهة إنذار عثماني في عام 1876 
أو نحوه لدفع الميري وإعادة سبع عشرة قرية اغتصبها الدروز من فلاحي 

(13) مسري «عااصمل! زه كاعء5 اقعع3 هذا ها للعة| 4 رأف ءاءهاهدا مضه اعم بعصا 776 رعلنيآ اعناسمد 

7 مم ,(1853 ,[.طع .مع :هملمما) 

(14) كرد عليء خطط الشام» مج 6. ص 267. 

(15) يونسء ثورة الشيخ صالح العلي» ص 67» ملاحظة 1. 

(16) المصدر نفسهء ص 212. 


221 


ال هد 


حوران» رد الشيخ أبو علي الحناويء الناطق باسم الدروز: «أما الأموال 
الأميرية» فإنها تدفع بطيبة خاطرء لأنها كزكاة أموال؛ [...] أما تسليم القرى 
لأصحابها. فهذا أمر لا تقبله العشائرء فكما أخذناها نحن بالسيف. فليأخذوها 
هم بالسيف أيضًا. وإذا أردتم أن تستلموها بالقوة فسنسلمها بعد أن نروي 
ترابها بالدم؛ وإذا مشيتم علينا فلا نقابلكم, إلا بالبارود» واليوم المقروض»6”". 

شكل الفلاحون على الدوام أغلبية القوات المتمردة في جبال الدروز 
والعلويين» لكن الدور القيادي كان» مع استثناءات قليلة» لزعماء العشائر. كان 
بعض الثورات في الواقع من شأن أولئك الزعماء أساسّاء ومنفصلًا بوضوح 
عن مصالح الفلاحين. والمثال النموذجي على ذلك هو الاضطراب الذي أثاره 
نحو عام 1854 زعيم أقل شأنًا من عشيرة المتاورة العلوية»؛ هو إسماعيل بك 
الذي ادعى لنفسه قدسية خاصة ولقب نفسه بمشير الجبل» وبسط سلطته على 
العشائر العلوية الأخرى» وحصل على اعتراف العثمانيين به حاكمًا للمنطقة» 
وانتهى به الأمر مستبدًا صغيراء يسلب الفلاحين ويغنى أصدقاءه. لينتهى به 
الأمر معلقًا من رقبته في دمشق في عام و2185 0 1 

كان لبعض الثورات الريفية الأخرى خصائص الأعمال الطائفية» وكانت 
موجهة لمصالح طائفيّة. ففي القرن التاسع عشر انخرطت الطائفة الدرزية كلّها 
في الجبل بمقاومة محاولات الحكومة المتكررة القيام بتسجيل الرجال 
للخدمة العسكرية الإلزامية. وبالطبع» ارتدت هزيمة هذه المحاولات بالفائدة 
على الفلاحين وزعماء العشائر. 


كان قادة الثورات أحيانًاء في أصلهم على الأقل » قريبين من الفلاحين؛ أو 
ليسوا أعلى منهم على نحو ملحوظ في وضعهم الاقتصادي أو مكانتهم 
الاجتماعية. مثال على ذلك إسماعيل الأطرش «(المتوفى في عام 1869)) زعيم 
الحركة ضد آل الحمدان الذين توارثوا المشيخة والزعامة في جبل الدروز منذ 


(17) أبى راشد» جيل الدروزء ص 100-99. 
(213 ,33-38 .مم بكتئودم/ة ععل «مأوذاءع؟ له عجاماىة] ,لناوؤسساط 


وعبد الكريم غرايبة» سورية في القرن التاسع عشرء 0 -1876 (القاهرة: دار الجيل» 
1962-1).: ص 113 


202 


أواخر القرن السابع عشر. واستنادًا إلى مخطوطة من تلك الفترة مجهولة 
الكاتب؛ لكنها دُونَت بقلم خوري مسيحي مناوئ» فإن إسماعيل الأطرش «الم 
يتحدر من عائلة مهمة مثل آل الحمدان» بل كان في البداية راعي قطيع» يؤجر 
نفسه على أساس سنويء وأثبت في ما بعد أنه رجل شجاع ومن بين أشدّ قطّاع 
الطرق في البلد عزمًا”'". يربط كاتب من القرن العشرين أسلاف إسماعيل - 
استنادًا إلى معلومات قدمتها المصادر الدرزية أو عائلة الأطرش كما هو واضح 
- بعبد الغفار» وهو أحد سكان قرية تلتيئة في منطقة حلب ومن نسل الشيخ 
علي العكس الذي كان يومًا ما مقدمًا أو رئيسًا إداريًا للجبل الأعلى. ويزعم 
الكاتب نفسه أن سلالة عبد الغفار استقرت أخيرًا في جبل الدروزء ومنحها آل 
الحمدان ثلاث قرىء بما فيها القريًا التي شغل منصب المشيخة فيها إسماعيل 
الأطرش عندما حقق الهيمنة في منتصف القرن التاسع عشر بفعل مآثره ضد 
البدو وتحديه العثمانييه20. 

أيَا تكن الحال» عندما تحدى إسماعيل فى ما بعد سلطة آل الحمدان» 
اعتمد لتحقيق هدفه على شعور متنام بعدم الرضا بين الفلاحين. فتحت سلطة 
آل الحمدان المتأخرينء كان الفلاحون يعاملون مثل «العبيد»» وكان من 
الممكن أن ينقلوا من قرية إلى أخرىء أو أن يطردوا من الجبل كله» بحسب 
مشيئة آل الحمدان. وكان الفلاحون والمشايخ الأقل شأنًا أيضًا يدفعون 
الجزية» وكان على الفلاحين المسيحيين أن يدفعواء علاوة على ذكور 
مواشيهم؛ عشرة جنيهات عثمانية عن كل ابنة مسيحية تريد الزواج'. ونجح 
إسماعيل الأطرشء مسنودًا بالفلاحين والعشائر الأقل شأناء فى إنهاء زعامة آل 
الحمدان بين عامي 3 و1857 إذا ما كانت رواية حديئة عن تلك 


(19) مخطوطة مجهولة المؤلف في مكتبة الجامعة الأميركية في بيروتء ربما يكون كاتبها 
الكاهن ميخائيل صفير» بعنوان كتاب الأحزان في تاريخ واقعات الشام وجبل لبنان (غير منشور. 1860) 
ص 11. 

(20) أبي راشد: حوران الدامية» ص 180-179 جبل الدرور؛ ص 51 و243 - 244. لمعرفة 
تفاصيل أخرى عن إسماعيل الأطرشء انظر: عباس أبو صالح وسامي مكارم, تاريخ الموحدين الدروز 
السياسي في المشرق العربي (بيروت: [المجلس الدرزي للبحوث والإنماء]» [د.ت.]): ص 290 وما 
بعدها. (لكنه منشور فى السبعيئيات). 

(21) أبي راشد جبل الدروزء ص 94. 


223 


الحوادث صحيحة2©. واستنادًا إلى رواية أقدم» جاءت الضربة القاضية 
لديم ف مناه 9 عندما وقعت عاصمتهم» السويداء» بين يدي ابن 
إسماعيل؛ إبراهيم الأطرش3©. 

بيد أنَّ أحوال الفلاحين ساءت في أثنا ء صعود عائلة الأطرشء» ولا 
سيما بعد أن أصبح إبراهيم شيخ المشايخ. أولاء لأن الضغط على الأرض 
ازداد مع وصول مهاجرين دروز جدد إلى الجبل من لبنان. وثانيّاء لأن 
عائلة الأطرش مالت إلى الاحتفاظ بجزء كبير من الأرض في القرى التي 
استولت عليها من الحوارنة» أو التي ا ستقرّت فيها حديثًا في الجزء الجنوبي 

من الجبل» حيث وجد فلاحون كثيرون أنفسهم من دون قطعة أرض خاصة 
بهم» وانحدروا إلى محاصصين ليس غير. ولم يكن لدى آخرين» حتى في 
قرى قائمة منذ زمن طويل» ما يكفي من الأرض ليعيشوا منها. وعلاوة على 
ذلكء كان نوع من العمل القسري في الحقل أو في بيت الشيخ ينتزع من 
الأسرى تحت اسم القرعة» وظلت الممارسة القديمة المتمثلة بطرد 
الفلاحين من أراضيهم بحسب مشيئة المشايخ من دون تعويض قائمة 
بالفعل. واحتفظ المشايخ لأنفسهم بالحق في الاحتفاظ بالمضافات أو 
باللبس على نحو مميزء إلى حد يقال معه إن أحد المشايخ قتل فلاحًا لأنه 
لبس حذاء حلبيًا من المخمل الأخضر في اجتماع عامء لأنْ ذلك كان 
امتيازًا للشيخ 2 ©. 

كان من شأن كل تلك الأمور أن تؤدي إلى نوع استثنائي من الثورة 
الريفية ‏ أو الفعل الطبقي الغاضب - ما عاد الفلاحون فيه كما في الماضي» 
مجرد أدوات» بل نزلوا بقوة إلى الميدان مقاتلين من أجل قضية هي قضيتهم 
وساعين إلى أهداف كانت دائمًا عزيزة على قلوبهم. كان هذا العمل الثوري 


(22) أبو صالح ومكارم, تاريخ الموحدين» ص 295. 
(23) أبي راشدء جبل الدروز» ص 97 - 98. [في الحقيقة ترد هذه المعلومات في ص 52 من 
الكتاب المذكور [المترجم] 
(24) انظر: حناء القضية الزراعية والحركات الفلاحية في سوريا ولبنان: القسم الأول» ص 177؟ 
أبو صالح ومكارم؛ تاريخ الموحدين» ص 297» وأبي راشدء جبل الدروز» ص 103. انظر أيضًا: ,كاسما 
2 .ممصمل سه واسرك جا ع [الاعك كانه كل منرملا 


224 


19م 


المختلف هو ثورة العامية 1890-1889. وكانت الثورة الوحيدة المشابهة 
لها في سورية الكبرى في القرن التاسع عشر هي ثورة الفلاحين في منطقة 
كسروان في لبنان ضد أسيادهم الإقطاعيين في فترة 1859-1858 5©. 

كانت مقدمة ثورة العامية سلسلة من الاجتماعات السرية التى عقدها فى 
عام 1889 زعماء العشائر الأقل شأنَاء وسعوا فيها إلى توحيد صفوفهم ضد 
الشيخ الأكبر إبراهيم الأطرش الذي كان العثمانيون في هذا الوقت قد عينوه 
رسميًا نائب الحاكم والمدير الإداري الفعلي للجبل. ولدى وصول أخبار هذا 
الاجتماع إلى شبلي» شقيق إبراهيم الذي كانت أهدافه مغايرة لأهداف أخيه. 
بدأ يثير مشاعر الفلاحين؛ على أمل أن يضع نفسه على رأس الحركة الوشيكة. 
لكن شبلي لم ينجح في إثارته للفلاحين إلا في أن يُخرج إلى السطح تلك 
النقمة على آل الأطرش التى كانت تجيش منذ زمن طويل. ولمفاجأته» انقلبوا 

عليه وعلى عائلة الأطرش كلها. في البداية اندلعت التار في جنوب اللجبل كله 

حيث تتركّز قوة آل الأطرش» لكن ألسنة لهب ثورة العامية انتشرت إلى الشمال 
عندما نجح الفلاحون في طرد المشايخ الأكثر اعتبارًا من غير آل الأطرش من 
قراهم وجرّدوهم من ملكيتهم. 

في ذروة ثورة العامية» ويما أن إبراهيم الأطرش وغيره من المشايخ 
أخذوا يفكرون في طلب العون من العثمانيين» تدخل العقال خوفا من فقدان 
جبل الدروز وضعه الخاص المستقل ذاتيّاء وعرضوا التوسط في النزاع. وافقت 
عائلة الأطرش وبقية المشايخ» في تسوية ‏ تم التوصل إليها في خريف 1889» 
على التنازل عن بعض امتيازاتهم؛ عفرا يجن اناي لي ريل خاصة 
بهم. لكن الفلاحين استأنفوا ثورة العامية في ربيع 1890 لأنهم استشعروا أن 
المشايخ لم يكونوا جادين في تنفيذ اتفاقهم. 

كان الفلاحون واضحين في مطالبهم الرئيسة. فقد سعوا إلى خفض حصة 
الشبخ من الأرض في كل قرية إلى الشمنء وإلى توزيع الباقي على الفلاحين. 


(25) في شأن ثورة كسروان الزراعية؛ انظر: أنطون ضاهر العقيقي؛ ثورة وفتنة في لبنان: صفحة 
َ جهولة من تاريخ الجبل من 1 إلى 1873» تحرير يوسف إبراهيم يزيك (بيروت: الطليعة» 1938): 
ص 419. 


225 


كما طالبوا بالحق في تعيين رؤساء قرى يستجيبون لحاجاتهم ومصالحهم. 
وأرادواء علاوة على ذلك» وضع حد لممارسات الشيخ التسلطية» ولا سيما 
قدرته على إخلاء الفلاحين من حيازاتهم. 

بلغ النزاع المسلح ذروته في معركة عين المزرعة قرب السويداءء وفيها 
فاز الفلاحون. وفرٌ مشايخ آل الأطرش إلى دمشق مفضلين» كما عبّر شبلي 
بإيجاز في إحدى قصائده» «الموت بيد السبع المجنزر [الدولة العلية العثمانية 
التي تقيدها القوى الكبرى] على الموت بسم الحية [أي جماهير الفلاحين ]0900 
عند هذا المفترق» أرسلت الحكومة التركية» مستغلة انعطاف الحوادث 
لمصلحتها النهائية» قوة كبيرة إلى الجبل احتلت السويداء وأغرقت ثورة 
العامية بالدماء. لكن الفلاحين الدروز لم يخسروا مكاسبهم كلها. وأصبح 
كثيرون منهم أصحاب ملكيات صغيرة» وصار المشايخ في قرى كثيرة 
لا يحتفظون إلا بشُمن الأرضء مع أن آخرين» مثل شبلي الأطرشء احتفظوا 
بما يصل إلى الربع» واحتفظ آخرون بأكثر من ذلك. لكن سلطة المشايخ على 
الفلاحين استعيدت©. 

لم تأت المحاولة التمردية الوحيدة الأخرى ضد زعماء آل الأطرش» 
التي انخرطت فيها العناصر الفلاحية» إلا بعد ذلك بوقت طويلء في عام 
7 بعد تحقيق سورية استقلالها. قبل ذلك كانت تحصل في جبل الدروز 
انفجارات كلامية دورية لمصلحة نقل الولاء من سورية إلى شرق الأردن» 
مترافقة مع عدم رضا آل الأطرش عن توزيع المعونات والمناصب الإدارية 6 
ويققال إن الرئيس شكري القوتلي؛ ممثلا حكم القلة التجارية الد مشقية التي 
تسيّر الجمهورية السورية؛ دفع المحاصصين الدروزء بعد أن أقلقه هذا الكلام» 


(26) استشهد بها: حناء القضية الزراعية؛ القسم الأول» ص 180 و195. لا بد أن يسترعي 
الانتباه الانسجام بين وصف شبلي للفلاحين ووصف بلزاك لهم (انظر أعلاه). 
(27) أبي راشد؛ جبل الدروزء ص 103-100؛ حناء القضية الزراعية» القسم الأول» 
ص 4183-5 أبو صالسح ومكارم: تاريخ الموحدين؛ ص 297 - 4300 هيثم العسودات؛ انتفاضة 
العامية الفلاحية في جبل العرب (دمشق: [د.ن.!] 1976)) و 4ه مامرد جا 000 ننه كلمهادمل/! ,كابعآ 
92-93 .مع ,المتصول 
(28) ها بالصاء8 ,انمتادوعآ لأذتا8 ,علمطك ,371/52889/2571/89 50 ,م0111 لهاععه] ممتمالء8 أوعم0 
.3/1946 ,سالاء8 امعط 


216 


إلى ثورة ضد ملاكي أراضيهم من آل الأطرش. وبعد حرق بيوت آل الاطرش 
في عدد من القرى وخوض معركة غير بعيدة عن معقلهم في القرياء أخضع 
المحاصصون2”7. 


أما في ما يخص الثورة السورية الكبرى (1927-1925). فلا شك 
أن الفلاحين الجبليين في جبل الدروز والفلاحين البستانيين في غوطة 
دمشق شكلوا العماد الريفي للشورة» وتحملوا عبئها الرئيس. علاوة على 
ذلك. وبقدر ما يتعلق الأمر بالغوطة على الأقلء تبيّن الأدلة المتوافرة أن 
الفلاحين مالكي الأرض عموماء لا الفلاحين المحرومين من ملكية 
الأرضء هم من دعم الثوار بأقوى قوة: جميع القرى التي هبّت إلى 
السلاح» أو ساهمت في الثورة بالرجال والإمداد» بموافقتها أو من دون أي 
إكراه واضحء هي قرى كانت ملكية الأرض فيها موزعة على نحو واسع؛ 
أو تتميز بسيطرة فلاحين مالكي أرض مستقلين09©. ونأت قرى أخرى ذات 
سمات زراعية مشابهة بنفسها عن الثورة أو رفضت رفضًا قاطعًا المشاركة 
فيهاء وفي مثال معروف. طلب الفلاحون من الثائرين» أن يخلوا قريتهم 
خوقًا من أن يدمرها المحتل الفرنسيء لكن ذلك كان بلا جدوى.”© فضلا 


(29) ,كنمدنة؟ .8 .1 زههولهما) اعمط لقا عاذ «مل وأووسوى 186 بواسرد ره مكل ,عاوء5 عاعماوط 

.33 .م ,(1989 رككعر8 قلصمه) اله 06 بوأدوعنتمنا :برإعاعلء8) (1988 

(30) جوبر وجسرين وعقربا وعربين ورنكوس وحرستا وبرزة وعين ترما والمليحة وكفر بطنا؛ 

انظر: أدهم آل جنديء تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي (دمشق: مطبعة الاتحاد. 1960)) 

ص 2462-4612336-334 4482 488 497-495 518. 2544 573 و576. ماعدارنكوس 

وحرستا فإن جميع القرى المذكورة وضعت ضمن المناطق الريفية الملحقة بمركز محافظة دمشق, منذ 

وقت يعود إلى عام 5 .أي قبل الإصلاح الزراعي بثلاث عشرة سنة ‏ تحكم مالكو الأرض الصغار أو 

الذين يملكون أقل من 10 هكتارات ب86 في المئة من جميع الأرض المملوكة ملكية خاصة» وتحكم 

الملاكون المتوسطون أو الذين يملكون ما بين 10 و100 هكتار ب13 في المئة منها. وكانت الأرقام 

الممائلة لمنطقة دوما التي كانت رنكوس وحرستا تتبعان لها 2 في المئة و29 في المثة. تقسع هاتان 

القريتان في الجرء الغربي مسن المنطقة حيث تغلب الحيازات الصغيرة؛ انظر: سورياء وزارة الاقتصاد 

الوطنيء مديرية الإحصاء. التقسيمات الإدارية في الجمهورية العربية السورية (دمشق: مطبعة الجمهورية 

السورية. 1952): ص 4 - 5 و10. انظر أيضًا: عناوتالاهم اء عمذتعمم) عمرم]غ8» ,كتسوسداظ عممقا ةا عمممة 

.7 .5 ,(1980 ,11 صمنيط غاتوع امنا رعاعلزء عدسؤلؤزمها عل عوغطا) «رمقتصوط عل قانامط0 ذا كصقل عامعايهه 

(31) على سبيل المثال؛ بقيت قرية منين وقرية مرج السسلطان الشركسية منعزلتين؛ كانت القرية 
الأخرى هي كفر سوسة؛ انظر: على التوالي ص 359 و437 و384 و356. 


227 


67 


عن ذلكء إذا ما كان مخبرو الاستخبارات الفرنسية واسعي الخيال موثوقين» 
ففي بعض القرى غير المحددة؛ ذُفِعَ المحاصصون إلى الثورة بوعود توزيع 
مزارع الوجهاء المؤيدين للفرنسيين عليهم., إذا ما نجحت الثورة في 
النهاية02©. 

كان لدى الفلاحين مالكي الأرضء بحملهم السلاح» ما يخسرونه أكثر 
من الفلاحين المحرومين من ملكية الأرض. أما لماذا اختاروا - حيث كانت 
لهم القدرة على الاختيار - أن يرموا بسهمهم إلى جانب الثوار» فهو سؤال 
لا يمكن الجواب عنه بثقة» لأنه ليس من السهل الآن الدخول في دوافعهم. 
لكن من المعقول القول إن سوء المحصول المؤلم في عام 231925 
والتقلبات الحادة في سعر الفرنك الفرنسي الذي ربطت العملة السورية به 
(كان سعر صرف الليرة السورية في كانون الثاني/ يناير 1923 بالمتوسط 
9 دولار» و95 سننًا في عام 1924» و1.08 دولار في عام 1925» 
و75 سننًا في عام 1926)*» وما ارتبط بذلك من زيادة تقارب الضعف في 
ضريبة الأرض**2» والكفاءة التي أصبحت الإيرادات تجبى بها (وهي كفاءة 
غير مسبوقة مقارنة بطرائق العثمانيين غير المنهجية)» والارتفاع الذي لا مفر 
منه في تكلفة الاثتمان» لم يكن لهما إلا أن يُعرّضا للخطر سيطرة الفلاحين 
مالكي الأرض الصغار على بقعهم من الأرضء وربّما كانت عاملا في دفع 
كثيرين منهم إلى ذراعي الثورة. وفي حين ارتعب بعض الفلاحين من البعثات 
التأديبية عديمة الرحمة ومن القصف الجوي والمدفعي الذي قام به 
الفرنسيون في عام 1926 على قرى الغوطة:؛ فإِنَ ذلك كله دفع آخرين إلى 


(2 3) -1920 ,«كالوممةاولة طمدا زه يو التامط 11 نءاوتماط لءنع17 ج[1 تنه وأسزى ,تصسمطك! ,5 متلتطم 
215 .م ,(1987 بجوععط بزالومء الصا وماأءعصلوط تممأععووط) 1945 


(0) 01014 نلاملهما) عادفاتماا تعدع علض طعا مجه وأجزك رععتمهودمآ بإعافص1آ! معطمعة 
.58] لهه ,155 ,مم ,(1958 ,جوعع2 برزازومع لالدلا 


(34) استنادًا إلى أرقام في: سعيد حمادة. النظام النقدي والصرافي في سوريا (ييروت: المطبعة 
الأميركانية. 1935)» ص 727» وبدر الدين السباعيء أضواء على رأس المال الأجنبي في سورية 
(1958-1850)(دمشق: [د.ن.أء 1967)» ص 110. 

(5 3) .213 .م ,ءام لماة تأعمء! عذا #انه وتسترى ,لمسمط] 


228 


قضية الشوار60) الوك تر كن في دكات الفلاحين فى القرى 
الأقرب إلى د مشق أن يبقوا في منأى عن عداء وطنيي العامة للثر يي 
الذي وجد جذوره في التقسيم الإلزامي لسورية الطبيعية» وتجزثئة بقاياها 
على أسس دينية أو طائفية وخسارة الكثير من منافذها على البحر المتوسط 
وفصلها عن أسواقها الطبيعية في تركيا والعراق وفلسطين والسيطرة المتنامية 
للشركات الفرنسية على اقتصادها!”©. 

ضُرب فلاحو جبل الدروز بقسوة أيضًا نتيجة التأثيرات المتراكمة للجفاف 
الشديد وانخفاض قيمة العملة وثقل المطالبة بالضرائب. غير أنه ينبغي عدم 
البحث عن أصل تمردهم في المشقات التي عانتها طبقتهم فحسب. إذ تحدوا 
الفرنسيين بوصفهم أعضاء في طائفة» وبهذه الصفة كان يدفعهم أيضًا الاستياء 
من تأكل استقلالية الجبل والرغبة في احترام المحتلين الأجانب العادات 
والتقاليد المحلية وتكتيكهم المزعج بوضع العشائر بعضها ضد بعض أو 
استغلال التنافس بين العشائر والنفوذ التسلطي للحاكم الفرنسي المقيم 
واستخدامه العمل القسري على نحو لا مثيل له وعدم إعفائه من العمل في 
بالفقه والصلاح» كما حدث في إحدى الحالات!09, وعندما كان سلطان 
الأطرش» روح الثورة البارز ينتقل من قرية إلى قرية في منتصف عام 1925 
داعيًا الفلاحين إلى السلاح» كانت أول ملاحظة في مناشدته. كما يمكن 
الاسشاء من رواية موثوقة. «إنقاذ شرف الطايعه الدرزية0*. لكن همه 
الأساس ربما كان التهديد الفرنسي الصريح لنظام آل الأطرش الراسخ. ومع 


2360 ,4703/12/89 تا ,406/58/4694 0ظا ,م0116 مولعءه" ,متقائرظ أمعون 

فوغان ‏ راسل (!»وكدا20-1:اوداهل؟) إلى أوستن تشامبرلين» دمشق» 27 تموز/ يوليو 1926. 

(37) عن أسياب أخرى للشورة» انظر: عبد الرحمن الشهبندرء ثورة سورية الكبرى: [أسرارها 
وعواملها ونتائجها: تئبؤات خطيرة عن كارثة فلسطين الحاضرة] (عمان: دار الجزيرة» [1940])»؛ 
ص 42 - 53. وذوقان قرقوطء تطور الحركة الوطنية فى سورية. 1920 - 1939 (بيروت: دار الطليعة» 
5 ) ص 45-43. 1 

(38) تحديدًا الشسيخ صالح طربيه؛ الشهبندر؛ ثورة سورية الكبرى» ص 52» وأبو صالح ومكارم» 
تاريخ الموحدين» ص 322-320. 

(39) الشهبندرء ثورة سورية الكبرى» ص 58 - 59. 


229 


ذلكء كانت له اتصالات بالعناصر الوطنية منذ عام 1916 أو قبل ذلك» أي 
بعد ست سنوات أو نحوها من شنق والده على يد الأتراك» وأبدى فى أثناء 
الانتفاضة قدرة على الارتفاع بالروابط ذات المنظور المحلي الضيق وعلى 
ربط شكاوى الجبل بشكاوى البلد كله. 


هل شارك الفلاحون. على أي مستوى» في دور قيادي في أي مرحلة من 
التمرد؟ على المستوى الأعلى» ظلت الوظائف التوجيهية والتنسيقية» على 
الرغم من عدم انتظام ممارستهاء في أيدي سلطان الأطرش والوطنبين المؤثرين 
من مثل عبد الرحمن الشهبندر» وهو طبيب من عائلة من التجار المتوسطين 
وكان القلب الحقيقى لحركة الاستقلال فى دمشق. والرجل الوحيد ذو الأصل 
المتواضع الذي شكل حلقة مهمة في سلسلة القيادة العملية البعيدة عن الصقل 
هو حسن الخراطء» وهو قبضاي أمّي وحارس بساتين من حي الشاغور في 
العاصمة. واستنادًا إلى الشهبندرء كان الخراط «اشتراكيّاة فى الممارسة وأدّى 
«أعظم الأدوار» في معارك الغوطة©. ١‏ 

لكن الفلاحين الأغنياء أو زعماء القرى أو أبناءهم هم الذين قدّمواء في 
بعض الأمثلة على الأقل» القادة الميدانيين أو المباشرين لجماعات الفدائيين 
الريفيين2. وكان ثلاثة من أولئك القادة الذين حققوا شهرة محلية ينتمون 
إلى عائلة من الفلاحين الأغنياء من دوما”». 


كان الفلاحون؛ من بين جميع الطبقات» هم من عانى أشد المعاناة من 
ثورة 1927-1925. فتتيجة القصف الفرنسى المتكررء والغارات العقابية 


(40) قرقوطه. تطور الحركة الوطنية,» ص 61- 63؛ و 8 ,406/46/4694 20 ,منهاء8 مم0 
,4408/117/89 

بالمر إلى الإيرل كيرزون» 25/ 1921/3. 

الشهبندر ثورة سورية» ص 72. 84 و93-91. سقط الخراط الذي ولد في عام 1861 
في القتال في كانون الأول/ ديسمبر 1925؛ قرقوط» تطور الحركة الوطنية؛ وآل جنديء تاريخ الثورات 
السورية» ص 354. 

(42) على سبيل المثال» زعماء قرى برزة والمليحة وابن زعيم عين ترما ومخاتير عسال الورد 
وعين التيئة؛ آل جنديء تاريخ الثورات السوريةء ص 461 495؛ 518» 556 و575. 

(43) يونس الخنشور الذي أصبح في ما بعد نائبّاء وأحمد ورشيد الخنشور اللذان قتلا في الثورة؛ 


معروف زريقء تاريخ دومة (دمشق: دار الفكرء 1986)» ص 123 و195-194. 


2130 


اك سيد 


وأعمال النهب التى قامت بها الطوابير الفرنسية» والمطالب الملحة من طرف 
المجموعات الثائرة الأقل حسًا بالمسؤولية آل كثيرٌ من فلاحي الغوطة إلى 
الخراب وفقدوا بيوتهم ومحاصيلهم وقطعانهم وأمتعتهم المنزلية”*». ولم تكن 
العواقب على فلاحي جبل الدروز أقل خطورة من حيث خسارة الأرواح 
والممتلكات57", وفي الوقت ذاته» قرّبت الشورة فلاحي منطقتين بعضهم من 
بعضء على الأقل على المستوى المعنوي» ولو كان نتيجة معاناتهم وتضحياتهم 


)(44) ,4703/12/89 خآ ,406/58/4694 0" بمتهاكء8 غ6 
فوغان ‏ راسل إلى أوستن تشامبرلين» 27/ 7/ 1926. 
045 أبو صالح ومكارم» تاريخ الموحدين» ص 351. 


231 


الفصل التاسع 
الشيوعيون والفلاحون 


لم يكن الحزب الشيوعي الذي ظهرت نواته الجنينية الأولى في 24 
تشرين الأول/ أكتوبر 1924» زراعيًا في وجهات نظره وفي جوهره”". كان ذا 
توجّه عماليّ في المقام الأول» ولم يتصور إِلّا الفلاحين في أدوار داعمة 
فحسب. لكنه» على أي حالء كان أول تنظيم سياسي حديث في سورية يُديل 
فلاحي الأرض ضمن نطاق رؤيته. ومنذ وقت يعود إلى 30 نيسان/ أبريل 
5 اعتبر «تنظيم العمال والفلاحين بالنقابات والدفاع عن مصالحهم 
المشتركة» واحدًا من أهداف الجمعية المتقدّمة التي أوقفها على قدميها". 


تعود جذور الشخصية المركزية في الحزب. فؤاد الشماليء إلى طبقة 
الفلاحين» وهو عامل تبغ سيقود الحزب حتى عام 1932. ولد في عام 1894 
لفلاح ماروني فقير في قرية سهلية في كسروان. وهي منطقة إلى الشمال 
الشرقي من بيروت تُعرّف محليًا بأنها شكلت العمود الفقري لانتفاضة 
8 -1859 الزراعية”©. وفي الحقيقة» كان اثنان من الأعضاء الخمسة في 


(1) أو ربما بدأ يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر 4 انظر: الحزب الشيوعي» قضايا الخلاف في 
الحزب الشيوعي السوري (بيروت: دار ابن خلدون للطباعة والنشرء 1972)» ص 5» ومحمد دكروب» 
جذور السنديانة الحمراء (بيروت: دار الفارابي» 4) ص 17 و1136 و مط لصقاده© جعبوعول 
3 11مألفترااعع0' أ ع0 كأمجايه أل أه7:0:0 ء[ 711 راعج ا١نماايتأوطة‏ :زود ,9-1946 [9[ ,تمطترا يبه أوء تمرك اصعوعنرماطا 


.(1970 ركعلهاءع50 كهه لالظ نوتيوط) أأودمم بنك عملم ينه كه «متتمبعمبة' | 
(2) دكروب» جذور السئدياتة الحمراف ص 265. و .105 بم ,مهطئا ننه امءتمسر امعنصمكة عا ,قهدانه© 
)3( حديث مع يوسف يزيك» أحد مؤسسى الحزبء آذار/ مارس 02 لمعرفة تفصيللات 


أخرى عن الشمالى؛ انظر كتابي : جهنملاب ناميه ءالا فته كعععمان) أدلعم5 014 716 ,ناأقاو8 قدمولط د 


2133 


ح 0 


أول لجنة مركزية استلمت القيادة من عام 5 حتى اعتقالهما على يد 
الشرطة الفرنسية في عام 1926 (بسبب نقل الأسلحة السرّي والمنظّم إلى 
الثاثرين فى جبل الدروز)» من أصل فلاحى. وكذلك كان ثلاثة من الأعضاء 
الخمسة فى اللجتتين المركزيتين الثانية”» والثالثة)» وهما اللتان قادتا الحزب 
في فترتي (1930-1928) و(1932-1930) على التوالي. كما كان من 
أصل ريفي الشيوعي الأبرز من الداخل السوريء ناصر حدة» وكان حينها 
طالبًاء وصار لاحقًا مدرس رياضيات للمرحلة الثانوية في حمص: حيث كان 
والده فلاحًا سنئيًا مسلمًا عربيًا من قرية يبرود فى منطقة القلمون©. وقد أدّى 
حدّة: الذي صعد في الحزب حتى بات مركز الحزب في عام 1930» دورًا 
في إقناع خالد بكداش* بالشيوعية في السنة ذاتهاء وكان هذا الأخير طاليًا 
دمشقيًا في الثامنة عشرة من العمر وابن موظف عثماني كردي وصار الأمين 
العام للحزب منذ عام 1937 فصاعدًا. ورأى فؤاد الشمالي» في صعود بكداش 
إلى المركز الأول وقوعًا للحزب في قبضة «المثقفين». 


كان للجذور الريفية لمعظم الشيوعيين البارزين الأوائل أثرًا في جعلهم 
ذوي حساسية تجاه مشكلات الفلاحين وظروفهم واتجاهمات مشاعرهم 


رتكأ 1111 0011) كلذ كت انه كعدكه!© أداء 00011 لاه لع0صا 014 كذ ون« زه بره0ةا3 4 نوم« كه كان «رعنوا1 
لإاتدع ناملا مماععمكظ :ل .لا بدمأععصلوط) أكمط عمعلط عطا ده كعتلن50 «ماءعسلوط ,دجعء001 ءم1 :2ه ,كاكا رط ه8 
98 .جع ,المطااً لقت أت 01 7تزى 1101071211 عط ,لتتقاناه© اء ,382-383 .رم ,(1978 ,جوععط 

(4) الشمالي وفريد طعمة؛ وهو أيضًا عامل تبغ من حيث المهنة. أما الأعضاء الآخرون فهم 
يوسف يزبك» وهو موظف في دائرة الهجرة في مرفأ بيروت» وأرتين مادايان» وهو طالب طب وابن 
صانع أحذية لاجئ من أضنه» وهيكازون بوياجيان» وهو طالب طب أسئان من زحلة؛ انظر كتابي لها 8 

3714-2 .مع ركعءدعهان أماءه5 014 11:6 

(5) الشمالي وطعمة ونسيم الشمالي؛ شقيق فؤاد. العضوان الآخران هما مادايان وبوياجيان. 

(6) فؤاد الشمالي ونسيم الشمالي وناصر حذة. 

(2) حديث مع دانيال نعمة؛ عضو اللجنة المركزية للحزب منذّ عام 1954 وعضو المكتب 
السياسي منذ عام 13 . 

(8) أكد أرتين مادايان ذلك في «ملاحظات عن تاريخ الحزب» (على شكل مخطوطة)! انظر: 
دكروب, جذور السنديانة الحمراءء ص 453. استنادًا إلى بكداش.ء أدَّى فوزي الزعيم؛ ابن الشيخ صلاح 
الدين الزعيم وابن أخي العقيد حسني الزعيم الذي قام بأول انقلاب عسكري في سورية (في عام 1949)» 
أيضًا دورًا في اجتذابه إلى الحزب الشيوعيء النهجء العدد 22 (تشرين الثاني/ نوفمبر 1973))» ووليد 
المعلم سوريا 1958-1918: التحدي والمواجهة (دمشق: [د.ن.]. 1984)» ص 100ه» ملاحظة. 


2134 


ورغباتهم العميقة. ففي برنامجهم الزراعي بتاريخ 7 تموز/ يوليو 1931 أقر 
الشيوعيون بوضوح أن فلاحي سورية «مظلومون أكثر من غيرهم؛ من باقي 
عناصر الشعب» ودعوا بإيجاز إلى تجريد (الأغنياء؟ من سيطرتهم على الينابيع 
الدائمة» وجرٌ المياه إلى القرى كلّهاء وإلغاء السخرة» وإلغاء الديون كلها التي 
يدين بها صغار الفلاحين وإعفائهم من العشر وغيره من الضرائب» وتأمين حد 
أدنى من الأجرء وساعات عمل أقل وضمان اجتماعي للعمال الزراعيين؛ 
ومصادرة أراضي كبار الملاكين والمزارعين الأجانب والبعثات الدينية وتوزيع 
عقاراتهم وأراضيهم الأميرية على الفلاحين الفقراء. واعتقدوا أيضًا بالمطلب 
الخيالي المتمثل بحكومة العمال والفلاحين في سورية". وكانوا بذلك يتبعون 
الأممية الشيوعية ليس غيرء لكن من الخطأ الافتراض أنهم أصبحوا أداتها 
العمياء. فعلى الرغم من تقديرهم للسلطة المعنوية للثورة البلشفية التي كانوا 
يحيلون عليها بحرية؛ لم يتخلواء على عكس خلفائهم» عن استقلال 
إرادتهه*". وكان هذاء كما سيبدو» سبب التدمير المفاجئع لمسيرة فؤاد 
الشمالي الشيوعية في عام 1932”". 


على الرغم من تعاطف الشيوعيين الأوائل الطبيعي مع الفلاحين في 
سورية الطبيعية؛ فإنهم لم يحققوا سوى القليل من التقدم في الريف إلا بين 
الفلاحين المسيحيين في قرية يبرود التي تمثلت خلاياهاء إضافة إلى خلايا 
دمشق وحلب وحمص والنبك» في مؤتمر الحزب الذي عقد في نيسان/ أبريل 
0 ,. وليس من الصعب العثور على أسباب هذا التقدّم البطيء. أولاء 


(9) لمعرفة نص البرنامج؛ انظر: دكروبء جذور السنديانة الحمراء» ص 516 - 518» وعبد الله 
حناء القضية الزراعية والحركات الفلاحية في سوريا ولبنان: القسم الثاني (20 19 - 1945) (بيروت: دار 
الفارابي» 01318 ص 301-298. 

(10) على سبيل المثال؛ رفضوا أن يكونوا تابعين للحزب الشيوعي الفلسطيني؛ انظر كتابي: 

.5 أظة 382-383 .70 ,كعدكه!©) ماع50 0[0 776 ,نطمنوه 

(11) من الواضح أن الثشسمالي كان يؤمن بأن الدعاية القانونية في البيئة السورية أكثر معنى من 
العمل السريء ولأنه تصرف وفق قناعاته عرّض المنظمات الحزبية للخطر؛ انظر كتابه: أساس 
الحركة الشيوعية في البلاد السورية اللبنانية (بيروت: [د.ن.]» 1935): ص 6 وما يعدها؛ و فهدابدم© 

.192-193 .رم ,تتمطاءا بنت أمء ورد انع دمعمدمالط عا 

(12) دكروب. جذور الستديانة الحمراء» ص 413. 


235 


كانت أعمالهم لا تزال ذات طبيعة متقطعة. وثانيّاء نتيجة قلة الطرق» حيث لم 
يكن ممكثًا الوصول إلى كثير من القرى من المدن التي شكلت مركز ثقل 
العمل الشيوعى. علاوة على ذلكء كانت الصوفية وتقديس الأولياء الصالحين 
لا يزالان مسيطرين على العدد الأكبر من الفلاحين. وكذلك أعاقت الخلفية 
الأقلوية لجميع القادة الشيوعيين البارزين عدا واحد منهم تقدم الحزب: كان 
ناصر حدّة هو العربي السني الوحيدء أما الآخرون فإما لم يكونوا عربًا (أرمن) 
أو كانوا مسيحيين موارنة22, 

تحت قيادة خالد بكداشء الذي تسلم القيادة في المرحلة الأولى من 
وجود الحزب القانوني ‏ فترة 1936 - 1939 أصبح الخط الزراعي للحزب 
الشيوعي غامضًا وإصلاحيًا على نحو مهاود. . وفي عام 1942» عندما دخل 
الحزب مرحلته القانونية الثانية» كان بكداش يرتد إلى الوراء ليكسب ود ملاك 
الأرض في سورية» مؤكّدًا لهم أن الحزب لا يطالب» ولن يطالب؛ بمصادرة 
أملاكهم ... كل ما يطلبه هو الرأفة بالفلاح وتخفيف بؤسه22©. وكان من 
مبررات هذا التخلى عن موقف الحزب الطبقى فرضية أن سورية ما زالت في 
ا سس كر ست لصتي وا 
الواحد؛ أكثر من التركيز على ما يفرّقهه*© 

كان استقبال هذا الخط الجديد استقبالا سيئًا بين الشيوعيين في منظمات 
الحزب المنطقية التى كانت تعى المشكلة الزراعية وتعرفها معرفة مباشرة» 
لكن اعتراضات هؤلاء وضعت جانبيًا. ومع ذلك» غالبًا ما تصرفوا بناء على 
مبادرتهم الخاصة وتفادوا العقبات التي ألقيت في طريقهم نتيجة مسار القيادة 
المتقلب» ونجحوا بين عامي 1936 و1948 في مد جذورهم بين الفلاحين 
الأرثوذكس الشرقيين في قرى صحنايا في الغوطة الغربية» وصيدنايا شمال 


(13) تستند الملاحظات السابقة جزئيًا إلى أحاديث مع عبد الله حناء 7 كانون الثاني/ يناير 
0 : ودائنيال نعمة» 13 كانون الثانى/ يناير 1990. انظر أيضًا الملاحظات 4: 5 و6. 
(14) خالد بكداشء الحزب الشيوعي في سورية ولبنان: سياسته الوطنية وبرنامجه الوطني 
(بيروت: [د.ن-اء 1942) ص 24-23. 
(15) لمعالجة أوسع لسياسة بكداش في هذه الفترة» انظر كتابي: ,كمككها© امزءم5 014 77:6 منااهله8 
583 .مم 


2136 


19م 


دمشىق» والكفرون والبشرايح ومشتى الحلو (موقع مدرسة يملكها الحزب)» 
وعين دابش في منطقة صافيتاء ودير عطية في منطقة القلمون» والمشرفة وعين 
التينة فى منطقة حمصء والسقيلبية شمال غرب حمام وعرنوق فى محافظة 
طرطوس. كما مدّوا جذورهم بين الفلاحين العلويين المنتمين إلى عشيرة 
الخياطين» ولا سيما في قرى سبة وعين بشريتي في الطرف الجنوبي من 
الجبال النصيرية وبين الفلاحين العلويين العاملين لدى ملاك الأراضى 
المسيحيين في قرى حدية وحاصور في منطقة تلكلخ. وعلاوة على ذلك» 
وجدوا لهم موطئ قدم قويًا بين الفلاحين الأكراد في منطقة القامشلي الزراعية 
الغنية التى كان الأكراد قد هاجروا إليها من تركيا بعد الحرب العالمية الأولى» 
وشكلوا فئة كبيرة في منطقة الجزيرة في المنطقة الشمالية الشرقية من سورية. 
وكان للتغير السريع الذي كانت هذه المنطقة تشهده في فترة ما بعد الحرب 
العالمية الثانية» من الرعي والزراعة البعلية صغيرة الحجم إلى زراعة القطن 
المروي وزراعة الحبوب الممكننة» أن يسهّل النشاط الشيوعي فيها9". 

لكن كثيرًا من الدعم الذي كسبه الشيوعيون في الريف والمدن تبخر 
غداة التصديق غير الشعبي لقيادة الحزب على قبول الكرملين في عام 1947 
خطة تقسيم فلسطين وما أعقب ذلك من حظر الحكومة السورية للحزب في 
7 » كان الحزب الشيوعي يعد نحو 7 آلاف عضو في عام 1943 في 
سورية ولبنان» ووصل هذا الرقم في عام 1947 إلى 20 ألف عضو في لبنان 
و15 ألف عضو في سورية» لكن قوته هبطت بحدة في عام 1949 إلى «بضع 
مئات» في كل من البلدين7©. وذهب كثير من أتباعه الفلاحين إلى تنظيم 

(16) أحاديث في شهر كانون الثاني/ يناير مع عبد الله حنًا ودانيال نعمة الذي كان مسؤولًا عن 
منظمتي الحزب في اللاذقية وطرطوس في الأربعينيات» وأنطونيوس توما عبيد من الحزب السوري 
القومي» الذي يتمتع بمعرفة أصيلة بالنشاط السياسي الريفي؛ ولا سيما في الريف العلوي. 

(17) محمد علي زرقا (علوي عربي من لواء إسكندرون» عضو في اللجنة المركزية العراقية» 
5 والياس مرقص (مسيحي عربي من اللاذقية» وسكرتير سابق للجنة المنطقية في اللاذقية» وعضو 
سابق في اللجئة المركزية السورية): محمد علي زرقا والياس مرقص» صفحات مجهولة من تاريخ 
الحزب الشيوعي في سورية ولبنان (دمشق: [د.ن.]ء 1959): ص 95 و150. 


237 


أكرم الحوراني الذي أخذ في عام 1950 اسم الحزب العربي الاشتراكي”*". 

تعرّض خالد بكداش حينها لنقد شديد فى جريدة الحزب السرية نضال 
الجعك مين عارفدوا موقفه سن الستالة النلسظكة وترجهاته الرراضة 
والاجتماعية. واستنكروا في هذا الموضوع الأخير ما قام به الحزب من 
تضحية ببعض المواقف الأساسية لا لشىء إلا ليسترضى دوائر برجوازية 
معينة» واحتجوا على أسلوب بكداش فى القيادة» مؤكدين أن قرارات الحزب 
كانت غالبا تأني من الأعلى على شكل تعليمات يجب تنفيذها من دون 
مناقشتها مسبقًا فى منظمات الحزب المختلفة... أما الرفاق الذين قدموا 
ملاحظات فكانوا يُقَابلون بطريقة عجيبة في الإقناع تمثلت بالرد الجاهز 
والقاطع: هذه وجهة نظر اللجنة المركزية!”©. كما دعا هؤلاء إلى التخلص 
من الدكتاتورية داخل الحزب”©. لكن سرعان ما استعاد بكداش قبضته على 
كوادر الشيوعيين» فكتم أصوات متتقديه أو أبعدهم عن التنظيم أو لم يترك 
لهم أي خيار سوى الخروج منه. 

غير أن بكداش ما لبث أن عكّسٌ المسار في عام 1951» فأحيى المطلب 
القديم بتوزيع أراضي كبار الملاكين» وضغط على الحزب الذي كان مستتزقًا 
جدًا في تلك اللحظة ليتحول بتصميم نحو العمال والفلاحين. واعترف أيضًا 
بأن غالبية جماهير الفلاحين الفقراء كانت بعيدة عن أذهان الشيوعيين وأن 
تجربة هؤلاء في العمل الريفي لا تزال ضئيلة7©. 

تمكن الشيوعيون في السنوات القليلة التالية من كسب فلاحين سنة عرب 
أول مرة» ولا سيما في منطقة كفر تخاريم شمال غرب إدلب*» وفي المنطقة 
الواقعة شمال شرق دير الزورء ولا سيما قرية الموحسن على الضفة اليسرى 


(18) حديث مع دائيال نعمة؛ 13 كانون الثاني/ يناير 1990. 

(19) نضال الشعبء العدد 49 (نيسان/ أبريل 1949). 

(20) خالد بكداشء لأجل النضال في سبيل السلم والاستقلال الوطني والديمقراطية يجب 
الاتجاه بحزم نحو العمال والفلاحين (دمشق؟ بيروت: [د.ن.اء 1951): ص 26. 

(21) المصدر نفسه.ء ص 17-15. 

(22) حديث مع دانيال نعمة» 13 كاتون الثاني/ يناير 1990. 


238 


من نهر الفرات التي أصبحت تعرف ب«موسكو الصغرى6”©. فهنا قاوم 
فلاحون ينتمون إلى عشيرة البوخابورء» وهي فرع من قبيلة العقيدات» بقيادة 
معلمين شيوعيين من دير الزور وأعضاء الخلايا الشيوعية في المدرسة 
الابتدائية المحلية في صيف عام 1953 الاعتداءات على أرض القرية المشاع 
من إحدى أقوى عائثلات المنطقة التي كانت تتألف من تجار حبوب أغنياء 
ومرابين وأصحاب مضخات مياه وتربطها علاقة قربى بوزير الزراعة في ذلك 
الحين. ولتحرير الفلاحين من الاعتماد على هذه العائلة» أقنعهم الشيوعيون 
بتنظيم أنفسهم في شركة عامة وشراء مضختين وجرارين من المال الذي قاموا 
بجمعه عبر الاكتتاب بأسهم من رأسمالها*©. 

قام الشيوعيون بمبادرات مشابهة أو أكثر جذرية في مناطق ريفية أخرى» 
كانوا قد تغلغلوا فيها سابقاء واستعادوا كثيرًا من قاعدتهم المفقودة في فترة 
4 - 1958 حيث نعموا مرة أخرى بالوجود القانوني. وعلى سبيل المثال» 
حرض الشيوعيون الفلاحين في قرية المشرفة في منطقة حمص على تحدي 
الاقطاعي والاستيلاء ء على محصوله”*2'» كما حرّضوهم في قرى بشرايل وحكر 
كبير في منطقة صافيتا وحدية وحاصور في منطقة تلكلخ على التوقف عن 
دفع العشر أو العمل بالشكارة» وهي مساحة محجوزة ة للوقطاعي» كان 
الفلاحون يجبرون على زراعتها من دون مقابل. ورعوا أيضًا عددًا من 
الاجتماعات الريفية لكسب ثقة الفلاحين وتوجيههم نحو طرائق أكثر فاعلية 

في الصراع وربط مشاعرهم بالأفكار الشيوعية©©. 


لكن أيَا تكن المكاسب التي حققها الشيوعيون فقد أثبتت أنها عابرة. ففي 
عام 8 ذدفعوا إلى العمل السري» وضعفوا نتيجة موقف خالد يكداش السك 
من الوحدة المصرية ‏ السورية وقانون الإصلاح الزراعيء وهذا ما جعلهم 


(23) أنا مدين لفيلود (دداء/ .©) من المعهد الفرنسيء دمشقء لأنه أول من استرعى انتباهي إلى 
الوجود القوي للشيوعيين في هذه القرية في الخمسينيات. 

(24) حديث مع عبد الله حناء 7 كانون الثاني/ يناير 1990. أنا أيضًا ممتن لحنا لأنه زودني بفصل 
عن ثورة الموحسن من كتاب قام بإعداده لكنه نفد. 

(0) الحزب الشيوعي» قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري» ص 419. 

(26) حديث مع دائيال نعمة» 13 كانون الثاني/ يناير 0. 


2139 


7 


لك ال ا و ا ل ا 
الفلاحين أو القطر عمومًا. صحيح أن حزيهم؛ أو هذا الجناح أو ذاك من 
أجنحته الأساسية» تمثل 7 010 
استعادوا فيه وضعهم القانوني» في ما عدا بين عامي 1981 و1986. عندما 
مروا بحظر وجيز. وصحيح أيضًا أنهم. فيما عدا الفترة المذكورة» شغلوا 
مقعدين من أصل المقاعد الثمانية عشر فى القيادة المركزية للجبهة الوطنية 
التقدمية التى شكلها الرئيس حافظ الأسد أول مرة فى آذار/ مارس 21972 
وأنهم فازوا في انتخابات مجلس الشعبء وهو هيئة برلمائية محدودة الصلاحية» 
بستة مقاعد في عام 1973 وبثمانية مقاعد من أصل المقاعد ال 186 في عام 
7 لكنهم لم يفوزوا بأي مقعد في عام 1981 - عندما اختلفوا مع الأسد 
- وفي عام 1986 فازوا بتسعة مقاعد من أصل 195 مقعدًا!7©. غير أن ارتباطهم 
بالنظام كان مصدر ضعف أكثر مما هو مصدر قوة» وأثرهم في السياسة أو 
الأحداث كان مهملا. 


إن العوامل التي أدت إلى فقدان الحزب الشيوعي تأثيره وقوته المعنوية 
تبقى واضحة: إذا ما نظرنا إليها الآن نظرةًٌ ارتجاعية. ومن ذلك أنَّ التقلبات 
المتكررة وغير المتوقعة والمتناقضة فى موقف قيادة الحزب من قضايا وطنية 
واجتماعية مهمة وعدم انسجامها مع ظروف الحزب كانت محيّرة ومحبطة لا 
للفلاحين والعمال فى صفوفه فحسبء بل ولمثقفيه أيضًا. وقلما كانت 
التبريرات التي تقدمها القيادة للخطوط غير الشعبية التي تبنتها مقنعة» بل كانت 
أحيانًا سخيفة» ولا تتفق مع الحقائق: فعلى سبيل المثال» حاجج خالد بكداش 
في معارضته قانون الإصلاح الزراعي في عام 1958 بأن المستفيد الرئيس منه 
هو «البرجوازية المصرية الكبرى:*2)! واستنادًا إلى زملاء بكداش القدامى 
وخصومه الحاليين» فإنه «لا يتصل بالقواعد» ولا يزورهاء كما لا يزور منظمات 


(27) الجمهورية العربية السورية» وزارة الإعلام» سورية الثورة في عامها الرابع عشر (دمشق: 
مطابع مؤسسة الوحدة» 1977): ص 21» وأحادييث مع بدر الديين السباعي. حزيران/ يونيو 1985» 
ودانيال نعمة وعبد الله حناء كانون الثاني/ يناير 1990. 

(28) خالند بكداشء. حول قضية الإصلاح الزراعي في سورية ([د.م.]: [د.ن.]» 1960)»: 
ص 42 والحزب الشيوعيء» قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري» ص 395 - 396. 


210 


الحزب» ولم يكن يعرف سورية» ولم يقم عمليًا بزيارات للتعرف على أوضاع 
الجماهير الشعبية والكادحة»*©. وأصبح الاستياء من قيادته أكثر حدة نتيجة 
عدم تحمله أبسط نقد؛ ورعايته لهالة من العصمة» وتحويل إرادته الذاتية إلى 
قانون للحياة الحزبية (كما عبر خمسة من الأعضاء السبعة في المكتب 
السياسي للحزب في عام 1972)”*» وعدم قابليته الواضحة للتخلي عن 
منصب الأمين العام للحزبء وإذعانه (حتى عام 1986) للقيادة السوفياتية 
التي قطعت. عمليًا وليس كلاميّاء مع التقليد الشيوعي الشوري. وأدّت هذه 
الأمور كلها فى السبعينيات والثمانينيات إلى انقسامات متكررة بين الأنساق 
الأرليئ كنا فى يشيقرت الكري وهو فنا أمهنية القرت ف امن الفتعلت: 
وأدى إلى #خسارة ألوف الشيوعيين الصادقين ومئات الكادرات الحزبية 
والعمالية والفلاحية المجربة».!"© 

من المثير للاهتمام أن ثلاثة من الأجنحة الخمسة الرئيسة التي تتألف 
منها الحركة الآن دعت في النصف الثاني من الثمانينيات؛ أو قبل ذلك» إلى 
«استقلاله عن الحزب الشيوعي السوفياتي». أولهاء رابطة العمل الشيوعي؛ 
التي ظهرت إلى الوجود في النصف الأول من السبعينيات» وتحولت في عام 
71 إلى حزب العمل الشيوعي. وهي مجموعة سرية رسمت لنفسها من 
البداية خطا يقوم على الكفاح المسلح ضد النظام السوريء وهناك شائعات 
بأنها كانت إلى حد بعيد بقيادة ضباط علويين في الجيشء أو أنها كانت تضم 
عددًا كبيرًا من العلويين بين أعضائها الناشطين”*©. وثاني جناح هو الحزب 


(29) الحزب الشيوعي السوري (الذي يضم مكتبه السياسي القادة القدامى يوسف فيصل 
وإبراهيم بكري ودانيال نعمة وظهير عبد الصمد وموريس صليبي ورمّو شيخو وعمر السباعي وخالد 
حمامي).؛ الحزب الشيوعي السوريء وثائق المؤتمر السادسء 29 -31 كانون الثانى/ يناير 1987 
(دمشق: لد.ن.اء 1988): ص 8., ١‏ 

(30) رياض الترك وإبراهيم بكري وظهير عبد الصمد وعمر قشاش ودانيال نعمة في تصريح نشر 
في نيسان/ أبريل 2 انظر: النهار (بيروت): 7/ 4/ 1972؛ العضوان الآخران في المكتب السياسي 
هما خالد بكداش ويوسف فيصل. 

(31) الحزب الشيوعي السوري» وثائق المؤتمر السادس» ص 152. 

(32) سمعت الشائعة الأولى في أثناء رحلتي إلى سورية في كانون الثاني/ يناير 1990. أما في 
الشائعة الثانية فكان مصدري علويًا. لكن من الصعب القول أن الشائعتين متفقتان مع الحقائق. [ليست - 


241 


الشيوعي السوري - المكتب السياسي بقيادة رياض الترك ‏ وهو من أبناء 
حمص ومحام من حيث المهنة وعضو قديم في المكتب السياسي - انفصل 
عن الحزب الأساس في أواخر عام 1973. واتبع فورًا نهجًا معاديًا لحكومة 
الأسد. وتلقى في عمليات القمع في مطلع الثمانينيات ضربات موجعة33, 
الجناح الثالث هو جناح خالد بكداش الذي أكد «الاستقلالية؛ عن موسكو 
بعقد «مؤتمر منفصل» بين 17 و19 تموز/ يوليو 1986 «بصورة متعارضة مع 
نصائح الحركة الشيوعية العالمية»» الأمر الذي «كرّس انشقاق الحزب» ولم 
يتبعه سوى ثمانية من أعضاء اللجنة المركزية ال 26» من دون أي عضو من 
المكتب السياسي.*2 وأصبح يوسف فيصل الأمين العام ل الجناح الرئيس 
الذي كان يحاول توحيد الحزبء وهو ابن صيد لاني من حمص» ودرس هو 
نفسه أيضًا الصيدلة. والجناح الأخير هو منظمات القاعدة» التي كانت ترى أن 
الحزب يجب أن تحكمه إرادة جماهير أعضاء الحزب”» ويقودها مراد 
يوسفء وهو خريج جامعة الأزهر في القاهرة» ومدرس سابق للغة العربية؛ 
وابن شركسي فقير من القنيطرة!"©. 

من الصعب تكوين فكرة عن القوة الحالية للحركة أو عن تركيبتها 
الفلاحية. ففي عام 9 »: عند انعقاد المؤتمر الثالث للحزبء وكان لا يزال 
حزبًا موحداء كان يعد نحو 5 آلاف عضوء وكان 62 في المئة منهم؛ استنادًا 
إلى تعميم من اللجنة المركزية» عمالا و«فلاحين فقراء». لكن من بين ال101 


الرابطة» ولا حزب العمل الشيوعي؛ جناحًا من أجنحة الحزب الشيوعي السوري التاريخية» كما أنَّ بقية 
المعلومات بعيدة كل البعد عن الصححّة» سواء ما تعلّق منها بالخط الذي يقوم على الكفاح المسلح أم 
بالشائعات التي تشير إلى أنها كانت بقيادة ضباط علوبين في الجيشء مع أنها بالفعل ضمّت نسبة كبيرة 
من العلويين بين أعضائها الناشطين ‏ المترجم]. 

(33) حديث مع بدر الدين السباعي» حزيران/ يونيو 1985. في ما يخص ربط رياض الترك 
بالمطالبة بالاستقلالية عن الحزب الشيوعي السوفياتي؛ انظر: الحزب الشيوعي السوريء وثائق المؤتمر 
السادس» ص 3 

(34) المصدر نفسه.» ص 191-190 و219. 

(35) المصدر نفسه. ص 220. 

(36) أنا مدين لبدر الدين السباعي بخصوص السيرة الذاتية المتعلقة بقادة الأجنحة المختلفة. 
أعيد انتخاب يوسف فيصل أميئًا عامًا للجناح الرئيس في عام 1991؛ تشرين» 21/ 1991/10. 


212 


اكيس شي 


مندوب الذين حضروا المؤتمر» لم يكن مسوى 25 في المثة عمالا و13 في 
المئة فلاحين.”* ولا يعيش أحد من القيادة العليا الحالية لجناح الحزب 
الرئيس من الزراعة» ولا يوجد إلا شخص واحد من أصل ريفي. وفي المؤتمر 
السادس للحزب الذي عقد في كانون الثاني/ يناير 1987» وجد أمينه العام أنه 
«مؤلم أن نعلن [...] إن وجودنا بين الفلاحين الفقراء ليس قويًاة وبأنهم 
امتروكين للقدر)0ة, 

لكن لا بد لأي رواية مخلصة للتاريخ من أن تبرز أن الشيوعيين ساهموا 
في الأربعيئيات والخمسينيات مساهمة مهمة في التربية السياسية لعدد مهم من 
الفلاحين والعمال الزراعيين في القلمون ومنطقة حمص والجزيرة والريف 
العلوي. 


(37) الحزب الشيوعي؛ قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري؛ ص 29. 


213 


الفصل العاشر 
الاشتراكيون العرب أو أول حزب زراعي في تاريخ سورية 


مهّد الحزب العربي الا شتراكي الدرب أمام تركيز الاهتمام على 
الفلاحين وتأكيد الأهمية الحاسمة لمشكلتهم في حياة المجتمع ككل. 
واتخذ أيضًا خطوات حاسمة في تحرير أعداد كبيرة من أفقر فئاتهم في وسط 
سورية من الإحساس المخذر بالجبرية الموروث من الأفكار الصوفية 
القديمة» وتحويلهم من كتلة سائبة مفككة إلى طبقة متماسكة نسبيًا ذات 
أهداف واعية ومحددة إلى هذه الدرجة أو تلك. وفوق ذلكء. وضع هذا 
الحزب حدًا لعزلتهم عن التيار السائد في الحياة السياسية السورية» وشق 
الطريقء ماديا ونفسيّاء أمام التغيّرات العميقة في ظروفهم الاقتصادية 
والاجتماعية التي أجراها نظام البعث. 


كان صعود الاشتراكيين العرب ونجاحهم في استقطاب الفلاحين إلى 
العمل نتاج نضوج عمليات موضوعية تطورت خلال فترة زمنية طويلة وتزامنت 
ا نتاج 0 ذاتية. 


الحزب العربي الاشتراكي. بوصفها تيارًا 0 9 ,» وكان تعبيرها 
التنظيمي الأول حزب الشباب. لكنها لم تتوجه بحزم نحو الفلاحين حتى عام 
3 عندما تبنت شعارها المركزي «هاتو القفة والكريك لنعش الآغا والبيك”". 


(1) أحاديث مع أكرم الحوراني» قائد الحزب العربي الاشتراكي» دمشق» 18 تموز/ يوليو 41958 
وبيروت» 28 شباط/ فبراير 1970؟ وياريس 15 تموز/ يوليو 1985؛ ومع شريف الراسء وهو عضو 
بارز في الحزب؛ دمشق» 16 تموز/ يوليو 98. 


205 


كيه 


وكي نفهم المعنى الكامل لهذا الشعارء من الضروري أن نقول شيثًا عن مدينة 
حماه ومنطقتها التي شهدت بدايات الحركة. 

وفمًا لما يقوله أكرم الحوراني» الروح المحركة للحزبء والذي أقتبس 
من حديث لاحق معه؛ «كانت حماه فى الأربعينيات والخمسينيات منقسمة 
بحدة: فعلى جانب وقف الذوات» وعلى الجانب الآخر وقف الشعب:©. لم 
تكن مصالح الجانبين متعارضة تعارضًا مباشرًا فحسبء بل كانت الفجوة 
المعنوية بينهما عميقة أيضًا. وكان للمدينة إرث طويل من المعارضة الشعبية. 
وتذكر الحوراني أنه قرأ في إحدى المخطوطات في مكتبة والده أن أبناء 
الشعب في القرن الثامن عشر ثارواء ونفد صبرهم» ضد بيت قرنا الذين أبقوا 
حماه إقطاعية وعاشوا على سوء المعاملة» وسحقوا جميع أبنائها على نحو 
دموي. غير أن ذلك لم يطح نظام ملكية الأرض «الإقطاعي». إذ حلّت عائلات 
أخرى محل آل قرنا. تميزت ملكية الأرضء فى شباب الحوراني (الذي ولد 
في عام 1912)» يأنها طفيلية بطبيعتهاء ومالت إلى إحداث تباينات اجتماعية 
حادة وتأبيدها: غنى فاحش في جانب وفقر تمرّدي في الجانب الآخر. في عام 
0»؛ كانت الأرض الجيدة في منطقة حماه ومنطقة مصياف المجاورة 
حيازة شبه حصرية في يد بضع عائلات. فكان آل البرازي وحدهم يملكون 
تسعًا وأربعين قرية» وآل العظم خمسًا وعشرين» وآل الكيلاني أربعًا وعشرين©. 
وكان لهذه العائلات مسلحوهاء وكانت تسيطر على كثير من شبكة المؤسسات 
المحلية» بما في ذلك المؤسسات الدينية» وعلى حيوات فلاحيها وأجسادهم؛ 
وتسحقهم تحت أقدامها. وكانت مصالحها الخاصة تعميها حتى بدت عاجزة 
عن التفكير بأي حقوق غير حقوقها. 

ثمّة احكاية شريرة» قديمة غالبًا ما تُحْكَى عن آل العظم» وسمعتها 
غيرترود بيل عندما زارت حماه في عام 1906» ولم يكذبها أي منهم علتاء 
لعلّها توضح الطرائق التي توصل بها سادة المدينة إلى مراكمة كل تلك 

(2) حديث؛ 15 تموز/ يوليو 1985. 

(3) هذه الأرقام مأخوذة من ويلرس: :8 السعسة :دسهآ) ععإايماه عم عنرمط عا رهدويء انهلا دمدومول 


3 .م را .ألا ,(1940 ,.1© 


216 


الأملاك فضلًا عن الحدود التي يمكن أن يصلوا إليها في سوء استعمالهم 
السلطة. تقول الحكاية» إن شخصًا من آل العظم سبق له أن طمع ببستان 
العنب الخاص بجاره الذي رفض التخلي عن البستان مقابل المال» ما جعل 
ابن العظم يأمر بقتل أحد عبيده ودفنه سرًا في البستان المرغوب فيه. وبعد 
اتهام مالك البستان المنحوس بالجريمة» تدبّر أمر اعتقاله» وفي النهاية أخذ 
ملكيته دية وتعويضًا*. 


بيد أنَّ جزءًا من استحواذ الذوات على قرى كثيرة أو ملكيات كبيرة 
يمكن تفسيره بالوظائف الاجتماعية التي كانوا يؤدونها في الماضي والفرص 
الناشعة من ذليف والمكاسب والحقوق المسعخقة ظبيعًا: وتمتعت عافلة 
العظمء ويحتمل أن تكون من أصل عربيء لكنها قد تكون من أصل تركي 
أناضولي» بلقب بكء وقدمت كثيرًا من حكام الولايات أو المناطق في القرن 
الثامن عشر. أما آل الكيلاني الذين تعود جذورهم إلى مقاطعة جيلان الفارسية» 
فحملوا لقب أفنديء وكانوا تاليا «أهل القلم». وكانوا أيضًا من الأشراف» أو 
ممن يزعمون أن نسبهم يعود إلى النبي محمد. وقد خرج من صفوفهم كثيرون 
من علماء الطريقة القادرية الصوفية ومرشديها. وكان آل البرازي يحملون 
لقب آغاء وكانوا «أهل السيف» في أيام العثمانيين. ويعبارة أخرىء كانوا 
يؤدون وظائفهم العسكرية بقدرة فائقة. وهم من أصل عربي؛ على عكس 
العائلة الكردية الكبيرة ة التي تحمل الاسم ذاته وكانت في السابق تحت الحماية 
وهاجر أعضاؤها إلى دمشق من عين العرب على الحدود التركية» مرورًا 
يبحماة» وأصبح معظمهم في الأربعينيات من أنصار الزعيم الشيوعي خالد 
بكداش. 

ربما كان آل العظم وآل الكيلاني وآل البرازي مختلفين بعضهم عن 
بعض في درجات المكانة والتبجيل المتفاوتة التي 3 تمتعوا بها أكتهم كاترا 
يتزاوجون في ما بينهم. وفي الوقت ذاته» كان الأكثر غنى والأكثر قوة منهم 


(4) قمة ومنادط ٠‏ .8 بعرملا ببءل!) سمي 18 014 أروعع8 7186 .وأجزى ,لاء8 ممتطاسمآا علبصسى0 
,224 .م ,(1907 ,لإدمامه 6 


كانت بيل في العشرينيات السكرتيرة الشرقية للمفوض السامي البريطاني في العراق. 


2117 


ينظرون باستعلاء إلى بقية المجتمع ويزدرون الروابط الزواجية حتى مع أغنى 
العائلات التجارية الحموية لأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم» كما قال أحد البرازية: 
«الزهرة التي اصطفاها الله . 


بيد أن تمايرًا كان يجري على مدى عقود كثيرة ضمن كل عائلة من هذه 
العائلات الشلاث» وكانت نتيجته أنك بت تجد بينهم في الأربعينيات 
والخمسينيات جميع الأحوال البشرية» من السيد الذي ينغمس في الثروة إلى 
«الآغا الذي يتضور جوعا؛ بحسب تعبير العقيد عبد الحميد السرّاج» وهو ابن 
سروجي من أبناء حماه» وكان يومًا رئيس مكتب الاستخبارات العسكرية. إذ 
وصل عدد آل البرازي» على سبيل المثال» إلى الآلاف في منتصف هذا القرن» 
وشكلوا عشيرة فعلا. وفوق جميع هذه السلالات» حلت سلالة الأميرالاي 
(العقيد) محمد آغا البرازي» وكان آمر فرقة عثمانية» قاد حملة ناجحة في عام 
0 ضد فلاحين متمردين في جبل العلويين» وتلقى» مكافأة له قرى عدة» 
ومُنح منصب حاكم حماه. وتم عاملٌ مهم من عوامل عملية التمايز 
الاقتصادي ضمن العشيرة» أي رفع بعض العائلات المكونة لها وخفض 

بعضهاء في ميل بعض آل البرازي إلى السماح بمبدأ حق البكورة في تقسيم 
عقارا تهم الزراعية وفق معايير تقليدية تركية لا وفق قانون الشريعة الإسلامية 

0 وهكذا ورّث باكير البرازي» ابن الأميرالاي محمد آغاء خمسًا 
لي ة البكر مصطفى؛ فيم لم يورّث إلا ضيعتين لابنه الرابع 
مكره©. وتمكن من الالتفاف على القانون بأن نقل أملاكه إلى ورثته قبل 
موته. ودفعت هذه الممارسة وما ترتب عنها من عواقب أعضاء العشيرة الأقل 
حظًا إلى النظر إلى أنفسهم أيضًا على أنهم #ضحايا الإقطاعية»» وإن بدرجة 
أقل من الفلاحين» وهذا ما يفسّر وقوف بعضهم إلى جانب أكرم الحوراني 
عندما تحدى سلطة ملاكي الأرض الكبار» وأضرم مشعل الثورة الزراعية©. 


(5) حديث مع مكرم البرازي (مواليد عام 11:)1918 أيلول/ سيتمير 1987. 

(6) حديث مع المؤلفء القاهرة» نيسان/ أبريل 1980. 

(2) حديث مع مكرم البرازي» 11 أيلول/ سبتمبر 1987» ومع ابنه تمام» 5 أيلول/ سبتمبر 1987 
و19 آب/ أغسطس 1990. كلمة ضيعة العربية تعني عزبة زراعية أو قرية صغيرة. 

,2 حذديث مع تمام البرازي. 


218 


19م 


لم يكرس أحد معظم طاقاته لخدمة الفلاحين أو الدفاع عن قضيتهم 
بتخماشة أو 7 تمتع بثقتهم أكثر من أكرم الحوراني. وحملت حركتهم منذ البداية 
بصمة شخصيته. وأصبح محل عواطف قريبة جدًا من تلك التي كانوا يكونها 
للأولياء الصالحين. وهذه أمور يتفق عليها منتقدوه ومؤيدوه. 


في ضوء التأثير المهم الذي مارسه شيوخ الصوفية الرفاعية بين الفلاحين» 
فإنه يبقى أمرًا مهما أن الحورانى تحدّر من عائلة دينية هاجرت من حوران فى 
النصف الثانى من القرن الخامس عشرء وأسست الطريقة الرفاعية فى منطقة 
خماه”..وقد يفسر هلا العتضز من عتاصر خافينة:: فضلةٌ عن حتقيقة أن والده 
كان أيضًا شيخًا من الطريقة ذاتهاء شيئًا من أسباب فوزه بقلوب الفلاحين 
بتلك السهولة والفاعلية» على الرغم من أنه هو نفسه لم يحمل أيَّا من عادات 
التفكير أو الشعور المقترنة بالصوفيين 

ليس معروقًا إلا القليل عن تنشئة الحورانى المبكرة» باستثناء أنه تلقى 
تعليمه الابتدائي في مدرسة علمانية محلية أسسها الملك فيصل في عام 
9 » وأنه كبر فى أوساط ذات حساسية عميقة ومريرة تجاه السلطة 
القمعية التي كان يمارسها أقطاب المدينة. ومن غير المعروف هل عانى 
والده رشيد الحوراني مظالم خاصة تتعدذى تلك الإهانات الصغيرة التي يبدو 
أنها نتاج غير واع لعجرفة الأساليب الأرستقراطية التي تسبب أحيانًا جرحًا 
في القلب أشد من الإصابات المادية. في أي حالء راح الحوراني ينظر إلى 
عائلات المدينة الكبيرة بكراهية. ولم يوفر جهدًا للحد من سلطتها. واقترب 
من شبيهه في الفكر الشيخ حسن رزق الذي أسس في عام 1900 مجلة 
الإنسانية» وهى مجلة ذات توجه شعبوي. وخاض أيضًا الانتخابات للوصول 
إلى مجلس المبعوثان ‏ غرفة النواب العثمانية ‏ في عام 1908 ضد خالد 
آغا البرازي؛ لكنه هزم. وقادته روحه العدائية تجاه كبار ملاكي الأرضء التي 
استنفدت موارده وبددت الكثير من ميراثه. في اتجاه معاد للنظام التركي 


(9) استنادًا إلى فيصل الركبي ‏ وهو طبيب من حماه ونصير للحوراني ‏ تلطف بإجراء تحقيق في 
هذا الخصوص نياية عني» فإن عائلة الحوراني تحدرت من قبيلة الحلقيين الحورانية» وجاءت أصلًا من 
جاسمء وهي قرية في منطقة إزرع الحورانية؛ رسالة الركبي إلى المؤلف بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 
1. حديث مع أكرم الحوراني» 15 تموز/ يوليو 1985. 


249 


المؤيد لهم: فأقام صلات سرية بعلي الأرمنازي الذي كان منخرطًا في 
الحركة القومية العربية السرية ومات على أعواد المشانق فى الساحة الرئيسة 
في بيروت يوم 21 آب/ أغسطس 1915 من دون أن يفشي أسماء رفاقه 
الحمويين2©. وستترك هذه الحوادث فى سئوات لاحقة» كما روى أفراد من 
العائلة» أثرها في خيال الحوراني الشاب. 


في عام 1951» سيقرن الحوراني» بوصفه قائدًا للاشتراكيين العرب» النضال 
ضد سلطة (الإقطاع» ومن أجل حقوق الفلاحين» بالنضال في سبيل صهر العرب 
في أمة واحدة. وسيجادل في الأساس بأن رفاه الشعب العربي الذي يشكل 
الفلاحون مكونه الأساسء يتوقف على وحدته الراسخة التي لن تتحقق من دون 
التحرير الاجتماعي للفلاحين. ويمكن تتبع نزعته العربية الجامعة» لا في صلات 
والده بالحركة العربية الوليدة فحسبء بل وفي تأثيرات مهمة أخرى في سنوات 
شبابه. وتردّدت أصداء تجزثة الأراضي العربية بعد الحرب العالمية الأولى وتقسيم 
سورية الجغرافية وثورة 1927-1925 ضد الفرنسيين بقوة في المدرسة التي 
درس فيها الحوراني وأثارت فيه أول مشاعره القومية التي انتعشت في ما بعد في 
«التجهيزةء وهي مدرسة إعدادية عامة» وفي كلية الحقوق. وكلتاهما في دمشق 
ومهد دافئ للعروبة الجامعة» وداوم الحوراني فيهما بين عامي 1928 و1936. 
وانضم في عام 1937 إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي؛ الذي اجتذبته فيه 
معارضته ل«الإقطاعية؛ غير أنَّ عدم مبالاة الحزب تجاه المثل العربي الجامع؛ 
دفعته إلى مغادرة صفوفه في عام 8 2)2©2. وريما يكون عمق عواطفه القومية 
وكثافتها قد جاءا من اشتراكه في عام 1932 في اعتداء على حياة صبحي بركات؛ 
وهو رئيس سابق للدولة السورية مؤيد للفرنسيين» ومسارعته إلى مساعدة الحركة 
العسكرية في العراق في عام 1941 على رأس عدد من الضباط الشبان المتحمسين 


(10) حديث مع أكرم الحوراني» 15 تموز/ يوليو 1985. 

(17) هذا استئادًا إلى تصريحات الحوراني ذاته إلى المؤلف. لكن آخرين؛ يعتمدون على مصادر 
الحزب السوري القومي الاجتماعي؛ يرون أن صلات الحوراني بالحزب السوري القومي الاجتماعي 
استمرت بعد عام 8 19. انظر: :ههلهما) اعم 141021 ءذذا مل ءأوونصاد3 11 :واجبرد ره مهدا تعاقء5 علمملوط 

40-41 .مم ,(1989 رووءء2 وتصره كله 1ه اتدع اانا الزواءعاءء8) (1988 ,كناتناة1" .8 .1 


ومحمد جمال باروت» «[حول الشعبوية الحورانية فى سورية»]» الفكر الديمقراطيء العدد 11 
(1990).)ص 93. 


2130 


من حماه. ودوره الفاعل في طرد الحامية الفرنسية من مدينته في عام 55.» 
وقيادته مجموعة من الجنود غير النظاميين فى غارات على المستوطئات الصهيونية 
في عام 221948. ورُعم مؤخرًا أن ما لا يقل عن 800 من بين الرجال ال1200 
الذين شكلوا القوة الفدائية التى عبرت من سورية إلى فلسطين فى تلك السنة» 
كانوا أعفباء فى نرت القنياب الى يقدردة السوراتى عاذ السورالى لقشة فق 
فلسطين بإحساس مرير وقناعة قوية بأن «الإقطاعية» كانت في صلب الكارثة 
العسكرية العربية”*"2. بعبارة أخرىء أدرك الحوراني بوضوحء كما هي حال كثر من 
رفاقه ومن البعثيين ذوي التفكير المشابه» أن السبب الحقيقى للهزيمة العربية كان 
اجتماعيّاء وأن القوات المسلحة تتشكل بحسب الوضع الاجتماعي الذي تضرب 
فيه بجذورهاء وأن الأمة لا يمكن أن تخوض حروبًا حديثة بعقليات متخلفة وأنظمة 
اجتماعية متخلفة ودول صغيرة ومجزأة. ومن هنا جاءت الصلة القوية التى أقامها 
من تلك اللحظة فصاعدًا بين القضية القومية والمسألة الزراعية» والحس المتزايد 
بالإلحاح في نداءاته ومساعيه لتحرير الفلاحين اقتصاديًا وسياسيًا. 


هل كان ثمّة آخرون. غير الحوراني» شكلوا رأس حربة الحركة الزراعية؟ 
هل شارك الفلاحون أنفسهم في تكوين وجهة نظر الحركة أو توجيهها؟ على 
الرغم من أن نواتها الأصلية ‏ حزب الشباب ‏ وجدت أخيرًا أكثر مؤيديها 
حماسة بين الفلاحين» فقد جاءت إلى الحياة على أيدي أشخاص غير زراعيين» 
وتحديذا أربعة محامين!*'2 وطبيب”*'2 ومعلمّي مدرسة'''وأستاذ في التاريخ 
في الكلية العسكرية في حمص”2. كانوا جميعا من أبناء مدينة حماهء وباستثناء 


(12) أحاديث مع صلاح الدين البيطار» 13 تموز/ يوليو 1958؛ وشريف الراس من حماه: 16 
تموز/ يوليو 1958؛ وأكرم الحوراني» 18 تموز/ يوليو 1958 و28 شباط/ فبراير 1970 و15 تموز/ 
يوليو 1985. 

(13) حزام زهور عدي عضو من عائلة قديمة في الحزب العربي الاشتراكي» استشهد به باروت» 
«حول الشعبوية الحورانية في سورية:» ص 94 و98 وهامش 51. 

(14) أكرم الحوراني ويدر علوش وسعد الدين الخاني وخليل كلاس. 

(5) .. نجيب عبد الرزاق. 

(16) علي عديء معلم مدرسة ابتدائية» وعثمان الحوراني» أحد أقرباء أكرم ومدرس في مدرسة 
إعدادية ولاحقا مدير التربية في جبل الدروز. 

(0) نخلة كلاس. 


251 


7م 


انين من المسيحيين الأركوذ كي قي كانوا جميعًا مسلمين ستة. وتخدروا 
جميعا من عائلالات متوسطة الدخل. أحدهم تحدذر من مالك أرض متوسط !17 
» واثنان من تاجرين صغيريه 4210 واثئان آخران من 
صائغيه !422 تحدر أحد الاثنين الباقيين من المؤسسين من عائلة بلا ملكية من 
الشيوخ الصوفيب» 222 والآخر من عائلة صيادلة وأطباء©2©. وكان يحركهم 
جميعًا شعور غير ودّي تجاه ملاك الأرض الكبار بلغ إلى حد العداء9©. 


مع عام 1950» وهو العام الذي أعيد فيه تنظيم الحركة الزراعية وتحويلها 
إلى الحزب العربي الاشتراكي؛ كانت تركيبة القيادة قد تغييرت في بعض 
جوانبها. ومن بين الأعضاء الإثني عشر في مجلس الموفدين الذي قاد الحزب 
حتى اندماجه مع حزب البعث في تشرين الثاني/ نوفمبر 21952 لم يكن سوى 
اثنين من أبناء حماه© 22 فيما جاء خمسة من دمشق 0 وواحد من حلب298, 
وواحد من حمص 229 والثلاثة الآخرون من مناطق ريفية09, لكن الهيمنة 
ظلّت للأعضاء أصحاب المهن ضمن الشريحة القيادية العليا. ضم المجلس 
2 أساتذة جأمعييه 017 وثلاثة ثة محامين2” ونائبين في البرلمان*0 وطييبًا 


0000 


وآخر من صاحب دكان 


(18) خليل ونخلة كلاس. 

(19) أكرم الحوراني. 

(20) علي عدي. 

(21) يدر علوش وسعد الدين الخاني. 

(22) خليل ونخلة كلاس. 

(23) عثمان الحوراني. 

(24) نجيب عبد الرزاق. 

(25) أنا مدين لأكرم الحوراني بما خص تفصيلات السيرة الذاتية المتعلقة برفاقه. 

(26) أكرم الحوراني وخليل كلاس. 

(27) أمجد طرابلسي وحكمت هاشم ونور الدين حاطوم وصلاح عمر باشا وجودت الإمام. 

(28) يحيى الزرقا. 

(29) إحسان حسني. 

(30) جورج حريكة من قرية محردة غرب حماه؛ وعبد الحليم قدور من قرية قارة على بعد 45 
كلم جنوب حمصء وأنطون مقدسي من يلدة يبرود الريفية في منطقة القلمون. 

(31) أول أربعة مذكورين في الملاحظة 27 وأنطون مقدسي. 

(32) خليل كلاس وعبد الحليم قدور (الذي أصبح قاضيًا في ما بعد) وجورج حريكة. 

(33) أكرم الحوراني الذي كان محاميًا من حيث الدراسة وإحسان حسني الذي كان مدرسًا في مدرسة ثانوية. 


2152 


واحدًا*© وموظمًا حكوميًا واحدًا”". وكانوا جميعًا مسلمين سنة فى ما عدا 
أربعة مسيحيين أرثوذكسر09. ْ 

لا يدل غياب الفلاحين في قمة الحركة الزراعية على قلة أهميتهم في 
صوغ مصائرها. ففي المسعى المهم لمدّ شبكتها التنظيمية إلى الريف وفي 
العمل التحريضى على مستوى القرية» أدَى القادة الفلاحيون الواعون سياسيًا 
دورًا رئيسًاء ولا سيما سيف الدين الخالد من قرية الشيحة وخليل الطعمة من 
قلعة المضيق ومحمد النجم والحاج عبدو القطيني من خخان شيخون7©. 
وتحذر جميع هؤلاء المناضلين الذين أوقفوا فلاحي قرى كثيرة على أقدامهم؛ 
من منطقة ريفية تقع شمال شرق حماه حيث كان نير ملاكي الأراضي قد 
أصبح تقلا على نحو خاص. 

تشكلت قاعدة الحركة في معظمها من الفلاحين الذين لم يلتحقوا بها 
بوتيرة بطيئة أو ثابتة. وكما يقول أكرم الحوراني نفسه. «كانت مثل مدّ جارف 
قادم» ولم يكن لدينا الوقت لنعد الأعداد. لكن أنصار حزبنا كانواء طوال 
الوقت. أكثر بكثير من أعضائه»*”. وفي الحقيقة؛ كانت الحركة في عام 
0» وبحسب تقدير متحفظء» قادرة على اجتذاب ما يصل إلى 40 ألف 
شخص من الريف عندما دعت إلى عقد أول مؤتمر فلاحي في تاريخ سورية 
في حلب. وفي السنة ذاتها كانت تعد ما لا يقل عن 10 آلاف عضو”7. 

ضريت الحركة بجذورها بين الفلاحين البستانيين السئة في حي العليليات 
التابع لحماه. والمحاصصين السئة في مناطق إدلب كر النعمان وخان 


(34) جودت الإمام. 

(35) يحبى الزرقا. 

(36) إحسان حسني وخليل كلاس وجورج حريكة وأنطون مقدسي. أنا مدين لأنطون مقدسي 
بما يخص بيانات السيرة الذاتية في هذه الفقرة» حديث 10 كانون الأول/ ديسمير 1992. حصلت على 
بقية البيانات من أكرم الحوراني. ' 

(37) حديث مع أكرم الحوراني. 15 تموز/ يوليو 1985. 

(38) المصدر نفسه. 

(39) حديث مع شريف الراس من حماه؛ 16 تموز/ يوليو 1958. 


2153 


شيخون. والمزارعين المسيحيين في القرى الواقعة غرب حماه'" ومنطقة 
القلمون” والفلاحين العلويين في ريف مصياف والفلاحين الدروز المنتمين 
إلى آل عامر الذين يعيشون في منطقة شهبا في الجزء الشمالي من جبل 
الدروز (كان فلاحو آل الأطرش المنافسة في الجنوب قد التزموا حزب 
البعغ)420, 

لماذا وجد استياء أولئك الفلاحين تعبيره التنظيمى فى النصف الثانى من 
الأربعينيات والنضف الأول من الخمسينيات» وليس أبكر من ذلك؟ ما الذي 
جعلهم يتقبّلون دعوات أكرم الحوراني» بما مكنه من تسخير قواهم في صراعه 
ضد كبار الملاكين؟ لطالما نظر الفلاحون» ولا سيما في سهول وسط سورية» 
إلى ملاكي الأرض كما ينظرون إلى شوكة في لحمهم. لكن حظوظهم في 
الفقرة التى ذكرناها للتو ساءت على نحو ملحوظ. ويمكن رد ذلك إلى 
العمليات الني بدأت تفعل فعلها نتيجة الظروف التي رافقت الحرب العالمية 
الثانية. فقد جاء ذلك الحريق بقوات عسكرية إنكليزية وفرنسية كبيرة. وكان 
لمشترياتهم الكثيرة من الحبوب السورية وغيرها من السلع الأساسية؛ وما 
رافق ذلك من هبوط حاد في المستوردات نتج من تحويل الكثير من الشحن 
العالمي لأغراض الحربء أو من الخسارات الكبيرة التي تكبدتها الأساطيل 
البحرية في الأعمال الحربية؛ وما تبع ذلك من مضاربة شديدة وضغط تضخمي 
(حلّقت القيمة السوقية للقمح السوري من 4.5 جنيهات استرلينية للطن في 
عام 1939 إلى 39 جنيهًا في عام 2 و54 جنيهًا في عام 1943)”*) كان 
لكل ذلك أن يولّد أرباحًا استثنائية لتجار الجملة وكبار ملاكي الأرض في 
سورية. وقد اسمُّخْدِمَ الكثير من هذه الثروة الجديدة لتحسين طرق الزراعة 
ولا سيما لزيادة استخدام الآلات في الزراعة. هكذاء ازداد تركيب المضخات 
التي تسحب مياه الأنهار أو المياه الجوفية في فترة بعد الحربء وارتفع عدد 


(40) ولا سيما في قرى محردة والسقيلبية وكفربهم وعايو. 

(41) ولا سيما في مناطق التبك ودير عطية وحسيا. 

(42) حديث مع أكرم الحوراني» 15 تموز/ يوليو 1985. 

(43) لمه):0 تدملدما) عاموفمماة طعرع! «عود «0صاعا 0ه ورك ,ووفهدمآ برعامصء!ط! معتامعاة 
.8 .م ,(1958 رووعء2 المع ائصنا 


254 


اكاك اللا يتن 


الجرارات المستخدمة في الزراعة من نحو 300 في عام 1948 إلى 977 في 
عام 1952*". ويسّر قيام الدولة ببعض مشاريع الري» كما في العاصي 
الأوسط. زراعة القطن*. ولم تنعكس هذه التغيرات لمنفعة المحاصصين في 
سورية الوسطىء لأن ملكية كبار الملاكين للمضخات والجرارات عززت 
قدرتهم على انتزاع حصة أكبر من الغلة. وإضافة إلى ذلكء ونتيجة الاعتماد 
الأكبر على الآلات والتفضيل المقصود للعمل الموسمي المأجور في المناطق 
الجديدة التي تزرع القطن؛ فإن كثيرًا من المحاصصين أخرجوا من أكواخهم 
ومن الأر اضء وفقدوا بالتالي حق الإشغال بالتقادم وضمانات العيش التي 
كانوا يتمتعون بها في ظل الترتيبات التقليدية. وفاقم الفائض السكاني في 
الريف سوء وضعهم. دافعًا بكثير منهم إلى مستوى أدنى من الفقر. وحثتهم 
هذه الأمور كلها على القتال» ودفعتهم إلى الحركة التي قادها أكرم الحوراني. 


توجه المحاصصون إلى حزب الحوراني لأنه عبّر عن الأفكار التي كانت 
تجول في أذهانهم من دون أن ينطقوا بها. كان أساس برنامجه هو إشباع 
شغفهم بملكية الأرض عن طريق إصلاح البئية الزراعية التي من شأنها أن 
تحد من الحيازات» وتعيد توزيع الملكية. كما سعى هذا البرنامج إلى منع 
طردهم من الأرض» وضغط من أجل إحلال الانتخابات المباشرة محل نظام 
المرحلتين غير المباشرء ومن أجل استخدام الغرفة السرية حتى يستطيع 
الفلاحون التصويت بحسب مشيئتهم من دون ضغط من مالك أرضهم أو 
أنصاره(47), 


(44) ,أكدط ©1441( عنا جما علا «وماءنك8 :ورمع ,كستقاكة عنص مومع كه بامععبا8 ,كممتتدل؟ لعائدنا 
181 .م ,(1955 ,[كهمتئه1! لمعائهل] يملعملا ببه1١)‏ [79547 م/] 1945 
انظر الجدول (+ - 6) أعلاه. 
(45( ,امووط ره «زفباد ه باكمط ءاللثا! :11 اجأ االء ا« وماععك8 قانه :تدرمج8! مما جاعمتصوللا دعممم« 
بننعآ! عت وملدمآ) ([1957] ,سمتقالة أهده معاد[ ذه عنيذتاكما لهلرهظ تعارملا ببعل8 بموقهم.آ) ومم! #ججه ,مسري 
.93 .م ,([1948] ,كعتةالة أهمه تأمسعنم1 01 عانطأادم[ اوبره :ارملا 
)246 منذر الموصلي (ناشط عربي اشتراكي): «ذكريات. مراحل الحزب العربي الاشتراكي كما 
عشتهاء» العربي الاشتراكي (نيسان/ أبريل 1985): ص 3. أنا مدين للحوراني لأنه زودني بهذا العدد 
وغيره من أعداد مجلة الحزب. 
(47) حديث مع أكرم الحوراني» 15 تموز/ يوليو 1985. 


255 


لجأ الحوراني وحزيه؛ في السعي إلى تحقيق أهدافهم» إلى طرق متنوعة. 
وه كريدوا في استخداء وبدائل اعيينة شد مالكني الأرضن القساء مع 
محاصصيهم كما في منطقة حماه. فكانت مجموعات من القبضايات الشجعان 
برئاسة علاء الدين الحريري؛ وهو نصير متحمس وصاحب مقهى شعبي» 
تباشر العمل ما إن يصلها خبر عن ظلم يمارسه مالك أرض أو خدمه 
المسلحون. أخذ الحورانى وأتباعه فى عيون الفلاحين بعدًا رومانسيًا. وكان 
ظالمو الفلاحين يتلقون ثمن أفعالهم بالعملة ذاتها*». أمَا في مناطق من مثل 
الشيخ بدر في الريف العلوي» حيث كان : نير الإقطاع أقل وطأة» فلجأ ناشطو 
الحوراني إلى طريقة التحريض غير المباشر. فكانوا يسألون الفلاحين لماذا لا 
يوجد مدارس ولا طرقات ولا مراكز للرعاية الصحية ولا إرشاد زراعيى في 
قراكم؟ ما الذي يفلح فيه نوايكه؟9» _- 

كثيرًا ما عمل الحوراني على تحقيق أهداف حزبه» من خلال المؤسسات 
القائمة. لدى انتخابه نائيًا عن حماه في عام 3» واصل رشق أصحاب 
الامتيازات بالتحديات» طارحًا مسألة الفلاحين أول مرة في البرلمان. ودعا في 
عام 5ذؤظ15 إلي توطين البدو وإلى إلغاء قانون القبائل» وهاجم سلطة الشيوخ 
عر ل شيخ الحسينة» وهي فرع من قبيلة الرولة» هجم 

عليه وفي يده مسدسء لكن النواب الآخرين حجزوا بينهما. وأصبح يلقب في 
الدوائر الراديكالية ب«الجريء» أو «النائب الحر؛ و«مدمر القيادات 
الإقطاعية50, ويفضل جهده والدعم الذي تلقاه من حلفائه البعثيين والنواب 
ذوي الأفكار المشابهة» دخلت طريقة الانتخابات المباشرة حيز الفعل في عام 
7» وشرّع نظام الغرفة السرية في عام 1954. وقبل ذلك» في عام 1952» 
كان قد أطلق مشروع استصلاح المستنقعات في سهل الغاب وفي ذهنه مصلحة 
الفلاحين العليا. وفي عام 7) نجح, بعد أن أحضر عائلات المحاصصين 
الذين أخلاهم ب بعض البكوات من أراضيهم» ووضعهم في حالتهم البائسة على 
درجات مدخل البرلمان الرخامية» في الدفع بقانون يمنع إخلاء الفلاحين من 


(48) حديث مع شريف الراس» 16 تموز/ يوليو 1958. 
(49) العربي الاشتراكي (تموز/ يوليو 1985): ص 2. 
(50) حديث مع شريف الراس» 16 تموز/ يوليو 1958. 


256 


حيازاتهم. وتحقق جزئيًا هدفه المركزي المتمثل بتحويلهم إلى ملاكي أراض 
في قانون الإصلاح الزراعي لعام 1958 الذي سن في أثناء شغله منصب 
نائب الرئيس في الجمهورية العربية المتحدة'©. 

يَسَّرَ موطئ القدم الذي كان الحوراني قد أحرزه في سلك الضباط 
نجاحاته البرلمانية: وكان في وقتٍ باكر قد أقنع كثيرين من المتعاطفين معه 
من أصل فلاحي أو من أصول ريفية متواضعة بدخول الكلية العسكرية في 
حمص. وأصبح هؤلاء يشكلون درعا واقيّا ونقطة دعم رئيسة ورافعة للحركة 
الفلاحية. لكن الفلاحين بقواء من وجهة نظر الحوراني التي عبر عنها في 
خطابه أمام مؤتمر الفلاحين في عام 1951 «حجر الأساس في بناء هذه 
الأمة)62), ١‏ 1 

الحقيقة: إِنَّ قدرة الحوراني على كسب اهتمام الجماهير الفلاحية 
وتعاطفهاء هي ما جذب البعثيين إليه وإلى أنصاره. وما قاد إلى «اندماج» 
الحزبين في تشرين الثاني/ نوفمبر 12 . وكان» في الاعتبارات الأساسية» 
يكمل قادتهم. كان ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار في الأساس معلمين. 
وكانا يتعاملان في المقام الأوّل مع أفكار وينشرون تلك الأفكار في غرف 
الجلوس بصورة أساسية. وعلى العكسء كان الحوراني درجلا من الشعب»» 
ويتمتع في الآن نفسه بغريزة سياسية وموهبة حقيقية في القيادة علاوة على 
فهمه الجيد لقضايا الساعة. 


(51) حديث مع أكرم الحوراني» 5 تموز/ يوليو 1985. والموصليء ذكريات» ص 3. 
(52) الاشتراكية, العدد 4 (أيلول/ سبتمبر 1951)) ص 1. 


257 


ال يي 


القسم الثالث 


البعثية في جوانبها الريفية والفلاحية 


ن 1ق هطداة 


البعث القديم والتربية السياسية لإنتليجنسيا ريفية 


لم تكن «البعثية» في تاريخ سورية الحديث قوة واحدة تفعل فعلها باتجاه 
واحد أو تحت تأثيرات متمائلة» بل كانت غطاء لتشكيلة من العناصر التي 
ينبغي» لأغراضنا الحالية» التمييز في ما بينها أولّا وقبل كل شيء. في الحقيقة؛ 
لم يكن هناك حزب بعث واحدء بل ثلا ثة أحزاب كانت» على الرغم من 
ترابطها المعقدء متمايزة تمامًا بقاعدتها الاجتماعية» وإطارها الذهني. 
واستجاباتها الطبيعية» وخصال أعضائها وقيادتهاء والمصالح التي خدموها. 

شكل البعث الأبكر أول مكتب تنفيذي له في عام 21945 وعقد مؤتمره 
التأسيسي في عام 1947.» لكنه نشأ من دوائر صغيرة من الطلاب والمعلمين 
الذين بدأوا نشاطهم منذ وقت يعود إلى عام 22”1939). لكن الحزب لم يصل 
إلى الواجهة السياسية إلا بعد اندماجه مع الحزب العربي الاشتراكي في عام 
2 . وفي عام 1958» ومع إقامة الجمهورية العربية المتحدة التي لم تعمر 
طويلاء كان دوره عمومًا قد انتهى؛ على الرغم من أنه لم يفقد كل أهمية في 
سورية إلا في عام 1966 . أما البعث الذي خلفه فكان في الأساس تكوينًا 
انتقاليًا واستمد زخمه من اللجنة العسكرية السرية التى تشكلت فى القاهرة فى 
عام 1959©. ولم يعش بعد انقللاب «التصحيح؟ في عام 0»؛ لكن جرى 


(1) لمعرفة تفصيلات تتعلق ببدايات حزب البعث. انظر كتابي: أداءم3 0/4 :17 ,نااهاد8 مممولط 
أهاع ©0011 2:0 لعنارصا 0/0 5 وهرآ لزه نينا 4 «وه17 إن 21/011 'ونعارم[اس«أمعظل 6[ أنه كعككها0 
أكقط نوعاط عطا يه كعتلناد وماءعمارط ,كع 001 معط انه ,كلعز [ذه8 ,كاعاصيممم © كاز و لاره كعكعوات 

72 .ترم ,(1978 ركوط نوعباتملا مماععصلط :ل .1( بمماععمامم) 

(2) عن اللجنة العسكرية: انظر الجدول (1-12). 


261 


استيعاب الكثير من أتباعه في «البعث؟ الجديد الذي بناه قائد الانقلاب حافظ 
الأسد وصاغ قاليه. 


يبدوء من منظور ارتجاعيء أنَّ المُثّل العليا هي التي كانت تحفز البعث 
القديم في عقوده الأولى. كان أطباء متفانون أعضاء ذ فى الحزب يندفعون من 
ذاتهم؛ لا بتلقين من قادتهم؛ فيسافرون سيرًا على أقدامهم في الأربعينيات 
والخمسينيات ليقدموا علاجًا طبيًا مجانيا لفلاحين في قرى نائية ومهملة حتى 
اليوم. كما أرسل بعض ناشطي الحزب أبناء فلاحين واعدين إلى المدارس 
الثانوية في المدن على حسابهم الشخصي أو علموهم مجانًا©. 0 ٠‏ فإن 
هناك على الدّوام خطر النظر برومانسية إلى الماضي أو اتخاذ نظرة سلبية 
مفرطة حيال الحاضر. غير أنه لا مجال لإنكار أن الحالمين والأنصار الشباب 
شكلوا عنصرًا مهمًا في الحزب في ذلك الوقت» ومنحوه قوة دينامية ليست 
محسوسة إلا على نحو باهت في حزب البعث اليوم الذي سيطر عليه على 
نحو متزايد المحترفون ومسيّرو الحزب المتفرّغون. وهناك الآن تنافس على 
المناصب والعلاوات أكثر من الارتباط بفضيلة التفاني. 

لم تكن العروبة الجامعة مسألة ملحة للبعثيين الجدد قطّ. وبالعكس» كانت 
الوحدة العربية بالنسبة إلى السبعث القديم في المرتبة الأولى من القيمة والأهمية. 
وكان الانتماء إلى الأمّة العربية أعلى شكل من العلاقة الاجتماعية» وكان أتباعه 
يُوْصَون بأن يتمسكوا به قبل منطقتهم أو طائفتهم أو عشيرتهم في الخطوة 
والتقدير. وفي الواقع» كان البعث يعرّف نفسه بأنه «حزب الوحدة العربية»". 
ويمكن تفسير هذا الميل لصهر العرب في دولة واحدة بخلفية قادة الحزب. 
فمن بين الأعضاء الأربعة في أول مكتب تنفيذي للبعث في عام 5 كان 
ثلاثة ‏ ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار ومدحت البيطار ‏ قد ولدوا لتجار 
حبوب بالجملة (بوايكية) في حي الميدان الواقع خارج أسوار دمشقء وهو 


(3) سامي الجنديء البععث (بيروت: دار النهار؛ 1969)» ص 45» ومقابلات مع د. سامي 
الجندي: السلمية؛ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992» ومع د. وهيب الغانم» اللاذقية؛ 3 كانون الأول/ 
ديسمبر 1992» ومع د. يورغي حكيم (صللةا؟ [976)» واشتطن العاصمة» 24 نيسان/ أبريل 1991. 

(4) ميشيل عفلق» نقطة البداية: أحاديث بعد الخامس من حزيران» ط 2 (بيروت: المؤسسة العربية 
للدراسات والنشرء 1971)) ص 287 و291. 


262 


المركز الرئيس لتجارة الحبوب في جنوب سورية وللبوايك أو مخازن حبوب 
العاصمة. ويمكننا أن نتصوّر أن مناخ الأفكار الذي أحاط بالمراحل الأولى من 
حياتهم كان مناخ عالم التجار. ومن وجهة نظر هذه الطبقة» كانت تجزثة 
الولايات العربية في الإمبراطورية العثمانية بعد عام 1917 تشكل عقبة كأداء 
في وجه القنوات التجارية القديمة وتدفق التجارة الحر. واستاء أعضاؤها من 
حصرهم ضمن حدود ضيقة» وفضلوا الأسواق الكبيرة والمتوسعة وغير المثقلة 
بالتعريفات والرسوم الجمركية أو بتعدد القوانين والأنظمة الاقتصادية. باختصارء 
لم يكن الأفق العربي الجامع أمرًا طبيعيًا بالنسبة إلى مكوّن آخخر من السكان 
بقدر ما كان طبيعيًا بالنسبة إليهم. وانسجامًا مع ذلك» انجذب أبناء بعض 
العائلات التجارية التي كانت منخرطة في التجارة البعيدة» أو سبق لها أن كانت 
كذلكء. من مشل آل الصمدي أو المارديني أو الحجار نحو حزب البعث في 
الأربعينيات حين لم يكن قد اتخذ اتجامًا #يساريّاة بعد. ْ 


كانت هناك خاصيتان أخريان في ضاحية الميدان أدّنا إدورًا في تشكيل 
العواطف القومية لمؤسسي حزب البعث في أوج شبابهم. أولاء كانت المنطقة 
عا و وى - 1927 الكبرىء فقد قاتلت العناصر 

ثرة الفرنسيين بضراوة في الشوارع والبساتين الداخلية» ولم تهتز معنوياتها 
0 الرغم من القصف المدفعي الفرنسي الذي دام ثلاثة أيام والدمار الواسع 
الذي خلفه. وتميز الميدان. ثانيّاء بالطبيعة المتنوعة لسكانه. ففى أماكن أخرى 
من العاصمة» كانت المجموعات التي تنتمى إلى أديان أو طوائف أو 
مجموعات إثنية مختلفة ‏ مع بعض الاستثناءات - تميل إلى أن تكون مساكنها 
في أحياء مستقلة. أما في الميدان فعاش تجار مسيحيّون قرب تجار سئة أو 
فلاحين جبليين دروز سابقين» أو فلاحين سابقين سنّة من سهول حوران؛ أو 
بدو سئة بالاسم أو نصف بدو سنة من البادية السورية. وما كان لقرب هذه 
العناصر المتباينة إلا أن يولّد توترات نبهت قادة البعث المستقبليين إلى ضرورة 
التشديد على الخلفية العربية العميقة المشتركة بين معظم السكان©. 


(5) تستند الملاحظات في هذه الفقرة وفي الفقرة السابقة إلى مقابلات مع ميشيل عفلق» يومي 9 و13 
تموز/ يوليو 1958» ومع صلاح الدين البيطار» 13 تموز/ يوليو 1958 و7 كانون الأول/ ديسمبر 1970. 


2063 


67 


ليس أمرًا بلا معنى أن يكون تاجر حبوب من الميدان هو موسى رحمون 
قد أدّى دورًا مهما في عام 1942 في جمع ميشيل عفلق والعضو الرابع في 
أول مكتب تنفيذي لحزب البعث هو جلال السيّد.9' كان رحمون» وهو من 
جيران عفلق» يتاجر مع دير الزورء مديئة السيّد. وكانت دير الزور التي تضم 
تجمعًا سكانيًا لا يقل عن 58990 نسمة في عام 1942.» مركرًا للتجارة مع 
البادية ووادي الفرات» وعاصمة إقليم في الجزء الشمالي الشرقي من سورية 
التي كانت حياتها الاقتصادية التقليدية مضطربة نتيجة انقطاعها عن منطقة 
تجارتها الطبيعية في شمال العراق. لم تقف الحدود الجديدة التي رسمتها 
بريطانيا وفرنساء في وجه عامل التجارة فحسبء بل في وجه عامل القرابة 
أيضًا بعدما فصلت على نحو مصطنع» في هذا الجزء كما في أجزاء أخرى من 
الشرق العربي؛ بين أشخاص ينتمون إلى العائلات أو العشائر ذاتها. 

يمكن أن نردّ إلى هذه الظروف جذور مشاعر جلال السيد الأولى 
المتعاطفة مع مثال الوحدة العربية» تلك المشاعر التي أصبحت أكثر قوة بعد 
انضمامه إلى عصبة العمل القومي المتحمسة للقومية العربية إِنّما المحافظة 
اجتماعيًا في عام 1933» وإلى الحزب العربي الاشتراكي الذي كان شبيهًا 
بأفكاره» ولكنه سري وأكثر حماسة في عام 1938. ويمكن استنتاج عمق 
التزامه من انخراطه عن كثب في تهريب الأسلحة والذخيرة بين عامي 1936 
و1939 من المستودعات العسكرية العراقية إلى أيدي المقاتلين العرب في 
فلسطين مرورًا بسورية» وهو عمل نظّمه الناشط القومي الموصلي يونس 
السبعاوي بتشجيع من العقيد صلاح الدين الصباغ. القائد الفعلي للحركة 
العسكرية في العراق في عام 71941. 

لكن الذروة في سيرة جلال السيد القومية كانت القضية المشتركة التي 
توصل إليها مع ميشيل عفلق في عام 1942. . وتمثل واحد من أهم التتاجات 
الجانيية لهذا الاتحاد في الدعم المهم الذي تلقاه حزب البعث فورًا من 


(6) حديث مع ثابت المهايني: من أبناء الميدان وعربي اشتراكي بارزء 22 نيسان/ أبريل 1991. 


0 في شأن يونس السيعاوي» أحد مؤسسي الحزب العربي الاشتراكي» انظر كتابي: 1 بناأهاة8 
.456-458 ,وم ,يعدعهان اداعمد 0/4 


264 


الخرشان» وهي العشيرة الأكثر عددًا في دير الزورء» ومن حلفائهاء الشيوخ. 
كان والد السيدء وهو قاضء أحد زعماء الخرشان. وكان سكان المدينة لا 
يزالون عشائريين في طرائق تفكيرهم وقواعد سلوكهم. علاوة على ذلك» لم 
يكن الخرشان راضين عن النظام السياسي القائم لأن المستفيدين منه كانوا من 
منافسيهم البوعبيد الذين قدموا رؤساء بلدية دير الزور تحت الاحتلالين 
التركي والفرنسي حتى صعود البعثيين إلى الواجهة السياسية*. 

تعرز ميل حزب البعث العروبي الجامع عندما كسب بين عامي 1945 
و1947 ولاء كثير من الأتباع من مجموعة أخرى كان أول اجتماع لها في عام 
9 بتأثير «الكارثة ثة» التي حلّت بلواء الاسكندرون في تلك السنة. ٠‏ ومع 
بعض الاستئناءات؛ تألف الأنصار الجدد. في جوهرهم؛ من لاجثي لواء 
الاسكندرون الذين انتقلوا إلى مناطق أخرى من سورية عندما ألحقت منطقتهم 
التي كانت تضم أقلية من الأتراك» بتركيا بموافقة فرنسا وباحتجاجات مريرة 
من عناصرها العرب. 


حتى عام 4 كان القائد المعترف به لهذه المجموعة هو زكي 
الأرسوزيء وهو خريج السوربون ومدرس في مدرسة ثانوية وابن محام 
ومالك أرض متوسط من أنطاكية» كان ينتمي دينيّاء مثل أغلبية عرب لواء 
إسكندرون. إلى الطائفة العلوية. أما سياسيًا فاستمد الأرسوزي إلهامه من 
العرقيّة. وعلى الأقل» شكلت العرقيّة الموضوع المركزي في التحريض الكثيف 
الذي قاده ضد الأتراك في الإسكندرونة بين عامي 1936 و1938» وتسبّب 
بطرده من المنطقة. فقد استخلص الأرسوزي من النائبة التي حلّت بمواطنيه 
اللوائيين الحاجة إلى إثارة شباب الأمة. ونظر إلى مجموعته على أنها خطوة 
أولى نحو تلك الغاية. وبحسب روايته هو» قسم مجموعته في عام 1939 
قسمين: واحد سياسيء وسمّاه «الحزب العربى الاشتراكىة.؛ والآخر ثقافى» 
وسمّاه «البعث العربي4©. وأشار إلى أنه سبق في استخدام هذا اللقب 


(8) أحاديث مع قاسم طوير» من عشيرة اليوعييد» 5 حزيران/ يونيو 1980؛ وجلال السيده 
1 حزيران/ يونيو 1985» وعبد الصمد حيزة» من الشيوخ» 17 حزيران/ يونيو 1985. تستند هذه الفقرة 
أيضًا إلى: جلال السيدء حزب البعث العربي (بيروت: دار النهار للنشرء 1973)» ص 15 - 29. 

(9) مقابلة مع زكي الأرسوزي أجراها المؤلف في دمشق. 17 تموز/ يوليو 1958. 


265 


المجموعة التي بحثت عن الإرشاد لدى ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار 
وانطلقت في البداية تحت اسم «الإحياء العربىة. 


مع عام 1944» كان أنصار الأرسوزي قد ابتعدوا عنه. وربما وجدوا 
عنصريته غير مُرضية فكريّاء أو ربما ظنوا أنه لم يكن عمليًا بما يكفي. علاوة 
على ذلكء. كان تأثر الأرسوزي بالفقر الذي غرق فيه تأر !ا شديدًا: فقد منعه 
الفرنسيون من التعليم في أي مدرسة عامة أو خاصة» وعاش في عام 1241 
في منزل متواضع في حي السبكي في دمشق مع سبعة أو ثمانية من تلامذته 
اللوائيين» وكان مثلهم ينام على الأرض» ويستخدم الكتب وسائد» وكان يعيش 
على صحن يومي من الحمص*”*2. وصار مكتئيًا متوتر الأعصاب مع حس 
بالمرارة» وأخذ يسيطر عليه الإحساس بالاضطهاد» وبات يشك حتى في 
أتباعه. 


لكن الأمر الأهم تاريخيًا هو أن تلامذة الأرسوزي اللوائيين أدخلوا في 
حزب البعث العفلقي توقدًا وحرارة شغف لا يملكهما سوى الأشخاص الذين 
تأذوا. ومثلهم في المكتب التنفيذي لحزب البعث الذي انتخب في المؤتمر 
التأسيسي في عام 1947 وهيب الغانم» وهو طبيب وابن رجل دين ومدير 
مدرسة ابتدائية في حي عفان العربي في أنطاكية”©. 

كما هو واضح من الجدولين (1-11) و(2-11)) كان جميع أعضاء 
المكتب التنفيذي لحزب البعث منذ تأسيسه في عام 5 حتى اندماجه مع 
شتراكبي أكرم الحوراني العرب في عام 1952 ذوي جذور تعود إلى مدن 
سورية وبلداتها الرئيسة. الاستثناء الوحيد هو ميشيل عفلق الذي ولد هو 
ووالده في دمشقء لكن جده لأبيه جاء من قرية راشيا على السفوح الغربية 


(10) الشاعر سليمان العيسى (أحد تلاميذ الأرسوزي اللوائيين)؛ «بدايات البعث العربي»؟ 
المناضل (مجلة داخلية لحزب البعث)» العدد 84 (نيسان/ أبريل 1976)» ص 58 -60. 

(11) تستند الملاحظات في الفقرات الخمس السابقة إلى المصادر الواردة في الملاحظتين 
السابقتين وإلى مقابلاتي مع د. سامي الجنديء 28 تشرين الثاني/ نوقمبر 1992» ومع د. وهيب الغاتم» 
3 كانون الأول/ ديسمبر 1992» وكذلك إلى الجندي؛ البعسث» ص 32-19؟؛ والرواية عن البدايات 
البعثية قدمها د. وهيب الغانم في المناضل؛ الأعداد 90- 97 (تشرين الأول/ أكتوبر ‏ كانون الأول/ 
ديسمبر 1976) ومن (كانون الثاني/ يناير - أيار/ مايو 1977). 


266 


يا 


لجبل الشيخ. وكان عفلق حضريًا أساسًا في نظرته. ولم يشكل الفلاحون قط 
موضوع اهتمام خاص من جانبه. وقلما تجد في كتاباته تعبيرًا عن اهتمام مركز 
بفلاحي القطر. وليس ثمّة سوى ملاحظات ذات طبيعة عامة تتعلق ضمنا بهم» 
من مثل: «نضال العرب [. ..] لا يقوم إلا على مجموع العرب» ولا يمكتهم أن 

يشتركوا في هذا النضال إذا كانوا مستثمّرين»*". ولم تحوٍ تلك الكتابات نفسًا 
معاديًا لملاك الأرض. ويتناقض هذا تناقضًا صارحًا مع الاتجاه الرئيس 
للبعثيين «الانتقاليين» الذين كانوا أقرب إلى أكرم الحوراني في ميولهم؛ ومثله 
أيضًا رفعوا الفلاحين إلى موقع مركزي في خطّة عملهم. ومن بين القيادات 
العليا في البعث القديم» لم يهتم أحد سوى وهيب الغانم بفلاحي الأرض 
ومشكلاتهو22. 


بهذه الحالء فإنَّ البعث القديم» كتنظيم» لم يضرب بجذور عميقة في 
القرى. فعندما عقد الحزب مؤتمره الأول في عام 1947» لم يكن فيه سوى 
«عامل واحد ومزارع واحد؟ بين المشاركين البالغ عددهم 217 أو نحوه". 
كان معظم الباقين معلمين”". أما باقي المندوبين فكانوا طلابًا في الجامعة أو 
في المدرسة الثانوية أو موظفين حكوميين أو محامين أو أطباء©". لكن كانت 
أغلبية المندويين أبناء فلاحين وعمال2. 


انضم لاحقا عدد قليل نسبيًا من الفلاحين إلى البعث القديم. ولم يندمج 
أتباع أكرم الحوراني الفلاحين بأعدادهم الكبيرة رسميًا في صفوف الحزب 
بعد عام 1952» بل استمروا مرتبطين بالحوراني شخصيًا'". لكن المبادرات 
الإنسانية التلقائية التي قام بها أطباء بعثيون أفراد أوجدت شعورًا طيبًا وافرًا 
نحو الحزب بين الفلاحين في بعض المناطق» ولا سيما في منطقة العلويين. 


(12) ميشيل عفلق. في سبيل البعث (بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشرء 1959)) ص 87. 
(13) عن د. الغانم» انظر الجدول (1-11). 

(14) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي» دراسة أولية حول نقد تجربة الحزب» ص 45. 
0 مقابلة مع شبلي العيسميء وهو بعثي قديم؛ الوطن العربي» 13/ 5/ 1988. 

(16) حزب البعث العربي الاشتراكي» نضال البعث (بيروت: [د.ن.]» 1971)؛ ج 4: ص 20. 
(17) «[اليدايات في ذاكرة د. وهيب الغانم]»؛ المناضل؛ العدد 95 (آذار/ مارس 1977): ص 9. 
(18) انظر كتابي: .0 .م ,كدتهما») إواءعم5 0/0 716 ,تمده 


207 


علاوة على ذلكء فإنَّ الكتلة العظمى من أعضاء الحزب العاديين كانت تتألف 
من الطلاب ذوي الخلفية الريفية أو الفلاحية» سواء في عام 1947» حين كان 
البعث القديم يعد «بالمئات»» أو عشية «اندماجه؛» في عام 1952 مع الحوراني؛ 
حين بلغ تعداده 2”4500". ولم تكن هذه الصبغة الريفية الواضحة لقاعدة 
الحزب نتيجة حسابات من جانب قيادته» بل تطورت بطريقة طبيعية» لأن 
رسالة الحزب وجدت استجابة أكبر بين الطلاب القادمين من القرى والبلدات 
الريفية أكثر مما وجدت بين أولئك القادمين من المدن» ولا سيما بين أبناء 
الفلاحين الدروز والإسماعيليين والعلويين والمسيحيين الأرثوذكس الميسورين 
تسيسا: ومن وجهة نظر هؤلاء الطلاب» بوصقهم أبناء أقليات أو متحدرين من 
طبقة عانت طويلا الإهمال والاضطهاد؛ كان البعث؛ بوقوفه ضد الظلم 
الاجتماعي وانتقاده التميبز بين الطوائف وتركيزه على العروبة بدلا من الدين» 
بمنزلة قطيعة نوعيّة مع الأحوال التي كانت تعيشها طوائفهم وصعودًا إلى حياة 
يكونون فيها على قدم المساواة مع جميع المواطنين الآخرين. 

يكمن التفسير الواضح لوزن الطلاب العددي الراجح في البعث القديم 
في مركزية المعلمين في حياة الحزب. كان مرشداه البارزان ‏ عفلق والبيطار 
مدرسين. علاوة على ذلك» كان كثيرون من مؤسسي فروع الحزب وشعبه في 
المحافظات مؤسسي مدارس خاصة أو مديريهاء مثل موفق الشرع (ابن عم 
فاروق الشرعء وزير الخارجية الحالي) ومنصور الأطرش ومحمود اليونس 
ووليم خوري ونجم الدين الصالح ووائل إسماعيل الذين كانوا مؤسسي فروع 
الحزب وشعبه أو قادته في حوران وجبل الدروز ومنطقة الشيخ بدر العلوية 
ومنطقة تلكلخ ومنطقة الدريكيش العلوية والقرداحة» مسقط رأس الرئيس 
الأسد. على التوالي*©. 


(19) السيد» حزب البعث العربي» ص 29 - 30؛ الجنديء البعث. ص 38» و 0/4 176 بناأقاده 

.7271-8 .هم ,تعدكهل© أماعمك 

(20) حديث مع فايز الناصر» من أبناء حوران وعضو في القيادة القطرية لحزب البعث» 7 كانون 

الثاني/ يناير 1990؛ ومع محمد حسن ميهوبه نائب رئيس الاتحاد العام للفلاحين» 13 كانون الثاني/ 

يناير 1990. وحديث مع فايز كجك. بعثي من تلكلخ ورئيس فرع اتحاد الفلاحين في حمص. 9 كانون 
الثاني/ يناير 1990.» العربي الاشتراكي (تموز/ يوليو 1985))» ص 2. 


268 


656١ 


261-866١ 56‏ 
لبي ف يم وص تبت سب 6 


2< ما 


)5561-261( 


كم وموم دبتكممر 


“24 زن] مج - مام6ع5) 


فص يعم كرو ووس 





61 - اعوط ذكهمم يضكيم وعتيم “كم ب كتكسم سبي 6 1 مود عو دجعمم حكهم اومشرييع شيومم سوم 
(-11) مكعصم 


نقطة 2076 


20 


086١1 
نمك كمد جح ولسوا‎ 
ض تيور نرم ع0- 1وع0‎ 
4) يو‎ 
ضيه سي نه‎ 
كش كر وموم جرم لذ ممم صمتو‎ 
)6261-«661( 
(6561-]461ع) وممصم‎ 
نكمم عستم و مبكم‎ 
)9561-8561(5 4 
جتضاصمر م6‎ 
-إودي) ممم‎ 84614 
)9 661-286 »ب و(‎ 


متتس وموم كج عوسر 


55266- 1 


(5561-2561) 
بوم 
نمم ليست 





211 


556-9561 
ححصم 6646 ج06 
“66 زم 6وع - 1961© 
١+561-561‏ 


م سم عم معي جتني 


»2<561-561 


06 - اودع ممم كي 


كنا .م لقان يي نكسادت ميم لو راي 
دح م ك5 وح ييه 


عوك ل كم ري 


6561-61 


61 2-]هوو] صب وم مم 


ا|6+ع-61ن؟| هت6بجتم ممم 





9461-686١ 
تساي | تيدحده‎ 

“تم6 وموم - و6وع 
جم كم 

61 9-])موج داكت ممم 


يري عمل تم لصم 


212 


تسبي كيم 
في وعمه ف بيس 


خحارت 8561-6565 


ن اق هه طداة 


6261-2561 


6561-256١ 


(2561-8561) 
مجم وي صم 
وتام 
مدو بق 





213 


861 - ]وو مجعض كسم يتكيع ومرقيم كي ككس يي ل 

61م اوه تجعمم حرسم وشيم مشيومم لصوي جه 

تج صو كيم بعف موسر 

بك م كيرد لصم جم ف صموب ”لمر متكي بعتيو «رصح صا د وول فر تفرع محكسم ل بقرتو ريت “كير ووو ل عبس عشوي خموجم) وو يوسم 


66و ل ب دو 

ليه اج تيت مي لد عبن 

كبجم “م 8561-6561 

ومصحيم رت مم 

يقسنم ستو مو 

وكيم جو | 8611 - رووع دمصممن 


مم6 وص صم “كيين 
فحت كم تومن 


١‏ لك رووع- يودع مسمكمم, 
سكم ووم 


كج زع مزق 6م 


عمتجم تسم - لصم 





2104 





جسعنم حل هم اومشربيع) مشيومم] وم جم 
( اا معطم كسعمم) روموع- إاونزو دجعم صم رصم مركتي 


(11-2) مكلعكم 


اهف انهم 


ص صمي 
مع 
يهم 1 


215 





ن1قهطجة 





يحص © وك يكيو ذل كبويع لتم كبتو 6 وب شيمم كنمصي “تلم “كس سبع | سي (له) 

8561 6 حومطو ذو * رس ون "كرو طبرجد عم من قير ص مر معمر رمع 

١ج‏ جسم لكل ويسم ع ١م‏ جعيو ب عون لذي ف (نتيتسم ميد 

“أو دم جع لت ترروون دوع وى مسيم يوون لصم حسم فرصم + إمصمم | ده سسا يتعمس سجس 66 ديت كسسم ينكسم يت كلسسطم ك1 زو ريسم (2) 
يعس بم اببسم لم نم سير جتسسسسيع حنم سبيت 0057 


2127 


5561 
159 0[1لدنناا؟ ؟)لإط صلا 27إطلامنا" 5 ل1[[0إدطز 45553 (1مناممنا: نازودم منالوولوا ل زووو خم بج مجسييسم لي «ك] سيم مبيسسم (ح) 


قو مسي خسم 6 لسعم “كته بي 0 





كان جميع هؤلاء القادة في المحافظات أبئاء فلاحين مالكي أرض 
صغار» باستئناء منصور الأطرش» وهو سليل الشخص الرئيس في الثورة 
الكبرى (1927-1925). كما تحدر بعضهم من وجهاء قرويين. هكذاء 
كان محمود اليونس ابن مختار من قرية بريصين. وتحدّر وائل إسماعيل من 
زعيم إحدى العشيرتين السائدتين اجتماعيًا في القرداحة» عشيرة الحسون. 
لكن الأمر الرئيس هو أن أرفع البعثيين كانوا ينظرون إلى الحزب على أنه 
قوة تثقيفية أساسّاء ووجهوه إلى تشكيل الشباب وفق مثال العروبة الجامعة. 
وكان من المفترض أن يشكل الشباب العنصر الرئيس في الحزب لأن 
تجديد الأمة» من وجهة نظرهم.ء لا يمكن أن يأتي إلا من الشباب. وكان 
يجب زج صفات الشباب من اندفاع ومثالية وتفان» بحسب رأيهم» في 
خدمة الحزب, والحزب نفسه يجب أن يصبح صورة مصغرة عن الدولة 
الأمة المنشودة©. 

اللافت في الأمر أن أكرم الحوراني كان ينظر إلى تركيز البعث القديم 
جهده التنظيمي على الطلاب بوصفه مصدر ضعف. وأكد أن «الحزب هو في 
الواقع مدرسة ولكن للشعب»26©. 


كان «اندماج» اشتراكبي الحوراني العرب في البعث القديم في عام 
2 أشبه بترتيب مهلهل ورخو. فلم يلتزم سوى نحو ثمانين عضوًا من 
الاشتراكيين العرب الحزب «الموحّد». أما أعضاؤه العاديون فظلوا موالين 
وجدانئيًا لشخص الحوراني. وفي الحقيقة» حافظت كل من القوتين المكونتين 
للحزب على شخصيتها المتميزة*». لكن الخطوة أضافت إضافة كبيرة إلى 
تأثيرهما. فنمت القاعدة الداعمة لهما بسرعة في السنوات اللاحقة» ولا سيما 
في الريف العلوي**». وحدث توسع إضافي في صفوفهم غداة قرارهم في 
عام 1955 شبك نجمتهم مع نجمة عبد الناصر في مصر. 


(1) عفلق, فى سبيل البعث» ص 91 - 95 و157-155. 

(22) حديث مع أكرم الحوراني؛ 18 تموز/ يوليو 1958. 

(23) حديث مع صلاح الدين البيطار» 7 كانون الأول/ ديسمبر 1970. 

(24) أحاديث مع محمد حسن ميهربء من الاتحاد العام للفلاحين ونمر عدوان» محرر» نضال 
الفلاحين» 13 كانون الثاني/ يناير 1990. 


218 


ييا 


غير أنَّ نموّهم لم يكن منضبطًاء وأدى إلى أزمة داخلية حادة. فمع عام 
7 قبل الوحدة بين مصر وسورية بوقت قصيرء كان الحزب «الموحد) قد 
أصبح - كما رأى تقرير لحزب البعث ‏ فوضى من التيارات العقائدية. وأشار 
التقرير إلى «عدم الانضباط» و«الفوضى» في صفوفه. وإلى تحول الحزب إلى 
«مؤسسة اجتماعية معزولة». وتابع التقرير ليتحدث بأسف عن «الفجوة 
العميقة» التي قسمت القادة والأعضاء عمومّاء فراح القادة يتصرفون بمعزل 
عن الحزب وينظرون إليه كعبء ثقيل وعائق أمام حريتهم. ونما الشك 
والانهزامية بين صفوفهم نموا كبيرًا حتى وصلا إلى وجود الحزب ذاته: هل 
يستحق البقاء أم أنه تجربة محكومة بفشل محتوه؟37) 

وينبغي أن نضيف إلى هذا التقرير المعبّر جدًا الملاحظة المعاكسة التي 
ذكرها عبد الناصر بعد سنوات من ذلكء في آذار/ مارس 3 . في أثناء 
المفاوضات الثلاثية من أجل اتحاد عربى فيدرالى. قال مخاطبًا قادة البعث 
القديم: «أنا كان معلوماتي عن الحزب أن فيه مشاكل.. تقريبًا عسيرة على 
الحل .. . في وقت مباحثات الوحدة [التي جرت في كانون الثاني/ يناير 
98.م.١....‏ اللي تصورناه كلنا أنكم عايزين تحلوا الحزب6©. لكن ميشيل 
عفلق أكد علنًا في عام 1968 أن اقتراح حل الحزب قد جاء «صدمة» له7©. 
أيَّا يكن ذلك» يبدو أنه وشركاءه استسلموا في عام 8 للشعور بأن إيقاف 
نشاط حزب البعث في سورية لم يكن ثمنا كبيرًا مقابل إقامة الجمهورية 
العربية المتحدة. 


(25) حزب البعث العربي الاشتراكي. «أزمة حزبنا. نظرة عامة»» نص التقرير المقدم من اللجنة 
التحضيرية إلى مؤتمر الحزب للقطر السوري يوم 9 تموز/ يوليو 1957. نشرة لأعضاء الحزب فقط» 
دمشق» ص 1 - 7. 

(26) محاضر محادثات الوحدة؛ مارس - أبريل 1963 (القاهرة: مؤسسة الأهرام؛ 1963): 
ص 73. [ص 134-1733 من الطبعة الصادرة عن الدار القومية في نيسان 1963 [المترجم]. 

(27) أعطى عفلق هذا التصريح يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1968 يحضور المؤلف. 


219 


الفصل الثانى عشر 
البعث «الانتقالي» أو بعث الستينيات» وصعود الوجهاء 
الريفيين أو القرويين الأقل شأناء وترييف الجيش وإلى 
حدُ ما بيروقراطية الدولة 


كان مركز الثقل في البعث «الانتقالي» هو اللجنة العسكرية التي وَلدّت 
سرًّا في عام 21959 وسعت منذ البداية إلى إعادة تنظيم الحزب - ضمن سلك 
الضباط في مرحلة أولى ‏ لكن على أساس جديدء وإلى توجيهه في مسار 
مختلف عن ذاك الذي لنظام الجمهورية العربية المتحدة. وبما أن المسار الذي 
اك 
القدامى ظلوا حتى عام 1964 على جهل تام بوجودها وغايتها الحقيقية. وثمّة 
شيء من الشك في بداياتها وجوانب الس 0000 
الأشخاص الأساسيين فيها أو اعتقالهم» حيث اغتيل أحد مؤسسيهاء محمد 
عمران» في عام 1972. ومات أول رئيس لهاء مزيد هنيدي في عام 1983. 
وانتحر عبد الكريم الجنديء الذي أذَى دورًا مهما في تاريخها في عام 1969. 
أمَا صلاح جديد» عقلها المدبّر بين عامي 1962 و1965 ورجل سورية القوي 
بين عامي 1966 و1968» فتلف في سجن المزة العسكري من تشرين الثاني/ 
نوفمبر 1970 حتى وفاته في آب/ أغسطس 1993. 

يبدو أن حافظ الأسد ترك؛ في حديث مع الكاتب البريطاني باتريك سيل 
(5621 عله مادط) في عام 41985 انطباعًا بأن اللجنة العسكرية أسست في أوائل 
عام 1960» وأنها تألفت أساسًا منه ومن أربعة ضباط آخرين - المقدم عمران 
والرائدين جديد وأحمد المير والنقيب الجندي”'. لكن ذلك لا يبدو متفقًا 


(1) (1988 ,كنصده؟ .8 ١٠١‏ ندصمفهمة) نحمظ ء021غالا عا مم أهعندا3 136 بمتصرة زه معدا بولقم عاعوط 
.61-62 .مم ,(1989 ,كوعع8 فتصرهاتاه0 أه كتدوع لاتونا اإعاععاىء8) 


281 


ال هد 


تمامًا مع الحقائق التاريخية. فاستنادًا إلى أحمد المير» أسست اللجنة في عام 
9» وأعضاؤها المؤسسون الحقيقيون هم عمران والمقدم مزيد هنيدي 
والمقدم بشير صادق والرائد عبد الغني عياش (انظر الجدول 1-12). لكن 
في عام 1960» فصل هنيدي وصادق وعياش من الجيش وعيّنا في وظائف 
دبلوماسية في الخارج. وفي تلك اللحظة أدخل عمران إلى اللجنة العسكرية 
لا الأسد وجديد والمير والجندي فحسب. بل الرائدين عثمان كنعان ومنير 
الجيرودي أيضًا. فى أي حالء ليس هناك إلا القليل من الشك فى أن عمران 
وجديد والأسد والمير والجندي شكلوا منذ عام 1960 المجموعة الداخلية 
للجنة أو نواتها القائدة. 

تغير تركيب اللجنة مع الوقت. كانت قد بدأت في عام 1959 بمجموعة 
من أربعة» ووصل عدد أعضائها إلى سبعة عشية الانقلاب الانفصالى فى أيلول/ 
سبتمبر 1961» وخمسة عشية انقلاب آذار/ مارس 21963 وأربعة عشر فى 
تموز/ يوليو 1963 (انظر الجدول (2-12)). وفى آب/ أغسطس 1965 
استولى المكتب العسكري لحزب البعث على دورها. وفيما عدا تراجع نفوذ 
عمران فى اللجنة» بقيت المجموعة الداخلية النواة القائدة للمكتب» وشكلت 
العمود الفقري لانقلاب 23 شباط/ فبراير 1966. وظلت لها اليد العليا حتى 
نكسة حرب حزيران/ يونيو 1967. ويعدها حدثت ازدواجية فى السلطة» بحسب 
اللغة البعثية» قاد فيها حافظ الأسد التنظيم العسكري البراغماتي على نحو متزايد 
في حزب البعث. في حين قاد صلاح جديد الجناح المدني الراديكالي 
واستخبارات الدولة والهياكل الأمنية. وظهرت الازدواجية جليّة في عام 1968» 
وانتهت رسميًا بانقلاب الأسد في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1970. 

اختلفت اللجنة العسكرية اختلاقًا ينا عن قياديي البعث الكلاسيكي الذين 
كانوا مدنيين في المقام الأول يفضّلون العلاقات السياسية العلنية على 
التخطيط السري المميز للسياسة العسكرية. كان للإرباكات والممارسات 
الاعتباطية التي رافقت سلسلة الانقلابات العسكرية في عام 1949 واضطرابات 
فترة 1954 - 1958» عندما كان الجيش داخل السلطة جزئيًا وخارجها جزثياء 


(2) حديث أحمد المير مع المؤلف» مصيافء 3 كانون الأول/ ديسمبر 1992. 


222 


أن تدفع عفلق والبيطار إلى النظر بعين الشك إلى المؤسسة العسكرية وإلى 
اعتبار الانقلابات العسكرية في المجهول. . وفى الوقت ذاتهء أدركا أنه لا يمكن 
لأي حزب سياسي أن يكون آمّا فعلًا إذا لم يكن له موطئ قدم في القوات 
المسلحة. وهكذا أقاما صلات بضباط الجيش ذوي الرتب الصغيرة والمتوسطة 
منذ الأربعينيات» ولكن على أساس شخصي لا على أساس تنظيمي؛ وعارضا 
مبدئيًا انخراط العسكر في عملية صنع قرارات الحزب. 0 

في المقام الثاني» وعلى عكس أعضاء المكتب التنفيذي للبعث القديم 
الذين كانوا قبل «الاندماج» في الاشتراكيين العرب في عام 21952 من أصل 
حضري وسنى بالدرجة الأولى (انظر الجدولين (1-11) و(2-11))» كانت 
المجموعة الداخلية من اللجنة العسكرية بين عامي 0 و1965 بكاملها 

من القرى والبلدات الريفية وتنتمى إلى طوائف ابتداعية. ولم يشكل الضباط 
السئق ومعظمهم من أصول ريفية» سوى 0 في المئة عشية انقلاب آذار/ 
مارس عام 1963» و50 في المئة بين تموز/ يوليو 1963 وكانون الأول/ 
ديسمبر 1964 من مجموع أعضاء اللجنة» مقارنة بمشاركة سنيّة تصل إلى 75 
في المئة في المكتب التنفيذي للبعث القديم في عام 1945 (انظر الجدولين 
(2-12(:)2-10)). علاوة على ذلك. من بين الأشخاص التسعة عشر 
الذين خدموا في هذه اللحظة أو تلك في (اللجنة العسكرية)»؛ لم يكن سوى 
5 في المئة من المدن السورية الرئيسة (انظر الجدول (2-12)). 


إنه لأمر ذو معنى أن أربعة من الأعضاء الخمسة في المجموعة الداخلية 


(3) كان الضباط الأبرز الممثلون للبعث الكلاسيكي في الجيش همء مأمون البيطار وبشير صادق» 
وكلاهما من سنة دمشق» وحسين حدة» وهو أيضًا سني من النبك (حديث مع العقيد عبد الحميد 
السراجء القاهرة» 26 نيسان/ أبريل 1980). كان الرائد مأمون البيطارء شقيق الدكتور مدحت البيطار 
(انظر الجدول 1-11).؛ قائد المدفعية في جيش الإنقاذ الذي اندفع إلى فلسطين في عام 1948, وقتل 
في معركة ميشمار هاعميك (كاندمه'118 :وتجدوذا!) في منطقة مجدو على الطريق بين جنين وحيفا 
(المناضلء العدد 160 <أيار/ مايو 2)1983) ص 6 - 58). كان يشير صادق مستشارًا في السفارة 
السورية في موسكو في آذار/ مارس 3. وفي ما بعد وقف إلى جانب أمين الحافظ في المنافسة 
اللاحقة على السلطة (النهار [بيروت]؛ 28/ 7/ 1963). لم يظهر حسين حدة ثانية بعد عام 1963. 
حديث مع صلاح الدين البيطار» 7 .5 ومنئيف الرزازء التجرية المرة (بيروت: دار غندور 
للطباعة والنشر والتوزيع» 1967): ص 40-331. 


2233 


من اللجنة وعشرة من أصل أعضائها التسعة عشر جميعًا كانوا من طبقة الوجهاء 
الريفيين أو القرويين المتوسطة أو الأقل شأناء ولم يأت أحد منهم من طبقة 
المحاصصين أو العمال الزراعيين المحرومين من ملكية الأرض. وكي نعطي 
قيمة لهذه الملاحظة» من الضروري أن نقول شيئًا ملموسًا عن الأصول الطبقية 
للأعضاء المعنيين» متناولين أولاء وبأشد ما يمكن من الإيجاز» أولئك الذين 
كان تأثيرهم هو الأدنى في الحوادث. أو كان صوتهم ضعيقًا في سلوك اللجنة. 


الأصول الاجتماعية لأعضاء اللجنة العسكرية 


يتحدّر مزيد هنيدي الذي خدم بين عامي 1963 و1965 رئيسًا للشرطة 
العسكرية وقائدًا لجبهة الجولان ومديرًا لقوى الأمن الداخلى على التوالى» من 
عائلة تمثّل؛ إلى هذه الدرجة أو تلك؛ الوجهاء القرويبن في الريف الدرزي. 
كان والده مالك أرض صغيرًا وشخصًا يتمتع بالتقدير» تحدر من عشيرة من 
المحاربين الدروز كان لها منذ أواخر ثلاثينيات القرن التاسع عشرء وبفضل 
الأعمال البطولية لأحد أسلافها ‏ هزيمة المهند» ‏ ضد القوات المصرية بقيادة 
إبراهيم باشاء أن تُبّرز زعماء قرية السجن وقرى أخرى في منطقة المجدل". 


ينتمى حمد عبيد» الذي كان قائد الحرس القومي في عامي 1963 
و1964» وشغل لفترة قصيرة في عام 1965 منصب وزير الدفاع » إلى عائلة 
من مالكي الأراضي المتوسطين من السويداء نالت الوجاهة في جبل الدروز 
إلى حد بعيد بفضل «استشهادا والده فى ثورة 1927-1925 ودور جده 
علي عبيد في خدمة الثورة'“. 1 


(4) منح هزيمة صفة «المهند؛ لأنه حمل سيفًا ثقيلاً مصنوعًا من الحديد الهندي. تغير هذا اللقب 
مع الوقت إلى هنيدي. 

(5) حديث مع حمود الشوفيء الأمين القطري لحزب البعث؛ 1963 - 1964» 27 حزيران/ 
يونيو 1991» وحنا أبى راشدء حوران الدامية: جبل الدروز (القاهرة: مكتبة زيدان العمومية؛ 41926 
7 ص 00186 

(6) حديث مع جبر الأطرش» 30 حزيران/ يونيو 1985؛ حديث مع حمود الشوفي 27 حزيران/ 
يونيو 21991 وأدهم آل جنديء تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي (دمشق: مطبعة 
الاتحاد» 2)1960» ص 244. 


34ؤ2 


6 


2055 





0 961 ]| اووع م * بهم 

صنب رحبي وعتبى | حي أشي وى وو تع شب - عتية نمي كك كي “كر رفوع | لصم ريك 

فت لضم لك و يسم مكو فوس 26 نرووع عدوي ري و ]حي “م ليد رووح سي 
بير تيوه متعم | لصيو ل كنوع رج تعس وكسوم قي و6مسمر أ مود ست روي 


مسار رمد بين 0041 لاقو الى قسقي كن ايان بالملاف مك نيووع مان 
للد لقي ل لي ل ل 0 /12؟1 6561-2961 
ومني خب وعسبمى ل رووع لو كي ل درووىم- وووم 
رصم تدم “كن ويسم | «“رصبرمم “سي و كام و مول - رووع 
بيع ومن رويب ”يما وجي كنم ونش لوو وج موع 6م36 
تيم كم م جل كر ونه | كسس - سس عاج دي ممم يي كيم “مستوع 


رن نوه - رووة 


06 - وووع عرسم موووومر 


[6 وي المسبيسي | حم (كم ريس كم عيطم مهم 
ياصع وتوم فليم عومسم ضوعم | مم[ “يع وم لبي لك لمستسسم م مجه ريطم يه مومسم رطمم د يي 
( -21) مكعم 


256 


الس 1 اموع مسي رضي ني بويع كيه 
جمد تسو عتمم | وجرن عسوي رظي لصي رع كل اكقسم يج ع 
عومسم وشيم “خصص | كو وج موود ووو وجعم تكسم «وكيسمم برد بيب ف 5 موه أنرووع عكر اكز 
لمشي > ١ن‏ متسيس كيم أ مشيوممم بي و وج لسري إحمم - و6وع وي ومح 66م ملسي لم - 0961| - رهوج موسي 
بي تومه | عسوي رطير كير «مروريع كترى ور ووع ١‏ 
متب مودي ونه | درسم موي ببته تي ب شيم جكب كامم مي 


جبجيب 
+56١‏ 
التسبيل لتايس لك يسم سه ]| تتيم رخ 1-096 6و6 
1 إلى صو ضضم يعي شي ركيم صر عوية لل 
فجتي جسم “لسر وتم 
عد زرووو» 
أموع شري فت رورس كر ووم ١‏ 
َ : لعي رخ 6وه- 61و65 
و بصم صر لت ورك جو ووع كك /6ا؟ 
بيسي حي يكسم ويسم “ف ع ببيسى 





نري دو جلي جل 6و6 ات 16 


كسم مو “كر جره كر ع ممصم درووم- ووو دقاوم ورتم كي 1 0 
تع كيمس لعي ليم | ركيم ليع شييم ست و موح د ر6وع | حم 1 ٌ ومسي رم - 0961 


61 -ام6وو هم »ب 
مم0 - زووو مجعم كعم وسيم | بونذ يجوب في 
خعودم كس 61م ] - ووو دبتكظمر لوكي يقي وكيم "| صرسي رضي - يوون 
عو نوع كتسيم في يتكظم ولو 0و 


257 


اووع دجي كنم رجا ل 7م 


َ م 57 49611 - 961و ترجكخضع 66كم) كيم إى 5561 
قب لسرم تيع مر ور مم 


يوسي زيووو-وووع مسوم ريما مسيم لخي - 6و0 
ين يي ل 1 


1 كير موسيم “ل مجم وو «كي مور 
عدم سين 


وو نكمي ع متيه 





نا قهطحجة 


28ظ2 


261 -1مجو] ‏ إهووي مجعم تيمم ويسم شيوجم 

لكوم يكسم | كب :موي مسق ميم كاي - اتتمينلم 

وكير مرمطب مص “كر | كرت وم 6454 11 196- زود تور 
توس كيس طويير “قفومو | قي لجسم يرج *زكم 80و 611و - اموع 
سيم نكم بين ميقعضر جكيم كيم كسم متو 


اع وو كم رجنب - يرووع »ا ربكم 
دج ك(سسمم | رب كم “ لسو جر ماوع 6م 6 | 
د صم كو موك فر روك وعم مو 


لي عت عمسم وير 
يمد تسم بين 
عي تيدم كم 

جسم صبييع يم 
لم كيم بس مم بيت 
9961 

رج جح ف رجهم ف بسو 


6و غ-إ6وع «لرصرمم يي وي عتمم 


ا كي يسا 


بيع وى ينه 


١ | 


(زووح لد 

“في بشممام لولمه جيرج كد 

ف مم رضمو و موع 

3 مان ري > واقوج 
شتيم 

إن رمسم وتسم 

ضع ووم صجسي 

بخ - يموع "كك 16 

نزوو لي فض وسو يم 


: 5 1 
ا6وءع 

حت | كسان 6 - زموج *ى 

شسسم) “م 05 96ج - 0961 





2039 


د عجو ته 
وبي ل سكير بيو 
نولاتس يم لمجا| 

تيمم تسيربع بينهه 
اليم 

جدءء ييه ديو 

كن بوتس كب لك يك 
كيم مسج ينزه 
لي مر عمسم صوييع 
يم لهمي بين 
اتوك لو رمسم لل 
لل متيدمم لكام ]عدم اك 
ترسو الك لقره 
“كتير لوت كم وبتك 
صما 

تمع “كن لكت ربس كسم 
بيع وى بينو 


6 امو ولت ممم ليرت عون 


١6و‏ * »تم رجه - ر6وو 

كك لجخب «جويم كستر6 1 61-99 وو 
كت مومسم كي | يوم المستوم 

61 -)موع دي كسمم جا كسم مستي 
6-61و9ع 

ضرمم ص عومسم كيم 63 صو 


إووو مسيم لتظمم ١‏ ووو دجم 

ف ل بيسسسم سمدم نم6 ]96و - إ موع 
تضم برعم © عيبتب يتوه ستو 
امومع >#* رجه جو 

لمي نرووو- رووع دج كمومه ورين 


علس ساي سان اقزنى لد ان 


ووم مسي 


الصااس 1د الصقامة ااا 


رموه رسي 


بخ > رهوع “كك راك 





لومم جك رج معدم جرس بصم جسم كسام دع وا أي قي يوسم حي كي لصم موري متسيس نيم سي 

مير يو رم 

وج كمنسست إمكيع كي ع حير تمص وكتسم مص “كرا جص (2) 

ووو لج 2 جم ف يتس كرف حوري © ذ فوع يتنم كل سم رح 

«جعهم | حمكهم كج ومجته "و مجر وق جووع كسك كي مص كسضم “كترم يوسم يجنم بيع تكسم 6 بعصم مسبو كر “د الإسرصمر كروي ري 
لاووج كوك إخقريي صم جو درشمسم حي شيمم لفمينم تررس لم لمتمير “أبخم ورم عوج عمسم 

عي ”م 02 ويس حم جسترص) )ىوح ومسي لضي ل )وا ريمع عسوي اسمس (كتسسا6 و عاج مسق كي جكب ع وح شم أي بجتمي) 1ق وو 
مسيم حمر - ع وان ديةكوسسهم) ومتنسم | كحي وتسم متك 3( ] ع0 تكن رج مستم جو دوكه ريو تم جستمرص) يوسم جيم كن جسم مشيوجم يسيع | كوكم ول كسم 
متنمهم | جني جتيصم | جم “لي لز كامس ويسم بينم ب ضحم 4 كسم نمسم “كل لتبوم ةا وسمع رمدم جرع وترم وتسم مي وق رصح و كم وي عمسم 


ووو زووو جمض خكمم مويسم 

طعي عن عمسم | حشيوعم| نجي 1 96+ - إاووع كنم 6 كم 
تيمم جينه حرم | «رصمسسم ص ركيم ذصمر مووع) الموج كتكة 
ومس ل رعو عرو و ويسم لصم شوو 


10ظ2 


وي تنم كم 

6 مو طنس مهو | مرج لبي عب فجم 6456 6115م 2 - 8961 
عوم جره “يسام ركع ت6 ور ووع- 5961 

لوصح عت رويب يع وصيممي شي لسعم فس حيمر ل زكرم لوو 

متب م لط كر يذه 


بخ - رهوع مكو كر 





نقطة 20776 


الجدول (2-12) 
أعضاء اللجنة العسكرية لحزب البعث» 1959 آب/ أفسطس 1965 
(ملخص الجدول 1-12) 


ُُ 
ع 
م 
0 





2132 


42-0 


سنة 


الأصول من طبقة الوجهاء الريفيين 


39-6 


سنة 


29-6 


سنة 


ُ 


| 


3 
7 
١ 


الطبقات ذات الدخل 


العمر في سنة الانضمام إلى اللجئة 








أشخاص منحدرون من 
طبقة الوجهاء الريفية 
الوسطى 
أشخاص منحدرون من طيقة 7 
الوجهاء الريفية أو القروية 
الأقل شأنًا 


0-92 ها 
1 1110010 


تحدر موسى الزعبي» قائد سلاح الصواريخ بين عامي 1965 و1966» 
من عشيرة سنية مالكة أراضي متوسطة تمتعت في الماضي بالسيطرة في ست 
عشرة قرية على الأقل في منطقتي درعا وإزرع؛ وقدمت على مدى قرون 
مشايخ الطريقة القادرية الصوفية في حوران. وكان مركز العشيرة الديني في 
القرية ذاتها التي ولد فيها موسى الزعبي» وهي قرية المسيفرة» على بعد نحو 
عشرة أميال شرق درعا©. 

تحدّر أحمد السويداني» رئيس المخابرات العسكرية بين عامى 1963 
و1965 ورئيس الأركان بين عامي 6 و1968ه» من عشيرة سئية قديمة 
في حوران هي بني سويدان التي غالبًا ما قدمت المشايخ الرئيسيين لهذه 
البلدة في القرن السابع عشر قبل غزو السويداء على يد المهاجرين الدروز 
من لبنان.”2 كان والده فلاحًا مالك أرض متوسطّاء وقد ملك «ربعة أو ربعتين 
أكثر من جيرانه». والربعة مقياس للأرض يساوي ما كان ثوران تحت النير 
يستطيعان حرثه في يوم. وكان يملك - بالاشتراك مع والد جورج طعمه. 
سفير سورية لدى الأمم المتحدة في منتصف الستينيات ‏ «فرسًا من سلالة 





(7) أبى راشدء حوران الدامية؛ ص 39. وحديث مع فايز الناصر أحد أبناء حوران وعضو في 
القيادة القطرية لحزب البعث من عام 1985 حتى الآن؛ 7 كانون الثاني/ يناير 1990. 
(8) عن بنى سويدانء انظر أبى راشد» حوران الدامية» ص 179. 


213 





ال يد 


صافية تساوي مئة ليرة ذهبية تركية». وهو ما كان يعتبر فى نوى» مسقط رأسه. 
«علامة على الجاه1. 


تفرعت عائلة مصطفى طلاسء رئيس الأركان بين عامى 1968 
و1972 ووزير الدفاع منذ عام 2 » من عشيرة فرزات الزراعية السنية 
التي تمتعت بالتقدير في بلدته الأصلية الرسوة وهي بلدة ريفية إلى الشمال 
عشيرة حمدان المنافسة التي تمتعت بنفوذ أكبر وربطت نفسها بالاتجاء 
الناصري في النصف الثاني من الخمسينيات”'". واستنادًا إلى طلاس» فَإِنَّ 
عشيرته تتحدر من قبيلة بني عبس التي جاءت إلى سورية مع الجيش العربي 
بقيادة خالد بن الوليد. واستقرت في الرستن في القرن السابع. وفي عام 
2 وهو العام الذي ولد فيه طلاسء كان والده. الشيخ عبد القادر. 
مختار البلدة. لكنه لم يكن غنيًا بالمال» بعد أن صودر الكثير من «أملاكه 
المنقولة» بناء على أوامر من والي المنطقة في أواخر العصر العثماني» لأنه 
كانء كما يقول طلاس نفسه. قد «أحرجة الوالي» وأثار لديه شعورًا قويًا 
ب«ضعف الإرادة والحقد؛ عندما أظهر في أحد الاستقبالات شهامة لابن 
المضيف أكثر بكثير مما أظهره الوالي. كان والد طلاس في ذلك الحين 
متعهدًا يورّد المؤن للجيش التركىء وبعد الحادثة «انتهى على الحصيرة» 
بحسب تعبير طلاسر27. لكنه مع مرور الوقت». حصل على شيء من 
الأرض التي زادت قيمتهاء كغيرها من أراضي الملاكين الآخرين؛ بعد بناء 
سد الرستن على نهر العاصي في فترة الوحدة بين مصر وسورية2'"©. 

(9) حديث مع جورج طعمة: آذار/ مارس 1986. 

(10) بكلمات طلاس نفسه. «نحن وآل فرزات نشكل عائلة واحدة منذ أقدم العصور»» العماد 
أول مصطفى طلاسء مرآة حياتني: العقد الأول 1948 - 1958 ط 2 (دمشق: دار طلاس للدراسات 


والنشرء 1)») ص 39. حديث مع رجل من محافظة حمص فصل ألا يذكر اسمه. 
(0) طلاس» مرآة حياتي» ص 22؛ 4 و26 -28. 


(12) مصدري عن التقدير المحلي لآل فرزات هو الشخص نفسه من محافظة حمص الذي أصر 
على أن يبقى مجهولًا. 


214 


لا ينفصل تاريخ عائلة عبد الكريم الجندي. عضو المجموعة الداخلية في 
اللجنة العسكرية» وقائد قوات الصواريخ بين عامي 1963 و1964» ورئيس 
مكتب الأمن القومي في القيادة القطرية لحزب البعث بين عامي 1966 
و1969» عن تاريخ مدينة السلمية الحديثة التي 7 تقع في السهوب على يعد 
عشرين ميلا شمال شرق حماه على ارتفاع نحو 7900 قدم. . وهو سليل محمد 
الجندي ‏ الملقب ب«أبو علي؛ أحد أبناء قرية بحوّي في منطقة الخوابي 
شمال شرق طرطوسء الذي هاجر في عام 8 إلى موقع السلمية المدمر. 
وكانت السلمية مركز الطائفة الإسماعيلية في العصور الوسطى. ونتيجة دور 
أبي عليء ولاعتبارات أخرىء اختاره رؤساء العائلات الخمس عشرة الأخرى 
التي استقرت في الموقع» بعد أن جاءت من منطقته أو من مناطق مصياف 
والقدموس المجاورة» أول مختار لها. 

غير أن السيادة منذ البداية حتى عام 1963 كانت في السلمية للأمّار أو 
بدقة أكبرء للأمير إسماعيل وسلالته. وعلى الرغم من زواج الأمار من نساء 
من آل الجنديء فإن التنافس بين العائلتين أصبح تقليدًا. عاش الأمّار ضمن 
القلعة.» في حين عاش آل الجندي خارج أبوابها. ومن الأمّار جاء رؤساء 
مجلس المدينة ونوابها في البرلمان وكبار ملاكي الأراضيء ومن آل الجندي 
جاء القضاة والمعلمون وموظفو المالية.”'2 واشتد التنافس عندما قاد الشيخ 
محمد علي الجندي الذي تزعم العائلة في فترة بعد الاستقلال» حركة تنادي 
بعودة الإسماعيليين إلى الإسلام الأصلي. ولم يتبعه سوى ثلث أبناء السلمية 
تقريبّاء في حين استمر الآخرون مع الأمار في اعتبار الآغا خان قائدهم» وهو 
سليل مقيم في أوروبا للإمام الإسماعيلي قاسم شاه من القرن الرابع عشر. 

في غضون ذلك. كان عدد سكان المدينة في ازدياد: ارتفع من نحو 
ل ا في عام 1960 . وكبرت عائلة الجندي 
أيضًا لتصبح عشيرة تضم مئات عدّة» وأصبحت متمايزة داخليًا أيضًا. هكذا 
2011111010010 
جيداء ولا يبدو أنه تابع إلى النهاية أي مسعى. بدأ مزارعًا يملك أقل من 


(13) كان الأمّار يملكون من بين قرى أخرى قرى برّي وتل التوت وأبو رباح ومالطه والخفية. 


215 


0 دونم بعل. ثم اتخذ شريكًا وجرّب العمل في تجارة الأخشاب» لكن 
انتهى به الأمر موظفًا حكوميًا محليًا. وعلى العكسء كان قريبه» الشيخ 
محمد علي الجنديء» وهو والد سامي الجندي ‏ مؤسس فرع حزب البعث 
في السلمية ‏ وخالد الجندي ‏ رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال 
والكتائب العمالية المسلحة بين عامي 4 و1967 - يملك نحو ألف 
دونم» وبوصفه كبير العشيرة» كان لديه منزول» وهو مكان كبير معد 
للاستقبالات والاجتماعات الكبيرة» دلالة على المكانة الخاصة التي يتمتع 
بها. ويمكن النظر إلى تحول الجيل الشاب والمتعلم من العشيرة إلى 
البعثية بوصفه إحدى الطرائق التي سعى بها إلى تقويض سلطة العشيرة 
المنافسة تقليديّاء الأمّار24, 


أمَا أحمد الميرء عضو النواة القائدة للجنة العسكرية بين عامي 1960 
و1965 وقاتد اللواء 70 المدرع في الكسوة من تشرين الثاني/ نوفمبر ظئظ1 
إلى شباط/ فبراير 1966 ومدير مكتب شؤون الضباط بين عامي 1966 
و1967 وقائد «قطاع في جبهة الجولان» في عام 51967 تعحتر مو الأفان 
فى بلدة مصياف الإسماعيلية الريفية فى منطقة حماه» الذين كانواء مثل أمار 
السلمية» #رجال سيف» وذوي مكانة اجتماعية عالية. كان جده؛ الأمير محموده 
في أيام العثمانيين قائد قلعة مصياف و«صاحب كل الأراضي» التابعة للمدينة. 
أما والده الأمير ملحم فأصابه الفقر بعد إبعاده عن معقله على يد الفرنسيين في 
عام 2©1920©. وانتهى به الأمر قيّمَا على مخزن وبائع فحم”". ولا شك في 


(14) تستند الملاحظات السابقة أساسًا إلى مقابلة في كانون الثاني/ يناير 1990 مع أحمد علي 
الجندي؛ أخي الشيخ محمد علي الجندي. عدنا أيضًا إلى كتاب محمود أمين» سلمية في خمسين قرنًا 
(دمشق: [د.ن.]؛ 1983) وهو من أنصار الأمّار. الأرقام المتعلقة بعدد سكان سلمية مأخوذة من: مؤيد 
الجيلاني» محافظة حماه (دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد القومي» 1964)» ص 3 9) و ,اأوفههةة] .8 5810 

.8 .م ,(1936 وعم سمعاعجمه تادماء8) وأسرى ره «ماامعتممو0 ءأ«مصومط ر.لء 

(15) هذه كلمات أحمد المير الذي أنكر إنكارًا جازمّاء في حديث مع المؤلفء أنه كان قائد 
كامل جبهة الجولان. 

(16) مقابلة مع أحمد الميره مصيافء 3 كانون الأول/ ديسمبر 1992. الكلمات بين أقواس هي 
كلمات المير نفسه. 

(17) مقابلة مع د. سامي الجنديء سلمية» 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992. 


216 


67 


أن ظروف العائلة الصعبة كانت عاملًا في اجتذاب أحمد المير إلى حزب البعث 
والتزامه الأفكار التي بات القائد الاشتراكي» أكرم الحوراني» يمثلها 

كان والد المقدم محمد عمران» رئيس اللجنة العسكرية من عام ؤظ1 
إلى آب/ أغسطس 1962 ومن آذار/ مارس إلى تموز/ يوليو 1963» نموذجًا 
عن وجهاء القرى بين علويي السهول. كان رجل دين من عشيرة الخياطين 
العلوية» وأحد كبار قرية المخرم الفوقاني في منطقة جب الجراح شمال شرق 
حمص. وكما هى حال كثير من رجال الدين الريفيين العلويين» كانت طريقة 
حياته قريبة جدًا من تلك التى للفلاحين؛ لكنه كان يملك قطعة أرض خاصة 
به» ويعيش براحة. وكان أيضًا شخصًا ذا موقف وأدَّى دورًا خاصًا في القرية» 
حيث كان الفلاحون يلجأون إليه لتسوية خلافاتهم ولتسوية مشكلاتهم المتعلقة 
بالميراث أو الزواج وطلبًا لنصيحته في أمور أخرى تهمهم. وأصبح عمران 
نفسه يتمتع بنفوذ أوسع بين الفلاحين الخياطين» لا بسبب صلاته العسكرية أو 
دوره السياسي فحسبء بل أيضًا بفضل زواجه من إحدى بنات سليمان 
المرشدء استنادًا إلى سوري عرفه شخصيًا وعاش في منطقته. كان المرشدء 
وهو راع متواضع ونوع من المسيح الريفي» قد ادعى امتلاكه قدرات نبوئية في 
عام 1923 في عمر السابعة عشرة» وحكم عليه بالموت في عام 1946 نتيجة 
تحديه العلنى للحكومة» لكن طائفته. المرشديون؛ استمرت فى اكتساب موالين 
لهاء ولا سيما بين عشيرة الخياطين9". ْ 

كانت عائلة صلاح جديد. أول قائد فعلي للجنة العسكرية في منتصف 
الستينيات» تفوق عائلة عمران فى المكانة ونمط الحياة» حيث حمل والده 
محمود لقب آغا. وبوصفه أحد الزعماء الفرعيين لعشيرة الحدادين العلوية» 
تمتع الوالد بمكانة لا في دوير بعبده» مسقط رأسه. فحسب. بل في منطقة 


(18) أنا مدين بالمعلومات عسن محمد عمران للسوري من جب الجراح المشار إليه في النص 
والذي اختار أن يبقى بلا اسم. وأنا أيضًا مدين لعلي الخليل» عضو القيادة القطرية لحزب البعث في لبنان 
بين عامي 1964 و1966 (حديث. بيروتء كانون الثاني/ يناير 1978). 

(5) الأرجح أن هناك خطأ في المعلومات؛ فاسم والد صلاح جديد هو محمد عزت جديده أما 
محمود جديد فهو عمه. يؤكد المعلومة أيضًا قريب صلاح جديد ورقيقه الذي يحمل أيضًا اسم محمود 
جديد. 


17ظ2 


جبلة كاملة. وأضافت مشاركة أحد أقربائه المباشرين ‏ أحمد عليا جديد - 
بمسؤولية قيادية في ثورة الشيخ صالح العلي ضد الفرنسيين (1921-1918) 
إلى صيت العائلة*". لكن يبدو أن محمود آغا نفسه قد تعاون مع الحكام 
الفرنسيين في الثلاثينيات» وعمل فترة من الزمن مدير ناحية تحت حكمهم. 
وكان يملك أرضًا في قريته» لكنها لم تكن كبيرة بما يكفي ليتأئر بقوانين 
الإصلاح الزراعي لعامي 1958 و1963. وعلى الرغم من ذلك» كان ميسورًا 
بما يكفي لإرسال أولاده الخمسة إلى مدرسة اللاييك العلمانية ذات الإدارة 
الفرنسية في طرطوس. 

عندما كان أبناء جديد الشسباب في المدرسة؛ يمن فيهم صلاحء انضموا 
إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. وفي الحقيقة» صعد شقيق تيو يق صلاح 
الأكبر» غسان؛ ليصبح في عام 1954 رئيس التنظيم العسكري السري للحزب 
السوري القومى الاجتماعى عندما كان يشغل منصب قائد الكلية العسكرية في 
حمص. وكان انجذاب أعداد كبيرة من أبناء عشيرة الحدادين إلى الحزب 
السوري القومي مؤشرًا على التأثير العشائري لآل جديد واستمرار قوة 
العشائرية. لكن جزءًا من الفضل» في هذا المجالء يعود إلى الشيخ العلوي 
إبراهيم عبد الرحيم» وهو منتم مخلص إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي 
وأحد مخاتير قرية بعمرة في منطقة مصياف ووالد الرقيب الشهير يونس 
عبد الرحيم الذي أطلق النار على عدنان المالكي الذي كان حينها الشخصية 
العسكرية السورية الأشدّ أثرّاء وأرداه قتيلا. ليس واضحًا هل كان غسان جديد 
متورطًا في التخطيط لذلك الاغتيال أم لاء فقد فصل من الجيش قبل ذلك 
بأسابيع قليلة. لكن الحادثة أعقبتها نتائج رهيبة عليه وعلى أنصاره. قضي على 
الحزب السوري القومي الاجتماعي بوصفه قوة سياسية. وفرٌ غسان نفسه خوفا 
على حياته» لكنه قضى في بيروت على نحو عنيف بعد ستتين من ذلك. وتركت 
خسارة صلاح جديد لأخيه تحت تلك الظروف المرعبة علامة لا تمحى في 
شخصيته: ولعلها تفسر إلى حد ما حذره وتكتمه وأساليبه السياسية الملتوية. 


لا يمكن أن تكون مشاعر صلاح جديد الحقيقية نحو تحطيم الحزب 
(19) آل جنديء تاريخ الثورات السورية» ص 32 -33. 


28ؤظ2 


السوري القومي الاجتماعي سوى مسألة تكهّن. وما زالت معرفة الوقت الذي 
حول فيه ولاءه إلى حزب البعث وما إذا كان قد انضم إليه قبل اشتراكه في 
اللجنة العسكرية أسئلة مفتوحة. واستنادًا إلى القائد البعئي السابق سامي 
الجنديء فإن جديد «لم يتتسب للحزب ولم يقسم يمينه [المفروض]4. وهو 
يعترف بأن جديد شارك في أواخر الأربعينيات: وهو طالب مدرسة ثانوية» في 
«حلقات» الحرزبء ولكن لفترة قصيرة وبوصفه نصيرًا فحسب. وفيما بعد, 
«كان... يتعاون مع الضباط الحزبيين في الفترة التي كان فيها طالبًا في الكلية 
العسكرية [1951-1949]. . كان عندي نسخة عن قائمة الحزبيين فيهاء ولم 
يكن اسمه بينه.200. لكن أكر م الحوراني أكد في عام 1985 أنه قد عرف 
جديد «من الخمسينيات حين كان ضابطًا صغيرًا”©. وبالتالي» فمن المرجح 
الم ياس كن اس لسريس أيَا تكن الحال» فإن النقطة التي 

تستحق أن نتذكرها هي أنه مع صعود نجم جديد في حزب البعث في 
١‏ لستينيات» فإن أفرادًا كثيرين من عشيرة الحدادين في منطقة جبلة» ممن كانوا 
سابقًا قد اتجهوا : نحو الحزب السوري القومي الاجتماعي, غيروا اتجاههم 
بحدة نحو حزب البعث2©. 


إذا كان آل عمران وجهاء على مستوى قرية» وآل جديد على مستوى 
منطقة ريفية. فإن أهمية عائلة حافظ الأسد لم تتجاوز حدود حي في قرية» 
وبالتحديد» حارة العيلة في قرية القرداحة. غير أننا سنترك خلفية الأسد الآن 
كي نتناولها على نحو أشمل في موضع أكثر ملاءمة من هذا الكتاب (انظر 
الفصل 14). 


(20) سامي الجنديء البعث (بيروت: دار النهاره 1969). ص 143. 

(21) مقابلة مع أكرم الحوراني» باريسء 15 تموز/ يوليو 1985. 

(22) تسعند الملاحظات الواردة في هذه الفقرة في شأن صلاح جديد وعائلته جزئيًا إلى أحاديث 
مع أنطونيسوس توما عبيد وسليم البيطار؛ وكلاهما من ناشسطي الحزب السوري القومي الاجتماعي؛ 
8 كانون الثاني/ يناير 1990؟ ونصري نصارء وهو ضابط سابق في الجيش ومنتسب إلى الحزب السوري 
القومي الاجتماعي» 25 تموز/ يوليو 1989. وأنا مدين كذلك لبعثيين سابقين على اطلاع جيد هما معن 
بشور من صافيتا ورغيد الصلح من يبروت. عن مسألة عدنان المالكي؛ تستحق القراءة الرواية التي قدمها 
شقيقه رياض المالكي في كتابه ذكريات على درب الكضاح والهزيمة (دمشق: دار دمشق» 1972): 
ص 196-173. 


2059 


0 


العوامل التي أدت إلى صعود طبقة الوجهاء الريفية أو القروية 
الأقل شأنًا 


في النهاية» كانت وفرة الضباط الذين تعود جذورهم إلى طبقة الوجهاء 
الريفية أو القروية الأقل شأنًا فى اللجنة العسكرية» انعكاسًا لحقيقة أن هذه الطبقة 
كانت» بوجه عام في حال من الصعود اقتصاديًا واجتماعيًا في العقود القليلة 
السابقة. ويبدو أن ذلك كانء إلى حد بعيدء نتيجة السياسات المتبعة في ظل 
الاتنداب الفرنسيء وتحديدًا تقسيم سورية وإيجاد كيانات ذات أساس ريفي 
كدولة العلويين ودولة الدروزء وما اتصل بذلك من تكاثر في الهيئات الإدارية» 
والتوازن بين الريف والمدن. وانتعاش الوجهاء الريفيين في مقابل التدهور 
المقتصود د لنظرائهم الحضريبن؛ وعزل كثير من الأراضي الأميرية والمشاع 
وتحويلها إلى ملاك خاصين. كانت هذه السياسات هي التعبير عما سمّاه جاك 
ويلرس «تعاطف» حكومة الاتنتداب «الفاعل مع أهل الريف226). واحتساب 
الطبقة التي انتمى إليها كثر من الوجهاء الريفيين 5 القرويين المتوسطين أو الأقل 
شاناء إن لم يكن معظمهم ‏ أي الفلاحين المتوسطين أو ملاك الأرض المتوسطين 
أو حائزي مساحة بين 10 و100 هكتار - ضمن المستفيدين الرئيسين من أفعال 
الفرنسسيين» هو أمر تفترضه زيادة حصتها من مساحة الحيازات الإجمالية (بما 
في ذلك مساحة أملاك الدولة) من 15 في المئة د تقريبا في عام 2 إلى 
نحو 33 في المئة في عام 1944 وإلى 36 في المئة في عام 1955*. أمّا أن 


)223 انظر : ,(1946 ,[وكساه؟] توموط) برءل0 ماع بك أت مسري عل كدمكرمط ,عووعايوللا كعنوعول 
17م 

عن سياسات «الانتداب؛ ذات الصلة: انظر: -175 .مم #القاءءمي ,اسرد عك كممعبرمم ,عكدمعادهلا 

98 

920-1435[ ,بك تأعدمنلهاة طوجل إن الوط 116 تعءامفماط :د17 ١1١6‏ لثنه وتصرزد ,لمنمطكا .5 ملتلتطط 
213-147 اسه ,44-46 وم ,(1987 ,كوعع2 بزاتو اللرنا لمأععماء تسماءعدلوط) 

بو علي ياسين» حكاية الأرض والفلاح السوري؛ 1858 - 1979 (بيروت: دار الحقائق» 1979)» 

ص 24-16؛ بدر الدين السباعي؛ أضواء على رأس المال الأجنبي في سورية (1958-1850) 
(دمشق: [د.ن.]ء» 1967)» الفصل الثاني» و: «قان؛ #بونعطما فانه مبزت موومعهما لإفأقصمعل معطمعرة 
271-33 .مم ر(1958 رووعمط برازو اتونا لعه!»:0 :امهم ط) عاملنبهانا بإعمع رط 

)224 قام يتقديرات عام 2 مأسويته ا ه كأمووم زر أدفنولط عط ,اععمك تغطاخ-مدول 


,01طأنا اال أء ءأبرى هأ ع0 عناو |6070 - 


300 


1 


تكون الطبقة ذاتها قد استفادت استفادةٌ كبيرة من سياسات البعث الزراعية في 
الستينيات فهو أمر يجب أن يكون واضحًا من حقيقة أن حصتها من مساحة 
الحيازات الخاصة المملوكة تمامًا قد وصلت إلى 58.7 فى المئة وأنَّ حصّتها 
من الحيازات المستأجرة قد وصلت إلى 49.6 فى المئة فى فترة 1970 -1971» 
في حين كانت الحصص المقابلة لحائزي أقل من 10 هكتارات هي فقط 23.5 
و15.1 في المئة على التوالي (راجع الجدول (1-2)). 

حتى نكون حذرين» من الضروري أن نضيف رأسًا أن الملاحظات 
الواردة للتو ليست صحيحة إلا بالمعنى التقريبي والواسع؛ لأن التمايز في 
الحيازات على أساس المساحة لا يتطابق تمامًا مع تمايز المزارعين إلى 
فلاحين صغار ومتوسطين وأغنياء. إذ من الواضح أنه يمكن تصنيف الفلاحين 
الحائزين على المساحة ذاتها من الأرض على نحو مختلف استنادًا إلى 
مواردهم الأخرى أو وسائل الزراعة وإلى عوامل مثل: هل كانت أرضهم غنية 
أم فقيرة أم بعلا أم مروية بالراحة أو برافعات الماء أو بالمضخات. 


زيادة ترييف القوات المسلحة 


نجح أعضاء اللجنة العسكرية البارزون في الفترة التي تلت عام 1963 
ماكبرة وبوجود روافع السلطة الحاسمة بين أيديهم ونيتهم توسيع قاعدة 
دعمهمء في تسريع عملية كانت قد بدأت في الخمسينيات وتكثيفهاء عملية 
تضمنت تحويل سلك الضباط والقوات المسلحة وبيروقراطية الدولة تحويلا 
جوهريًا إلى مؤسسات ذات صبغة ريفية أو قروية قوية. وبعبارة أخرى» وكي 
يكون كلامنا ملموسًا أكثرء فقد طهّر الأعضاء النافذون في اللجنة الععسكرية 
تلك المؤسسات على نحو لم يكن معروفا في سورية حتى ذلك الوقت» 
فخلّصوا تلك المؤسسات من العناصر التى اعتبروها معادية أو ذات ولاء 
مشكوك فيه أو متردد» أو ملأوها بأصدقائهم وأقربائهم أو بأفراد من عشائرهم 


استشهد به السباعيء أضواء على رأس المال الأجنبي؛ ص 225. تستند النسب لأعوام 1944 
و1955 إلى تقديرات رسمية واستشهد بها على التوالي: السباعي» أضواء على رأس المال الأجنبي» 
ص 226.» وياسين» حكاية الأرض» ص 35. 


301 


أو طوائفهم؛ أي» عموماء بأشخاص ريفيين أو رجال لم يكونوا فلاحين من 
حيث الوظيفة إلا في بعض الأحيان» لكنهم غالبًا ما كانوا فلاحين من حيث 
الأصل5©. 

شهدت عملية التطهير وعملية الترييف التي رافقتها كثافة خاصة في 
القوات المسلحة. ففي 13 آذار/ مارس 1964» صرف 4 ضباط كيان من 
الخدمة. وبعد ثلاثة أيام طرد 150 ضابطًا متوسطًا وصغيرّاء بمن في ذلك 
قادة كتائب أو سرايا عدّة *». وجَرّت تغييرات أخرى في أيار/ مايو وتموز/ 
يوليو من العام نفسه ومرة أخرى في شباط/ فبراير وآب/ أغسطس وأيلول/ 
سبتمبر 1966. ومع اندلاع حرب حزيران/ يونيو 1967 كان ما لا يقل عن 
0 ضابط وأكثر من ثلث سلك الضباط بكامله7© قد طردء واستبدل 
باحتياطيين كانواء إلى حد بعيد» معلمى مدرسة ريفيين» أو بطلاب ضباط 
غير مدربين تدريبًا كافياه وغالبًا من أصل ريفي. وأسفر ذلك على المدى 
القصير» عن سلك ضباط مسيّس بقوة» لكنه ضعيف الانضباط وغير فاعل 
عسكريّاء وهذا ما أظهرته الحرب على نحو موجع. ومازاد الطين بلة» 
وساهم في الكارثة هو التغيير المستمر في القيادة العليا للقوات المسلحة. 
ففي الفترة من آذار/ مارس 1963 إلى حزيران/ يونيو 1967» شغل ثمانية 
جنرالات منصب وزير الدفاع وخمسة منصب رئيس الأركان*©. وكان 


(25) الرزازء التجربة المسرة» ص 131 و138 - 139 و160-158؛ وآل جنديء تاريخ الثورات 
: السوريةء» ص 137-6. اعترفت القيادة القطرية لحزب البعث ذاتها في نشرة داخلية في عام 12066 
(أزمة الحزب وحركة 23 شباط) أن من بين #الظروف الأولية» و«الصعويات» المرافقة لانقلاب آذار/ 
مارس 1963. أن أصبحت «الصداقة والعلافات العائلية وأحيانًا مجرد المعرفة الشخصية» أساس القبول 
فى الجيش. توجد ترجمة لجزء من هذه النشرة في كتاب: «ز سوط عقر واعويساك :77 ,سوط هدب ومدام لالز 

,(1979 بتذأء1] 10011 :هه0جهم1) 1961-1978 كلامم ##كأامط؟11 هشه :دكا أمارماعء18 ,اكلربواسماعء3 وجري 

المقطع المقتبس» ص 1108 

(26) خليل مصطفى بريزء سقوط الجولان (القاهرة: [د.ن.]» 1980): ص 29 - 30. 

(27) آل جنديء تاريخ الثورات السورية» ص 154 - 155. زعم اللواء عيد الكريم زهر الدين رئيس 
الأركان بين عامي 1961 و1963 أن عدد الضباط في عام 1 196 وصل إلى نحو 1800؛ انظر كتابه مذكراتي 
عن فترة الانفصال فى سورية ما بين 28 أيلول 1961 و8 آذار 1963 (بيروت: دار الاتحاد» 1968)) ص 481. 

(28) كان وزراء الدقاع على التوالي هم: محمد الصوفي وزياد الحريري وأمين الحافظ وعبد الله 


زيادة وممدوح جابر وحمد عبيد ومحمد عمران وحافظ الأسد. وكان رؤساء الأركان على التوالي هم: - 


302 


00 


بعض شاغلى تلك المناصب مجرّد نقباء أو روّاد عندما استلمت اللجنة 
العسكرية دفة القيادة» ولم يكن لديهم إلا القليل من الخبرة» أو لا خبرة قط 
في إدارة الحرب. وكان الأكثر خطورة هو انقطاع سلسلة القيادة العسكرية 
التقليدية في نقاط عدة وتحول مركز الثقل في الجيش إلى رؤساء المصالح 
أو الوحدات الضاربة المتصارعة سياسياء مثل القوى الجوية واللواء 70 
المدرّع. 

تممّل جانب آخر من جوانب التربيف الكثيف للقوات المسلحة؛ وهو 
جانب أكثر ديمومةً في أهميته» بصعود الضباط العلويين إلى أعلى مراتب 
السلطة والهبوط المرافق له في العنصر العسكري السَنْي الحضري. ومن 
الضروري أن نقدم شروحًا تفصيلية لهذه التطورات. 


أسباب النفوذ القوي للضباط العلويين 

ما الذي جعل هيمنة الضباط العلويين السياسية ممكنة في النصف الثاني 
من الستينيات والعقود التالية» في حين لم يكن عدد أبناء طائفتهم يتخطى ثُمُن 
عدد سكان سورية؟ إذا وضعنا جانبًا عاملين تفسيريين عامين ‏ تجزثة البنى 
الاجتماعية وعدم الفاعلية السياسية للكتلة العظمى من السوريين ‏ فإن السؤال 
يحل نفسه في سؤال يتعلق بتحديد ما الذي جعل السيطرة الحاسمة للعسكريين 
القلريين على الثرات السدلجة السورية مقة: 

لا بد أولا من القول بوضوح إن العلويين على مستوى سلك الضباط» 
وعلى عكس الانطباع واسع الانتشار» لم يكونوا مهمين عدديًا بمثل أهمية 
السئة قبل عام 1963» واستمدوا كثيرًا من قوتهم الحقيقية من صفوف 
الجيش الدنيا. وبالمعنى الحسابي» كان عددهم كبيرًا بين الجنود العاديين» 
وكانوا موجودين بوفرة واضحة بين ضباط الصف. ومنذ وقت يعود إلى 
عام 1955» بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي» نائب رئيس الأركان» على 
يد الرقيب العلوي يونس عبد الرحيم تفاجأ العقيد عبد الحميد السرّاجء 


- زياد الحريري وأمين الحافظ وصلاح جديد ومحمد شنيوي وأحمد السويداني. 


303 


رئيس مكتب المخابرات العسكرية» باكتشافه أن ما لا يقل عن 55 في 
المئة أو نحوه من ضباط الصف كانوا من الطائفة العلوية©. كيف يستطيع 
المرء أن يفسر هذا الوضع؟ 

من العوامل التي كثيرًا ما تُقدّم في هذا الخصوص السياسة الموجهة نحو 
الأقليات التي اتبعها الفرنسيون بين عامي 1921 و1945. ومن الصحيح 
بالفعل أنه من بين كتائب المشاة الثمانى فى القوات الخاصة العاملة فى سورية 
تحت الاندداب الفرنسيء تألفت ثلاث كتائب بالكامل أو في الأساس من 
العلويين» ولم يدخل في تركيبها أي عربي سني. ومن الصحيح أيضًا أن من 
بين سرايا الخيالة الاثنتي عشرة التي تتوافر عنها البيانات» تألفت واحدة فقطء 
هي هى السرية 4 من عرب سئة ريفيين من دير الزور والرقة» وضمت اثنتان» 
هما السريتان 21 و25» بعض العناصر العربية السنية من قبيلة شمر أو من 
مدينتتي إدلب وحمسص. وجميع الوحدات الأخرى كانت من الدروز أو 
الشركس أو الأكراد أو الأشوريين أو الأرمن أو الإسماعيلية©. 


غير أنَّ طبيعة الجيش قبل الاستقلال» أي طبيعته قبل عام 1946» لا يمكن 
أن تفسّر تركيبته في عام 1963 أو بعد ذلكء على الأقل بالمعنى الحاسم. 
ويجب أن يكون السبب واضحًا. ففي عام 1963» كان في سورية قوات مسلحة 
دائمة يصل عددها إلى نحو 65 ألفا””» وكانت تقديرات عدد رجالها الذين 
تحت السلاح في عامي 1973 و1986 على التوالي 149 ألفًا و400 ألف2©. 
وفي حين كان تعداد الفرقة السورية في القوات الخاصة الموروثة عن 


(29) حديث مع عبد الحميد السراجء القاهرة» 26 نيسان/ أبريل 1980. نتيجة خطأ مطبعي 

أخفقت في كشفه. ظهر الرقم 5 في المئة 65 في المئة في مقالة نشرتها في المجلد 35.3 (صيف عام 

281) من : .امععاط ءأموممءظ امم واللناط1 

(30) أنا مدين في شأن التفصيلات المتعلقة بتركيبة القوات الخاصة للأستاذ بايلي ويندر .8) 

عستا برابرمه الذي تكرّم وزودني بنسخة من ورقة بحث غير منشورة عن الموضوع أعدها في آذار/ 
مارس 1959. ص 14 - 15 من الورقة المذكورة. 

231 .3 ,كم 77 عجن[ سولق 


(2 3) ما بعرم ابه ععم0 زه ترا ءا دنه ععءرهاه8 ورم )ةلئاط ذأعه«وآسطوم4 :71 ,اتقسدوء 020 .1] إممطامة 
:.©.© ,ومتومتطعوللا) علءذالببه0 مط «رهز كاروتامء ام[ نجه كمنء<1 ننه كرمدكعط بوعاثائاة زه كاسراوم ا 
.7 لعة ,40 .مم ,(1987 ,عع برعتالوط عألطبظ ع0] علتمتاكمآ عدلرم عامط ممعتعميمخ 


304 


الفرنسيين في عام 1946 هو 7 آلاف فقطء فإنه تقأّص في عام 1948 إلى 
0 رجل فقط*» لأن العائلات التجارية ومالكة الأراضي الحاكمة في 
حينه كانت تنظر إلى تلك الفرقة ة على أنها كبيرة جدًا ومكلفة جدًا. ومن المؤكد 
لا يمكن لموطئ القدم القوي للعلويين في القوات الخاصة أن يفسر نفوذهم 
المهيمن في الجيش حاليًا. 

ثمّة ل ا ا 0 
مثلما كان تحت الحكم الفرنسيء أ لا وهو وضع العلويين الاقتصادي 
السيئع*. وهناك أمر آخر ذو صلة يقدم تفسيرًا للعدد المتفوق للعلويين؛» 
على الأقل بين المجندين العاديين» هو موضوع البدل. قبل عام 1964» كان 
مسموحًا للسوريين أن يشتروا إعفاء من الخدمة العسكرية مقابل 500 ليرة 
سورية69, وفي عام 164 قيدت تلك العملية بشدة ورفع البدل إلى 
0 ليرة لحاملى الشهادات الجامعية و1000 ليرة لخريجى المدرسة 
الثانوية و600 لغيرهم من السوريين.**؟ وفي عام 1968» رفع الحد الأقصى 
للبدل إلى 3 آلاف دولار» ووصل في عام 1978 إلى 5 آلاف دولار» وبات 
من الواجب تسديده بعملة صعبة””©. غير أنه كان بمقدور سُنّةَ المدن عمومًاء 
في الخمسينيات والستينيات» وبغض النظر عن مدى تواضع وضعهم. أن 
يتحملوا التضحية ب500 أو 600 ليرة سورية ليتجنبوا سنة ونصف السنة أو 
سنتين من الخدمة الإلزامية. أما بالنسبة إلى الفلاحين» ولا سيما العلويين؛ 
فكانت 500 أو 0 ليرة تمثل قيمة مواسم عدّة من العمل الشاق. علاوة 
على ذلك» قلما كان الفلاحون خالين من الدين. 

(33) جيش الشعب (دمشق). [العددان 995 996 (3 آب/ أغسطس 1971])) ص 10. 

(14) انظر الفصل الثالث من هذا الكتاب. 

(35) المادة 1 من القرار رقم 746 الصادر بتاريخ 24 تشرين الأول/ أكتوبر 1953 عن وزارة 
الدفاع الوطني السورية» الجريدة الرسمية (الجمهورية العربية السورية)» 11/12/ 1953» ص 5326. 

(36) المادة 7 من المرسوم رقم 35 بتاريخ 4 آذار/ مارس 1964 الصادر عن رئيس مجلس قيادة 
الئورة؛ الجريدة الرسمية؛ العدد 10, 21964 ص 2493. 

(37) المادة 2 من المرسوم رقم 7 بتاريخ 10 كانون الثاني/ يناير 8 الحريدة الرسمية؛ العدد 
9 978/11/21. ص 117. في عام 1968 كانت 3 آلاف دولار تصرف رسميًا مقابل 11460 
ليرة سورية. وفي عام 1978 كانت 5 آلاف دولار تصرف رسميًا مقابل 19750 ليرة سورية. 


305 


ل ينك 


يد أن علعود الخلويية ن إلى الهيمنة في سلك الضباط هوء في النهاية» ما 
أكد سيطرتهم الحاسمة على القوات المسلحة. وما عمل لمصلحتهم في هذا 
الخصوص. أكثر من أي أمر آخرء هو أنه في حين كان الضباط العلويون في 
أغلبيتهم الساحقة من أصول ريفية ومنبت قروي وأبناء منطقة واحدة» وذوي 
انتماء بعثي بعد عام 5 » كان الضباط السئة منقسمين انقسامًا لا براء منه 
سياسيًا وإقليميًا وطبقيًا. ولا شك فى أنّه كانت هناك انقسامات فى صفوف 
العلويين أيضّاء كما أثبت اختلاف محمد عمران مع بقية الأعضاء العلويين في 
اللجنة العسكرية في عام 4 واغتياله في عام 2 والصراع على 
السلطة بين صلاح جديد وحافظ الأسد في فترة 1970-1968. لكن هذه 
الانقسامات نشأت من صراع شخصيات أو تباين في وجهات النظره في حين 
أنَّ الانقسامات بين الضباط السئّة غالبًا ما كانت ذات معنى بنيوي أعمق. 
وهكذاء كان هؤلاء الأخيرون متمايزين بوضوح إلى ضباط ريفيين وضباط 
حضريين. وبين الحضريينء كان الأكثر نشاطا والأكثر تميّْرًا سياسيًا هم 
الدمشقيون والحمويونء وبين الضباط الريفيين» مجموعتا دير الزور وحوران. 
كان الدمشقيون ناصريين جزئيّاء لكنهم تماهواء في الأغلب. مع الانفصاليين 
الذين مثلوا متاهة من العناصر المتضاربة التي تراوح بين مجموعات ذات 
جذور في الشرائح التجارية والصناعية مالكة الأراضي الغنية من المجتمع 
وأخوان مسلمين واشتراكيين ويساريين مستقلين من الطبقتين الوسطى 
والوسطى الدنيا. وتعاطف الحمويون إلى حد بعيد مع أكرم الحوراني ذي 
الميل الاشتراكي وجزئيًا مع النخبة القديمة. وكان بعض الضباط من دير الزور 
وحوران ناصريين؛ لكن اختار معظمهم حزب البعث. 

نتيجة الانقسامات فى صفوف الضباط السنة ‏ وأنا هنا أبسّط على نحو ما 
وضعًا بالغ التعقيد ‏ كان الأمر ينتهي بسنّة من جماعة معيّنة إلى تصفية سنة من 
جماعة أخرىء أو إلى انضمام سئة من الطبقة الدنيا أو المتوسطة إلى علويين 
أو دروز في تصفية سنّة الطبقة العلياء أو انضمام سنة ذوي توجه ريفي إلى 
علويين ودروز في تصفية السنة ذوي الأساس الحضري. وبالمعنى السياسي» 
صَفي الانفصاليون وأنصار أكرم الحوراني والناصريون ومجموعة المستقل 
زياد الحريري وأنصار البعثي أمين الحافظ بين آذار/ مارس 3 وشباط/ 


2306 


فبراير 41966 ومع كل تصفية؛ كان عدد السئة يتناقص عددًا وأهميةٌ"©. أمّا 
فهد الشاعر وسليم حاطوم) والضربات في شباط/ فبراير 1968 ضد بقية 
الكتلة السئية الريفية (مجموعة أحمد سويدانى الحورانية) فعادت على الضياط 
العلويين بسيطرة واضحة على الميدان» على الرغم من الصدع الذي عكسته 
فيما بينهم'”. 

ساعدت الضباط العلويين أشدٌ المساعدة في هذا الصراع أدوارهم 
القيادية في اللجنة العسكرية والتنظيم العسكري لحزب البعثء تلك الأدوار 
التي مكنتهم» في المقام الأول» من التصرف بوصفهم بعثيين لا بوصفهم 
علويين. غير أنه يجب تعديل هذه الملاحظة. فالضباط العلويون لم يتصرّفوا 
دومًا انطلاقًا من وعي أنهم علويون. بل يجب أن نتذكر أنهم كانوا أشخاصًا 
ذوي أصول ريفية أو فلاحية» ويتصرفون على هذا الأساسء أي يتصرفون 
وفقا للغرائز والنزعات التي كان وضعهم البنيوي يولدها. بيد نهم كانوا 
قادرين» نتيجة سيطرتهم على التنظيم العسكري لحزب البعثء على تنظيم 
القبول فى الكليات العسكرية؛ وعلى خخلط قيادات الوحدات العسكرية وإعادة 
خلطها بطرائق تستجيب لغاياتهم. وفعلوا ذلك بحذر في البداية ‏ في الربع 
الثاني من عام 1963 لكنهم فعلوه بتصميم بعد تموز/ يوليو 21963 وبتصميم 
أشد بدءًا بشياط/ فبراير 1966 فصاعدًا. علاوة على ذلكء. ونتيجة تكتيك 
مبتكر في فترة الانفصال ‏ أي بين عامي 1961 و1963 - يقوم على زرع 
البعثيين في التنظيمات العسكرية السرية من كل الأطياف» ظلوا على معرفة 
بنيات جميع خصومهم وخططهو”". 

(38) أذى زياد الحريري دورًا باررًا في انقلاب آذار/ مارس 1963» وشغل منصب رئيس الأركان 
من آذار/ مارس إلى تموز/ يوليو 3 ومنصب وزير الدفاع من أيار/ مايو إلى تموز/ يوليو 1963. في 
شأن أمين الحافظء انظر الجدول (1-12). 

(39) كان فهد الشاعر قائد جبهة الجولان في عام 1964 ونائب رئيس الأركان في عام 1965. 
وكان في وجهة نظره قريبًا من قائد الخط القديم ميشسيل عفلق» ورئس في عام 1966 تنظيمًا عسكريًا 
سريًا. عن حاطوم, انظر الجدول (1-12). وعن سويدانيء انظر ص 289 290 أعلاه. 

(40) في شأن هذا التفصيل من المعلومات» أنا مدين لعلي الخليل» عضو القيادة القومية لحزب 


البعث من عام 1964 إلى 1966. حديث معه؛ بيروت. كانون الثاني/ يناير 1978. 


207 


هناك أيضًا حقيقة أخرى ساهمت كثيرًا في انتصارهم النهائي» وهي أنهم 
ركزوا على الوحدات الضاربة القوية التي كانت ذات صلة مباشرة بالقيام 
بالانقلابات العسكرية أو إفشالهاء ونجحوا فى السيطرة عليهاء وتلك الوحدات 
هي أسراب الطيران ووحدات الصواريخ والألوية المدرعة في العاصمة 
وحولهاء فضلا عن قوات المخابرات والمخابرات المضادة. 


بالطبع؛ بقي كثير من السنة في سلك الضباطء لكن أهميّتهم, إن كانوا 
مهمين» كانت تتأتّى من كونهم أفرادًا لا جماعة» وبالمعنى الاحترافي أكثر منه 


التغلغل الريفي في بيروقراطية الدولة 

كان لتدفق العناصر الريفية الكثيف إلى سلك الضباط والقوات المسلحة 
نظيره في تسربهم إلى بيروقراطية الدولة. كتب وزير الإعلام البعثي السابق 
سامي الجندي» «بدأت قوافل القرويين منذ ما ظهر الحزب على المسرح تترك 
القرى من السهول والجبال إلى دمشق. وطغت القاف المقلقة على شوارعها 
ومقاهيها وغرف الانتظار في الوزارات». وأخذ «الحزبيون وأقرباؤهم وبنو 
لزامًا من أجل التعيين00©. 

يمكن استنتاج حجم الحركة من المناطق الريفية» التي ارتبطت جزئيًا 
بزيادة البطالة الزراعية» من ارتفاع عدد سكان دمشق من 529963 في عام 
0 إلى 836668 في عام 1970 و1112214 في عام 1981**. كانت 


5 7 


كثافة 2 المهاجرين الريفيين أعلى بوضوح في الستينيات منها في 


(41) سامى الجندي. البعث (بيروت: دار النهار» 1969),. ص 136 - 137. 

(42) الجمهورية العربية السورية؛ وزارة التخطيط؛ مديرية الإحصاء: التعداد العام للسكان لعام 
0 : (دمشق: الوزارة» 1960): ص 13؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب 
المركزي للإحصاء: التعداد العام للسكان لعام 1970 (دمشق: المكتب المركزي» 021970 1:1» ونتائج 
التعداد العام للسكان في الجمهورية العربية السورية؛ 1981 (دمشق: المكتب المركزي؛ 1988)) ص 4. 


308 


7م 


0 و1970 إلى 46.7 فى المثئة» لكنه كان 26.3 فى المئة بين عامى 
0 4701981 


جراء عدم وجود إحصاءات عن الأسلاف الاجتماعيين للموظفين 
الحكوميين» من المستحيل أن يكون المرء دقيمًا بصدد درجة تغلغل أيناء 
الفلاحين وغيرهم من أبناء الريف في الكوادر الإدارية. لكن لا شك في أن 
أبواب بيروقراطية الدولة تحت حكم البعث في الستينيات انفتحت واسعة 
لهم. وازدادت فرص توظيفهم زيادة حادة غداة إعادة تأميم الشركات الكبيرة 
في عام 1964» وإجراءات التأميم واسعة النطاق في عام 1965» والزيادة 
الهائلة التى شهدتها السنوات اللاحقة فى دور الحكومة فى حياة القطر. فقد 
ازداد عدد موظفي الدولة والقطاع العام» باستئناء الشرطة والقوات المسلحة» 
من 33979 في عام 1960 إلى 198079 في عام 1971 وإلى 367649 في 
عام 1980 وإلى 546146 في عام 1985 وإلى 717387 في عام 91992“. 


تشير الأدلة بقوة إلى أن كثيرين من الموظفين الحكوميين الجدد وربما 
كتلتهم العظمى» كانوا من خلفيات ريفية. وفي هذه الحالء فإنَ قدرًا كبيرًا من 
استياء التجار الحضريين المتكرر في فترة بعد عام 1963 - إضافة إلى ا 
السلبية التي تركتها لديهم مراسيم البعث التأميمية غير المدروسة كفاية ‏ إنما 


ينبع من اضطرارهم مرارًا إلى الال مع موظفين حكوميين من أصل ريفيء 
وهؤلاء» إن لم يكونوا عدائييين نحو المجتمع التجاري الحضريء فإنهم لم 
يفهموا إلا قليللا تعقيدات التجارة» وبالتالي» كانواء عن قصد أو من دون قصد. 


يضعون في طريقها أنواع العراقيل كلها. 


(43) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء. المكتب المركزي للإحصاء؛ المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 9».» ص 52. 

(44) الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط؛ مديرية الإحصاء. التعداد العام للسكان لعام؛ 
0.»: ص 165؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء, المكتب المركزي للوإحصاء: 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 21972 ص 401-0!؛ المجموعة الإحصائية السنوية 
السورية لعسام 171.» ص 135؟؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 6*» ص 108؟ 
والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994» ص 2. يستثني رقم عام 1985 عدد الموظفين في 
مكتب الرئيس. ويستثني رقم عام 1992 عدد الموظفين في مكتب الرئيس ورئيس الوزراء وكذلك في 
شركات الإنشاءات العسكرية. 


2309 


تعزيز الصبغة الريفية لحزب البعث 


كان حشد العناصر الريفية في الأجهزة الإدارية للدولة عاقبة عملية لقوام 
حزب البعث الذي كان يغدو ريفيًا على نحو متزايد» وكان هذا بدوره نتيجة 
عمليات الاستقطاب التى اتيعتها النواة القائدة للجنة العسكرية. 


في الأيام التي أعقبت انقلاب 8 آذار/ مارس 1963.» كان القسم المدني 
الذي أعيد تشكيله من حزب البعث لا يزيد إلا قليلًا على 400 عضو”". 
وكان تنظيمه العسكري أكبر بوضوح*» ولاسيما بعد استدعاء قادة اللجنة 
العسكرية الاحتياطيين البعثيين ومنحهم السريع حقوق العضوية على أساس 
القرابة أو الانتماء العشائري أو على أساس الصداقة غير الحزبية. وسرعان ما 
أدت ممارسات شبيهة إلى زيادة كبيرة في القوة العددية للجناح المدني من 
الحزب. لكن صفوف البعثيين» مقارنة بعدد سكان سورية» كانت لا تزال قليلة 
جدًا في آب/ أغسطس من العام نفسه. واعترف رئيس الدولة الاسمي البعثي 
أمين الحافظ بطريقته الخاصة. إذ قال: «يقولون» قادة وحكام في البلد العربي 
الشقيق مصر.... أن حزب البعث لا يزيد عن خمسة آلاف فرد في القطر 
العربي السوري. نحن نقول لهم: الحزب أقل عددًا من ذلكء ونتمثل قول 
الشاعر العربي: 


تعيّرنا نا قليل عديدنا فقلت لها: إن الكرام قليل»70». 


في الحقيقة» ضم الحزب في تلك الفترة بين ألفين وثلاثة آلاف من 
الأعضاء6. لكن فى ما بعد تضاعف عدد أعضاثئه مرات عدة ويحلول خريف 


(45) شبلي العيسميء عضو القيادة القومية لحزب البعث. 1966-1964» من تصريح نشر في 
الوطن العربيء سورية الحرة؛ العدد 5 (آب/ أغسطس - أيلول/ سبتمبر 1988). 

(46) الجتدي, البعث» ص 130. 

(42) هذا بيت من الشعر للشاعر الجاهلي السموأل بن عاديا. في شأن نص خخطاب الحافظ؛ انظر 
الثورة» 17/ 8/ 1963» وزهر الدين» مذكراتى. ص 482-481. 

(48) حديث مع حمود الشوفيء الأمين القطري لحزب البعث من أيلول/ سبتمير 1963 إلى 
شباط/ فبراير 1964» 10 تموز/ يوليو 1991. 


3130 


عام 1967» ربما كان عدد أعضائه العاملين قد وصل إلى نحو خمسة 
آلاف”*» وربما ثمانية أضعاف ذلك من الأعضاء المرشحين والأنصار. 

وإذا ما التفتنا إلى الطبيعة الاجتماعية لهؤلاء الأعضاء. فإِنّ السؤال 
المطروح هو هل ثمّة أدلة كافية تثبت أن هؤلاء» عمومّاء من أصول ريفية؟ 
في عام 1968» قدمت قيادة حزب البعث: في نشرة داخلية» أرقامًا عن 
التركيبة الاجتماعية للحزب «(انظر الجدول 12 -3). وهذه الإحصاءات 
الس لاو د د الود 
وهي لا تُبدي شيئًا عن نسبة العمال والطلاب والموظفين والمعلمين ذو 
الخلفية الريفية. 


الجدول (3-12) 
التركيبة الاجتماعية لحزب البعث في عام 1968 


اضاء طون اتج 


14 





المصدر: أعطت القيادة الرقم 31 سنة متوسطًا لعمر الأعضاء العاملين والرقم 24 سنة متوسطًا لعمر 
الحزب؛ 1968)؛ ص 2-61 6)» وحزب البعث العربي الاشتراكي (جماعة صلاح جديد)» دراسة أولية 
حول نقد تجربة الحزب؛ ج آ[.ءص 50-49. 


492 5/9/1967 ,(تطادامرء8) ببع 10 
استشهدت الورقة بتقديرسن. كان الآخر الذي قدر الأعضاء العاملين ب12 ألما مرتفعًا جدًا عند 
مقارنتها بالأرقام الدقيقة التي لدينا عن عام 1971 (انظر الجدول 1-13). 


311 


67 


بيد أَنَّ هنالك مؤشرات أخرى. ثمّة» في المقام الأول» الاعتراف الصريح 
من جناح صلاح جديد؛ الذي أمسك بسلطة موحدة غير منقسمة بين عامي 
6 و1968» بأن وجود الحزب «ضعيف جدا في المدن الكبرى» وبأنّ 
معظم قادة الفروع فيها #من مناطق أخرى» وكانوا عاجزين عن بناء «تنظيم 
حزبي حقيقي قادر على تحريك وقيادة تلك المدن»626. وثمّة ثائيّاء الحقيقة 
المعبّرة التي مفادها أَنَّ الحكومة في الستينيات اضطرت في بعض المناسبات 
إلى المجيء بفلاحين من الريف لمواجهة التظاهرات والإضرابات التي 
اندلعت في حماه وحلب ودمشق. وإنه لذو مغزى أيضًا أن من بين الأعضاء 
الستمئة» أو نحوه. في الحرس القومي البعثي في العاصمة السورية لم يكن 
هناك سوى اثني عشر دمشتيً(”». وعلاوة على ذلكء على الرغم من أن 
المؤتمر القومى السادس الذي عقد فى تشرين الأول/ أكتوبر 1963 عرّف 
حزب البعث بأنه «حزب العمال والفلاحين»» ووجّه مناضليه إلى الاعتماد 
على هاتين الطبقتين وكذلك على صغار «الكسبة» والعناصر «العسكرية 
والمثقفة الثورية»» لا يكاد يكون هنالك شك في أن «العمال» أو «االكسبة» 
الذين اجتذبهم الحزب في المدن في الستينيات كانوا في أغلب الأحيان من 
أصل ريفي حديث*. وهذا ما ينطبق على العناصر الأخرى. 

الأمر الأكثر حسما هو التركيبة الاجتماعية للحزب على مستوى 
القيادة. فكما يمكن أن نرى من الجدول (12 - 5).: فإِنّه من بين الأشخاص 
الأربعة والعشرين الذين وصلوا إلى عضوية القيادة القطرية بين آذار/ 
مارس 1966 وتشرين الثاني/ نوفمبر 1970 جاء 54.1 في المئة من 
القرى و33.3 في المئة من بلدات ريفية أو صغيرة» ولم يأت سوى 8.4 


(50) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي؛ دراسة أولية حول نقد تجربة الحزب» ج 4: 
العوامل والأسباب الأساسية التي أدت إلى سقوط تجربة الحزب» ص 62-61. 

(51) حديث مع عضو ذي اطلاع في حزب البعث فضّل عدم ذكر اسمه؛ كانون الأول/ ديسمبر 
4.. 

(52) حرزب البعث العربي الاشتراكيء النظام الداخلي (1968)) مقدمة» المادة 3ء ص 60» 
والقيادة القومية لحزب البعث؛ دراسات تنظيمية» 1980-1970 (دمشق: [د. نأء» 1983)» ص 85. 
حديث مع حمود الشوفي. الأمين القطري لحزب البعث من أيلول/ سبتمبر 1963 إلى شباط/ فبراير 
4؛» 27 حزيران/ يونيو 1991. 


2312 


في المئة من المدن الرئيسة. وفي الفترة السابقة عليها مباشرة» أي بين 
أيلول/ سبتمبر 1963 وشباط/ فبراير 1966» كانت الأرقام الموافقة هي 
9 و44.8 و في المثة (انظر الجدول (4-12)). وفي الفترتين» 
لم يشغل أي دمشقي ي مقنعدًا في القيادة. 

إحدى الحقائق البارزة هي انحدار 31 في المئة من أعضاء القيادة 
القطرية في فترة 1963 - 1966 و37.5 في المئة في فترة 1970-1966 

مق الوججهاء الريقيين أو القرؤيين المتوستطين والأقل نان ومما عدج 
الذكر أيضاء أن 41618 في المئة من أولئنك الأعضاء في الفترة الأولى و45.8 
في المئة في الفترة الثانية كانوا من أصل فلاحيء وأن الأغلبية في الفترتين 
كانت تتألف من معلمي مدرسة أو ضباط جيش» بمن في ذلك ضباط جيش 
كانوا أصلا معلمي مدرسة. ولا يمكن أن يفوت الملاحظة نقص تمثيل 
السئة والوزن الثقيل للفئات الابتداعية في جميع القيادات. والأرقام في 
الجداول ذاتها تعكس بوضوح الارتفاع الحاد في دور العلويين والهبوط 
النسبي في أهمية الدروز بعد شباط/ فبراير 1966. ويمكن تفسير هذه 
التغيرات بتصفية أنصار الشخصيتين العسكريتين الدرزيتين فهد الشاعر 
وسليم حاطوم والتحوّل الحاسم في ميزان القوى ضمن القوات المسلحة 
لمصلحة الضباط العلوييه62. 


السياسات الزراعية فى الستينيات ومعناها الاجتماعى 


كانت الخطوات الأهم التي اتخذها بعث الستينيات» من وجهة نظر 
الفلاحين؛ هي تعميق قانون الإصلاح الزراعي رقم 161 بتاريخ 27 أيلول/ 
سبتمبر 1958» وإعادة التوزيع المتسارعة لملكية الأرض المتأثرة بهذا القانون. 
وبفضل المرسوم رقم 88 بتاريخ 23 حزيران/ يونيو 2١1963‏ خفضت سقوف 
الملكية الخاصة لتثبت عند 15 إلى 55 هكتارًا فى الأراضى المروية وعند 
0 إلى 300 هكتار للأراضي البعل بتخسنب المنطقة والقربهن الشوق 
وطريقة الري وكمية الهطول المطريء وفي حالة الأرض المشجرة» بحسب 


(53)انظر ص 300 - 305 وما يليها من هذا الكتاب. 


313 


عمر الأشجار والتباعد في ما بينها (انظر الجدول 2 -4). وبموجب قانون عام 
8 ,» كان الحد الأقصى 300 هكتار من الأراضى البعل و80 هكتارًا من 
الأراضي المروية أو المشجرة. إجمالاء تأثر 3247 مالك أرض و1176482 
هكتارًا مستثمرًاء أو : تقريبًا تأثر 20 في المئة من الأرض السورية المستثمرة. 
وبموجب مرسوم عام 3 خضع 1372 مالكًا آخر و48767 هكتارًا أيضًا 
للإصلاح الزراعي. وكان المفترض بالأراضي المصادرة أن توزّع على عائلات 
فلاحية في قطع لا تنجاوز ثمانية هكتارات من الأراضي المروية أو 45 هكتارًا 
من الأراضي البعلية. وأعفت مادة جديدة أكثر أهمية الفلاحين المستفيدين من 
كل شيء باستثناء ربع سعر الأرض الذي يفترض أن يدفع في أقساط مريحة 
لجمعيتهم التعاونية ويخصص لمشاريعها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. 
ونص مرسوم آخر - رقم 66 في كانون الثاني/ يناير 1969 - على التوزيع 
المجاني للأراضي الخاصة المصادرة وأراضي الدولة المستصلحة في حيازات 
تراوح مساحتها بين 2.5 و4 هكتارات في سهل طار العلا» شرق حماه وسهل 
الغاب وفرعيه في العشارنة والروج*. 

كان الأكثر دلالة؛ من وجهة نظر الفلاحين» هو تسريع عملية إعادة توزيع 
أراضي الإصلاح. وكان لتقلّبات السياسة في الستينيات» والغموض المحيط 
بالملكية» وهروب رأس المال» إضافة إلى تقلبات المحصول الحادة المعتادة. 
أن تغيّر أوضاع المزارعين نحو الأسوأ. ووصلت البطالة الزراعية إلى 12 في 
المئة في عام 59.1964" أمّا مقاومة كبار ملاك الأرض غير الملحوظة» وتباطؤ 
الموظفين الحكوميين الحضريين غير المتعاطفين.» والتعقيدات القانونية» 
ونقص المسّاحين والاختصاصيين الزراعيين» فأخرت منذ البداية» عملية إعادة 
توزيع الأرض. 

كما هو واضح من الجدول (6-12)) فإن نسبة صغيرة نسبيًا من 
المساحات المصادرة وزعت في فترة الجمهورية العربية المتحدة. وفي تناقض 


(4 5) بعررررءاسرى سايم اجوه'! «لاى ع«أهان همل ووناظ ,لامأأقائء ستاءمل عل اء عدوعرم عل عطممع ع01116 
3لا كء 44 ,41 ,33 .وم ,(1970 رخ ."1 ,0 :كقديوة7) عننوأاكاتهاى ات وبؤامات دول ,عننو|اتزامته علاط 


(55) لصفط ع5" ععموط لع تأممومعستاط «روتكرة مز أمعطرمماءبعء1 عتسسمومعءظ» ,معكمدط .8 
1969 ععطروععة172 به 1ات م ته 


314 


اكاك اللا يتن 


صارخ مع ذلك. بذِلَ جهد خاص للمضي بالإصلاح قدمًا في أثناء المرحلة 
«اليسارية» من النظام الانفصالي» الذي نيل من سمعته كثيرًاء عندما تولى 
ا سمي ل لي وي وفي فشرة البعث» 
استؤنفت المصادرات بجدية في الفترة الأولى التي قضاها المقدم عبد الكريم 

الجندي وزيرًا للإصلاح الزراعي (تشرري ين الأول/ أكتوبر 1964 - كانون 
الأول/ ديسمبر 1265) وهو أحد حلفاء صلاح 5 
الكلمة**. لكنه كان يحبذ شكلًا جماعيًا من استغلال الأرض» ولم يشجع 

تكائر الوحدات الإنتاجية صغيرة الحجم. ولم يحدث إلا في فترة 
0ؤظ15 -1969.» وهي الفترة التي شغل بها الدكتور إبراهيم ماخوس منصب 
رئيس مكتب الفلاحين في القيادة القطرية. أن انطلقت عملية إعادة توزيع 
الأرض على العائلات الفلاحية بوتيرة سريعة. 


تحدّر ماخوس الذي تطوع طالبّا في حرب فلسطين في عام 118 
وتطوع طبيبًا في الشورة الجزائرية (1954 -1962) وأحد أكثر حلفاء جديد 
المدنيين نفوذًا من طبقة الوجهاء العلويين الريفيين الأقل شأنًاء مثله في ذلك 
مثل أغلبية الأعضاء الأساسيين في اللجنة العسكرية. كان والده» وهو أحد 
أبناء قرية ماخوس على الطريق بين اللاذقية وأنطاكية» رجل دين ومزارعًا لا 
يملك أرضًا وغدا مالكًا 100 دونم من الأراضي البعلية ومحكمًا في النزاعات 
المحلية ومؤسس الجمعية الخيرية في عام 5 ل«مكافحة الفقر والجهل 
والمرض"» ذ في الريف». وهي جمعية مدت جذورها أخيرًا في نحو سبعين قرية 
في محافظة اللاذقية» وأمكنها الفخر بأنها أسست إحدى أوائل المدارس 
الثانوية لأبناء الفلاحين وبناتهم» وهي المدرسة المعروفة باأسم الشاعر العربي 
الجاهلي طرفة بن العبد. وشارك الدكتور ماخوس» وهو شابء في نشاط 
الجمعية وغالبًا ما كان ينتقل على قدميه من قرية | إلى قرية» الأمر الذي أتاح له 
أن يتآلف عن قرب مع حياة أبناء الريف ومعاناتهم. وقد يفسر هذا سبب تعيينه 
مسؤولا عن مكتب الفلاحين في القيادة» وإعطائه مجالا واسعًا في السير 
بالإصلاح الزراعي حتى نهايته. 


(56) في شأن عبد الكريم الجنديء انظر الجدول (1-12). 


315 


الحدول (4-12) 


تركيبة القيادة القطرية لحزب البعثء أيلول/ سبتمبر 1963 حتى شباط/ فبراير 
6 (ملخص بيانات في الملحق) 









5 
فيه 
3 

رسيا 


. صر 

00 

د 

3 دم م 
٠ ٠. ٠.‏ 

ف قم 














مسيحيون آخرون 
سج | ذه | 06 | 28 | 1000 | 





مكان الولادة 


عدد الأعضاء النسية المئوية الأشخاص(أ) النسبة المثوية | النسبة من عدد 
السكان الإجمالي 


2 





316 


317 


نقطة 2076 


58 
م 
8 
5 


1 
و 
: 
ص 
1 
2 
3 





318 


محافظة الولادة 5 










لأشخاص(أ) النسبة 


مه 


ب 


ٍ 


مالكو أرض متوسطون 7 
(أ) احتسب الأشخاص الذين انتخبوا أعضاء في القيادة أو عينوا فيها أكثر من دورة؛ مرةٌ واحدة فى هذا العمود. 
(ب) تستئد جميع تقسيمات سكان سورية بحسب الدين والطائفة في النهاية إلى تقديرات أجريت في عام 







دم 
ي١‏ 
2ه 


حي 
هم 
هو 


319 


3 تحت الانتداب الفر نسي. عن هذه التقديرات» انظر: ه ,اهاندناما 214 وأسزك ,تمسيهط رعطاه 

.386 .م ,([1945] بجوعء2 تاتو]ءبانونا :]0 :هلهمآ) برمدكظ أمءااتاهط 
لكن التقديرات لم تأخذ في الحسيان السكان البدو الذين بلغ عددهم حينها 400 ألف: 

,385 .م ملأط1 

تضم النسبة في هذا العمود البدو المصتفين هنا على أنهم سنة. 
(ج) بمن في ذلك اثنان تحولا إلى الإسلام السني. 
(د) استنادًا إلى: الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط» مديرية الإحصاءء الثعداد العام للسكان لعام 
0 (دمشق: الوزارة» 1960) ص 18 - 19» ولم يشكل المسيحيون في ذلك العام سوى 7.9 في 
المئة من السكان. 
(م) المدن التي يبلغ عدد سكانها 50 ألما في عام 1960 أو أكثر من 100 ألف في عام 1970. 
(و) التقسيمات الإدارية كما هي في عام 1994. 
جر( جميعهم من السلمية. 
١ح(‏ بمن في ذلك ثلاثة معلمين سابقين- 


الحدول (5-12) 


القيادة القطرية لحزب البعثء آذار/ مارس 1966 حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 
0 (ملخص بيانات فى الملحق) 


النسية المئوية 
التقريبية إلى 


(بمن في ذلك 
لبدو في عام 


3 (ب) 





61 











الأشخاص( 





ذا 


ُ 
َُ 


ئيسة:(د) 










ايه : ْ 


زا 
95 
5 


ْ 
ا 


ِ 
م 


321 





302 











َ 
ع 
ً 


المجموع 24 
تت ل ا 0 


ا 2 1لا 
نات قات دفل حومط ا اك اناك 






اك 2 0-1 
2---------2--52-- 
0 






323 


نك 


تابع 
فلاحون مالكو أرض متوسطون 
مالكو أرض متوسطون 
تجار مالكو أرض متوسطون 





رجال دين مالكو أرض 
المجموع [الفلاحون 11 2 45.8/] 


(1) احتسب الأشخاص الذين انتخبوا أعضاء في القيادة أو عينوا فيها أكثر من دورة؛ مرةٌ واحدة في هذا 
العمود. 

(ب) تستند النسب إلى أرقام واردة لدى ,6 .م ,الماعطعط ونه مسري ,تمدسمك؟ 
لكن التقديرات لم تأخذ في الحسبان السكان البدو الذين يلغ عددهم حينها 400 ألف (المصدر نقسه. 
ص 385). لدى حساب النسب أخذ السكان البدو في الحسبان» وهم مصنفون هنا على أنهم سئّةء 
وكانوا يقدرون ب400 ألف؛ المصدر نفسه» ص 385. 

(ج) استنادًا إلى: الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط؛ مديرية الإحصاءء التعداد العام للسكان 
لعام 1960. ص 18 - 19.» ولم يشكل جميع المسيحيين في ذلك العام سوى 7.9 في المئة من السكان. 
(د) المدن التي يلغ عدد سكانها أكثر من 100 ألف في عام 1970. 

(ه) استنادًا إلى أرقام في تعداد السكان الرسمي. 

(و) يمن في ذلك معلمًا مدرسة سابقان. 


(ز) التقسيمات الإدارية كما هي في عام 34 . 


الحدول (6-12) 
توزيع أراضي الإصلاح الزراعي تحت الأنظمة المختلفة في سورية (المساحة 
بآلاف الهكتارات) 






“١ ١ 1 
0 


سس 












المستفيدة من 


الجمهورية 9 -1961 4517 
العربية المتحدة 


3 ظ 0-5 


2304 












المصادر: استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية؛ وزارة التخطيط. مديرية الإحصاءء 
المجموعة الإحصائية» 1965: ص 312-311؛ وفي الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس 
الوزراء. المكتب المركزي للإخصضاء. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 2271 
ص 133-132. 


في أي حال؛ استنادًا إلى ماخخموسء «وزعت أراضي إصلاح وأراضي 
دولة على الفلاحين في غضون ستة أشهر من عام 1969 أكثر مما وزع في 
جميع السنوات السابقة» من حكم البعث. وجرى ذلك بوضع نهاية للروتين 
البيروقراطي وإشراك الفلاحين مباشرة في العملية وتوكيل سلطة إعادة 
التوزيع للجان ثلاثية على مستوى المحافظة أو القرية تضم ممثلين عن 
الفلاحين المحليين» ومكتب الفلاحين التابع للقيادة» ووزارة الرصلاح 
الزراعي”. 

لكن كانت هناك انتقادات» حتى من جانب البعثيين» في شأن طريقة القيام 
بالأمور. جاءت الكلمات الأشد لسعًا من سامي الجنديء الذي قال: «أما 
الإصلاح الزراعي فهو عجيبة القرن العشرين... [قوانين الملكية] كلها غير نافذة 
المفعول. الملكية خاضعة لأهواء موظف الإصلاح الزراعي وقيادة الحزب 
المحلية... الوزير يتوسط بينه وبين الملاك وقلما تنجح الوساطة... وجعل من 
الأحقاد المحلية قانون الإصلاح الحقيقي»*©. كما استهجن الجندي تفتيت 
الملكية وقلة اهتمام النظام بتوجيه الفلاحين نحو الأشكال التعاونية من الملكية. 


(57) حديث مع د. إبراهيم ماخوسء الجزائر: 16 آذار/ مارس 1986. 
(58) آل جنديء تاريخ الثورات السورية؛ ص 152. [هناك خطأ في المرجع؛ فهذا وارد لدى د. 
سامي الجندي, البعث» ص 152 [المترجم]. 


3025 


سنناقش العواقب البنيوية للإصلاح وآثاره في الشروط المعيشية للفلاحين 
بالتفصيل في صفحات أخرى. ونكتفي هنا بالإشارة إلى معناه العام وتأثيره. 
إنه يعمل ولا شك بوصفه أداة تسوية» عن طريق خفض نسبة الفلاحين الفقراء 
إلى درجة مهمة؛ على الأقل على المدى القصيرء وتمليك الكثير منهم قطع 
الأرض التي يفلحونها؛ لكن على الرغم من ذلك كله. فإنه ترك كثيرين غيرهم 
بلا أرض. ويمكن أن نستنتج من نتائج دراسة تقويمية رسمية للسكان والقوى 
العاملة لعام 1972 - وهو عام محصول جيد على نحو استثنائي - أن من بين 
ال907705 الناشطين فى الزراعة وتربية الحيوانات والأعمال الحراجية في 
ذلك الوقت كان 43 في المئة مالكي مزارع و/ أو مالكي ماشية أو آلات (بمن 
فى ذلك 2.8 فى المئة ممن كانوا فى الآن ذاته أرباب عملء فيما كان الباقى 
يعملون لحسابهم)؛ و42 في المئة يعملون للأسرة بلا أجرء و15 في المئة لا 
يملكون أرضًا ويعملون مقايل أجر أو راتب» أو عمالا يحصلون على أجر 
عيني» أو عمالًا غير مأجورين يعملون لغير أقربائههم”". 

تشير بيانات أخرى (انظر الجدول (2 -3)) أن المكافأة الرئيسة كان يجنيها 
الفلاحون المتوسطون أو العناصر الريفية المتوسطة من طبقة مالكى الأرض» وشكل 
هؤلاء حجر الأساس في دعم الحزب ومصدرًا رئيسًا لضباط القوات المسلحة6. 

في الوقت ذاته» لا شك في أن بعثيي الستينيات» ولا سيما أولئك المرتبطين 
بصلاح جديد» حاولوا أن يدفعوا إلى الأمام مصالح طبقة الفلاحين بأكملها. لم 
يقتلعوا السلطة الاجتماعية لكبار ملاكى الأرض فحسبء بل حاولوا أيضًاء عن 
طريق إعادة صوْعْ علاقات الفلاحين بالعناصر التجارية الحضرية المتحكمة 
بالأسواق التي كان عليهم أن يبيعوا إنتاجهم فيهاء أن يغيروا توزيع المكافات 
الاقتصادية لمصلحة أبناء الريف. ورفعوا أيضًا حصة المزارعين المحرومين من 
ملكية الأرض إلى ما معدّله 14.25 في المثة من الإنتاج”. 


(59) استنادًا إلى الجدولين 19 و20 في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» 
المكتب المركزي للإحصاءء نتائج بحث العينة السكانية للقوة البشسرية وقوة العمل في القطر العربي 
السوري, أيلول 1972 (دمشق: المكتب المركزي للإحصاء. [1973]). 

(60) انظر أيضًا أعلاه ص 296 298 من هذا الكتاب. 

(61) من أجل تفصيلات في شأن حصتهم المعززة من أنواع الأرض المختلفة» انظر: 01608 
اه ,57-58 .وم بواج عبانعتجوه'! علد عرامادء عمل 0لا ,همتاقامعصساعمل عل اء عووععم عل عطمعم 


ياسين» حكاية الأرضء ص 82 - 83. 


306 


اكاك اللا يننا 


تقدّم هؤلاء أيضًاء عن طريق تأسيس شبكة من روابط الفلاحين المحلية 
في النصف الثاني من الستينيات» في عمليات تنظيم الفلاحين في طبقة 
واضحة؛ وزودوهم بعنصر التثقيف السياسي» وسحبوهم إلى الميدان السياسي. 
وفوق ذلك كلهء وعلى الرغم من أن كثيرين من الفلاحين استمروا في العيش 
على هامش اقتصادي طفيفء فإن طبقة الفلاحين ككل أحرزت موقعًا أفضل 

في المجتمع. ويجب أن نتذكر أيضًا أنه في تلك الفترة ‏ في عام 1968 على 
وجه التحديد - بدأ مشروع سد الفرات في «الطبقة»» وهو مشروع سيزوّد 
عمليًا في النهاية قرى سورية كلها بالكهرباء» وسيساعدء بطرائق ىق كثيرة» في 
تغيير وجه الريف. 


سقوط التيار السائد من حزب البعث فى الستينيات وأسيابه 


يبقى أن نفسر سقوط التيار السائد من حزب البعث في الستيئيات» أي 
تيار البعثيين الذين ربطوا مصائرهم بمصير صلاح جديد. من الممكنء بنظرة 
مدققة إلى مسار الحوادث في دورته الكاملة بين عامي 1963 و1970 أن 
نستنتج أن أحد الأسباب الرئيسة لهزيمة هؤلاء هو الزعزعة التي ميت 
إمساكهم المباشر أو غير المباشر بروافع السلطة الحاسمة خلال تلك الفترة 
كلها تقريبًا. وكان لهذا جذوره في مجموعة من العوامل السببية المترابطة أو 
المتشابكة,» بما في ذلك سيولة الوضع الاجتماعي. ومقاومة عناصر المدينة 
المتحصنة التي لاا مصلحة لها مع النظام» ووضع الاقتصاد غير المستقر» 
وتقلّب الحزب من أزمة إلى أخرىء والتغيّر المتكرر في ميزان القوى داخل 
الجيشء والآثار الكارثية لحرب حزيران/ يونيو 1967» وجو انعدام الثقة 
السائد» وانشقاقات التيار السائد في حزب البعث؛ على الرغم من أصول 
أعضائه الريفية المشتركة وتوجهاتهم الريفية المتشابهة» على أسس شبه مناطقية 
وشبه طائفية وأحيانًا غير واضحة أو غير محددة» ما عكس بدوره الميوعة 
السياسية والتشظي الاجتماعي لأهل الزراعة الذين تحدّروا منهم. 
تاريخ البعث في الستينيات هوء بمعنى ماء تاريخ شقاقات حزبية. لم تكن 
النزاعات الحزبية الداخلية قط طائفية صرفًا أو إقليمية صرفًا بطبيعتها. هكذا 


327 


كان من الممكن العثور على عناصر من المجموعات البعثية الرئيسة في 
الجيان -مجموعة اللاذقية العلوية ومسمرعة نجل الغرت النرزية ومجموعنا 
حوران ودير الزور السُنيتان - في هذه اللحظة أو تلك في كل فئة سياسية 

تقرييًا. وغالبًا ما كانت العوامل أو التطلعات الشخصية إلى السلطة حاضرة. 
وكان للقرابات العقائدية دور ماء لكن لا يبدو أنه كان حاسمًا. 


من المؤكّد أن تصنيفات «يساريين» و«يمينيين» كانت تلقى بالمجان. 
لكن السلوك السياسي للشخصية المركزية في تلك الفترة» صلاح جديدء لا 
يشير إلى التزام أيديولوجي واضح أو متسق. ففي عام 1963» دعم البعثيين 
«الماركسيين» القريبين من ياسين الحافظء وهو شيوعيى سابق» والبعثيين 
«الاشستراكيين الديمقراطيين»؛ بقيادة حمود الشوفي؛ لكنه تركهم في عام 
4 . وفي منتصف الستينيات» سمح بتشكيل الكتائب العمالية المسلحة أو 

غضٌّ الطرف عنها بقيادة خالد الجندي رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال 
الذي آمن أنه يجب الضرب بالفأس على جذور النظام الاجتماعي القائم» 
وسعى إلى تأسسن «سلطة العمال والفلاحين [السيدة]». وفي لحظات الأزمة» 
تصرفت الكتائب العمالية بوصفها درع النظام أو ذراعه الضاربة؛ كما في 
أيلول/ سبتمبر 1966 في أثناء محاولة سليم حاطوم الدرزي الانقلابية على 
جديدء أو في أيار/ مايو 1967 عندما أضرب تجار دمشق. غير أنه لم يقبل 
آب/ أغسطس التالي حتى حل جديد الكتائب وصادر أسلحتهاء زاعمّاء باسم 
القيادة القطرية لحزب البعثء أنها «قد أنشئت من دون علم الحزب» وأن 
قائدها استخدمها ل «غاياته الخاصة» ول «(إرهاب المواطنين وتجريدهم من 
حريتهم). واتهم خالد الجندي أيضًاء من بين أمور أخرى» ب«تسليم الاتحاد 
العام لنقابات العمال إلى الاتحاد الدولي لنقابات العمال الذي تسيطر عليه 
الأممية الشيوعية» من دون الحصول على فقة الجمعية العامة للاتحاد كما 
يقتضي نظامه الداخلي*. من الواضح أن ميل جديد نحو الماركسيين أو 
اليساريين المتطرفين» أو ابتعاده عنهم» خضع لظروف اللحظة أو لاعتيارات 


(62) تعميم داخلى رقم 117/ 259 صادر عن القيادة القطرية لحزب البعث بتاريخ 8 آب/ 
تعمييم داخلي رقم عن : يخ 8 أب 
أغسطس 1967 بعنوان #حول الاتحاد العام للعمال4. أنا مدين للبعثي السابق فواز طرابلسي بالفضل 


328 


تكتيكية؛ أو كان» بحسب تعبير حمود الشوفى» الأمين القطري لحزب البعث 
بين عامى 1963 و1964» «مجرد جزء من لعبة السلطة»2. 


من الصعبء في الحقيقة» أن نحدّد بدقة أين كان صلاح جديد يقف 
أيديولوجيًا. ووصفه بالأيديولوجي غير دقيق. فقلما كان يلقي خطابات عامة» 
ولم يكن معروقًا بحدة آرائه. وبدا لكثيرين غامضًا. وكان لطيمًا في أسلوبه 
وخطابه. يتحدث بصوت هادئ» وقلما سمح لنبراته أن تفصح عن أفكاره. 
كان لقب «الراديكالي» مُنَضّلُا عليه بلا شك. لكن «راديكاليته؛ بدت وسيلة 
مانت أكتر نيا ريهانا كرما صحيح أن أقرب شركائه المدنيين بين عامي 
6 و1970 تفاخروا بامحماء «ثوريين» و«اشتراكيين»» واستخدموا تعابير 
ماركسية. لكن «ثوريتهم» و«اشتراكيتهم» تركتا الانطباع بأنها أهواء غالبة أكثر 
منها أفكار معقولة» واتّجهتا في الممارسة ضد كبار الملاكين والتجار 
والمناصين على لاحر كاد كبون خار” ولم يدافعوا عن إلغاء الملكية 
الخاصة؛» وظلوا حتى النهاية حذرين من التشارك 0 
يوحي التعميم الحزبي الداخلي المستشهد به للتو في شأن أعمال خالد 
الجندى. 


يمكن فهم سلوك صلاح جديد على نحو أفضل إذا انطلق المرء من 
منطلق أنه كان يعتبر الأيديولوجيا مجرد سلاح آخر في السعي إلى السلطة أو 
الاحتفاظ بها. وأتيحت لأحد البعثيين البارزين ‏ هو منيف الرزازء الشاهد 
الجدير بالثقة على الرغم من أنه لم يكن ودودًا حيال جديد ‏ فرصة مراقبته في 
أثناء العمل» فبهر بقدرته «المدهشة» على أن يلعب مع القوى السياسية الداخلية 
المختلفة» فيعزل تعن العا رقع أرينكد ومالنات عم صرت أو انين 
يده من تلك التحالفات» حسبما ة تقتضي الظروف» ويضفي صفة أيديولوجية 
معاكسة على أفعاله كلّها*». 


غير أنّهء على الرغم من كل فطنته في التلاعب بالقوى المحلية» كان 
يفتقر إلى رؤية واضحة للحقائق السياسية الأوسع. كان ينقصه. على وجه 


(63) حديث مع المؤلف في 10 تموز/ يوليو 1991 
(64) الرزازء التجربة المرة» ص 149. 


329 


يي 


الخصوص» فهم توزع القوى الشرق أوسطية. فمن خلال سماح صلاح جديد 
بردود غير حصيفة على الاستفزازات الإسرائيلية على الحدود واتخاذ خط 
فدائى فى المقاومة الفلسطينية ومسألة «الحرب الشعبية» التى كانت» من وجهة 
نظر عملية» تتصل بالموقف أكثر منها بالسياسة» ونادرًا ما توافقت مع قدرات 
سورية الفعلية» انتهى الأمر بأفعاله إلى أن تعود بالضرر عليه وبالفائدة على 
الإسرائيليين”». هكذاء أصبحت الحوادث التي أدت إلى حرب عام 1967» 
وهي ليست ضمن نطاق هذه الدراسة» خارج السيطرة. وغيّر الدمار الذي تلا 
تلك الحرب تغييرًا دراماتيكيًا المعالم الإقليمية والداخلية» الأمر الذي جعل 
مشكلات نظامه أعقد وإمكاناته أبهت. 

سوف يتّضح لاحقًا أن حافظ الأسدء وزير الدفاع في ذلك الحين» الذي 
كان راضيًا حتى تلك اللحظة بالقيام بدور ثانوي قياسًا على دور جديد» لم 
يلتقط فى الحال فورًا معنى الحقائق الجديدة» كما توحى روايته اللاحقة 
للحوادث*». ففي المؤتمر القومي الاستثنائي التاسع الذي عقد في آب/ 
أغسطس - أيلول/ سبتمبر 1967» دعم الأسد. بحسب رواية معاصرة للوقائع» 
أصحاب الخط المتشدد بقيادة عبد الكريم الجندي الذي كان على يسار جديد 
وكان يصر على التمسك الصارم بموقف النظام الخارجي المتشدّد ومبدأ «حرب 
التحرير الشعبية0!”*». لكن بحلول عام 1968» كان الأسد قد غيّر موقفه. وإذ 
أدرك الحاجة إلى مسار جديد أكثر انَساقًا مع الإمكانات التي ينطوي عليها 
الواقع الموضوعيء أو مدفوعًا باعتبارات أخرى - ربما بتغير في مزاج العسكر 
- انعطف نحو الفكرة القائلة إن النظام لا يمكن أن يعالج صعوباته إلا بالتحول 
نحو سياسة التسوية على الجبهتين الإقليمية والمحلية» بما يمكن القطر من 
التركيز على إعادة بناء دفاعاته وتعزيزها. وكان هذا يعني داخلياء وفي جوهره» 
تخفيض حدة الصراع الحضري ‏ الريفي والتصالح مع الطبقات الوسطى 
الحضرية. أمّا جديدء الذي كان قد مال إلى الاعتدال» على المستوى الإقليمي 

(65) اعترف د. إبراهيم ماخوس:؛ في حديث معه في الجزائر بتاريخ 16 آذار/ مارس 01986 بأنه 
«كانت هناك فجوة بين تصريحاتنا عن ١الحرب‏ الشعبية» وإمكاناتنا المادية». 

266 :45 144 .وم ,وتجرى رو ومع رعاقعه 

)2672 .7 ,(طانامجرع8) اع 10 


330 


على الأقل؛ ذ فى المؤتمر الذي ذكرناه للتو» والذي وجد نفسه «في أقلية»69 
فبدا لاحمًا وهو يدفع باتجاه تغيرات داخلية عميقة تعكس ميول الكتلة العظمى 
في القيادة القطرية لحزب البعث والجناح المدني في الحزب. 

ظهرت الاختلافات فى وجهات النظر بين الأسد وجديد حتى قبل حرب 
حزيران/ يونيو. ففي شباط/ فبراير 1967» على سبيل المثال» كان الأسد مستاءٌ 
كما قيل» من طرد بعض الضباط الذي رتّبه مناصرو جديد اللانتقام الشخصي». 
وقيل إنه نظر إلى تلك الأفعال على أنها إضعاف للجيش السوري”. لكن هذا 
الخلاف والخلافات اللاحقة في عام 7 بما في ذلك تلك المتعلقة 
بالمسؤولية عن الهزيمة العسكرية أو الوجهة التي ينبغي أن تتخذها السياسة بعد 
الحربء, كانت خلافات بين رجلين ما يزالان في الفريق ذاته. هناك شيء من 
الغموض في شأن المعنى الحقيقي لفصل 160 ضابطًا في شباط/ فبراير 
7 بمن فيهم رئيس الأركان أحمد سويداني ومعظم مجموعته الحورانية 
السنية في الجيشس”©. وفسرت تلك المبادرة حينها على أنها ضربة ضد 
جديد”7» لكن كان من الممكن أن تخدم مصالحه جِيداء لأن مجموعتي 
حوران (ودير الزور) في الجيش كانتا قد «تخلتا' عنه في المؤتمر القومي 
الاستثنائي التاسع لحزب البعث الذي عقد في آب/ أغسطس - أيلول/ سبتمبر 
7 يدفعهم ‏ كما قيل ‏ الشك في أن جديد كان يسعى إلى التخلص منهم 
واحذا تلو الآخر”7. لكن الأسد استفاد من نتيجة ثانوية تريّبت عن تصفية 
الحوارنة» ألا وهي تعبيين مصطفى طلاس”*7 رئيسًا للأركان؛ فعلى الرغم من 
أن طلاس لم يكن بأي شكل من الأشكال ذا ثقل» فقد أمكن الاعتماد عليه في 
تنفيذ إرادة الأسد بإخلاص. وفي الوقت ذاته؛ من الضروري ألا نغفل عن 
قيقة حقيقة أن التطهير عزز سلطة العلويين القوية أصلًا في سلك الضباط. 


)268 .7 ,(طانتوولا 8) /ج6 101 
(69) الأنوار (بيروت): 1/ 2/ 1967. 
(220 .1968 ,(طانامورك 8) ندعا 0 نا 
0 النهار (بيروت))؛ 16/ 2/ 1968. 
20022 7 ر, (الانام اب 8) انرا 


(73) النهارء 16/ 3/ 1968. 


وصل الصراع بين الأسد وجديد إلى الذروة في المؤتمر القطري الرابع 
لحزب البعث المنعقد في أيلول/ سبتمبر - تشرين الأول/ أكتوبر 1968. ففي 
هذا الاجتماع؛ وحد أنصار الأسد العسكريون قواهم مع أصدقاء محمد عمران 
العسكريين الذين كان قائدهم قد اختلف مع جديد في كانون الأول/ ديسمبر 
4» وسيطروا على المكتب العسكري لحزب البعث*”. ومن جانب آخر 
كان جميع أعضاء القيادة القطرية المتتخبين في المؤتمر باستثناء الأسد 
وطلاس» مناصرين لجديد. وبعد ذلك بوقت قصير» أعلن الأسد بحزم» 
مشيرًا إلى القيادة الجديدة: «أنا لا أعترف بهذه القيادة السياسية!»5©, وهذا 
يشير إلى بداية ما يسمى في أدبيات الحزب بازدواجية السلطة. 

قبل أن يكشف الأسد عن أسنانه بهذه الطريقة» كان يوسّع بهدوء قاعدة 
دعمه في القوات المسلحة ويعمقها. وفي ما بعد» سيتهم أنصار جديد الأسد 
بأنه» منذ منتتصف الستينيات» حول القوى الجوية ‏ ومديرية الطيران المدني - 
إلى إقظاعية مخلقة ومركز قرة له ولألصاره. وسيزهموة أيقنا أن كسب إلى 
جانبه أفراد الجيش المهملين في حرب حزيران/ يونيو» فضمهم تحت جناحه 
وحماهم من المساءلة كما طالب الحزب. وتابعوا أنه في خريف 1968» في 
فترة «ازدواجية السلطة»؛ أغلق الجيش في وجه الحزب وبدأ بتشكيل العناصر 
الأولى لما سيصبح بعد عام 1970 «قطاعات عسكرية كاملة مشكلة على 
أسس طائفية وعشائرية وعائلية»)9©. 

في البداية» امتنع الأسد عن إطاحة جديد بالقوة أو تركيع الجناح المدني 
من الحزب وفضّل أن يقوم بذلك على نحو غير مباشر. كان عليه أن يعمل 
بحذر» حيث كان اللواء 70 المدرع القوي لا يزال مواليًا لجديد. وهو وضع 
قد يجبره على وضع القوى الجوية في مواجهة تلك الوحدة العسكرية» ويرفع 
شبح الحرب الأهلية» وهو وضع كان يجب تفاديه بأي ثمن كان. 

لكنه. في 25 شباط/ فبراير 1969» وفي محاولة لإحباط عقد جلسة 


(24) الحرية (بيروت)؛ 14/ 10/ 1968. 
(75) المصدر نفسى 10/25/ 1968. 


(76) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي» نقد تجربة الحزب. ج 4» ص 64- 65. 


232 


7م 


استثنائية للمؤتمر القطري الرابع لحزب البعث» خشية أن تأتىي ضد مصالحه. 
اعتقل قادة فرع اللاذقية لحزب البعث» ذلك الفرع القوي» واتخذ خطوات 
لقطع القيادة القطرية عن منظمات الحزب في المحافظات الأخرى. وبنية 
واضحة لتخليص الإعلام من نفوذ القيادة» استولى أيضًا على مكاتب الصحف 
اليومية ومحطات الإذاعة والتلفزيون. ردت القيادة القطرية فى 28 شباط/ 
فبراير بدعوة إلى التحدي شاجبةً «إجراءات وزير الدفاع غير الشرعية» ومصرة 
على الحاجة إلى عقد الجلسة الطارئة للحزب. وحذرت من أنه» نتيجة أفعال 
الأسد. فإن «قيادة سلطة الدولة لم تعد بين يدي الحزب5”. وفي 2 آذار/ 
مارس؛ وضع عبد الكريم الجندي» رئيس مكتب الأمن القومي في القيادة 
القطرية» حذا لحياته مع إحساس مرير بالخيبة من الصراع ضمن النظاه*7. 
وبعد أيام من ذلكء. وقفت المنظمات التابعة لحزب البعث» بما في ذلك 
الاتحاد العام للفلاحين» مع انتقادات القيادة القطرية مستهجنة «تدخل العسكر 
في شؤون قيادة الحزب ومؤسسات الدولة)9©, 


قرر الأسدء الذي بدا غير واثق من قوة موقفه ألا يدفع الأمور إلى 
المواجهة. وعقدت الجلسة الاستثنائية للمؤتمر القطري الرابع في أواخر آذار/ 
مارس» وشكل مكتب سياسي يضم أنصار جديد والأرر0 لإدارة القطر 
بعقلية تسووية. 


استمر التوازن القلق بين القائدين حتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 
0» عندما نقل الأسدء الذي بات مصمّمًا على السلطة الفردية» العقيد 
عزت جديد» وهو حليف قوي لصلاح جديد لكنه ليس قريبه» من قيادة اللواء 
0 المدرع المهم إلى مكتب العمليات في الأركان العامة» وتابع ليطهر 
الجيش من بقية أنصار جديد أو ليضعهم في مواقع أقل أهمية”©. 


(727) تعميم داخلي رقم 32/568 بتاريخ 28 شباط/ فبراير 1969 من الأمين القطري لحزب 
البعث إلى جميع فروع الحزب. 

(278) النهار. 3/ 3/ 1969. 

(79) المصدر نفسه. 5/ 3/ 1969. 

(80) المصدر نفسه. 4/1/ 1969 و4/29/ 1969. 

(81) الصياد. 22 - 29/ 10/ 1970 و .0 , (طادسدلاء8) ادرو 10 


21313 


قد يكون إحياء أزمة النظام الداخلية متعلقا بإخفاق الدعم السوري 
المسلح للمقاومة الفلسطينية في صراعها في أيلول/ سبتمبر التالي مع المملكة 
الأردنية وقد لا يكون. وسيزعم الأسد لاحمًا أنه وافق على قرار التدخل في 
الأزمة الأردنية» وأنه كان وجديد على رأي واحد فى هذه المسألة62. 
واستهجن أنصار جديد» في روايتهم الحوادث «دور وزير الدفاع المعاكس في 
إجهاض قرار قيادة الحزب لحماية المقاومة»”». ويشير هذا بوضوح إلى 
رفض الأسد استدعاء غطاء جوي للعملية العسكرية السورية. لكن كان من 
شأن توريط القوى الجوية أن يقوض توكيد القيادة السياسية ذاته فى ذلك 
الوقت بأن الجيش السوري لم يكن مشتركًا في القتال وأن السرية المدرعة 
المتدخلة تعود إلى جيش التحرير الفلسطيني. وبالنظر إلى توازن القوى 
الإقليمي غير المواتي» فإن تورطًا من ذلك القبيل كان من شأنه أيضًا أن يعقد 
المشكلات التي كان التدخل غير الحكيم قد أوجدها لنظام البعث. وفي 
الوقت ذاته ذا أن هتالك عضا حتيقيا بيد شيا الجيش حيال ما اعتبروه 
«تدخلا أخرق سياسيًاة*”. وريما يكون الأسد قد شجع هذا الغضب أو 
استخدمه لتسهيل خطواته ضد جديد وتيار البعثيين المدنيين السائد. 


كان هؤلاء قد أعذوا أنفسهم للأسوأء وردّوا على نقل أنصارهم من 
المواقع الحساسة في الجيش بالدعوة في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1970 إلى 
المؤتمر القومي الاستثنائي العاشر لحزب البعث الذي ألقى بكل ما تبقى له 
من وزن وعزم في مساندة جديد. وأظهرت وقائع المؤتمر التي استمرت حتى 
2 تشرين الثاني/ نوفمبر علا كل المرارة الكامنة بين الجناحين العسكري 
والمدني من الحزب. وفي إحدى اللحظات,ء عندما تولى جديد الكلام؛ انتقد 
بحدة الامتيازات التي يتمتع بها ضباط الجيش وامتلاكهم سيارات مرسيدس 
وشققا فارهة في منطقة بو رمانة وعلى طول شارع بقداد. أمَا الأسدء من 
جانبه» فدعا نحو خمسمئة ضابط إلى اجتماع خاص يوم 10 تشرين الثاني/ 
نوفمبر في مقر قيادة القوى الجوية» وأرادهم أن يعرفوا أنه أقدم عضو عامل 


(82) انظر: .م ,وأسرى زه مكف رعاقء5 
(83) حزب البعث الديمقراطى الاشتراكى العربى» نقد تجرية الحزب» ج 4 ص 51. 
)284 41-0 ,(دعة) عبط !1 املظ أمدمأامتصعاط 


23234 


في حزب البعث الحاكم, وأنّهم هم الذين يقرّرون ويحسمون الأمورء وليس 
المجتمعون أعضاء مؤتمر الحزب. وأن الجيش هو الذي جاء بهؤلاء وهو 
الذي يعرف كيف يتعامل معهم!1*". 

جاءت الخاتمة يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر صبيحة قرار اتخذه مؤتمر 
الحزب بإعفاء الأسد من منصبه وزيرًا للدفاع. ووضع ذلك خاتمة مصير 
جديد. حيث اعتقل مع كثيرين من أقرب أنصاره. وألقي بهم في السجن. 
واختفى آخرون من المشهدء أو فرٌوا من القطر. 

لم يحتفي أحد من السكان بخاتمة الحوادث هذه بحماسة تفوق حماسة 
تجار المدن. كان هؤلاء يعدون لحملة نشيطة بين الحرفيين والمهنيين ضد 
تيار البعث السائد. ونظّموا تظاهرات في شوارع المدن الكبرى تحمل أعلامًا 
كتب عليها: «طلبنا من الله المدد فأرسل إلينا حافظ الأسد!7(0©. 


(85) الحوادث (بيروت)؛ 1970/11/20. 
(86) الراية (لسان حال الجناح المدني في حزب البعث)؛ 14/ 12/ 1970. 
(87) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي» نقد تجرية الحزب» ج 4» ص 38. 


335 


7م 


الفصل الثالث عشر 
مَفَث ما بعد 1970 بقاليبه الأسدي وتوجهه المهني 


قائد المسيرة 
حمل بعث ما بعد عام 1970 بصمة شخصية الأسد منذ البداية. وتوافقت 
صفات الأسد الفردية - خصوصًا حذره ومرونته وواقعيته السياسية - مع شروط 
الحزب 0000 ومارستء وما زالت تمارس. تأثيرًا كبيرًا في تطوره 
وتوجهه. وتعكس أيديولوجيا الحزب الحالية وجهات نظر الأسد الشخصية 
أكثر مما تعكس تفكير كوادره الجمعىّ. وحل الولاء له محل الولاء لمعتقدات 
الحزب القديمة. وامتزج تاريخ الحزب ونظامه إلى حد بعيد بسيرة الأسد. 
منذ أيار/ مايو 1971» راحت قيادة البعث الجديدة تهلل لقائدها بوصفه 
«قائد المسيرة»» مطلقة بذلك عبادة الأسد. وفي حين اعترفت بأن «التاريخ 
بدون شك ليس تاري؟ يخ أفراد وإنما تاريخ شعوب؟ فإنها أصرت على أن #شعبناء 
بنتيجة تطوره الخاص وظروفه. يؤكد على ضرورة وجود قائد... وإنه بدأ يرى 
بالرفيق حافظ الأسد هذا القائدة. وتابعت القيادة» ريما بتأثير وهم ماء لتقول: 
«التفاف الجماهير حول قائدها لا ينقص القيادة دورهاء فالرفيق حافظ الأسد 
حزبي ملتزم بقرارات القيادة متفاعل معها)”". 
سوف تعبر مؤتمرات الحزب وقياداته في العقدين التاليين» وفي مئاسبات 


ا الجخ نه 71 )») ص 71 0 


3137 


ملائمة» عن مشاعر الحبور ب«القيادة التاريخية الاستثنائية؛ التى جِسّدها 
الأسد وفي عام 1985» بعد أقل من سنة من «صراع الخلافة» الذي نشب 
نتيجة مرضه وعجزه الموقت» سيمضي المؤتمر القطري الثامن إلى أبعد ليرفع 
شعار «قائدنا إلى الأبد الأمين حافظ الأسد!»©». وسيبذل المؤتمر أيضًا جهدًا 
عظيمًا ليؤكد أن «الولاء له ولاء للحزب وللشعب ولقضيته؛» وسيحذّر من أن 
«الإخلال بالولاء» تحت أي صورة كانت... إنما يشكل انحرافًا خطيرًا يرفضه 
الحزب وترفضه الجماهير»””. 

عكست تأكيدات قادة الحزب المتكررة على الارتباط بالأسد الواقع 
الأساس المتمثل بسلطته الطاغية. وفي عام 1975 عبّر رئيس الوزراء السوري 
محمود الأيوبي بصراحة عن هذا بلغة غير بعثية» قائلًا عن الرئيس: «في سورية 
سلطة واحدة وقائد واحد:”. وعلى الرغم من ذلك؛ هناك مظاهر تدل على 
العكس» إذ لم يكن جميع الأشخاص في حاشية الأسد ينظرون إلى سلطته 
المطلقة العملية بعين الرضا. فشقيقه رفعت الذي قاد بين عامي 1971 و1984 
سرايا الدفاع التي كانت في حينها أقوى وحدات مسلحة حامية للنظام؛ لم 
يخف مشاعره المتناقضة في عام 1974 عن صديق موثوق من أبناء المنطقة 
الريفية التي انحدر منهاء حين أسرٌ له بنبرة مميزة من المرارة» «وأنا أحب أخي 
أكثر من عيني وولديء وأطيعه» وكل مرة أقابله فيها أقبّل يده. ولكن... كفاني 
أن يعاملنى معاملة العبيد وأنا لست عبدًا... ومن هو ومن أنا؟ إننا شىء واحد» 
ومصلمتا واحدة ومصيرنا واح3., هو لتعيتان فقطء :وله عقل واحلة ويريد 
لنا وللشعب كله أن نرى بهذين العينين وحدهما ونفكر بهذا العقل وحده». 

الصديق الذي اتخذه رفعت موضع سرّهء والذي أخذ هذا المقتطف من 
روايته هو صالح عضيمة الذي خدم في ذلك الوقت تحت قيادة رفعت في 


(2) حزب البعث العربي الاشتراكي» «مقررات وتوصياتء» (1988)) ص 5 -6. 

(3) حزب البعث العربي الاشتراكي. القيادة القطرية» تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته: 
التقرير السياسي والتقرير التنظيمي (دمشق: الحزب» 1985) .التقرير السياسي؛ ص 7 

لك .5 ,كه :17 707/6 ولق 

(5) صالح عضيمة» تحليل رفعت الأسد: مقولة في حكمة السياسة وسياسة الحكمة (باريس: 
مؤسسة الاثني عشر» 2) ص 673 


2338 


اكاك اللا يتن 


سرايا الدفاع» وأصبح في ما بعد كاتب خطاباته ومؤرّخه الرئيس. وإذا ما 
افترضنا صحة هذا التصريح المنسوب إلى رفعت. فَإِنْ ذلك لا يعني أن نستنتج 
أن حافظ الأسدء المعروف بالضبط الذاتي الحديدي وبموهبته في إدارة 
الناس» قد عامل الأعضاء الآخرين في الحلقة الضيقة من الأشخاص المحيطين 
به بالحسم ذاته الذي عامل به رفعت» على الأقل لأن هذا الأخير الذي يدين 
بأهميته لأخيه» كان بعيدًا عن الرصانة في ممارسته السلطة كما سيتبيّن. 
على أي حالء ما يجب التشديد عليه هو أن شخصية الأسد أصبحت منذ 
عام 1970 عنصرًا مسيطرًا في حياة حزب البعث» وأن قيادته المُحَكّمّة باتت 
عاملا مهما فى المحافظة على تماسك كوادره. لكن ما المزايا الأخرى التى 
كسبها الحزب في أيامه؟ ْ 


الخصائص العامة للبعث الحديد وتركيبته الاجتماعية 


قد يكون الملمح الأكثر استرعاء للانتباه في الحزب في ظل الأسد هو 
نموه السريع» حيث نما عدد أعضائه الكلي من 65398 في عام 1 إلى 
2 في عام 1981 وإلى 1008243 في 30 حزيران/ يونيو 1992 (انظر 
الجدول 1-13)» وذلك في بلد بلغ عدد سكانه في عام 1992 نحو 13 مليونًا. 
وعندما نأخذ في الحسبان التركيبة العمرية للسكان وشرط الحد الأدنى من 
العمر للقبول في الحزب ‏ 14 سنة للأنصار و18 سنة للأعضاء العاملين) ‏ 

يجب أن يكون واضحًا أن الحزب قد ضم في عام 1992 ما لا يقل عن 14.5 
الى المالة من جميع السوريين البالغين من العمر 14 سنة فأكثر. وعندما ننظر 
إلى لسر ل كانت نسبة الذكور 3 فى المثئة ونسية 
الإناث 24.7 في المثة في السنة المُشَار إليها (انظر الجدول  )2-13‏ فإن 
نسبة السوريين الذكور في الفئة العمرية نفسها المنضوين في الحزب تصل إلى 
7 في المثة”©. ومما يستحق الذكر من باب المقارنة» أن الحزب الشيوعي 

(6) المواد 5 (1) و6 (1 ب) من النظام الداخلي للحزب المعدل في المؤتمر القومي الثاني عشر 
في عام 1975 ص 12 و14. 

(7) حسبت نسب الفئة العمرية في السكان تقريبيًا على أساس الأرقام في: الجمهورية العربية 


339 


السوفياتي لم يضم في ذروة قوته إلا 9 في المئة من السكان البالغين في 
الللد©, 

بلغ معدل تدفق الأعضاء الجدد إلى حزب البعث ذروته بين عامي 
1 و1974 عندما تضاعفت عضويته ثلاث مرات تقريبًاء لكنها تضاعفت 
مرتين أيضًا بين عامي 1974 و1981» وتضاعفت من جديد ثلاث مرات 
تقريبًا بين عامي 1981 و1992. لم يشتمل هذا النمو الاستثنائي على 
الانجذاب التلقائي : نحو الحزب من أشخاص مؤمنين به تلهمهم قضية ماء كما 
كان يحدث غالبا فى الأربعيئيات والخمسينيات» بل اشتمل» عموماء على 
عات تنيت وانبجة النطاق تحاءك: متيحة قزاراك وإلغية من قيادة البدربت 
العليا. فما الذي كان وراء تلك القرارات؟ 


كانت رغبة الأسد في توسيع قاعدته الشعبية إلى أبعد حدٌ ممكن واستخدام 
الحزب عربةً رئيسة لبسط نفوذه أحد العوامل السببية الواضحة وراء تلك 
القرارات. وسعى منذ البداية أيضًا إلى جعل التنظيم أكثر تمثيلا للشعب كله. 
وأوضح في 5 كانون الأول/ ديسمبر 1970» بعد أسابيع قليلة من استيلائه 
على السلطة» أن حزب البعث لن يكون بعد هذا اليوم حزب النخبة» كما تخيل 
بعضهم. . وأضاف أنْ سورية ليست للبعثيين وحدهه”*. وفي خطاب في تموز/ 
يوليو 1980» تحدث عن المبادئ الأساسية لاجتذاب الأعضاءء فأكد أن 
«الحزب كالشعب... أجيال متتالية لا نهاية لهاء ولا حدود. لا يمكن لجيل من 
الأجيال... أن يرى في نفسه نهاية المطاف... [بعد عام 1970] أعطينا هذا 
الأمر ما يستحق وقلنا يجب أن يجتذب الحزب كل المواطنين» كل المناضلين» 
وهم من حيث المبدأ مجموع الشعب. ولا يغير من هذه القاعدة مجموعة من 
الرجعيين أو مجموعة من الانتهازيين أو المعادين داخل صفوف الشعب» 


السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 

2 » ص 60. 
(8) أي تلك التي للمواطنين السوفيات فوق الثامنة عشرة من العمر. النسبة لعام 1973 عندما وصل 
أعضاء الحزب السوفياتي ومرشحوه إلى 14821031؛ وكالة نوفوستي للأنباء» مسار الحزب اللينيني: 776 
,44-45 ,مم ,(1974 رعمنه11 عستطكتاطناط بعمععط دومع ناوه 11 :جمعو1/10) برممط اكتاوادما عدا رن «أنوطر 


(9) التهار. 6/ 12/ 1970 


2320 


نقطةه 101 


“لوم لد عط بوم مرب جو رخ) 
66ح * رم 4ه ع0 ري 


«وو لكت ديوع ع ) لمتيبيم “كيس 6 دعن “كت رمم مكعم زوجم ]) 461 سكم ١ه‏ 
- و جومم سرعم كرسي سوسم ردص كيم ريو فى يسبع “تكسم عتم حك “و كيو “ري “له ]م لك مع | اسيم لو مم وماج مسيم 
كي مكبو رومن كتج رقي كي فلم ججسيمم مجعطر حكسم بتكي وعقمم لصم كسم “4 6566 66861 861 لركسم لو كيه برسم ب سصم 


7661 ]66861 ]6]861 إ]6عط6 زوم | :حسم حبسم وتجومعم| وكع| 


(7 -1ع) ممصم 














الحدول (2-13) 
العنصر النسائي في حزب البعث. 1974 و1982 و1992 


[ ف | 970 [لتبةالضة] :198 [السةالضية| :155 [السةالضيةا 
الامضدفعير| ويقدت | دده | 6اده»د| دده | 6و| ووم ل 
الاسدوهت| 4ب | ده | تدده | ب | «فة | ري 
امي ديت | م« | دون | 6 إدت»دا | صل 


المصادر: المصادر نفسها في الجدول (1-13). 


فالشعبء كل الشعبء فى الأصل شعب طيب... يؤمن بوطئه... ويجب أن 
يستقطب الشعب ما أمكن داخل صفوفهة9". 

لا بدّهنامن ملاحظة جانبية: فمن خلال التأكيد على طيبة الشعب 
والإشارة إلى أنه يمكن التوفيق بين مصالحه الأساسية:؛ لم يكن الأسد يدافع 
عن مد شبكة عضوية الحزب أوسع ما يمكن فحسبء بل كان أيضًا يحاول أن 
يقوّض أيديولوجيًا ما كان الإخوان المسلمون يشنونه آنذاك من هجوم متزايد 
الحذة على نظامه» وهو هجوم يمكن فهمه؛ في بعض جوانبه المهمة» ضمن 
سياق الصراع الحضري - الريفي القديم في سورية» وهذا ما ستتناوله بإحكام 
في مكان ملائم أكثر. 

إذا كان التأكيد. في المبدأء قد وَضِعّ على الرغبة في فتح أبواب الدخول إلى 
الحزب واسعة. فإن الانضمام إلى صفوف أنصار الحزب كانء في الممارسة؛ 
أسهل بكثير من بلوغ مرحلة العضو العامل. فهذه الفئة الأخيرة من البعثيين هي 
الوحيدة المخولة أن تصوت في اجتماعات الحزب المنتظمة أو أن تشغل مواقع 
قيادية في أي مستوى من مستويات الهيكل التنظيمي للحزبء أو تدخل مدارس 
الإعداد الحزبي"2". وكما هو واضح من الجدول (13 -1). فإن الأعضاء العاملين 
لم يشكلوا في عام 1971 سوى 12.2 في المئة» و21.8 في المئة في عام 1992 












3 


(10) حزب البعث العربي الاشتراكي» كلمة الرفيق الأمين العام للحزب في: المؤتمر القومي 
الثالث عشر المنعقد في أواخر تموز 1980 (دمشق: [د.ن.]؛ 1980), ص 19. 

(11) السادة 7 من النظام الداخلي لحزب البعث» ص 16؛ مدرسة الإعداد الحزبيء الطليعة. 
العدد 6 (حزيران/ يونيو 1975)» ص 2 3. 


302 


من كامل أعضاء الحزب. وفي الوقت ذاته» يجب أن يبقى في الذهن أنه في حين 
ازداة ده الأتضار تمعدل أريعة عبر ضعمًا ” تقريبًا بين عامي 1971 و1992؛ 


فإن عدد الأعضاء العاملين تضاعف سبعة وعشرين ضعمًا في الفترة ذاتها. 


ما يسترعي الانتباه» أن هذا التوسع حدث على الرغم من التطهير واسع 
النطاق الذي شهده الحزب في «ز من الاضطرابات»؟ أيام الأسد: فاستنادًا إلى 
تقرير حزبي داخليء فصل من الحزب ما لا يقل عن 3243 عضوًا عاملا 
و133580 نصيرًا بين عامي 1980 و21984". غير أنه من المحتمل أيضًا 
أن هذه الأرقام تشمل انسحابات طوعية كبيرة من الحزب نتيجة الإحساس 
بالغربة أو الإحساس بالخطر. 


غير أنَّ عاملا قويّا كان يفعل فعله فى المراحل الأهدأ أو الأكثر استقرارًا 
من نظام الأسدء وكان سبيًا في دفع سوريين من مسارات حياتية مختلفة نحو 
البعث. أعني الشعور واسع الانتشار بأن الحزب وسيلة من أيسر وسائل 
الارتقاء فى ي المجتمع. علاوة على على ذلك. كان هناكء بين كثيرين من الفلاحين 
أو العناصر من أصل فلاحي في مختلف مناطق القطرء ولا سيما في مناطق 
العلويين» قناعة حقيقية بأن البعث هو حزبهم ويمثل مصالحهم فعلًا. ٠‏ ويسّرت 
هذه المشاعر الشعبية دوافع التنسيب الجماهيري الذي نظمه الأسد وشركاؤه. 


يعكس الجدولان (3-13) و(13 - 6) بوضوح ما ترنّب عن كل ذلك من أثر 
في تركيبة الحزب. إذا ما أبقينا في الذهن كثافة السكان في المحافظات المختلفة» 
فيمكن أن نستنتج عن حق من أرقام الجدول (13 -3) أن الأعضاء العاملين 
والأنصار كانوا في عام را الوا لي عا 1582 الل بالخظى الى في 
محافظة حلب وفى مدينة دمشق ق وريفها. بل إِنْ ضعف تمثيل العاصمة أشدٌ في 
الوافع مما تشير إليه البيانات لأن جزءً! كبيرًا من كادر الحزب في دمشق ومن 
أعضائه في جامعة دمشق ليسوا من أبناء دمشق الأصليين» بل جاءوا من محافظات 
أخرى. وينطبق الأمر ذاته كثيرًا على البعثيين في جامعة حلب» وإلى درجة أقل 
على الجهاز الحزبي في حلب. ومع ذلك» نجح الحزب في توسيع قاعدته توسيعًا 


(12) حزب البعث العربي الاشتراكيء تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته؛ التقرير التنظيمي» 
ص 37-36. 


33 


ملحوظًا في كل من مدينتي سورية الرئيستين. ومع إبقائنا الإحصاءات الواردة في 
الجدول المدروس في الذهن؛ يكفي, في هذا الصدد. أن نستذكر اعتراف البعثيين 
الصريح في الستينيات بأنهم تمتعوا #بوجود ضعيف جدًا؛ في دمشق وحلب 
وكشف الأسد ذاته عن أنَّ تنظيم الحزب في مديئنة حلب لم يكن يضم في عام 
0 أكثر من سبعين عضوًا”". لكن الحزب أبلى حسنا بين الفلاحين في 
محافظة حلب. وفي عام 0 وصل مجموع المكون الفلاحي الحلبي في 
الحزب إلى 15.8 في المئة من مجموع الأعضاء الفلاحين فيه (الجدول 13 -4). 
لكن يجب النظر إلى ذلك في ضوء الحقيقة التي مفادها أنْ محافظة حلب في تلك 
السنة كانت تضم 17 في المئة على الأقل من سكان سورية البالغين» وما يصل 
إلى 22.1 في المئة من الأراضي المستثمرة في القطر*"©. 

لا يقل وضوحًا في الجدول (3-13) أن محافظات حماه واللاذقية 
وحمص وطرطوس تشكلء. بالمعنى النسبي» مصادر مهمة للعضوية. ولا 
تحتاج الأسباب إلى بحث كثير إذا ما أخذنا في الحسبان طابع الحزب الريفي 
والأقلوي القوي تاريخيًا. 

أولاء كانت حماه الموطن الأساس لأول حركة زراعية» كان ملهمها أكرم 
الحوراني» ووجدت دعمًا بين الفلاحين من مختلف الطوائف الدينية» ولا 
سيما في مناطق ريف حماه وحمص. 

ثانياء يقطن العلويون أساسًا في محافظتي اللاذقية وطرطوس» وتحوي 
محافظتا حماه وحمص أعدادًا كبيرة من الفلاحين العلويين» كما فى سهول 
العشارنة والغاب أو في منطقة مصياف أو القرى التابعة لمركز المخرم الفوقاني 
الإداري الواقع إلى الشمال الشرقي من حمص. وسبق أن أكد الزعيم الدرزي 
اللبناني كمال جنبلاط في منتصف السبعينيات أن العلويين قد أصبحواء من 


(13) انظر أعلاه الفصل 12 وحزب البعث العربي الاشتراكي؛ كلمة الرفيق الأمين العام للحزب» 
ص 17. 

(14) نسب السكان استنادًا إلى تقدير تقريبي قام به المؤلف؛ نسب الأرض المستثمرة استنادًا إلى 
أرقام عن استخدام الأراضي بحسب المحافظات في: الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء 
المكتب المركزي للإحصاء. المجموعة الإحصائية السئوية السورية لعام 1990 ص 103. 


2144 


7م 


345 





امعع ممست يع كرو 


يم جك تم عوطم 6 جمدم سمط جعن كه حيبي 6/4 
(1-9؟) ممصم 


3146 


١و‏ كت درووج لمم تاكس يتكبسمر يتر ماي ب مصعم دم صصح جم 2ك كسم نموم ١660م‏ سنس يسو ديق كسم بتكم ي8 كلسم |6 «ع “ك2 611 08 
كبسمر كسام | اكيس «ريصسمر ج66 ديت كسم يكيم يلطم دج سم حا اميد “كي جعت نكسم يتكردم وعرتوم لصم كيام ده يميم لوم “كي بع مسيم 











1 

اد 
41 :00 2266 
١‏ ا ل 


رنانمن 
5 الأب 1 . '  .‏ خي”م اسم 
بكيم نسم لج ممم بكيم بشسيم يمر ينسم ممم بكيم ونس ص ص أيكيسسم رفسي 5 . سمو 
قبي . ا 0 
كات 


رجم؟ كنب ويه مجبسان 
حرو لو أ يم جرك؟ جصوصم؟ مومسم حسمح جعم نعم جاتيم يتبهم) يشتوك 


(<-1ع) مممكم 


347 


نا قهطحة 


348 





309 


ليسم حبتع وج ف ج66 مصعم حم 6 إصضة] ذإو ) رضحي ينتية كم ب بم “قو ممست تنبل التي عه ذال لبي ميتي (0) 

:61م 6 أي تف صيمقب تي مسر مو جعي قمر عط يمعو معو ”سسجة (0) 

يكسم في يمستو كم يتل بحم جم مصاع مم6 لصم اجيم جم 16ج “وجي () 

ليسم كمع مع رصت لبيك “لبهم كبري سرصم ميج “سس 0 

كب وى ف بمب سير تروك بتوصمت جوع © رقي عقت وون6 وو روع صمصبة رووع ل ف كيم جرورم رجيب كني ربو صبمز ببيمعمه 
عض مكعم و كرسي وشيم لصم 


نا 











لفها 
64 
| 
م 
٠‏ 

ى 


ة 
كت 
-- 


. 
: ٠. 
- 











لا | 


0 


و 
٠.‏ 
لفنا 


662181 


56 لال 


000 | 


230 





2661 56861 61وج إوعط؟ زووع لكي فك جعمم كسم يقي يضم يشوك 
(و-]ع) معطم 


نقطةه 1001 


351 





١ح‏ يوم |6 كنت سم 6 “اتوم تسم «]سسية (0) 

السكتب بوجو بر وع© و2 توص ع2 شيعت عون معت 2 رع عو 0سية (2) 

لكت رب 6 حم جيم 6 “كت سوم © تنيع مندسوم © اندي مسوم 6 م جسم © (]مسية () 

جسم نه ميم حبس رعسم تبي 6 الجسم يي لمترصص يج “سب و 

و © دروو مت كسم بكيم اتوم 

“كيم دوج كت جر ووو دح كسمم بكسيهم) فم وسيم كس يسم جا لسيس م 64 بيو لك تكو يسيم ركيم ست حنم جسم اكيم “كي مج 61 9غ لكي 
لوي “سسم موعج عستم إمييع كوي تي وسيسوم اوعضي كسم وكوي وعرشيمم لصم حيسم “4 1 6266 66861 


اما - ظآ'6ظظ2 ا 
ا 

ا 

6ع 6ت 








209 ا 


الحدول (6-13) 
التركيبة الاجتماعية للعنصر النسائي في حزب البعث لعامي 1982 و1992 





المصدر: حصلنا على الأرقام من المقر العام للقيادة القطرية لحزب البعث: دمشقء كانون الأول/ ديسمبر 
522. 


352 


خلال هجرة صامتة وكبيرة» أغلبية في مدينة حمص. غير أنْهم ربما كانوا 
أقرب إلى ثلث سكانها في الواقع”". وربما يشكل المسيحيون» بدورهم» 10 
في الغ من مناجان ميحالظة حكن الحشرين وما 21ل عن 20 فى المت 
من سكانها الريفيين. وهم يشكلون عشر السكان في ريف حماه. ويتمتع 
الإسماعيليون بأهمية محلية في السلمية التي تقع في السهب جنوب شرق 
حماه» وفي مصياف التي تقع في منتصف الطريق بين حماه والساحل. وإذا ما 
كان تشديدنا على الحضور القوي للعناصر الابتداعية أو الأقليات الطائفية في 
المحافظات الأربع؛ يسلط الضوء ء على قوة البعثيين بينهم؛ فإنه من الضروري. 

في الوقت ذاته. أن نبرز الأخوة الأصيلة التى نمت في ظل الحزب بين 
ا الشباب والمتعلمين من جميع الأديان والطوائف المختلفة. 

هناك سبب آخر لمشايعة منظّمة الحزب فى حماه على هذا النحو الكبير: 
حيث استخدم الحزب أنظمة الري واستصلاح الأراضي الني تديرها الدولة 
في وادي الغاب على نهر العاصي لتعميق تغلغله بين الفلاحين. كما استخدم 
مشاريع التنمية على نهري الفرات والخابور للغاية ذاتها» وهذا ما يفسر إلى 
درجة كبيرة وجوده القوي بين الفلاحين في محافظات الحسكة والرقة ودير 
الزور (انظر الجدول 4-13). 

أما ضعف الحزب النسبى فى محافظة الحسكة عمومًا فمردّه إلى العدد 
الكبير» من غير العرب غير المندمجين إلى هذه الدرجة أو تلك في أنحائها 
الشمالية الشرقية (معظمهم من الأكراد» وبدرجة أقل من الأشوريين والأرمن 
واليزيديين) ومن أنصاف البدو وأبناء القبائل» ولا سيما بني شمّرء في أنحائها 
الأخرى» على الرغم من أن البداوة في تناقص في كل مكان من أنحاء منطقة 
الجزيرة السورية نتيجة تفكك التنظيم العشاء ثري وسياسة التوطين الحكومية. 


يمكن منطقيًا عزو القاعدة الكافية للحزب في محافظتي درعا ودير الزور 
اللتين تتمتعان بأغلبية سنيّة. وحضوره الملحوظ في محافظة السويداء الدرزية 
الصرف إلى حقيقة أن الحزب قد ضرب جذوره مبكرًا في سهل حوران وجبل 
الدروز وفي مدينة دير الزور. صحيح أن كثيرًا من البعثيين الدروز اتبعوا قيادة 


20150 .92 .م ,(1978 بأعه:5 نقاموط) «ببمطزع عل “روم ,امأطصيل اقحس ] 


2353 


ال هد 


منصور الأطرش الذي ربط مصيره بمصير الحرس القديم في الحزبء وأن 
عددًا كبيرًا من البعثيين في محافظة دير الزور كانوا من مناصري جلال السيد 
الذي ابتعد عن الحزب في منتصف الخمسينيات» أو من أنصار الدكتور 
يوسف زعيّن» وهو رئيس وزراء أسبق ورفيق مقرّب من صلاح جديد ذي 
السلطة الواسعة*''» لكن بعد عام 1970» ومع هزيمة النواة الصلبة لجميع 
الأجنحة والمجموعات البعثية» وجد أعضاؤها | العاديون أنفسهم عمومًا تحت 
جناحي الأسد الحاميين» وعادوا عاجلا أم آجلا إلى الحزب. 


تعزى النسبة الكبيرة نسبيًا من الأعضاء الفلاحين في منظمة الحزب في 
إدلب «انظر الجدول 4-13) إلى حد ما إلى كسب الحزب كثيرًا من «أهل 
العود؛؛ ممن كانوا يقطنون مرتفعات منطقة إدلب ويَعْرّفون بمهارتهم في 
الزراعة ووفائهم للأرض. وتتمتع إدلب التي تحوي قرى متنائرة من الدروز 
والشيعة والمسيحيين لكن أغليتها فلاحية سنية» بكثافة سكانية ريفية عالية. 
فما لا يقل عن 79.9 في المئة من سكانها هم من أبناء الريف. وهذا يفوق 
المعدل المماثل لأي محافظة سورية أخرى. ومقارنة» لا يبلغ ذلك المعدل 

مشق وريفها إلا 27 في المئة» ومعدل محافظة حلب 34.7 في المئة'”". 


تبدو أرقام عضوية الحزب في محافظة القنيطرة ة الحدودية في الجدول 
130 -3) صادمةً أول وهلة: إذ توحي بأن جميع أبناء المحافظة البالغين 


منتسبون إلى الحزبء ذلك أن قاطنيها لم يتخطّوا 26258 في عام 091981 
و41 ألما في عام 2,02 وليس مستبعدًا أن يكون البعثيون قد بذلوا جهدًا 
استثنائيًا لتوسيع قاعدة عضويتهم في هذه المحافظة نتيجة أهميتها العسكرية 


(16) عن جلال السيد, انظر الجدول (1-11)؛ وعن يوسف زعيّنء انظر الملحق؛ وعن صلاح 
جديد. انظر الجدول (1-12). 

(17) تستند السب إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب 
المركزي للإحصاءء المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1992: ص 61. 

(18) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء التعداد 
السكاني في الجمهورية العربية السورية» 1981 (دمشق: المكتب المركزي؛ [د.ت.])) محافظة القنيطرة» 
ص أ. 

(19) هذا الرقم هو تقدير رسمي في منتصف العام؛ انظر: الجمهورية العربية السورية» رئاسة 
مجلس الوزراء. المكتب المركزي للإحصاء. المجموعة الإحصائية السنئوية السورية لعام 2»؛ ص 61. 


2354 


الخاصة. غير أنَّ التفسير الأساس ربّما كان في احتمال اعتبار الذين استقطبهم 
الحزب من بين ال 150 ألف شخص الذين هجروا بيوتهم أو أخرجوا من 
قراهم في مرتفعات الجولان في أثناء حرب عام 1967 أو بعدها منتمين إلى 
التنظيم الحزبي في القنيطرة» على الرغم من أنهم يعيشون الآن في منطقة 
م2227 

يتضح من الجدولين (4-13) و(5-13) أن في الحزب عددًا زائدًا من 
الطلاب» فقد شكلوا في عام 1992 نصف كامل عدد أعضائه. غير أنه ينبغي 
أن يبقى في الذهن أن جميع طلاب المرحلة الثانوية والأغلبية الساحقة من 
طلاب المرحلة الجامعية المسجلين في سجلات الحزب هم عمليًا مجرد 
أنصار. ويمكن فهم الأهمية التي يوليها النظام لاستيعاب الطلاب سياسيًا من 
حقيقة أنهم إحدى فثتي السكان اللتين يحظر النشاط السياسي بينهما على 
التنظيمات غير البعثية المنضوية فى الجبهة الوطنية التقدمية التى يرعاها الأسد. 
لأن الفئة الأخرى هي أفراد القوات المسلحة. 1 


للحزب أيضًا وزن كبير بين المعلمين. ففي عام 1992» كان ما لا يقل 
عن 55 في المئة من جميع معلمي المدارس ينتمون إلى الحزب©. ولا شك 
في أن النسبة العائدة إلى أساتذة الجامعات كبيرة» على الرغم من صعوبة 
تحديدها بدقة. والمؤسسات التعليمية هي بالمثل المصادر الرئيسة التى تغذي 
الحزب بالعنصر النسائى: فى السنة ذاتهاء 1992.» كان ما لا يقل عن 69.1 
في المئة من البعثيات طالبات» و12.1 في المئة أستاذات جامعيات أو 
معلمات مدرسة «انظر الجدول (6-13)). وبهذا فإنَ حزب البعث فى عهد 
الأسد. في تركيزه الكثير من جهده الاستقطابي على المدارس والجامعات» 
كان يسير على خخطى البعثيين القدامى. 


(20) قذّر عدد سكان الجولان في عام 1967 ب160 ألف نسمة؛ انظر القيادة القومية لحزب 
البعث» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي» «القطر العربي السوري. دراسة عامةة (1984): ص 22. بقي 
أقل من 10 آلاف في مزارعهم. 

(21) النسبة هي رقم تقريبي وتستند إلى رقم الأعضاء في الجدول (13 - 5). وبيانات عام 
1 في: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراءء» المكتب المركزي للإحصاءء؛ المجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1992. ص 315 و317. 


255 


مما يدل على قوة العلويين في صفوف البعث حقيقة أن محافظة اللاذقية 
التي تضم 6 في المثئة فقط من سكان سورية؛ كان لها في الحزب في عام 
9 من طلاب المرحلة الثانوية 1.8 ضعف ومن المعلمين 1.7 ضعف 
ومثلهم تقريبًا من أساتذة الجامعات والعاملين الإداريين (موظفين حكوميين 
أساسًا) قياسًا على مدينة دمشق التي تشكل 11.4 في المئة من إجمالي 
السكان (الجدولان (3-13) و(4-13)). وليس أقل دلالة على قوة وضع 
العلويين في الحزب أن محافظة طرطوس التي لا تبلغ حصتها من سكان 
القطر سوى 5 في المئة» كان لها في العام نفسه أعلى نسبة من ربات المنازل 
البعثيات والموظفين الحكوميين؛ وجاءت» مع حمصء بعد دمشق في عدد 
المهندسين والمهندسين الزراعيين البعثيين. 


أسباب انخفاض نسبة الفلاحين فى الحزب فى الثمانينيات 
وارتفاعها في ما بعد 


قد تكون نسب الفلاحين المنخفضة نسبيًا في تنظيمي الحزب في 
اللاذقية وطرطوسء في ضوء الدور البارز للعلويين في حياة الحزبء مفاجئة 
أول وهلة. لكن ليس من الصعب تعقب العوامل المسببة ذات الصلة. 
ويأتي» في المقام الأول» أن العلويين في هاتين المحافظتين كانوا منذ عام 
3 حتى أواخر الثمانينيات يطلقون الأرض»ء ويتدفقون إلى المدن 
والبلدات بأعداد متزايدة بحثًا عن حظوظهم في مهن أخرى» خصوصًا في 
القوات المسلحة. وبالأخص فى الوحدات العسكرية المرتبطة سياسياء 
كالقوات الخاصة الحامية للنظام والحرس الجمهوري والفرقة الثالثة المدرعة 
وسرايا الدفاع قبل عام 1984. كانت هذه الحركة أقل كثافة بين علوبي 
السهول مقارنة بعلويي الجبال الذين لطالما كانت مناطقهم ذات أهمية 
زراعية هامشية» والذين عرفوا منذ القرن التاسع عشر بالدأب والمثابرة بقدر 
ما عرفوا بحركيتهم الجغرافية» فقد كان ثمّة تجمعات منهم في ذلك الحين» 
بأعداد قليلة أو كثيرة» في مستنقعات الغاب وسهول المرج المالحة (شرق 


356 


61 


الغوطة) وصولَا إلى الجولان©. لكنهم بعد عام 1963 نزلوا من الجبال 
بأعداد كبيرة ليعملوا في الأرضء ويستفيدوا من أنظمة الريّ أو يكتسبوا 
حقوق الاستغلال في سهول العاصيء ولا سيما في سهل الغاب المستصلح 
حينهاء والذي تزايد عدد سكانه بالنتيجة مرات عدّة7©» لأن عناصر غير 
علوية لا بأس بها كانت منخرطة أيضًا في الهجرة إلى هذه المنطقة وفي 
الاستقرار الأصلي فيها. 

غير أن موطئ قدم الحزب غير الكافي نسبيًا بين الفلاحين في محافظتي 
اللاذقية وطرطوس ينبغي أن يوضع أيضاء وفي الوقت ذاتهء في سياق 
الانخفاض الثابت الذي شهده العقدان السابقان على عام 1989 في نسبة 
الأعضاء الفلاحين في الحزب كله. وكما يكشف الجدول 5-13؛ شكل 
الفلاحون 25.1 في المئة من كامل الأعضاء في عام 1974., لكنهم لم يشكلوا 
سوى 12.4 في المئة في عام 1989. ويعكس هذا بدوره انخفاض نسبة 
السوريين المشتغلين في الزراعة من 53 في المئة إلى 22.9 في المئة من 
السكان الناشطين اقتصاديًا بين عامي 1974 و1989 (انظر الجدول (3-1))) 
وهذا ما يمكن تفسيره بالهجرة الريفية التي سببتها إلى حد كبير عوامل من مثل 
عدم انتظام الهطول المطريء. وتدهور التربة في بعض المناطقء وزيادة الاعتماد 
على الآلات الزراعية» والإيرادات الأعلى من مهن أخرى. والتشغيل الموسمي 


(22) علمت من مصدر موثوق أنهم عاشوا في قرية البيطارية في المرج. وفي شأن وجودهم في 

الغناب منذ منتصف القر ن التاسع عشر» انظر ع1 مانا .معلا ل ترونو مط ,غلتصمة1 ممسصسطهها-ألطم 

.153 .م ,(1959 ,تالومع لتاصنا"! عل عصص!ا :كقدهةما) عارامه مضع 

وعن قر أهم في الجو لان انظر : مضه لإعتلاصع8 لمقطء ل :ومل0جمآ) ««مايمف 116 بتعطعةسسطعك اث ز )اه 

2272-3 2080 ,76-77 .مم ,(1888 ,500 

(23) أوردت فرانسواز ميترال (لصاءاة عوامجعهم) في دراستها أن عدد سكان منطقة مشروع 

الغاب كان 30 ألما في عام 1954 و150 ألما في عام 1975. انظر: مه عاما5» ,اصاءاة عوزموهم8 

20.2 ,[11 .امنا] ,كم ألانا3 اتبوكوء2 «باءء زور دمتعت اقع7زتدء 007 3ج أن لوللا أوعما ىم تقكزك وز فأموكوءط 

.م ,(1984 ععادما/اا) 

في النتائج الأولية لتعداد عام 1981» وصل عدد سكان المناطق المشكلة لمنطقة الغاب إلى 

1 انظر: الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراءء المكتب المركزي للإحصاء. 

التعداد السكاني في الجمهورية العربية السورية» 1981 (دمشق: المكتب المركزيء [د.ت.])» محافظة 
حماف ص 47-35. 


357 


في ليبيا وبلدان الخليج. لكن منذ عام 21989 بدأت هجرة عكسية من المدن 
والبلدات إلى القرى*» وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة المزارعين إلى 28 في 
المئة من قوة العمل في عام 1991 وارتفاع حصة المكون الفلاحي في 
الحزب في عام 1992 إلى 13 في المئة. 

إذا كان إدخال أعضاء فلاحين جدد خلال العقدين الأخيرين أقل من أن 
يواكب نمو أعضاء الحزب ككلء فقد كان هناك» من جانب آخرء تقدم ملحوظ 
في عملية استيعاب المزارعين في الحزب: ففي حين لم يكن سوى 5.5 في 
المئة من فلاحي سورية في عام 1974 بعثيين» فإن 16.6 في المئة» أو بدقة 
أكثر» ما يصل إلى 25.6 في المئة من الفلاحين الذكور انتموا إلى الحزب في 
عام 2: فيما لم تتتم إليه سوى 9 في المئة من الفلاحات”27. ١‏ 

في أوائل السبعينيات» كانت قيادة الحزب قد تعاملت مع العقبات التي 
تعوق جهد التنسيب بين الفلاحين. وورد في تعميم حزبي داخلي: 

نتيجة طبيعة العمل الذي يمارسه الفلاح» فهو يقطن في قرى غالبا 
ما تكون صغيرة» وبذلك فهو يعيش في وسط اجتماعي ضيق» يعرف 
جميع أبناء قريته» وأبناء قريته يعر فونه وبالتالي فإن سلوكه مراقب أكثر 
من أي وسط اجتماعي آخر. وحفاظًا منه على مكانته الاجتماعية في 
القرية» فهو أكثر تقيدًا بالمفاهيم الاجتماعية السائدة» ونظرًا إلى قلة 
احتكاكه بالأوساط الاجتماعية الأخرى. فهو أكثر حماسة وتعصبًا لهاء 
فهو من خلالها تربى ومن خلالها صيغت شخصيته الاجتماعية ومفاهيمه 
العامة للحياة. 

لم تخف القيادة أن الفلاح «ثقته بالدولة ضعيفة»» وأوضحت أن تعامله 
مع الحكومة يتميز ب «مزيج من الشك والاستسلام». وحذرت الناشطين أيضًا 
من مقاربة الفلاحين «بلغة «الأيديولوجيا و«الشوفينية» إلخ... من التعابير 

(24) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام السابع (دمشق: [الاتحاد العام للفلاحين» 1991)؛ 

.20-9 

1 (25) في حساب هذه النسبء لم يؤخذ في الحسبان #أصحاب العمل» المزارعون؛ وافترض أن 
السكان العاملين في الزراعة في عام 1992 هم أنفسهم من عام 1991. 


2358 


المعقدة وغير المفهومة» لأن ذلك «لن يثير في نفوس الفلاحين سوى الملل 
والقرف606©. 

غير أنه مع أوائل التسعينيات؛ لم تعد الأمور تسير على مساراتها القديمة. 
إذ أكد رئيس الاتحاد العام للفلاحين بابتهاج في عام 1991 أن القرية السورية 
«أصبحت على غير ما كانت عليه» بل على نقيضه؛ فأنى اتجه البصر يجد كل 
مقومات الحداثة والتطور: مياهًا نقية وكهرباء» طرقات ومدارس ومعاهد 
ومراكز صحية» جسورًا وسدودًا ووسائل مواصلات متطورة تشهد على عظمة 
عصر الفلاحين الذهبي)!27. 

لكن بعض المزايا الحياتية الحسنة كان يقوض أيضًاء أو يدمّر» بعض 
الفضائل القديمة. يشكو مرشد زراعي ريفي قائلا: 

في القديم كانت قريتنا برك من الطين والحجارة السوداء لا تتجاوز 
الثلاثين بيثَا وبيوتها متداخلة بعضها مع بعض... عمل متواصل صيقًا 
وشتاءً ومع ذلك كان الفلاح لا يحصل في نهاية الموسم على مؤونته 
السنوية إلا يشق الأنفس. ومع ذلك فالجميع راضون قانعون... والتعاون 
أسلوبهم في الحياةء فإذا حزن رجل واساه الجميع» وإذا فرح شاركه فرحه 
كل أهل القرية. 

أما اليوم فالقرية اتسعت أربعة أضعاف... جميع الأبنية عصرية وحديثة... 
والكهرباء والمياه وصلت إلى كل بيت... إلا أن الشيء الغريب والمؤلم أن 
نفسية الإنسان القروي قد تغيرت. فالتعامل أصبح ماديا ومصلحيًا علمًا أنه كان 
محبة ومودة ومشاركة جماعية2. 

من الصعب أن نقول إلى أي مدى كان هذا الشعور معبّرًا أو منتشرّاء أو 
إلى أي مدى تسبغ هذه الشكوى طابعًا رومانسيًا على الماضي. وعلى أي 

(26) حزب البعث العربي الاشتراكي» «حول المهام الأساسية للعمل الحزبيء؟ في: مكتب الثقافة 
والإعداد الحزبي» دراسات تنظيمية» 1980-1970 (دمشق: [د.ن.]. 1983): ص 109-107. 


(27) الاتحاد العام للفلاحين؛ المؤتمر العام السابع» ص 19. 
(28) نضال الفلاحين (دمشق). العدد 1329, 14/ 1992/10. ص 5. 


23259 


نك 


حالء فإِنَّ ازدياد الرفاه المادي لكثير من الفلاحين؛ الذين دخلوا بعد عام 
8 مجال ملكية الأرض. والتغير في الوضع الاجتماعي للفلاحين عمومًا 
وزيادة تطبيق الطرائق الممكننة في الزراعة وما رافق ذلك من انتشار واسع 
و وه ال 
التعليمية في الريف ‏ هبط معدل الأمية بين السكان الريفيين البالغين من 
ل 
يكون أعلى من ذلك بكثير» نظرًا إلى احتمال عدّ الفلاحات بأقلّ من عددهن 
الفعلي إلى نحو 25.4 في المئة في عام 71991 أدَى ذلك كله إلى تكيف 
المزيد والمزيد من الفلاحين مع الأفكار الجديدة وقلّص مقاومتهم لرغبات 
البعث في تنسيبهم. 


(29) استنادًا إلى أرقام في: الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط. مديريية الإحصاء 
والتعداد. التعداد العام للسكان لعام 0 (دمشق: الوزارة» 1960)» ص 38 و43» والمجموعة 
الإحصائية السنوية السورية لعام 1992 ص 62. 


360 


القسم الرابع 


حافظ الأسد أو أول حاكم لسورية من أصول فلاحية 


نقطة 207176 


الفصل الرابع عشر 
خلفية حافظ الأسد وتعليمه الباكر وتدرّبه الحزبي 
وأوتى معاركه السياسية 


لا تزال شخصية حافظ الأسد وسيرته تحظيان باهتمام شديد. ومن 
المؤكد أن أغنى لوحة شخصية له بالتفاصيل والمعلومات هي تلك التي رسمها 
الكاتب البريطاني باتريك سيل”". ولعلنا لن نحصل قط على صورة تحيط 
بالجوانب الكاملة لشخصية الأسد. ذلك أن ثمة ثمة قدرًا كبيرًا من الحقيقة فى ما 
كتبه في عام 1985 حليفه القديم مصطفى طلاس وزير الدفاع: #حافظ الأسدء 
يمكن التقرب منه تقريًا فقط» لكنه من الصعب الإحاطة بكل جوانب تفكيره؟” 
وفي العام نفسه تحدث الراحل أبو إياد ‏ وهو أحد قادة منظمة التحرير 
الفلسطينية ‏ عن هذا الأمر بطريقة أخرى؛ إذ وصف حافظ الأسد بأنه «باطنى» 
أي إن لسانه لا يكشف عما يدور في ذهنه» وقال: «بالنسبة إلى القضية التي 
تهمناء أي قضية شعبناء فإن الأسد لغز مبهم. ولا يمكننا معرفة موقفه 
الحقيقي2. أمّا الياس سركيسء رئيس الجمهورية اللبنانية بين عامى 1976 
و1982» فلم يتمكن من سبر أغوار سياسة حافظ الأسد في لبئان» وأسرٌ 


(0) انظر كتابه: .1 تهملهمة) اكمظ واافناط علا مل وأههندد 11:2 :متجيرد تزه #ددق رعادءة عاعتيلدط 
.(19858 ,كناتللة1" .8 .1 :مم0لهمآ) (1989 ,كوعء2 قتمرمكتلة0 ؤه بكنومعلاتونا ابوعاعليعم) 


ومن المفيد أيضًا الرجوع إلى ملامح شخصية حافظ الأسد كما رسمها كريم بقرادوني في كتايه 
السلام المفقود وفي جريدة تشرين (دمشق)؛ 12/ 3/ 1992» ص 10 وبتاريخ 1991/12/1» ص 8. 

(2) مقدمة مصطفى طلاس بتاريخ 5 كانون الأول/ ديسمبر 1985 لكتاب هاني خليل: حافظ 
الأسد: الأيديولوجية الثورية والفكر السياسيء تقديم مصطفى طلاس (دمشق: دار طلاس» 1987)» 
ص 10. 

(3) أبو إياد (صلاح خلف)؛ حديث مع المؤلف» تونسء 11 تموز/ يوليو 1985. 


363 


لأحد مستشاريه قائلا: «ماذا يريد حافظ الأسد؟ إنه يبقى لغرًا بالنسبة إلى6©. 


لكن ميل الأسد إلى نسج شبكة من الغموض في شأن نياته الحقيقية» 
ذلك الميل الذي طوره ليصبح فتاء هو في الحقيقة نزعة يشترك فيها مع كثيرين 
من أبناء طائفته من العلويين» ويمكن تفسيرها أساسًا بتجربتهم الطويلة كأقلية 
مقهورة؛ إذ طالما كانت التورية في كثير من المجتمعات السلاح الرئيس 
للجماعات الخاضعة التي 7 تتعرض لأعباء وقيود ظالمة. وإذا ما كانت جماعات 
كهذه تمثل أقلية عددية أيضًا فإن صعودها السريع إلى السلطة السياسية نادرًا 
ما يحدث تغييرًا سريعًا في سلوكها بسبب شكوكها العميقة في ديمومة سلطتها 
الجديدة. ١‏ 1 

من منظور هذه الدراسة. فإن أكثر النقاط أهمية فى شأن الأسد هي أنه 
أول حاكم لسورية من أصول فلاحية. ففي المناسبات النادرة التي كشف فيها 
الأسد عن مكنونات صدره. كما حدث عندما كان نظامه يتعرض لضربات 
قاسية من الإخوان المسلمين؛ أو لنقد حاد من المثقفين في شأن سوء استخدام 
السلطة» لم يكن يتحفظ قط في الإشارة إلى الطبقة التي تدفعه مشاعره إلى 
تعريف نفسه بهاء حيث أكد في كلمة خاطب فيها شعبه في 8 آذار/ مارس 
110 : «إنني أولًا وأخيرّاء وآمل أن يفهم ذلك كل مواطن سوري أو عربي 
خارج سورية» فلاح وابن فلاح. إن جلسة بين سنابل القمح وعلى بيادر الزرع 
تساوي في نظري كل قصور هذه الأرض»". 

وفي كلمة لاحقة له في مؤتمر للاتحاد العام للفلاحين وصف سنوات 
حياته الأولى في مزرعة والده» وروى للجمهور بشيء من التفصيل كيف 
شاركهم حياتهم: «كنت أهوى درس المحصول...» ومارست كل أعمال 
الفلاح التي تتيح لي أن أعيش مشاعركم. فأنا أعرف ماذا تعني حياة 
الفلاح. وما ُ أتذكر صور الظلم... ومهما بعد الزمن يجب أن تظل 
هذه الصورة ماثلة في أذهاننا ليس من أجل الحقد على أحد ولكن لنعرف 

(4) كريم بقرادوني» السلام المفقود» ص 83. 


(5) دار البعث؛ كلمة السيد الرئيس حافظ الأسد في الذكرى السابعة عشرة لثورة الثامن من آذار/ 
مارس 0. ص 10. 


3264 


هذه المعاناة لأنها تشكل الأرض الصلبة لفهمنا ولبناء الحاضر 
وال تقب 26 

ومع أن الأسد يتحدر من سلالة من حرّاث الأرضء إلا أن أسرته كانت 
تحظى بنوع من التقدير في قريته القرداحة. وكان أهالي المنطقة يطلقون على 
والده لقب «المتشرّع»» وهو لقب يستخدمونه في الإشارة إلى من كان له إلمام 
كاف بالشريعة الإسلامية وبقوانين البلد يمكنه من إبداء رأي يوفر على 
المتخاصمين عناء الرجوع إلى الحكومة ومحاكمها. ووفقًا لأقوال مدرس 
عجوز عمل في مدرسة القرية بين عامي 1956 و1961*» كان لآل الأسد نفوذ 
في حارة العيلة في القرداحة» وتركوا بصمة دائمة في نفوس السكان المسيحيين» 
لأنهم حموهم من كل أذى أو خطر. تقع القرداحة على سفوح جبل على بعد 
نحو ثلاثين كيلومترًا جنوب شرق اللاذقية» وكانت تعتبر سوقا للقرى المجاورة» 
وكان عدد سكانها نحو 1.500 نسمة في عام 1930"» وهو العام الذي ولد فيه 
حافظ الأسد. في حين بلغ العدد نحو 3.357 نسمة في عام 91970" وهو 
العام الذي تولى فيه أعلى مراتب السلطة. وكانت حارة العيلة تضم نحو ربع 
السكان؛ وكان معظم قاطنيها ينتمون إلى فرع من عشيرة الكلبية”' يتزعمه آل 
الأسدء لكن الغلبة على مستوى القرية كلها ظلت حتى الإصلاح الزراعي في 
عام 1958 لعائلتي إسبر وإسماعيل اللتين كانتا تتزعمان فرعين آخرين من 


(6) خطاب الرئيس حافظ الأسد في المؤتمر العام الرابع الاستئنائي للاتحاد العام للفلاحين في 
0 آذار/ مارس 1980» نضال الفلاحين» عدد خاص وثائقي (1987)) ص 10. 

(2) صالح عضيمة؛ تحليل رفعت الأسد: مقولة في حكمة السياسة وسياسة الحكمة (باريس: 
مؤسسة الائنئي عشرء 1992)) ص 137. 

(8) أنطونيوس توما عبيدء حديث مع المؤلف. 8 كانون الثاني/ يناير 1990. 

(9) ,263 .م ,(1932 بعالعطعوكا عترتهعاتا نوامة) عأنرمحرملوه !7 ,ومم! بوسااعفاوط روأسبيرق ,حبعاظ وعلأن0 

(10) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء التعداد 
العام للسكان لعام 1970 (دمشق: المكتب المركزي؛ 1970): 1 ص 167. 

0 بالنسبة إلى جميع التفصيلات المتعلقة بصلات حافظ الأسد العشائرية» أنا مدين بالشكر 
للسيد عبد الهادي عباس» مؤسس فرع حزب البعث في مصياف وعضو القيادة القطرية لحزب البعث في 
عام 1958 وابن أحد مشايخ فرع الرشاونة من عشيرة الكلبيين؛ حديث مع المؤلف. دمشق 27 تشرين 
الثاني/ نوفمبر 1992. ويتحدر عدد من زعماء عشيرة الكلبيين من عائلة جئيد من قرية سلحب في منطقة 
مصيافء وللعشيرة ثلاثة فروع أخرى هي: الجرود والقراحلة والنواصرة. 


3165 


ل ايند 


عشيرة الكلبية هما فرع جركس وفرع حسون2"2. أما شيوخ الدين المتنفذون بمن 
فيهم أئمة جامع القرداحة فكانوا من عائلة الخيّر التي تنتمي إلى عشيرة 
الخياطين ”21 

ومقارنة برؤساء تلك العائلات يبدو والد حافظ الأسدء على سليمان 
المولود في عام 1875» شخصًا متواضعًا نسبيّاء لأنه كان في باكورة شبابه 
فلاحا فقيرّاء لكنه نجح في توسيع قطعة الأرض الصغيرة التي ورثها بفضل 
الاقتصاد الشديد والجهد الكبير في زراعة أرضه» ومع ذلك لم يعش قط حياة 
يسر. وفي إحدى المناسبات» ذكر الأسد أمام جمع ضم ثمانية عشر رجلا من 
رجال العلم والثقافة» وكان رئيسًا حينهاء كيف اضطر إلى ترك المدرسة لفترة 

من الزمن حتى تمكن والده من تدبير ست عشرة ليرة سورية قسطًا للمدرسة» 
وأضاف: «ومع ذلك فلا تعتقدوا أننا كنا من عامة الناسء كلا فقد كان أبي 
نصف آغا2*١).‏ وهذه العبارة» على فجاجتهاء تعبر بدقة عن مكانة على سليمان 
في منتصف حياته وأواخرهاء كما تجد ما يؤكدها في بيان رسمي معارض 
للسياسات الفرنسية في سورية» وهو بيان كتب في 2 تموز/ يوليو 1936 
ومحفوظ في أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية. وفي الترجمة الفرنسية للبيان 
الذي كان علي سليمان أحد الموقعين عليه: يظهر إلى جانب اسمه تعريف به 
يقول إنه «زعيم علوي وعضو سابق في الجمعية التأسيسية العلوية 
[المعينة ]2150 


وتكذّب هذه الوثيقة الرواية التي أشاعها معارضو الأسد في الثمانينيات 
زاعمين أن والده ساند في عام 1936 التماسًا قدمه إلى باريس رئيس المجلس 


(2) تلفظ الجيم مختلطة بالتاء والشين: تشركس. 

(13) أنطونيوس توما عبيدء حديث مع المؤلفء 8 كانون الثاني/ يناير 1990. 

(14) ذكر هذا الحديث الدكتور أحمد سليمان الأحمد أخو الشاعر السوري بدوي الجيل وابن 
أحد كبار رجال الدين العلويين في عصره؛ وذلك في مقابلة له مع تمام برازي مراسل صحيفة الوطن 
العربي في نيسان/ أبريل 1988. وتفضل السيد تمام برازي وزودني بنص تلك المقابلة. 

() ,493 .آهب مموطئا ٠‏ عأتز5 ,1940 - 1918 التوباعا - 18 عأرنة ,وأمدظ روععفع هدماة وعمتفقة دعل عتغادتدلل3 

وحمل البيان تواقيع خمس عشرة شخصية علوية من ب بينهم الشيخ صالح العليء قائد الثورة بين 
عامي 8 9و1921. 


366 


التمثيلي لحكومة اللاذقية يعبر فيه عن «الرفض الجازم» لإلحاق العلويين 
بالجمهورية السورية» ويدعو إلى الحفاظ على «استقلالهم» تحت «رعاية 
فرنسا». والواضح أن توقيع والد حافظ الأسد ليس موجودًا على هذا 
الالتماس*" ولكنه موجود في البيان السابق الذكر بتاريخ 2 تموز/ يوليو 
6 »؛ وهو بيان يشكو «سياسة التفرقة المشؤومة التى ما زال يسير عليها 
ممثلو فرنسا فى حكومة اللاذقية حتى يومنا هذاك» ويؤكد أن «العلويين 
مسلمون». وأنه «لا يمكن اعتبار الديانات كقاعدة لتكوين الشعوب»؛ وأن 
«إقليمنا لم يكن يومًا يشكل وحدة منفصلة عن سورية»7". 

ثمة قصة عن والد الأسد قد تكون ذات أهمية ولو من قبيل الأثر المحتمل 
للحادث الذي تقصه على شخصية حافظ الأسد. غير أن من الصعب الجزم هل 
القصة حقيقية أم لا أساس لها. وهي تحكي عن وفاة بهجت*» الشقيق الأكبر 
لحافظ الأسد في عام 1938 وهو في الثامنة عشرة من عمره. وتزعم القصة أن 
علي سليمان كان شخصًا مستبدًا في بيته وأن الفقر الذي عرفه في بدايات 
حياته جعله قاسي القلب. وتقول القصة إنه في أحد أيام ذلك العام استشاط 
غضبًا عندما عرف أن بهجت بدد بعض المال الذي أعطاه إياه لدفع أجرة 
طحن بعض الحبوب في مطحنة في جبلة» وإنه ضرب بهجت ضربًا شديدًا 
ومن دون شمقة برسن «حديدي؟ كان في يده حتى تشقق جلده ونزف دمه. 
وتقول القصة إن بهجت الذي حبس بعدها فى زريبة عانى ألما نفسيًا كبيرًا 
فاتتحر فى الليلة ذاتها. ويقال إن الأسد الذي كان يومها فى الثامنة من عمره 
قال لأحد أصدقائه بعد تخرجه في الكلية الحربية إِنّه لم يذرف دمعة قط منذ 
أن رأى أخاه يتدلى من عنقه في الزريبة9". 


(16) انظر رسالة إبراهيم الكنج رئيس المجلس التمثيلي إلى إدوار دولادييه وزير الحرب الفرنسي 
بتاريخ 11 حزيران/ يونيو 1936» والالتماس المرافق لها بتاريخ 8 حزيران/ يونيو 1936: 

.لون مقطتا - عتدر5 ,1940 - 1918 أمويعآ - 8 مأتأد ركتموط ركعرف ع مدمك دممتقاكة عمل عفاكتمتالة 

(12) .493 .761 بمهطذا - عتمير5 ,1940 - 1918 أمهيعآ - 5 ©816غة ,كنمو رمعمغع هدماة عممنداكة عمل عمغاكتمتالا 

(*) ورد الاسم «بهجت» في النص الإنكليزي على النحو التالي: (31اد8)) ولا ندري سببًا لذلك. 

للاطلاع على أسماء أولاد على سليمان الأسدء انظر هوامش الفصل الأول من كتاب: /ه قدا ,هاه5 

51 

(18) استخدم الشخص الذي روى القصة اسمًا مستعارًا هو #راسم العمري»؛ وهو على صلة 


367 


ل 


تشير حادثة أخرى يرويها صديق علوي لرفعت الأسد إلى وجود مثل 
تلك الطباع العنيفة لدى علي سليمان» فتقول الرواية إنه علم ذات يوم أن 
«أخاه عزيزًا قد انخدع وغرر به ووقع صيدًا في شبكة التبشير الكنسي»» «فاشتد 
غضبه. .. وأخذه من تلابيبه أخدًا قويًا وجلد به الأرضء ثم ربطه ربطًا محكمًا 
بحبل متين» وأقسم أن لا يسرحه وأن لا يفك رباطه إلا بعد أن يفسخ عقد 
انتمائه إلى المسيحية». وفي النهاية نزل عزيز «على أمر أخيه... وعاد إلى 
رشده099. 


تعلم حافظ الأسد القراءة والكتابة على يد رجل دين قروي متواضع هو 
الشيخ كامل حامد, فكان يتلقى دروسه شتاء في بيت الشيخ المبني من حجر 
وطين وتحت الأشجار القريبة في الصيف. وتذكر الروايات أنه حفظ ربع 
القرآن وختم تعليمه عند الشيخ في سن السابعة. ثم إنه حظي بما كان بعيدًا عن 
متناول معظم أبناء الفلاحين» فتلقى تعليمًا رسميًا ابتدائيًا كان معظمه في مدرسة 
اتتحت حديثًا حينها في القرداحة» وانتقل في عام 1944 إلى اللاذقية ليتابع 
تعليمه الثانوي. ويتبين من سجله الدراسي ي المحفوظ أنه كان يهوى مادة التاريخ 
ويكره التمارين الرياضية» فنال علامة 9 من 20 في مادة التاريخ في العام 
الدراسي 1944 - 1945 و95 من 100 في العام الدراسي 1945 - 1946» في 
حين كانت علامته في الرياضة 6 من 20 في العام الأول و54 من 100 في 
العام الثانيء لكنه تفوق على جميع زملائه في المدرسة من حيث مجموع 
علاماته الكلي في كلا العامين©. ومن المثير للاهتمام أن يكون عدم ممارسته 
للرياضة البدنية أحد العوامل التي ساهمت في اعتلال قلبه في عام 1983. 


على الرغم من أن التعليم الذي تلقاه الأسد على يد الشيخ كامل حامد 
كان خاضحًا إلى حد كبير للمعايير الدينية العلوية إلا أنه لم يبد في شبابه في 
اللاذقية أي اهتمام بالقضايا الطائفية» وكان في المدينة حزب ناشط ذو صبغة 


بالمعارضة وتم التعريف عنه على أنه أحد كبار الكتاب العرب السوريين؟ نشرة سورية الحرة العدد رقم 
6 (تشرين الأول/ أكتوبر 1988)؛ ص 6 - 7. 

(19) عضيمة:» تحليل رفعت الأسد. ص 139. 

(20) اليوبيل الذهبي لمدرسة جول جمال الثانوية 1924 - 1974 (اللاذقية: [د.ن.]ء 1976): 
ص 15و19-18. 


368 


7م 


علوية هو حزب إصلاح الريف العلوي لكن الأسد لم يبد أي استجابة له. 
يمكن تقديم تفسير جزئي لانجذابه نحو البعثيين في عام 1947 بحقيقة 
أن علويبين من لواء الاسكندرون شكلوا العمود الفقري لحركة البعث في 
اللاذقية بعد أن فقدوا بيوتهم في أعقاب ضم تركيا اللواء في عام 1939. 
وبفضل جهدهم. وبمبادرة من أحد قادتهم؛ الطبيب وهيب الغانم واسع الأفق 
وراجح العقل» أصبحت المدرسة التي درس فيها الأسد, قاعدة للعقيدة البعثية. 
ولد وهيب الغانم في عام 9 لرجل دين كان مدير مدرسة ابتدائية 
علوية فى حى العفان فى أنطاكية» وساند فى شبابه قضية زكى الأرسوزي 
الذي قاد الاحتجاجات ضد الأتراك في لواء الاسكندرون بين عامي 1216 
و1939. ولجأ الغانم في نهاية الأمر إلى د مشق شأنه شأن زكي الأرسوزي”'©. 
وقامء وهو لا يزال طالبًا في كلية الطب. بعرنة في ريف اللاذقية في صيف 
عام 1940» ورأى بعينه الفقر المدقع للناس الذين يعملون في زراعة السهول 
ولفلاحي الجبال. وعندما حصل على شهادته في عام 1943» قرر أن يؤسس 
عيادته في مدينة اللاذقية وواظب خلال الأعوام التالية على زيارة - 
الداخل» متنقلا مشيًا على الأقدام في معظم الأحيان من قرية إلى أخرى ليعا 
فقراء الفلاحين ويقدم لهم الدواء مجانًا. وكما هو متوقع» نال بذلك 1 
رفيعًا ومكانة عالية في نفوس الريفيين ولم يمض وقت طويل حتى أحيط بهالة 
من «القداسة» في بعض القرى» كما كسب قلوب عدد غير قليل من طلابه في 
مدرسة حافظ الأسد خصوصًا أولئك المتحدرين من بيوت فلاحية متواضاية 
حيث كانوا ينظرون إليه بوصفه القدوة ومثار الإلهام. 
تأثر حافظ الأسد كغيره بوهيب الغانم» واتخذه معلمًا ومرشدًاء واعتنئق 
نسخته من العقيدة البعثية» أي تلك النسخة التي تتوجه إلى الفلاحين أولًا 
وأخيرًا. وباختصارء أدّى وهيب الغانم في تلك المرحلة من حياة الأسد دورًا 
(21) لمعرفة المزيد عن زكي الأرسوزي ودوره في بدايات حزب البعث. انظر كتابي: مممدة؟ 
مهما 0[0 ذ وها له تزفيق5 ف جوهج! زه كاترء نمع «ماط «رجعهاابناممج8] عذ[ا تنه كعدكما © أوأعم5 014 776 منامادظ 


عط هه دعتلنةك سماأععمارط ,كرععء0/(71) عع« لانت ,كاكل 1 ه8 ,كاكطنانتم0 كز إن 0:نه كعدعه| © أواع عه © ارت 
722-44 .م ,(1978 ,ؤوعع8 وازورع لونلا مماععماءط :.ل .لطا بممأععمءط) أمو عوعلل 


369 


تكوينيًا في تطوره الأيديولوجي والسياسي. ويبدو أن وهيب الغانم الذي كان 
جاهرًا دائمًا لمد يد العون للجميع قد تحمل جزءًا من نفقات دراسة الأسد 
وذلك وفقا لرواية أحد أصدقاء وهيب الغانم» أو أنه اكتفى بإعطائه «ابعض 
الدروس الخصوصية مجانًا» وفمًا لرواية وهيب الغانم نفسه2©. 


أظهر رئيس سورية المستقبلى أمارات باكرة على أهليته للقيادة. ووفمًا 
لتقرير كتبه أحد أساتذة مدرسته الثانوية» كان حافظ الأسد في عام 1950 
«أول طالب ريفى» تسند إليه رئاسة اللجنة الطالبية فى اللاذقية» و«حظى لاحمًا 
بثقة زملائه الطلاب» فى المدن السورية الأخرى بفضل دوره فى إقامة الصلات 
بين مختلف اللجان الطالبية على أساس وطني وتوحيد كفاحهم السياسي. 
ويمكن أن يعزى بروزه كقائد طلابي من جهة إلى صفاته الشخصية من حيث 
دماثئه وهدوئه وقدرته الواضحة على التنظيم» ومن جهة أخرى إلى صلته 
بحزب البعث: فقد كان أعضاء اتحاد الطلبة الوطنى الذين اختاروه لرئاسة 
نشاطهم في عام 1951 قد انضموا بشكل جماعي إلى الحزب”©. 

وكانت أول معركة سياسية لحافظ الأسد ضد شركة يطلق عليها محليًا 
اسم «الريجي6» واسمها الرسمي الشركة اللبنانية السورية للتبغ عنصهدمهه6 8آ) 
(186865 65ل عمدعترزة5 - مسمدطئئقء وهى مصلحة ذات ملكية فرنسية فى معظمها 
حصلت في عام 1935» بعد خمس سنوات من الزراعة الحرة للتبغ» على 
احتكار لإنتاج التبغ في سورية يشبه مع بعض التعديلات الاحتكار الذي كانت 
تمارسه الر يجي القديمة (5ءه196 5عل وءؤدوعرعامة - 00 وأع24) بين عامي 153ظ1 
و1930. 


(22) تستند الملاحظات السابقة إلى أحاديث مع زكي الأرسوزي في 17 تموز/ يوليو 1958» 
والدكتور يوركي حكيم في 24 نيسان/ أبريل 1991» والدكتور وهيب الغانم في 3 كانون الأول/ ديسمبر 
2:, كما تستند إلى كتاب سامي الجنديء البعث (بيروت: دار النهار» 1969)» ص 55 - 456 
والنهار 13/ 3/ 1 وكتاب فايز إسماعيل؛ البدايات في ذاكرتي. من إصدارات القيادة القومية لحزب 
البعث العربي الاشتراكي» ص 258 -270. والدكتور يوركي حكيم وفايز إسماعيل كلاهما من لواء 
إسكندرونء وكانا من تلاميذ زكي الأرسوزي شأنهما شأن الدكتور وهيب الغانم. كذلك كان فايز 
إسماعيل أول من زرع يذور العقيدة البعثية في العراق. 

(23) اليوبيل الذهبي لمدرسة جول جمال» ص 17-16. 


0آ2321 


كانت أجواء مدينة اللاذقية مشحونة بالكراهية لتلك الشركة خلال أعوام 
دراسة الأسدء. فكان طيف الريجي يبدو كأنه لعنة حلت بالأرض في عيون 
الفلاحين الذين يزرعون التبغ على سفوح الجبال» ذلك أنها كانت تسيطر على 
معظم الأراضي الخصبة في المنطقة وتحكم قبضتها على حياة عدد كبير من 
المزارعين. فكانت تحدد مقدار المساحة المخصصة لزراعة التبغ؛؟ وتعطي 
التراخيص لبعض المزارعين وترفض منحها لبعضهم الآخر محولة التراخيص 
ذاتها إلى سلعة تباع وتشترى؛ وتقوم المحصول من خلال وكلائها فتثبت كمية 
الإنتاج الواجب تسليمه إلى مستودعاتها كما تثبت قيمته بشكل مسبق. وكان 
لها رجالها في البرلمان وفي الجهاز الإداري» وكان للفلاح حق نظري في 
الاعتراض على نتائج عمليات التقويم تلك لكنه قلما تجرأ على ممارسة ذلك 
الحق. ومن وجهة نظر الفلاح» فإن العائد الذي كان يحصل عليه من الشركة 
لا يتلاءم البتة مع ما بذله من جهدء فالتبغ نبتة حساسة تتطلب قدرًا كبيرًا من 
العناية. فهو يجب أن يحرث الحقل الذي ستزرع فيه بشكل جيد» كما يجب 
أن تروى الشتلات بشكل منتظم وأن تحمى من الحشرات ومن التغيرات 
المفاجئة للطقسء ثم يجب أن تقطف الأزهار فور ظهورها وأن تجنى الأوراق 
الناضجة أولَا فأولا كي تجمع وتجفف. وتشير تقديرات في عام 1950 إلى 
أن متوسط دخل الفرد السنوي للعاملين في الزراعة في منطقة اللاذقية كان 
نحو 50 ليرة سورية (أو 1.5 ليرة ذهبية تركية) فى حين كان دخل من يزرعون 
التبغ لا يزيد على 20 ليرة سورية©. ١‏ 

ظهرت الكراهية الدفيئة للريجي إلى العلن في ذلك العام بدفع من حملة 
أطلقها فرع حزب البعث في اللاذقية» واستمر في التحريض عليها. ونجح 
الأسد «ورفاقه الطلاب» في إحراز النصر لحملتهم من خلال إضراباتهم 
وتظاهراتهم وأشكال الضغط التي مارسوها على الحكومة» ليس في اللاذقية 
وحدها ولكن في حلب ودمشق أيضًاء فكان تأميم الريجي في عام 1951. 

(24) في شأن هذه التقديرات؛ انظر كتاب فايز إسماعيل البدايات في ذاكرتي من إصدارات القيادة 
القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي ص 290. وبالنسبة إلى ممارسات الريجي وحملة البعث ضدها 
ما بين عامي 1950 و1951 انظر: إسماعيل» البدايات في ذاكرتي» ص 239 وما يليها. 


371 


7 


الفصل الخامس عشر 
سيرة الأسد ومؤهلاته العسكرية أو الاستنتاجات 
المتعلقة بقيادته العسكرية استناذا إلى أدائه في 
حربي 1967 و1973 وفي أثناء الاجتياح الاسرائيلي 
نان 


٠.» 


فى أيلول/ سبتمبر 1951» دخل الأسد ‏ كما سيقه إلى ذلك كثير من 
أبناء الفلاحين المالكين الذين يعانون أوضاعًا عسيرة ‏ الكلية العسكرية 
المجانية في حمص. على الرغم من أنه لم يكن له أي ميل خاص إلى الحياة 
العسكرية. وبعد حصوله على أساسيات مهنته وخضوعه للتدريب على الطيران 
عيّن في عام 1955 برتبة ملازم أول في القوى الجوية. وتكتسب سيرته 
العسكرية التالية أهميتها أساسًا من أنها عملت مثل منصّة قفز أوصلته إلى 
السلطة. كان انقلاب عام 1949 قد فتح عصر السياسيين العسكريين في 
سورية. ومئذ تلك اللحظة فصاعدًا أصبحت السيطرة على القوات المسلحة» 
وعلى نحو متزايد» الوسيلة الرئيسة ‏ والوحيدة بعد عام 1961 لضمان 
السيطرة على الدولة. وكان الأسد نفسه أبرع في أمور الحرب السياسية منه في 
أمور الحرب العسكرية» وسيشغل تاريخيًا مكانة في فن الحكم أعلى من تلك 
التي يشغلها بين القادة العسكريين. 

في الواقع» منذ عام 1960 حين انضم إلى اللجنة العسكرية السرية التي 
وصفنا نشاطها في الفصل الثاني عشرء حتى عام 6 حين أصبح وزيرًا 
للدفاع» تمرس في المؤامرات السياسية أكثر بكثير من الخدمة العسكرية. كان 
مجرد نقيب في عام 1960.» ووَضِعٌ بين كانون الأول/ ديسمبر 1961 وآذار/ 
مارس 1963 على قائمة المتقاعدين» لكنه رفع بسرعة يوم انقلاب عام 1963 


31/3 


إلى رتبة مقدمء وفي عام 1964 إلى رتبة لواء”» وعندما اندلعت حرب الأيام 
الستة في عام 1967» كان لا يزال غرّا عسكريّاء ولم يكن يملك المؤهلات 
الكافية ليكون الرأس المدبّر للقوات المسلحة. 


عند الحكم على أدائه في تلك اللحظة المفصلية» من الضروريء بالطبع» 
أن نأخذ في الحسبان الموارد والوسائل المتوافرة بين يديه والوضع الموضوعي 
المرافق التي لم تكن كلها في جوهرها في مصلحة سورية. كانت الموازين 
راجحة بقوة لمصلحة إسرائيل التي لم تكن تتمتع بالسيطرة الجوية فحسب. 
بل بهامش واسع من التفوق التكنولوجي والنوعي على الأرض. وعلاوة على 
ذلكء ما كان فى مقدور أي جنرال أن يفيد من سلك ضباط مجرّد من كثير 
من أعضائه المجربين» نتيجة التطهيرات السياسية المتكررة التي كان الأسد 
مسؤولا عنها جزثيًا (انظر الفصل الثاني عشر). 

غير أثناء بعد الاعتراف بكل الظروف المخففة» يصعب أن نمرّ مرور 
الكرام على حادثة تدل على نقص فاقع في الكفاءة أو سوء التقدير ويقع فيها 
شيء من اللوم» على الأقل» على الأسد. وهي حادثة شغلت الرأي العام بقوة» 
وكانت لها نتائج عسكرية مدمرة©. إنني أتحدث عن البلاغ رقم 66 سيئ 
الصيت الذي أصدره الأسد بوصفه وزير الدفاع» وبث من إذاعة دمشق في 
الساعة التاسعة والنصف (الثامنة والنصف بتوقيت إسرائيل) يوم 10 حزيران/ 
يونيو 7» في لحظة مصيرية من مسار الحرب. وأكد ذلك البلاغ «إن 
القوات الإسرائيلية استولت على مدينة القنيطرة بعد قتال عنيف دار منذ 
الصباح الباكر في ظروف غير متكافئة؛ وكان العدو يغطي سماء المعركة 
بإمكانات لا تملكها دولة كبرى:©© 


(1) من أجل التواريخ المتعلقة بتفويضه وتقاعده وترفيعاته المختلفة؛ النهارء 13/ 1971/3. 

(2) في الحقيقة؛ ألقى أنصار صلاح جديدء في الجلسة الاستئنائية للمؤتمر القطري لحزب البعث 
في عام 1969.: باللوم بالكامل على الأسد في هذه الحادثة. انظر: التهار. 23/ 3/ 1969. 

(3) عن نص البلاغء انظر: خليل مصطفى بريزء سقوط الجولان (القاهرة: [د.ن.]» 1980): 
ص 155. 


3274 


00 


يكن أي جندي إسرائيلى» في تلك الساعة» على مشارف المدينة». وفي 
الحقيقة» كانت الأوامر قد صدرت قبل ذلك من رئيس الأركان الإسرائيلي 
إسحق رابين إلى قائد الجبهة يه عن احتلال القنيطرة وتثبيت الخط 
[الإسرائيلي]» عند المواقع التي ظُفِرَ بها يوم التاسع من حزيران/ يونيو» وهو 
اليوم الأول من اجتياح 0 كانت القوات السورية قد دافعت عن نفسها 
بشراسة. واستنادًا إلى رابين» «كانت المعركة عنيفة وصعبة» وحصدت أعدادًا 
كبيرة من الضحاياة. وأثبتت التحصينات السورية أنها «منيعة على القصف» 
وكانت «مسرح قتال مرير وجهًا لوجه». وعلى الرغم من وجود دليل عند 
هبوط الليل على بداية تراجع سوريء أعطى رابين أوامره بوقف الهجوم نتيجة 
قرب استنزاف المهاجمين وقرار دايان بوقف الأعمال العدائية عند الساعة 
الثامئة تمامًا". 


غير أن بث البلاغ رقم 66 غيّر مجرى الحوادث. وكان له الأثر الفوري 
المتمثل بإضعاف الجيش السوري نفسيًا وماديّاء نتيجة المفاجأة» ونشر 
الاضطراب والذعر في صفوفه. ولما راح يتخبط في طريقه إلى دمشقء لم 
يستطع الإسرائيليون أن يقاوموا إغراء معاودة الاندفاع إلى الأمام» لكنهم اكتفوا 
باحتلال سهل الجولان بسبب ضغط القوى العظمى. 

ما الذي كان وراء بسث البلاغ رقم 6 هل استجرء كما زعم دايان» 
مسعى «لحث مجلس الأمن على تبني قرار بوقف إطلاق النار»» أو؛ بكلام 
أدقٌ» لتنفيذ قرار وقف إطلاق النار الذي كان المجلس قد تبناه أصلًا؟© أم 
كان» كما خمّن رابين» محاولة «لإعطاء الانطباع بأن دمشق مهددة» والضغط. 
بالتالي» على الاتحاد السوفياتي للتدخل إذا لم نوقف تقدمنا؟0©. 

ردًا على سؤال عن هذا الموضوعء قدم إبراهيم ماخوس الذي كان وزير 


4( .3716-7 .هم ,(1976 ,ده0عده1/! ععلتملا بج71) عإزرا راط زه بورمل5 رمدتروط عطجمو]ة 
(5) عبامسرعاط صاطه8 11:6 لص ,96-97 .مع ,(1980 ,أعأكقطح ١اأعاعن8‏ :كتيوط) ععرزم ةل تمتطمظ علقطعاالا 

.155 .م ,(1979 و8 بعلتائآ تدماده8) 
)26 7 .5م ,(1976 ,الا0عتوا/! بعتملا بج 81) علاط باط كز بورها5 بمدتزوط عطومالز 
2( 7 م ,ركه «أمسفلطة ,متطقع 


خارجية سورية في عام 1967 وأقوى شريك مدني لرجل سورية القوي 
حينهاء صلاح جديد» في عام 6 الرواية التالية للظروف المحيطة بالحادثة: 


صباح العاشر من حزيران/ يونيو» وصل ضابط في الجيش برتبة عقيد أو 
عميد من الجبهة إلى القيادة العامة للجيشء وأبلغ حافظ الأسد أنه رأى رتلًا 
من الدبابات» افترض أنها إسراثيلية» قرب خان أرنبة» وهي بلدة 7 تقع على بعد 
حب ارات اتفال أرق لسار على الطريق 0 تبر البوابة 
إلى الجبهة. واستنتج تج من ذلك أن مدينة القنيطرة قد سقطت. يكمن البخطأ هنا 
في عدم التحقق مح دثّة معلومات الضابط بكل الوسائل الممكنة قبل إذاعة 
البلاغ. كانت قيادة الجيش» ويرئسها حافظ الأسدء تتمتع بسلطة بث البلاغات 
العسكرية من دون الرجوع إلى القيادة السياسية التي لم تستشر قبل بث البلاغ 
من إذاعة دمشق”©. 

يصعب التوفيق بين هذه الرواية وتلك التي قدمها سامي الجندي في عام 
9 وكان في أثناء حرب عام 12067 سفير سورية في باريس. إذ كتب: 
«فوجئت لما رأيت على التلفزيون [يوم 10 حزيران/ يونيو] مندوب سورية في 
الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة ووصول قوات إسرائيل إلى مشارف 
دمشق والمندوب الإسرائيلي يؤكد أن شيئًا من ذلك لم يحصل. 

قال لي الدكتور ماخوس في ما بعد إنها كانت خطة ماهرة لإرعاب» 
العالم من أجل إنقاذ دمشق0©. 


مهما تكن الحقيقة» لا يظهر الأسد من أي من الروايتين ذلك المتألق. 
وإذا ما كان البلاغ رقم 66 نتيجة خطأ عسكري غير مقصود. فلا يمكن أن 
يمنع المرء نفسه من الشعور بأن من شأن وزير دفاع أكثر خبرة من الأسده لا 
أن يتانق من بصحة النقرير المزعوم فحسبء بل وأن يدرس ويمخص كل 
تأثير محتمل للبلاغ ذ فى الجيش قبل بثه. بدلا من أن يعزّزء عن غير قصده 
فرص إسرائيل بنصر كاسح؛ كما حدث بالفعل. من جهة أخرىء إذا كان البلاغ 


(8) د. إبراهيم ماخوس في حديث مع المؤلف في الجزائر: 16 آذار/ مارس 1986. 
(9) سامي الجندي» كسرة خبز (بيروت: دار النهار للنشرء 1969)؛ ص 17. 


2326 


رقم 66 نتيجة «خطة؛ سياسية معدّة سلفًا ‏ ولا يمكن إعداد «خطة؛ من هذا 
القبيل من دون الأسد. شريك جديد الرئيس في عام 1967 - فلا يمكن المرء 
إلا أن يفكر ببؤس المحاكمة لدى صناع القرار المشاركين؛ لا لأنهم شوّشوا 
الأمور فحسبء بل لأنه ينبغي للقتال المرير الذي خاضه الجيش السوري يوم 
9 حزيران/ يونيو أن يوضّح لأيّ قادة لديهم الأهلية» «أن من شأن مقاومة 
سورية جدية [في الجولان] أن تعيق كثيرًا التقدم الإسرائيلي»» على حدّ تعبير 
الكولونيل تريفور ن. دوبوي”". 

لكن من المحتمل أن الأسد وجديد اختارا ‏ كما ظَّن في ذلك الوقت - 
التضحية بأرض سورية وبمصالح الجيش من أجل المحافظة على نظامهما. 
وما عزز ذلك الشك هو الشائعات القوية بأن وحدات الجيش الضاربة وذات 
الأهمية السياسية ‏ خصوصًا اللواء 70 المدرع بقيادة العقيد عزت جديد 
وكتيبة الدبابات بقيادة النقيب رفعت الأسد ‏ كانت أول من ترك الجبهة تحت 
جنح الظلاه!'". 

يمكن الجدلء فيما يخص الأسد على الأقل» أن ذلك الشك تدحضه 
المخاطر الكبيرة التى عرّض نظامه لهاء فيما بعد» عندما انخرط بجرأة فى 
حرب عام 3 غير أنه يمكن الاقتناع» بالحجة المضادة» أن المخاطر لم 
تكن عالية إلى تلك الدرجة لأن الاتحاد السوفياتى كان أكثر اهتمامًا بنتيجة 
الصراع مما كان عليه في عام 1967. ١‏ 


لا بد من أن نعترف بأن جزءًا من نقدنا لأداء الأسد في حرب الأيام 
الستة يأتي من كوننا بتنا نفهم ما جرى فهمًا أفضل بعد وقوعه. ولأننا لا 
نستطيع حتى الآنء هذا إذا ما تمكنا من ذلك يومّاء أن نخلّص الواقع تمامًا من 
الخيال» على الأقل لأن اتخاذ القرار السوري في عام 1967 جاء بسرية إلى 
درجة كبيرة أو جاء مرتجلاء ولم يترك خلفه أي سجلات أو أدلة. 


(10) م11 نولا ,بسقامتة1) 1947-1974 ,كما أأعه امار 11:6 :موصماء ةلا عنتعبا8 الإنامنا0 .ل( موب" 
.م ,(1984 ,روعامه8 


(11) تظهر هذه الشائعات؛ في رواية النقيب المتقاعد خليل مصطفى (بريّز) التي يزعم أنها تستند 
إلى حديث مع ضباط آخرين» على أنها حقائق: بريّز سقوط الجولان» ص 106. 


377 


ل ين 


تعلم الأسد من هزيمة سورية أكثر مما تعلم الجنرالات الإسرائيليون من 
نصرهم. وتفترض إدارته لحرب عام 1973 التي شكلت علامة أخرى فارقة 
في سيرته العسكرية» أن تفكيره اتسع إلى مستوى المشكلات العسكرية التي 
واجهها. ومن الواضح أنه ساعد قواته العسكرية على استرداد عافيتها» فعزز 
انضباطها وقدرتها على التحمل» وحسّن كثيرًا أسلحتها وقوتها النارية. وبات 
أداؤها العسكري يستند إلى حسابات أسلم وتنسيق أكثر عقلانية لأهدافها 
ووسائلها مما كان عليه الوضع في عام 1967. كان الأسد قد أصبح أيضًا 
أكثر فهمًا للإسرائيليين ونفسيتهم» واستخدم الوقت والمكان بمهارة أكبر 
ليحقق» مع المصريين» مفاجأة استراتيجية» وهي عنصر أساس في الحرب2". 


إضافة إلى ذلك. زعزع توازن الإسرائيليين ف فى المرحلة الأولى من 
الحرب عبر عدد من المفاجآت التكتيكية. أوَلَاء ركز الاندفاع الرئيس لهجومه 
التحريري في القطاع الجنوبي» فيما كان الإسرائيليون يظنون أنه سيأتي في 
القطاع الشمالي من الجولان. ثانيّاه عندما لجأ الإسرائيليون في هجومهم 
المضاد إلى تكتيكات سبق أن استخدموها في عام 1967» واندفعوا بالدبايات 
عبر المواقع السورية (والمصرية) من دون دعم المشاة أو المدفعية» «وجدوا 
أنفسهم محاطين بمشاة العدو المجهزين بكميات كبيرة من الأسلحة المضادة 
للدبابات متعددة الاستعمالات»» وفق دايان نفسه. بما فى ذلك قاذفات [ ربى 
جي 7 ومدافع بازوكا وصواريخ ساغر ”". وفوق ذلك كله؛ لم تستطع القوة 
الجوية الإسرائيلية أن تعمل بفاعلية أو أن توقع ضحايا بالخفة نفسها كما 
فعلت في عام 1967.» لأن القوات السورية كانت مجهزة بكثافة ببطاريات 
صواريخ سام 3 وبصواريخ سام 6 المتحركة وبالمدفعية المضادة للطائرات. 
ومن الواضح أن رجالا كثيرين» من بينهم» على سبيل المثال لا الحصرء خبراء 
فنيون وأعضاء من الأركان العامة وقادة ميدانيون واستشاريون عسكريون 
سوفيات» عملوا معًا لإنقاذ هذه التحسينات العسكرية» لكن الأسد تحمل 


المسؤولية النهائية عن العمل كله. 
(12) اعترف دايان بأن «إسرائيل أخذت على حين غرة؛: 2 .م ,علا راط ره جرماى ,مدبروط 
230) .6 لصة ,479 .مم ,.لزط] 


38 


كانت هناك نواقص أيضًا في حرب عام 1973. فنتيجة الأوامر الموجهة 
إلى قوات الأسد بعدم الانسحاب بأي ثمن إلا بناء على أوامر من المستويات 
العليا في قيادة الجيشء لم تظهر تلك القوات المرونة الضرورية في هجماتها. 
وعندما واجهت. فى المرحلة الأولى من الحربء مقاومة إسرائيلية شرسة» 
فإنهاء بحست زواية العقيك دوبوي» لم تتسحب ولو بضع مئات من الأمتار 
بقصد المناورة»؛ بل «أعادت» ببساطة» تجميع نفسها واندفع من تبقى منها إلى 
الأمام مرة أخرى». وقد استفاد الإسراثيليون من هذا العرض السوري المتصلب 
للشجاعة» وساعدتهم أيضًا فرصة قتل ضابط شجاع هو العميد عمر الأبرش» 
قائد الفرقة السابعة» في لحظة حرجة من القتال في الجولان*". ولا شك في 
أنه كانت لإعادة إمداد الأميركيين الواسعة لهم بأسلحة ذات تقنية عالية» بما 
في ذلك صواريخ سايدويندرء وزثا كبيرًا في ضمان اليد العليا عسكريًا في 
النهاية أو؛ على الأقل» منع العرب من الانتصارء كما رأى وزير الخارجية 
الأميركي هنري كيسنجر8". 


لكن العامل المباشر وراء قلب مصائر الصراع على الجبهة السورية يرتبط 
بالمخاطر الموجودة في أي حرب يشنها تحالف: فافتراق أهداف القادة 
المصريين والسوريين ومصالحهم عاد بالنفع على الإسرائيليين. فقد عبر 
المصريون قناة السويسء وتوقفوا. وبعد صد هجوم مضاد. اكتفوا بالوقوف في 
مواقعهمء فمكنوا الإسرائيليين بذلك من «التركيز على صد الهجوم 
السوري:6*'". وعلى مدى أسبوع كامل» تحملت قوات الأسد وحدها كامل 
ثقل التفوق الجوي لعدوها. فلم تضعف الطائرات الإسرائيلية مظلة سورية من 
صواريخ سام على الجبهة» وتعرقل النظام اللوجستي لجيشها فحسبء بل 
سببت أيضًا ضررًا كبيرًا لمنشآتها الاقتصادية عبر توسيع الحرب إلى العمق 
السوري. وعندما عاد المصريون إلى المعركة» كان ذلك متأخرًا جدًا وغير 
فاعل. وعلى الرغم من دحر السوريين من أجزاء من الجولان كانوا قد 
استعادوها في البداية» وفقدانهم مزيدًا من الأرض على الطريق إلى دمشق» فإن 


)214 .6 - 457 لاضة ,455 .وم ,نورماءثلا عناتعبراع ,لإنامناط 
)2015 .9 - 478 .وم ,(1982 ,تاسم8 ,عاألالآ تهماكم8) أمرمعر]ونا إن كما بتععصاكدناآ بممعقر 
)2160 .7 .7 ,غلاعأ نراة اه «ررماى رسدنزةدآ1 


309 


روحهم لم تنكسر. كانت حرب عام 1973» بالنسبة إليهم» نصرًا من نوع ماء 
على الأقل على المستوى النفسي. وكما عبّر الأسد عن الأمر «لم نحرر 
الأرضء ولكن حررنا ما هو الأساسء وما لا بد من تحريره أولًا. حررنا إرادتنا 
من كل قيد... وحررنا نفوسنا من الخوف والتردد... ومن عقدة الذنب 
والقصور [التى سكتتنا]... منذ قيام إسرائيل).27 

على الرغم من أن الحرب لم تنته نهاية سعيدة» فإن الأسد ارتقى 
بعدها سياسيًا بين أبناء شعبه. كبر في عيون شعبه لأنه برهن على الجرأة 
اللازمة لتحدي إسرائيل. وشاهد ضباطه ورفاقه كيف بقي رابط الجأش 
في أشد مراحل الصراع صعوبة:؛ وأظهر طوال الحرب توازنًا وحماسة 
لطّفها ضبط النفس وعدم القيام بأي شيء يتجاوز وسائله» وأعجبوا 
بذلك. 


أما على المستوى الإقليمي» فهبط موقع الأسد يعد الحربء على الرغم 
من استعادة جزء من الجولان. فتتيجة تصرف القيادة المصرية المنفرد وتوصلها 
إلى سلام مع إسرائيل في عام 19279.» أخرجت إمكانات بلدها من المعادلة 
العسكرية العربية ‏ الإسرائيلية» وحولت بذلك توزيع القوى الإقليمية على 
نحو خطير لمصلحة إسرائيل. 

فى ضوء ذلك يجب أن ننظر إلى الدرجة العالية من الحذر وضبط النفس 
اللذين مارسهما الأسد فى اللحظة الحرجة التالية من سيرته قائدًا عامًا للجيش 
والقوات المسلحة. أي في عام 1982 عندما اجتاح الإسرائيليون لبنان. فبناء 
على حساب بارد لمصالح جيشه رفض بإصرار أن يجر إلى مواجهة شاملة 
معهم. . ذلك أن تفوقهم في الجو وميل الاحتمالات في جوانب أخرى إلى 
مصلحتهم بقوة» جَعَلَ احتمال أن تتكلل تلك المواجهة بنجاح لسورية احتمالًا 
بعيدًاء إن لم يكن معدومًا. هكذاء ترك الأسد الفلسطينيين» إلى حد كبير» 
لقدرهم في جنوب لبنان» ولم يفعل لهم سوى القليل في معركة بيروت. 


(17) كلمة الأسد بتاريخ 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1973. من أجل نص الكلمة؛ انظر: البعث» 
0 »© وجان ألكسان. محررء ماذا حدث فى تشرين (دمشق: [د.ن.!]ء [د.ت.1)»: 
ص 357 - 365. المقطع المقتبس موجود في ص 361-360. 


2360 


60 


واكتفى عمومّاء وتحديدًا بعد تكبد قواته الجوية خسائر كبيرة وتدمير منظومته 
الصاروخية في البقاع» بالسماح بأعمال العرقلة أو الثبات في المكان. لكن 
تهديد أهداف سورية حيوية» كطريق بيروت ‏ دمشق الدوليء أثار مقاومة 
شرسة؛ لا من جانب الجيش النظامي فحسبء بل ومن جانب وحدات مغاوير 


خاصة. 


كان الأسدء بمعنى ماء محظوظًا بأن يكون عدوه أريئيل شارون. ففى 
حين اختار الأسد أن يحارب في لبنان بسلاح الذكاء» منتصرًا في النهاية عبر 
المهارة التى استفاد بها من أخطاء أعدائه وفهمه العميق للقوى المحلية 
ومهارته الكبيرة في التلاعب بها واعتماده على الحيلة والفدائيين اللبنانيين 
والتكتيكات غير النظامية» بدلا من الضربات المباشرة» كانت طرق شارون 
أشبه بطرق ثور هائج. وتسبب قصفه الواسع بلا تمييز لمخيمات اللاجئين 
وغيرها من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية بدمار واسعء موقعا عددًا 
كبيرًا من الضحايا بين المدنيين وترحيل ما يقرب من نصف مليون شخص من 
أماكنهم. وأثاز قراره إرسال الكتائب إلى مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلاء 
على الرغم من معرفته بتعطشهم للانتقام وسجل أفعالهم اللاإنسانية على نحو 
مفرط في السابق. الرعب حتى بين الإسرائيليين. 

لكل ذلكء لم يحقق شارون. إلا على المدى القصيرء أيَا من أهدافه 
الرئيسة. فهو لم يحطم المقاومة الفلسطينية» ولم يجبر سورية على الانسحاب 
من البقاع» وفشل في إقامة دولة عميلة في لبنان. واضطر الإسرائيليون» في 
الوقت الملائم؛ إلى التخلص من الفوضى التي صنعوها بأنفسهم. وإلى التتخلي 
عن معظم مكاسبهم الإقليمية. ففي شتاء 3 -01984 انتزع الأسد نصرًا 
سياسيًا من هزيمة عسكرية. وبعد إحباطه محاولة أميركية لعزله» وإفشال اتفاقية 
سلام إسرائيلية ‏ لبنانية برعاية أميركية؛ والتغلب على جميع خصومه أو 
هزيمتهم» وتزوّده من جديد من السوفيات بدفاع جوي أكثر تطورًا وبمنظومات 
صاروخية؛ خرج من المحنة وله القول الفصل في الشؤون اللبنانية فضلا عن 
إقليمية تعززت على نحو واضه*". 


(18) أفضل روايات لحرب عام 1982 هي تلك التي يوردها: 1/6 +منجرة زه 4مكا ,عامه5 عاعتسوط 


3651 


غير أن أعدادًا كبيرة من السوريين كانت هذه المرة في مزاج أكثر تجهمًا 
من أن تمجّد الأسد. لم تستطع الامتناع عن مقارنة طبيعة رده المراوغ وغير 
المباشر على اجتياح لبئان بالانتقام المرعب الذي أنزله بالناس في حماه نتيجة 
الانتفاضة المسلحة التي قام بها الإخوان المسلمون في شباط/ فبراير 1982. 
فقد ذهب حينها إلى حد تسوية أجزاء بكاملها من أنحاء المدينة الشمالية 
والشرقية بالأرضء وقتل في العملية» بحسب تقديرات دبلوماسيين غربيين» ما 
لا يقل عن خمسة آلاف إنسان (أو عشرة آلاف. بحسب تقديرات لاحقة حقة) !219 
أمَا استنادًا إلى القائد السوري القديم أكرم الحوراني» وهو من أبناء حماه» فإن 
العدد لا يقل عن 25 ألقّاء على الرغم من أن أعضاء الإخوان المسلمين 
المسلحين» بحسب تقدير الحكومة ذاتهاء لم يتجاوز 0 مقاتل. كان بين 
ضحايا «المذبحة الوحشية» نساء وأطفال وحمويون من جميع الأطياف 
السياسية» بمن في ذلك بعثيون» رفو خدك بظ اللقلويجد ماد 
الانتفاضة20) . كان شعور خصوم الأسد قويًا إلى حد أنهم راحوا يردّدون في 
معارضته بيت الشعر الهجائي» وإن يكن غير ملاكم بالمجملء العائد إلى أوائل 
العصر الإسلامي؛ لاعبين على اسمه: «أسدّ علي وفي الحروب نعامة». كانت 
الممارسة المنسوبة إلى النعامة في شبه الجزيرة العربية في القديم هي أنها 
تتجنب الخطر عبر رفض مواجهته. 


رووع2 وتمرماتلدح 6ه نواتومء تهتنا الإعاءعاء8) (1988 ,كنمنبه] .8 .1 :ممقهمة) اكمط ءاقلناط ءا «مل عاعواا3 
«ه!ا 1982 ١٠‏ عوااسل واأأم««مأكلءء2 .0 عط ا تعوواى «ء0:0) ,نلتلمطا! لتطممظ :23 لهة 22 .دهطء ,(1989 
1 دودهاما ؤأعم؟ا ,تتد'ولا لنطاظ لسة األلطءك ء'ع2 :(1986 ,كوعرط لإاتوءلاتمنا دتطسساه© :املا بجعلد) 
77 ,لععصول أعوطءتكة :(1984 ,تعاكتاطء5 لمة مساك تعلعملا بك ل8) ممصسلعمظ حمل نزم لعأداكمه؟ مه لعئذتل8 
مهما قطاتطه]" :(1982 ,ووعد8 0مظا طتده5 تشالا ردماده8) «م7وطعط لءلعتدم!ا أعهمدا برالا! بصاء8 زه عءالاه8ه 
.© ممطتفصول لصة ,18 .مقط ,(1987 روكممط بجعذبع1 براطاممال!ا علولا بجج81) «مبمامط «هاه أأوعنصاذ 176 
.(1983 ,وئع2 طاممعه1آ1 زكسلصائلا عد متاقطت) يعملا بدك81) دره!! ١‏ الل عنمي ,لماعم 

)219 2 ركه :17 لجو[ ولق 


(20) حديث مع أكرم الحوراني أجراه المؤلف في باريس» 5 تموز/ يوليو 1985. 


2302 


الوجوه المتنوعة للسلطة في دوئة الأسد 


بضع ملاحظات عامة أوليّة 
على البلاغة «الديمقراطية» وو قائع الحياة 


هناك شيء مشترك بين حافظ الأسد والسياسيين الأميركيين؛ ألا 

تنميقاتهم البلاغية «الديمقراطية»» لأنهم يرسمون, في خطاباتهم العامة صورة 
محر عو أما في أفعالهم فقلما يشكل المواطنون قوة محركة 
حاسمة. إلا في لحظات الأزمة أو في أوقات الاضطراب أو ارتفاع الوعي 
الشعبي. 

ليست الغاية من هذه الملاحظة أن نستوعب الوقائع السياسية السورية 
وفق الوقائع الأميركية. فهماء وهذا واضحء مختلفتان في جوانب مهمة. ٠‏ في 
الكيان السياسي الأميركي هناك مزايا مثل السلطة المتعددة أو المنقسمة» 
والرقابة المتوازنة الممأسسة» والمنافسة السياسية المفتوحة نسبيّاء وإن كان 
المال يحركها على نحو متزايد. كما تتمتع تع الحريات الشخصية عمومًا بحماية 
قانونية» واحتمال عرض القوة المادية الفظة أو استخدامها اعتباطيًا في الداخل 
هو احتمال أقل. 1 

غير أَنْ هذه الأمور كلّها لا تفضي | إلى «ديمقراطية» أصيلة. تعني في 
الأساسء وبكلمات أبر اهام لتكولن (هادعهنآ ستهطورطى) «حكم الشعب بالشعب 
وللشعب»» وبتعريفها على هذا النحوء قد تكون صعبة التحقيق. لكن أي تقدم 


2363 


نك 


نحو الديمقراطية لا بد من أن ينطوي؛ في حده الأدنى» على حكومة تقوم على 
قبول شعبي ذي معنى سياسي» وهو ما لا يمكن أن يتحقق ويبقى فاعلًا إلا إذا 
تعزز بالمساواة» لا فى الحقوق السياسية فحسبء بل وفى أحوال المواطنين 
الاجتماعية قدر المستطاع. علاوة على ذلك» فإن ذلك القبول الذي يعتبر 
بدهيّاء يتضمن تجديد القبول المؤسّساتي والدوري لأغلبية المحكومين على 
الأقل. يجب أيضَّاء مثاليّاء أن يكون ذلك القبول فاعلًا وواعيًا وقائمًا على 
دراية وغير مصطنع. بعبارة أخرى. يجب أن بت يتمتع المحكومون بفهم جيد 
معقول 0 الحقيقية وللعمليات السياسية التي ينخرطون فيهاء ويعجب 
قر اهدائيت: ولا حاجة إلى القول إن تحقيق قي لالط مجه رميات 
تزذاك دما تكون عناص المشتيع الى تدك بحفاة سيثع القرائين مرتتعلة 
بعضها ببعضء كما هو الحال غالبّاء ذلك الارتباط الواضح إِنْما بطريقة رخوة 
ومعقدة جدّاء سواء كان تحمّلها المشار إليه رسميًا أم غير رسمي ومباشرًا أم 
غير مباشرء وعندما لا يكون المواطنون» بالمعنى الواسع للكلمة» على وفاق 
بعضهم مع بعض في ما يخص الموارد المادية والفرص التعليمية والمهارات 
الفكرية. 

هكذاء مع إبقائنا في الذهن أن التحرير السياسي الرسمي للشعب هو 
تطور حديث نسبيًا في تاريخ أكثر مجتمعات العالم تطورّاء سيبقى من غير 
الملائم أن نتساءل عن مغزى دور أغلبية الشعب في تقرير الشؤون العامة في 
بلد كالولايات المتحدة فى سياق سياسى تحتل المشهد فيه الشركات العملاقة 
ومجمعات القوة الحكومية والعسكرية الضخمة والوحدات الكبيرة لقولبة 
الآراء والتلاعب بها. وبعبارة أخرى» هل يمكن أن توجد ديمقراطية سياسية 
في غياب الديمقراطية الاقتصادية» أي في شروط تكون الموارد الاقتصادية 
موزعة على نحو متفاوت جدًا والقوة الاقتصادية والمالية مركزة تركيرًا شديدًا؟ 
وللسؤال المعاكس أيضًا صلته بالمسألة المدروسة: هل يمكن أن يكون لديا 
نظام اشتراكي حقيقيء أي ديمقراطية اقتصادية» عندما تكون القوة السياسية 
منظمة على نحو غير ديمقراطي؟ 

شعرتٌ أنه من المبرر الإشارة إلى الاعتبارات السابقة كلّهاء وَمَرّدٌ 


2354 


ذلك. جزئيّاء أنه لا يمكن فهم مسألة السلطة والقبول في سورية في رأبي 
بمعزل عن اللوحة التاريخية والعالمية الأشملء ومردَةٌ أيضًا أن أغلبية 
الشعب في الولايات المتحدة؛ وعلى الرَّغْم من كل الجعجعة عن 
#الديمقراطية» وتمتعها بالحرية المدنية» تبقى مهمشة سياسيًا في الجوهر 
كما في البلدان العربية. 


وجهات النظر العلنية والخاصة للأسد من سلطة البشر عمومًا 


وأهليتهم للسياسة 

يمججّد الأسدٌ الشعبٌ في العلن ويعظمه. فقد أكّد في وقت مبكر من بداية 
حكمه: «قوتان لا تقهران. قوة الله وقوة ال اليوم لن ترتفع يد 
فوق يد الشعب!"2. وأشار في مناسبة أخرى ‏ في عام 1973 - إلى الشعب 
بوصفه «منبع كل السلطات». وتابع «ولكن عنصرًا واحدًا من هذه العناصر 
يجب أن يبقى ثابتا ومتوفرًا في جميع المؤسسات [السياسية والقابية]... 
الاختيار الحر والرغبة الحرة لجماهير الشعب»©. وأبدى تقديرًا مشروطًا لمبدأ 
الحرية الفردية. فقد قال في عام 1980 إن نظامه أولى؛ منذ البداية» «حرية 
المواطن... وتوفير الحرية في أوسع أشكالها» ما تستحقه من قيمة» لكنه حذّر 
من أن ذلك لا يعني «أن يفعل كل فرد ما يشاء ولو على حساب كل الشعب». 
وأضاف أن الحرية إن لم تمارس «في إطار ضوابط وقواعد يقرها الشعب 
بمجموعه... أصبحت فوضى2". وقال الشيء ذاته تقريبًا في التسعيئيات©, 
لكنه استخدم حينها شعارًا جديدًا هو «التعددية السياسية»» قائلًا: «مارسناها 


(1) استحضر إلى الذاكرة في كلمة في عام 1987 هذا البيان الذي قدمه في أوائل السبعينيات؟ 
النص العربي لكلمة الأسد يوم 8 آذار/ مارس 1981, ص 16» وحزب البعث العربي الاشتراكي: مكتب 
الإعداد الحزبىء الؤخوان المسلمون» 4» ص 66. 

(2) البعش: 10/ 6/ 1973. 

(3) كلمة السيد الرئيس حافظ الأسد في الذكرى السابعة عشرة لثورة الثامن من آذار» 8 آذار/ 
مارس 1980: ص 10-9 : 

(4) انظر على سبيل المثال كلمة الأسد يوم 8/ 3/ 1990. تشرين» 9/ 3/ 1990. 


355 


في مختلف جوانب حياتناة!» وهي إشارة واضحة إلى الدور المحدد الذي 
سمح لبعض المستقلين والأحزاب غير البعثية» من مثل الناصريين والشيوعيين 
والاشتراكيين العربء أن يؤدوه منذ عام 1972 في الحكومة ومجلس الشعب 
ونظام مجالس الإدارة المحلية. 

الأكثر إيضاحًا هو ما ذكره» في جلسة خاصة في عام 1971» لمن كان 
يومًا الأمين العام لحزب البعث وسفير سورية لدى الأمم المتحدة» حمود 
الشوفي. قال له إن «الناس لهم مطالب اقتصادية في الدرجة الأولى»» 
يتطلعون إلى الحصول عليهاء من مثل قطعة من الأرض أو بيت أو سيارة أو 
ما شابه؛ وأنه يستطيع تلبية تلك المطالب #بشكل أو بآخر». وأضاف هناك 
فقط «مئة شخص أو مئتان بالكثيرة ممن «يعملون جديا بالسياسة» أو يتخذون 
منها مهنة لهمء و«اهؤلاء سيكونون ضده مهما فعل». وخلص إلى أن «سجن 
المزة أصلا مبني من أجل هؤلاء09©. 

بعبارة أخرىء الناس العاديون همء من وجهة نظر الأسد. كائنات 
اقتصادية أساسًاء ولم يخلقوا للسياسة. وإنه لمن الممتع كيف يطابق تفكير 
قائد ‏ كالأسد ‏ من أصل فلاحيء في هذا الخصوصء على نحو ماء تفكير 
حاكم ذي دم «ملكي»؟ مشهور من القرن الثامن عشر. فقد كتب فريدريك 
الأكبر 6630 ءطا 101,ع9هم7) إلى فولتير (عتنهاا10): «إنني أعتبر [البشر عمومًا] 
مثل قطيع من الأيائل في حديقة النبلاء العظام» ليست لهم أي وظيفة سوى 
أن يتناسلوا ويملأوا الحديقة6©. لكن عنصر الاحتقار للبشر عمومًا مخفي 
أكثر لدى الأسد وأقل ارتباطًا بأهليتهم للسياسة أو حاجتهم إلى الوعي 
السياسي. 

(5) كلمة الأسد يوم 12 آذار/ مارس 1992. الثورة» 13/ 3/ 1992. 

(6) عن حمود الشوفيء انظر الجدول الوارد قي الملحق. 

(7) حمود الشوفيء الوطن العربي (باريس)؛ 13/ 5/ 1988» وحديثي مع الشوفيء 27 حزيران/ 
يونيو 1991. 


() عق عمصاء؟ تعارولا بدك 1؟) م«عنمظا انع ءاأوماط +11 «امع07) ع1 لامع وعرط الإععوكى .8 غ130 
.0 م.م ,(1986 ,1115 


356 


اك ينها 


بنية سلطة الأسد: مستوياتها الأربعة وخصائصها الأساسية 


يمكن تمييز أربعة مستويات في هرم سلطة الأسد. على المستوى الأول» 
وهو مستوى أساس ويتعلق بالاتجاه العام للسياسة أو بالمسائل الحاسمة 
بالنسبة إلى نظامه كالأمن والتكارات والخروق الحكرة أواالك اركة ا 
تتركز الخيوط المهمة كلها في يديه. وبعبارة أخرى» فإن الأسد ب يتمتع» على 
هذا المستوى الأرفع» بسلطة فردية لا ينازعه فيها أحد. :. 

تحته مباشرة» هناك الرؤساء غير المعلنين لشبكات الاستخبارات والأمن 
المتعددة» التي تعمل باستقلال بعضها عن بعضء وتتمتع بحرية واسعة. 
وتراقب عن كثب كل ما يمس نظامه. وهي تشكل في الواقع عيون الأسد 
وأذنيه. ويمكن التخيل أن ما يجري داخل هذه الشبكات سري جدًا ومحروس 
بعناية شديدة. 

وهناك على هذا المستوى الثاني نفسه. قادة التشكيلات المسلحة 
النخبوية ذات الأهمية السياسية والحامية للنظام والرادعة للانقلابات» مثل 
الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والفرقة الثالثة المدرعة وسرايا الدفاع 
قبل عام 1984» وهي مسؤولة أيضًا أمام الأسد مباشرةً. تشكل هذه التشكيلات» 
وهي الوحيدة المسموح لها بالدخول إلى العاصمة» السند الأساس لسلطته لا 
القوات العسكرية النظامية التي راح يكدّ منذ عام 1970 ليبعدها عن السياسة. 
وضمن الأسدء عبر تعددية وحدات النخبة وشبكات الاستخبارات والأمن 
وموازنة بعضها ببعض.ء ألا تصبح أي وحدة أو شبكة وحدها خطرًا عليه أو 
تطالب لنفسها بسلطة تزيد على ما يتوافق مع أمن حكمه. 

تحت ذلكء على المستوى الثالثء تأتى قيادة حزب البعث. وباستثناء 
الأسدء بالطبع» وهو أمينه العام» لا يكاد أعضاؤه يقارنون في الأهمية بقادة 
الاستخبارات أو قادة قوات النخبة» وهذا ما ظهر واضحًا فى أثناء أزمة الخلافة 
في فترة 1983 -1984» عندما كان دور تلك القيادة» أو دور الحزب كله قليل 
الأهمية. تعمل هذه القيادة في الأساس كهيئة استشارية للأسدء وتراقب في 
الوقت ذاتهء عبر الآلة الحزبية» تنفيذ سياساته تنفيدًا صحيحًا على يد عناصر 
المستوى الرابع» وتحديدًا الوزراء وكبار موظفي الدولة والمحافظين والمجالس 


357 


التنفيذية أو المجالس المحلية وقادة المنظمات الجماهيرية التابعة للحزب 
وأجهزتها التابعة. 

هنا كان الأسد أيضًا ميالّا ضمن حدود إلى تعدّد النفوذ وتوزيعه عبر عدد 
من الهيئات ذات التوازن المتبادل» من مثل مجلس الوزراء ومجلس الشعب» 
أو المحافظين ومجالس الإدارة المحلية» أو موظفي وزارة الزراعة أو العمل 
والاتحاد العام للفلاحين أو العمال. وعلى هذا المستوى الرابع» كانت درجة 
من النقاش المفتوح مسموحة. وكان يمكن الإصغاء إلى الجوانب المختلفة 
لمسألة معقدة» موازنة المزاعم المختلفة أو المتعاكسة. كما يمكن التسامح 
أيضًا إزاء شيء من النقد الخافت للطريقة التي تنفذ بها سياسات معينة. فهذا 
لا يتضارب مع مصالح الأسدء بل يساعده في رسم سياسات أكثر قابلية 
للتطبيق أو أكثر معنى» كما يساعده في ممارسة سلطته بطريقة أنعم وأذكى. 
وهو يبقي كل المؤسسات المختلفة على الخط الذي يرسمه لهاء عبر توازن 
ملائم في ما بينها. وبالطبع» يبقى هو ذاته فوق النقد» ويبقى موقعه البارز بعيدًا 
عن المساءلة. ويفوز دائمًا الطرف الذي يلقي بثقله فيه. 

قبل أن نتفحص عن قرب كل مستوى من المستويات الأربعة لهرم سلطة 
الأسدء من الضروري أن نعير انتباهًا للسلطة في سورية أقل علنية وأكثر 
تحقيدًاء لكنها لنمنت آقل تائيرًا وأن ندقق فيهاء ' ” 


الفصل السابع عشر 1 
تركيز سريع على أشكال السلطة الأشد حذقا 


إن حفن الاستمام بالقيادة في أعلى قنة المجديع أل يرؤساء مؤسسيات 

00 قد يبقي أشكال السلطة غير المباشرة إِنّما الفاعلة في سورية 
عن الرؤية. 

عمومّاء ليس من السهل الوصول إلى أدلّة على قدرة المجموعات أو 
الأفراد خارج حلقة السلطة الرسمية على التأثير في السياسات العامة أو مسار 
الحوادث بصورة تخدم غاياتهم» سواء أكان ذلك التأثير بوسائل ملتوية أو سرّية 
أم عبر صلات شخصية أو علاقات غير رسميّة. لكن يحضر إلى الذهن بسرعة 
مثال يوضح هذه المسألة. ففي #زمن الاضطرابات» أيام الأسد. أي فترة 
1982-6.» كان تجار سوق الحميدية ‏ وهو أحد أهم أسواق المديئة - 
يؤدون لعبة مزدوجة. كان يُعْتَقّد أنَّ بعضهم على الأقل يساعد بحرية الإخوان 
المسلمين مع تفادي أي توافق علني مع الحركة. في حين ضَمِنَ سواهم امتيازات 
الطبقة ككل» من خلال مبادرات دعم النظام عبر غرفة تجارة دمشق. وهكذاء 
سهّل الأسد الأمور للتجار في عام 1976» عندما انقض الإخوان المسلمون 
على حكم الأسد, ثمٌّ في عام 1980» عندما وصلت أعمالهم إلى ذروتهاء بأن 
زاد حصتهم من مستوردات السلع الاستهلاكية زيادة حادة. وارتفعت قيمة 
مستورداتهم المسجلة من 1.72 مليار ليرة سورية في عام 1975 إلى 3.63 
مليارات ليرة في عام 1976 وإلى 4.17 مليارات ليرة في عام 271980. 


(1) الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة 
الاحصائية السنوية السورية لعام 5.6 ص 4406 المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 8 - 


2389 


ل ينك 


وتحمّل الأسد في عام 1980 مشقة أن يشكر ويحبي (غرفة تجارة دمشق وتجار 
دمشق على موقفهم الوطني. .. أظهروا فيه تمسكًا بالمصلحة الوطنية ومنهجًا 
حقيقيًا لهذه المصلحة الوطنية»)©. 

إذا كان ذلك يوحي بشيء. فهو أنه عندما يتعلق الأمر بالدهاء؛ فإن الطبقة 
التجارية تضارع الأسد. من الضروري أن نضيف أن قدرتها على تحقيق قيق أقصى 
الإفادة من سياسته المتزلفة تعززت نتيجة تدفق المال إلى سورية» يوصفها 
دولة مواجهة. من دول الخليج العربية المنتجة للنفط في السبعينيات» ومن 
تحويللات السوريين العاملين في الخارج» والاتجاه العام الصاعد للونتاج 
النرا )32( 
لزراعي””. 

من المثير للاهتمام أن شقيق الرئيس الأصغرء رفعت»ء كان في أوج قوته 
يشك كثيرًا في أن «أصحاب الأعمال والتجاره هم وراء الخلافات في قيادة 
الحزب منذ عام 1963. وأسرٌ لصديق خدم تحت قيادته في سرايا الدفاع» 
«إنهم يكرهون حزب البعث ولا يدخرون له في أنفسهم إلا النوايا القاتمة 
السيئة. .. ونحن لا نجهل الشائعات السارية بين الناس عن هؤلاء وما ترويه 
عن الدور الكبير الذي لعبوه في السر والعلن» وفي الداخل والخارج؛ في بت 
الخلافات بين أعضاء قيادة الحزب منذ قيام الشورة. وريما يكون صحيحًا ما 


يقال عنهم من أنهم مهيأون حاضرون للقيام بأية لعبة لتفريق قوانا و تشسكشت 
مانا . 


كما أنحى رفعت باللائمة على التجار بسبب الحديث المنتشر عن صفقاته 
وأعماله المالية المشبوهة. إذ سأل ذاك الصديق نفسه: «ماذا تسمع ما يقوله 
الناس عنى؟0. فأجاب: «يقولون بأنك ضرّابٍ نهَاب وقمّار خمّار». فرد رفعت: 


ص 335: والمجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1981: ص 287. ظهرت الأرقام في 
المجموعات الإحصائية تحت عنوان «قيمة مستوردات القطاع الخاص» في الاقتصاد. 

(2) كلمة السيد الرئيس حافظ الأسد في الذكرى السابعة عشرة لثورة الثامن من آذار» 8 آذار/ 
مارس 1980. ص 29. ١‏ 

(3) انظر الجدول (3-4). 

(4) اسم صديقه هو صالح عضيمة. وفي شأن الفقرة المقتبسة انظر: صالح عضيمة» تحليل رفعت 
الأسد: مقولة في حكمة السياسة وسياسة الحكمة (باريس: مؤسسة الاثني عشرء 1992))» ص 338. 


23230 


«إن أكثر ما تسمعه عني هو من صنيع التجار ومن تأليفهم وغيرتهم وحسدهم. 
فهم قد تعودوا أن يضعوا أيديهم على كل ما في البلاد» وإذا لم يكن لهم 
ذلك؛ فلا يرضون بأقل من أن يقسموا البلاد بينهم وبين السلطة: تنفرد السلطة 
بالحكم وآلة التنفيذء وينفردون هم بالمال وبوسائل التصريف والتدبير». 
وفي حين افترض رفعت أن أصحاب الأعمال والتجار يريدون تقويض مكانته» 
فقد اعتر ف بأنه أقام «علاقات» بهم» لكن على أمل أن «يخفف من حقدهم 
وكراهيتهم على السلطة والحزب معًا»». 

بعيدًا عن الدافع الكامن لدى رفعت لتبرير أعماله» هناك» كما هو واضح» 
عيوب في مزاعمه. ولا سيما ميله إلى المبالغة وإلى وضع طبقة أصحاب 
الأعمال كلها معًا بغض النظر عن الاختلافات في القيم أو الأهداف. على 
الأقل» بين عناصر مثل التجار التقليديين والأغنياء الجدد» أو أصحاب الأعمال 
المستقلين نسبيًا وأولئك الذين ثروتهم «سياسية أو لها غطاء سياسيء أو 
أولئك الذين هم مجرد واجهة لقوات الأمن وجمعوا أموالهم بسرعة وبقليل 
من الجهد؛» بحسب تعبير رجل أعمال سوري©. 

لكل ذلك؛ لا يكاد يكون ثمّة شك في أن نخبة أصحاب الأعمال التي لها 
اتصالاات جيدة» وبمختلف فروعهاء ماهرة جدًا في تقديم مصالحها وحمايتها 
وفي إزالة العائق تلو العائق من طريقها. صحيح أنها لا تضع يديهاء بأي معنى 
مباشر» على روافع السياسة العلياء وأن طبقة أصحاب الأعمال بمجملها كانت 
قد ابتعدت تمامًا عن الانتساب إلى أي حزب سياسيء فلم يكن لها موطئ قدم 
في أي قيادة لحزب البعث منذ عام 1963*» وصحيحٌ أنها لم تشغل سوى 
ثلاثة مقاعد من المقاعد ال 186 فى مجلس الشعبء الاحتفالى إلى حد بعيد» 
في الدور التشريعي 1977-1973» وثمانية عشر مقعدًا من المقاعد ال250 


(5) عضيمة؛ تحليل رفعت الأسدء ص 106 - 108. 

() المصدر نفسه. ص 338. 

(7) في حديث مع المؤلف» دمشقء 19 كانون الأول/ ديسمير 1992. 

(8) لم يكن أي عضو في القيادة» في أي وقت رجل أعمالء ولكن عددًا قليلاً (على سبيل المثال» 
ستة من أصل 48 عضوًا من أعضاء القيادة بين 1970 و1997) تحدر من عائلات من أصل تجاري أو 
تجاري صغير. انظر الجداول (12 - 3)) (12 -4) و(3-19). 


391 


في الدور التشريعي 1994-1990*» غير أنَّ الأمور كانت تسير نوعًا ما 
بالطريقة يقة التي يريدها قادة أصحاب الأعمال منذ عام 1973» وإن كان ذلك 
على نحو متقطع؛ ثمّ على نحو متزايد وأكثر معنى منذ منتصف الثمانينيات» في 
أمور تؤثر» لا في التجارة فحسبء بل وفي أجزاء أخرى من القطاع الخاص 
في الاقتصاد. 

ومما يدل على التقدم المتنامي لرجال الأعمال تلك الزيادة البالغة 50 
في المئة في عدد أعضاء الفئة «الخاصة» في غرفة تجارة دمشق» وتضاعف 
عدد أعضاء «الفئة الأولى؟ فيها ثلاث مرات بين عامي 1971 و1990 
«الجدول (1-17)). ويشير الانخفاض الحاد الحاصل مؤخرًا في عبئهم 
الضريبي نتيجة قانون خفض ضريبة الشركات إلى ميل صريح من الحكومة 
إلى رعاية مصالحهم: كما هو واضح من الجدول (2-17)» فإن الحد الأقصى 
للتكليف الضريبي على الأرباح الصافية من المشاريع هبط من 70.74 في 
المئة في عام 1974 إلى 45 في المئة في عام 1992. ويبقى القانون الأفضل» 
1 . فبموجب هذا القانون» تتمتع المشاريع التنموية التي لا تقل موجوداتها 
الثابتة عن عشرة ملايين ليرة سورية (محولة ب#سعر الصرف السائد في البلدان 
المجاورة»» أي 1 دولار - 43/42 ليرة سورية في عام 1991)» والمرخصة 
أصولًا لدى المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس مجلس الوزراء» من بين 
مزايا أخرى. بالإعفاء من الضرائب كلها لمدة خمس سنوات إذا كانت عائدة 
للأفراد أو الشركات الخاصة: ولمدة سبع سنوات إذا كانت عائدة لشر كات 

مشتركة تبلغ حصة القطاع العام فيها 5 في المئة على الأقل. وإذا ما صَدَّرٌ ما 
يزيد على 50 في المئة من إنتاج المشروع وحولت العوائد عبر المصارف 
السورية بالعملة الصعبة. فيمكن تمديد مدة الإعفاء الضريبي ستتين 
إضافيتين 29 

(9) حصلنا على أرقام التسعينيات من مكاتب مجلس الشعب في كانون الأول/ ديسمبر 1992. 
عن أرقام السبعينيات» انظر: سورية الثورة في عامها الرايع عشر (دمشق: [د.ن.]» 1977): ص 21 -22. 


(10) المواد 4 و: و13 و15 من القانون. عن نص القانون. انظر غرفة تجارة دمشق» تشريعات 
الاستثماره ص 17 ومايليها. 


23232 


6 


الحدول (1-17) 
عضوية غرفة تجارة دمشق بحسب الفئة في سنوات مختارة 


الحد الأدنى من رأس المال في عام 1990 بالليرات السورية 


لشركات القطاع العام والشركات المساهمة الخاصة: 3 ملايين 
ل.س؛ للمنشآت الفردية»؛ 2 اماس 
0 

لأسا سم ا 


المصادر: غرفة نجارة دمشق. النشرة الاقتصادية, العدد 2 لعام 41.» ص 7؛ والعدد1 لعام 9591 
ص 61. الأرقام للحد الأدنى من رأس المال للفعات المختلفة مأخصوذة من المادة 0 الفقرة ب من 
النظام الداخلي للغرفة. 


() ألغيت الفئة الخامسة في عام 1982. 
















الحدول (2-17) 
التكاليف الضريبية على الأرباح الصافية من المشروعات 
في عامي 4 و1992 
ووو ا 


الربح الصافي (مبالغ |التكليف الضريبي (1) (نسبة | الربح الصافي بالليرة 
مختارة بالليرة السورية) من الربح الصافي) السورية 


0ؤظ1 1014 حتى 20000 ل.س 
يتجارز 0 وحتى 
20000 109 
5000 


2313 









معدل الضريبة(أ) في المئة 













تابع 
يتجاوز 50000 وحتى 
50 2014 
10000 
يتجاوز 100000 وحتى 
10000 4254 
200000 
يتجاوز 200000 وحتى 
200000 
400000 
ينجاوز 400000 وحتى 
200000 26227 
6000000 









يتجاوز 600000 وحتى 
40 
#0 
يتجارز 2000 وحتى 
0 252 2664 
11000 
6000000 2014 يتجاوز 1000000 


المصادر: عن أرقام عام 1974» انظر غرفة تجارة دمشقء النشرة الاقتصادية؛ العدد 2 (آب/ أغسطس 
9» ص 25. عن أرقام عام 01992 انظر المادة 1 من القانون رقم 20 بتاريخ 6 تموز/ يوليو 1991 
المتعلقة بتغيير نسب معدلات ضريبة الدخل. أصبحت هذه التغبيرات نافذة في كانون الثاني/ يناير 1992. 
(أ) بما في ذلك إضافات الإدارة المحلية والمدارس والدفاع الوطني والمجهود الحربي. 


يمكن استنتاج صعود رجال الأعمال وقيامهم بدور أكبر في اقتصاد القطر 
من الجدول (17 -3) الذي يشير إلى توسع ملحوظ منذ عام 1986 في حصتهم 
من القيمة الإجمالية للتجارة الخارجية المسجلة في سورية. وإذا ما افترضنا 
صحّة الأرقام الواردة في الجدول؛ فقد تقلّبت هذه الحصة في السبعينيات 
صعودًا وهبوطاء بقدر ما يتعلق الأمر بالمستوردات» وهبطت في النصف الأول 
من العققد التالي» لتصل إلى مستوى قياسي في الانخفاض يبلغ 8.3 في المئة 
في عام 1984» لكنها ارتفعت لاحمًا لتصل إلى ذروة بلغت 65.3 في المئة في 
عام 1995» أما في ما يخص الصادرات». فكانت الحصة عمومًا في اتجاه هابط 
بعد عام 1973» باستئناء عام 1976» لتصل إلى حدها الأدنى في عام 1985 
مع 7.6 في المثة» لكنها ارتفعت ارتفاعًا لا بأس به بعد ذلك» لتصل إلى 48 
في المئة في عام 9. غير أنَّ الأرقام المتعلقة بقيمة الصفقات التي استندت 





23214 


إليها هذه النسب لا يمكن تفسيرها تفسيرًا دقيقًا نتيجة عدد من العوامل؛ منهاء 
على سبيل المثال لا الحصرء صعوبة تحديد أثر التضخم”''"» وميل بعض 
التجار» على الأقل» إلى المبالغة في قيمة صادراتهم على أمل زيادة حصولهم 
على رخص الاستيراد والشك في ما إذا كانت مجموعات الأرقام الرسمية 
للسنوات المختلفة قد أخذت في الحسبان استخدام أسعار صرف مختلفة 
لصفقات الحكومة وصفقات القطاع الخاص منذ عام 221981. 


على أي حال؛ لا شك في أن رجال أعمال القطاع الخاص كانوا يمضون 
قدمًا في التجارة الخارجية منذ عام 1986 فصاعدًا. وكانت لهم في التجارة 
الداخلية ‏ فى تجارة التجزئة ‏ حصة الأسد على طول الخطء أو كما عبرت 
صحيفة تشرين اليومية الحكومية عن الأمر في عام 1985: «إن قانون العرض 
والطلب هو السائد على أوسع نطاق». وتابعت الصحيفة» متسائلة عن فاعلية 
الآلية الرسمية في ضبط الأسعارء لتؤكد أن «الوسطاء هم سادة الموقف. 
أصحاب الكلمة الفصل في أسواق الهال». وأضافت تشرين «ولا تتعدى 
المسيافية السكرمة فى عازه المفرّق نسبة 7 في المئة2'24 من كامل تجارة 
التجزئة. لكن؛ كما هو واضح من الجدول (17 - 4)» فإن القطاع العام ما زال 
مسيطرًا في الصناعات التحويلية» إذ تتركز أهمية رأسماليي القطاع الخاص في 
الصناعة الخفيفة أساسًا. علاوة على ذلكء تبقى الصيرفة وتجارة الجملة فى 
القمح والقطن حكرًا على الدولة. ْ 

كان الاعتماد في محاولة تحديد مدى تقدم رجال الأعمال من القطاع 
الخاص في السنوات الأخيرة متركرًا إلى الآن على الإحصاءات الرسمية التي 


(11) استنادًا إلى البنك الدولي» كان معدل متوسط التضخم لفترة 5 -1992 19.4 في المئة: 
.19 ,م ,(1993 ,لهدظ قامم/ما :. .2 ب«ماوستطعة/؟) 1994 كمانق زجه8 0ل«1!6 776 بعلصد8 لأرمنزا 
(12) وضع لمعظم مستوردات القطاع الخاص «سعر مواز» قي عام 1981» يلغ في متتصف 
الثمانينيات 1 دولار - 40أة ل.س. وبعد عام 21988 عندما خفض سعر الصرف الرسمي من 1 دولار - 
5 ل.سء «السعر السائد في البلدان المجاورة» (1 دولار - 42/ 43 ل.س في عام 1991)» والذي 
لم يكن بعيدًا عن سعر السوق الحرة (1 دولار - 50 ل.س في السنة ذاتها)» كان يستخدم لجزء معتبر 
من معاملات القطاع الخاص. 
(0) تشرينء 22/ 6») ص 4. 


كس 


لا تقدم مؤشرات دقيقة تمامًا عن المكاسب الحقيقية في مجال التجارة 
الخاصة. على الأقل لأنها لا تعكس النمو الاستثنائي في حجم الاقتصاد غير 
المنظم» أو السري أو ما يوصف أحيانًا على لسان الدمشقيين بأنه «الفرع 
الرابع من التجارة» أي التجارة بالمواد المهربة*". أما مدى انتشار هذه 
التجارة فيمكن استنتاجه من ملاحظات أبداها مسؤول سوري في عام 15285 
في ندوة نظمتها جريدة تشرين» إذ قال: «هناك على ما أعتقد إحصائيات لدى 
إدارة الجمارك تشير إلى وجود قرابة خمسين ألف مهرّب فى القطر». وأضاف: 
«وربما لا يقل عدد الذين أصبحوا فى عداد المليونيرات عن عشرة آلاف 
شخص)»)”". وهناك رأي يتفق مع هذه الملاحظات» ويقوم مثله على الاحتمال» 
ورد في تقرير غير منشور أعده عدد من الخبراء الاقتصاديين في عام 1987. 
ومفاده أنّه ليست هناك تقديرات لحجم الاقتصاد غير المنظم» لكن هناك قناعة 
بأنه يتجاوز 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي»؛ وربما أكثر بكثير©". 


الجدول (3-17) 
قيمة المستوردات والصادرات المسجلة للقطاع الخاص وحصتها النسبية من 
مجموع قيمة المستوردات والصادرات المسجلة فى سورية,» 1995-1972 


قيمة مستوردات نسبة حصة القطاع | قيمة صادرات القطاع نسية حصة القطاع الخاص 


القطاع الخاص(أ) من مجموع قيمة الصادرات 


بمليارات الليرات 
السورية) 





(14) الفروع الثلاثة الأخرى هي التجارة الداخخلية والخارجية والترانزيت. 

(15) د. فهد الخطيبء معاون مدير الأسعار في وزارة التموين» تشرين» 29/ 6/ 1985» ص 4. 

(16) الكاتب الرئيس للتقرير هو د. نبيل سكر. عنوان التقرير #نحو اقتصاد اشتراكي متطور في 
القطر العربى المسوري. اقتراحات لاستعادة التوازن إلى الاقتصاد وتأسيس إدارة اقتصادية لامركزية» 
(بالعربية)» دمشق؛ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987. المقطع المقتبس من القسم الأول» ص 9. 


216 





المصدر: الجمهورية العربية السورية؛ المجموعة الإحصائية لسنوات مختلفة. 

ملاحظة: لا تتضمن الأرقام بالطبع قيمة المواد المهربة. 

)0( أرقام مدورة. 

(ب) كان سعر الصرف الرسمي في عام 1972 هو 1 دولار مقابل 3.80/ 3.82 ل.س.ء وارتفع إلى 
0 656. ل.س في عام 1973, لكنه انخفض إلى 3.90/ 3.95 في عام 1976 وإلى 11.225 في 
عام 1988؛ لكن كانت تستخدم أسعار صرف عدة لصفقات القطاع الخاص منذ عام 1981 فصاعدًا. 


337 


الجدول (4-17) 
قيمة إجمالي إنتاج القطاع الخاص الصناعي بالأسعار الجارية» وحصتها 
النسبية من قيمة مجموع الإنتاج الصناعي الإجمالي في سورية 





المصادر: الجمهورية العربية السورية», رئاسة مجلس الوزراء» المكتب المركزي للإحصاء: 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1972» ص 8 المجموعة الإحصائية السنوية السورية 
لعام 1984 ص 8 -189؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 6 ص 210 -211؛ ع 


2358 


يا 


- المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1990: ص 171-1770؛ المجموعة الإحصائية السنوية 

السورية لعام 1991. ص 170 -171؛ المجموعة الإحصائية لعام 1992. ص 170 -171؛ المجموعة 

الإحصائية السنوية السورية لعام 1994. ص 171 - 173؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 
6» ص 182 - 184؛ الجمهورية العربية السورية في أرقام, 1974 - 1975 (1976): ص 14. 

(أ) في عام 1970» كان سعر الصرف الرسمي هو 1 دولار مقابل 3.80/ 3.82 ليرة سورية. وبين 

عامي 1979 و1987 كان 3.90/ 3.95 ل.سء ومن عام 1988 حتى الوقت الحاضر هو 11.25 ل.س. 


(ب) غير متوافر. 


ليس مفاجنًا أن وكالة الأنباء الفرنسية ذكرت يوم 23 حزيران/ يونيو 
8- إذا ما كانت إحدى صحف المعارضة صادقة مع قرائها ‏ أن عملة 
سورية ‏ قدرتها الدوائر الاقتصادية اللبنانية بما يراوح بين 50 و90 مليون ليرة 
(تقريبًا بين 1.4 و2.6 مليون دولار) كانت تنساب يوميًا عبر الحدود السورية 
مع لبنان» وكان كثير منها يتتهي في القسم الشرقي من بيروت حيث لم يكن 
للجيش السوري أي وجود. وكان جزء من هذه الأموال المهربة يمستخدم 
لشراء سلع استهلاكية» بما في ذلك السلع الكمالية» من الأسواق اللبنانية بغية 
نقلها النهائي إلى سورية خلسة. وكان جزء آخر يحول إلى عملة صعبة» ويودع 
في حسابات مصرفية أجنبية مخصصًا لتمويل مستوردات محظورة إلى سورية 
من أوروبا والشرق الأقصى. وكان ما تبقى من عملة يبادل» كما يقال» مع 
سبائك ذهب لغايات التجارة السرّية مع تركيا”". 


من الصعب تحديد «المعلمين» الكيار في عالم المهربين السري 
والملتوي والمنيع على التراجع على ما يبدو لكن سوريين حسني الوطلاع 
يؤكدون أن بعض رجال الأعمال» من بين الفئات التي وصلت إلى الثروة 
مؤخرّاء متورط» ليس على نحو مباشر بل عبر عملاء محترفين ممن لديهم 
عصابات مسلحة رهن إشارتهم» وكذلك قوافل شاحناتهم وسلاسل 
مخازنهم ومخابئهم» ما داموا يحصلون على مكافآت مجزية. ويقال أيضًا 
إن رجال الأعمال هؤلاء ماهرون في التغلب على الصعوبات وإن لهم 


(17) استنادًا إلى ما زعمت جريدة سورية الحرة؛ الناطقة باسم التحالف الوطني لتحرير سورية» 
العدد 6/ 10/ 1988» ص 8. أنه ترجمة حرفية لنص تقرير وكالة الأنباء الفرنسية. 


2309 


شركاء غير مذكورين في وظائف عليا في الجمارك وفي أجهزة الأمن 
والاستخبارات29, وفي عام 1981. قام عضو في مجلس الشعبء كان 
مطلعاء كما يبدوء على خفايا التهريب السرية؛ بإطلاع زملاثئه على تقسيم 
العمل الجاري في هذا السلك. وأشار إلى تخصيص وظائف معينة ‏ كتأمين 
الطرق أو شراء السلع الممنوعة أو نقلها أو توزيعهاء ورشوة موظفي 
الجمارك ‏ بمجموعات متخصصة ولكنها تتكل بعضها على بعضر29. 
وأدخل اقتصادي سوري محترم شركات تبغ أميركية لم يسمّها في العملية: 
إذ زعم أن تلك الشركات تعوّض للمهربين في تجارة السسجائر خسائرهم 
التي يتحملونها نتيجة مصادرات موظفي الجمارك””2. 


أما في ما يخص أساليب المهربين وحلفائهم» فيكفي أن نذكر ‏ كما 
ببّن عضو مجلس الشعب الذي استشهدنا به للتو ‏ أن رئيس مفرزة 
جمركية كان يعيش تحت التهديد بالقتل» ولم يكن «يجرؤ على الخروج 
من بيته) لأنه صادرء من دون أن يحسب حسابًا للمخاطر» شاحتتين 
محملتين ببضائع ممنوعة» واحدة على طريق طرابلس - حمصء والأخرى 
قرب مصياف». ورفض عرضًا ب 100 ألف ليرة سورية لفك إحدى 
الشاحنتين المحتجزتين210, 


غير أن الموظفين الكبار لا يبدون مجتهدين أو متحمسين في مكافحة 
المهربين مثل هذا الموظف المتوسط سيئ الحظ. إذ أقرٌ الأسد في مقابلة في 
عام 1993 أن «التهريب مشكلة»؛ لكنه أشار على نحو غير مباشر بأن لسورية 
حدودًا طويلة» وألح على أن نظامه قد أحبط عمليات كثيرة من جانب التجار 
السرّيين» وأن محاكمه أصدرت أحكامًا قاسية على أولئك الذين تمكنت من 


(18) أحاديث في أعوام 1990 و1992 و1994 مع سوريين داخل سورية وخارجهاء لم يرغبوا 
في ذكر أسمائهم. 

(19) مداخلة إدريس عباس في جلسة لمجلس الشعب عقدت يوم 22 شياط/ قبراير 1981» 
الجريدة الرسمية» العدد 16 لعام 1982.» الجزء الثاني الفصل الثالث» ص 78. 

(20) د. رزق الله هيلان (أستاذ في الاقتصاد في جامعة دمشق)» باقة منزلية: خواطر في السياسة 
والمجتمع (دمشق: مكتبة ودار توزيع ميسلون. 4 » ص 28. 

(21) الجريدة الرسمية» ص 78 - 79. 


400 


إلقاء القبيض عليهم. وأضاف الأسد أنَّ المهربين مسلحون عادة وعنيفون» وأنَّ 
صدامات كثيرة وقعت بينهم وبين قوات الأمن خلفت خسائر في الأرواح 
لدى الطرفين2©. لكن هناك شكوى تسمع على نحو متكرر في دمشق» وهي 
أنه في حين تنقض الحكومة» من حين إلى آخرء على المهربين الصغارء فإنها 
تميل؛ إلا في حالات قليلة» إلى إغماض عينها عن أعمال المجرمين الكبار 
ذوي الصلات بأصحاب النفوذ» تاركة إياهم بلا عقاب. وفي هذا الخصوص» 
عندما رفع مندوب إلى المؤتمر القطري لحزب البعث في عام 1985 مسألة 
منع السوق السوداء اللبنانية» وقفت سيدة بعثية» على ما يقال» وتساءلت بجرأة 
كيف يمكن منعها في حين يعيش اجميع الحاضرين» عليهاء «مستجرة ضحكة 
من الأسد2200. 

يبقى أن نفسّر قدرة رجال الأعمال الحقيقيين» على الأقل» على التأثير 
في الحكومة ودفعها باتجاه سياسات ذات حساسية إزاء حاجاتهم 
ومصالحهم. وهذا ما أثبتته التشريعات المحابية لهم التي سلطنا عليها 
الضوء آنا في ما يتعلّق بكثير من المسائل التي تحظى بأهمية قصوى 
بالنسبة إليهم. 

على الرغم من أن الاندماج المتزايد الذي شهدته السوق العالمية 
والتغيرات الأخيرة في ميزان القوة العالمي كانا عاملين مساعدين مهمين» فإن 
أموال رجال الأعمال هؤلاء تشكل سندًا مباشرًا لنفوذهم؛ ومعظم تلك 
الأموال مدّخر في حسابات مصرفية أجنبية بعيدًا عن متناول الحكومة التواقة 
إلى اجتذابها من جديد. ولا سيما في السئوات التي تتناقص فيها المساعدة 
أو في معظم الثمانينيات عندما نضبت المعونات تقريبًا من دول الخليج 
العربية غداة تحالف الأسد مع إيران الخميني. انسجامًا مع ذلك؛» كان رأس 

(22) أجرى المقابلة الكاتب البريطاني بائريك سسيل. نشر نص النسخة العربية من المقابلة في 
الوسط (لندن). العدد 67 10/ 5/ 1993. المقطع المقتبس موجود في الصفحة 20. 

(23) حصلت على ذلك من مصدر موثوق» لكني لست مخولًا الكشف عن اسم مصدري. 


401 


ال يد 


221 أكبر من ذاك الخارج منها. واستنادًا إلى مصادر رسمية» بلغت 
الاستثمارات الجديدة داخل البلد بين أيار/ مايو 1991 وآب/ أغسطس 
2 1.6 مليار دولار» ووصلت. في المتوسط. إلى نحو 3.76 مليارات 
دولار في عام 1996» ومعظمها من سوريين لكن جزءًا منها من أجانب. وقام 
ببعض تلك الاستثمارات مغتربون سوريونء يقال إنهم يتحكمون بما بين 50 
و60 مليار دولار25. 

هناك تفسير لنفوذ رجال الأعمال لا يقل أهمية عن التفسير السابق» ألا 
وهو نجاحهم في التغلب ثقافيًا على كبار الموظفين في مؤسسات الدولة 
الأساسية» وهذا ما تمثل في تشريبهم روح الكسبه التي تحركهم هم 
أنفسهم» واستغلال تعطشهم إلى المال إلى درجة ليست بالقليلة. ووجدت 
هذه العملية أساسًا واسعًا لها مع دخول النظام في حالة من الضبابية 
الأيديولوجية. وفقد كثير من عناصره حسهم بالهدف. ومنذ وقت مبكر 
يعود إلى عام 1977» نما الفساد نموًا مفرطًا إلى حد اعتبر الأسد معه أنه 
من الضروري إنشاء لجنة للتحقيق في الكسب غير المشروع مخولة 
بمعالجة أشكال الرشوة كلها أو سوء استخدام السلطة» وبهدف النأي بنفسه 
عن هذه الممارسات؛ اغتنم المناسية ليتبرع للدولة ب«بعض من قطع 
الأرض» التي «انتقلت إلي بالوراثة وب«بيت في دمشق اشتريته في عام 
4 وكانت الدفعة الأساسية من ثمنه... هى السلفة التى أخذتها من 
المؤسسة العسكرية0. لكن بعد سئة من :ذلك» تذمر عضو من مجلس 
الشعب من «تمككّن تجار القطاع الخاص وسماسرتهم» يطرقهم الخاصة» 
من استمالة الكثيرين من مسؤولي القطاع العام22700. وفي عام 2©0©» شعر 


(24) عن هذا القانونء انظر:؛ ص 386 - 388 

(25) عن أرقام 1992-1991 في الفقرة» انظر: ,8/1992 ,اعمط ارملعارار/ع ملا 

بحسب تقدير آخر» وارد في: 24/1/1992 )عمط «مني:51ت11» فإن رأس المال الذي يملكه مغتربون 
يبلغ 75 مليار دولار. وعن رقم 1996» انظر تصريح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في سورية في 
البعث. 3/28/ 1997. ص 11. 

(26) خطاب الأسد بتاريخ 18 آب/ أغسطس 7 والحجريدة الرسمية» العدد 47» 
8 ”© ص 13-12. 

(27) كلمة ألقاها نجم الدين صالح؛ الجريدة الرسمية؛ العدد 49 27/ 11/ 1978 الجزء الثاني» ص 71. 


402 


المؤتمر القطري السابع لحزب البعث بأنه ملزم التوصية بغربلة الرفاق 
الذين تتجاوز أصولهم المنقولة والثابتة نصف مليون ليرة سورية وتطبيق 
مبدأ «من أين لك هذا؟» عليهه”*2. لكن من الواضح أن هذا كله لم ينفع 
إلا قليلًا. وفي عام 1985» استنكر المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث 
«ظاهرة الفساد في عدد من مؤسسات وإدارات الدولة2”0». وفي عام 
7» سلط مؤتمر للاتحاد العام لنقابات العمال الضوء على الأمثلة 
الكثيرة التي تلاعبت فيها البرجوازية الطفيلية» بالتعاون مع موظفين في 
مواقع مسؤولة» بالقوانين والأنظمة©©. وسوف يظهر أن الرشوة» لا تزال 

لا حاجة إلى القول إن رجال الأعمال المنخرطين في تلك الممارسات 
بمزايا فريدة. وكلما ارتقفع موقع شركائهم الخفيين في الحكومة» كانت 
فرصهم الاقتصادية أعلى. وعبّر تاجر دمشقي تقليدي عن الأمر قائلًا: 
«المنافع التي يحصلون عليها منكرة على الآخرين؛ ما هو مباح لهم محرّم 
على)077, 

لاشك في أن بعض أعضاء طبقة رجال الأعمال يوججهه رجال 
قريبون من مركز السلطة. غير أنه يصعب في بعض الأحيان تحديد من 
الذي يشد الحبال ومن الذي يرقص عليهاء على الأقل لأن الأكثر نفودًا 
هم الأكثر مهارة في فنون الإجبار أو التقييد» لكنهم الأقل معرفة بتعقيدات 
الاقتصاد أو إدارة المال. وعلى أي حالء. فإنّ هاتين الفثتين تغتنيان على 

(28) حزب البعث العربي الاشتراكي؛ «مقررات وتوصيات» 1971 -41985)؛ ص 36. 

(29) حزب البعث العربي الاشتراكيء القيادة القطرية: تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته: 
التقرير السياسي والتقرير التنظيمي» التقرير السياسي؛ ص 12 

(30) الاتحاد العام تئقابات العمال؛ مؤتمر الإبداع» ص 23. [لم أعثر على هذا الاستشهاد في 
الصفحة المذكورة من.الكتاب والمتضمن وقائع ذلك المؤتمر ولا في الصفحات المجاورة لها 


(31) حديث مع المؤلف, 17 كانون الأول/ ديسمبر 1992. 


403 


بالطبع ليس شراء رجال الأعمال لأشخاص في السلطة أو يتمتعون بها 
ذلك الشيء الخاص بسورية. يكفي» في هذا الخصوص. أن نستذكر ملاحظة 
ذكرها منذ وقت غير بعيد شسخص مطلع في واشنطن وملاحظة أحدث عهدًا 
أعطاها أحد أعضاء جماعات الضغط في بريطانيا. فقد لاحظ الشخص المطلع 
في واشنطن أن «القوانين» في الكونغرس الأميركي «لا تسنء بل تشترى في 
حالات هي من الكثرة بمكان22. أما نصيحة رجل الضغط فقدمت إلى 
أجنبي يعاني صعوبة في الحصول على موافقة لشراء محلات هارودز المشهورة 
فى لندنء إذ قال له: «أنت بحاجة إلى استئجار عضو فى البرلمان تمامًا مثلما 
تستأجر تاكسي في لندن!626. ١‏ 


(32) ما موسرم إن مت 1ل! 5 «عوتكم[ و4 ا[إمسرهط رماع جاأعه1! 7116 جتعهء8-تعامانلا .2 امعطم 
.47 .م ,([1972] ,أتقناك5 سآ :.1 .آ73 ,كناءعنتهعع5) انرءبربمء 20 


(33) عن مسألة هارودز ومشاركة مشرعين بريطانيين وأعضاء في حكومة رئيس الوزراء جون 
ميجر (119(56 3088): انظر: 4 راعوط «ماوااناكم1! 


4014 


7م 


الفصل الثامن عشر 
تنظيم السلطة في النَسَّق الثاني من نظام الأسد واتسام 
هذا التنظيم من بين صفات أخرى بسمة أساسية من 
سمات الحياة الفلاحية 


الغريزة الأؤلية تجاه العائلة والعشيرة وأثرها 

شكلت العائلة وامتداداتهاء بدرجةٍ أقل (العشيرة والقبيلة) وحدات الحياة 
الأساسية في معظم القرى السورية على مدى زمني طويل جدًا. ومن وجهة 
نظر الفلاحين في تلك القرى؛ فاقت روابط الدم والزواج في أهميتها الروابط 
الاجتماعية الأخرى كلّها. وتمتعت الجماعة القائمة على القرابة» بالنسبة 

» بسلطة معنوية أعلى من تلك التي للدولة التي ما كانوا ليثقوا بها أساسًا. 
28 هذا الشعور قويًا على نحو خاص في جبال العلويين والدروزء ولا سيما 

في العصر العثماني. وكانت القرابة هي الوحدة التي اعتمد عليها الفلاحون 
في المقام الأول من أجل الحماية في أزمئة الخطرء ولولا المساعدة المتبادلة 
التي أمّنتهاء لكانوا عانوا صعوبة في درء خطر الجوع في سنوات الجفاف 
القاسي. 

امتد الشعور حيال العائلة والعشيرة» لدى كثير من العلويين» ليشمل 
كامل الطائفة العلوية» ليس بسبب الروابط التي ولدتها معتقداتهم الدينية 
المشتركة أو العجز والاضطهاد الذي عانته الطائفة على مدى قرون 
فحسبه بل أيضًا نتيجة إيمانهم بأن العلويين كانوا في الأصل قبيلة عربية 
واحدة. وكما عبّر الدكتور أحمد. ابن سليمان الأحمدء؛ وهو إمام علوي 
بارز راحل حمل لقب «خادم آل البيت»» فإن العلويين «يجمع بينهم قبل 

405 


كل شيء وبعد كل شيء»؛ قربى النسبء فجميعهم تقريبًا أبناء عمومة 
يتحدرون من سلسلة نسب واحدة». وأضاف «وما كان لهم إلا أن يتوزعوا 
أفخادًا وبطونًا على غرار القبائل العربية»”©. ولا يهمّنا هنا أن تكون هذه 
الملاحظة متفقة مع الحقائق التاريخية. ما يهم هو أنها تعكس ما يؤمن به 
كثيرون من العلويين» ولكن ليس جميعهم. ومن الضروري أن نضيف أن 
كثرًا من المزارعين العلويين في ساحل اللاذقية وسهل بانياس كانواء على 
مدى أجيال سابقة ة عدة» بلا عشيرة» وأن الروابط العشائرية في حالة 
العلويين الأصغر سنا والمتعلمين» حتى أولئك الذين تعود جذورهم إلى 
الجبال» تشوبها درجات شتّى من التفكك. والحقيقة أنّ بعضهم فقد آثار 
الارتباط العشائري كلها. 


تركت الغرائز الأوليّة تجاه العاتلة والعشيرة والطائفة لدى كثير من 
العلويين» ولا سيما كبار السن منهم, أثرها في هيكل سلطة الأسد إلى 
هذا الحدّ أو ذاك. وكما هو واضح من الجدولين 1-18 و2-18» كان 
من العلويين ما لا يقل عن 613 فى المئة من الضياط ال31 الذين 
انتقتهم يد الأسد بين عامي 1970 و1997 ليحتلوا المواقع الرئيسة في 
القوات المسلحة والتشكيلات العسكرية النخبوية وأجهزة الأمن 
والاستخبارات. وكان ثمانية من هؤلاء من عشيرته الكلبية» وأربعة من 
عشيرة زوجته» الحدادين. 

كان سبعة من بين هؤلاء الاثني عشر منتقين من أقرباء الأسد المباشرين 
بالدم أو بالزواج» وكان ثلاثة منهم ‏ شقيقه رفعت وابن عم زوجته عدنان مخلوف 
وابن عمته شفيق فياض - يقودونء أو ما زالوا يقودونء أهمّ وحدات النخبة 
الضاربة» وتحديدًا سرايا الدفاع التي شكلت الدعامة الرئيسة لنظامه بين عامي 
1 و1984.» والحرس الجمهوري الذي أصبح أحد دعائمه الرئيسة منذ عام 
4 فصاع ذاء والفرقة الثالثة المدرعة التي كانت تستخدم منذ عام 1978 
بوصفها قوة احتياطية لقمع أعداء النظام في الداخل أو معاقبتهم. إضافة إلى 

(1) د. أحمد سليمان الأحمد؛ في مقابلة مع تمام البرازي نشرت في الوطن العربي (باريس)» 
5/ 8/ 1988. أشكر البرازي على تزويدي بالنص. 


406 


29 6 تتصم وكيم جه دل 


تورك صب 
تسبي “كن وعم وكيم 


جر“ م جوم نرووج سكن كاك 
تضم 1466 جو كس مؤميم 6 


جح عب صمسم ص كع ممم 


كسك كت ربح لص كا وج ْ 
لصم موصي حشوم فوم عم 


بي تب« لسك ينك 


407 


61م -]896 نويع ممع 





0261-46 
دج كزجحم 6 يعر وض © تيمم يوسم جي مجم 6 يمسم جم كيم “كر يمستوكم فل ددم ريعي كتوم لكل ميحج ]| 


(81-1) مكعكم 


ن1قهطجة 


408 


0ك عتم ف جيم حت كسم 
يخس رسيم قوسم وما 
رصيو شي «ومبكيم 
وكتبى لوجم 66 6م 

رمم كيم ينبي جل مي 
كن و جسم “تبي كسم وبين 


مس بهبع 
مووود “ جدام قبع 
جود كر نوت *أيور "جما 
فى سي ل بن 


جه 
مكو كم “مر رمم 
حدر تييع لتب كين سم قل 


5 

عم ويه م 82601 - ]6ع 5 
وكام اكيم متكي فوم 66 
6 ذنصمعق- رومن مجعم 
نجهم يلسم بعتو ضر مركي 
ليع خموم ستو 1 مع ع - 1 6ع ] 
ديقكضم كم لو 

ضوعن د كنم (ككم عون ور 


ميل 


كمه “إئز قبل وب مو جوم 


ميعز م م 86611 -ام6عم 


تجوكم “تمي ذر وعم - 0661 
ب كوسسم جسم سيم 
تيمر 

م مكعم لم سيكو ذو 

يسم مع م شي لمعب وحم اتبتشسمع 
مص * فوم 6م وصل 


قانع - ]6 ع2 تمويع] كتوم 


ع 0 





409 


رري عمسم “كر جم 
كت امم كنم التي ماي 


كبس “و6 ووم برو ل 


متم بت تحسم 

امجيس مب التو بكي 
دكسعصة مرك مك دجوي جم 
مركب كص جز مو 66د 
صرسيم عب “ترص يلطم لوكي 
عرو نروعح معدي “كي 86ع 
وى سرس لي بتكطم لوكي 
مو ضوع ويقس وي جم رك صسم 


ونم بجت وو جوم ف رووع 


لي صيك كسم ع 61 1 ذم 


وى لمم 8661م م موعن دككم 
جا جسم 6,5 زع 6ع 0 - 0961 
دي كسم ص جسم لتر شوو 
صاصم “ل ميم 

حرسي ف ويم 1 6و0 - رعو 
بترم “66 جوع 0661-9 


مرصصم ج لجسم كارن 


رمعدى) ذف ووم 





صر يم حي ررحم وه لسوعع 
ليو م يسم صمويم 
يمرل ناعير ممم بين 


410 


بم و 
مسن حر لصحم دوع ] 


ذخ خبي وصسو كوو 

عي يق مسر ميم وعمته 
ممح ممع | ليشيم ضحي | لكام 
ونكت «إيم تكن ولكترسم كبيس 
بيع يمو ومسرام 
مركم “تمر موده ييذن 


نقطة 20176 


مو عي 

ف قم ميل بترو جوم 686619 
اعوط ري 6ت يتسيعر مم 
ستو مر وو بحت 1 261-286 ] 
فوس قك” مور 11 مم0 - رهوو 
كتممسيم © واكم لي ومن تيم 

ني ينم لومي 6 يس 

بجعم قر امترريسم 0 كبس وو 
جم عع سكت ار ات ري 
ركيم بجح يضتم وموم لبي 
سرشى حر يريت وج تبتيسجم) 6150| 
مو» "م عم جوم وميا 
ارم واس يمس 
“و حبكي وي كسمم يتوكيم ا 

ع خم م 8861 17 


اموع “ى صم حرمص كن ميم 





411 


م يدم م يم 
لي مس اباي و 
مستبم “سيق ار م امد كم وبيتي 


يي من مومسم 
بيع ومو الت مج ينك 


ليو عن سم ويم 
ل ا 


كن وو كتيصم ب68 ضمر خم 


كسمم لح صم 

جسم لوصح م مر مورك 
كوم مسيم كسم وكيم 
كستي نوم “6 6 كسمم 
زيمم سوم و مبيسي 
حسم | بكس ولج 615 2ج 
ذم عب بكوسمم جك جسم توم 
امع لد ؟ صم 


6# ممصت ور مقع - 0261 
و حسم لي توم 


امومع فص عب ركسم ترك موي 


461 6-]26و تدر 
ص مجعم كام” 1 6م 9961-9 


دي كسمم يي ابجع متي 


فقوف روس انون 


ام لب ري 





412 


كوم ري 

لبقن مو جز مره «وعيو 
تدك “كن جسم وكيم 
يعم تسب بد كم يجن 
دي م يسم 

بيع توم “سايم ينك 


2 من موسر 
ع ل 


(ليسي مد 
4 كن ويم تومه 


0 ممم كسسم تم مج رونك 


تتم 


مرسصيم عبن بصم حر ممم 


حي ريرم ميم وك صتوع 


رومع دكمم 

فوم ج كيك يت كسم ليت عرو 
661 لو عب عوكما 

“توم ووم مع - مومع وص ترسمر 
0و ميس «جوويع توم مكيا 
خكوم نومع 8 - ومو دمجم 

ف بتكم فم جك ف ركسم 
رتعز عمو نامع 0461-5 

دجس صم وكسمر برجم بوك عرو 
مم 

توي ع “كه 'أم سم ) اقعع 
كتج ل كرما مم بابتيمسم | 
حم صو م كسم 

يوم صركوم فين كسم يي عرو 


رمي 


بو لسميم مني 





ديو م صم متيس مسن 


بيع “تور تسم رونو | حجن جه 


4113 


لي ل الو 


عون “كن متيعم بكم 
تيمل تمس عي م جد كم بيذي 


نقطةه 101 


يه 

رطع بصم رووج - رومع ل في 
بطصز شر جو م “ىم 611 م8 
ل عي ويتس رحس يتحر لجاب6 
ينيج لل روي يم ريو جوم 
عام ”7 تو نرة 4 8- اقيع 
مصخصمر وروكسم) تحبسر بوي مور 
شمن 

بيجب تي ليم حر ركيب فو 
يستر) وسرمه امم مود 3د 
ص فضحر جوم ووم نكس ص 
نعي آنا مكيدي الماك ل 
مقرم “و ورووع 6#6* رج كه 
١مس‏ ومع لك وميم 
كسم موي 1 6ع 2461-6 ] 


دوس تركس مويو شوم 





414 


يمس د 
>4 قدا بكيم تومه 


دل متت ع محم كته بع نيه 


لي م مويسم 
بيع تيمر “تيج بنك 


يي م سم 
ابيع “قومرم “تيم بين 


بقعم عكر ص وو ل 


ليمي مد 


4 فين وحبيع يتور 


ذل متم ع كسمم تايمسم بين 


0000 


عبت يكنم وكيم ص كيس تع 


كك وحم 
كس مجم 2 550 28613 
لوي عي رمسم صمي صتوع 


ا 
سمه بوص 1 86م - 2861 


ص ص ممم ات 


+)56+-461<ه 


ممم ص كصصسم كتمم 


معو ل عي ترخس رمم 
كم *كريع وك عور 


2 

وذ ) 6ب يو كب 
جصب) مصتعم 66 
: |6 ممم تمي 


(مخمو )ع 06 2 





415 


2661 لي صبحيى 
0 كرا رمو “ل كسم لوكس لوو 


| وى ضرم يسم يبتو مني 

١6عء‏ 1 مجن خ كسمم جك مم 
ع كتوم ةيصعم حي ببحم 

3 ينيب ا يستم) يشوهمب 


2861-61 
سمو 
جونجم ل يكيم روم جل صصص جكصسم كبن 


() مدر قبي 





كرك عم فوم حي م بوسر كم موسيم 
«اكتببييس ل بسي ل جك بجت “يتوم جكس لمبك “كس معطم تلو يحتسم رج تبي لمجسبيصم) لت كسس لك قتي ممصم لست و :6 سيم 


كعم لصم “سم ون 6611م 


لي عد مصصم جومم على 

موسيم اكيم يم ريستو 

ييحي بن معن لد ف 

صوييع] توم ساس بيناه 1 ْ سن مص صر جر لطب ركم دي 
د كتمم حش جيتس م لكل لمي عم لحري 

م كم بمخرسم 

كن جسم سبي م ِ لق عن اي ل ني اوريس 


416 


نتمم مص ويك رخ عب روصم جح مص موي 
م وم مي صمتو بتمسسمم 

عو نووم كتج 2ه مكو ١‏ 
لع ف وض هد وو» يه 
إموع حم ذل يوسم ممم 
كك متكس جك جاب يتعيمب 
وبقكطم كي ف تو يتوم 
سمب ف لمم كي جعميث 


صم 
بيع يج لتم كج ينك 





ن 1ق هو طداة 


الجدول (2-18) 
ملخص الجدول (1-18) 





8 





مسيحيون 1 نحو 2010 أقلاحون مالكو أرض 
صغار 


طبقة الوجهاء الريفيين 
أو القرويين الأقل شأنًا 


الكلبية (عشيرة الأسد) 42.1 وجهاء فلاحون مالكو 7 
أرض صغار 


وجهاء ريفيون دينيون 


مالكو أرض صغار 


مختار يلدة ريفية يعمل 
بالتعهدات 


٠. 
ىر‎ 
سس‎ 
0 
20 


8 
َ 
2 
ع 








الرئيس) 


3 3 


وجهاء ريفيون مالكو 
أرض متوسطون 
وجهاء ريفيون ديئيون 


مالكو أرض متوسطون 







حمر 


3ب 





(ب) 11 علويًا وسئّان. 


١ج(‏ جميعهم سنة. 


ذلك. أدَى ابن الرئيس البكر باسل دورًا رئيسًا في الحرس الجمهوري منذ عام 
7 تقريبًا حتى وفاته في حادث سيارة في عام 1994» وأَدْخْلَ في برنامج 
مهم لإعداد الضباط القادة» وفيه يتلقى شباب مختارون بعناية تعليمًا متقدمًا 
في مجالات متنوعة على نفقة المؤسسة العسكرية» ويَعَدُونَ بوضوح ليخلفوا 
الجيل الحالي من القادة في القوات المسلحة. وتولى ابن آخر من أبناء الأسد 
هو بشار ‏ كما سيظهرء دور أخيه في الحرس الجمهوريء. ذل مثله 
برنامج الضباط القادة. 


طبقة الوجهاء الريفيين الأقل شأنًا والحلقة الداخلية الضيقة 
في قيادة النظام 
تحدر ما لا يقل عن 11 (57.9 في المئة) من العلويين التسعة عشر الذين 


شغلواء أو ما زالوا يشغلون؛ المواقع على هذا المستوى من هيكل السلطة من 
طبقة الوجهاء الريفيين أو القرويين الأقل شأنًا التي كانت تملك مساحات 


418 


صغيرة أو متوسطة من الأرض» وتتمتع » على الرغم من عدم غناهاء بنفوذ 
ومكانة بين الفلاحين المحليين. ولم يتحدر إلا ثلاثة ثه (15.8 في المئة) من 
محاصصين. بعبارة أخرى» إن أغلبية هؤلاء لا تتحدر من عائلات تقع عند 
الطرف الأدنى من الدخل الريفي أو سلم المكانة. وعلاوة على ذلكء فإن 
أربعة منهم هم أبناء رجال دينء بمن فيهم علي دوباء رئيس المخابرات 
العسكرية منذ عام 4 وعلي حيدر» قائد الوحدات الخاصة بين عامي 
8 و1994., وهو أيضًا ابن أخي الشيخ أحمد محمد حيدر؛ وهو زعيم 
ديني معروف في جبال العلويين» ولا سيما بين أبناء عشيرة الحدادين» نتيجة 
أفكاره الإصلاحية. وسعى الشيخ أحمد حيدر الذي تعامل قبّته (أو مزاره) 
بالإجلال في قريته الأصلية حلّة عارة» إلى تحرير العقيدة العلوية من الخرافات 
وإلى التوفيق بينها وبين الاتجاهات الحديثة فى التفكير. ولا بد من تأكيد نقطة 
أخرى ذات صلة» وهي أن أبناء المشايخ يحتفظون بالنفوذ بين أبناء قراهم أو 
حتى ضمن الجماعة العشائرية أو الدينية الأوسع» ويحترمون من خلال 
عائلاتهم» حتى لو لم يكونوا هم أنفسهم رجال دين. وهذا صحيح على الأقل 
في حالة علي حيدر. 

سوف نعيد إلى الأذهان أن الضباط الذين تعود جذورهم إلى طبقة 
الوجهاء الريفيين أو القرويين الأقل شأنًا كانوا أيضًا راجحين في اللجنة 
العسكرية التي شكلت العمود الفقري لنظام البعث في الستينيات (عن الأدلة 
الداعمة والعوامل التاريخية المفسّرة لصعود هذه الطبقة الاقتصادي 
والاجتماعي» انظر الفصل 12). 


هل نظام الأسد طائفي؟ 


تُظْهرٌ نظرة فاحصة إلى الجدول (18 -1) أن منصب قائد القوى الجوية بين 
عامي 1 و1994 شغله دائمًا سئة» وهم على التوالي ناجي جميل وصبحي 
حداد وعلي ملاحفجي. كذلك لم يعين سوى سئة في منصب مدير المخابرات 
العامة المدنية منذ عام 0 إلى الآنء وهم عدنان دبّاغ وعلي المدني ونزيه زرير 
وفؤاد عبسي وماجد سعيد وبشير النجار. وبالمثل كان رئيس الأركان ‏ حكمت 


419 


0 


الشهابى ‏ بين عامى 1974 و1998 سنيّاء وكان مصطفى طلاسء وهو سنى أيضًاء 
وزير الدفاع منذ عام 1972. غير أنَّ ا من هؤلاء الضباط لا يملك؛ ولم يملك في 
أي لحظةء سلطة اتخاذ قرارات حاسمة أو القيام بمبادرات مستقلة. ومن الواضح 
أنهم استمدّوا سلطتهم من الأسدء ولم يكن لهم أي دعامة عسكرية خاصة بهم. 

صحيح أن بعضهم ‏ طلاس والشهابي وناجي جميل من بين آخرين - 
تمتع ضمن نطاق عمله؛ وفي المرحلة الأولى من حكم الأسدء أي تقريبًا بين 
عامي 1970 و1975» بحرية أعلى نسبيًا من تلك التي حظي بها في السنوات 
اللاحقة» ويمكن تفسير ذلك جزئيًا بالروابط الشخصية التي كان الأسد قد 
نسجها معهم منذ أيامه في الكلية العسكرية أو كلية القوى الجوية» ومساهماتهم 
في انتصار الأسد على اللواء صلاح جديدء خصمه العلوي ورجل سورية 
القوي في النصف الثاني من الستينيات» لكن العامل السببي الأهم كان الجوّ 
السياسي الداخلي المتراخي في حينه» الذي يجد جذوره في الدعم الشعبي 
الواسع الذي تمتعت به سياسات الأسد في ذلك الحين. إضافة إلى ذلك». كان 
الأسد في ذلك الوقت لا يزال منشغلًا بعملية تمتين قاعدة سلطته الأساسية. 
ل لل و لان اتناف أو 
أبناء طائفته يراقبون عن كثب السئّة فى المناصب العسكرية أو الأمنية العلياء 
وكانت لديه المصادر اللازمة لتوقع أي خطوة غير مجازة منه شخصيًا واحتوائها 
ومجابهتها. وعلى سبيل المثال» وعلى الرغم من أن ناجي جميل كان يقف 
على رأس القوى الجوية» ما كان في إمكان أي طائرة حربية أن تقلع من أي 
مطار عسكري من دون علم عملاء العلوي محمد الخوليء رئيس مخابرات 
القوى الجوية ورئيس لجنة المخابرات الرئاسية. علاوة على ذلكء كان 
المغاوير والمظليون المسجلون في سرايا الدفاع بقيادة رفعت شقيق الأسد 
يحرسون أكبر قاعدة جوية في سورية في المزة على أطراف دمشق ومطار 
الضمير للطائرات المقاتلة الجاهزة للعمل على بعد 60 كيلومترًا شمال شرق 
العاصمة. وفي الوقت ذاتهء كان العلوي عبد الكريم رزوق يتحكم بسلاح 
الصواريخ وقوات الدفاع الجوي. 

مع ذلك» شهد «زمن اضطرابات» النظام» أي بين عامي 1976 و1982 
- وهي فترة تميزت بسياسات سورية مثيرة للجدل في لبنان وتأكّلات عميقة 


420 


فى جاذبية الأسد وموجات متكررة من هجمات المقاتلين الإسلاميين القاتلة 
والانتقامات الوحشية: ولا سيما في حماه» على يد سرايا الدفاع وغيرها من 
الوحدات النخبوية ‏ اشتداد اعتماد الأسد على أقربائه وعلى الضياط والجنود 
العلويين حتى أصبحوا الحرس الذي لا يستغنى عنه لسلطته العليا. 

بعد ذلك أخذ تأثير الضباط السئة ذوي الرتب العالية» باستثناءات قليلة» 
يتضاءل شيئًا فشيئًا. ما زال طلاس وزير الدفاع» لكن وظائفه أخذت, منذ 
النصف الثانى من السبعينيات» طابعًا مراسميًا على نحو متزايد. وذلك الصديق 
العلوي من أصدقاء رفعت الأسدء الذي خدم تحت قيادته في سرايا الدفاع» لم 
كو على الرغم سن انسيازه الكامل» يعدا عن الحقيقة عندنا كنب في عام 
2 عن طلاسء «هو ف فى الجيشء وكأنه غير معدود من الجيش» فهو لا 
يحل ولا يربط. وليس له من دور فيه إلا دور الذيل من الدابة26'. 

أما حكمت الشهابى فكان ضابطًا مهنيًا بكل معنى الكلمة وعلى طول الخط. 
كانت واجباته فنية في الجوهرء لكنه بقي قريبًا من الأسد الذي كان يعهد إليه في 
بعض الأحيان بمهمات حساسة في الخارج. هكذاء عمل في لحظات معينة من 
الصراع الأهلي اللبناني» وسيطًا نيابة عن الأسد. كما مثْلَهُ في الثمانينيات» كما 
قيل» في لقاءات سرية عدة مع المسؤولين الأميركيين في واشئطن التي منع سفير 
سورية إلى الولايات المتحدة من دخولها”. وبوصفه رئيس الأركان» أجرى في 
عام 4 مفاوضات في واشنطن مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك الذي وصفه 
بأنه «مُكِبٌٍّ على عمله وشديد الذكاءة”". لكن استنادًا إلى سوريين حسني 
الاطلاع لم يكن الشهابي الشخص الرئيس» حين يتعلق الأمر بتحريك أي قطعة 
عسكرية تتمتع بأي أهمية؛ بل العلوي علي أصلانء النائب الأول لرئيس الأركان 
لشؤون العمليات بين عامي 1979 و1998 ورئيس الأركان منذ عام 1998. 


(2) التعبير 2لا يحل ولا يربط" يعني أنه لا تأثير له من أي نوع كان. اسم صديق رفعت هو صالح 
عضيمة: والمقطع المقتبس مأخوذ من كتابه: صالح عضيمة» تحليل رفعت الأسد: مقولة في حكمة 
السياسة وسياسة الحكمة (باريس: مؤسسة الاثني عشرء 1992). ص 717. 

(3) عن النقطة الأخيرة» انظر ملاحظات حمود الشوفي» سغير سورية إلى الأمم المتحدة» في 
حواره مع تمام البرازي؛ الوطن العربي (باريس)» 13/ 5/ 1988. 

فى .95 ,راعه2 انماع تأاكه!! «رتفاد ذاعه:دآ ومزكنظ خي» بطانامدصح 1 برألما 


401 


أما ناجي جميل» العضو العسكري الآخر الوحيد المتبقي في حلقة الأسد 
الصغيرة من الأصدقاء الشخصيين السئة» فناله في البداية استياء الأسد عندما تجرأ 
في منتصف السبعينيات وعبّره في دوائر الضباط» عن هواجسه تجاه دور رفعت 
الأسد المتنامي؛ حين كان هذا الأخير ما زال ينعم بأفضال أخيه. لكن جميل لم 
يخسر مناصبه قائدًا للقوى الجوية ورئيسًا لمكتب الأمن القومي في القيادة القطرية 
لحزب البعث إلا في عام 1978» الأمر الذي يرجع أساسًا إلى شعور الأسدء كما 
قيل عمومّاء بأنه لم يقم بما يكفي لكشف الخلايا السرية للمقاتلين الإسلاميين 
المسؤولين عن موجة العنف المتصاعدة حينذاك. وفي عام 1984» عاود الظهور 
في ذروة «أزمة الخلافة» (التي ستناقشها بعد قليل)؛ إنماء ولدهشة كثير من 
السوريين» إلى جانب رفعت. لكن الذي رشح لاحمًا هو أنه فعل ذلك بطلب 
مباشر من الرئيس الذي خشي من أن يتصرف رفعت بطيش» ويحول الأمور إلى 
فوضىء إذا ما ترك بلا حلفاء يمكن أن يفرضوا عليه بعض القيود. لكن هذا لم 
ينقذ جميل من الاستبعاد في ما بعد من أي دور فاعل» مثله في ذلك كمثل رفعت. 

يبيّن الجدول (18 -3) بصورة واضحة تزايد اعتماد الأسد على أيناء 
طائفته منذ «زمن اضطرابات» نظامه فصاعدًا. فباستثناء التشكيلات العسكرية 
الخاصة الحامية للنظام التي يتمتع الضباط العلويون بسيطرة حصرية عليها 
علي طول ايحظه لع بكونر ف رون فى بغاء 3 سوى فرقتين من فرق 
الجيش النظامي الخمسء أما في عام 1985» فكانوا يقودون ما لا يقل عن 
ست فرقء وفي عام 2 سبع فرق من د بين الفرق التسع التي شكلت في 
حينه الجيش النظامي السوري. 

هل تبرر لنا الملاحظات السابقة أن نستنتج أن نظام الأسد طائفي في 
صميمه؟ صحيح أنه لا جدال في أن قاعدة سلطة الأسد هي في جوهرها علوية 
بقوة» وأن هذا الملمح من ملامح حكمه كان في جزء منه قد عمل في النصف 
الثاني من السبعينيات والنصف الأول من الثمانينيات على إيجاد مناخ سياسي 
مشحون بالطائفية وصدّعَ الرأي السوري تصدّعًا خطيرًا على أساس طائفيء 
لكن ليس هناك» في الوقت ذاته سوى القليل من الأدلّة على أن الأسد في 
سياساته الاقتصادية أعطى تفضيلًا ملحوظًا للطائفة العلوية» أو أن أغلبية 
العلويين تتمتع بأسباب الراحة في الحياة أكثر من أغلبية الشعب السوري. 


42 


يا 


الحدول (3-18) 
أسماء قادة فرق الجيش وانتماءاتهم الدينية (باستثناء سرايا الدفاع والحرس 
الجمهوري والوحدات الخاصة) في أعوام 3 و1985 و1992 


السسيي سر سس سس الس 

اسم القائد | الطائفة | اسوالقائد | الطائفة | اسوالقائد | الطائفة | 
الفرق لاله 1513 

توفيق الجهني 

مصطفى شرب |إسماعيلي | شفيق فا علد 90 | 


الخامسة المؤللة | علي أصلان | علوي(آ) 0 مسق عبد الحميد 
7 5 0 
السابعة المؤللة 

التاسعة المؤللة 











ل | لات 


لفرق المشكلة بعد حرب 1973 
,3 


ا علوي عزت زيدان علوي 


الل 
ابت 
١‏ لكر لكك 
0 0 


)ع( من عشيرة الكلبية. 
(ب) من عشيرة الخياطين. 
(ج) من عشيرة المتاورة. 









ا 
3 


(:) في النص الإنكليزي جلّود والصحيح هو جلّول. 


43 


بل إِنَّ ثمّة شكاوى أطلقها علويون من الجبال مفادها أن الكتلة العظمى 
من الفلاحين في مناطقهم محرومة من وسائل الراحة ولا تزال تعتمد في 
الفلاحة على أحوال الطقس المتقلّبة. وعلى الرغم من كهربة قراهم والمكاسب 
التي حققوها في مجال التعليم» فإن مكاسبهم الحقيقية من الزراعة بدت 
عمومًا كأنها تسير في خط منحدر ببطء؛ على الأقل في السنوات العشر 
الأخيرة أو نحوهاء ولم تنّخذ اتجامًا متدرّجًا صعودًا إلا في بعض الحالات 
القليلة. وحتى يتمكنوا من الجمع بين الغايتين» غاليًا ما كان عليهم تأمين 
مصاريفهم اليومية من مصادر دخل إضافية. واستنادًا إلى دراسة ميدانية جرت 
برعاية الاتحاد العام للفلاحين؛ لم يتجاوز الدخل السنوي الصافي للعائلات 
الفقيرة صاحبة الحيازات الصغيرة ‏ أي أغلبية الفلاحين ‏ فى جبال العلويين 
0 ليرة سورية أو 139,86 دولارًا فى الخمسينيات؟, ونادذا مااوضل فى 
عام 1991 إلى 30 ألف ليرة سورية أو ثخو 0 دولار» عم ترات 
علوبي الجبال© التقريبية. وإذا افترضنا صحة هذه الأرقام» فمن المشكوك فيه 
أنها تمثل زيادة حقيقية في الدخلء إذا ما أخذنا في الحسبان الانخفاض الحاد 
فى القدرة الشرائية» لا لليرة السورية فحسبء بل وللدولار الأميركي في الفترة 
الفاصلة. 0 

من الجدير بالملاحظة أن مناوئي النظامي من جميع الطوائف يعترفون أن 
أغلبية العلويين لا تتمتع بمعاملة مميّزة» وأنهم مهمشون سياسيًا مثل باقي 
الشعب. فعلى سبيل المثال» تساءل حمود الشوفي في عام 1988» وهو درزي 
والأمين العام لحزب البعث بين عامي 1963 و1964: «من هم الذين حصلوا 
على امتيازات من العلويين؟؛. وأجاب: (إنهم قلة». وقبل ذلك» كان صلاح 
الدين البيطار» وهو سني وأحد مؤسسي حزب البعث؛ قد ركز في آخر مقالة 
كتبها قبل اغتياله وتُشرت بعد وفاته» على ضرورة التمبيز بين النظام والكتلة 
العظمى من العلويين الذين لم يكن لهم أي دور في إقامته» والذين يشكلون 
جزءًا من أغلبية الناس الصامتين الذين يقاومون جرائمه على الأقل بقلوبهم. 

(5) الاتحاد العام للفلاحين؛ ملامح من تاربخ الفلاحين؛ 4؛ ص 358. 

(6) في أحاديث مع المؤلف. 


414 


حتى عدنان سعد الدين من الأخوان المسلمين سلّم بأن كثيرًا من العلويين 
مضطهدون20. 

في ما يتعلق بالعلويين في سلك الضباط» وهم عمومًا في وضع أفضل من 
الفلاحين العلويين» أكد العلوي المنشق البارز الدكتور أحمد سليمان الأحمد 
في عام 1988 أن «أغلبية ضباطنا [علويين وغير علويين] تعيش في مستوى 
الاحتياج». وأضاف «ولا يمكن للأمر أن يكون إلا كذلكء إذ إن الضابط 
الشريف ليس له إلا راتبه كسائر الموظفين الشرفاء. وكثيرًا ما يكون مسؤولا 
عن عائلة كبيرة أو عن أخ وأخت في أغلب الأحيان يتكفل بتعليمهما»*. 

من الصعب القول إلى أي مدى يتفق هذا التأكيد مع الحقائق. فهو» في بعض 
جوانبه؛ يعاكس الفكرة المنتشرة على نطاق واسع بأن سلك الضباط هم الفئة 
المدللة من المجتمع برواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية والقروض الحكومية الميسرة 
والسلع الرخيصة من جمعيات الجيش التعاونية وغيرها من الامتيازات» كالسكن 
المدعوم: في عام 7» كشف وزير الدفاع مصطفى طلاس نفسه في مجلس 
الشعب أن مؤسسة الإسكان العسكرية تتقاضى من الضباط العسكريين [على مدى 
فترة معينة] ما بين 46 و64 ألف ليرة سورية فقط ثمنًا لبيوت في دمشق تبلغ 
قيمتها الحقيقية 170 أو 200 ألف ليرة". وفى كشفه هذه الحقيقة» التى وردت 
على سبيل المثال» وعكست ممارسة قائمة بالفعل لا في دمشق فحسب» بل وفي 
أجزاء أخرى من القطر؛ كان طلاس يسعى إلى تبرير سن المرسوم رقم 4 لعام 
7 الذي يمنع المستفيدين من بيع البيوت التي حصلوا عليها بهذه الطريقة قبل 
مرور خمس سنوات من تاريخ حيازة البيت وقبل «تسديد قيمته [الاسمية] 
بالكامل2'4. وليس مفاجنًا عمومًا أن حيازة تلك البيوت كانت أسهل على الضباط 
ذوي السلطة العليا منها على الضباط في الرتب المتوسطة أو الصغيرة. 


(7) عن هذه التصريحات. انظره على التوالي: الوطن العربي (باريس): 13/ 5/ 1988؛ الإحياء 
العربي (باريس)؛ 25/ 7/ 1980., والنذير (الطبعة الإنكليزية)» العدد 46, 8/ 2/5 198. 

(8) د. الأحمد في حوار مع تمام البرازي» الوطن العربي (باريس). 5/ 8/ 1988. 

(9) الجريدة الرسمية (الجمهورية العربية السورية)؛ الجزء الثانى» العدد 46. 12/1/ 61977 
ص 65-64. 1 

(10) عن نص المرسوم. انظر: الجريدة الرسمية (الجمهورية العربية السورية)ء» ص 65. 


415 


ل ينك 


سوء استعمال السلطة فى المراتب العليا ورمزها الأول 


ليس هناك إلا القليل من الشك في أن كثيرًا من كبار الضباط القريبين 
من مركز السلطة. والذين يجب أن نركز الاهتمام عليهم الآنء أصبحوا 
أغنياء وهم في مناصبهم. ففي عام 1985» زعم السياسي السوري القديم 
أكرم الحوراني» ولديه مصادره الخاصة حسنة الإطلاع» أن شفيق فياض» ابن 
عمّة الأسد وقائد الفرقة الثالثة منذ عام 1978 بنى قصرًا بتكلفة 56 مليون 
ليرة سورية (1.86 مليون دولار تقريبًا) فى مسقط رأسه قرية عين العروس» 
وأن علي دوباء رئيس المخابرات العسكرية منذ عام 1974» أهرق 80 
مليون ليرة سورية (2.6 مليون دولار تقريبًا) فى مسكن أكثر فخامة في 
قرفيص”2". ولم يتسنّ لي أن أتحقّق من صحة هذه التأكيدات والمبالغ 
الباهظة المنفقة من مصدر مستقل. لكن الفكرة الأساسية التي أراد الحوراني 
إيصالها هى أن هذين الضابطين وغيرهما فى هذا المستوى من السلطة 
استغلا النفوذ بطريقة أو بأخرىء لتوجيه الشروات إلى أيديهما. ومن 
الضروري بالطبع أن نكون حذرين عند التعامل مع أدلة يقدّمها مناوئو 
النظام. وفي الوقت ذاته» هناك شعور عام في سورية أن الممارسات السرية 
والمكاسب غير المشروعة في المناصب العليا خرجت عن السيطرة . ومما 
له دلالته أنه عندما تساءل مؤلف هذا الكتاب» في أثناء رحلة قام بها إلى 
قرية في الريف العلوي في عام 1992 ورؤيته منزلًا فخمًا جائمًا على تلة» 
عن هوية المالك» تطوع سائق سيارة الأجرة العلوي للقول: «إنه لرجل في 
السلطة» أي لحرامي!4. قال الكثير بكلمات قليلة» لكني لم أضغط للحصول 
على المزيد لأن أصدقاء سوريين كانوا قد حذرونى من أن بعض سائقى 
سيارانك الأجرة يعمل نشبا لاجهرة الأمن: 1 

كان شقيق الرئيس رفعت» حتى خروجه فعليًا من الحياة العامة في عام 
5 رمز الفساد الأول الذي ابتلي به النظام. ولا مجال لدحض أنه سلك 
طرقًا مختصرة إلى الثروة. حتى إذا افترضنا أن تعويضاته المشروعة من منصبه 
قائدًا لسرايا الدفاع بلغت ضعفي أو ثلاثة أضعاف الراتب الرسمي لنائب 


(11) مقابلة مع الحوراني أجراها المؤلفء باريس 15 تموز/ يوليو 1985. 


46 


الرئيس السوري أو رئيس وزرائهء الذي وصل إلى 2500 ليرة سورية شهريًا 
في عام 31973. وقد يكون ارتفع إلى 5000 ليرة في عام 1984» فلا 
توجد أي طريقة يستطيع بها أن يراكم على نحو مشروع المبالغ الكبيرة اللازمة 
للاستثمارات التي قام بها في العقارات في سورية وأوروبا والولايات المتحدة. 
ومن المعروف عمومًا أنه دفع في آب/ أغسطس 1982 ثمن فيلا من الطراز 
الجو رجي في هالتر كورت (اكمناه0 1131066) في بوتوماك (86م2040)» ميريلاند» 
1 مليون. دولار بشك وقعه أمين الصندوق وسحبه بوتوماك فالي بنك على 
7 وقيل إن الأموال أرسلت برقيًا من الخارج. حتى رئيس البنك لم يكن 
يتمتع بكثير من الخبرة في أمور من هذا النوع»» وببساطة لم «ير تلك الأنواع 
د 5 ". وقبل ذلك» في عام 1977» 
اشترى رفعت ألفي دونم في قرية كفر زبين' السورية مقابل 1.5 مليون ليرة 
سورية (نحو 0 ألف دولار)22, واشت شترى أيضّاء في وقت ماء منزلا في 
ضاحية سان نوملا ‏ دريتش7'؟ (عطعءمعم - 810501 ؛منة5) في باريسء وامتلك» 
استنادًا إلى إحدى صحف المعارضة؛ من بين ممتلكات أخرى في لندن في 
عام 1988 مبنى ضخمًا من عشرين طبقة قرب قصر باكنغهام'". وقدر بعض 
منتقديه السوريين ثروته في منتصف الثمانينيات بأكثر من 100 مليون دولار» 
وقدرها آخرون بأكثر من ذلك بكثير”». 


(12) انظر المرسوم رقم 35 بتاريخ 24 أيار/ مايو 1973 في: الجريدة الرسمية» الجزء الأول» 
العدد 22 لعام 3» ص 1056. 

)013 .56 .م ,14/10/1973 قلسة ,3/9/1982 ,اعوط «رماع اكه ١!‏ 

(*) هكذا يرد الاسم في النص الأصلي (2010 496) والحقيقة أنني لم أسمع بقرية سورية بهذا 
الاسم؛ ولم أعثر عليها عن طريق البحث. هناك قرية قريبة في الاسم من ذلك؛ هي كفر دبيل» وهي تابعة 
لمنطقسة جبلة» لكني أستبعد» نتيجة طبيعة المنطقة الجغرافية وتوزع المساحات فيهاء أن تكون مساحة 
0 دونم منطقية. 

(14) حصلت على هذه المعلومة من مصدر موثوق. 

5) .4 راحدوط «رماع:دارأعم اا 

(16) سورية الحرة, العدد 1 8/ 3/ 1988. ص 3. 

(17) على سبيل المثال» سورية الحرة: العدد 3 في أيار/ مايو 1988. ص 2»: زعمت أن الفوائد 
السنوية المقدرة لودائع رفعت الأسد في مصارف سويسرية وأجنبية أخرى وصلت وحدها إلى 100 
مليون دولار. 


417 


إذا كان ذلك صحيحًاء فإن سؤالا يُطرّح على نحو لا مفرّ منه: ما الوسائل 
التي أتاحت لرفعت أن يتنعمّ بتلك الثروة؟ ثمّةء في هذا الصدد. أقاويل كثيرة 
تتناقلها الألسن في دمشق. راج بعض هذه الأقاويل بالتكرار أكثر منه بالدليل» وبدأ 
أحيانًا مبالمًا فيه» مع أنه يلقي بعض الضوء . لكن لبعض منها رنين الحقيقة. فقد 
أكد تاجر في حديث مع المؤلّف أن رجل أعمال لبناني من معارفه أعطى رفعت 
في أواخر السبعينيات سيارة كاديلاك و200 ألف دولار على أمل أن يساعده في 
تحقيق صفقاته. واتهم آخرون رفعت بأخذ رشى على العقود الحكومية. ويقال 
أيضًا إنه كان «شريكًا خفيّاة لكثير من رجال الأعمال» بمن فيهم صائب النحاس» 
وهو شيعي من أصل متواضع من حارة الجورة في دمشقء جمع ثروة استثنائية» 
ركاشو لا ني اللمابيات جع اولع كسمن + بين أمور أخرى. 
المدير العام لمؤسسة دمشق ق للحواسيب الرقمية» ورئيس مجلس إدارة الشركة 
العربية السورية لتنمية المنتجات الزراعية ‏ وهي شركة مشتركة بين القطاع الخاص 
والحكومة ‏ ووكيل شركات بيجو وفولفو وفولكسفاغن وإنترفلاغ والخطوط 
الجوية الاسكندنافية. واتهم فلاحون من حوران رفعت بالاستيلاء على ذهب كان 
العثمانيون المنسحبون فى الطور الأخير من الحرب العالمية الأولى قد دفنوه 
شرق درعا خشية الوقوع في الأسر» وبأنّه استخرج هذا الذهب» بحسب تأكيداتهم» 
في تنقيب أَجْرِيَّ بتوجيه مباشر منه. وربط القيادي المعارض العتيق أكرم الحوراني» 
بدوره؛ رفعت ب اعمليات بيع سرية» لآثار سورية عبر لبنان إلى تجار في الخارج» 
وشمل ذلك آثارًا «سرقتها من متحف حماه؛ سرايا الدفاع التابعة له في أثناء قمعها 
انتفاضة حماه في عام 21982 عندما راح رفعت يتصرف على هواه بوصفه الحاكم 
العرفي للمدينة بموجب القانون الإداري رقم 184. 

لم يستطع الحوراني منع نفسه من مقارنة السهولة التي راكم بها أعضاء 
عائلة الأسد وبعض مساعديه المقربين الثروة وحياة البذخ التي يعيشونها 
بالظروف في أعوام 1957-1954» عندما كان رئيس لجنة الموازنة في 
المجلس النيابي. ما زال يتذكر كيف ظهر الرئيس في ذلك الوقت شكري 
القوتلي في أحد الأيام في إحدى جلسات اللجنة وطلب من أعضائها شخصيًا 
تخصيص 18 ألف ليرة سورية (نحو 5028 دولارًا) لشراء سيارة رئاسية 
جديدة. واستحثهم قائلًا إن سيارته القديمة في حالة سيئة» وتتعطل باستمرار. 


418 


19م 


لكن اللجنة. بقيادة الحوراني الذي فكر أنه يمكن إنفاق المبلغ على نحو 
أفضل بتأمين ؛ بئر ارتوازية لقرية فقيرة» رفضت طلب القوتلي!*". 

استاء رفعت نفسه من القصص المنتشرة عنه فى الدوائر التجارية ومن 
العار اللاحق باسمه. فتساءل قبل عام 1984 في حديث على انفراد مع أحد 
أصدقائه؛ «لماذا إذا أقدم التاجر على عمل أو قام بمشروعء يخلقون له 
أعذارًا...» وإذا أقدم غيره على مثل عمله أو قام بمشروع مثل مشروعه فإنهم 
ينزلون به تشويهًا؟2*2 وفي موضع آخر من روايته» يفترض ذلك الصديق» 
الذيء بالمناسبة» خدم في سرايا الدفاع» أن مشوهي صورة رفعت اتهموه 
ب «تهريب المخدرات وبيع الأسلحة وقتل الأبرياء وخطف النساء وإقامة 
علاقات مشبوهة مع أعداء [سورية]». وأضاف أن سلوك سرايا الدفاع يشكّل؛ 
من وجهة نظرهم» «دليلهم الأكبر». وفي حين يجادل في كثير من اتهاماتهم 
فإنه يسلم بأنك «في بعض أجزاء [السرايا] لا بد وأن تسأل نفسك وتقول: أين 
أنا؟ هل في قطعة عسكرية أو في سوق تجاري؟000. 


كان رفعت مصدر إحراج لأخيه حتى قبل أن يتولى الأسد مقاليد الحكم. 
وهذا واضح من ملاحظات أبداها الأسد في تشرين الثاني/ نوفمبر 1970 - قبل 
أيام من انقلابه ‏ في جلسة استثنائية من جلسات المؤتمر القومي العاشر لحزب 
البعث الذي كان لأنصار خصمه صلاح جديد اليد العليا فيه. فبعد تشديد الأسد 
على أنه كان #عضوًا قديمًا ومنضبطًا في الحزب» و«ملتزمًا بأنظمته» أضاف «هل 
طلبتم التحقيق في سلوك أخي واعترضت؟ هل فرضتم عليه عقوبة ورفضت 
تنفيذها؟6”. لم تكن هناك في النسخة الموجزة عن وقائع المؤتمر أي إشارة إلى 
طبيعة الأخطاء التي كان رفعت قد تورط بهاء لكن سيظهر أن ملاحظات الأسد 
تتعلق جزئيًا بأعمال تنقيب أثري غير مرخصة تمت بمبادرة من رفعت على أملاك 
عائلة الحسيبي» وهي عائلة زوجة رئيس الدولة في حينه؛ نور الدين الأتاسي2©. 


(18) مقابلة مع أكرم الحوراني» باريس 15 تموز/ يوليو 1985. 
(19) عضيمة؛ تحليل رفعت الأسد.ء ص 108. 

(20) المصدر نفسه. ص 110. 

الصياد (بيروت) (تشرين الثانى/ نوقمير 1970). 

(22) عن هذه النقطة, أنا مدين لأكرم الحوراني. 


429 


«أزمة الخلافة» 
كان رفعت أيضًا في أساس المشكلة التي شغلت النظام في أثناء «أزمة 
الخلافة» بين عامي 1983 و1984 التي أوجدها مرض الأسد الخطير. في 
يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمير 1983»؛ أسرع رفعت إلى جوار سرير أخيه 
حالما سمع بخبر تدهور صحتة» ولم يضع فرصة لقاء شخصيات النظام 
الرئيسة «فرادى أو جماعات؛ عندما جاءوا إلى المستشفى للتعبير عن قلقهم 
على صحة الرئيس. واستنادًا إلى رواية منسوبة إلى على حيدرء قائد الوحدات 
الخاصة» طرق رفعتء بلا لف ولا دوران» المسألة الأقرب إلى قلبه؛ قائلًا 
بصوت لا يخلو من توجع: 
إن أخي لم يعد لنا في حياته أمل... وحتى إن سلم هذه المرة 
ونجا من الموت. فإنه لن يعود قادرًا على القيام بأعمال 
الدولة... مرضه شرس عضالء أصيب به منذ مدة طويلة. وإنه 
عانى منه معاناة قاسية خفيت على الجميع إلا علي وعلى 
بعض أفراد الأسرة وإذا رحنا ننتظر بحزن عميق ما سيؤول إليه 
مصيره. فلا يجوز أن نسهو عن مصيرنا ومصير الشعب والبلاد. 
فالأعداء يتربصون في الداخل ويترصدون في الخارج... لماذا 
لا نجعل من لقاءاتنا هنا فرصة للتشاور فيمن سيخلفه؟... لا 
أعتقد أنكم تؤثرون عليّ رجلا آخر. فأنا مرشح لوراثته واستلام 
مكانه منذ وقت طويل... وأنتم تعلمون ذلك. وقد كنتم تسرون 
به إلي قبل اليوم. ولا تحاذرون أن تذيعوه بين الأصحاب 
والمقربين. وها هي ساعته قد حانت الآن» فكونوا معي أكن 
معكم على طريق واضحة إلى أهداف واضحة. ولعله يرضيكم 
ويدخل إلى قلوبكم اليهجة... أنني اجتمعت مع السفير 
الأميركي... أكثر من مرة» وإننا اتفقنا معًا على رسم الخطة 
التي سنمضي عليها... وقد نقل السفير إلي التزام أميركا معنا... 
وأنا وعدته يدوري أن نتحرك... في أقرب وقت تجدونه 
مناسبّاء ولعل في اليوم أو في الغد خير ميعاد لتحركنا...» 


40 


والانتقال إلى وضع جديدء يبدو لي أنه سيكون أكثر إشراقًا... 

وأكثر خصوبة وخيرًا للبلاد2©. 

من الصعب أن تحدّد هل كان هذا الاقتباس مأخودًا بأمانة عن رفعت أم 
كانت هناك حرية تصرف بكلماته الفعلية أو بالوقائع الحقيقية. يبدو أن مسألة 
جسٌ رفعت نبض السفير الأميركي مثبتة في تقرير صحافي في عام 1214 
يشير إلى أن رفعت «ألْمَحَ؛ في «حديث خاص؛ مع دبلوماسيين غربيين إلى 
«أنه لم يكن سعيدًا بروابط سورية بالاتحاد السوفياتي» وأنه سيكون مهتمًا 
بإعادة توجيه السياسة السورية نحو الغرب إذا ما خلف أخاه فى الرئاسة)*©. 
لم يكن من الممكن التحقق من أن الحكومة الأميركية قد التزمت دعمه؛ لكن 
من المهم أن البيزنس ويك 7161 55هذى:8) زعمت في عددها الصادر في 6 
شباط/ فبراير 1984 أن «الولايات المتحدة تجهد لإقامة روابط أقوى مع'الأخ 
الأول» في سورية». 

على أي حال. يقال إن رفعت ضغط المرة تلو المرة في تشرين الثاني/ 
نوفمبر 1983 على الشخصيات في الحلقة الضيقة المحيطة بالأسد للحصول 
على ردّ على عرضه وإنه كان ايسخو سخاء فاحشًا في إعطاء الثروات والغنى» 
لهؤلاء الذين يرغبون فى أن يكونوا عونا له4, إذا ما استخدمنا الكلمات 
المنسوبة إلى قائد الوحدات الخاصة. 


ليس واضحًا ما الذي حدث بعد ذلك؛ لكن من المشكوك فيه أن يكون 
أحد من الجنرالات المهتمين قد أظهر استعدادًا لإطلاق يد رفعت أو لرمى 
مفاتيح الدولة عند قدميه. فهوء من وجهة نظرهم؛ لم يكن يملك المؤهلات 
أو المكانة المطلوبة لوراثة سلطة أخيه. كان شخصًا خلافيّاء عرضة لاتهامات 
بالفساد» كما لاحظنا من قبل. وكان هناك أيضًا شعور المجتمع عمومًا بكراهية 
عميقة تجاه سرايا الدفاع التابعة له والبالغ تعدادها 50 ألفًا. كانت تُعَدَ عديمة 
الانضباط» لا تبالي بحياة البشرء وتخرق القانون. وكان الجيش النظامي نفسه 

(23) عضيمة» تحليل رفعت الأسده ص 691 - 693. نص ما قاله رفعت ينسبه عضيمة إلى علي 
حيدر الذي لا يذكره بالاسم بل بلقب حارس القوات النخاصة. 


)224 .4 ر,راوو درماعسااعط1ا 


431 


7م 


مستاء من الوضع الخاص الذي تتمتع به: كانت القوة العسكرية الرئيسة 
الوحيدة المسموحة فى دمشق أو بالقرب من الطرق المؤدية إلى العاصمة» 
وكان ليا وحدات التحتيى والمتغابرات النخاضة بها» وكادث تدير سكجوتنها 
الخاصة» وتتمتع بأولوية في تلبية مطالبها المتعلقة بالتقانة والأسلحة المتطورة 
أو بسهولة الوصول إليهاء وكانت» فوق ذلك كله. معفية من الرقابة أو 
الوشراف الماليين من المؤسسة العسكرية» ولها تفضيل مفرط في التعويضات 
والعلاوات. عندما تساءل الشاعر العلوي ممدوح عدوان» في اجتماع لاتحاد 
الكتاب والصحافيين عقد في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 21979 بتشجيع من 
الأسد بهدف جس نبض الشعبء «لماذا امتيازات جندي في سرايا الدفاع 
أكثر من ضابط في القوات العاملة4» كان في الحقيقة يعبر عن شعور منتشر 
على نطاق واسع بين الجنود”**». لم يكن وصول رفعت إلى ذروة السلطة 
يعني لكثيرين من الضباط ذوي الرتب العالية سوى منحه امتيازًا حرًا ليسيء 
الحكم. وكذلك لم يوافقوا على ما كان يسعى إليه من انعطاف في السياسة 
الخارجية. 


مع مرور الأيام مسرعة من دون أي إشارة على رد مؤيد من 
شخصيات النظام العسكرية الرئيسة» قرر رفعت أن يمضي قُدُمَا وعلى 
طريقته بالهدف الذي وضعه نصب أعينه. وفى فى الجزء الأخير من شهر 
تشرين الثاني/ نوفمبر 23 قام وال من سراي الدفاع. بأمر منه» 
بوضع لوحات كبيرة تحمل صوره على الجدران في أنحاء متفرقة من 
العاصمة. وسرعان ما تدخحل رجال من الحرس الجمهوري وعملاء 
الأمن الداخلى لينزعوا تلك اللوحاتء أو ليغطوها بصور الرئيس. لكن 
رجال رفعك كاتوا يظهرو امن جدينتا لفعلوا الشوء ذاتهمرة أخرى. 
استمرت «حرب الملصقات» هذهء كما أطلق عليها الدمشقيون» أكثر من 
أسبوعء ولم تتوقف إلا حين بدأ الأسد يستعيد عافيته» لكنها كانت قد 
أثارت استياء أعضاء عائلته المقربين الذين لم يستطيعوا أن يخفوا 


(25) نشر «الشص الوثائقي لمواجهة ما يسمى قادة جيهة حافظ الأسد مع اتحاد الكتاب 
والصحافيين؟» في نشرة المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية رقم 5 في آذار/ مارس 1985 
ص 3 - 17. عن الاقتباس المأخوذ من عدوانء انظر ص 16. 


42 


سخطهم من هذا العرض العام الحقير الذي قام به رفعت فيما أخوه 
يرقد عاجرًا متألمًا©©. 

خمدت التوترات ضمن هيكل السلطة؛ ولكن ليس لزمن طويل. فقد 
أثيرت من جديد نتيجة لائحة بتعيينات الجيش نقلت الموالين لرفعت» أو 
أبعدتهم» من مواقع المسؤولية الحقيقية. وما كان يمكن إصدار تلك اللائحة 
من دون موافقة ال ل ل له 
من سلطة أخيه. وكادت تؤدي إلى صدام في دمشق يوم 27 شباط/ فبراير 
4 بين سرايا الدفاع وعناصر من الحرس الجمهوريء لكن حدة الصراع 
خفت موقتًا نتيجة تعيين رفعت يوم 11 آذار/ مارس نائبًا للرئيس من بين ثلاثة 
نواب. لكن سرعان ما تبين أن ذلك لم يكن أكثر من مناورة بارعة من الأسد 
ليحد أكثر من سلطة أخيه. أولاء لأن مسؤولياته الجديدة لم تحدد. وثانيّاء لأن 
مواليًا للأسد عيّن في قيادة سرايا الدفاع. 

في عودةٍ إلى تلك الحوادث؛ يبدو ما فعله رفعت بعد ذلك طائشًا. 
ففي عام 1973 كانت أمه قد طلبت إليه بإلحاح أن يبقى بعيدًا عن الأضواء 
«وألا يأخذ مكانًا في الساحة إلا تحت راية أخيه»؛ وقد أقسم لها أنه سيظل 
«خاتمًا في إصبعه» وأنه سيعمل بأمره «كما كان خاتم سليمان يعمل 
بأمره»(27). لكنه حنث يقسمه؛» ولعب لمصلحته هو. أجبر الشخص الذي 
عيّنه الأسد على التخلي عن قيادة سرايا الدفاع» وحوّل تلك القيادة إلى 
صهره؛ في ليل 30 آذار/ مارس ار الوجدات: المترعة التي تمكن من 
حشدها بسد الطرق كلها المؤدية إلى د مشق وبالزحف على العاصمة 
بكامل قوتها. 

استنادًا إلى كاتب سيرة رفعت؛ روى لاعب أساس فى بطانة الأسد ما 
حدث بعد ذلك» من دون أي يصرّح باسمه. ويعتقد ذلك اللاعب أن «حماقة» 
رفعت «وطيشه وبطره؛ هي التي دفعته إلى الخلاف مع أخيه؛ وأن رفعت «قد 

(26) أنا مدين بالرواية الواردة في هذه الفقرة لسوري حسن الإطلاع من دمشق ونشرت في 


الديمقراطي, السنة 3 العدد 29 (نيسان/ أبريل 1984)» ص 17-16 
(27) عضيمة؛ تحليل رفعت الأسد. ص 657 - 658. 


413 


ظن بنفسه أنه شيء» وما هو بشيء... ونحن كلنا مثلهء لا نساوي شكاء 
ولا وزن لنا ولا قيمة لولا الفريق706©. 


فى الساعة الثانية بعد منتتصف الليل» رن جرس الهاتف... إنه الفريق 
حافظ... قال بصوت متهدج... قد تراني وقد لا تراني بعد الليلة... 
فإن قضي الأمرء وفاز [رفعت]» وكان له ما يريد» فبالله عليك احفظ 
أنت ورفاقك عهديء ويلغهم عن رغبتي في المقارعة والقتال حتى 
آخر نفس من أنفاسكم» ولا تتركوا البلاد تهوي إلى الدمار والخراب 
أمام أعينكم... الأمر كبير جدًا... إنها المؤامرة التي يدبرها من 
زمان ... ويعد لها مع ألأم الناس وأخبثهم... لقد ودعني قبل قليل 
موفد نا طلب من ,كتير من الشسراضة والريجاء أن أنزل عند رغية 
رفعتء وأن أسلمه مفاتيح البلاد... وأن أغادر مع أسرتي ومع من 
أختار من الحماة والمرافقين إلى سويسرا أو إلى أي مكان أختاره. 
وإن لم أتخذ قراري هذه الليلة بالاستجابة لطلبه والخضوع لرغبته» 
فسيستعمل اللغة الأخرى وهي الهجوم المفاجئ الصاعق والنار 
والدمار» وأنا الآن لا آمن نفسي من هجومه وغدره في الدقائق 
القليلة القادمة9©, 
إذا افترضنا أن كاتب السيرة لم يبتعد عن الحقيقة المؤكّدة» فإن اللاعب 
الرئيس غير المسمى» وهو في جميع الاحتمالات إما شفيق فياضء قائد الفرقة 
الثالشة المدرعة وابن عمة الرئيسء أو على أصلانء النائب الأول لرئيس 
الأركان» صرخ بحجّابه وأصدر أوامره لهم باستدعاء قادة الألوية الموجودين 
في متناول يده. وبعد وضع القوات في حالة تأهب» أسرع إلى الأسد. وقيل 
إن قوات موالية في مديئة دمشق قد عززت «بأسلوب ماكر». وفي الوقت ذاته» 
تحركت وحدات أخرى للالتفاف على قوات سرايا الدفاع المتمركزة خارج 
العاصمة 00 


(28) فى العربية» «الفريق» رتبة عسكرية لا يحملها سوى حافظ الأسد. 
(29) عضيمة؛ تحليل رفعت الأسد. ص 688- 689. 
(30) المصدر نقسهء» ص 690. 


434 


ييا 


في وقت باكر من ذلك الصباح؛ وكما يقل عن علي حيدرء قائد الوحدات 
الخاصة» استذْعيَ هذا الأخير على عجل إلى رئاسة أركان الجيش» وووجه 
بزعم من رفعت أنْه #متواطئ معه. .. وشريك له4. فاحتج قائلاء «هذا زعم لا 
نصيب له من الصحةة. فطلب إليه عندئل: «اهتف إليه أمامنا... وأسمعنا 
تكذيبيك للخبرة. ولدى اتصال حيدر برفعت» قال له هذا الأخير «أرجو أنك 
لا تزال عند وعودك التي قطعتها على نفسك بمناصرتي والوقوف إلى جانبي 
فى هذه الساعة التى طال انتظارنا لها جميعنا». فسأله على حيدرء #ومتى كان 
ذلك وفي أي مكان؟ وكيف تجرؤ أن تخاطبني بهذا الزعم الباطل؟» فاستشاط 
رفعت غضبًا وشتمه بأقذع الألفاظ» مضيفاء «والآن تظهر على أصلك وطبعك 
فتخونني وتنقلب علي؟؟! رد عليه علي حيدر الشتيمة بمثلهاء وتابع» «أنا لا 
أعترف بقائد فى هذه البلاد إلا لحافظ الأسدء فهو ولى نعمتى. .. وهو الذي 
أعطاني ما أنا فيه من القوة والوجاهة. وأنا جندي عندهء ات رعلا 
يديه» أطيعه ما دمت حيًا ولا أعصيه؛ ولا أنشق عليه6. وبهذه الملاحظة انتهت 
هذه المكالمة شديدة الانفعال10©. 

افترض كاتب سيرة رفعت أن علي حيدر كان يلعب لعبة مزدوجة. فكتب» 
دلا يبعد أن يكون قد نسج له خيوطًا مع رفعت... دون أن يعرض عبوديته 
لحافظ الأسد لأية ريبة... إما لأنه ظن بأن رفعت سيصيب فورًا على أنخيه... 
وإما لأنه أراد أن يؤمن له وجاهة جديدة في مكان جديد إذا تمت الغلبة 
لرفعت)2200©, 

على أي حالء في تلك اللحظة الحاسمة من أزمة الخلافة» وضع علي 
حيدر نفسه في جانب الرئيس» وساعد تاليًا في حصار رفعت. 

قرر الأسد في النهاية أن يعالج أمر أخيه شخصيًا. ويُقال إنه ذهب إلى 
مكان إقامته وخاطبه بهذه الكلمات: 

لقد نفدت آخر نسمة من رياح صبري عليكء ولم يعد عندي طاقة 


(31) عضيمة:» تحليل رفعت الأسدء ص 695- 696. 
(32) المصدر نفسه» ص 698. 


435 


لأن أتحمل أكثر مما تحملت... أنسيت أني أنا الذي غذوتك 
ونمّأتك وعلّمتك وأخذت بيدك إلى مرافق الحياة... وذللت لك 
الصعاب وأنجيتك من كل تهمة وعقاب» وأشركتك في السلطة؟... 
فلم يكن جزائي منك إلا أن تكفر بصنائعي» وتتآمر علي» وتتسلل 
في ظلمة الغلس لتطيح بي... والآن لا خيار لك في مصيرك» 
فمصيرك أصبح في يدي... وإن لم تفعل ما أقول لك وتستجب لما 
سآمرك به فسأوردك مورد الحتف وسأقيم عليك النوائحم2©. 


استسلم رفعت لرأي أخيه. ما كان في مقدوره أن يستمر في مسلكه بأي 
حال من الأحوال. كان مثل شسخص يمشي على حد السيف. وبحلول ذلك 
الوقت» كانت الأمور قد انقلبت ضله بقوة. 

من المستحيل التأكد من دقة هذه الرواية لأزمة الخلافة التى نتناولها في 
هذه الصفحات. على الأقل نتيجة الطبيعة السرية لسياسة القيادة العليا في 
نووية وصعوينات تأمين بيانات موقوقة فى أن الاصطقافاك والنتطاب 
الداخلي لشخصيات النظام المركزية*©. ١‏ 


لعلّه من غير معنى أن نسهب كثيرًا في أمر العواقب. فمن المعروف أن 
رفعت قد جرد من سلطته» وأرسل إلى الخارج ليعيش فترة من الزمن في 
المنفى» ولم يسمح له إلا بزيارات قليلة قصيرة إلى سورية. وفي النهاية» أعطي 
الإذن بالعودة للاستقرار في دمشقء لكن مع استبعاده من أي دور فاعل. وفي 
الوقت ذاته» قلصت سرايا الدفاع التابعة له من 50 ألف رجل إلى حجم أي 
فرقة نظامية» أي بين 15 و20 ألف رجل تقريبّاه وجردت من فرع المخابرات 
الخاص بها ومن بعض الوحدات المجوقلة والصاروخية» ودمجت فى القوات 
المسلحة. ونقلت قيادتها إلى العميد حكمت إبراهيم الذي يُزعم أنه متزوج من 


(33) عضيمة؛ تحليل رفعت الأسد. ص 648 - 649. 
(34) لمعرفة روايات آخر: ى عن صراع الخلافة. انظر: #اتروساى :11 بوأسبزق زه عدا رعادء5 عاعمتوط 
ر(1989 ركوعع2 متمممتلدت )6ه وأو طلونا #برعءاعطء8) (1988 ,كنصيه1 .8 .1 :هملهمطا) اعمط ءالءةاة ١‏ عور 
39.أ0» ,أمتصدمل امعط ©8001 717:6 «بقككز5 هأ توأاكع0ا0 موزوخعععلاك 112 » ,علقلدص ا ءتملعدلة 421-440 .مم 
العلتكممم ع1 عنامم ععتملءت؟ عاأعجيمل8 عمنا .كقصقط ف ووأودعععتد عل عدرعنا0 هآ» له ,(1985 عملرم5) 2 .مد 
107064 علا «لوددمف 


416 


خالة الأسد*. كان الأسد. فى هذه الحركات ضد رفعتء يتحرك على ما 
يبدو بتحريض من عقلاء الطائفة العلوية الذين اعتبروا رفعتء كما تقول 
الشائعات التى راجت حينها فى دمشق» تهديدًا لبقاء النظام برمته. 

تعزّزت عندئٍ قوى الحرس الجمهوري الذي كان منذ تأسيسه في عام 
9 معنا بسلامة الأسد الشخصية» واضطلع بكثير من المهمات التي كانت 
سرايا الدفاع مسؤولة عنها في السابق. وأصبح في الواقع القوة الرئيسة في 
منظومة أمن النظام في منطقة دمشق. وبقي عدنان مخلوفء الموثوق من الأسد 
وابن عم زوجته. قائدًا للحرس الجمهوري وكان قد رُفْع إلى رتبة لواء قبل 
وقت قصير. وابتداءً من عام 1987» صار ابن الأسد البكر باسلء على الرغم 
من أنه كان برتبة رائد فقط. ذا سلطة ملموسة فى هذه الوحدة الجوهرية بصفته 
الجديدة رئيسَا للأمن الرئاسيء وبعد وفاته في حادث سيارة في عام 1994» 
هيئت الأرض لبشارء وهو ابن أصغر سنا من أبناء الأسدء ليتولى دور أخيه. 
وفى السنوات القليلة الأخيرة من حياة باسل» كانت هناك فكرة منتشرة على 
نطاق واسع بأنه يهيّا لخلافة والده» وأن الحرس الجمهوري يفترض أن يكون 
قاعدة قوته الأساسية. ومؤخرّاء صار الأمر ذاته يقال عن بشار. 

من المؤشرات على الأهمية المتنامية للحرس الجمهوري في هيكل 
سلطة الأسد ما تؤكّده مصادر سورية حسنة الاطلاع من أن هذه الوحدة تمتص 
كثيرًا من عائدات حقول النفط فى منطقة دير الزور التى بالمناسبة لا مسجل 
الجزء الأكبر منها في موازنة البلد. 

لا بد من الإضافة أن اللواء علي محمود حسن خلف عدنان مخلوف في 
قيادة الحرس الجمهوري في حزيران/ يونيو 5. ويعتبر علي محمود 
حسنء وهو في منتصف الخمسينيات من عمره ومن خلفية علوية ريفية» 
ضابطًا مهنا بامتياز. أما سبب ذلك التغيير في قيادة الحرس الجمهوري فلا 
يمكن التحقق منه. لكن يبقى عدنان مخلوف شخصًا قويًا في النظام السوري. 

(35) مصدر هذه النقطة المحددة هو: التذيرء العدد 2277» 3 1985. 


417 


ل يي 


توترات جديدة 


عادت التوترات ضمن هيكل السلطة. كانت قد نشأت» إلى حد ماء نتيجة 
سياسة الأسد القائمة على حفظ التوازن بين شخصيات النظام المركزية. وكان 
ذلك منذ البداية من أولى مبادئ فن الحكم لديه. وكانت مهارته في وضع هذا 
المبدأ موضع التنفيذ مهارةً تامة. غير أنه كان قد أفلت العنان لشقيقه رفعت 
بين عامي 1978 و1983» فمهّد الطريق» بغير قصدء أمام خروج النظام عن 
توازنه في عام 4 6 الأمر الذي دفع الأسد إلى بت قوة جديدة في سياسته 
القديمة عبر متابعتها على نحو أكثر ثبانًا وتوزيع السلطة بين مساعديه الرئيسين 
بطريقة تحول دون قيام تهديد آخر لسلطته الشخصية. ومن العناصر الأساسية 
في هذه السياسة زيادة قوة الحرس الجمهوريء الذي أعيد تشكيله» وإعطاء 
الدور البارز في كادر ه وفي برنامج «الضباط القادة» المستقبليين لابن الأسد 
البكر» باسلء أولاء ومن ثم لابنه الأصغر سنّاء بشار. وليس من الصعب أيضًا 
أن نفهم لماذا أدّت لعبة موازنة المنافسين المحتملين المتواصلة إلى شعور 
بعض شخصيات النظام الرئيسة بأنها اختزلت عمليًا إلى مجرد بيادق على 
رقعة شطرنج الأسد. 

يبدو أنْ هذه اللعبة أزعجت أيضًاء على الأقل على حيدرء قائد الوحدات 
الخاصة:؛ وهي فرقة تضم بين 8 آلاف و15 ألف رجل من القوات الخاصة» 
مركزها في القطيفة على بعد خمسة وعشرين ميلا أو نحوها شمال شرق 
دمشق. لكن لها أيضًا وحدات متمركزة منذ منتتصف الثمانينيات حول بحمدون 
وطرابلس في لبنان» وكذلك في جوار مرفأ طرطوس السوري وعلى جبل 
قاسيون المطل على العاصمة. ويروي مصدر موثوق إِنْ علي حيدر قال في 
اجتماع لكبار ضباط الجيش في عام 1994 حضره رئيس الأركان حكمت 
الشهابي» في تعليق على مشاركة سورية في عملية السلام وتعهد الأسد العلني 
إقامة علاقات «طبيعية؛ بإسرائيل شريطة انسحاب قواتها الكامل من مرتفعات 
الجولان*: «لقد أصبحنا غير موجودين. نحن حتى لم نستشر». لا بد من أن 


(36) قدم هذا التعهد أولًا للرئيس الأميركي كليتتون بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 1994 في 
جنيف؛ انظر: .94 ,اعوط ورماوسااكم اا 


418 


يكون هذا التصرف الطائش وما رافقه من جدال بينه وبين الشهابى قد شكل 
إزعاجًا للأسد عندما وصلته أخبار ما حدث, وربما يكون قد شكل أحد 
أسباب اعتقال علي حيدر في صيف ذلك العام. واستبداله في قيادة الوحدات 
الخاصة باللواء العلوي علي حبيب”2©. 

لكن ربما تكون عوامل أخرى قد أدت دورًا في خسارته حظوته. إذ يقال 
إنه عبر عن شكوكه حيال ملاءمة نقل السلطة في سورية على أساس النسب. 
وفعل ذلك بحذر ونبرة مكتومة عندما وضع الأسد ابنه باسل تحت الأضواء؛ 
وهو ما جنبه إعطاء الأسد سببًا ضده. لكنه كان أكثر صراحة فى انتقاده عندما 
تحول الاهتمام إلى بشارء بعد وفاة باسل. وتقول القصة إِنّه صدر عنه ما معناه 
إن عباءة الأسد لا تلائم بشار» وأن سورية ليست ملكية وراثية. ومن المحتمل 
جدًا أن تلك الأفكار كانت تعكس ميلا قويًا بين العسكريين؛ وعلى الأقل» 
فإنّه من المشكوك فيه أن تحمل الكتلة العظمى من السوريين الواعين سياسيًا 
على قبول فكرة السلطة السلالية. وعلى أي حال بعد عزل علي حيدر من 
منصبه» أعطى الأسد إشارة إلى مساعديه الرئيسيين أن عليهم إمَا أن يلعبوا 
بالطريقة التي يريد وإما يخرجوا من اللعبة بأسرها. 

ويقال إن عملاء أحد المكاتب الأمنية وزعواء بعد اعتقال على حيدر» 
منشورًا في دمشق يزعم أن لديه 51 مليون دولار مخبأة في حسابات مصرفية 
أجنبية. وإذا كانت الإشارة في ذلك المنشور لا تنطوي على أي تلفيق» فإن 
الدافع إلى توزيعه. بغض النظر عن صحة محتواه أو خطئه؛ كان بلا شك 
تشويه سمعة علي حيدر*. 

هناك تطور آخر يستحق الاهتمام. ففي 8 شباط/ فبراير 1998» أصدر 
ل ا د وكما لاحظنا 
آنقَاه لم يشغل رفعت هذا المنصب إلا اسميّاه وكان الأخوان على خلاف منذ 
عام 1984. ويبدو أن المرسوم الجديد جاء بفعل أعمال قام بها سومرء أحد 

(37) عن علي حييبء انظر الجدول (1-18). 


(38) حصلنا على البيانات التي استند إليها التحليل في هذه الفقرة والفقرتين السابقتين في عامي 
4 و1995 من سوريين لم يرغبوا في ذكر أسمائهم. 


439 


أبناء رفعت» حيث أسسء بتوجيه من والده؛ كما يفترض» مجموعة معارضة 
في باريس» باسم حزب الشعب العربي. وراح يوجّه نقدًا شديدًا إلى النظام 
السوري من خلال صحيفة الشعب التي كان ينشرها في العاصمة الفرنسية 
أيضَاء ومحطة تلفزيون (4378) التي أسسها في لندن. ومن الطبيعي أن ذلك لم 
يسعد الأسد الذي قيل إنه طلب من رفعت أن يضع حدًا لأعمال ابنه. لكن 
رفعت ظل معاندًا وترك لابنه أن يواصل مساره. 


نبذة عن شبكات الأمن والاستخبارات وشخصياتها الرئيسة 


لم يكد يمر شهر على انقلاب شباط/ فبراير 1966 حتى دان البعثيون 
الموالون للواء صلاح جديدك جاب ابا من بزتارخم القطري «سلوك 
بعسض هذه الأجهزة [الأمنية]4 فى «الفترة الماضية»» وشجبوا #تعددها» 
و«هدرها أموال الشعب» و«الاعتداء على الحر يات» وصعود أفرادها «بأساليب 
لا مشروعة» إلى «طبقة ذات امتيازات خاصة696. 

كان هذا الانتقاد قد تردّد قبل وصول الأسد إلى قمة السلطة بأربع 
سنوات» وهو يوحي بأن شبكاته الأمنية مماثلة» في بعض جوانبهاء لسابقاتها. 
لكنها أصبحت في ظل الأسدء وعلى نحو أوضح من أي وقت منذ استقلال 
بتورية مره أدرات بيد الخاكة ثوانها مسخرة لحاجاته» وقادتها مسؤولون 

فى النهاية أمامه فحسب. وعززت الأزمات وزنها العددي» ووسعت نطاق 
نشاطها وأشكاله وكثافته» وحررتها من القيود وقوّت سلطتها في كبح 
المعارضين السياسيين ومضايقتهم وقمعهم.ء كما في أثناء حملة المقاتلين 
الإسلاميين السرية بين عامي 1976 و1982 ضد النظام. وكان زعيم الحركة 
الوطنية اللبنانية الدرزي» كمال جنبلاط» في ملاحظات كتبها قبل اغتياله في 
عام 1977» ونشرت بعد وفاته» قد وصف سورية في ذلك العام بأنها سجن 
كبير يفرخ فيه عملاء الشرطة السرية (لأنهم وصلواء بحسب بعض التقارير» 
إلى رقم كبير يبلغ 49 ألمًا)»*". هذا الرقم مبالغ فيه بلا شكء» لكن حتى لو 


(39) حزب البعث العربي الاشتراكيء بيان القيادة القطرية (دمشق: [الحزب]؛ 1966): ص 19 
)40( .197 .م ,(1978 بعلءم51 تكاموط) عمطت ء] «رزوظ بأفاطتتال أقلمف] 


440 


6107 


افترضنا أن عدد الشرطة السرية لم يكن في عام 1977 سوى نصف ذلك 
الرقم أو ثلثه» فإنّه يبقى عددًا كبيرًا جدا في بلد صغير مثل سورية. ولأغراض 
المقارنة» لم تصل «القوة العاملة» لدى مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات 
المتحدة» التي كان عدد سكانها في ذلك الوقت يبلغ ثمانية وعشرين ضعمًا من 
عدد سكان سورية, إلا إلى 17345 في عام 2071971. 


من الضروري أن نشدد على أنه ذ فى الفترة الأولى من حكم الأسد. أي 
بين عامي 0 و1975 عندما كانت مسيرته تتمتع بأشدّ التأييد كانت 
صفوف الشرطة السرية أقل من ذلك بكثير» وكانت يد عملاء التحرّي أخف 
بكثير» والمراقبة التي يمارسونها على المواطنين أكثر اعتدالا. ويالمثل» 
أصبحت الشبكات الأمنية في الفترة التي أعقبت انتصار النظام على أز ماته 
الداخلية» أي منذ عام 1986 فصاعداء أقل تغطرسًا أو تطفلا في سلوكها 
وأكثر دقة وحذرًا في أساليبها. وأكد الأسد في عام 1995 «نحن أعطينا 
تعلميات لكل الأجهزة بعدم جواز اعتقال أي شخص إلا من خلال الشرطة 
التي تحيله للقضاءة**». لكن قلة من السوريين تأخذ هذا التصريح بلا تحفظ. 
منذ أوائل الثمانينيات أو نحوهاء صارت الأجهزة الأمنية أكفأً. وأحد 
العوامل التي ساهمت في ذلك هو أنها صارت تعالج المعلومات التي تجمعها 
وتخزنها وتستردها إلكترونيًا. وهذا صحيح أيضًا في حالة البيانات التي 
تجمعها أجهزة المخابرات العسكرية ومخابرات القوى الجوية. وعلى العكسء» 
بقيت مؤسسات حزب البعث غير مؤتمتة. ففي عام 1985» أدرج مؤتمره 
القطري الثامن من بين العقبات التي تعيق تقدمه غياب الوسائل الفنية 
المتقدمة ‏ كالحواسيب - في مجال لحيل الحزبي”. وهو ما زال يعاني 
شعورًا بعدم الكفاية التقانية. ويمكن أن نستنتج من هذاء وعلى نحو مبرر» أن 
الحزب لا بد يتمتع في عيني الأسد بالأولوية الني تتمتع بها أجهزة الأمن 
والمخابرات. 


(0) .305 .م ,(1911 ,لاغط تعليملا بج ل2) طارللا ذا واه «رعالا 186 :781 ئ «عنموع بعس .نا سسدنااتةا 

(42) مقابلة مراسل الأهرام مع الأسدء الشرق الأوسط. لندن» 10/11/ 1995. 

(43) حزب البعث العربي الاشتراكي. القيادة القطرية» تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته: 
التقرير السياسي والتقرير التنظيمي (دمشق: الحزب. 1985) » ص 32. 


14141 


إضافة إلى وحدات الاستخبارات التى تشكل جزءًا لا يتجزأ من التشكيلات 
العسكرية ذات الأهمية السياسية» هناك اليوم بالمجمل» وبقدر ما نستطيع 
التحقق» أربع شبكات أمن ومخابرات رئيسة؛ وهي بالاسم الأمن السياسي 
والمخابرات العامة والمخابرات العسكرية ومخابرات القوى الجوية. وكلها 
تتبع في النهاية للجنة المخابرات الرئاسية. والمهمة الرئيسة للأمن السياسي هي 
أن يرصد أي إشارة على انشقاقات منظمة أو ميول في غير مصلحة النظام» ولو 
بالكلام. أما المخابرات العامة فتتألف من ثلاثة فروع: فرع فلسطين وفرع الأمن 
الداخلي (وهو يكافئ مكتب التحقيقات الفدرالي) وفرع الأمن الخارجي (وهو 
يكافئ وكالة المخابرات المركزية). وهناك كثير من التداخل في وظائف الأمن 
الداخلي والأمن السياسي. والأسدء بوضعه هاتين القوتين السريتين في موازاة 
بعضهما على نحو يضمن له في الحقل الأمني وجود وترين دائمين مشدودين 
إلى قوسه. إِنّْما كان يتصرف بطريقة لا تختلف عن طريقة نابليون الذي وضع 
في خدمته شرطة سرية بقيادة فوشيه» ونظم في الوقت ذاته شرطة مضادة 
لمراقبة فوشيه”*. وبالطيع» لم يكن عملاء الأمن الداخلي وعملاء الأمن 
السياسيء. وكلاهما يتبع الأسد. يعرفون بعضهم بعضًاء إلى حد يقال معه إن 
بعض عناصرهما تبادل إطلاق النار فى أوائل الثمانينيات» وكل منهما يظن 
المجموعة الأخرى من المقاتلين الإسلاميين. أما في ما يخص المخابرات 
العسكرية ومخابرات القوى الجوية» فإن الحكايات التي تجد طريقها عبر 
طاحونة شائعات المعارضة تؤكد أن الحواف القاطعة لهاتين الشبكتين موجّهة 
ضد أي انشقاق محتمل ضمن القوات المسلحة لا ضد الأعداء في الخارج. 
ولكن لا بد من أن يبقى في الذهن أن جميع مؤسسات الأمن والمخابرات 
تعمل بسرية شديدة» وقلما تستند التقارير المتعلقة بها إلى معرفة أكيدة. 

الأشخاص الأساسيون الذين عملوا بإمرة الأسد في الأمن والاستخبارات 
هم علي دوبا ومحمد الخولي ومحمد ناصيف. وهم جميعًا يحملون الآن 
رتبة لواء. وجميعهم علويون (انظر الجدول 1-18). 

(44) بوريين (سكرتير تابليون الخاصض): ره كناوس«علة ,عممعتصده8 عل أءاء سوط عماماهة كتناما 
ركهه5 5"ععوطات5 وعاأمقطع يعارملا بنعلة) .كاه 4 ,وومتطط .قا .2 اعمملمه برط لعائلية ,عارمومده8 «مءاموملة 


26 .م ,ا .أه؟؟ ,(1891 


442 


عمل علي دوبا رئيسا للمخابرات العسكرية منذ 24 سنة: فقد شغل هذا 
المنصب منذ عام 1974. وإنه لذو دلالة أن الأسد قد غيّر رئيس وزرائه 
خمس مرات في الفترة ذاتها”**. وعلى الرغم من «ترقية؛ علي دوبا إلى 
منصب مستشار الرئيس لشؤون المخابرات العسكرية» بحسب إحدى الروايات» 
أو منصب نائب رئيس الأركان للشؤون الأمنية» بحسب رواية أخرىء فإنه ما 


زال» على ما يبدوء يتحكم بسلك المخابرات العسكرية. 


يتحدر علي دوباء المولود في عام 1933» من رجل دين مالك أرض 
صغير من عشيرة النميلاتية» وهي فرع من عشيرة المتاورة» من عائلة تعد 
بالآلاف. وجميعهم يحملون كنية دوبيا 6 . بعضهم» كحاله؛ من أبناء قرية 
قرفيص في منطقة جبلة» لكن آخرين هم من أبناء لواء الاسكندرون» وبعضهم 
من أبناء جسر الشغور التي تبعد 3 ميلا شمال شرق اللاذقية”2. حققت 
العائلة مكانة بين علويى الجبال بعد «استشهاده أحد أبنائهاء وهو محمد أسعد 
دوباء في عام 1921 في معركة ضارية ضد الفرنسيين بقيادة الشيخ صالح 
العلي» وهو رجل دين شعبي وزعيم عشيرة البشارغة» وهي فرع من المتاورة. 

هناك عامل أكثر أهمية في صعود علي دوبا البدئي في سلك المخابرات 
العسكرية هو عضويته في حزب البعث منذ الخمسينيات» أي منذ أيامه في 
ثانوية الأرض المقدسة في اللاذقية. غير أنَّ استمراره في السلطة يمكن تفسيره 
أساسًا بالقرار الذي اتخذه في عام 1970 بربط مصيره بمصير الأسد وبحقيقة 
أنه لم يخرق في أي لحظة لاحقة ولاءه له. 

تصر بعض التقارير على أن دوبا بنى على مر السنين كتلة تابعة له. يقال» 
مثلا» إن عدنان بدر حسن» رئيس الأمن السياسي منذ عام 1987» وماجد سعيد. 


(45) شغل منصب رئيس الوزراء كل من محمود الأيوبى (11972- 1976) وعبد الرحمن 
خليفاري (1978-1976) ومحمد علي الحلبي (1980-1978) وعبد الرؤوف الكسم 
(1987-1980) ومحمود الزعبي منذ عام 1987. وشغل الأسد نفسه منصب رئيس الوزراء في فترة 
0 -1971. وشغل خليفاوي المنصب في فترة 1971 -1972. 

(46) أنا مدين بهذه التفصيلات لعبد الهادي عباس» وهو عضو علوي في المؤتمر التأسيسي 
لحزب البعث في عام 1947 وابن رجل دين من عشيرة الرشاونة من الكلبية. 

(47) أنا مدين بهذه التفصيلات لأحد أبناء عائلة دويا الكبيرة. 


413 


60 


رئيس المخابرات العامة بين عامى 1987 و1994 (انظر الجدول 1-18) هما 
من حلفائه» وإن العقيد محسن سلمانء قائد الفوج 35 في الوحدات الخاصة 
ابن أخته؛ واللواء على حبيب» قائد الوحدات الخاصة منذ عام 1994» من أبناء 
عشيرته. وإذا كان ذلك صحيحًاء فيمكن تفسيره بأنه ليس أكثر من انعكاس 
لسياسة الأسد في السماح لمساعديه الرئيسين بتجميع قواهم» لكن إلى الحد 
الذي يمكنه من الاستمرار في حفظ التوازن في ما بينهم وحسب. وتفادي 
تعريض سلطته العليا للخطر. 

ساهمت عوامل متعددة فى كفاءة هذه السياسة في حالة علي دوبا 
المحدّدة. العامل الأول هو قلة شعبيته بين ضباط الجيش عموماء بسبب ميل 
جهازه إلى الوصول إلى مختلف جوانب حياتهم. وفي الوقت ذاته» كانت 
تشعر صفوفهم العليا تجاه سلطته لا بالخوف فحسبه بل بالحسد أيضًاء وهم 
يرونء كما يقول مثل عربيء وكما عبّر معارض علوي للنظام عن الأمرء إن: 
«كلب الأمير أمير»*. إضافة إلى ذلك» تؤكد قصص منتشرة أن على دوبا 
استسلم للفساده وأن له «أصابع كثيرة في كثير من الفطائر اللبنانية»» وأنه 
«شريك خفي» لمنذر الكسارء وهو سني من النبك وعديل علي دوبا ومتعهد 
سابق» ويزعم أنه كان في الثمانينيات والتسعينيات «أحد ملوك تجارة 
المخدرات». ولا يمكن لهذه المزاعم, إذا كانت صحيحة: إلا أن تضعف 
موقف دوباء وتقوي سيطرة الأسد عليه. لكن من الضروري أن نكرر أن من 
العسير تمزيق حجاب السرية الذي يغطى أجهزة الأمن والاستخبارات وقادتهاء 
حتى إِنَّ الباحث يضطر إلى أن يختار طريقه بحذر وسط شراك الأدلة القائمة 
على الأقاويل. 

على عكس علي دوباء لم يكن محمد الخولي الذي شغل طويلا منصب 
مستشار الأسد الأساس لشؤون الاستخبارات» موضع اتّهام؛ حتى من جانب 
أعداء النظام» في أي أمر يتضمن سوء استعمال السلطة بهدف تحقيق الغنى 
الشخصي. لا يسمع المرء أي سوء عنه سوى أنه قد يكون أذّى دورًا في دفع 
الأسد إلى الاعتماد المفرط على أبناء طائفته. وهوء من نواح أخرى» يوصف 


(48) في حديث مع المؤلف. 


414 


بأنه مستقيم وكفوء ويتمتع بثقة الأسد العميقة» وولاؤه له لا يتزعزع. وهو 
أيضًا معروف بأنه رجل قليل الكلام» وأنه يبقى في الخلف ويتجنب الشهرة. 
وتحمل فئات من المعارضة فكرة شبيهة عنه. ففي عام 8 لاحظ معارض 
المحيطين بالأسدء ذكى ومثقف. ولعله هو الشخص الذي دفع بحافظ الأسد 
نحو المنزلق الطائفي. وهو رجل ذو أفق» وأعرفه شخصياء وأعرف أنه كذلك 
رجل معقد)". 


يتحدر محمد الخولى من عشيرة الحدادين ومن عائلة انتمت تاريخيًا إلى 
طبقة الوسطاء بين الفلاحين وملاك الأرض الغائيين. كان يطلق على ابن هذه 
الطبقة في بعض أنحاء الريف العلوي اسم «الخولي» وفي المنطقة الساحلية 
اسم «الشوياصي». وكانوا عمومًا يعملون وكلاء لملاك الأراض. وكانت 
مهمتهم الرئيسة مراقبة الفلاحين» ولا سيما في موسم الحصاد وجمع الإنتاج. 
صورت دراسة ميدانية برعاية الاتحاد العام للفلاحين الخولي أو الشوباصي 
في فترة ما قبل الإصلاح الزراعي على أنه «عنوان القوة والظلم والإرهاب 
والاستبداد في نظر الفلاحين). وبالطبع» قد لا يصح هذا التعميم على 
أسلاف محمد الخولي. على أي حالء استنادًا إلى مصدر علويء لم يكن 
أقرب أسلاف الخولي الذكور, أي والده» خوليًا في مهنته» بل رجل دين. 

لا نعرف عن حياة محمد الخولي المبكرة سوى أنه ولد في عام 1937 
في قرية بيت ياشوط في منطقة جبلة. ولم يظهر في شبابه اهتمامًا بأفكار 
البعث» وفي الحقيقة لم تكن له أي صلة من أي نوع بالحزب قبل ظهوره 
المفاجئ في ميدان السلطة في عام 1970 لدى استيلاء الأسد على مقاليد 
الحكم. ومن غير الواضح متى بدأت صلته الأولى بالأسد. لكن لا شك في 
أنه يدين بمكانته لروابطه القوية بالأسد. فلدى تولى هذا الأخير قيادة القوى 
الجوية في عام 1964» عيّن الخولي نائبًا لرئيس المخابرات الجوية» ثم رئيسًا 
لها في السبعينيات؛ وقبل مضي وقت طويلء عيّنَ رئيسَا للجنة المخابرات 


(49) حمود الشوفي في حواره مع تمام البرازي» الوطن العربي (باريس)؛ 13/ 5/ 1988 
(50) الاتحاد العام للفلاحين. ملامح من تاريخ الفلاحين؛ 4.» ص 325. 


445 


الرئاسية التي حدّدت على نحو ما طبيعة كبار موظفي المخابرات» وأدت دورًا 
رئيسَا في اختيار كثيرين من قادة شبكات الاستخبارات ومراقبة أعمالهم 
السرية عن كثب. 

احتفظ الخولي بمناصبه في الاستخبارات حتى 31 تشرين الأول/ أكتوبر 
7 :»؛ عندما أصبح من الضروري إعطاء الانطباع بأنه فقد الحظوة» لأسباب 
سياسية كبرى ونتيجة حادثة الهنداوي المثيرة للجدل في نيسان/ أبريل 1986 
في مطار هيثرو في لندن وما تلاها من قطع بريطانيا علاقاتها الدبلوماسية 
بسورية. وما زالت هذه الحادئة عرضة لتفسيرات شتى. يرى بعضهم أنها 
محاولة خرقاء من المخابرات الجوية السورية لتفجير طائرة من طائرات العال 
الإسرائيلية انتقامًا لسوء معاملة وفد سوري كان على متن طائرة ليبية منطلقة 
من طرابلس الغرب إلى دمشق وأجبرتها المقاتلات الإسرائيلية على الهبوط 
في شباط/ فبراير من ذلك العام. ويميل تفسير آخر إلى الشك بأن نزار هنداوي 
كان عملا مزدوجًا وآداة بيذ الموساد الماكرة» وأن المخابرات الجوية السورية 
وقعت في فخ نصبه الإسرائيليون كانت الغاية الخفية منه» بحسب تعبير رئيس 
الوزراء الفرنسي في حينها جاك شيراك «إحراج سورية وزعزعة استقرار نظام 
الأسد»”6. وما زال مستحيلا تسليط الضوء على الدور الدقيق» إن وجد. 
للأسد أو للخولى فى القضية كلها. لكنه ليس أمرًا بعيد الاحتمال أن يكون 
الخولى قد قرر أن يتحمل المسؤولية النهائية عن خطوات غير متعقلة أو خاطئة 
من المخابرات الجوية:؛ وأن يوافق على ما بدا كأنه خسارة لحظوته لدى 
الرئيس من أجل مصلحة النظام العليا. 

على الرغم من خفض منصب الخولي في عام 1987 إلى معاون قائد 
القوى الجوية ‏ وهو منصب سيشغله حتى عام 1994 - ظل يحتل مرتبة 
رفيعة لدى الأسدء ويقال إنه مارس بقربه؛ وما زال» كثيرًا من التأثير بوصفه 
مستشاره لشؤون الاستخبارات. وكان منذ عام 4 القائد الفعلي للقوى 
الجوية. علاوة على ذلك فإن إبراهيم حويجة» رئيس المخابرات الجوية منذ 

(51) عن تفصيلات قضية الهنداوي, انظر: لصة 01د!8 ههآ لمه ,475-482 .هم ,مأسيرد زه 4هداء رعلد5 


رووها8 00 ازول ببج1!) ومع زبحع3 مععوذأأء٠ء![‏ 5 أعهم5[ لزه بورماعاقط 4 تكمه[ا اعمعء5 5 أعه؟5]! ,كرولا لإمرعظ 
433-37 .مم ,(1991 


446 


1 


عام 7 هوء كما يقول السوريون» (صنيعة الخولى4» وينحدر مثله من 
عشيرة الحدادينهت62. 


يعتبر محمد ناصيف رئيس فرع الأمن الداخلي الذي يعادل الشرطة 
السرية» الأقل ظهورًا للعلن بين مساعدي الأسد الأساسيين. وهو قلّما يفوته 
أي شيء ذي معنى سياسي. ويصفه معارضون للنظام احتكوا به بأنه رجل 
«حلِس ملِس"»» و«يظهر غير ما يبطن»؛ أو بأنه #يتقرب منك ليطعنك في 
الظهرا. وهم يؤكدون أيضًا أنه» حين يتعلق الأمر بأساليبه في التحقيق أو 
بأشكال العقاب التي ينزلها بالمعارضين السياسيين» فلا يمكن لأي رادع أن 
يردعه. بعبارة أخري: يبدو أنه ب يتمتع بكل الصفات الخاصة بالدور الذي وضعه 
الأسد فيه. 


ليس معروفًا متى التقى مسارا حياة الأسد وناصيف. فهوء كالأسد. ينحدر 
من عشيرة الكلبية. لعلّ ذلك يكون قد ربط بينهماء وقد لا يكون؛ لأنه من فرع 
مختلف من العشيرة ومن جزء آخر من الريف العلوي. وهو أصغر من الأسد 
بتسع سنوات. ولد في قرية اللقبة قرب مصياف في عام 1939 لوجيه ريفي 
أقل شأناء كان استنادًا إلى صحافى سوري ذا صلات واسعة. «يعيش على 
الإناوات»؛ أي على الابتزاز» وانضم إلى الجيش لدى إنهاء المدرسة؛ ولدى 
وصول حزب البعث إلى السلطة في عام 1963 كان مجرد «ضابط صغيرا. 
1 مرور وقت طويلء» ولم يكن قد تخطى الخامسة والعشرين بكثير» عهد 

ليه بقسم الأمن الداخلي المسؤول عن مراقبة الخطوط الهاتفية. وكانت 
الجا لمكي اد ال حم الاح في لقعا اضيا ل بوره 
عن هذا القسم في ذلك الوقت*©. أثبت ناصيف أنه ملائم لمهمته» حتى إِنَّ 
الأسد الذي أصبح بلا منازع في السلطة» اختاره في منتصف السبعينيات ليدير 
فرع الأمن التاخلى في الميخاير ات العامة. وصارء منذ ذلك الوقتء أداة الأسد 
الرئيسة في 7 تعقب أعداء النظام الداخليين» ؛ على الرغم من إجرائه مؤخرًا عملية 
في القلب. ويأتي محمد ناصيف. رسميّاء بعد مدير المخابرات العامة» لكن 


(52) عن إبراهيم حويجة, انظر الجدول (1-18). 
(53) عن اللجنة العسكرية؛ انظر الفصل 12 من هذا الكتاب. 


4117 


أحدًا من السنّة الخمسة الذين شغلوا هذا المنصب في أثناء شغله لمنصبه لم 
يكن له من الوزن ما كان له؛ أو تمتع بثقة الأسد مثلما تمتع**. إذ طغى عليهم 
لل سه رلا ران جمد بقدرة عل محلو كلق اسان 
بالأسد. 

لم ينج ناصيف» كما سيظهرء من إغراء استخدام نفوذه لبناء ثروة 
شخصية. فغالبًا ما يذكر بوصفه أحد الشركاء الخفيين للغنى الجديد صائب 
نحاس الذي يقال إنه كان يتبادل الخدمات معه؛ ويقال إنه فتح حسابًا مصرفيًا 
في برلين الغربية منذ وقت يعود إلى السبعينيات”!**. وقد عبر تاجر دمشقي 
يارد عين الأمراعاة تحر ديلت إد قال: ينتمي صائب نحاس إلى طبقة من 
التجار صنعها الأمن الداخلي ورئيسه محمد ناصيف6696. هذه أشياء تروى 
فحسبء من دون إمكان إثباتها. 


يبقى ثمّة سؤال محيّر: لماذا تسامح الأسد الذي لا يرقى الشك إلى 
استقامته في أمور المال» مع مفاسد هذا العدد الكبير من كبار مساعديه؛ ولم 
يطلب محاسبتهم محاسبة أشدٌّ صرامة؟ أحد التفسيرات التي يقدمها السوريون 
هو أن المساعدين المعنيين كانواء بلجوئهم إلى ممارسات غير سليمة» 
يضعفون أنفسهمء الأمر الذي يجعلهم أشدٌ خضوعًا لإرادة الأسد. ويقول 
آخرون إنهم يشكلون قاعدة سلطته التي لا يتوقع منه أن يضعفها. لكن إغماض 
عينه عن الفساد في بطانته أتى على شيء من مكانته وأضاف المزيد إلى روح 
السخرية العيابة التي يشعر بها كثيرون من السوريين نحو نظامه. 


(54) كانوا على المدنى (1979-1976) ونزيه زرير (1984-1979) وفؤاد عيسي 
(1987-1984) وماجد سعيد (1994-1987) ويشير النجار (1994 حتى الآن). عن هؤلاء 
المسؤولين» انظر الجدول (1-18). 

(55) عن صائب نحاسء انظر ص 424 425 من هذا الكتاب 

(56) في حديث مع المؤلف. 


418 


الفصل التاسع عشر 


نظرة إلى المستوى الثالث من مستويات السلطة أو إلى 
قوام النخبة العليا من حزب البعث 


كان أحد الملامح البارزة في قيادة حزب البعث المركزية في هذه الفترة 
هو تلك الدرجة المرتفعة من الاستقرار النسبي الذي نعمت به. ففي حين 
تعرضت القيادة القطرية لحزب البعث بين عامي 1963 و1970 لأربعة تغييرات 
كبيرة» أصبح تولّي أعضائها لمناصبهم؛ بعد استيلاء الأسد على السلطة واقتلاع 
الأجنحة فيه؛ أكثر قابلية للتنبؤ وأكثر انتظامًا. غير أنه انسجامًا مع حاجات 
الحزب أو غايات الأسدء كانت هيئة الحزب القيادية تستقبل دماء جديدة فى كل 
مؤتمر قطري عقد منذ عام 1970. كما فقد بعض أعضائها حظوتهم؛ وبالتالي 
مناصبهم, إما تلضعف أدائهم» وإما لسلوكهم المخالف مصالح الأسد. كما 
حدث بعد (أزمة الخلافة». علاوة على ذلك» فصل قانون في عام 1985 الجهاز 
الحزبي عن الحكومة ومنع جميع الوزراء» عدا رئيس الوزراء ووزير الدفاع» من 
عضوية قيادة الحزب العليا. ومع ذلك؛ كان هناك اتجاه صريح نحو الاستمرارية 
في القيادة: من بين الأشخاص الواحد والعشرين الذين يشكلون الطبقة العليا 
حاليًا في الحزب» كان خمسة أعضاء في القيادة القطرية منذ عام 1985» وعشرة 
منذ عام 1980» وائنان منذ عام 1975» وأربعة ‏ هم الأسد نفسه ووزير الدفاع 
مصطفى طلاس ونائب الرئيس عبد الحليم خدام والأمين العام المساعد عبد الله 
الأحمر ‏ منذ بداية حكم الأسد”". 


كان فارق العمر بين القيادة وكتلة الحزب العادية يتزايد على نحو 
(1) استنادًا إلى أرقام في الملحق. 


4149 


ال يد 


لا مفر منه: فكما هو واضح من الجدول (1-19). كان ما لا يقل عن 87 
في المئة من أعضاء الحزب في عام 1990 في عمر يقل عن واحد وأربعين 
سنة» في حين كان 19 من أعضاء القيادة القطرية ال21 في عمر يراوح بين 
5 و260, 


كان الوصول إلى القيادة يقوم ظاهريّاء حتى عام 1980» على الانتخاب 
من المندوبين إلى مؤتمر الحزبء وبدءًا بذلك العام» على الاختيار بالتصويت 
من أعضاء اللجنة المركزية المحدثة حديثًاء أما في الحقيقة فكان التعيين من 
الأعلى هو القاعدة. يقوم تولي المنصب جزثيًا على القدرة على معالجة 
المشكلات العملية وممارسة سلطات النظام بفاعلية أعلى» لكن الإخلاص 
غير المشروط للأسد أمر لا غنى عنه. 

تمتع أعضاء النخبة الحزبية بعد عام 1970» على عكس نظرائهم في 
الخمسينيات والستيئيات الذين كانوا غالبا مناضلين أو متحمسينء بصفات 
الموظفين» باستثناء القلة القليلة من مؤتمني الأسد الشخصيين. 
تمثُلّ تغيبر آخر في تركيبة القيادة القطرية في ظل الأسد بزيادة الوزن 
النسبي للبعثيين السنة. فعشية انقلاب عام 1970» كانت نسبتهم في ذلك 
المستوى من القيادة لا تزيد على 42.9 في المئة. وبعد وقت قصير من 
استيلائه على السلطة قفزت هذه النسبة إلى 9 في المئة. وهذه حصة أعلى 
من أي حصة كانت لهم في أي قيادة قطرية بين عامي 1963 و1970 (انظر 
الجدول 2-19) أو في المكتب التنفيذي لحزب البعث بين عامي 1945 
و1958 (انظر الجدولين 1-11 و2-11). وإذا كانت قد انخفضت على نحو 
ملحوظ في عام 5 فإنها ارتفعت من جديد في عام 1980» واستقرت 
منذ ذلك العام فصاعدًا عند 66.7 في المئة. 


لذذها 


(2) انظر الملحق. 


الجدول (1-19) 


تورّع أعضاء حزب البعث والقيادة القطرية للحزب 
بحسب الفئة العمرية» 1990 


الفئة العمرية 0 يه نسيتها التقريبية من مجموع 
السكان 
2457 








الم | هه | 4ت ا[ 4م لا 


المصادر: نسب السكان هي تقديرات تقريبية؛ وتستند إلى أرقام في الجمهورية العربية السورية؛ رئاسة 
مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1990» 
ص 60؛ وتستند نسب أعضاء القيادة إلى بيانات في الملحق؛ وحصلنا على نسب أعضاء الحزب من 
المقر العام للقيادة القطرية لحزب البعث؛ دمشقء في كانون الأول/ ديسمبر 1992. 


عكس التمثيل الكبير للسنة على مستوى قيادة الحزب في السنوات 
الأولى من حكم الأسد رغبته القوية في كسب ولاء المكون السّني الكبير في 
سلك الضباط وكسب رضا أغلبية سكان القطرء وإصلاح عدم التوازن بين 
البنية الاجتماعية للحزب وتركيبة المجتمع» وإنهاء عزلة الحزب عن جماهيره» 
على حد تعبير أول قيادة دفع بها إلى الحلبة السياسية في عام 1970©. وفي 
ضوء ذلكء لا يمكن بسهولة تفسير الميل الملحوظ في توزيع مقاعد القيادة 

(3) حزب البعث العربي الاشتراكيء القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي؛ الحركة 
التصحيحية؛ 1970 - 1980: [من المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي إلى المؤتمر القومي الثالث عشر] 
(دمشق: [القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي» 1983]): ص 28. 


451 


في عام 1975 لمصلحة العلويين على حساب السُّئة. ومع أنه من غير المحتمل 
أن يكون ذلك مجرد أمر عارض. فإنّ من المبالغة أن نفترض أنه انطوى على 
ابتعاد عن السير نحو الوئام الوطني الذي رسمه الأسد. على أي حال» من 
المثير للاهتمام أنّ ذلك جاء في أعقاب تمتين قوة النظام» وتزامن مع صعود 
نفوذ شقيق الأسد الأصغر رفعت ورفعه إلى قيادة الحزب. ويمكن فهم تعديل 
القيادة في عام 1980 وتصحيح الوزن العددي للسنة في سياق جهد النظام 
لضرب القوى الإسلامية ذات التهديد الشديد التي كان يتعرض لضرباتها في 
حينه. وبعد ذلك» لم تكن التغييرات في القيادة ذات قيمة كبيرة» باستثناء 
خسارة شركاء رفعت المقربين مقاعدهم في عام 1985". 

تزامن تعزيز دور السئة مع تخ تغيير آخر هو زيادة تمثيل عناصر من 
خلفيات حضرية أو تجارية أو تجارية صغيرة د 
حيث جاء 27.1 في المئة من الأشخاص ال48 الذي وصلوا إلى 
عضوية القيادة القطرية بين عامى 1970 و1997 من المدن الرئيسة؛ 
و18.7 في المئة من عائلات تعمل في التجارة. أما الأرقام النظيرة لفترة 
1970-6 فكانت 12.6 في المئة و8.3 في المئة فقط (الجدول 
2 -4). ومرة أخرىء بينما وصلت نسبة الدمشقيين ششيير' يين الأصليين فى 
المستوى الأعلى من الحزب في فترة بعد عام 1970 إلى 12.5 8 
المئة» لم يأت أي عضو من أعضاء القيادات بين عامي 1966 و1970 
من العاصمة السورية. وتوافقت هذه التغيرات مع إدراك الأسد الباكر 
حاجة نظامه الملحة إلى تحالف حضري - ريفي. 

لكن أعلى نسبة من مقاعد القيادة في فترة 1997-1970 (45.8 في 
المئة) كان يشغلها أفراد من أصل فلاحي. وعلاوة على ذلك» شكل 
المعلمون» من حيث الوضع المهنيء الفئة الأكثر وزنًا (37.5 في المئة). 
وما يسترعي الانتباه أن حصة الضباط العسكريين انخفضت من 34.5 في 


(4) هؤلاء الشركاء هم ناصر الدين ناصر وأحمد دياب والياس اللاطي؛ ومناصر آخر لرفعت» هو 
يوسف الأسعدء أسقط من القيادة في عام 1980 لكنه بقي عضوًا في اللجئة المركزية من عام 1980 
حتى 1985. من أجل معلومات متعلقة بسيرة هؤلاء» انظر الملحق. 


42 


19م 


43 


(#كيت خعسم) 6611م - 61 9ع 





مم 6 لمم سمط معطم حم كسم وبصي وم تيمر سوير 


(61-2) مكمصم 


454 


]6 وو كك إجضب جع يبيد معد جومم وعرشيم صكتيب 6 ١‏ وج كنسسته ميم مكبو رو الك عقو مره بتكو ووقم صرف زجع 
يسم المي كروي ربس عنمن سيسحت () 
وج مسيم 


عنادا 
ا ا ل لل لإ ع عل حل لس ساسم 
م 
اعاعاعامال ماما ملعا ١اها ١‏ للماماضم 
2 





المئة في عام 1963 إلى 25 في المئة في فترة 1970-1966 وإلى 18.8 
في المئة في فترة 1970 -1997. 

لكن من الضروري ألا نغمض أعيننا عن حقيقة أن القيادة القطرية لا 
تتمتع» من حيث السلطة الحقيقية» إلا بأهمية ثانوية. وه منت أ 
سلطة تتمتع بها من الأسد الذي أصبح منذ عام 1970 قوتها المحركة 


بلا منازع. 
الحدول (3-19) 
تركيب القيادات القطرية لحزب البعث» تشرين الثاني/ نوفمبر 1997-1970 
(ملخص بيانات في الملحق) 





الدين والطائفة 







عدد الأعضاء عدد الأفرا اد(أ) 


6 
6 
٠. 

د 





دم 


ع 
ظّ 


نم 
ب 
| . 







أرثوذكس 





2 

3“ 

© 

١ ع‎ 
3 





لمجموع 597 


455 


7م 


46 





2 
2 
4 
ع 





عدد الأشخاص(أ) 











2 


3ك ا 3 |5 5313 
ص 
1 
11 
- 
م طّ 
ذُ 
د 
01 





الأعضا 





النسية المثوية 





النسية المثوية 





8 
> 
2 


تابع 


تابع 














العمر لدى الدخول إلى القيادة أول مرة 


0 اسه 


كحو دده 
تت 0 
اك 7 7 1 الاك كك 
0 
تت ب ا ا 
0 
0 
















>-- 222 تب 00 


عدد الأشخاص(أ) 
ال 77 ا لوالو كك 


أشخاص يتحدرون من طبقة الوجهاء 0 «/2)20.8 
الريفية الأقل شأنًا 










طبقات ذات دخل متوسط 


أدنى 
فلاحون مالكو أرض صغار 
70 


متوسطون 
صاحب دكان مالك أرض 


تجار مالكو أرض 


سطون 


متو 
دعا 





اكيس شد 





(أ) الأشخاص الذين انتخبوا أو عينوا في القيادة أكثر من دورة دُكروا مرة واحدة في هذا العمود. 
(ب) انظر الملاحظة (ب) في الجدول (12 - 3). 

(ج) المدن التي يزيد عدد سكانها على 100 ألف في عام 1970 و1981. 

(د) بمن في ذلك معلمان سابقان وموظف جمارك سابق. 

(ه) بمن في ذلك عاملان في النفط وعامل في معمل نسيج. 


459 


الفصل العشرون 
نقل التركيز إلى المستوى الرابع من مستويات السلطة 
أو تحليل توضيحي لدور الاتحاد العام للفلاحين,؛ 
المنظمة الشعبية الرئيسة الرديفغة للحرزب 


0 
1 :» تشير مصادر رسمية إلى أن ها لا يقل عن 83:7 في المنة من بجميع 
السوريين الناشطين فى الزراعة» باستثناء أرباب العمل كانوا مسجلين فى 
الجمعيات الفلاحية (انظر الجدول 1-20)» التي نشأت من دمج الروابط 
الفلاحية والجمعيات التعاونية الزراعية في عام 1974. وتعود بدايات الروابط 
الفلاحية إلى عام 1964 بدفع من الحزب نفسه. وعلى العكس جاءت القوة 
المحركة للجمعيات التعاونية الزراعية التي تعود أصولها إلى عام 21943 من 
عناصر فلاحية متعلمة» على الأقل حتى صدور قانون الإصلاح الزراعي لعام 
8 والتعديلات ذات الصلة الحى سنت في عام 1963» والتي جعلت 
الانضمام إلى الجمعيات التعاونية إلزاميًا لجميع الحاصلين على أرض من 
الإصلاح”". وبعد عام 1974» وعلى الرغم من ضروب التعثر والمشاريع 
الفاشلة» واكتفاء الفلاحين» في بعض الحالات. بالقبول لا بالمشاركة الفاعلة. 
نمت نزعة توحيد الفلاحين في جمعيات بسرعة حتى شملت في عام 
2 قققرية من قرى سورية البالغة 6468 قرية©». أما القرى غير 

(1) أنا مدين لعبد الله حنا لأنه زودني بنسخة من مقالة عن دير عطية نشرها في مجلة يابانية في 
عام 1989غ وهو يعطي رواية عن تاريخ أول جمعية تعاونية فلاحية في سورية. 


(2) تضال الفلاحينء العدد 1334», 18/ 10/ 1992 ص 4ء والاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر 
العام الخامس (دمشق: [الاتحاد العام للفلاحين؛ [د.ت.])) ص 189. 


46 


الل هد 


المتمولة فهدي اقل أهفة أو علد شكانها أكل اهن اريس نسية وق .في 
مناطق حدودية أو شبه صحراوية» وعمومًا في المناطق الأكثر جفافا من 
محافظات الحسكة وحلب والرقة©. 

جاء بناء شبكة الجمعيات الفلاحية فى أنحاء القطرء إلى حد ماء نتيجة 
ضغط حزب البعث؛ لكنه عكس أيضًا قدرة متنامية على التكيف بين الفلاحين 
ووعيًا متزايدًا لديهم بمنافع الزراعة التعاونية. إذ كان هؤلاء» قبل تطبيق 
الإصلاح الزراعي» يعانون الأمرين للحصول على رأس المالء وكان عليهم» 
للحصول على قروضء أن يتكلوا على تجار ومرابين بلا ضمير. وكما بيّنا 
في الفصل الثالث» بات بمقدور الفلاحين» بعد انضمامهم إلى الجمعيات 
الفلاحية التى هي في معظمها جمعيات تعاونية خدمية متعددة الأغراض» أن 
يضمئوا الحصول على قروض نقدية وعينية بشروط تفضيلية وبمعدلاات 
فائدة أدنى من تكلفة المال. وهم يستفيدون أيضًا من المزايا كلها التي تتمتع 
بها الجمعيات» ومنها على سبيل المثال لا الحصرء إعفاؤها من الضرائب 
والرسوم المفروضة على وسائل الإنتاج» وحسم 5 في المئة على المستلزمات 
المبتاعة من مؤسسات الدولة» وخفض نسبة 25 في المئة من تكلفة نقل 
الآلات والتجهيزات الزراعية فى القطارات وغيرها من وسائل النقل العامة» 
وتخفيضات أخرى نتيجة احتكار الاتحاد العام للفلاحين منذ عام 1977 
توزيع قطع تبديل الجرارات والحصادات”. ولا شك في أن الفلاحين 
يتمتعون في الجمعيات بوضع أفضل مما لو تركوا وحدهم. وباستثناء القرى 
التي يمسك فيها فلاحون أغنياء أو وجهاء ريفيون أقل شأنًا بالخيوط» فإن 
الجمعيات تعبر عن مظالم أفقر الفلاحين والعمال الزراعيين» وتساعدهم في 
حل مشكلاتهم» وتعمل على تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. وهي 
أيضًا تنجز أعمالا أو تنسّقها نيابة عن جميع الفلاحين الداخلين فيها مثل 


(3) الاتحاد العام للفلاحينء المؤتمر العام السابع (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 2))1991 
ص 67. 

(4) عن هذه المزاياء انظر الاتحاد العام للفلاحين» المكتب التنفيذي. قانون التنظيم الفلاحي رقم 
21 لعام 1 (دمشقء 1989), المادة 2 9: الفقرات 2«ب» و«د» واه)؛ والاتحاد العام للفلاحين؛ 
المؤتمر العام الخامس» ص 153. 


402 


انتقاء البذار والأسمدة وشرائها ومكافحة الآفات ونقل الإنتاج أو تخزينه 
وتسويق المحاصيل الرئيسة بسعر عادل وتقديم استشارات خبيرة» على يد 
مهندسين زراعيين»؛ حيث تزايد عدد هؤلاء فى سورية عمومًا من 1020 فى 
عام 1970 إلى 5685 في عام 1980 وإلى 13572 في عام 1991. وَعَلن 
أي حال» كان من النادر في عام 1970 أن يرتبط مهندس زراعي بالجمعيات 
الفلاحية. لكن تلك الجمعيات ضمت 23.2 فى المئة من المهندسين 
الزراعيين في عام 1980 وثلثهم في عام 001 


(الجدول 1-20) 
عضوية الجمعيات الزراعية و/ أو الروابط الفلاحية في أعوام 1960. 21972 
5 1984 1991 1995 








4417 
3ؤة11ؤ1ظ1 
أ 
8585 
1101 2113 1060607 
8588 
-(ب2 5505 23203 2053619 
و د( 
111ص الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام الرابع (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» زد ت.])ي 


ص 38 و40؟ المؤتمر العام السادسء. ص 0 والجمهورية العربية السورية؛ رئاسة مجلس الوزراء. 
المكتب المركزي للإحصاءء المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1992. ص 418. 






403 






تابع 
2107 156+ 
4ؤظ1 6ه 
220312 
16 | 664167 


المصادر: الجمهورية العربية السورية» وزارة التخطيط. مديرية الإحصاءء؛ التعداد العام للسكان لعام 
0 (دمشق: الوزارة» 1960): ص 163-162 و167-166؛ الجمهورية العربية السورية» 
احجان الرزراية لمكي لجر كي لاد حصان الى لح لمعه الا زرا ريا 
العمل في القطر العربي السوريء أيلول 1972 (دمشق: المكتب المركزي للإحصاءى [1973]): 
الجدولان 19 و20؛ الاتحاد العام للفلاحين: المؤتمر العام الرابع (دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 
[د.ت.])؛ ص 28؛ نضال الفلاحين» عدد وثائقى خاص (1987)؛ ص 104؛ القيادة القطرية لحزب 
البعث؛ مكتب الفلاحين » «تاريخ الحركة التعاونية الزراعية في سورية..؛ (1974): ص 4121 
الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء؛ المكتب المركزي للإحصاء: المجموعة الإحصائية 
السنوية السورية لعام 1986, ص 106 - 107؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1991» 
ص 90؛ المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام2 199 » ص 90 و419. والمجموعة الإحصائية 
لعام السنوية السورية 1996. ص 452. 

(أ) يجب الأخحذ في الحسبان أن عددًا كبيرًا من النساء العاملات في الأسرة لم يدخلن في الحساب 
في عام 1960. 

(ب) أسست أول جمعية تعاونية زراعية في قرية دير عطية على بعد 89 كلم شمال شرق دمشق 
في عام 1943. وظهرت روابط الفلاحين إلى الوجود في عام 1964. دمجت الجمعيات التعاونية 
الزراعية وروابط الفلاحين في عام 1974 وسميت الجمعيات الفلاحية. 

(ج) يجب تذكّر أن عام 1984 كان عامًا سيئًا وأن أعوام 1972 و1975 و1991 كانت أعوامًا 
جيدة للزراعة؛ والأخذ في الحسبان أيضًا أنه بدءًا بعام 1989 بدأت «هجرة عكسية؛ من المدن إلى 
القرى» فى -حين تميزت الثمانينيات بالهجرة الريفية. 

(د) كان مجموع عدد السوريين الناشطين في الزراعة في عام 1975 هو 918108. وفي ما 
يخص المصدر المعنيء لم يوزع هذا الرقم بحسب الحالة التشغيلية» وافترض» لغايات هذا الجدول. أن 
عدد أصحاب العمل الزراعيين هو نفسه لعام 1972» أي 25850. 

(ه) من الواضح أن بعض الفلاحين الأعضاء؛ يمن في ذلك عمال الحقولء لم يعمل في الزراعة 
في ذلك العام نتيجة الجفاف في عام 1984. وبالتالي فالنسبة الفعلية للمزراعين الداخلين في الاتحاد 
أقل من تلك الظاهرة في الجدول. 


4064 


7م 


بالتأكيد» لم تكن الأمور تسير بسلاسة كما يشتهي الفلاحون أو اتحادهم 
العام. إذ اشتكى قادتهم» في وقت يعود إلى آذار/ مارس 1991» من أنه كانت 
هناك فى السنوات الخمس الماضية «قفزات متسارعة... فى أسعار مستلزمات 
الإتساج» وتكاليف تطوير الزراعة» الأمر الذي «أثار وخلق صعوبات في وجه 
تنفيذ الخطط الإنتاجية الزراعية... والتقدم نحو طرق أكثر علمية في استثمار 
الأرض». وتابعت القيادة أن «بعض الجهات الحكومية تلجأء أحياناء إلى 
اتخاد إجراءات... تمس جوهر القطاع الزراعي وحياة الفلاحين» وعملهم» 
دون الرجوع إلى التنظيم الفلاحي أو مناقشته في منعكسات وآثار هذه 
الإجراءات». وأشارت أيضًا إلى «مظاهر الخلل فى أداء بعض الجهات» 
موردةٌ على سبيل المثال» «عدم توفر بعض السبتار ماك وعدم دفع قيمة 
المحاصيل والمنتجات الزراعية في مواعيدهاء ونقص العبوات أو الأكياس». 
وكل ذلك «نفر الفلاحين من التعامل مع تلك الجهات, مما خلق شيئًا من 
أزمة الثقة التي ما كان ينبغي أن تكون». ونبهت الشكوى ذاتها الحكومة إلى 
«مخاطر كبيرة تتعرض لها الرقعة الزراعية تتلخص في الزحف الإسمنتي 
العشوائي والتلوث البيئي» والتملح؛ و الاستخدام غير الرشيد للمياهة. 


لم يعد التمويل مشكلة كبيرة للتنظيم الفلاحي في السنوات الأخيرة مثلما 
كان عليه الوضع في المرحلة الأولى من حياته يوم كان يعتمد كلية على الحزب 
أو الدولة لتمويل أعماله. ففي عام 1966 كان كامل إيراده معونة من القيادة 
القطرية لحزب البعث بلغت 717958 ليرة سورية (188440 دولارًا)!©. وفي 
ما يخص الدخل بقيت ظروفه ثابتة فعليًا حتى نهاية الستينيات. لكن» في العقود 
التالية» وعلى الرغم من أن بعض وحداته لم تبل بلاء حسئاء أو وجدت رأس 
مالها يتقلص نتيجة عوامل مثل قلة التركيز وضعف الإدارة» أو نتيجة أعباء 
الدين التي تحملتها في سنوات الجفافء فقد اعتمد التنظيم عمومًا على موارده 
الخاصة على نحو متزايد. ففي عام 1976» لم تشكل المعونات التي قدمتها 
قيادة الحزب ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ووزارة الشؤون 


(6) الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام السابع» ص 45-44. 
(7) الاتحاد العام للفلاحين» المؤتمر العام الثاني» ص 97-96. 


40 


الاجتماعية والعمل سوى 39.1 في المئة من مجموع المبالغ التي استلمها 
والبالغة 17.4 مليون ليرة سورية (4.4 ملايين دولار). وانخفضت هذه النسبة 
إلى 7.9 في المئة في موازنته لعام 1985 البالغة 122 مليون ليرة (31 مليون 
دولار)؛ لكنها ارتفعت قليلًا إلى 9.4 في المئة في موازنة عام 1990 البالغة 
2 مليون ليرة (17.8 مليون دولار)©. 

من المفارقة» أن التنظيم الفلاحي كان يت ا ا 
السبية عندما كان يعنمد في دخله على الظا قباتا بالحرية لني تمتع 
عندما حقق اكتفاء ماليّا ذاتيًا. فقد حمل الحزب إلى مؤتمر التنظيم 00 
ار ال علي الور ا وعدا اح ني 
#باستقلالية كاملة عن السلطة» وبأن الجمعيات الداخلة فيه ستعمل «فى كل 
قرية» بعيدة عن أي تدخل حكومي في شؤونها1ة”. وفي الحقيقة» أدار قادة 
الاتحاد العام للفلاحين أموره بين عامي 1964 و1970 بطريقتهم الخاصة. 
وقد يسّر ذلك عدد من العوامل: التنظيم الرخو لنظام البعث بين عامي 1963 
و1966 والتقلب في قمته نتيجة صراع الأجنحة في حزب البعث والتقارب 
في وجهة النظر بين قيادة الاتحاد العام للفلاحين والاتجاه السائد ذي الأساس 
الريفي لبعثيي الستينيات. 

لكن صدمة هزيمة العرب العسكرية في عام 1967 ولّدت ضغطًا باتجاه 
تنسيق جهد القطر وتعبثة موارده» بما في ذلك الموارد الزراعية» وشجعت قيام 
نظام قبيد البركزية فى اتخناذ القراز. ونتيجة الصرع التالي بيسن الجناحين 
المدني والعسكري من الحزبء لم تتحقق سيطرة أعلى على التنظيم الفلاحي 
إلا بعد استيلاء الأسد على رئاسة الدولة في عام 1970. وكان قادته» بمن 
فيهم رئيس لجتته التنفيذية أحمد حمدوني» وهو رجل متواضع ذو أصل فلاحي 


(8) الاتحاد العام للفلاحيين: المؤتمر العام الرابع» ص 457-56 المؤتمر العام السادس. 
ص 223؛ المؤتمر العام السابع» ص 272 - 273. بحسب المقابل بالدولار للمبالغ الواردة على أساس 
سعر الصرف الرسمي في سورية بمتوسط 1 دولار - 3.851 ل.س في عام 106 دولار - 3.5ظ2 
ل.س في عامي 6 و1986غ و1 دولار - 11.25 ل.س في عام 1990. في آخر سنة مذكورة كان 
سعر الصرف التشجيعي هو 22 ل.س مقابل الدولار الذي كان يصرف في السوق الحرة ب 43 ل.س 
(9) الاتحاد العام للفلاحين المؤتمر العام الأول» ص 99-98 و115. 


406 


من قرية في وادي الغاب» قد وقفوا في عام 9 إلى جانب الجناح المدني 
من الحزب ضد الأسد""» الذي أبعدهم لاحقاء وأجبر التنظيم في عام 1971 
على قبول رئيس جديد ألين عريكة هو مصطفى العايد» وهو شاو سابق أو 
فلاح مربي أغنام من قبيلة العفادلة شبه المستقرة من أبناء قرية سلوك شمال 
شرق الرقة”". وبقي العايد على رأس الاتحاد العام للفلاحين حتى هذا اليوم. 

غير أنه إذا ما كانت قبضة النظام على التنظيم الفلاحي؛ في ظل الأسد قد 
أصبحت أشد. فإن الأسد كان طوال الوقت بحكم خلفيته؛ متقبّلا أفكار 
أعضائه العاديين وحاجاتهم ومظالمهم. وإضافة إلى ذلكء كانت الصفات 
الوحيدة التي لا غنى عنها والتي يطلبها من قادته هي الولاء لشخصه والالتزام 
العام بسياساته وبخطط القطر الاقتصادية. وفي ما عدا ذلك» كان يسمح لهم 
بدرجة معتبرة من الاستقلالية في حكمهم على المسائل المتصلة بالزراعة 
وحياة جمعياتهم. 


لدى التفكير في الطريقة التي دخل فيها الفلاحون في علاقات السلطة في 
عهد الأسدء من المفيد أن نقتبس من كلمة ألقاها فى نيسان/ أبريل 1211 في 
المؤتمر الخامس للاتحاد العام للفلاحين؛ إذ قال: «أيها الأخوة الفلاحون! لن 
ترتفع بعد اليوم يد فوق يد الفلاحين... الكادحون هم المنتجون... ويدهم 
هي العليا... أنتم أصحاب القرار في كل ما يتعلق بالأرض والمسألة الزراعية... 
أنتم» أيها الإخوة الفلاحون» موجودون في كل المؤسسات في كل القيادات» 
المحلية والمركزية» موجودون في كل المؤسسات الأساسية واللجان 
الأساسية... وفي الإدارة المحلية... وفي مجلس الشعب... وفي مجلس 
التخطيط الأعلى... وفي أعلى مؤتمر للحزب... وفي كل مؤسسة لها صلاحية 
اتخاذ القرار26". 

هل يلقي الأسد بالكلام هنا لمجرد التأثير؟ أم هناك شيء من المعنى في 

(10) انظر الفصل 12.» ص 331-330 من هذا الكتاب. 

(11) أنا مديين بالبيانات المتعلقة بحمدوني والعايد لبعثئي سابق كان على معرفة بأمور التنظيم 
الم . 
57 للفلاحينء المؤتمر العام الخامس» ص 9: 15» 18 و19. 


407 


اك 


لع اك كرا اا يتمتع الفلاحون أو روابطهم بتأثير 

قن مناه جين الجناسات: أفلة فى ادو ا تؤثر فيهم؟ لا شك في 
أن الأسد ممح لرواعط الفلاجين يضرت في كل المسائن الخغلنة يجبعاتي 
ويسمح بنقد السياسات التي تؤثر سلبيًا في المزارعين 

في هذا السياقء تمثل الحوادث التي جرت في قرية الرقيطة في عام 
9 وهي قرية صغيرة في محافظة حماه؛ إيضاحًا جيدًا لنوع التأثير الذي 
تستطيع روابط الفلاحين أن تمارسه. ففي ذلك العام» استملكت الدولة بعض 
أراضي الرقيطة من أجل القيام بمشروع صناعي. واعتبر فلاحو المنطقة هذا 
الإجراء ضد مصالحهم. وأقنعوا رابطتهم الفلاحية بمناصرة قضيتهم. وفي 
النهاية» علم الأسد بالقضية عن طريق اتحادهم العام» فأمرء بعد تقليب المسألة 
على جوانبهاء بإلغاء ذلك الاستملاك غير المرغوب شعييا(ة". 


تقدم الحيئيات المتضمنة في المرسوم التشريعي رقم 31 بتاريخ 14 
أيار/ مايو 1980» مثالا آخر على الدور الذي يتيح الأسد للتنظيم الفلاحي أن 
يقوم به في الحياة السياسية. إذ خفض المرسوم سقف الحيازات الفردية من 
5 هكتارًا إلى 45 في الأراضي المروية ومن 300 إلى 200 هكتار في 
الأراضي البعلية» وصدر المرسوم بإلحاح من الاتحاد العام للفلاحين الذي 
كان تواقًا إلى تلبية المطالب الأساسية للمحاصصين المحرومين من ملكية 
الأرض والعمال الزراعيين ولو تلبية جزئية*". 


يحتفظ الأسد بحس أساس حيال مزاج الفلاحين الذين يعتبرهم جمهوره 
الطبيعي ويتوافق غريزيًا مع مشاعرهم. وإنه لذو مغزى أنه أتى في أواخر 
السبعينيات وأوائل الثمانينيات بفلاحين من الريف لمواجهة التظاهمرات 
والإضرابات التى اندلعت فى حماه وحلبء وأنه أجاز فى 10 آذار/ مارس 
0 في ذروة هجوم الإخوان المسلمين الضاري على نظامه؛ تشكيل الكتائب 

(13) كلمة الأسد بتاريخ 26 نيسان/ أبريل 1981 أمام المؤتمر العام الخامس للاتحاد العام 
للفلاحين» ص 8 - 19هء ونضال الفلاحين؛ عدد وثائقي خاصء ص 14. 


(14) نضال الفلاحينء عدد وثائقي خاص؛ ص 66. عن الأحكام الدقيقة للمرسوم رقم 31 
بتاريخ 14 أيار/ مايو 21980 انظر الجدول (2 -4). 


408 


الفلاحية المسلحة على أساس تطوعي وعلى أن تكون تابعة للاتحاد العام 
للفلاحين. ووصلت هذه القوة مع نهاية عام 1980 إلى 6 رجلاء لكنها 
كبرت إلى 34496 في عام 5 وإلى 46239 رجلا في عام 91990". 


عندما ننظر إلى هذه التطورات كلّها في سياق القرون السابقة على القرن 
العشرينء يبدو التباين ماوعا فقلما دخل الفلاحون في تلك القرون ساحة 
رؤية حكام سورية إلا بوصفهم مصدرًا للويرادات. وإننا لنبحث عبنًا في 
المصادر التاريخية الباقية عن تعبير عن اهتمام مؤكد من جانبهم بحياة الفلاحين 
ومشكلاتهم. وحتى المؤرخين لم يهتموا بهم إلا قليلاء لأنه يبدوء من وجهة 
نظرهمء أن ما كان يجري في القرى لا ب يستحق أن يروى. 


(5) الاتحاد العام للفلاحين: المؤتمر العام السادس. ص 213. والمؤتمر العام السابع. 
ص 105. 


469 


نقطة 207176 


الفصل الحادي والعشرون 
نظرة أقرب إلى قمَةَ السلطة أو شخصية الأسد بوصفها 
عاملا في المحافظة على حكمه وإحباط خصومه 


يمكن تفسير جانب من نجاح الأسد في أخذ مقاليد الحكم والإمساك بها 
بقوة طوال هذا الوقت في ظروف موضوعية صعبة» بصفات حُبيّ بهاء أو دأب 
على تنميتها على أساس من التجربة والانضباط الشخصي. 

عمومّاء لا يتصرف الأسد باندفاع. وهو صبور بعيد عن الأهواء ومرن 
وخبير في المهارات التي تتطلب هدوءًا ولعبًا من وراء الستار» وهو رابط 
الجأش في أوقات الأزمة وبارع في إخفاء أهدافه الحقيقية» ولا يقرر إلا بعد 
فحص المسائل من كل زاوية ممكنة. وهو أيضًا يركز نظره على ما يمكن 
تحقيقه» ويعرف كيف يوجه أشرعته مع الرياح الجديدة أو كيف يكيف 
تكتيكاته مع تغير الظروف. وتساعده في كل ذلك معرفته الأساسية بالقوى 
العاملة في قاعدته الداخلية وبيئته الإقليمية وحساسيته الواضحة حيال تعقيدات 
السياسة العربية والدولية. وبالطبع تنطبق هذه الصورة على الأسد في الثمانينيات 
أكثر من انطباقها عليه في عام 6 » فهو على الرغم من تأديته دورًا في 
صوغ غم الحوادث في سورية والبلدان المجاورة» فإن الحوادث في الداخل 
والخارج صاغته أيضًاء أو تكيّف معها. 

فهم الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. منذ عام 1974 من هو الأسد 
ومن سيكون. كان قد زاره في دمشق في عقب محادثات فض الاشتباك بين 
القوات السورية والإسرائيلية في مرتفعات الجولان» وخرج «بانطباع قوي6 
عنه. وكتب في مفكرته أن الأسد «مفاوض صعب المراس لكنه يسم بكثير 
من الغموض وقدرة هائلة على الاحتمال وكثير من السحر... وهو. على 


41 


العموم» رجل له قوامه الفعلي» وإذا استطاع وهو في هذا العمر ‏ أربعًا وأربعين 
سئة ‏ أن يتفادى إطلاق النار عليه أو الإطاحة به» فسيكون قائدًا يحسب 
حسابه في هذا الجزء من العالم... يتمتع الرجل بعناصر العبقرية حقّاء لا 
جدال في ذلك)”". 


ووجد هنري كيسنجرء وزير خارجية نيكسونء من جانبه» أداء الأسد في 
أثناء مفاوضات فك الاشتباك «مذهلا». وقال «شدّ الأسد الوتر بالتأكيد إلى 
آخر ميليمتر ممكن» ولم يقرر التسوية إلا بعد أن تأكد تمامًا من أنه قد اعصر 
آخر قطرة دم من الحجر»". 

سلط ريتشارد مورفيء السفير الأميركي في دمشق بين عامي 1974 
و1923 يناعن ورين الشارجة لقوون الخرق الأدتى وتجتوت سنا بي 
عامي 1983 و1989» مزيدًا من الضوء على أسلوب الأسد التفاوضيء 
فأشار إلى أن «الأسد يستمع بدقة شديدة إلى ما لدى زائره ليقوله. يك 
الحديث بهدوء شديد» وقلما يسمح لنفسه بإظهار انفعاله. لا يحصل المرء 
منه عادة على تصريح من مثل «أوافق تمامًا» أو «لا أوافق»... وفي حين 
يسعى إلى معرفة أقصى ما يستطيعه عن موقفي... فإنه يبقي أوراقه قريبة 
من صدره. .. وهو رجل راكم من أسفار شخصية قليلة كثيرًا من التبصر في 
الشؤون الدولية... وتعلم كيف يلعب لعيًا شديد المهارة بذراعين ضعيفتين 
موضوعيًا0. 

ليس ما قاله ألكساندر زوتوفء وهو خبير سوفياتي في أمور الشرق 
الأوسط وسفير موسكو فى سورية بين عامى 1989 و1993» أقل إيضاحًا في 
وصف الأسد. ففي حقبة الغلاسنوستء أو تحديدًا في عام 1983» عندما كان 
مستشارًا فى السفارة السوفياتية فى واشنطنء اتصل به مؤلف هذا الكتاب 
بهدف الحصول منه» من بين أمور أخرى» على ملاحظاته على تأكيدات أوردها 
كيسنجر في كتابه سنوات الغليان. فقد كتب كيسنجر أن الأسد في المرحلة 


)010( .(19718 ,[بطام .م] عتمملا ب 71) برمطل! جمطء 1 إن عرامجعلة :71 ,«معحالة لممطعت] 
)2( .(1982 ,مس8 ,ملكتا تمماكم8) أمممع اونا إن كمع[ ,عع صاكمنف1 بصمع13 
(3) ريتشارد مورفي» حديث هائفي مع المؤلف. 12 أيار/ مايو 1993. 


412 


التحضيرية من محادثات فك الاشتباك في منتصف السبعينيات «بذل جهدًا 
ليؤكد أن موسكو لم تتمتع بوضع استشاري تفضيلي في دمشق» و«قبل 
الإجراءات الواردة في خطتنا... التي استبعدت موسكو وعهدت إلى الولايات 
المتحدة بوظيفة الوسيط». وأضاف كيسنجر في موقع آخر من روايته «فضّل 
الرئيس السوريء على نحو لافتء أن يفاوض من دون حليفه الرئيس»©. 
ومن المحتمل أن يكون كيسنجر قد سعى من وراء هذه التأكيدات إلى تسميم 
الأجواء بين موسكو ودمشق. لكنء أيّا يكن الأمرء كان زوتوف يعتقد في ذلك 
الوقت أن الأسد: 
داهية ... وأكثر تبصرًا من أن يقول أشياء قد تضر بعلاقته بالاتحاد 
السوفياتي. حاول كيسنجر أن يورط الأسد في لعبة من خلف 
ظهرنا. وربما يكون الأسد نفسه قد فكر في أن يسايره. فهو 
يستخدم أي شخص قد يخدم غايته. .. ففي وضع ملموس» مثل 
وضع الأسد وفي مشل اهتمامه بإشراك الولاياث المتحدة عن 
كثب في تسوية الصراعء لاعتقاده أنها المؤثر الوحيد في 
الإسرائيليين» ربما يكون قد أعطى الانطباع بأنه يرغب في أن 
يلعب لعبة كيسنجر. كانت هذه مسألة تكتيك. ومن المعروف أنه 
تكتيكي جيد جذدا. كان من الواضح للأسد أن كيسنجر مؤيد 
لاجزايل» وآلهصهيوني: وممثل الدولة التي تقدم دعمًا غير 
محدود تقريبًا لإسرائيل؛ لكنه.» في الوقت ذاته» ممثل لبلد لم 
يكن لولاه ليستطيع أن يحقق ما أراد تحقيقه. كان من المفيد» من 
وجهة نظره» تشجيع كيسنجر. وفي ذهن الأسد أنه يستطيع أن 
يأتي في ما بعد إلى موسكو ويقول شارحًا: «لقد استخدمت 
كيسنجر» هذا تكتيكي00©. 
تعزز هذه الملاحظات الاستنتاج القائل إن الأسد. حين يتعلق الأمر بفن 
المناورة» ند لكيسنجر. وإذا أردنا أن نستخدم كلمات المفكر آدم سميث من 


4( 4 ,944-945 .رم ,أمنحمءباونا زه عه16 ,كعودزدول»] 
(5) ألكساندر زوتوف» حديث مع المؤلف» واشنطن العاصمة؛ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1983. 


0403 


ال هد 


القرن الثامن عشرء فكلاهما يمتلك «مهارة ذلك الحيوان الماكر والبارع الذي 
يُذُعى على نحو فج رجل دولة أو سياسي6©. 

شهد على براعة الأسد في لعبة السلطة خصومه في الداخل أيضًا. ففسّر 
البعثيون «اليساريون؛ اتتصاره عليهم بتمكنه من أن يتواجد في جميع قيادات 
الحزب منذ 8 آذار حتى الردّة [أي استيلائه على السلطة في عام 1970] وأن 
يناور بين جميع الكتل الحزبية المتصارعة متنقلا بين اليمين واليسار واليسار 
واليمين بخفة وبراعة» وأن ينسج في الوقت نفسه شبكة علاقات واسعة سرية 
وعلنية - بحسب الحاجة ‏ مع جميع الأطراف ليقفز من خندق الطرف الخاسر 
إلى خندق الطرف الرابح في آخر لحظة©. 

كان العرض الذي قدمه الأسد إلى اللواء أمين الحافظ» قبل انقلاب 
شباط/ فبراير 1966» مثالا نموذجيًا على أساليبه المتّبعة. كان الحافظ» وهو 
حينها رئيس الدولة» قد ألقى بأوراقه إلى جانب الحرس القديم من البعثيين 
الذين كان عددهم راجِحًا في القيادة القومية للحزب. وكان هو والعميد صلاح 
جديدء ذو الوزن الكبير فى القوات المسلحة والمسيطر على القيادة القطرية 
للحزت» على رشك التغال: كان الأسد يقوة الفوئ الجوية :ركان يعست 
المظاهر كلّهاء حليفًا لجديد, لكنه ترك الانطباع بأنه لا يفضل تحويل الصراع 
إلى اختبار عنيف للقوة. واستنادًا إلى الحافظ» فقد زاره الأسد فى تلك اللحظة 
الفاصلة؛ وقال له: «يا أبو عبدو» كلنا نثق فيكء وارفع يدك عن القيادة 
[القومية]ء وهؤلاء ليس معهم لا مدني ولا عسكري» وضع يدك في يدي 
ودعنا نتعاون». رفض الحافظ أن يدير ظهره للبعثيين القدامى. وضغط الأسد: 
«إنهم يتآمرون عليك)*. ليس واضحًا إن كان الحافظ حاول استجرار الأسد 
ليكشف المزيدء أو كان لديه سبب للاعتقاد بأن كلماته لا تعكس قناعته» أم 


(6) زه اناوه !ا دكووزيملة زه «(المع1آ ع[ لزت كعكبنه©) ننه عربناها! [ا ول بنةو1 دق رطاتمد تمملى 
.(1776 ,عترماكع لطلالا تصتاطنا) .ؤامن 3 ,كبمتاهلم 


(7) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي؛ نقد تجربة الحزب. ج 4؟ تفترض الأدلة 
الموجودة داخل هذا التقرير أنه نشر في عام 1980. الاقتباس من ص 64. 

(8) اللواء أمين الحافظ في حوار مع الصحافي تمام البرازي» الوطن العربي (باريس)» العدد 
5392-6 17/ 6/ 1988. 


414 


شعر بأنه يسعى إلى التلاعب به. ما يهم هنا هو أن عرض الأسد لم ينفع. 
وعندما أطاح جديد. في النهاية؛ الحافظء ووضعه مع رفاقه في السجنء فإن 
الأسدء استنادًا إلى البعثي القديم منصور الأطرشء «أصر على معاملة... 
لمحا زاملي مكدر ركه الاعضاء الجتطر فين قلي القؤادة القطرية 
للحزبء رفاق الأمس6”©. كذلك ساعد الأسد. وقد أصبح وزير الدفاع» في 
مصاريف معالجة أبناء الحافظ» الذين أصيبوا في المواجهة العنيفة التي جرت 
لدى الهجوم على مكان إقامته» في مستشفى في فرنسا*"". وبتصرفه بتلك 
الطريقة» نم الأسد مرة أخرى عن دهائه السياسي. 

توضح الطرائق التي تعامل بها الأسد مع خصومه الداخليين بعد إمساكه 
بالسلطة كاملة تلك الجوانب من شخصيته التى تؤثر فى ممارسة السلطة. ذلك 
آنه لم يظهر أي رحمة مع خصومه الألداء أو العنيدين الذين مثلوا خطرًا 
حقيقيًا على وضعه. وبعد معركته مع صلاح جديد في عام 1970» ألقى به في 
السجن كي يتعفن بعد رفضه عرضًا بالحرية مقابل كفّه عن العمل السياسي. 
وكان ذلك أشبه باسسبلدم هادئ مدفوع بقوة اليأس الذي ألقى بظله عليه إلى 
أن وضع الموت حدًا لمأساته في عام 1993 اوت انس الذي واف 1 
ومن ثم في تقديم العزاءء كانت الآية القرآئية التي تليت؛ على ما قيل» مختلفة 
عن الآية الملائمة لمثل تلك المناسبة. فبدلا من تلاوة (إِنَا لله وإِنا إليه 
راجعون؟» تليت «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون276. 


اغتيل منافس آخر هو اللواء محمد عمران في عام 2 فيما كان 
يستعد للعودة إلى سورية من منفاه في مدينة طرابلس اللبئانية 0120 . ويدا في 
ذلك الوقت لاعبًا خطرًا مُحتملا نتيجة دوره السابق والوزن الذي ما زال 
يشغله في القوات المسلحة» على الرغم من أن الأسد قد سحب إلى مداره 
الخاص كثيرًا من رفاق عمران العسكريين السابقين. وسارع البعثيون 
«اليساريون» الذين فروا من البلد إلى اتهام الأسد بالقتل. عبروا عن الأمر 
)9( .م ,(1984 لله8) 1 .مه ,1 اهب ,لاملا ميب 
(10) الحوادث (بيروت)؛ 11/20/ 1970. 


(11) القرآن الكريم: «سورة البقرة» الآية 156» و«سورة الشعراء»» الآية 227. 
(12) عن عمران؛ انظر الجدول (1-12)» ص 281 من هذا الكتاب. 


475 


في ما بعد في كراس معد «اللاستعمال الداخلي حصراكء قالوا: «كلنا يعرف 
أن القوة الضاربة الأساسية التي ساهمت في نجاح انقلابه [1970] تتكون 
من (جماعة عمران)... ومع ذلك لم يتورع عن مكافأة هذه المجموعة 
باغتيال زعيمها”'. أما الأسد فأعلن عن تشكيل لجنة للتحقيق»؛ وأكّد أن 
القتلة سيساقون إلى العدالة*". لكن لم يُسمع أي شيء آخر عن اللجنة أو 
عن نتائج تحقيقاتها. وفي عام 1975» صرخ الأسد. معبرًا عن «الاشمئزاز 
الشديد» مما شهده أحد السجون العراقية من قتل فؤاد الركابي الذي قاد 
حزب البعث في العراق من عام 1952 حتى 1959: #تصوروا أن نقوم» 
نحن بسورية» باغتيال مواطن لأنه ضدنا سياسيًا!! [....] هذا أمر شاذ في 
هذا العصرء وفي كل عصر!! أمر غريب جدًا!!290. ١‏ 

قبل ذلك بوقت» كانت شائعات قد ألصقت المسؤولية عن قتل عمران 
في النهاية بشقيق الرئيس» رفعت» وعلى نحو مباشر أكثر بنزيه زرير» وهو 
ضابط في المخابرات العامة من القريتين في محافظة حمصء أو باللواء ناجي 
جميلء أحد أبناء دير الزور ورئيس مكتب الأمن القومي في القيادة القطرية 
لحزب البعث©". لكن تلك الشائعات لم تغير قناعة الرأي العام بأن الأسد 
هو العقل المدبّر. وفي ما بعدء أكد قائد بعثي سابق «في تقديري أن قرار 
الاغتيال [على هذه الدرجة من الخطورة] لا يجرؤ أحد [في النظام] أدنى من 
حافظ الأسد على اتخاذه2”0. 


بالمثل» ومن حيث المسؤولية النهائية» من الصعب أن نبعد الشبهة عن 
الأسد بخصواص اغتيال كمال جنبلاط» زعيم الحركة الوطنية اللبنانية» في عام 


(13) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي» [نقد تجربة الحزب]؛ ج 4: ص 65. 

(14) الأسد الأنوار (بيروت): 12/ 1972/8. 

(15) حزب البعث العربي الاشتراكيء القيادة القومية؛ «تحليل دور حكم اليمين المشبوه في 
العراق وموقفنا منهة» مقتطفات من كلمة الأسد أمام المؤتمر القومي الثاني عشر لحزب البعث» تموز/ 
يوليو 21975 ص 5. 

(16) عن نزيه زرير وناجي جميلء انظر الجدول (1-18). 

(17) حمود الشوفي. الأمين القطري لحزب البعث من آذار/ مارس 1963 إلى شياط/ فبراير 
4 في مقابلة نشرت في الوطن العربي (باريس): 13/ 5/ 1988. 


476 


1909م 


2277 واغتيال صلاح الدين البيطار» أحد مؤسسي حزب البعث؛ في باريس 
في عام 1980. كان جنبلاط وقف في طريق تدخل الأسد في لبنان» 
وأصبح البيطار شخصية مركزية في المعارضة الناشطة في الخارج في لحظة 
حرجة من «زمن ع اضطرابات» الأسد» أي عندما تلوى نظامه ألما من حرب 
المقاتلين الإسلاميين السرية ضده. 

كانت ردة فعله على هذه الحرب هي التي كشفت على نحو ساطع جانب 
القسوة الباردة لديه» لكن التكتيكات التي استخدمها لتجنب العصيان؛ أو 
اتقائه» كشفت أيضًا عن تعقيد شخصيته وعن فطنته السياسية المميزة. ولذلك» 
تستحق هذه التكتيكات» وغيرها مما لجأ إليه فى حملته ضد مناوئيه 
الإسلاميين» أن تخضع لفحص قريب. : 


(18) لم يعرف قط المنفذون الفعليون لجريمة اغتيال جنبلاطء أما في حالة البيطار» فقد أشارت 
المعارضة الإسلامية بأصابع الاتهام إلى العقيد الركن نديم عمران» الملحق العسكري في السفارة 
السورية في باريس» والمقدم أحمد عبود الذي قيل إنه من أقرباء رئيس المخابرات العسكرية علي دوبا؛ 
النذيرء العدد 23 28/ 9/ 1980 ص 22. لكن من المحتمل أن هذا يقوم على التخمينات أكثر مما 
يقوم على الحقائق الصلبة. 


417 


الفصل الثاني والعشرون 
الطريقة التي تعامل بها الأسد مع الاخوان المسلمين 
ومقاتليهم وما تلقيه من أضواء على أساليبه فضي 
السيطرة 


التغلّب على الإخوان المسلمين باسترضاء «العْلَّمّاء) 
وكيف استحاب هؤ لاء 


سعى الأسد منذ بداية حكمه إلى احتواء العناصر الأشدّ عنادًا بين الإخوان 
المسلمين عن طريق مد يده إلى العلماءء أي الرجال الذين تلقوا العلوم الدينية. 
ولم يفوت فرصة لتكريمهم والعناية بشؤونهم. وفي عام 1971» رتب لدخول 
عدد من رجال الدين المسلمين ذوي المقام الرفيع إلى مجلس الشعب المعين في 
حينه» بمن فيهم الشيخ أحمد كفتاروء مفتي الجمهورية» والشيخ محمد الحكيم» 
مفتي حلب”". وفي عام 1973» قدم تبرعات شخصية كبيرة للمدارس الشرعية 
في محافظة حماه وإلى مؤسسة دينية مكرسة للأعمال الخيرية في حمص©. وفي 
عام 1974» رفع تعويضات أئمة القطر ال 1138 ومدرسيه ال252 وخطبائه 
ال610 ومؤذنيه ال 1038 وقرائه ال280. وزاد تعويضاتهم مرة أخرى في عام 
6 ومن ثم في عام 1980. وخصص في عام 1976 مبلغ 5.4 ملايين 

(1) النهار. 24/ 2/ 2 197. 

(2) حزب البعث العربي الاشتراكي» «الحركة التصحيحية» وقائع وأرقام» (1973)» 4, 

(3) اسكندر لوقاء رياض برازي ومنى يغمورء سورية الثورة في عامها الثاني عشرء المكتبة 


الإعلامية؛ 1 (دمشق: وزارة الإعلام» [1974])» ص 328 - 329. 


419 


67 


ليرة سورية لبناء مساجد جديدة بتوجيهات مباشرة منه* “. وكان في كل عام يتناول 
الإفظار في يوم معين من شهر رمضان مع أهم «العْلّمَاءة وما زال يفعل ذلك. 
وفي واحدة من تلك المناسبات؛ قال لهم: «كلنا بحاجة إلى بعضنا بعضًاء فأنا 
بحاجة لأن أسمع منكم في كل عام لأنني أتحسس من خلال كلماتكم» ليس 
مشاعركم فقط» وإنما أتحسس مشاعر الناس في بلادنا ورغباتهم وما يريده الناس 
لأني كفرد من مواطنينا تبوأت قمة المسؤولية لا أريد أبدًا إلا ما يريده الناس في 
هذا البلد1. 

بين عامى 1970 و1975» ألقت حادثة واحدة ظلا على العلاقة الودية 
التي سعى الأسد إلى رعايتها مع «العْلّمَاءا وهي عدم تضمين مشروع الدستور 
العلماني الذي تبناه مجلس الشعب في 31 كانون الثاني/ يناير 1973 فقرة 
شكلت جزءًا من الدستور قبل عام 1963» ونضّت على أن «دين الدولة 
الإسلام؛. أمَا المشروع الجديد فاكتفى بالإشارة إلى أن «الفقه الإسلامي 
مصدر رئيسي للتشريع»» وعلى أن «حرية الاعتقاد مصونة وتحترم الدولة 
جميع الاديان»©». لكنء ليس هناك من دليل على أي شكوى في هذا 
الخصوص قدّمها المفتون الممثلون في مجلس الشعبء باستثناء 00 
للشيخ حسن حبنكه الشجاع الذي د تع بالاخترام فى بحي الميدان: في دمضي 
والاحتجاجات التي جهر بها في الجوامع «اعلّماء) أقل شأنَاء وعنف 0 

في الشوارع؛ ولا سيما في حمص وحماه. غير أنَّ الأسدء .التؤاق إلى تلافي 
خطر المزيد من الاضطراب ومعالجة الانقسام الورشيك» أَدْحَلَ في يوم 20 
شباط/ فبراير تعديلا على الدستور تضمن أن #دين رئيس الجمهورية الإسلام؟. 
وأصرّء في الوقت ذاته» على رفض «كل تفسير متخلف للوسلام يكشف عن 
تزمت بغيض وتعصب مقيت. فالإسلام هو دين المحبة والتقدم والعدالة 

(4) الجمهورية العربية السورية» وزارة الإعلام» سورية الثورة في عامها الثالث عشرء (1976)) 
ص 239 و242؛ والجريدة الرسمية؛ الجزء الأول» العدد 11 (1980)) ص 466- 467. 

(5) الجمهورية العربية السورية» الإدارة السياسية في القيادة العامة للقوات المسلحة؛ مجمو 
خطب الرئيس القائد حافظ الأسد (1989)» المجلد 19» ص 61. 

(6) المادتان 3 و35 من مشروع الدستور. 


400 


الاجتماعية. دين المساواة بين الناس جميعا 0( ولمواجهة التهمة التى يلقيها 
المتعصبون في وجهه بأنه ينتمي إلى طائفة من أصحاب البدع»؛ أصدر 
ثمانون من رجال الدين العلويين بيانًا رسميًا في شأن هذه النقطة يؤكدون فيه 
على نحو قاطع أن كتابهم هو القرآن» وأنهم مسلمون شيعة» وأنهم؛ مثل أغلبية 
الشيعة. اثنا عشرية» أي من أتباع الأئمة الاثني عشر». وصادق على بيانهم 
المفتي الجعفري الممتاز في لبنان عبد الأمير قبلان. وأكد الإمام موسى 
الصدرء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان» في رأي مرجعي؛ 
«الوحدة المذهبية» للعلويين مع الشيعة'". 

رد «علّماء؛ السئة. من جانبهم» بطرائق مختلفة على محاولاات الأسد 
كَسْبٍ ودهم. ففي دمشق» على سبيل المثال» كانوا منقسمين في مشاعرهم أو 
مصالحهم. وقرر بعضهم الابتعاد عن طريق الأذى بالابتعاد عن السياسة 
برمتها. وبقي آخرون؛ ولا سيما مريدي الشيخ حسن حبنكه الذي سبق وشارك 
في حملات عصيان مدني في عامي 1964 و1967» والذي ألقى قادة البعث 
بثقلهم ضده في الترشيح لمنصب مفتي الجمهورية في عام 5 © لامبالين 
في أحسن أحوالهم., إن لم يكونوا سلبيين أو فاقدين للحرارة» نحو حكم 
الأسد. لكن علماء آخرين» ومعظمهم من خريجي مدارس العلوم الشرعية 
ومعاهدها"" التى تديرها الجمعية الغرّاء الخيرية الإسلامية”'» راحوا 
يتعاونون تدريجًا مع النظام. ولجمعية الغرّاء التي أسسها في عام 4 الشيخ 
الجليل محمد على الدقر صلات قوية بتجار المدينة الأغنياء الذين ساعدوا 
الجمعية ماليّاء وتمثلوا بقوة فى مجلس أمنائهاء والذين كان تحول الأسد فى 
عام 1970 نحو سياسات اقتصادية أكثر ليبرالية ملائمًا جدًا لهم. 

لكن «العَلَّمَاء؛ الأكثر مجاملة للأسد كانوا أولئك الذين يأخذون 
توجيهاتهم من الشيخ أحمد كفتارو. ولد الشيخ كفتارو في عام 1910 في حي 


(7) الثورة 21/ 2/ 1973. 

(8) العلويون: من هم وما هي عقيدتهم ([د.م.]: [ د.ن.1» 1973): ص 21-16 و27. 
(9) مقدمة بقلم المفتي قبلان» العلويون: من هم وما هي عقيدتهم؛ ص 4. 

(10) أي العلوم المتعلقة بالشريعة الإسلامية. 

() شرح لمعنى الغراء بالإنكليزية [المترجم]. 


31ظ4 


الأكراد في دمشق لشخصية دينية من أصل كرديء وتعود شهرته إلى الأربعينيات 
بفضل خطبه «البليغة» وجهده «لتعزيز الانسجام بين المسلمين وأخوتهم 
المسيحيين*"©» وتقلّد منصب مفتي الجمهورية في عام 1965» وكان ذلك في 
جانب منه بفضل الضغط الذي مارسه نظام البعث في تلك الفترة على أعضاء 
المجلس الإسلامي الأعلى. لم يتردد كفتارو قط في دعمه الأسد. ويعتبر مثالا 
على موقفه في هذا الخصوص تصويره الموافقة على إعادة انتخاب الأسد 
رئيسًا في عام 1991 على أنها «فريضة وواجب على كل مواطن»”". ويمكن 
الافتراض أن عدنان سعد الدين» أحد قادة الإخوان المسلمين؛ كان يشير إلى 
اتجاه كفتارو من العلماء عندما ذمّ رجال الدين الذين يبيعون أنفسهم ولا 
يمتلون» لا ضمير الشعب السوري ولا وجهة نظر «العْلَّمَاء؛ الحقيقيين9". 

من وجهة نظر الإخوان المسلمينء كان «العْلَّمَاء؛ الحقيقيون هم «العَلَمَاء) 
الذين يشاركونهم قناعاتهم؛ أو؛ على الأقل» يتعاطفون مع قضيتهم”". وكان 
هؤلاء» في معظمهم؛ «عَلَمَاءه حضريين من الطبقة الوسطى أو الطبقة الوسطى 
الدنياء وغالبًا أيضًا تجارًا صغارًا أو حرفيين غير قادرين على العيش من الدخل 
الضئيل الذي يحصلون عليه من خدمتهم الدينية» وهذه حال كثيرين منهم. 


الإفادة من الانقسامات داخل الإخوان 


ظلت كراهية الإخوان المسلمين للأسد ونظامه خافتة في النصف الأول 
من السبعينيات نتيجة الانقسامات داخل صفوفهم. كان أعضاؤهم ممزقفين بين 
ثلاث مجموعات تحمل وجهات نظر متضاربة» وهذه المجموعات: الطليعة 


(12) مكتب الدراسات السورية والعربية» من هو فى سورية؟ (دمشق: مكتب الدراسات السورية 
والعربية» 1951). ص 647-646. 
(13) تشرين» 1991/11/27» ص 10. 
15 . 
(15) عن أصول الإخوان المسلمين وأفكارهم وقيادتهم وتركيبتهم الاجتماعية وسياستهم» انظر: 
معط ءءء عع طمعءه]2) [110 .مم] ,كسمصءم8 ملظلل «بستعطاععظ مستاعاة 5'دتكزة» ,نأمند8 مممدا 
.)1982 


42 


52 


المقاتلة التي اجتذبت الأعضاء لتر سنا من الإخوان» ولا سيما في حماه؛ 
وأطلقها مروان حديد؛ و«جناح دمشق؛ الأكثر حذرًا بقيادة عصام العطار؛ 
والجناح الذي ينتسب إلى الشيخ عبد الفتاح أبو غدة من حلب والذي ضمن 
في عام 1972 اعتراف التنظيم العالمي للجماعة. 

على الرغم من بقاء المجموعة الأولى ضمن جماعة الإخوان. فإنها 
اتخذت في عام 1973 اسم «الطليعة المقاتلة لحزب الله4» لكنها صارت تعرف 
فيما بعد باسم «الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين»'. ولد قائدها مروان 
حديد في مدينة حماه في عام 1934 ل اعائلة غنية700“. ولا ماسو 
التخمين في شأن ما إذا كانت السياسات الاجتماعية التي اتبعها البعثيون قد 
أَضرّت بشروات عائلته. لم يكن والده مالك أرضء لكنه كان مقاولًا زراعيًا 
يستثمر أراضي بالاستئجار في المنطقة الشمالية الشرقية من الجزيرة*"). وكرّمه 
أنصاره بلقب «شيخ»؛ مع أنه لم يكن» بالمعنى الدقيق للكلمة؛ رجل علم أو 
معرفة إسلامية» بل تلقى تعليمًا في الهندسة الزراعية في جامعة عين شمس 
المصرية» وتخرج فيها في عام 2. وعندما كان في القاهرة» وقع تحت تأثير 
الجناح الناشط من الإخوان المسلمين الذي كان يستمدّ إلهامه من سيد قطب. 

آمن سيد قطبء المتحمس الذي سيموت شتقًا في عام 1966» أن 
«البشرية تقف اليوم على حافة الهاوية... بسبب إفلاسها في عالم «القيم؟6. 
ترتبط بهذه الفكرة فكرة أخرى ليست أقل رسوحَا لدى قطبء وهي الحاجة 
«لتحرير الإنسان... من كل سلطان غير سلطان الله... وشرعه؛. وهذاء في 
زعمه؛ لا يمكن أن يتحقق إلا ب «الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل 
صورها وأشكالهاة*2. 


(16) يستند هذا إلى رواية نشرها مكتب الإعداد الحزبي في الإخوان المسلمون» 3: 40. من 
الواضح أن الرواية تقوم على تصريحات منتزعة من أعضاء معتقلين في الإخوان. 

(17) النذير» 1/ 8/ 1984. ص 20. 

(18) عدنان سعد الدين المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية من عام 1975 حتى عام 
0 :: حديث مع المؤلف. نيويورك؛ 1 كانون الثاني/ يناير 1982. 

(19) سيد قطب. معالم في الطريق (شتوتغارت: [د.ن.]» 1978), ص 3 و61-59. نشرت 
الطبعة الأولى من هذا الكتاب في القاهرة عام 1964. 


413 


انخرط حديد. العائد من مصر متأثرًا بحماسة سيد قطب ومستاءً من 
استيلاء حزب البعث على السلطة؛ فى الانتفاضة التى اندلعت فى حماه فى 
عام 1964» وأدت إلى قصف قوات النظام لجامع السلطان. وانتهى به الأمر 
في السجنء ولم يطلق سراحه إلا بعد أن توسط من أجله الشيخ محمد الحامد 
الذي يتمتع بشعبية في حماه وكان في الأربعينيات صديقًا لحسن البناء مؤسس 
الإخوان فى مصر”*» وأدّى حينها دورًا فى تهدئة النفوس والتوسط بين 
الحكومة والحياف 030 ْ 


وبفعل الصدمة الناجمة عن هزيمة العرب العسكرية في عام 1967» غادر 
حديد ومقاتلون شبان آخرون سورية إلى الأردن في عام 21968 حيث انضم 
إلى حركة فتحء الذراع الرئيسة لحركة المقاومة الفلسطينية» وتلقى تدريبًا فدائيًا 
في أحد معسكراتها2. وبعد انقلاب الأسد في عام 1970 بوقت قصيرء عاد 
حديد إلى حماه. وأسسء كما ذكرناء الطليعة المقاتلة» وأخذ يحرض على 
حمل السلاح ضد النظام لأنه لا #يحكم بموجب القرآن وسنة النبي»» ولأن 
الأسد ورفاقه «كفار)20. 

لم تجد دعوة حديد إلى المقاومة المسلحة سوى القليل من التعاطف بين 
أعضاء جناح دمشقء على الأقل حتى عام 1976. كانت لهؤلاء صلات قوية 
وكان زعيمهم عصام العطار. وهو من أبناء حي العمارة في دمشق» وينحدر من 
عائلة من «العلماء» من الطبقة الوسطى اجتماعيّاء ومدرس أدب عربي من 
حيث المهنة» وكان فترة من الزمن إمامًا في جامع جامعة دمشق» قد رفض في 
ذلك الوقت كل تفكير بالدفاع عن قضية الأصوليين أو ترويجها بقوة السلاح. 
كان العطار في عام 1973 يعيش في المنفى في مدينة آخن؛ وبلغ من 

(20) أنا مدين بهذا التفصيل لعدنان سعد الدين؛ حديث جرى في 1 كانون الثاني/ يناير 1982. 

(21) الإخوان المسلمون» مكتب الإعلام؛ #حماه.. مأساة العصرء؛ ص 17.» والنذير» 
21 :ص 23. 

(22) مصدري في هذه المعلومة صحاقي عربي مطلع على تاريخ الإخوان» لم يرغب بذكر اسمه؛ 
حديث» 19817/12/29. 

(23) مككتب الإعداد الحزبيء الإخوان المسلمون» 3» ص 41. 


44 


العمر 51 سنة. وكان قد غادر سورية في عام 1964 من أجل الحج إلى مكة» 
ولدى عودته منع من الدخول على الحدود؛ وبعد سنتين من الإقامة في لبنان 
وطرده منهء عاش مترخَلاء ليستقر أخيرًا في عام 1968 في ألمانيا الغربية لأن 
الدول العربية كلّها أغلقت أبوابها في وجهه. كما يقول*©. ومع ذلك» وجد. 
بطريقة أو بأخرى» وسيلة للبقاء على اتصال بمساعديه الرئيسين في دمشق 
ورسم خطهم في السلوك. 

أما أنصار الشيخ عبد الفتاح أبو غدة فإنهم لم ينبذوا العنف بوصفه 
أحد الخيارات» لكنهم كانوا أميل إلى اعتباره سابقًا لأوانه. ولم يكن هذا 
الأمر هو الذي باعد السبل بينهم وبين جناح دمشق. كانت نقطة الخلاف 
الحقيقية بين المجموعتين هي استمرار عصام العطار مراقبًا عامًا للإخوان 
في سورية. وكان قد قاد التنظيم برمته بصفته تلك منذ عام 1961. وأثار 
أبو غدة الشكوك في شأن فاعليته منذ عام 1968. كان أبو غدة الذي بدأ 
حياته نساجّاء وأصبح مدرسًا للشريعة ثم نائبّا في البرلمان في فترة 
الانفصال» قد ساعد في تأسيس فرع حلب للإخوان في عام 1935. وشعر 
مع شخصيات أصولية أخرىء, مثل عدنان سعد الدين» وهو معلم مدرسة 
من حماه وابن تاجر حبوب صغير ومدير مدرسة فى العاصمة القطرية 
الدوحة بين عامى 1961 و1962. أن العطار كان مسرفًا فى سلطته؛ وأنه 
قود الشركة من دوق التعازة اعد من وقاقم وأشبرا بالعضت انما عق 
خطبه «الرنانة» و«عدم دقة» أفكاره و«غموض» أهدافه. واستنادًا إلى سعد 
الدين. تأجج الخلاف نتيجة تباين الطبع بين الدمشقيين من جهة والحلبيين 
والحمويين من جهة أخرىء فهؤلاء عمومًا أكثر «صراحة» و«ثبانًاك» فيما 
الدمشقيون أكثر «غموضًا» أو أكثر «دهاء» في تناول أموره.ه*©. وفيما 
يتعلق بالعطارء على الأقل» تجد فكرة سعد الدين سندًا لها فى صورة 
رسمها له خالد العظم» رئيس وزراء سورية في 1949-1948 و1951 
و1963-1962. فقد كتب العظم في مذكراته: 


(24) عصام العطار في مقايلة ل النهار «تقارير ومراسلات عربية»4 2/18/ 1980. ص 4- 5. 
(25) عدنان سعد الدين؛ حديث» 1/1/ 1982. 


405 


ال هد 


لم أجد في حياتي رجلا لا تستطيع فهم مرامه وحقيقة ما يضمر 

[مثله]. فهو يتكلم والابتسامة الحلوة لا تفارق شفتيه» ويفرك يديه 

ويحدئك بصوت ناعم وبكل تواضعء ثم يثور فجأة فيهز يديه 

ويفنجر عينيه ويرفع صوته ويندفع بالوعيد والتهديد بالجوامع 

والمنابر. لكنه لا يلبث أن يهدأ حين يرى مخاطبه لا يكترث لهذا 

التهديد ولا يقيم له وزنًا. فترجع الابتسامة الرقيقة إلى وجهه. 

وتنفرج أساريره!©. 

وصلت الخلافات داخل الإخوان إلى ذروتها في عام 1972» عندما 
استبْدِلٌ العطارء بموافقة التنظيم العالمي» بالشيخ أبو غدة في منصب المراقب 
العام. وفي الوقت ذاته» تولى المكتب التنفيذي ومجلس الشورى المؤلف 
حديثًا دورًا ملموسًا في عملية صنع قراراته. وبقي أبو غدة في موقعه حتى عام 
5 عندما انتقل زمام الأمور إلى يدي عدنان سعد الدين”©. لكن أعضاء 
جناح دمشق وقفوا جميعهم تقريبًا ضد هذه التغييرات» ومضوا في طريقهم 
الخاص» مُصرّين على ولائهم للعطار. 

صب تمرّق الإخوان. نتيجة تأثيره في قدرتهم على الفعل» في مصلحة 
الأسد فى ذلك الحين؛ ومكنه من تمتين حكمه الشخصي. وكان لرفض أي 
جناح من أجنحة الإخوان أن يضع يده بيد المعارضين العلمانيين» من أي 
نوع» الأثر ذاته. وقويت سيطرة الأسد على السلطة نتيجة التقدم السريع في 
اقتصاد سورية في النصف الأول من السبعينيات» ذلك التقدّم الذي جاء بتأثير 
إجراءاته التي رمت إلى شيء من اللبرلة واقترابه من السعوديين والارتفاع 
الحاد في أسعار النفط في أعقاب حرب تشرين/ أكتوبر والمساعدة الكبيرة 
الناجمة عن ذلك من دول الخليج العربي وزيادة تحويلات العمال السوريين 
المهاجرين. وفي تلك الظروفء كانت فرصة معارضي الأسد في السير قدمًا 


(26) خالد العظمء مذكرات خالد العظم؛ 3 ج (بيروت: [الدار المتحدة للنشراء 3ج 3. 
ص 285؛ والحياة الجديدة (لسان حال رابطة العمل الشيوعي في سورية) تشرين الثاني/ نوفمبر - كانون 
الأول/ ديسمير 1980)» ص 148. [يوجد خخطأ في هذا الإسناد الأخير لأنه لم يكن للرابطة جريدة أو 
مجلة بهذا الاسم [المترجم]. 

(27) عدنان سعد الدين؛ حديث 1 كانون الثاني/ يناير 1982. 


46 


قليلة. وأكد كاتب دمشقي في عام 1975 أن «المعارضة تافهة إلى حد لا 
تساوي فيه لسعة برغوث2906, 


لكنء بعد عام 2755 بدأت الأمور تتغير. إذ تقلص كثيرًا تدفق أموال 
النفط العربي التي كانت وافرة من قبل. وعمّق حجم الهجرة الفلاحية المرتفع 
ومعدل التضخم المرتفع الضرر الحاصل بالنسيج الاجتماعي في المدن 
الرئيسة”*». وارتفعت الإيجارات ارتفاعًا لا تستطيع الطبقات الوسطى 
والمتواضعة احتماله» فوصل إيجار شقة متواضعة فى أفضل أنحاء العاصمة 
إلى 60 ألقًا وحتى 80 ألف ليرة سورية (نحو 13800 أو 18400 دولار) 
سنويا. وماعاد في إمكان شخص نزيه أن يعيش على راتبه وحده» وصار 
البقاء. وتأثرت طبقة التجار الصغارء التي تمد الإخوان بجزء من أعضائهمء 
تأثرًا سلبيًا نتيجة صعود الجمعيات الزراعية في المناطق الريفية والجمعيات 
الاستهلاكية في المناطق الحضرية. وبالمثل تأثر البائعون الذين كانوا يجوبون 
القرى» والذين كانوا يشكلون مجموعة كبيرة في حماه. ويعرفون فيها 
بالمتعيشينء تأثرًا واضحًا. وزاد في الاستياء الشعبي نمو طبقة طفيلية من 
مقاولي الدولة» كما زاد الفساد المتفشي في الطبقات العليا من أجهزة الدولة» 
والعمولات الكبيرة على العقود الحكومية التي يأخذها أشخاص قريبون من 
قمة السلطة. نفرت أجزاء كبيرة من الرأي العام السوري نتيجة تدخل الأسد 
في عام 1976 ضد الفلسطينيين في الصراع اللبناني. أما من وجهة نظر 
الوإخوان المسلمين فكان العامل الأشد إثارة هو ازدياد انحياز النظام نحو 
العلويين وازدياد تأكل قوة الطائفة السنية. 

(28) أشذ هذا الاقتياس من: .975 ,كع نم17 لل[ مولز 

(29) ارتفع الرقم القياسي الرسمي لأسعار الجملة من 100 في سنة الأساس 1962 إلى 226 
في عام 1975.» وإلى 350 في عام 1979 للحبوب والطحين؛ ووصل في الأعوام نفسها إلى 294 


و509 للخضراوات» وإلى 328 و483 للحوم؛ الجمهورية العربية السورية» رئاسة مجلس الوزراء» 
م 1 
المكتب المركزي للإحصاء المجموعة الإحصائية السئوية السورية لعام 1980 ص 340. 


4317 


تشجيع نزعة التهدئة لدى ااجناح دمشق) من الإخوان؟ 

كان أول فعل عنيف قامت به الطليعة المقاتلة هو اغتيال الرائد محمد 
غرّة رئيس فرع المخابرات العامة في حماه في أوائل عام 1976. كانت كلمة 
قد سربت من أحد سجون دمشق إلى مجاهدي الطليعة المقاتلة عن تعرض 
زعيمهم مروان حديد لتعذيب شديد. وكان حديد قد اعتقل في الأول من 
تموز/ يوليو 1975 في غارة على منزل في حي العدوي في دمشقء لكن ليس 
قبل أن يصاب ويفقد وعيه. وسيؤكد أنصاره لاحقا أنه كان أيضًا في صحة 
سيئة ولم يتلق في السجن العناية الطبية اللازمة»؛ وسيتخذون من موته في 
تموز/ يوليو 1976 دليلا على سوء تعامل الحكومة. وستزعم الحكومة» من 
جانبهاء أنه مات نتيجة إضراب عن الطعام. أيَا يكن الأمرء فقد جعلته الطريقة 
التي مات بها «شهيدًا؛ في أعين المعجبين به ودفعتهم إلى المزيد من العنف. 
كما أغضبت كثيرًا من الناس في حماه00©. 

في تلك اللحظة الحاسمة» وتحديدًا يوم 7 آب/ أغسطس 1976» أجرى 
الأسد تعديلا وزاريًا في حكومته» فوضع مزيدًا من السنّة في المناصب العلياء 
وعين نجاح العطار» شقيقة زعيم جناح دمشق من الإخوان» وزيرة للثقافة 
والإرشاد القومي. من النادر أن يسدد الأسد إلى حيث ينظرء وغالبًا ما تصعب 
معرفة نياته الخفية» لكن لدينا ما يكفي من المبررات لنستنتج أنه سعى» في 
هذه الحركة. على الأقلء إلى تشجيع نزعة التهدئة التي سار عليها جناح 
دمشقء وربما إلى تعميق الشرخ داخل الإخوان. غير أنه يمكن أيضًا تفسير 
ضم نجاح العطار إلى الحكومة على أسس أخرى. فهي تحمل دكتوراه في 
الأدب العربى من جامعة إدنبرة» ومستقلة بأفكارها ومدرّسة محترمة ومن أهل 
الأدب. وكانت قبل المجيء بها إلى الوزارة مديرة التأليف والترجمة في وزارة 

(30) حزب اليعثء. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون. 3» ص 1 و 3!!؛ النذير» 
1 1984 ص 23 -2+4؛ الإخوان المسلمون, مكتب الإعلام؛ #حماه..»» ص 17؟ الحياة الجديدة 
(تشرين الثاني/ نوفمبر ‏ كانون الأول/ ديسمبر 1980): ص 153؛ ولجنة الدفاع عن المعتقلين 
السياسيين في سورية»؛ الاعتقالات السياسية في سورية على ضوء مبدأ سيادة القانون»؟ دراسة مقدمة 
إلى: مؤتمر المحامين العرب المنعقد في تونس بتاريخ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 21976 ص 63. 


408 


6 


الثقافة» وهي بالتالي مؤهلة تمامًا لمنصبها الجديد. وعلاوة على ذلكء كان 
ا ا ا 
وزوجها العقيد ماجد العظمة؛ وهو جرّاح مرموق ومدير مستشفى المزة 
العسكري؛ وكانت خيوط حياتيهما قد التقت قبل ذلك بسنوات. وعلى أي 
حال؛ فإنه لذو مغزى أن يكون جناح دمشق بقيادة عصام العطار قد استمر في 
السنتين التاليتين بالنأي بنفسه عن الأعمال العنيفة للطليعة المقاتلة. وفي 
الحقيقة. 0 المسؤولية عن «كل 
كا تورط شخصين من دق يجحت 0 المقاتلة فى تجنيدهما! 0 

كان مقاتلو الطليعة المقاتلة الضعيفة نسبيًا فى عددها لكن الثابتة على 
أهدافهاء بعد أن أصبحت تحت قيادة عبد الستار الزعيم» وهو طبيب أسئان من 
أصل متواضع من حماه؛ قد اقتصروا حتى عام 1979 على ضربات صغيرة 
مستمرة» على أمل استفزاز النظام وتوريطه في سياسات قمعية وإبعاده أكثر 
عن الشعب. وركزوا على عمليات قتل خاطفة لموظفين وعملاء أمن وأصحاب 
اختصاص علويين مسترعين الانتباه إلى أصولهم وأصول الأسد التي تخرج 
عن التيار المسلم السني الرئيس في حياة سورية. 

الكبيرة أو أخطر تحد داخلي يواجهه نظام الأسد 

يوم 16 حزيران/ يونيو 1979» وجه مقاتلو الطليعة المقاتلة ضربة كبيرة 
تسترعي الانتباه أنذرت بتصاعد كبير في حملتهم ضد النظام. استنادًا إلى 
الرواية الرسمية للحادثة» أعطى الضابط المناوب في مدرسة المدفعية في 
حلبء النقيب إبراهيم اليوسف. وهو شاب في التاسعة والعشرين من عمره 
من أصل فلاحي من بلدة تادف شمال شرق حلبء. بذلات عسكرية نظامية 
وكلمة السر الخاصة بالمدرسة إلى أحد عشر مقاتلًا من الطليعة المقاتلة 

() حزب البعث. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون» 3 ص 42. 


469 


وقائدها في حلب حسني عابوء وهو مدرس لغة فرنسية في مدرسة ثانوية 
محلية وابن تاجر غني وصهر الشيخ زين الدين خير الله إمام الجامع الكبير 
في المدينة. وبعد تأكد النقيب اليوسف من دخول المقاتلين إلى المبنى» 
استدعى» وعابو إلى جانبه» الطلاب الضباط البالغ عددهم نحو 300 إلى قاعة 
الاجتماع. وبعد التحقق من وجود الجميع» قرأ أسماء طلاب ضياط من قائمة 
معدة مسبقاء وأمرهم بمغادرة القاعة. وبعد مغادرتهم؛ استدار إلى الطلاب 
الباقين الذين لم يشكوا بعد بأي شيء. وحذرهم من الإتيان بأي حركة. وقال 
لهم إن القاعة ملغومة من طرف إلى طرف. خيّم الصمت لحظة» ثم أضاف 
بصوت حاد: «الموت بانتظاركم!؟ وعندئذ» وياختصار» اندفع المقاتلون إلى 
القاعة وهم يطلقون النار من بنادقهم. وعندما انتهى الهياج» كان 31 طالبًا 
ضابطًا قد قتلواء في حين جرح الآخرون؛ وشوّهوا02. وفي أول إعلان رسمي 
عن العملية ألقى النظام بالمسؤولية عن القتل على الإخوان المسلمين من 
دون أن يحدد الطليعة المقاتلة بالاسم. ربما كانت لديه أسبابه من وراء ذلك» 
أو ربما كان ينقصه الدليل لإعادة بناء الحادثة بالتفصيل الكامل. وعلاوة على 
اننم لم يدكر في أي لله الأتماة الطائفي للضحايا. لكن الجمهور استنتج 
أنهم كانوا ة في أغلبيتهم» » إن لم يكونوا جميعاء» علويين. 

كانت للحوادث المريعة فى مدرسة المدفعية ارتدادات قوية. ارتعب 
سوريون كثيرون» بغض النظر عن قناعاتهم السياسية: نتيجة قتل الطلاب الأبرياء 
أو تشويههم. شعرت الفئات المختلفة من المعارضة أن قتل العلويين بلا تمييز 
لم يكن له أي معنى سياسي» وأنه سيشعل المشاعر الطائفية ويجعل سورية أكثر 
هشاشة في سياق إقليمي مضطرب نتيجة توصل مصر إلى سلام منفرد مع 
إسرائيل في 26 آذار/ مارس 1979. وفي آخنء استنكر عصام العطار» في بيان 
صادر بتاريخ 28 حزيران/ يونيو اتهام النظام للإخوان المسلمين بالغارة على 
المدرسة. وقال إنها كذبة صفيقة غير مثبتة بأي حقيقة أو دليل. وذكر بأنّ قائد 
العملية» ليس بعثيًا منذ وقت طويل فحسبء بل وضابط الأمن والمسؤول 


(32) حزب البعث, مكتب الإعداد الحزبيء الإخوان المسلمون» 4؛ ص 162 - 163. عن 
تفاصيل سيرة الأشخاص الرئيسين المشاركين في الحادثة؛ أنا مدين للقائد الإخواني عدنان سعد الدين. 


40 


الحزبي في المدرسة. وأشار إلى أن حكام دمشق ربما يحاولون: بإلقاء 
المسؤولية عن الحادئة على الإخوان المسلمينء أن يخفوا التناقفات 
والصراعات العنيفة بين صفوفهم» أو ربما يحضرون مناما يفضي إلى اقتلاع 
القوى الإسلامية واحدة تلو الأخرى02. 

صحيح أن قائد العملية النقيب إبراهيم اليوسف كان بعثيّاء لكن تجنيد 
الطليعة المقاتلة له لا جدال فيه. وبحسب عدنان سعد الدين» الشخصية 
الرئيسة في جناح الإخوان المعترف به من التنظيم العالميء كان إبراهيم 
اليوسف [الذي قتلته قوات الأمن يوم 2 حزيران/ يونيو 1980] بين الروّاد في 
الأعمال العسكرية التي قامت بها الحركة» وكان عليه ضمن حزب البعث أن 
يتحمل مسؤولية تدكيه!6, 


كانت الأجئحة المختلفة من الإخوان قد شعرت بالحاجة إلى وضع 
خلافاتها جانبًا حتى قبل مجزرة مدرسة المدفعية. والسارت اكافى خردء 
النظام بوضوح إلى أن عدنان سعد الدين» المراقب العام للتنظيم العام بين 
عامي 5 و1980 اجتمع» برفقنة ثلاثة من مساغديه» فى يروخ يوم 1 
كانون الثاني/ يناير 8 بعبد الستار الزعيم» قائد الطليعة المقاتلة» وقدم 
اقتراحات تهدف. على الأقل» إلى القيام بعمل مشترك بين المجموعتين» إن 
لم يتم جمع قواهما وتعبين الزعيم مسؤولا عن الكفاح المسلح في المكتب 
التنفيذي للإخوان. ويقال إن الزعيم كان يفضل (اتنسيق) الجهد. مع محافظة 
كل مجموعة على تشكيلاتها المسلحة «منفصلة». كما أسفرت تحقيقات مع 
مقاتلين معتقلين عن معلومات مفادها أن الزعيم وسعد الدين «اتفقا» في 
خطوة تالية #على أمور أخرى أبقوها سرية لم يعلم بها أحد آخر [في 
الإخوان]». ولما كان سعد الدين لا يعيش في سورية» بل في الأردن» فقد 
اختار رياض جعمور» وهو عضو في المكتب التنفيذي ومهندس صناعي من 
حماه 6" وسيطًا بينه وبين الزعيم. لكن في أوائل عام 12/79 وقع جعمور في 

(33) وجدت نسخة من هذا التصريح في ملف في مكتب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في 
تونس يتعلق يعلاقات المنظمة بالنظام السوري. 

(34) عدنان سعد الدين» حديث مع المؤلفء نيويورك؛ 1 كانون الثاني/ يئاير 1982. 

(35) حزب البعث. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون. 3» ص 44- 47. 


461 


اك 


شبكة النظام الأمنية» فانقطعت الاتصالات بين القائدين فترة من الزمن*0. 
وهذا يفسر لماذا لم يكن سعد الدين على علم مسبق بالهجوم على مدرسة 
المدفعية التي رأى» في ما بعدء أن من الحكمة أن يدينها. 

أما في ما يعخص جناح دمشق فيبدو أن السلطات حصلت على أدلة على 
أن زعيمها عصام العطار قد غير مساره في لحظة ما في عام 1978» مبديًا 
موافقته على طريقة الكفاح المسلح ومشجعًا أتباعه على التوصل إلى توافق 
ممع الطليعة المقاتلة. أكثر من ذلكء يقال إنه رتب عبر وسيط”* أمر نقل 
«مبالغ كبيرة من المال2”*" إلى قادتها. لكن يبدو أن صلات العطار بالتنظيم 
المقاتل كانت من طبيعة عشوائية وعابرة؛ وأنه» مثل منافسه سعد الدين خذ 
على حين غرة بالهجوم على مدرسة المدفعية. 

لما كان الأسد قد صمم على قتال الحركة برمتها بضراوة» فإن التمسك 
بوحدة الصف أصبح بالنسبة إلى الإخوان المنقسمين الاعتبار الطاغي. وكان 
للتظاهرات والإضرابات المتكررة المطعمة بالعنف والتى شملت حلب في 
فدرة 1980-1979» وما تبعها من قمع شديد من النظام» وقتل عبد الستار 
الزعيمء القائد الأعلى للطليعة المقاتلة» وأربعة من خلفائه على التوالي» أن 
تعطي زخمًا إضافيًا لجهد توحيد القوى. وبعد فترة» في كانون الأول/ ديسمير 
0+ شكلت قيادة مشتركة من اثني عشر رجلاء تمثل فيها كل جناح من 
الأجنحة الثلاثة بأربعة أعضاء. اختير الدكتور حسن هويدي؛ وهو موالٍ 
للإخوان منذ عام 1942 ومن أنصار عصام العطار؛ وطبيب من دير الزور من 
عشيرة الميادين نصف البدوية» مراقبًا عامًا جديدًا. وضمت القيادة المشتركة 
أيضًاء من بين آخرين» سعيد حوّاء وهو معلم من حماه وابن مزارع صغير 
ومنظر الإخوان الرئيس؟ وعلي البيانوني» وهو محام من حلب من عائلة رجال 
دين؛ وبالطبع» عدنان سعد الدين الذي أصبح عندها نائب المراقب العام. كان 


(36) استجوبه محققون من المخابرات العامة يوم 15 آذار/ مارس 1979 وحكم عليه بالإعدام في 
حزيران/ يونيو؟ حزب البعث؛ مكتب الإعداد الحزبيء الإخوان المسلمون؛ 4؛ ص 270 -272 و311. 

(37) نبيل الكواكبيء من أيئاء حلب من سلالة المفكر النهضوي المسام البارز عبد الرحمن 
الكراكبي (1902-1848). 

(38) حزب البعث» مكتب الإعداد الحزبي؛ الإخوان المسلمون 3» ص 51-50. 


412 


الممثل الرئيس للطليعة المقاتلة في القيادة المشتركة عدنان عقلة» وهو مهندس 
مدني في الثلاثين من عمره ينحدر من الجولان لأب شرطي أصبح خبَارٌاء 
وفي عام 1980 أصبح الشخصية الأكثر فاعلية في الطليعة» ولا سيما في 
حلءت0399, 


كان أحد الأعمال الأولى التي قامت بها القيادة المشتركة إعلانها في 17 
كانون الثانى/ يناير 1981 عن جبهة إسلامية واختيار محمد أبو النصر 
البيانوني. و رجل دين من حلب» أميئًا عامًا لها. هدفت القيادة المشتركة» 
من خلال الجبهة الجديدة» من بين أشياء أخرى؛ إلى توحيد جهد الإسلاميين 
المشتت وتوجيهه نحو إقامة حكم الله على الأرضء عن طريق وضع خطة 
للعمل المشترك يوافق عليها الجميع وإعطاء قوة إضافية للمد الإسلامي 
وإحياء واجب الجهاد والسعي إلى صيغة سياسية مقبولة لجميع المواطنين في 
سورية. حاولت القيادة المشتركة؛ على الرغم من الاعتراض القوي من 
عدنان عقلة ممثل الطليعة المقاتلة المتشددء أن تجتذب إلى الجبهة حتى أعداء 
الأسد العلمانيين من خلال التصريح بالتزامها بمبادئ استقلال القضاءء وفصل 
السلطات» وضمان حقوق الأقليات الدينية والإثنية» وفتح الفرص للجميع بلا 
تحيزء وحرية المواطنين في التفكير والنشر وتشكيل الأحزاب السياسية ضمن 
قيود دستور وقوانين تقوم» نصًا وروحًاء على الإسلاه”©. لكن القيادة المشتركة 
لم تنجح في النهاية في أن تضم إلى الجبهة» في ما عدا الإخوان المسلمين» 
سوى بعض الصوفيين والفئات الإسلامية الصرف. 

يقال إن القيادة المشتركة قررت» في واحد من أوائل اجتماعاتهاء أن 
اتستولي على السلطة في نيسان/ أبريل أو أيار/ مايو 261982*». ومن منظور 
لاحق؛ يبدو هذا القرار» إن كان صحيحًاء قرارًا متهورّاء لأن الإخوان لم يكونوا 

(39) حزب البعث؛ مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون؛ 3» ص 61- 63. في شأن 
التفاصيل السيرية لأعضاء القيادة المشتركة: أنا مدين للقائد الإخواني عدنان سعد الدين. 

(40) الأمانة العامة للجبهة الإسلامية» ميثاق الجبهة الإسلامية في سورية ([د.م.]: [د.ن.]» 
1 ) ص 12-11. 


(0)) المصدر نفسه.؛ ص 25 -26. 
(42) حزب البعث. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون. 3» ص 64. 


413 


يملكون في حينهاء ولا في ما بعد الوسائل العسكرية لإطاحة النظام. كانواء 
في الحقيقة» مجهزين جيدًا بالمسدسات والبنادق ومدافع الهاون وقاذفات 
الصواريخ؛ لكن كانت تنقصهم الأسلحة الثقيلة» وعلى الرغم من أنه لم يكن 
من الصعب عليهم تجنيد الأشخاص المرتبطين بحماسة بقضيتهم أو الجريئين 

إلى حد التهورء فقد كان موطئ قدمهم في القوات المسلحة ضعيف نسبيا. 
ويعود هذاء في جزء منه إلى قيادتهم الليدية التي لم تكن تؤمن بالانقلابات 
العسكرية. لكن التفسير الحاسم يكمن في السياسة الخاصة التي اتبعها النظام 
في جمع الرجال في وحداته الضاربة الحاسمة والعين اليقظة التي أبقاها على 
كل جزء من أجزاء آلته المقاتلة». 


بهدف تحسين القدرات العسكرية للإخوان لجأت القيادة المشتركة» كما 
قيلء إلى العراق والأردن طلبًا للمساعدة. سافر ثلاثة من أعضائها ‏ سعد 
الدين وحوا وعقلة ‏ (كما يؤكد النظام صراحة) إلى بغداد في عام 1981» 
والتقوا أولا بطه الجزراوي» وهو عضو في مجلس قيادة الثورة في العراق» ثم 
صدام حسين.ء بغياب عقلة» 00 ا بأن الإخوان محم إضافة إلى 
أن مكدو على العراق 1 تضم كادل بالمال والسلاح» . ويقال أيضًا 
إنَّ نتيجة اجتماع لاحق في الأردن بين مندوبي القيادة المشتركة الغلاثة ثة أنفسهم 
ومتدوب غير معروف الاسم عن الملك حسين كانت إيجابية 0 

في غضون ذلكء. حتى حين كان الجهد جاريًا لرصٌ الصفوف وتعزيز 
القوة الضاربة للإخوان» كانت عناصرهم المسلحة» ولاسيما رجال الطليعة 
المقاتلة؛ تزيد من وتيرة حملتها لزعزعة النظام» فشتواء ولا سيما في المدن 
الشمالية» هجمات على الأبنية الحكومية ومستودعات الجمعيات التعاونية 
ومخافر الشرطة ووحدات الجيشء وأثاروا تظاهرات وإضرابات كبيرة في 
المحلات والمدارس. وعلاوة على المحاولة الفاشلة لاغتيال الأسد في 26 
حزيران/ يونيو 1980» شهدت الحملة ذروتين: الأولى في آذار/ مارس 1980 


(43) انظر الفصل 18 من هذا الكتاب. 
(44) حزب البعث. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون» 3»؛ ص 64 - 65. 


464 


يدا 


في حلب. عندما خرج نحو ثلثي المدينة على مدى أسابيع عدة عن سيطرة 
النظام» والثانية في شباط/ فبراير 1982 في حماه» عندما أطلق عصيان مسلح 
عام الأحقاد القديمة بين الطوائف من جهة والريف والمديئة من جهة أخرى» 
وتعطضًا جديدًا إلى الانتقام من الممسكين بالسلطة» وانتهى النزاع بحمام دم لا 
نظير له في تاريخ سورية الحديث. 
من المعروف الآن» بما لا يقبل الشكء أن الانتفاضة في حماه كانت 
مخططة سلفاء وبدقة أكثر في كانون الثاني/ يناير 1982» بتدبير من عدنان 
قلةء قائد الطليعة المقاتلة» بالاتفاق مع عمر جواد. القائد المحلي 
للمقاتلين”*. كان المفترض أن تذاع كلمة السر التي اتفقا عليهاء والتي كان 
الهدف منها إعطاء الإشارة لبدء الانتفاضة العامة» من صوت المجاهدين في 
العراق. لكن غارة غير متوقعة ومجهضة قامت بها يوم 2 شباط/ فبراير وحدة 
من 500 رجل من سرايا الدفاع والمخابرات العسكرية على معقل عمر جواد 
السري في زقاق خلفي من حي البارودية في المدينة دفعت المقاتلين إلى 
إطلاق دعوات إلى ثورة شاملة مستخدمين مكبرات الصوت على مآذن 
الجوامع قبل يومين من ساعة الصفر المتفق عليها*. 
مع الندوب المؤلمة التي بقيت في أذهان الناس من التدمير الشامل 
والخسائر الكبيرة في الأرواح في حماه.؛ اعتبرت قيادة الإخوان أن من 
الضروري أن تصرح أن عدنان عقلة قد تصرف بمبادرة شخصية منه ومن دون 
موافقتها. وفي بيان فصله من الحركة يوم 25 نيسان/ أبريل 1982» أوردت 
بين دوافعهاء من بين أمور أخرىء الضرر الكبير الناتج من الطريقة التي أدار 
بها المعركة في حلب ودوره في جر المجاهدين إلى مواجهة سيئة التوقيت في 


(45) تتفق الحكومة والإخوان المسلمون على هذه النقطة؛ انظر حزب البعث, مكتب الإعداد 
الحزبي» الإخوان المسلمون؛ 3ص 6 وحوار القائد الإخواني عدنان سعد الدين مع تمام البرازي في 
الوطن العربي (باريس)؛ العدد 64 - 2590 3 6/ 1988. أنا مدين للبرازي لأنه زودني بنص تصريحات 
سعد الدين. 

(46) استنادًا إلى تجميع البيانات الواردة في تصريح سعد الدين المستشهد به في الملاحظة 
السابقة وروايات واردة في حزب البعث. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون. 2ص 116 وفي 
عمل مجموعة من الباحثين في مكتب الإعلام» «حماهة»؛ ص 51. 


405 


حماه”*». ومضى نائب المراقب العام للإخوان أبعد من ذلك ليقول: #تصرفات 
عدنان عقلة كلها يتحكم فيها الطيش والاندفاع والتهورة”. قد يقول أنصار 
عقلة إن تحميل قيادة الحركة له مسؤولية قرارات خاطتة أو متهورة ليس أكثر 
من محاولة لجعله كبش فداءء لكن الحقائق المعروفة لا يبدو أنها تسمح 
بتفسير من هذا القبيل. 

لا بد من الإشارة إلى أن المقاتلين الذين شاركوا في الحملة ضد النظام 
كانوا في معظمهم شبانًا في أواخر العقد الثاني أو في العشرينيات من أعمارهم 
أو مطلع الثلاثينيات؛ وكانواء في الجزء الأكبر منهم» طلاب مرحلة ثانوية أو 
جامعية ومعلمين وأعضاء مهن. ويدل على ذلك التوزيع المهني للناشطين 
(معظمهم من الإسلاميين» لكن بينهم أعضاء مهمين في أحزاب المعارضة 
العلمانية والنقابات المهنية أيضًا) الذين ألقت الحكومة القبض عليهم أو 
اعتقلتهم بين عام 1972 وأيار/ مايو 1981. فمن بين 1384» كان ما لا يقل 
عن 27.7 في المئة طلابًا و7.9 في المئة معلمين و13.3 في المئة مهنيين» 
بمن فى ذلك 79 مهندسًا و57 طبيبًا و25 محاميًا و10 صيدلانيينت29. 
وتكشف المعلومات التى قدمناها للتو عن قادة الطليعة المقاتلة والأعضاء 
الرئيسين فى القيادة المشتركة للإخوان أن الطبقة القائدة للحركة خرجت من 
الطبقة الوسطى المهنية. وفي حين أكد نائب المراقب العام للجماعة أن 
الحرفيين وأصحاب الدكاكين الصغيرة قد شكلوا جزءًا مهما من هذه الجماعة» 
فإنه أكد في عام 1982 أن مقاتليها قد جاءوا عمومًا من أبناء تلك الفئات أو 
العناصر المتعلمة منها؛ طلاب جامعيون فى الدرجة الأولى» وبدرجة أقل 
معلمون وأعضاء آخرون في الطبقة المثقفة*6. 


(47) النذير» العدد 47» السنة 3» 14/ 6/ 1982ء ص 2 3. 

(48) عدنان سعد الدين في حواره مع تمام السرازي في الوطن العربيء العدد 590-64 
3 . 

(49) استنادًا إلى أرقام أوردتها لجنة الدفاع عن الحريات والمعتقلين السياسيين في سورية في 
مجلة المنبر الناطقة باسمها (جنيف)» العدد 3 (كانون الثانى/ يناير 1981)؛ ص 1 ا والعدد 4 (أيار/ 
مايو 1981): ملحق بعد ص 95. في الأرقام والنسب الواردة في النصء لم يؤخذ في الحسبان السجناء 
المعتقلون قبل عام 1976 ولا أولئك الذين لم تُذكر مهنتهم. 

(50) عدنان سعد الدين» حديث مع المؤلف. نيويوركء 1 كانون الثاني/ يناير 1982. 


416 


استخدام القوة تدريجًا في البداية والتمييز بين المقاتلين وترك 
خط رجعة ل<(ا - لمضدّلين» منهم 


ركزنا في تتبعنا الملامح الرئيسة لضروب التمرّد المسلح. كما تكشفت 
بين عامى 1979 و1982» على أفعال واحد من الطرفين المتصارعين وردّات 
أفعاله» هو الإخوان المسلمون. وآن الأوان لنسلط الضوء على الطريقة التى رد 
بها الأسد في تلك الفترة على أخطر تحد واجه نظامه. 1 

كانت سياسة الأسد تجاه الإخوان المسلمين من البداية حتى آذار/ مارس 
0 سشخفيفة الوقع. فكان يستخدم القوة ضدهم باقتصاد وعلى نحو مقيد؛ 
ويدو أنه كان ميالا في تلك المرحلة من الصراع إلى تجتب درجة من القسوة 
يمكن أن تولّد المرارة وتفضي إلى مقاومة أشد. وسعى أيضًا إلى ترك خط 
رجعة لبعض المقاتلين على الأقل» وذلك بتمييزه في وقت يعود إلى 22 كانون 
الأول/ ديسمبر 1979.» بين فريقينء بين «هؤلاء الذين يسيئون للدين باسم 
الدين»؛ «فريق ضال غير مدرك خطورة الطريق الذي يسير عليه» ولا عارف 
نهاينه وما يحمله من خطورة على دينه ودنياه» و«فريق مضلّل يعرف إلى أين 
يسير ويعرف ماذا يريد؛ وهؤلاء #تحركاتهم المريبة المشبوهة مرتبطة بأهداف 
كامب ديفيدة. في ما يخص الفريق الأول» كان الأسد مستعدًا للاستمرار» كما 
في السابق» في «أن نتحمل مسؤوليتنا في توعيته وتبصيره في ما يفيد الدين 
والقيم وما يؤذي الدين والقيم». أما فيما يخص الفريق الآخر ‏ الذي يميزه 
ببلاغة من «المؤمنين الحقيقيين»» ويصفه ب«المتدينين المزيفين؟ الذين انسلخوا 
«عن كل مفهوم حملناه عبر تاريخنا الطويل كشعب وكأمة» ‏ فأوضح أنه على 
الرغم من الاستعداد لأن «نفتح آذاننا جيدًا لنسمع كل رأي آخرء فإنه لن 
يسمح بأن #يستغل... تسامحنا أكثر مما يجب'. وهدد أنه «إذا لم يرعوٍ الضالون 
عن ضلالهم؟ ف اسنستخدم الشدة والعندف بالشكل الملائم وفي الوقت 
المناسب6. وميز الأسد بحدة أيضًا الإخوان المسلمين عن «المحافظين» الذين 
يشكلون في بلدنا قطاعا واسعا هامًا... يجب أن تحرص على هذا القطاع»””*. 


(51) خطاب الأسد يوم 12/22/ 1979 أمام المؤتمر القطري السابع لحزب البعثء المناضل» 
العدد 129 (كانون الثاني/ يناير 1980)): ص 51-50 و57. 


417 


الل هد 


تحسس مزاج البلد 

قبل ذلك» في صيف عام 19ظ1 وخريفه. حين خلق تحدي الإخوان 
المسلمين للنظام جوًا من الأزمة» وجرّأ المعارضة العلمانية على رفع رأسهاء 
رأى الأسد أن من المفيد تحسس المزاج العام في القطرء فالتقى عمالا وتجارًا 
وفلاحين ومعلمين وشخصيات أدبية» وشجعهم على التعبير عن أفكارهم 
بحرية. تحدث بعضهم بصراحة وحرية. وكان سوء الإدارة والفساد وأساليب 
الحياة المبهرجة التي تحياها نخبة النظام بين المسائل الرئيسة التي طرحوها. 
لكن النقد الأشد جاء من لقاء دام سبع ساعات مع اتحادي الكتاب والصحافيين» 
وعقد يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر 1979. دان المشاركون «خنق الحريات» 
واغياب أي دور للشعب6. كما هاجموا الحكومة على تقاعسها في مواجهة 
سوء استعمال الثقة من جانب موظفين كبار وقبولهم «رشاوى وعمولات». 
وشكا أحد الكتاب من أن «الشعب كله يعيش فى سجن كبير!؛ وسأل آخر 
بحدة: «كيف تستطيع سورية أن تواجه كامب ديفيد وهي لا تستطيع أن تواجه 
مشكلة الخبز؟» وتكلم الشاعر العلوي ممدوح عدوان بصراحة خاصة. فقال: 
«أنا أشتغل في إعلام أخجل منه لأنه يكذب بهذا المقدار... يكذب بإخفاء 
الكوليرا... لماذا يكذب النظام؟... السلطات التي تكذبء. هي سلطات تخاف 
الشعب» وتخاف أن يراها على حقيقتها». ووجه سهامه أيضًا إلى سرايا الدفاع 
والمخابرات و«الوجه الطائفي للسلطة». وتابع: «عندي سؤالء أريد الجواب 
عليه الآن: اشرحوا لي ما هي سرايا الدفاع؟ ولماذا امتيازاتها؟... ولماذا 
يتحدث الناس عنها وشوشة وهمسًا؟620. 

من وجهة نظر خصوم الأسدء. لم يكن هذا الأخير» في سماحه لعناصر 
مختلفة بتنفيس الضغط بهذه الطريقة» يسعى إلى جس نبض الشعب فحسب» 
بل وإلى كسب الوقت ومحاولة سحب بعض أعدائه السريين» على الأقل؛ إلى 
العلن. 


(52) مقتطفات من كلمات ألقيت في اجتماع اتحاد الكتاب والصحافيين ونشرت في الحوادث 
(بيروت)؛ 12/7/ 1979. 


418 


تغيير التركيبة الطائفية لقيادة البعث وتعيين عدد أكبر من السنة 
من عائلات ذات مكانة دينية رفيعة فى مناصب رفيعة 


كانت خطوة الأسد التالية محاولة لتغيير التصور العام عن الصفة 
«الطائفية» للنظام. وأجرى في 5 كانون الثاني/ يناير 21980 تغييرات في 
تركيبة القيادة القطرية لحزب البعث زادت نسبة السئة في هذا المستوى 
من قيادة الحزب من 57.1 فى المثة إلى 66.7 فى المئة» وخفضت نسبة 
العلويين من 33.3 فى المئة إلى 9 في المئة (انظر الجدول 2-19). 
كذلكء أعاد الأسد تنظيم الحكومة في 14 كانون الثاني/ يناير» وعهد 
إليها بمهمة معالجة الأخطاء أو سوء الإدارة من الموظفين الحكوميين 
بمزيد من الحزم. وشكل التكنوقراط ما يصل إلى 40 في المئة من أعضاء 
الحكومة الجديدة» لتعكس بوضوح رغبة الأسد في تعزيز كفاءة إدارته. 
علاوة على ذلك» ذهب ما لا يقل عن ربع الحقائب إلى دمشقيين» جاء 
معظمهم من عائلات عريقة ذات مكانة دينية رفيعة*'©. فتحدر رئيس 
مجلس الوزراء» عبد الرؤوف الكسم.ء نفسه ‏ وهو يحمل درجة دكتوراه 
فى الهندسة المعمارية وتخطيط المدن من جامعة جنيف. وكان سابقًا 
تامسو رئيس افع ود ويدا فل الحاضدة ين عافن 9 و5401980 
من عائلة قدمت مفتيًا وعالمًا مهمًا في فترة الانتداب الفرنسي©. ومن 
المنطقي أن نستنتج أن الأسد كان يرجوء من هذه التغييرات» أن يحظى 
بود رجال الدين الدمشقيين وأن يحيّد العاصمة» مع أنَّ التسوية الحاسمة 
للحسابات مع الإخوان المسلمين في معاقلهم في حلب وحماه كانت 
تبدو محتومة على نحو متزايد. 

(53) إضافة إلى رئيس الوزراء» كان الأعضاء الدمشقيون في الحكومة المتحدرون من عائلات 
دمشقية هم وزير العدل خالد المالكي ووزير الإسكان والمرافق د. نورس الدقر ووزيرة الثقافة والإرشاد 
القومي د. نجاح العطار ووزير الأوقاف محمد محمد الخطيب؛ الجريدة الرسمية» الجزء 1» العدد 4 
(1980),) ص 149 -150., والسفير (بيروت)»: 15 و1980/1/16. 


(54) لتفاصيل أخرى عن سيرة الكسمء انظر الملحق. 
(55) الحصني (1940-1874)) كتاب منتخبات التواريخ لدمشقء الجزء الثاني» ص 887. 


9ظ4 


والمواجهة حتى النهاية 


أخيرًاء في آذار/ مارس 1980 ومع اتساع حجم الاضطراب وزيادة 
الإضرابات والتظاهرات فى امتدادها وكثافتها فى بلدات ومدن سورية كثيرة 
عدا دمشقء قرر الأسد. بعد أن شعر بتوقف مصير نظامه المحتوم على تدمير 
المقاتلين الإسلاميين» أن يقاتل هؤلاء بتصميم شرس. 

بدأ بربط المقاتلين الإسلاميين بالسياسة الأميركية فى المنطقة» مستخدمًا 
تعابير لا لبس فيها. فقال فى 11 آذار/ مارس 1980: «مخابرات الولايات 
المتحدة الأمريكية هي التي ترسل لنا العملاء» وهي التي تغذي هؤلاء العملاء 
[بوسائل القعل والتدمير]ء وهى التى تقود أعمال هؤلاء العملاء من مراكز 
ليست بعيدة عن قطرنا». وأكد فى تصريحات لاحقة «تعتقد [الولايات 
المتحدة] أن مثل هذه المشاكل يمكن أن يدفعنا للتنازل أمام الإرادة 
الإسرائيلية»» وأن الحقيقة هى أنه «ليست للولايات المتحدة سياسة أميركية فى 
هذه المنطقة» وإنما سياسة إسرائيلية تنفذها الولايات المتحدة». وذكّر الناس 
كيف أن الإخوان المسلمين قد تحركوا ضد الرئيس المصري جمال عبد الناصر 
في عز وقفته ضد الاستعمارة©6. 

كشفت قسوة القلب المختبئة تحت مظهر الأسد الخارجي الناعم عن 
نفسها. كلما زادت قسوة هجمات المتشددين الإسلاميين» صار الأسد أقل 
رحمة في رده. وفي محاولة لتبرير موقفه المتشددء أكد في أواخر تموز/ يوليو 
0 أن معظم المشاركين في الإضرابات» بمن فيهم أولئك الذين أغلقوا 
محلاتهم مدة خمسة عشر يومًا في حلبء كانوا يتصرفون «مرغمين وخائفين؟ 
وأنهم قالوا للمبعوثين الذين أرسلهم للاستفسار عن مشكلاتهم «في أكثر من 
مدينة»» «كنا نظن أن الإخوان المسلمين أقوى من الدولة وإلا لماذا يقتلون 

(56) السفير (بيروت)» 12/ 3/ 1980؛ مطبعة اليعثء؛ الخطاب التاريخي للرئيس القائد في 
الذكرى الثامنة عشرة لثورة آذارء آذار/ مارس 1981. ص 52؛ ومجموعة الأحاديث التي أدلى بها الرفيق 


حافظ الأسد... فى شباط/ فبراير وآذار/ مارس 1982: ص 30 و37. 


500 


7م 


وتسكتون؟ لماذا يدمرون ولا تفعلون شيئا؟ وإذا كنتم غير قادرين على مواجهة 
الإخوان المسلمين فكيف تريدون منا ونحن العزل أن نقف في مواجهة 
الإخوان المسلمين؟)620. 

سلّم الأسد بأن «الإخوان المسلمين ليسوا أمرّا عارضًا في حياة أمتناء 
ليسوا شيئا قليلا في حياة أمتناه» وأن «كثيرًا جدًا من المواطنين من يعتقد أن 
الدفاع عن الإخوان المسلمين يعني الدفاع عن الإسلام)!*0. وهذا يفسر لماذا 
استمر لفترة من الزمن يفرق - كما عبّر عن الأمر في آذار/ مارس 1980 - بين 
«القتلة [بينهم] وغيرهم»! ولماذا عمد بعل محاولة اغتياله في 26 حزيران/ 
يونيو 1980 وبعد سن القانون رقم 49 بتاريخ 7 تموز/ يوليو 1980 الذي 
اعتبر الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين لاجريمة6 يعاقب عليها بالإعدام !0 
إلى منح غير المقاتلين مهلة شهر ‏ مددت إلى خمسين يومًا بناء على طلب 
رجال دين مسلمين ومسيحيين - ليتخلوا عن علاقتهم بالحركة ويتجنبوا العقوبة 
المنصوص عليها. وبحلول 28 آب/ أغسطسء سام ما لا يقل عن 1052 
عضوًا فى الإخوان المسلمين أنفسهم» بحسب مصدر رسمي"'. لكن من 
الصعب تحديد النسبة التي مثلها هؤلاء من مجموع قوة الإخوان» خصوصًا أن 
الجماعة عانت بين عامى 1975 و1982 تغيرات حادة فى عددها. فعلى سبيل 
المثال» لم يتجاوز عدد أعضائهاء بحسب تقديرات قادتهاء في حلب 800 
عضو في عام 1975» لكنه تضخم في عام 1978 إلى حد أقصى يقدر بما بين 
0 و7000 عضو*”*". لكنء بحلول ربيع عام 1981 كانت «اجميع 


(57) حزب البعث العربي الاشتراكي. القيادة القطرية» كلمة الرفيق الأمين العام للحزب في: 
المؤتصر القومي الثالث عثسر المنعقد في دمشق في أواخر تموز/ يوليو 1980» «مخصص للأعضاء 
العاملين»» دمشقء أيلول/ سبتمير 1980 ص 68 - 69. 

(58) المؤتمر القومي الثالث عشرء ص 29 -30. 

(59) دار البعث؛ كلمة السيد الرئيس حافظ الأسد فى الذكرى السابعة عشرة لشورة الثامن من 
آذارء 8 آذار/ مارس 1980. ص 26. 1 

(60) المادة 1 من القانون» الجمهورية العربية السورية» الجريدة الرسمية: الجزء الأول. العدد 
9 1980. ص 1451-1450. 

(61) تشرين (دمشق). 29/ 8/ 1980 والسفيرء 30/ 8/ 1980. 

(62) عدنان سعد الدين, نائب المراقب العام للإخوان المسلمين» حديث. كانون الثاني/ يناير 1982. 


5301 


مخابئها» فى المدينة قد كشفتء وتوقف فرعها هناك عن الوجود بالمعنى 
الفعل للكلمة2». 


على أي حال؛ من الضروري أن نبقى فى الذهن أنه بين آذار/ مارس 
0 وشباط/ فبراير 21982 أصبح إيقاع الخوف في قلوب المناوثين العتلة 
الرئيسة في نظام الأسد. وصارت الشبكات الأمنية والتشكيلات العسكرية 
النخبوية ‏ سرايا الدفاع والوحدات الخاصة والفرقة الثالثة المدرعة ‏ أدواتها 
الرئيسة. واستنادًا إلى تقارير المعارضة» تضمنت الإجراءات الصارمة التى 
قات بها وحدذات من هذه التسكيلات تطويق أخياء يكافلها» وتمقيطها من 
بيت إلى بيت» واعتقالات جماعية» والقتال من مبنى إلى مبنى في أزقة ضيقة. 
وقتل السجناء في زنازينهم؛ وإطلاق النار على مدنيين سحبوا إلى الشوارع من 
بيوتهم» وتضمنت في حماه في عام 1982 قصفا عشوائيًا بالمدفعية وبرشاشات 
الحوامات وتسوية قطاعات برمتها من أجزاء المدينة الشمالية والشرقية بالأرض. 

لا يوجد إحصاء أكيد لعدد القتلى. كان النظام قد نشر أرقامًا للقتلى 
البعثيين المدنيين فحسب؛ «أكثر من 200» في حلب في عام 1980 و146 
في شباط/ فبراير 1982 في حماه*. وزعم أيضًا أن الإخوان المسلمين في 
حماه «انقضوا على رفاقنا وهم نائمون في بيوتهم» وقتلوا كل من استطاعوا 
قتله من النساء والأطفال» وسحلوا أجساد الشهداء في الشوارع يدفعهم حقد 
أسود مثل الكلاب المسعورة»؟©. 

تحدث الإخوان المسلمون. من جانبهم» عن قتل قوات النظام اسبعة 
وتسعين مواطنا بريئًاه يوم 10 آذار/ مارس 1980 في بلدة جسر الشغور التي 
تبعد 65 ميلا شمال شرق اللاذقية؛ وعن قتل «أكثر من سبعمئة معتقل؛ في 
سجن تدمر يوم 27 حزيران/ يونيو 1980» غداة محاولة فاشلة لاغتيال الأسد؛ 
وقتل عدد غير محدد من الناس - 42 ربما ‏ في سوق الأحد في حلب يوم 13 
تموز/ يوليو 1980؛ وقتل 15 فلاحًا شابًا على الأقل في قرية سرمدا في منطقة 

(63) حزب البعث. مكتب الإعداد الحزبي» الإخوان المسلمون» 3» ص 65. 


(64) المصدر نفسه. 4» ص 45. 
(265) .25/2/1982 ,كعسة1 دما مولز 


502 


حارم قرب الحدود مع تركيا يوم 25 تموز/ يوليو 1980؟ وقتل «ستة وثمانين 
مواطنًا أكثرهم من الأطفال» في حي المشارقة في حلب يوم 11 آب/ أغسطس 
0 وقتل 35 آخرين في حارة بستان القصر من المدينة في اليوم التالي؛ 
وقتل 120 امرأة رهينة (من أمهات الملاحقين وأخواتهم) في سجن تدمر يوم 
9 كانون الأول/ ديسمبر 1980؟ و335 من أبناء حماه يوم 24 نيسان/ أبريل 
1 >.». وفي حين قدّم الإخوان المسلمون قوائم طويلة لكنها غير كاملة 
بأسماء «الشهداء؛ فى كل حى من أحياء مدينة حماه المتضررة في تقدير 
تفصيلي ل«المجزرة الكبرى؟ في شباط/ فبراير 1982» فإنهم لم يقدموا تقديرًا 
لمجموع عدد القتلى؛ بل نقلوا معلومات أن مجاهديهم أحصوا «بناء على 
مشاهداتهم ومصادرهم الخاصة وفي المستشفيات» أن قوات النظام خسرت 
بين 2 و22 شباط/ فبراير 3412 قتيلا و5923 جريحًا”». واستنادًا إلى منظمة 
العفو الدولية «تراوحت تقديرات عدد القتلى من جميع الأطراف بين 10 آلاف 
و25 ألقًاه”*. أما القائد الاشتراكي القديم وابن مدينة حماه أكرم الحوراني 
وأحزاب المعارضة العلمانية فيصرّون على أن ما لا يقل عن 25 ألف مدني 
قتلوا على امتداد شهر شباط/ فبراير*, 


لا توجد حاليًا أي طريقة يقة للتحقق من صحة هذه الأرقام أو للإجابة 
بثقة عن السؤال لماذا وصل الأسد إلى تلك الحدود أو سمح للقائد 
الميداني - شقيقه رفعت ‏ بتلك الحرية في قمع العصيان في حماه. إذا 
كانت الخسائر في صفوف القوات الحكومية في اليوم الأول من العصيان - 
2 شباط/ فبراير قد وصلتء. بحسب تقدير المقاتلين الإسلاميين» إلى 
6 قتيلا و2150 جريحًا”. فقد يفسر ذلك جزئيًا رد الأسد القاسي. 
وعلى أي حال: فإِنَّ مناوئيه اتهموه بتدبير ذلك الخراب الذي أنزل بالأرواح 


(66) الإخوان المسلمون, مكتب الإعلام «حماه..»» ص 21 -24. 

(67) المصدر نفسهء ص 135 - 136 

(68) تقرير من منظمة العفو الدولية إلى حكومة الجمهورية العربية السورية») ص 37. 

(69) حديث مع أكرم الحوراني» 15 تموز/ يوليو 1985؛ و«الديمقراطيون السوريون؟» مجزرة 
حماهء ص 9 و85. 

(70) الإخوان المسلمون؛ مكتب الإعلام #حماه..:» ص 136 


503 


7 


والممتلكات المادية. فقد تحرك الأسد ونظامه» من وجهة نظرهم» كي 
يجعل من حماه عبرة» تدفعه الرغبة في إعطاء درس لجميع المدن السورية 
وللسوريين من جميع الاتجاهات السياسية”©. ومن المحتمل أن الأسد 
فكّر في الأمر بالطريقة يقة التي فكنافىها نابليرن في عاء 0 عندما أرسل 
أحد ضباطه ليخمد انتفاضة في فيندي. نصح نابليون الضابط ب«أن يحرق 

تين أو ثلاث. يختارها من بين تلك التي يعتبر سلوكها الأسوأء لتكون 
عبرة لمن يعتبر». وأضاف أن التجربة علمته أن «فعلًا قاسيًا رهيبّاء في 
ظروف كالتي تواجههاء هو الطريقة الأكثر إنسانية. فالشيء الوحيد غير 
الإنساني هو الضعف». والأرجح أن الأسد يشارك نابليون في الفكرة 
القائلة إن «قلب رجل الدولة في رأسه؛ وأنه يجب عدم السماح ل«العاطفة» 
بالتدخل في السياسة*7. لكن إذا كان قصف المدنيين العزل وتدمير مناطق 
حضرية كاملة في أثناء ملاحقة الإخوان المسلمين الذين لم يكونوا خالين 
من وصمة القيام بأعمال عنيفة مفرطة» يبدو منطقيًا بالمعنى السياسيء إن 
لم يكن مفروضًاء من وجهة نظر الأسدء فإن «مجزرة» حماه تبقى» بالمعنى 
الأخلاقي» وصمة في سيرته. 

كيفما كانت الطريقة التي تحققت بها الغاية التي وضعها الأسد نصب 
عينيه؛ فقد تحققت. كسر إرادة الطليعة المقاتلة أو على الأقل» حطم قوتها 
العسكرية» ووضع حدًا للنزاع الأهلي الذي أقلق سورية ست سنوات طويلة» 
فأعاد فرض سيطرته بقبضة أشد مما كانت عليه من قبل. وكان» فى سنوات 
سابقةء قد افلح باستتخدام الاعين ماغرة» فى تقدسيم أحنزاب المغارضة 
العلمانية» ونجح. عبر إحداث انشقاقات ضمنها واجتذاب بعض العناصر 
المنشقة إلى جبهته الوطنية التقدمية» في اختزالها كلها إلى حالات غير فاعلة 
سياسيا. 


(71) المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية «حماه من بداية القرن العشرين إلى المذبحة.» 
(شباط/ فبراير 1985)») ص 35. 

(2 7) «مأامعاان) ابععممياط إه «ماعذاط 4 :د«معءاممه/(! زه عع4 +77 بأصده اعتتخ لهة امس [اتثلا 

.م (1975 فأكناطء5 لهة ممصستد :ليملا بوء[8) 11 ام بممتامعة لاح 4ه بمماذ ع1 ,1815 6) 1789 «امثر 


504 


إحباط الإخوان المسلمين في المنفى 

بما أن تعاطف الناس العاديين مع الأصولية الإسلامية لم يتلاشّ؛ على 
الرغم من ارتياب كثير من أنصارها الطبيعيين المتزايد بالتكتيكات التي 
استخدمتها الطليعة المقاتلة» اعتبر الأسد أن من الضروري قبل مضي وقت 
طويل أن يتجه إلى الإخوان المسلمين الذين يعيشون في المنفى بهدف إحباط 
محاولة من جانبهم لدفق روح جديدة في الحركة. كان ذلك الشهر الدموي في 
حماه قد ألقى بثقله على عقولهم؛ وأدى؛ على نحو مباشر أو غير مباشرء إلى 
تأجيج الانقسامات القديمة بينهم وإشعال انقسامات جديدة. فمنذ 25 نيسان/ 
أبريل 2 قطع قادتهم علاقتهم رسميًا مع قائد الطليعة المقاتلة عدنان عقلة 
الذي كان قد فر إلى الخارج ناجيًا بحياته. واتهموه بالاختلاف صراحة مع 
الإخوان» وبذلك أعطى العدو «فرصًا كثيرة» وبأنه أطلق حملة مشوشة في 
محاولة لتضليل جماهير المسلمين وسوقهم إلى الاعتقاد بأن للإسلاميين 
غايات متضاربة*. ربما ساعد التبادل التالي للاتهامات والاتهامات المضادة 
والنزاعات المتعلقة بقيادة الحركة في مرحلتها الجديدة في دفع منظر الإخوان 
الرئيس سعيد حوًا إلى الانسحاب من الجماعة بقرف في كانون الأول/ ديسمبر 
3. ويقال إنه شبّه الإخوان السوريين في تلك اللحظة المفصلية ب «مستنقع 
قذر لا يعيش فيه سوى القليل من السمك النظيف»)*7. 


لم يحتج الأسد إلى وقت طويل لإدراك الفرص التي وفرها له هذا 
الوضع. وليس من الواضح تمامًا ما هي الخطوات التي اتخذها فيما يتعلق 
بعدنان عقلة. تقول إحدى الروايات إن عقلة أجرى صلحًا مع الأسد بعد 
توسط لمصلحته من النظام الإيراني بقيادة روح الله الخميني» وهو !يعيش 
الآن براحة في سورية»”*7©. وفي رواية أخرىء أنه استدرج للعودة إلى الوطن 


(73) النذير» العدد 47 14/ 2/6 198. ص 2 3. 

(74) حصلت على هذه المعلومة من مصدر موثوق» لكن مصدري فضل عدم ذكر اسمه. 

(75) عبر عن هذه الفكرة تمام البرازي» مراسل الوطن العربي» وقبله حمود الشوفيء الأمين 
القطري لحزب البعث في سورية بيسن 1963 و1964. في الوطن العربيء العدد 589-63 
27 5/ 1988 والعدد 61 - 587 بتاريخ 13/ 5/ 1988 على التوالي. 


505 


«بالخيانة» واليس معروفا إذا كان شهيدًا أو سجيئًاة7. لكن ليس هناك شك 
في أن رئيس المخابرات العسكرية اللواء علي دوبا قد أجرى اتصالات في 
عام 1984 - بعد عودة عقلة إلى سورية كما هو واضح - في ألمانيا الغربية 
مع «قيادة» الطليعة المقاتلة» ويرجح أنها مع بعض مساعدي عقلة7©. وأورد 
بيان نشره النظام يوم 25 كانون الثاني/ يناير 1985 أنه في أثناء تلك 
الاتصالات. عبرت هذه القيادة عن قناعات جديدة لدى عناصرهاء» تضمنت 
في جوهرهاء كما زعِمَ اعترافا منهم بأن أولئك المتاجرين باسم الدين» 
والذين عرفوهم عن قربء ينفذون مخططات مشبوهة لن تحصد سوى الفشل. 
وتابع البيان أن الدولة قررت أن تسمح لجميع الشباب المخلصين بالعودة إلى 
الوطن واستئناف حياتهم العادية بين إخوانهم وأقربائهم. كما منحوا «عفوًا 
خاصًاة من الأسدء يشمل كل من يتبعوا قدوتهم ويتخلوا عن الأفكار الإجرامية 
التي فرضتها عليهم العقول المريضة أو فرضها رجال أيديهم ملطخة©©. 
نجح الأسد أيضًا في أن يجمع ممثلين عن جناح الإخوان المعترف به من 
التنظيم العالمي مع علي دوبا في فرانكفورت يوم 11 كانون الأول/ ديسمبر 
4 . لكن المحادثات انقطعت في اليوم الثاني. وعلى الرغم من أنها 
استؤنفت مرة أخرى في عام 1987. فإنَّ أثرها الملموس الوحيد كان تعميق 
غياب الثقة المتبادل بين مجموعتين في هذا الجناح أو مفاقمته» وهو غياب 
للثقة تعود جذوره إلى النزاع على قيادة التنظيم. وفي نيسان/ أبريل 1986» 
كانت المجموعتان قد انقلبتا علا واحدتهما على الأخرى» وأصبحتا في الواقع 
تنظيمين مستقلين. كانت قاعدة أحدهما فى العراق يقيادة عدنان سعد الدين 
الذي عارض بقوة» بحسب روايته» أي مفاوضات مع نظام الأسدء الذي أراد 


(76) أنس عبد الله» مهندس سوري يعيش في السعودية؛ وهو من أنصار عقلة» في رسالة إلى 
الوطن العربي. 

إفة عن مشاركة دوبا في اتصالات بقادة الأخوان عام 1984 انظر: ءدمتاءتانة» بدمعطءهاب! منمده 

.(1987) 0.7« ,3 .اه راوء01'آ عل عواطم «رؤومعملز5 فممصاتكيك8 وععغ6 دعل 

وتصريحات القائد الإخوائى عدنان سعد الدين ل الوطن العربي» العدد 64 - 2590 3/ 6/ 1988. 

(78) ,28/1/1985 متام ا أكمظ 1ل5410 .ممع لإانودا 501 1 اأاقمقع20م8 مواعده] 

0 لصة 119 .ترم 


5|06 


اكاك اللا يتن 


للإخوان» بحسب تعبيره» أن «يعيشوا تحت ظله»*. أما المجموعة الأخرى 
التي كانت لها صلات سعودية» وضمنت دعم التنظيم العالمي للوإخوان» فرئسها 
الشيخ عبد الفتاح أبو غدة» وأعلنت أن الحوار» من وجهة نظرهاء وسيلة أساسية 
يمكن بواسطتها تحقيق الأهداف وأنها قررت اختياره» مع إدراكها لما يمكن أن 
ينطوي عليه من آثار سلبية» إن لم يكن لأي سبب آخرء فللقيام بواجباتها نحو 
أيناء سورية الذين يعانون كل أشكال الصعوبات”. وفي محادثات عام 
4؛» طالب ممثلوها بإنهاء الأحكام العرفية و«الحرية للشعب السوري» 
وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. فسخر محاوروهم من جانب الحكومة 
«من هذا الكلام... وقالوا: أنتم لستم منتصرين ولستم أنتم الجنرال غورو حتى 
توجهوا مثل هذا الكلام...0”'*. وانتهت المحادثات عند هذا الحد. وانتهى 
حوار عام 1987 إلى جمود أيضًا. 

لم يهتم الأسد كثيرًا بالمجموعة التي اتخذت من آخن مركرًا لهاء 
والمرتبطة بالقائد الإخواني القديم عصام العطار. ولعل مردّ ذلك إلى حالتها 
الهابطة. وعلى الرغم من قتل زوجة العطار بدم بارد في تلك المديئة يوم 17 
آذار/ مارس 1981 تعبيرًا عن حقد كان هو هدفه الحقيقي ‏ وزعم النظام أنه 
بريء منه ‏ فإن أخته الدكتورة نجاح العطار ما زالت تشغل منصب وزيرة 
الثقافة حتى هذا اليوم. وهو ما دفع متتقديه إلى التساؤل كيف يستطيع التأثير 
في الرأي العام إذا كان عاجرا عن تغيير رأي فرد من عائلته. وهو نفسه تأسف 
لاستمرار وجود أخته في حكومة الأسد واصمًا ذلك بأنّه «مأساة عائلية»2©. 


على أمل إنهاء «الاختلافات المصطنعة بين العروبة والإسلام» وتركيز 
جناح عدنان سعد الدين ‏ بالاشتراك مع أطراف من المعارضة الوطنية التي 


(79) عدتان سعد الدين لمراسل الوطن العربيء العدد 64 - 590, 3/ 6/ 1988. 

(80) تصريح من قيادة هذا الجناح في الوطن العربيء العدد 84 -10/21»610/ 1988» 
ص 28 -29. 

(81) عدنان سعد الدين في روايته عن المحادثات في الوطن العربيء العدد 590-64 
3 6/ 1988. كان الجترال غورو هو المفوض السامي في سورية تحت الانتداب الفرنسي. 

(82) نقل ملاحظة العطار هذه تمام اليرازي في الوطن العربي, العدد 61 - 587 13/ 5/ 1988. 


507 


تعيش في الخارج يوم 11 آذار/ مارس 1982 التحالف الوطني لتحرير سورية'”*. 
وبعد رسع العلب للا بي 21 شباط/ فبراير 1990 ليشمل ناقمين آخرين 
على النظام وإعادة تسميته الجبهة الوطنية لإنقاذ سورية*؛ أحدث بعض الضجة 
في الخارج. لكنه» على الرغم من تناغمه مع مظالم الناس» قلما جمع القوى» 
وليس له سوى تأثير قليل» إن وجدء في الحوادث في الداخل. 

إنه لذي دلالة أن يكون الأسد قد حافظ على علاقات ودية بحركة 
المقاومة الإسلامية» حماسء منذ أوائل التسعينيات» وهي الفرع الفلسطيني 
من الإخوان المسلمين» في حين ما زالت الأحزاب الإسلامية في سورية 
ممنوعة. وتفسيدًا لذلك» جادل الأسد بأنه يمكن لقوى مختلفة» لها وجهات 
نظر مختلفة أن تتعاون» تحت ظروف مشتركة» مضيفًا أن حماس (وحزب الله 
في لبنان) بخلاف بقية الإسلاميين» يقاتلون ضد الاحتلال ودفاعا عن 


وطنهو!. 


أكثر ثبانًا على سرجه من أي وقت مضى 

بعد إراقة الدماء في حماه في عام 2 وأزمة الخلافة في فترة 
1984-3 التي سبق أن حللناها في الفصل الثامن عشر - لم يواجه 
الأسد أي معارضة فاعلة. فقد لعَبِ على إصبعه القوى المنافسة أو المعارضة 
كلّهاء أو خدعهاء أو قسمهاء أو همشهاء أو كتم صوتهاء أو حطمها. وبانت 
سيطرته على السلطة مضمونة أكثر من أي وقت منذ استيلائه على الحكم في 
عام 1970» إلى درجة أنه قرّر أن يفتح نظامه قليلاء لكن إلى درجة لا تعرض 
قبضته على الدولة للخطر. وهكذاء أعطى القطاع الخاص دورًا أكبر على نحو 
متزايد فى اقتصاد القطر منذ منتصف الثمانينيات فصاعداء لكن من دون إضعاف 
التخطيط التنموي أو القطاع العاه©". وفي عام 1990» أمر باتخاذ إجراءات 


(83) من أجل ميثاق التحالف. انظر المنبرء العدد 8./ 9/ 1982. ص 74 -80. 

(84) اليوم السابع (باريس)» 5/ 3/ 1990. 

(85) مقابلة مع الأسد أجراها باتريك سيلء الوسط (لندن)؛ العدد 67 10/ 5/ 21993 
ص 18-17., 

(86) انظر ص 387 وما يليها. 


5208 


تهدف إلى إيطال الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ ‏ إلا ما يتعلق بالجرائم على 
«أمن الدولة» ‏ التي كانت مفروضة منذ منتصف الستينيات ومنحت الحاكم 
العرفي ومن ثم رئيس الجمهورية سلطات استثنائية واسعة”*». وعفا كذلك بين 
كانون الأول/ ديسمبر 1991 وكانون الأول/ ديسمبر 1995 عن ما لا يقل عن 
3 سجيئًا سياسيّاء معظمهم من الإخوان المسلمين أو من مناصريهم؛ لكنه 
أبقى أعداءه العنيدين أو الأخطر خلف القضبان.** وفوق ذلك» سمح لعناصر 
غير حزبية أو مستقلة ‏ معظمهم أعضاء مهن أو رجال أعمال أو رجال دين» 
وحتى بعض الزعماء القبليين التقليديين ‏ بصوت أكبر في مجلس الشعب”6, 
حيث شغلت تلك العناصر بين عامي 1973 و1977 62 مقعدًا من أصل 
مقاعده ال 186» أو 33.3 في المئة من المجموع””. أما في الدور التشريعي 
6 -1989 فانخفض تمثيلهم إلى 17.9 في المئة» ثم ارتفع إلى 33.6 في 
المئة في عام 1990 وتدنى إلى 33.2 في المئة في عام 71994©. 


لم يسترد الأسد قط التعاطف الشعبي الذي تمتع به في فترة 1970 -1971» 
عندما كانت الحشود تحمله وتحمل سيارته مهللة على الأكتاف. حتى في 
حماه وحلب. لكن النظام يحمل الآن أكثر فأكثر بصمة شخصيته. أصبحت 


0020 اليوم السابع (باريس).» 5/ 3/ 1990. وخدمة الؤعلام الإذاعي الخارجي» «التقرير اليومي؟. 
الشرق الأوسط وأفريقياء 9/ 1990/3 و30/ 3/ 1995. شملت الجرائم التي لم تعد تخضع للأحكام 
العرفية» على ما يظهرء من بين جرائم أخرىء تلك الواقعة على «سلطة عامة؛ أو تشكل «خطرًا عامًا' أو 
تنامض (أيّا من أهداف الشورة» أو تتضمن احتكار تجارة المواد الغذائية. عن التفصيلات المتعلقة 
بالأحكام العرفية انظر: تقرير من منظمة العفو الدولية إلى حكومة الجمهورية العربية السورية» 1983» 
ص 11-6. 

(8 8) ء001ثا2ة ههه ,15/12/1995 ,كه:1717 أماء مهارم :22/7/1992 مه ,7/12/1991 عمط ج«ميع«ارلعملا 

.264 .م ,(1996 زضنم5) 2 .30 ,50 .أل ,أمتسامل اعمط 

(29 انظر : «رعكة8 امع )لاوط كلمكة ورصألءلمصعظ .كصوزاءء | بممامعصيوتامدط وأوترز5» روعطجعط عععلام/ا 

.(1992 لإتهتصمء*!-لمههول) 174 .وج روصع اعمط ءا00 141 


(90) الجمهورية العربية السورية. وزارة الإعلام» سورية الثورة في عامها الرابع عشرء (دمشق: 
مطايع مؤسسة الوحدة» 1977)): ص 21. 

(91) الثورة (دمشق): 12 شباط/ فبراير 1986. في انتخابات عام 1990. نالوا 84 مقعدًا من 
أصل 250؛ وخدمة الإعلام الإذاعي الخارجيء التقرير اليومي, الشرق الأوسط وأفريقياء 29/ 5/ 1990. 
وفي عام 1994 أخذوا 83 من أصل 250 مقعدّاء الشرق الأوسط وأفريقياء 29/ 8/ 1994. 


509 


ل ينك 


جوانب شخصيته المتعلقة بممارسة السلطة أيضًا متشابكة على نحو أكثر قوة 
مع نسيج الحوادث الداخلية. ولكن على الرغم من أنه أصبح حاكم سورية بلا 
منازع» كانت سلطته خاضعة لحدود طبيعية معينة. وبالتالي لا يمكن أن نفترض 
أنه مطلع طوال الوقت على كل ما يدور في كل جزء؛ مهما كان صغيرٌاء من 
النظام أو من البلد. على الأقل نتيجة ميله إلى الانعزال وإلى السماح للموظفين 
العاملين تحت قيادته بحرية غير قليلة في أمور لا يعتبرها ذات خطر. وعلاوة 
على ذلك؛ فإن سلطته كان يحدّ منها نوعًا ما نقص اهتمامه النسبى بالمشكلات 
الاقتصادية أو غيرها من المسائل ذات الطبيعة الفئية» أو نقص معرفته بها. إن 
تعقيد هذه المشكلات يعطي الاختصاصيين والخبراء بالتأكيد شيئًا من التأثير 
في صنع السياسات في المجالات المعنية. 

هناك عملية دقيقة تصب في تعزيز موقع الأسد وتنشأ من القناعة العامة 
بأنه يفوق كثيرًا في براعته أيَا من مساعديه» وأنه إذا ما حدث له شيء؛ فلا 
أحد داخل بطانته أو خارجها د عو يتمع بالمكانة أو بالنفوذ أو يحظى بولاء 
التشكيلات العسكرية الحاسمة الضرورية لإبقاء النظام أو البلد موحدًا. وبعبارة 
أخرى؛ إن عاملا مهما يضاف لصالحه هو الخوف المشترك على نطاق واسع 
من أن وفاته قد تكون في ظل الظروف القائمة مصدر قلق جدي لسورية 
وشعبها. 

كان التشديد في هذا الفصلء لدى مناقشة نجاح الأسد في النجاة من 
العاصفة الإسلامية وإبقاء المقاليد الأهم بين يديه» على صفاته الشخصية» ولا 
سيما موهبته في ذ فن الحكم ومهارته في ابتكار الوسائل لغاياته أو تكييفها لها. 
نكن يجت أنايقى خاضدا في الذهن أن المؤسسات التي بناهاء أو أعاد 
تشكيلهاء وخصصها للدفاع عن نظامه» من مثل شبكات الأمن والاستخبارات 
والوحدات المسلحة المرتبطة سياسيّاء متنت سلطته» وأدامتها» وضمنت» في 
النهاية» أن تتّخذ الأمور فى الداخل السبيل الذي رغب لها أن تتخذه؛ أو كان 
يطيق أن خذه. ١‏ 


53[10 


الفصل الثالث والعشرون 
المفاهيم الرئيسة لدى حافظ الأسد 
على صعيد السياسات الاقليمية : الغايات أم الوسائل؟ 


ليس من السهل تحديد المكونات الأساسية للرؤية الإقليمية لدى حافظ 
الأسد. فهو بارع جدًا في إخفاء أفكاره الحقيقية» وليس هناك غالبًا أي صلة 
بين آرائه الخاصة وكلماته العلنية» أو بين ما يؤكده من مُثُل وما ينتهجه من 
سياسات. ولعل في ذلك ما يغري بالقول إن دوافعه ليست عمومًا ذات منشأ 
أيديولوجيء وإن البراغماتية هي بمنزلة السدى واللحمة في فكره وسلوكه. 
وبعبارة أخرى» فهو يبدو كمن يقوّم الأفكار بدلالة نفعها السياسي. وعلى أي 
حال» فإن ما هو معروف عن وسائله أكثر مما هو معروف عن غاياته» فغاياته 
لا تكاد تُكْتَسشّف إلا عندما تتحقق. 


حافظ الأسد والقومية العربية 


هل حافظ الأسد قومي عربي أم قومي سوري؟ أم أن القومية العربية 
والقومية السورية مرتبطتان إحداهما بالأخرى في فكره؟ أم أنهما عنده مجرد 
عبارتين لا تعكسان حقيقة مشاعره؟ وهل يكرس وقته وجهده لمثل هذه 
الأهداف بعيدة المدىء أم أنه يتلاعب بهذه الأفكار المجردة وبالمشاعر 
الكامنة وراءها لخدمة أغراض عملية صرف؟ وهل همه الوحيد هو حماية 
سلطته وتوسيعها وبسط نفوذه أو قدرته على التأثير في بيئته الإقليمية إلى 
أوسع مدى ممكن؟ 

أكد حافظ الأسد في مقابلة حديثة نسبيًا مع طاقم مجلة أميركية أن 
السوريين واللبنانيين «اشعب واحداء وأنه «لا توجد عائلة في لبنان إلا ولها 


511 


فرع في سورية». وأن الموارنة لم ينشأوا في لبئان وإنما نشأوا في سورية. وأن 
مار مارون» مؤسس الطائفة المارونية وشفيعهاء دفن في بلدة الرستن في وسط 
سورية. وأنه في مؤتمر الصلح في عام 1919 «لم يقل الرئيس ويلسون إن 
السوريين يسعون لبناء سورية الكبرى» بل «كان يقول إن سورية يجب ألا 
تقسم». وفي الوقت نفسه نفى الأسد وجود أي نية لدى سورية الضم لبنان» 
أو #لإنشاء سورية الكبرىه. وأضاف قائلا: «طموحنا هو وحدة العرب 
جميعهم0”. وهي مقولة تتكرر في خطاباته الرئيسة. فقد أعلن في عام 1970» 
أي بعد توليه مقاليد الحكم بفترة وجيزة» عن التزام حزبه «بالنضال لتحقيق 
خطوات وحدوية مع البلدان العربية التقدميةة*». كما شدد في عام 1980 
على «رسوخ توجهنا نحو الوحدة العربية»”. وفي كلمة له في عام 1989 
كانت نبرته القومية العربية أكثر حدة. حيث أكد أن «الوحدة العربية ليست 
مسألة عابرة» ولا عملًا تكتيكيّاء ولا مسألة موسمية» ولكنها «ضرورة حياتية؛» 
وأن تحقيقها هو «تحقيق الذات» تحقيق الهوية». وتابع قائلا: : اما دمنا في 
وضع مجر قير لبي طن متاكلا كار » شأننا شأن المريض الذي يظل 
يعاني آلام المرض ما دام لم يتخلص منه)”". 


هل تنسجم هذه المشاعر مع سلوك الأسد الفعلي؟ إن الدليل التاريخي 


ذلك أن من الممكن تفسير انتسابه إلى فرع حزب البعث في اللاذقية في 
عام 1946 على أنه التزام بالقومية العربية. غير أن نواة قيادة الفرع المشار 
إليه التي كانت تتألف آنذاك إلى حد كبير من أعضاء علويبن» كانت تناصر 


() مقابلة الرئيس الأسد مع مجلة 17:6 كما وردت فسي: لوأء5ه؟ بعهابمء5 عتاقعمرو8 بعءمقسوط 
,41-2 .مم ,28/3/1989 ١!1585-89-058,‏ ,(1815) عوأبصء5 ومالقموةاد! أكمءللدمم8 


(2) حزب البعث العربى الاشتراكي» القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي» الحركة 
التصحيحية؛ 1970 -1980: [من المؤتمر القومي العاشر الاستئنائي إلى المؤتمر القومي الثالث عشر] 
(دمشق: [القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبى» 1983]): ص 42-41. 

(3) دار البعث: كلمة السيد الرئيس حافظ الأسد [....]: 8 آذار/ مارس 1980 ص 30. 

(4) حزب البعث العربي الاشتراكي؛ الخطاب القومي الشامل للرفيق المناضل حافظ الأسد. 8 
آذار/ مارس 1989. ص 24 -24. 


512 


19م 


أيضًا مبادئ أخرى كالتحرر الاجتماعى للفلاحين والمساواة التامة بين العلويين 
وأفراد الأقليات الأخرى وبقية المواطنين جميعًا». لذلك ليس من السهل 
تقدير كم كانت مشاعر الأسد تجاه القومية العربية هي العامل الحاسم في 
انجذابه إلى الحزب. 

يصبح بحث مسألة الدافع أكثر تعقيدًا عند تناول لو الأسد السياسية 
التالية» أي انضمامه إلى اللجنة العسكرية السرية التي أُسّمّت في القاهرة في 
عام 71959©. فهي خطوة قد تفسر على أنها ذات مضامين معادية للوحدة؛ أو 
أنها ‏ على أقل تقدير ‏ تدل على مناهضة لنظام الوحدة الوحيد في تاريخ 
العرب الحديثء أي نظام الجمهورية العربية المتحدة التي ضمت مصر 
وسورية بين عامي 1958 و1961. وقد تطرح في المقابل الحجة القائلة إن 
ع ل كد لل ووو ا 
ونظامه أكشر من كونها مضادة لمصالح القومية العربية. إلا أنه لم يكن من 
الممكن عمليًا في تلك الحقبة معارضة جمال عبد الناصر من دون إلحاق 
الأذى بقضية القومية العربية» وللرجل ما له من مكانة في نظر الجموع الكثيرة 
من السوريين والعرب الآخرين بوصفه تجسيدًا لمثال الوحدة. ولا ريب في أن 
الشعور بالاضطهاد والمرارة لدى الأسد وياقى أعضاء اللجنة العسكرية كان له 
ما يبرره. فجمال عبد الناصر قام بتهميش الضباط البعثيين وإقصائهم عن أي 
نفوذ حقيقي في القوات المسلحة. حيث نقل معظمهم. أو بالأحرى نفاهم, 
إلى مصر. وبينما كانوا ينتتظرون من نظام الوحدة أن يقوم على شراكة حقيقية 

بين البعثيين وعبد الناصرء اكتشفوا سريعًا تحوله إلى عرض مسرحي ذي ممثل 
واعدندووجدوا أجسي مكعروين موا رمانة م الحو الخاضة 6 


(5) انظر الفصل 14 من هذا الكتاب. 

(6) عن اللجنة العسكرية؛ انظر الفصل 12 من هذا الكتاب. 

(7) انظر منيف الرزاز (الأمين العام لحزب البعث بين عامي 1965 و1966). التجربة المرة 
(بيروت: دار غندور للطباعة والنشر والتوزيع» 1967)؛ ص 86- 87. 

(8) كشف عبد الناصر خلال مفاوضات الوحدة الثلائية أن البعثيين عرضوا في عام 1959 
تشكيل لجنة سرية تحكم الجمهورية العربية المتحدة وتتألف من ستة أعضاء. ثلاثة من حزب البعث 
وثلاثئة من مصرء ولكنه رفض العرض بناء على أن «حزب اليعث ليس سورية»» محاضر محادثات 
الوحدة؛ مارس - أبريل 1963 (القاهرة: مؤسسة الأهرام» 1963)» ص 73. 


513 


صحيح أنهم لم يشنوا حربًا صريحة على الجمهورية العربية المتحدة» إلا أن 
آثار نشاطهم السري في صفوف الضباط السوريين قلما اتجهت نحو دعمها أو 
تعزيز آفاقها. 

بعد مضي ربع قرن» نرى الأسدء في إحدى مقابلاته الصحافية» يحاول 
أن يخلق الانطباع بأن الهدف الرئيس للجنة العسكرية كان الدفاع عن الوحدة 
المصرية ‏ السورية وحمايتها". غير أن ذلك لا يتفق مع الأهداف الأصلية 
للجنة العسكرية كما أوردها سامي الجندي في عام 1969 00 
عم أحد مؤسسي اللجنة» وكان بين عامي 1961 و1963 على صلة وثيقة 
بالسكضية الرئيسة فنها أى تمك عمران. ووفمًا لروايته فإن اللجئة لم تكن 
تقصر أهدافها على إعادة بناء حزب البعث أو التخلص من قادته لتفليديين 
فحسبه بل كانت تهدف أيضًا إلى وقف التعاون مع كل من تعاون مع نظام 
الوحدة «إلا إذا اقتضت الظروف المرحلية96". 

على الرغم من عدم إمكان تقديم رأي جازم في شأن الوثوق بإحدى 
الروايتين أكثر من الأخرىء فإن رواية سامي الجندي تبدو معززة أكثر بالأدلة 
عند دراستها في ضوء موقف اللجنة العسكرية تجاه مشروع الوحدة الثلاثية 
بين مصر وسورية والعراق في عام 1963. آنذاك كانت الجمهورية العربية 
المتحدة قد تجزأت. وأطيح حكم الانفصال الذي امتد بين عامي 1961 
و1963» وكان البعث قد استولى على السلطة فى بغداد» وقامت فى سورية 
بعد الانقلاب العسكري في 8 آذار/ مارس 3 حكوفة بوزية مت بغنية 
وناصريبن وقوميين مستقلين» لكنها كانت تتعرض لضغط شعبي متزايد أجبرها 
على الدخول بسرعة فى محادثات «الوحدة» فى القاهرة. وكانت اللجنة 
العسكرية حينها تمسك بالخيوط الرئيسة في القوات المسلحة وتشكل القلب 
الحقيقي للنظام السوري على الصعد كلّها. وبعيدًا عن توق اللجنة الشديد إلى 


(9) أفترض هناء كما يدل عليه السياق» أن عبارة باتريك سيل في كتابه عن أن «الأولوية الأولى 
للجنة الععسكرية كانت الدفاع عن الوحدة التي بدت مهددة بين عامي 1960 و1961 إنما تستند إلى 
مقابلاته مع الأسد في عامي 194 و1985 انظ ر: 2لا ”مل ءأوونماد 117 «ماسرد زه فدكا ,عامعد اعوط 

.(1989 ,ووعءظ وتسم تله كه برزاتدمء الملا بإعاععاع8) (1988 ,كنصسدده1' .8 .] هلهم آ) اعمط ءلل2 111 


(10) سامي الجنديء. البعث (بيروت: دار التهار. 2))1969 ص 86. 


5314 


الوحدة؛ فإن النهج الذي اتبعته خلال الأشهر القليلة المليئة بالحوادث في 
عقب الانقلاب لم يترك أدنى مجال للشك في تصميمها على عدم الدخول في 
أي علاقة دستورية حقيقية مع عبد الناصر وعلى عدم السماح بأي تقليص 
لسلطتها الجديدة. فلم تظهر منذ البداية إلا اهتمامًا قليلا بمفاوضات الوحدة 
الثلاثية خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل» ولم توفد إلى تلك 
المفاوضات إلا عضوًا واحدًا من أعضائها هو محمد عمران الذي ذهب إلى 
القاهرة مرة واحدة فقط وبصفة مراقب”". ولم تنقض إلا أيام قليلة على 
انتهاء المفاوضات وتوقيع إعلان 17 نيسان/ أبريل عن النية في توحيد البلدان 
الثلائة حتى باشرت اللجنة فى عملية تطهير فى صفوف القوات المسلحة 
طالت جميع مؤيدي عبد الناصرء مدمرة بذلك الاتفاق الذي جرى التوصل 
إليه في الأسبوع ذاته2"©. 


حتى ذلك الحينء لم يكن عبد الناصر ولا المفاوضون السوريون على علم 
بوجود اللجنة العسكرية. ففي الجولة الأولى من المفاوضات تساءل الزعيم 
المصري: امسن الذئ يحكم ستورية؟؟ وعدما لم كان سرى إجاحات عايضة 
أضاف قائلا: لعل سأتعامل مع أشباح؟2"70 عندئذ قُدَّمت إليه أسماء أعضاء مجلس 
قيادة الثورة لين كانوا في مسظمهم غاقلين عن قورهي كراجهة لجن الفسكرية” 


يمكن أن يعزى سلوك اللجنة العسكرية بشكل جزئي إلى رفض عبد الناصر 
1 السراء اكة اسه بع انين وإلى مشاعر 0 
0 1ن ان رض ال هنا أيضّا أن الأسد لم يكن 
السبب وراء نهج اللجنة ذاك ما دام لم يكن يملك فيها إلا صوته فحسب. لكن 
الوصول إلى دليل لا يدحض على مثل هذه الفرضية هو أمر بعيد المنال. 

حتى بعد أن نجح الأسد في فرض سلطته المطلقة في عام 1970» وبعد 
وفاة جمال عبد الناصر في العام ذاته» فإن نهجه في شأن قضية الوحدة لم 

(1) انظر: محاضر ومحادثات الوحدة. والرزازء التجربة المرة» ص 97. 

(12) الرزازء التجربة المرة:؛ ص 98-97. 


(13) محاضر ومحادثات الوحدة» ص 27. 


515 


600 


يختلف كثيرًا من حيث الجوهر عن نهج اللجنة العسكرية على الرغم من 
الاختلاف الواضح بين النهجين من حيث الشكل والأسلوب. حيث قام فعلا 
بخطوات نحو اتفاقات «وحدوية» في عام 15371 مع مصر وليبياء وبين عامي 
5 و1976 مع الأردن» وفي عام 1976 مع مصرء وفي عام 1977 مع 
مصر والسودان» وبين عامي 1978 و1979 مع العراق» وفي عام 1980 مع 
ليبياء لكن تلك الاتفاقات كانت من النوع الفضفاض» ولم تكن تشمل أي 
تضحية بسلطته أو الحدّ منها. ومما يجدر ذكره فى هذا الصدد أن الأسد 
التفت نحو الزعيم الليبي معمر القذافي قبل أن يضع توقيعه على اتفاق الوحدة 
في عام 1971 وطلب منه بكل صراحة: «أريدكم أن تعرفوا أمرًا أساسيًا. إن 
القوة الموجودة في سورية هي البعث» ولن نسمح بنشوء قوى أخرى». وتابع 
قائلا: «أنا عندي عشرة آلاف بعثي داخل الجيش. وأقول هذا الكلام قبل 
التوقيع كي لا تقولوا إن الأسد خرب الاتحاد»*". أما القيادة المصرية فلم 
تكن تسعى من جهتها إلى ما هو أكثر من تنسيق السياسات» خصوصًا في 
مجال الدفاع. وفي الواقع فإن الاتفاق موضع البحث كان في جوهره اتحادًا 
لرؤساء الجمهوريات الثلاث يقوم على إجماع آرائهم”'». وشكل هذا المبدأ 
نفسه أساس القيادة السياسية السورية ‏ المصرية الموحدة بين عامي 1976 
و1977» والهيئة المشتركة السياسية العليا بين سورية والعراق في عام 
8)© وما اتصل بها من إنشاء القيادة السياسية المشتركة في عام 
9,» والأمر الأساس هنا هو أنه ما من زعيم عربي استحوذ عليه 


(14) كشف علي صيري ذلك في اجتماع للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي» عقد في 
القاهرة في 25 نيسان/ أبريل 1971: وعلي صبري هو الأمين العام للحزب ورئيس وزراء مصر الأسبق. 
للاطلاع على المحاضر ذات الصلة: انظر: فؤاد مطرء أين أصبح عبد الناصر في جمهورية السادات 
(بيروت: دار النهار للنشرء 1972)؛ ص 27 وما يليها. وللاطلاع على الاقتياس انظر ص 31-30. 

(15) انظر المادة 8 أمن إعلان المبادئ الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية كما جرى 
اعتماده بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 1971. وبالنسبة إلى باقي المبادئ» انظر: مطرء أين أصبح عبد الناصر 
فى جمهورية السادات» ص 91-89. 
: (16) انظر حزب البعث العربى الاشتراكي. القيادة القومية» مكتب الثقافة والإأعداد الحزبي؛ 
الحركة التصحيحية» ص 222 - 223: و247 - 248. 1 

(17) المصدر نفسهء ص 261» والنشرة الداخلية للحزب رقم 39/ ق 12 بتاريخ 21 حزيران/ 
يونيو 1979. 


516 


هاجس الوحدة وكان مستعذدا للتخلي عن حريته في التصرف. 

فى نهاية المطاف. باءت محاولات الوحدة كلّها بالفشلء بما فيها محاولة 
الوحدة مع ليبيا في عام 1980» وهي محاولة كانت أقرب إلى النزوة من 
حيث طبيعتها. كذلك حولت اتفاقية السلام المنفرد بين مصر وإسرائيل 
الاتفاقات بين مصر وسورية في عام 1971 وبين عامي 1976 و1977 إلى 
هباء متثور. أما الخطوات اللاحقة نحو الوحدة مع العراق فلم تعوّقها الخلافات 
طويلة الأمد في شأن تقاسم مياه الفرات ولا في شأن أسعار النفط ورسوم 
الترائزيت أو في شأن قطع إمدادات النفط العراقية. لأن هذه المشكلات كانت 
قد سؤيت قبل ذلك بوقت طويل» واستأنف العراق ضخ نفطه الخام إلى 
مصافى النفط السورية وإلى المرافئ السورية على البحر الأبيض المتوسط”*3. 
وقال صدام حسين في كانون الأول/ ديسمبر 1978» وكان حينها يمثل مركز 
القوة الحقيقي في النظام العراقي» لكنه لم يخلف الرئيس المريض أحمد 
حسن البكر إلا فى 16 تموز/ يوليو 1979) إن «العراقيين مستعدون للتضحية 
بالدم والمال في سبيل بناء الدولة [الموحّدة]90©: أما العقبة الجدية فتمثلت 
في إصرار صدام حسين على توحيد جناحي حزب البعث السوري والعراقي 
أولاء بعد أن استحكم العداء المرير بينهما لمدة تزيد على عقد. وكذلك 
إصراره على الاعتراف بمؤسس الحزبء ميشيل عفلق, قائدًا شرعيًا أصيلًا لى 
وكان حينها منفيًا في بغداد بعد أن حكم عليه بالإعدام في سورية”©. كذلك 
سرت حينها في دمشق شائعات تقول إن النظام السوري رفض أن تخضع 
القوات الخاصة وسرايا الدفاع للقيادة العسكرية الموحدة المقترحة نظرًا إلى 
الأهمية الحاسمة لهذه الوحدات العسكرية بالنسبة إلى أمنه©. 


(18) انظر: نمه ,12-14 .وم ,15/12/1978 هضة ,7-8 .هم ,3/11/1978 ,اعوط اختومدمءظ أاحوظا ءافعالا 
.5 .م ,(1980 بصمبمطء*1) اعمط ء[للةا8 
(219 م ,15/12/1978 ,اكععرا0 اكتضره«معظ اعمط ءل0لةا1 
)20( فؤاد مطرء صدام حسسين: الرجل والقضية والمستقبل (بيروت: دار القضاياء 1980). 
ص 73 -74؟.14-15 .وم ,(1980 تصقبحء"1) اخمط 1410/6 مجه ,42 .م ,2/2/1979 ,امعواط اعاوبمسمعط احم ع[14:0 
(21) فتح» جهاز الاستخبارات والمعلومات» مذكرة رقم وس 32/ 72986 بتاريخ حزيران/ 
يونيو 1979. وأنا مدين لمنظمة التحرير الفلسطينية لسماحها لي في عام 1985 في تونس بالاطلاع على 
سجلاتها المتصلة بعلاقاتها بالحكومة السورية. 


517 


أيّا يكن مقدار صحة ما سبق» فإن خطط الوحدة مع العراق انهارت في 
أعقاب ما نقل عن بغداد بشأن اكتشاف «مؤامرة خبيئة» حاكتها «مجموعة من 
الأشخاص؟ الذين «اندسوا» فى صفوف مجلس قيادة الشورة وقيادة حزب 
البعث الممسكين بمقاليد الحكم هناك. وفي الجلسة الطارئة التي عقدتها 
القيادة العليا بناء على طلب صدام حسين في 19 تموز/يوليو 1979» 
«اعترف؟ أحد «المتآمرين» وهو محبي عبد الحسين المشهدي ‏ وهو شيعي 
من محلة الكرخ في بغداد ونقابي سابق» وبعثي منذ عام 8 والأمين 
العام لمجلس قيادة الشورة ‏ بأنه وأربعة أعضاء آخرين من قيادة البعث*) 
ينتمون إلى مجموعة تشكلت في عام 1975» وأن هذه المجموعة كانت على 
اتصال دائم بسورية» وكانت تتلقى دعمًا ماليّا من قيادتهاء وأن «ضابط ارتباط» 
المجمؤعة بدمشق هو محمد عايش» وهو سني من محافظة الأنبار ورئيس 
الاتحاد العام لنقابات العمال. كما اعترف بأن غانم عبد الجليل - وهو شيعي 
عمل رئيسًا للمكتب الشخصي لصدام حسين - كان يزود سورية بخلاصات 
عن التقارير الواردة كلّهاء ما يتيح لها الاطلاع على أدق أسرار النظام العراقي. 
ومن بين الذين أعدموا في الحملة التي تلت تلك الحوادث قائد الفيلق 
الخامسء اللواء وليد محمود سيرت» وهو سني تركماني زعم أن له صلات 
بالمجموعة «المتآمرة4؛ وكان على الأرجح يعتبر قلب الميول المعادية لصدام 
حسين ضمن النظام. ومن الجدير بالذكر هنا أن المشهدي كان قد استثار 
نظرات الحذر في عيني صدام حسين الساهرتين منذ اجتماع مجلس قيادة 
الثورة في 19 تموز/ يوليو» عندما لم يستطع كبح جماح استيائه من قرار أحمد 
حسن البكر بالتنحي عن الرئاسة» وظل يحاول الضغط عليه ليعيد النظر في 
المسألة أو ليأخذ إجازة لبعض الوقتء في حال الضرورة» من دون أن يسلم 
مقاليد الحكم. كما حاول أن يدفع باتجاه أن يكون التصويت على هذه المسألة 
بالإجماع؛ ولكنه لم يستطع أن يثني أحمد حسن البكر عن قراره*©. 


(22) الأريعة المشار إليهم هم: الشيعي عدنان حسين نائب رئيس الوزراء؛ والسني محمود 
محجوب وزير التربية» ومحمد عايش وغانم عبد الجليل اللذان وردت الإشارة إليهما في النص. 

(23) مطره صدام حسين؛ ص 8- 68. وجرى الحصول على المعلومات المتعلقة بهوية 
الأشخاص المعنيين في عام 1980 من عراقيين لم يرغبوا في ذكر أسمائهم. وللاطلاع على روايات - 


53138 


اكاك اللا يننا 


عند الإعلان عن تفاصيل «المخطط؛ في 28 تموز/ يوليو 1979» لم 
تذكر بغداد سورية صراحة لكنها أشارت إلى تورط «طرف خارجي تقتضي 
المصلحة الوطنية عدم تحديده». لكن وكالات الأنباء سرعان ما أشارت إلى 
أن سورية هي البلد المعني بالقضية. ووفقًا لنشرة داخلية لحزب البعث 
السوري فإن حافظ الأسدء بعد أن رفعت إليه التقارير» اتصل بصدام حسين» 
وأكد له أن الإشارات إلى سورية لا أساس لها على الإطلاق» كما تعهد له من 
خلال وفد رفيع المستوى أرسله إلى بغداد لاحقًا بإيقاع أقسى العقوبة بأي 
شخص مهما كان موقعه في الحزب أو الحكومة إذا أثبت تحقيق يجري 
يقة سليمة وجود دليل قاطع على ضلوعه في المؤامرة. ولكن التفاصيل 
التي قدمت إلى الوفد بينت بوضوح أن الأمر كله لا يعدو كونه مسرحية 
خرقاء. ولاحمًا وجه حافظ الأسد نداء إلى صدام حسين دعاه فيه إلى ترك 
الخلافات الهامشية وتركيز الجهد على تقوية الجبهة مع إسرائيل. واقترح عليه 
أيضًا تشكيل لجنة تحقيق من أعضاء من قيادتي جناحي الحزب أو حتى من 
بعثيين لا سوريين ولا عراقيين. لكن صدام حسين بقي ثابتاء وأوحى للسوريين 
أنه مقتنع بضلوعهم التام في المخطط وأن ومالك لش مزع قائن 2 
لكنه لم يوقف تدفق المساعدات الاقتصادية إلى سورية ة وفقًا لما التزمت بغداد 
تقديمه في القمة العربية التي عقدت في بغداد في تشرين الثاني/ نوفمبر 
8 واستمر في ذلك حتى بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية» إلى أن بدأ 
الأسد بدعم الجهد العسكري الإيراني علثّاء وإن كان بشكل محدود9©. 
معاصرة لتلك «المؤامرةة؛ انظر: ,179 ,8 ,7 ههه ,28-30/1/1979 ,عه:17 عسوا مولز 
(24) النشرة الداخلية لحزب البعث رقم 40/ ق 12 بتاريخ 29 آب/ أغسطس 1979 حيث أشير 
إليها في الحركة التصحيحية, 1970 1980: [من المؤتمر القومي العاشر الاستئنائي إلى المؤتمر 
القومي الثالك عشر] (دمشق: القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي. 1983): 
ص 262 -264. 


(25) بلغ مجموع المساعدات العراقية لسورية حتى شهر آب/ أغسطس 1979 نحو 2 138 
مليون دولار أميركي. وتلقت سورية قسطًا قدره 6 مليون دولار في شهر كانون الثاني/ يناير 1980 
ومبلعًا غير معروف في أيار/ مايو التالي؛ مطرء صدام حسين» ص 44 و83. 


519 


الأسد والحرب العراقية الإيرانية 

تبدو مساعدة الأسد 0 العربي» أول وهلة 
كأنها تضع موضع سؤال كل ما يثبت إيمانه بالقومية العربية. لكنه انطلق في 
سرك ا 
الشاهء الح كات خارف فى رت «الفارسية» وفي تواطئها مع إسرائيل» 
وإيران الثورة التي #تقف ف إلى جانب العرب في نضالهم من أجل استرداد 
أرضهم المحتلة»؛ وتشدد على هويتها الإسلامية» أي على ذلك العنصر في في 
تراثها الذي «يربطها بتاريخ الأمة العربية». ويتساءل الأسد عن المنطق وراء 
فقدان «هذا الكسب الكبير» وتحويل «إيران الثورة الإسلامية بكل إمكانياتها 
البشرية والعسكرية والاقتصادية... إلى إسرائيل أخرى في مشرق الوطن 
العربي» ويمضي ليقول لو «قومت الحرب موضوعيًاه لتبين أنها «ضد العرب» 
وفي جوهرها... هي على حساب العرب96©. 


الواقع. أن الحرب قلصت القدرات العربية بشكل ملموس» وألحقت 
أذى كبيرًا بالشعبين العراقي والإيراني. ومن جهة أخرى» من الضروري أن 
نتذكر أنه قبل اتفاقية الجزائر في عام 21975 وفي فترة اتسمت بتحالف لم 
يكن سريًا أبدًا بين الشاه وإسرائيل لإبقاء العراق الراديكالي ضعيمًا ومشغولًا 
بكردستان أطول مدة ممكنة» سعى الأسد إلى إقامة علاقات جيدة بالشاهء 
وحصل لنظامه على قرض بلا فوائد قدره 150 مليون دولار أميركي في أيار/ 
مايو 22019274, 7 


هكذا يلقي تقرير «سري جدًاه صدر عن البعث السوري في آذار/ مارس 
2 الضوء على الدواقع المحتملة لحافظ الأسد من زاوية مختلفة تمامّاء 
ار قال يه الحزب في شأن سياسة 
الأسد. وورد في التقرير أنّه كثر مؤخرًا النقاش في شأن التعاون مع الجمهورية 
الإيرانية والعواقب بالغة الخطورة لانهيار النظام القائم في 00 ليس على 


(26) القيادة القومية لحزب البعث» نشرة مطبوعة رقم 59 في أوائل كانون الأول/ ديسمير بعنوان 
«نص المقابلة الهامة للرفيق الأمين العام مع صحيفة الرأي العام الكويتية»» ص 6 و10. 
(27) طارق عزيزه الصراع العراقي الإيراني (بيروت: [د.ن.]: 1981)؛ ص 68. 


560 


الحزب فحسبء بل على سورية ذاتهاء نظرًا إلى أن حدودها الشرقية ستكون 
في تلك الحال عرضة لتغلغل الميول الرجعية السائدة فى إيران. وأنْ هناك 
دعوات من الرفاق لمراجعة الموقف. لذلك بات من الضروري تسليط الضوء 
على بعض الحقائق. لكن التقرير أشار إلى أن السياسة السورية ليست ساذجة 
إلى درجة السماح بسقوط نظام البعث في العراق أو أن يقوم على حدودها 
نظام تابع للرجعية الإيرانية» وإلى أنها ليست موجهة ضد المكاسب القومية 
والتقدمية للقطر العراقي بل تهدف إلى إطاحة الزمرة التكريتية التي تخلت عن 
مبادئ الحزب وخطه القومي. وأشار التقرير إلى أن المخابرات الأميركية 
وعناصر السافاك ورطفت نظام صدام حسين في الحرب مع إيران» وذلك 
بتزويده بمعلومات زائفة عن أوضاع القوات المسلحة الإيرانية». وإلى أن 
السوريين كانوا على علم مسبق بخطة العراق للغزو عن طريق مصادرهم 
الخاصة. وتركوا الأمور تأخذ مجراها الطبيعي لأن الحرب لم تكن ضارة 
بمصالحهم. بل على العكس خدمت أغراضهم إلى درجة كبيرة بشلّها جيش 
صدام حسينء وإظهاره بمظهر القائد الضعيف الفاشلء وتعريتها طبيعته غير 
الثورية وعلاقاته المشبوهة بالإمبريالية الأميركية والرجعية العربية. وبهذا أثبتت 
الحرب أيضًا صحة تقديرهم لأخطار نزعته الفردانية ليس على العراق فحسب 
بل على المنطقة بأسرها. ونوّه التقرير إلى أن السياسة السورية لن تتأثر بفعل 
طول أمد الحرب التي لن تؤدي إلا إلى إضعاف الطرفين المتصارعين» ولن 
تسفر إلا عن أحد أمرين؛ فإما أن يسقط نظام صدام حسينء نظام الردة» ويقوم 
نظام تدعمه الجبهة الوطنية العراقية التي تضم جميع العناصر التقدمية والثورية 
في البلدء وإما أن يضعف صدام حسين إلى درجة تجعله يعود إلى رشده؛ 
وتجبره على التخلي عن طموحاته الشخصية وعلى عدم معاودة الانحراف 
عن الخط الثوري للحزب. ونوّه التقرير بأنّ القرار الذي اتخذه الحزب 
بالسماح باستئناف ضخ النفط العراقي [عبر الأراضي السورية] جاء منسجمًا 
مع هذه السياسة”. فهو بصرف النظر عن المكاسب التي سيجلبها إلى 
الخزينة السورية» فإنه سيساعد العراق ماديّاء ويمكنه من شراء المزيد من 


(28) السافاك هي الشرطة السرية للشاه. 
(29) غير أن سورية عادت إلى وقف ضخ النفط عبر أنابييها في عام 1982. 


521 


ال هد 


الأسلحة» وهو ما سيعزز قدرته على القتال» ويطيل أمد الحرب إلى درجة 
الرجعي الويراني©. 

يمكنء بالطبع» ألا يكون هذا التقرير ال«سري جدَاه قد عكس الدوافع 
الحقيقية لتحالف الأسد مع إيران بل ما أراد لأعضاء الحزب أن يصدقوه على 
أنه رؤيته للمسألة. وأيّا يكن الأمرء فإن التقرير يفسح المجال للاستدلال بأنه 
لسياسته في ما يتعلق بالحرب العراقية ‏ الإيرانية» في حين كان يمارس» في 
الواقع. سياسات سلطوية صرف. 

بشكل مشابهء فإن مساعيه الحثيثة تجاه البلدين الأصغرين من بلدان 
المواجهة مع إسرائيل؛ أي لبنان والأردنء للتأثير فيهما أو التحكم فيهماء 
وكذلك سعيه إلى التحكم في القوات غير الحكومية في هذين البلدين» أي 
حركة المقاومة الفلسطينية والأحزاب والميليشيات اللبنانية العلمانية منها 
والطائفية» كانت تفسر أو تبرر دائمًا بدلالة التطابق بين المصالح القومية 
العربية ومصالح النظام السوري. 

غير أن ما تقدم لا يقتضي بالضرورة أن الأسد لا يهتم فعلًا بتحقيق 
تنسيق فاعل للجهد العربي» أقله في مواجهة إسرائيل. ومثل هذا الاهتمام 
لديه يتوافق بشكل أساس مع تفسير سلوكه بالاستناد إلى مبدأ توازن 
القوى. 

الصراع مع إسرائيل ومبدأ التوازن الاستراتيجي 

ينظر الأسد إلى الصراع مع إسرائيل بوصفه «صراع مصير ووجود؛ مع 
«عدو شرس؛ بارع في «تضليل الرأي العام العالمي؟ يعلي من شأن استيلاثه 

(30) حزب البعث العربي الاشتراكي, القيادة القومية» تقرير عن العلاقات السورية ‏ الإيرانية 
موسوم بعبارة «خاص وسري للغاية؛ ومؤرخ في 18 آذار/ مارس 1981. وعثشرت على هذا التقرير في 
أحد ملفات مكتب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية المتصلة بعلاقات المنظمة بالنظام السوري. 


5[02 


أرا العرب من خلال دمغه بسمة (ا ا © ويوصفه صراعا 
ضي من بو 
«ليستحوذ على جل اهتمامنا» صراعًا هو «همنا الأكبر)!©, 


شكل خروج مصر من هذا الصراع في عام 1978 حافرًا لحافظ الأسد 
ليطرح مفهوم «التوازن الاستراتيجي؟ مع إسرائيل بوصفه مبدأ ناظمًا رئيسَا 
لنهج سورية. وكان يربط من خلال هذا المفهوم بين مقولة «الاعتماد على 
الذات». أي الاعتماد الكلى على قدرات بلده هو. عشية انهيار محادئات 
«الوحدة» مع العراق في عام 1979» وإدراكه صعوبة تحقيق الدرجة المطلوبة 
من تضامن العرب أو تجميع قواهم. وسعيًا منه إلى تحقيق مفهومه الجديد 
ومدفوعا بتزايد شعور سورية بعزلتها الإقليمية وبتجاهل واشنطن لمخاوفه قام 
في تشرين الأول/ أكتوبر 1980 بتوقيع اتفاقية الصداقة والتعاون مع الاتحاد 
السوفياتي. 

تضافرت عوامل عدة في ترسيخ مفهوم «التوازن الاستراتيجي» مع 
إسرائيل في منظومة الأسد الفكرية» نذكر منها: ضم إسرائيل مرتفعات الجولان 
في عام 1©. وغزوها لبنان في عام 2 : واتفاقيات التعاون الاستراتيجي 
بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عامي 1981 و1983.» والتعزيز غير 
المسبوق لآلة الحرب الإسرائيلية من الولايات المتحدة فى عهد إدارة ريغان 
(1989-1981)» والتزام الولايات المتحدة المستمر ضمان «التفوق النوعي» 
لإسرائيل على العرب في مضمار التكنولوجيا العسكرية. وكان حافظ الأسد 
يعرّف هذا المفهوم بتعابير #شاملة الدلالة؛ بوصفه مفهومًا يشمل تعديل القوى 
في مختلف جوانب الحياة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وكان 
ينظر إليه أيضًا بوصفه هدفا بعيد المدى ووسيلة لتفادي «الاستسلام» وضمان 
الوصول إلى سلام «عادل» هو بالتالي سلام دائم . ولم يكن غافلا عن المعضلة 
الملازمة لهذا المفهوم» معضلة توجب عليه مواجهتها والتعامل معها: وهي أن 
زيادة الإنفاق على بناء القوة العسكرية لا بذ من أن تقلل من الموارد المتاحة 
لأغراض وثيقة الصلة بها ولا تقل عنها أهمية. 


(0) انظرء على سبيل المثال» كلمة حافظ الأمسد في 8 آذار/ مارس 9»؛ كماوردت في: 
36-7 .مم ,9/3/1989 ,155-89-045ل815-2] 


563 


غير أن أمورًا كثيرة» كانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي 
والانخقاض التحاد فى قدرة سورية على اللتصول على أسلنة ذات تكنولرجيا 
متقدمة والضرر الشديد الذي لحق بقوة العراق العسكرية في حرب الخليج» 
بدت كلها وكأنها تقلل بشدة من فرص النجاح في تحقيق مفهوم الأسد ذاك» 
أقله في المستقبل المنظور. وعلى الرغم من مشاركة الأسد في التحالف ضد 
العراق» فإن حرب الخليج كانت» وفقًا لنظرته إليهاء ذات آثار سلبية ابعيدة 
المدى» على العرب جميعا. ووفقًا لكلماته فقد «خسر العرب الكثير وربحت 
إسرائيل الكثير سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا إلى درجة يبدو معها أن ما حدث 
خطط ونفذ لمصلحة إسرائيل». وفي ظل هذه الظروفء وفي ظل الآثار 
المقلقة للتغير الجذري في ميزان القوى العالمي وللتحالف العسكري بين 
تركيا وإسرائيل في عام 1996 عاد الأسد ليشدد من جديد على الحاجة إلى 
«وحدة الشمل ووحدة الطريق ووحدة العمل في الساحة العربية»*». وكذلك 
وافق بحذر شديد على الانضمام إلى عملية السلام مع إسرائيل بوساطة 
أي 020 


(8©) يوحي السياق وكأن هذه الفقرة وردت في حديث للأسد في عام 16ظ1 أو بعد والحقيقة 
أنها وردت في الكلمة ذاتها التي ألقاها الأسد في 12 آذار/ مارس 1992. 

(32) بخصوص آثار حرب الخليج وتبعاتهاء انظر كلمة حافظ الأسد في 12 آذار/ مارس 1992» 
الشورة» 13/ 1992/3. وبخصوص مفهوميه عن «التوازن الاستراتيجي» و«الاعتماد على الذات» 
والظروف الموجبة لهماء انظر حزب البعث العربي الاشتراكيء القيادة القطرية» تقرير المؤتمر القطري 
الغامن [....] التقرير السياسي» ص 29 -30؟ ووزير الدقاع مصطفى طلاسء التوازن الاستراتيجي 
[....] مسؤولية قومية» المناضلء العددان 189 و190 (تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر 
5» ص 28 -34. وللاطلاع على رواية أميركية مهمة عن العلاقات الأميركية ‏ السورية» انظر: 
كتاب سيلي (وهو سفير سايق للولايات المتحدة فى سو رية): :ك«مأاهاءة و4 .3 لا رونزاءء5 إلا أأمعاة1 

.(1985 الإاأتسوعلالهتا عنهاك لصقلارهط :015 بلسولمه6) ب«وتكعصاط تواجير3 716 


564 


1979م 


الفصل الرابع والعشرون 
دراسة معمقة لعلاقات الأسد بحركة فتح ومنظمة 
التحرير الفلسطينية بين عامي 1966 و1997 والضوء 
الذي تلقيه على أهدافه وأساليبه 


ليس اختيار علاقات حافظ الأسد بحركة فتح» أي مع الفصيل الأكبر في 
منظمة التحرير الفلسطينية» باعتبارها موضوعا للبحث والتقصي الموسعين» 
ناجمًا عن أهمية هذه العلاقات أو بسبب ارتباط تاريخ حركة فتح خلال 
مراحل عدة بتاريخ جارّي سورية الصغيرين» لبنان والأردن فحسب. بل نجم 
أيضًا عن تمكن مؤلف هذا الكتاب من الاطلاع على ملفات منظمة التحرير 
الخاصة وعلاقاتها بالنظام السوري والفرصة التي أتيحت له في مناقشة القضايا 
ذات الصلة مع عدد من كبار قادة فتح. ويجدر التوكيد هنا أن مراجع منظمة 
التحرير» على الرغم من كبير نفعهاء لا يمكن أن تشكل بحد ذاتها أساسًا كافيًا 
لتقويم نقدي سليم لأفعال الأسد وسياساته. فذلك يتطلب المتح من معين 
سجلات الوثائق السورية الداخلية التي يتعذرء طبعاء الوصول إليها. وموطن 
الأمل هنا هو أن تنجح هذه الدراسة المفصلة في تسليط المزيد من الضوء 
على جوانب شخصية حافظ الأسد ونهجه والأساليب التي يميل إلى اتباعها 
سعيًا إلى تحقيق أهدافه. 


525 


الفترة الأولى من التعاون بين حزب البعث وحركة فتح 

ترجع بدايات فتح إلى عام 1956 خلال احتلال القوات الإسرائيلية 
الموقت لقطاع غزة”. وظلت خلال بضع سنوات مؤلفة من خلايا سرية 
ضعيفة الارتباط بعضها يبعض» وكانت تسعى إلى كسب جميع الفلسطينيين» 
مهما كانت ميولهم السياسية» في الوطن أكانوا أم في الشتات»؛ إلى فكرة 
«الصراع المسلح» ضد إسرائيل. ولم تتخذ شكل منظمة رسمية قبل عام 
9و أو عام 0 ا'أو لعله كان عام 21963). وفي أي حال» كانت 
انطلاقتها الجدية في عام 1964 مدفوعة بشكل متزايد بذلك الانبعاث للروح 
الوطنية الفلسطينية وخصوصا بعد عام 1967. 

خلال الفترة الممتدة بين عامي 1964 و1966» نشأ تعاون وثيق بين فتح 
ونظام البعث في سورية. ووفقا لكلمات أبي اللطفء وهو أحد مؤسسي فتح 
وبعثئي سابق» كانت سورية في تلك الأعوام «قاعدة دعم أساسية لحركتناة 
حيث وافقت حكومة البعث على إقامة معسكرات تدريب لمقاتلي فتح 
وقدمت لهم مستودعات لأسلحتهم وذخائرهم» وإن لم يكن ذلك «عن طيب 
خاطر منهاء بل لإرضاء تيار المشاعر الجارف المؤيد للفدائيين في أوساط 


(1) حركة التحرير الوطني الفلسطينيء فتح ([د.م.!]؛ 1969): ص 7. 
(2) بعأمعساى ماس عاو ع[ إن عنالاه هل! كل :ما راط ,ع0 درط ,نسعانهظ عق لعة لهتزآ ناحاى 
.29 .م ,(1981 ,رئاهه8 وعصةا" ليملا بجعل8) ملومعءدم»! «عاانظ دلمتآ نزم ممتأقامدم" 
(3) أبو اللطصف (فاروق القدومي)؛ حديث مع مؤلف الكتاب» تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 
ووفقًا لأبي اللطف فإن المؤسسين الأوائل لحركة فتح هم: ياسر عرفات» وأبو جهاد (خليل الوزير)» 
وعادل عبد الكريم؛ وعبد الله الدنان» ومحمد يوسف النجارء وأبو اللطف. وأضاف أبو اللطف قائلا إن 
أبا إياد (صلاح خلف»).: وأيا مازن (محمود عباس)» وأبا سعيد (خالد الحسن) انضموا إلى قيادة فتح في 

عام 0002. 

4( ,(1984 ,قصمكاءة1 لصة عاعتجعل51 :مهلممآ) 7 عامسوعمعة «ره اكتسمجرة1 :تازه بأتوكآ مداة 
يبدو أن مصدر رواية آلان هارت هو خالد الحسن الذي ذكر في حديث له في عام 1982 مع 
هيلينا كوبان أن عام 1962 هو عام تأسيس حركة فتح» وقد أوردت ذلك في كتابها: 77 ,مدططه0 هاء1! 
عولنطصسهه «لمملومظا ,عولفطصدء) ععلتامط بين «وسوط ,وأجرمءط :ومزامعاممع07) مالم روطلا عترأاععاوم 
.م ,(1984 ,وعععط واومء لونلا 


(5) حديث مع المؤلف. تونسء» 11 تموز/ يوليو 1985. 


5326 


ضباط الجيش وأعضاء حزب البعث»». كما أنها ضمنت لقادة فتح قدرًا كبيرًا 
من الاستقلال من دون أن ترخي لهم العنان: إذ كانت تسمح للفدائيين بشن 
من خلال الجولان إلا في حالاات استثنائية قليلة. وفي حادثة وحيدة في عام 
5 سمح حافظ الأسد. وكان حينها قائد سلاح الجوء بأن تنقل لهم جوًا 
شحنة أسلحة من الجزائر. لكن «صلتهم الرئيسة» آنذاك كانت برئيس 
المخابرات العسكرية اللواء أحمد سويداني©. 


انقطعت تلك الفترة الأولى من التعاون بين فتح وحزب البعث بشكل 
مفاجئ نتيجة ما أطلق عليه أبو إياد اسم «قضية يوسف عرابي"» وهو نقيب 
فلسطيني في الجيش السوري قتل في 5 أيار/ مايو 1966 في حادثة إطلاق 
للنار لا يمكن حتى الآن تأكيد ملابساتها بشكل كامل. وفي اليوم ذاته زج في 
السجن بجميع أعضاء قيادة فتح المقيمين في دمشق ومن بينهم ياسر عرفات 
ومساعده العسكري أبو جهاد (خليل الوزير). وجاء الأمر باعتقالهم من حافظ 
الأسد شخصيًا الذي كان قد أضحى حينها وزيرًا للدفاع وقريبًا جدًا من قمة 
السلطة بعد الدعم الذي قدمه قبل أشهر قليلة» في 23 شباط/ فبراير 1966» 
للانقلاب العسكري الذي قام به صلاح جديد. 


ما زال الدور الحقيقي الذي قام به يوسف عرابي يكتنفه الغموض. فوفقا 
لرواية أبي إياد كان الرجل واحدًا من «الذين يحظون بحماية الأسد». ولم 
يكن انضمامه إلى قوات العاصفة» وهي الجناح العسكري لفتح, إلا لتحقيق 
أغراض الأسد. أما أبو جهاد فكان يشعر أن يوسف عرابي «صديق مخلص 
لفتح؛ على الرغم من ولائه للجيش السوري. ويشترك أبو جهاد وياسر عرفات 

(6) أبو يحيى (مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية)؛ حديث مع المؤلف» تونسء 8 
تموز/ يوليو 21985 


(7) أبو إياده حديث مع المؤلف» تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 


527 


7م 


في الاعتقاد بأن القضية برمتها لم تكن سوى واحدة من نتائج محاولة سابقة 
عليها قام بها كل من صلاح جديد وحافظ الأسد بهدف السيطرة على النشاط 
العسكري لفتح. وبدأت تلك المحاولة بعد فترة قصيرة من الانقلاب الذي 
قاما به في عام 1966» لكنهما فضلاء كدأبهما دائمّاء القيام بها بشكل غير 
مباشرء فعملا على تحقيقها من خلال أحمد جبريل الذي كان قادة فتح ينظرون 
إليه بوصفه أداة لدى المخابرات العسكرية السورية. هكذا تقدم أحمد جبريل 
بعرض إلى ياسر عرفات بأن تتوحد جبهة التحرير الفلسطينية التي يقودهاء 
وهي فصيل قليل العدد» مع فتح. ولم يبد ياسر عرفات أي اعتراض» وتم 
التوصل إلى اتفاق في شأن بنود هذا الاندماج لكنه لم يدخل قط حيز التنفيذ 
لأن أحمد جبريل أصر على أن يستأثر بالقيادة العسكرية. 

يرى ياسر عرفات أن رفضه الاستجابة لطلب أحمد جبريل دفع أسياد 
هذا الأخير للتخطيط لوضع حد لحياته. ويستنتج ياسر عرفات من سياق 
الحوادث التي تلت ذلك أن أصحاب المخطط لجأوا إلى استخدام يوسف 
عرابي من دون علمه. وتحت ستار القيام بدور الوسيط لفض ذلك الخلاف» 
ليقوم باستدراج ياسر عرفات إلى اجتماع في منطقة عساكر" في دمشق حيث 
تتم تصفيته. لكن الأمور لم تجر وفمًا لما أراده من خطط لهاء ذلك أن ياسر 
عرفات لم يحضر إلى ذلك المكان بل أرسل رسولًَا برفقة حارس شخصي مع 
أوامر بأن يبقى في الظل. لكن القاتل المفترضء عدنان العالم» وهو ضابط 
فلسطيني في الجيش السوري”*» تولد لديه» على ما يبدو» سوء فهمء أدى به 
إلى الشك في أن يوسف عرابي أفشى سر المخططء فقام بإطلاق النار عليه 
وعلى رسول عرفات كليهما9". 


(8) وردت بالإنكليزية (ءنتاءز0 :فلددة)؛ ولا وجود على حد علمناء لحي أو منطقة في دمشق 
باسم «عساكر». ولعل المقصود منطقة ما بالقرب من شارع اين عساكرء وهو شارع طويل معروف في 
دمشق يمتد من ساحة باب مصلى وصولا إلى منطقة الزبلطاني القريبة من ساحة العياسيين. 

(9) أنا مدين ليزيد صايغ لما قدمه لي من تفصيلات متعلقة بالقاتل المفترض؛ حديث مع 
المؤلف. 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1992. 

(10) تستند هذه الرواية إلى إفادات ياسر عرفات وأبي جهاد وأم جهاد وشخالد الحسنء انظر: 

201 .مم نم4 نولا 


568 


أبَا يكن مقدار صحة ما سبقء توجّه أبو إياد فور علمه باعتقال عرفات 
ومساعديه إلى دمشق قادمًا من الكويت ليطالب بتحرير رفاقه مصحوبًا باثنين 
آخرين من قادة فتعم”'2. ويروي أبو إياد عن ذلك: 


كان كل مسؤول من المسؤولين السوريين الذين قابلناهم يحيلنا 
على وزير الدفاع حافظ الأسد الذي وافق؛ بعد جهد كبير من طرفتاء 
على مقابلتنا. وكانت الكلمات التى وجهها إلينا تحمل نبرة عداء. 
وقد صعقنا خلال الساعات الثلاث التى استغرقها حديئنا معه من 
مقدار الكراهية التي يكنّها لأبي عمار [عرفات]. فقد اتهمه بأنه 
عميل للمخابرات المصرية وحمله مسؤولية اغتيال يوسف عرابي. 
كما نعت فتح بأنها منظمة غامضة ضة ضيقة ضيقة الأفق معظم أعضائها من 
الإخوان المسلمين أو البعثيين المرتدين. غير أنه فى نهاية المطاف» 
وعلى الرغم من جميع التحفظات التي أبداها بشأن أبي عمار وفتح» 
وافق على إطلاق سراحه بشرط أن يغادر سورية*"©. 


من هزيمة العرب في عام 1967 
حتى الأزمة الأردنية في عامي 1970 و1971 


ظهر تحول مفاجئ في موقف الأسد من فتح بعد حرب عام 1967. ففي 
حين كان صلاح جديد يرغب في إدارة اللعبة بشكل آمن إلى أن تتم إعادة بناء 
القوات السورية على أقل تقدير» ومنع بالتالي استخدام سورية لشن حرب 
عصابات ضد إسرائيل» كان الأسدء فى المقابل» وعلى حد قول أبي إياد: #هو 
وحده. على ما في ذلك من غرابة» من شجعنا على البقاء فاعلين». وثمة ما 
يدعم ذلك القول في رسالة وجهها ياسر عرفات إلى الأسد في عام 21980 
وجاء فيها: «لن أنسى أبدًا كيف بعد حرب حزيران/ يونيو 1967... بث أخونا 
الكبير أبو سليمان*2 الحماسة في نفوسنا من جديد... ولا كيف أنه وعلى 


(11) هما أبو اللطف ومحمد يوسف النجار. 


(12) أبو إياد» حديث مع المؤلف» تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 
(13) على حد علمي لم يكن لحافظ الأسد ابن اسمه سليمان» والاسم هو لجده. 


5209 


الرغم من جميع الاعتراضات الصادرة من هنا وهناك» أعطانا بعض الأسلحة 
ووجهنا شخصيًا لأن نستمر في طريقناة*". ويقول أبو إياد إنه لا يستطيع 
الجزم في سبب تغير موقف الأسدء ويضيف: «ولكن كان من الصعب ألا 
يلاحظ المرء أن لحافظ الأسد خططه الخاصة به فى سورية6*. ولعل السبب 
جديد وقيام الأخير في عام 1967 بتشكيل قوات فدائية بعثية فلسطينية أي 
قوات الصاعقة. 

في أي حالء فإن قادة فتح» وبعد إعادة قراءة كاملة للحقائق الإقليمية 
بعيد الحرب وعينهم على التخلص من ربقة القبضة السورية» قرروا أن ينقلوا 
جهازهم القيادي والقسم الأعظم من نشاطهم إلى الأردن. وفي السنوات 
التالية ازدادت حركتهم قوة ومكانة بشكل ملحوظ. وساهم في ذلك عدد من 
العراملء كان منها التفاهم الذي توصلوا إليه مع جمال عبد الناصر في عام 
7 وسيطرتهم في عام 1969 على منظمة التحرير التي أنشأتها جامعة 
الدول العربية في عام 1964. وفي 21 آذار/ مارس 1968 وقعت معركة 
الكرامة» وهي بلدة للاجئين تقع على بعد نحو أربعة أميال شرق نهر الأردن» 
وفيها قاوم أقل من ثلاثمئة فدائي ببسالة ووحدهم طيلة ست ساعات قبل أن 
تساعدهم المدفعية الأردنية» قوة إسرائيلية مدرعة كبيرة مدعومة بالطيران. 
وكان لتلك المعركة أثر نفسي كبير ودور في تعميق التأييد الذي حظيت به 
فتح في صفوف الشعب الفلسطيني. والواقع أنه سرعان ما أخذت منظمة 
التحرير» وأصبحت بقيادة فتح» تبدو في عيني الملك حسين القلقتين كأنها 
تتطور لتصبح دولة داخل دولة. 

عندما شعر الملك أن استقرار نظامه قد يتداعى بفعل ما نشأ من ازدواج 
فى السلطة» لجأ فى البداية إلى أسلوب المراوحة فى المكان مظهرًا براعة 
كبيرة في الحفاظ على توازن دقيق بين المجموعات المسلحة من جهة وقادته 

(14) كان إرسال هذه الرسالة إلى حافظ الأسد بعد سماحه بعقد المؤتمر الرابع لحركة فتح في 
سورية؛ وهي موجودة في أحد ملفات مكتب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. 

(15) حديث مع المؤلف. 11 تموز/ يوليو 1985. 


5350 


اكاك اللا يننا 


العسكريين المستائين من جهة أخرى. غير أنه فى 15 أيلول/ سبتمبر 1970» 
وبعد أن أكمل استعداده؛ وبتشجيع؛ ربماء من إدارة نيكسونء أو لعله كان 
بضغط من تلك الإدارة التي كانت تشك في وجود الروس «وراء كل كثيب 
رمال فى الشرق الأوسط:1©''» وجه ضربته مستفيدًا من اختطاف جماعات 
مسلحة راديكالية أربع طائرات غربية. وعمد قادته العسكريون في أثناء تدميرهم 
المقاومة إلى تفادي استخدام المشاة والدخول في قئال قريب وذلك ليقللوا 
من الخسائر في صفوف قواتهم» واستخدموا القصف المكثف في قتالهم 
المجموعات المسلحة بدلا من ذلك. ووصف شاهد أوروبى هو آرنو دو 
بورشغريف. من النيوزويك؛ دمار الحياة في المخيمات بأنه امجزرة محضة)”27. 
وقال: «لا أذكر أني رأيت» خلال ربع قرن من عملي في كتابة التقارير عن 
البلدان الأجنبية» شيئًا يشبه ولو قليلا ما رأيته في الأردن»» وهو الذي كان 
شاهد عيان على «مجازر الصراعات بين القبائل فى أفريقيا... ونزف الدماء 
البطيء في فيتنام... وسحق [الروس] الانتفاضة المجرية في عام 961956"©. 
وأشار الناطق الرسمي النرويجي باسم «صندوق إنقاذ الطفولة» إلى أن عدد 
الذين قتلوا خلال أيام القتال العشرة يقدر بنحو 3000 إلى 4000 شخصء» 
والجرحى زهاء 10.000 شخص. والمشردين نحو 50.000 شخص”2. 
قبل ذلك» في 2 أيلول/ سبتمبر 1970» عندما كانت المواجهة بين الملك 
سين والتجوافات اللشتلة قدو وقبيكة اسعيات عرب النفك«السوري 
لنداء وجهه ياسر عرفات طلبًا للعون» ووجه تحذيرًا علنيًا مفاده أن سورية لا 
يمكن أن تبقى مكتوفة اليدين تجاه محاولات تصفية الثورة الفلسطيئية ووضع 


)216 انظر : جعل8) مسيتمطط عااراللا برمعال! © وا “مع «أعوعط ««وسمط إن عمزم2 77:6 ,تلو 11 ,أل عنامصرعة 
11 312 .مم ,وده ,انها ته ,11 234 .مم ,(1983 ,لم80 السك تعزرملا 

(17) اقتباس من: 101970 ولع ءسوعول1 
ورد في كتاب: .5] نانم 8) «عطبجواصعد لععا8 ,تعامع0 طممعدع1ا دمالمعامدع:0 ومموأنمعطاا عمتامعلوط 
15م (1971 ,زم 

)228 اقتياس من: )060 لعممعدع8 ومأنمعتهقع0 موألمعطئا عمتادعلوط ,5/10/1970 واءمبصعولل 
61 ,م و ط امعد أعه81ا 

(19) اقتباس من رول شولدر (:#هاهة8 ا0ظ) من الفرع الاسكندينافي للصندوق: ,دمج 
,م عط تتعامعء3 م2 كعامعن) اعممعدع ا صوناه تمدع 0 ممتنتومعطت] عمتاوعله2 لمة ,22/10/1970 


531 


جميع إمكانات سورية تحت تصرف المقاومة”©. وليس معلومًا إن صدر ذلك 
التحذير بموافقة الأسد الذي كان حينها في خضم الصراع على السلطة مع 
الجناح المدني للحزب أم لا 

ثمة أيضًا قدر من عدم اليقين في شأن دوره خلال الأزمة. وأما ما لا 
يرقى إليه الشك فهو أن دبابات سورية تحمل شعارات جيش التحرير الفلسطيني 
اجنازت الحدود الأردنية في 18 أيلول/ سبتمبر» وسيطرت في اليوم التالي 
على مدينة إربد التي تبعد نحو ثمانية أميال عن الحدود؛ وزودت الفدائيين في 
المناطق المساورة بالإمدادات» والسعيت فى 23 أيلول/ سيعمين يبغلا مواجهة 
مع المدرعات الأردنية» بناء على إلحاح جمال عبد الناصر والحكومة 
السوفياتية وتحت التهديد بردة فعل عسكرية أميركية أو إسرائيلية. وعلى الرغم 
من تدخل سلاح الجو الأردني خلال المواجهات استنكف سلاح الجو 
السوري عن الدخول في القتال بناء على أوامر حافظ الأسد. وسوف يفسر 
ذلك في فترة لاحقة بأنه كان يسعى إلى «الحد من التصعيد». وسوف يؤكد 
أيضًا أن دخول الدبابات إلى إربد كان بموافقته لكن هدفه كان يقتصر على 
حماية الفدائيين وإقامة منطقة عازلة لهم في شمال الأردن”©. 


غير أن جناح صلاح جديد سوف يتهم الأسد ب «إجهاض قرار قيادة 
الحزب لحماية المقاومة22©». وكذلك سوف يكون لدى أبى إياد ما يدفعه 
للاقتناع بأن الأسد أخبر الملك حسين خلال الأزمة» وبطرائق ملتوية؛ عدم 
موافقته على التدخل العسكري السوري*©. وثمة ما يؤيد ذلك» ولو بشكل 
غير حاسمء في ملاحظات أفاد بها «مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية 
كانوا في منطقة الشرق الأوسط آنذاك؛ عن أنه «كان... معلومًا لدى بعض 
الدوائر الدبلوماسية والاستخباراتية أن الأسد كان على اتصال غير مباشر 
بوصفي التل [الذي كان حينها مساعدًا مقربًا من الملك وأصبح لاحمًا رئيسَا 


)220 4 .م بع طنجءاصع3 أءه/8 كعامء© «اععدعدع؟ ممتتمع ممع 0 ممتادعطاآ عمتتاوم 

(1) انظر: .8 .آ] :«ملهمة) اكمع علاط ءذ(؛ جمل واهونصاد 13 :مأجرد زه مك4 رعلقء5 عاعمتوط 
158-59 .مم ,(1989 رووع2 وأصرم ألمت 6ه وتلمع للونا الإءاعطرء8) (1988 ,كبصيه1" 

(22) حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربيء نقد تجربة الحزب. ج 4» ص 51. 

(23) أبو إياد» حديث مع المؤلف» تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 


552 


لوزرائه] وطمأن الملك حسين مسبقًا بأن سلاح الجو السوري لن يقوم بالرد 
على ضربات سلاح الجو الأردني)2©. 

لم يكن لذلك الغموض في دور الأسد خلال محنة الجماعات المسلحة 
في الأردن تأثيرٌ مباشر في علاقاته بفتح. ووفقًا لما يتذكره أبو إياد «في الفترة 
الواقعة بين حوادث أيلول وسيطرة الأسد التامة على السلطة فى 13 تشرين 
الثانى/ نوفمبر 1970» وكذلك خلال الأشهر القليلة التالية» كان يتعامل معنا 
بشكل ودي للغاية ملبيًا مطالبنا ومعطيًا الانطباع بأنه ضد التدخل في شؤوننا 
الداخلية. كما ألمح إلى نيته حل منظمة الصاعقة معلنًا أنه يفضل بقاء فتح 
وحدها من دون منافسين في الساحة الفلسطينية»0©». ولم يعرقل الأسدء في 
الفترة ذاتهاء انتقال المقاتلين الذين انسحبوا من الأردن إلى العرقوب» وهي 
منطقة لبنانية في سفوح جبل حرمون. 

غير أن فتح وجدت نفسها في أوائل عام 1971 محاطة بالقيود. إذ فَيّد 
نشاطها السياسي في سورية» وحظر انتساب السوريين إلى صفوفها. كذلك 
قيدت بشدة حرية حركة الفدائيين المنتمين إليها أو إلى فصائل منظمة التحرير 
الأخرى ضمن البلد» واحتجزت شحنة أسلحة مرسلة إليهم من الجزائر عن 
طريق مرفأ اللاذقية. في الوقت ذاته. بدأ الأسد بتقوية منظمة الصاعقة©©. 
ولاحظ مؤتمر لحزب البعث عقد في أيار/ مايو 1971 التراجع الكبير في دور 
مختلف تنظيمات المقاومة الفلسطينية وفى فاعليتهاء وعزا ذلك إلى افتقارها 
إلى الرؤية الواضحة» والجمع بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية وضعفها 
الذي يجعلها عرضة لمخططات بعض الأنظمة العربية7©. 

في نظر فتح» كان أشد الأمور أذية لها قرار الأسد الصارم منع قوة كبيرة 
من المقاتلين متمركزة في درعا جنوب سورية من إرسال التعزيزات إلى 


)224 .47 .م عسوظ إن وعزع8 11:6 باوء1آ 

(25) حديث مع المؤلف» 11 تموز/ يوليو 1985. 

(26) أبو إياد. حديث مع المؤلف» 11 تموز/ يوليو 1985. 

(27) حزب البعث العربي الاشتراكي» المؤتمر القطري الخامس العادي: 4 18 أيار/ مايو 
71 (([دمشق]: الحزب. 1971): ص 256 


5353 


ال ين 


رفاقهم في معاقلهم الأخيرة في جرش وعجلون في شمال الأردن» وذلك 
عندما تعرضوا لهجوم قاس جوي ومدفعي وبالدبابات بين 13 و19 تموز/ 
يوليو 1971. وحين انجلى غبار تلك المعركة؛ كان ما لا يقل عن 700 
فدائي» من أصل الفدائيين ال 3000 الذين حوصروا هناكء قد فارقوا الحياة» 
وسقط معظم من بقي منهم جريحًا أو أسيرًا. وضل القليل ممن بقي منهم 
الطريق وهم يحاولون النجاة بأرواحهم؛ فدخلوا إلى الضفة الغربية المحتلة. 
كان معنى ذلك كله النهاية الفعلية لقدرة منظمة التحرير على البقاء قوة قابلة 
للحياة في الأردن طيلة العقد التالي من السنين على الأقل. ودفع الأثر السلبي 
لتلك الحوادث في الرأي العام العربي حافظ الأسد إلى قطع العلاقات 
الدبلوماسية بالملك حسين. 

ازداد شعور فتح بثقل وطأة كراهية الأسد لها بعد تحوله في خريف 
1 نحو التشديد على المصالحة مع العاهل الأردني» خصوصًا في عقب 
اغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في القاهرة في 28 تشرين الثاني/ 
نوفمبر 1971. وتنسب التقارير المتواترة ذلك الاغتيال إلى منظمة أيلول 
الأسود؛ وهي منظمة تكونت من جمهرة من الشبان الممتلئين بالمرارة من 
أنصار فتح. وفي اجتماع حضره ياسر عرفات وأبو إياد وأبو جهاد. لم يكن 
الأسد متحفظًا في اختيار كلماته» حيث حذرهم قائلا: #من يمس*2© الملك 
حسين فكأنه يمسني شخصيًا. وأنا لست بحاجة إلى الجيش السوري لتصفيتكم؛ 
كل ما أحتاج إليه هو كلمة ألقيها عبر الإذاعة أو التلفزيون!96©. 

هكذا وجدت فتح نفسها «مقاطعة؛ من نظام الأسد الذي رفض» هو 
ومساعدوه. إقامة أي علاقة» مهما كان شكلهاء بأي من قادتهاء وبدأ يسعى في 
الوقت ذاته إلى إخضاع وحدات جيش التحرير الفلسطيني المتمركزة في 
سورية لسيطرته. 

(28) استخدم حافظ الأسد في حديثئه كلمة «اللي بيقرّب» بالعامية السورية ومعناها الحرفي: 
يقترب بنية إلحاق الأذى. 


(29) مقابلة مع أبي أيادء 11 تموز/ يوليو 1985. 


5314 


الانعطاف والاستدارة قبل الحرب الأهلية اللبنانية 
خلال عامى 1975 و1976 وبعدها والانتقال 
من العداوة الكامنة إلى الحرب الصريحة 


قامت فتح بنقل نشاطها تدريجًا إلى لبنان حيث كان من المسموح للثورة 
الفلسطينية» بموجب اتفاق القاهرة فى 3 تشرين الثانى/ نوفمبر 1969» أن 
يكون لها وجود مسلح. وفقًا لضوابط محددة» في مخيمات اللاجئين ومنطقة 
العرقوب» وأن تقوم بعملياتها بحرية في بعض المناطق المتاخمة لإسرائيل!"©. 


غير أن موقف الأسد المعادي لفتح لم يكن خلوًا من التعقيد. ففي حين 
كان يبقي المنظمة مقيدة في سورية؛ ويتعامل ببرودة ولامبالاة مع قادتهاء لم 
يقم بقطع الإمدادات عن مقاتليها في العرقوب أو غيرها من المناطق اللبنانية. 
وعندما استثارت هجمات هؤلاء المقاتلين غارات جوية إسرائيلية انتقامية 
اعشوائية؛» على حد تعبير السيناتور ج. وليم فوليرايت» طالت مخيمات 
النازحين ومناطق سكنية لبنانية (سوف يهدد موشي دايان علنًا بعد ذلك بقليل 
بأن يجعل جنوب لبنان منطقة «لا يمكن العيش فيهاه)©» أرسل الأسد سرًا 
في ربيع 1973.» كما قال هو نفسهء «جنودًا تعمدنا اختيارهم لأسباب قومية... 
من كل تشكيلات الجيش السوري... كان لدينا عدد قليل من الصواريخ 
الفردية» ووفرنا كل ما هو ممكن من هذا العدد القليل» وأرسلناه مع جنودنا 
للدفاع عن المخيمات الفلسطينية في لبنان20©. 


(30) للاطلاع على النص العربي للاتفاق» انظر: كميل نمر شمعون. أزمة في لبنان (بيروت: [دار 
الفكر الحرء 1977]): ص 147-145. وللترجمة الإنكليزية انظر: 4ه ااو«ه© ,نةتاهط! ولوللا 
8 رمعلقاقف لقدمقمعاها هذا كعتليه5 لكدصهكا ,اعمط 841001 عا مذ «وأاهام/00) :«مدعطزما ا ععدر ءاوتلا 

185-17 .مم ,(1979 ,رات كتمنا لمدصدة]آ ,سمتقاكة لهده أأممعاما :10 جعانت0 :.دمدك1 ,عولط طسدت) 

0 ) كان السيناتور فولبرايت حينها رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية» وأشار إلى هذا التهديد في 
كلمته أمام مجلس الشيوخ الأميركي في آب/ أغسطس 1974؛ انظر: ,تطعماء 776 بعدطوءطة .8 .8 4م84 
عأكمل" ببعل!) اعمط 410016( ءا اذ تومسرماصاط تمء 47:1 كزه بزرماكالط اععع3 4 «ععةأدكلآ 210 ,كأأءم :15 

.145-146 .وم ,(1976 رووء؟2 أمعولط ومعلم1 

(32) خطاب حافظ الأسد بتاريخ 20 تموز/ يوليو 1976» الجمهورية العربية السورية: القيادة 
العامة للجيش والقوات المسلحة. الإدارة السياسية» مجموعة خطب الغفريق القائد حافظ الأسد (دمشق: 
[القيادة العامة ], 02ج 66 ص 0 


535 


مضى الأسد أيضًا إلى ما هو أبعد من ذلك. ففى أيار/ مايو 1973» 
لجأت المؤسسة المارونية إلى استخدام وحدات الجيش وسلاح الجو 
الخاضعة لإمرة ضباط موارنة في قصف المخيمات الفلسطينية» وذلك بعد أن 
دب فيها القلق بفعل تقارب المصالح الناشئ بين المقاومة الفلسطينية واللبنانيين 
المحرومين» وتحت الضغط الذي مارسته عليها نداءات الأحزاب المارونية 
السياسية بشأن «الانتهاكات الفلسطينية للسيادة اللبنانية». عندها جاء رد الأسد 
سريعًا بإغلاق حدوده مع لبنان. ولما كان ذلك الإجراء لا يقطع طرق تجارة 
لبنان البرية مع سورية وحسبه بل مع الأردن وتركيا والعراق ودول الخليج 
أيضًاء فيهدد بالتلف محصول التفاح اللبناني وكذلك باقي المنتوجات الزراعية 
التي حان موسم قطافهاء تراجعت الحكومة اللبنانية عن حملتها ضد 
الفلسطينيين ووقعت في الوقت الملائم؛ أي في 18 أيار/ مايو 1973» على 
بروتوكول ملكارت الذي هدف إلى تطبيق اتفاق القاهرة لعام 9 تطبيقًا 
أفضل. 

تكشف طريقة لعب الأسد بورقة الرد الذي قام به أن حماية المقاومة لم 
تكن همه الأول» فهو رفض بإصرار إعادة فتح الحدود حتى يتم حرمان 
خصومه السوريين المقيمين في لبنان من حريتهم السياسية» وحتى تتم مراقبة 
الصحف اللبنانية لمر لحكومته أو لسياساته أو إغلاقها. وأصر كذلك على 
إنشاء لجنة مشتركة من كبار ضباط الاستخبارات العامة السورية واللبنانية 
ل الأمنية بين البلدين. وتمت الاستجابة لطلباته بصمت©. 
فمن وجهة نظره. كان تعزيز قدرته على التحكم بما يجري في لبنان من 
حوادث ضروريًا جدًا في ضوء الحرب التي كان يخطط لشنها مع أنور 
السادات في تشرين الأول/ أكتوبر. وسوف يعلم قادة فتح» مصادفة» من أنور 
السادات في آب/ أغسطس أن الأسد أصر على عدم إحاطتهم علمًا بالحرب 
الوشيكة. وتوف يفيك أنود البساقات قائلا: «أود أن أفهم سبب كره الأسد 
الشديد لكما شخصياء أنت وياسر عرفات6*26. 


(33) المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية» المسألة اللبنانية بين عهدين مسوريين (1984)» 
ص 13-12. 
(34) مقابلة مع أبي إياد. 11 تموز/ يوليو 1985. 


25216 


61 


لكن بعد حرب عام 1973» وفي ضوء الأدلة الباكرة على أن أنور 
السادات سيمضي في طريقه المستقل» وينسحب من «خط المواجهة» مع 
إسرائيل» باتت عودة الأسد والمقاومة بقيادة فتح إلى خندق واحد ضرورة 
ملحة لكلا الطرفين. وقد حث المؤتمر القطري الخامس الاستثنائي 
لحزب البعث الذي عقد في أواخر أيار/ مايو ومطلع حزيران/ يونيو من 
عام 1974 على «التوافق والتنسيق» مع منظمة التحرير©. وظلت هذه 
السياسة قائمة خلال الفترة التي أعقبت ذلك مباشرة مع تزايد وزن منظمة 
التحرير على الصعيدين المادي والمعنوي. فقد أصبحت المنظمة الآن 
تستلم أسلحتها مباشرة من الاتحاد السوفياتي©©» كما تقلص إلى حد كبير 
اعتمادها على حافظ الأسد بفضل المساعدة السنوية البالغة 41 مليون 
دولار التى خصتها بها البلدان العربية الغنية.70©» كما نجحت المنظمة فى 
تشرين الأول/ أكتوبر 1974 فى الحصول على اعتراف جامعة الدول 
العربية بها #الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني»*©» واستطاعت 
أيضًا أن تحصل لنفسها في تشرين الثاني/ نوفميبر على صفة اعضو 
مراقب» في الأمم المتحدة وعلى اعتراف عالمي رسمي بحق الشعب 
الفلسطيني في تقرير المصير””©. وفي الوقت نفسه» ومع تزايد اضمحلال 
السلطة المركزية في لبنان» عززت الفصائل الفلسطينية اليسارية» وخصوصًا 
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» صلاتها بالعناصر اللبنائية المسلمة 
المحرومة ذات التوجهات اليسارية والقومية العربية التى كانت قد تجمعت 
كلها تحت مظلة الحركة الوطنية التي أسسها في عام 1969 الزعيم 
الدرزي الاشتراكي كمال جنبلاط. 


(35) حزب البعث العربي الاشتراكي» القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي» الحركة 
التصحيحية؛ ص 155 و157. 2 1 

(236 .364-65 .مم ,انيما ,اندلا 

(37) أقرت القمة العربية التي عقدت في الرباط في تشرين الأول/ أكتوبر 1974 منح دول 
المواجهة 1.369 مليار دولار. خصصت منها 3 في المئة لمنظمة التحرير الفلسطينية و42 في المثئة 
لسورية؛ حزب البعث العربي الاشتراكي؛ الحركة التصحيحية؛ ص 162. ١‏ 

(38) حزب البعث العربي الاشتراكي» الحركة التصحيحية.» ص 061 

(39) قرارا الأمم المتحدة 3236 و3237 في عام 1974 هما القراران المتصلان بالشأنين المذكورين. 


537 


تحت تأثير مستجدات الصراع الأهلي المرير الذي أصبح لبنان غارقًا 
الآن فى مستنقعه» عرفت تكتيكات الأسد مناورات التفاف ودوران ملحوظة» 
كانت تأتى دائمًا مغلفة بعبارات قومية عربية ملائمة. فخلال فترة القتال بين 
عامى 5 و1976 وبعدهاء ظل الأسد يمسك طوال الوقت بخيوط اللعبة 
كلها مبقيًا خطوط اتصاله مفتوحة على جميع الأطراف الرئيسة: ومتلاعبًا يها 
جميعًا بعضها ضد بعضء وداعمًا بالتالي الضربات للأطراف المتصارعة كلها 
أو موجهًا لها بشكل مباشر أو غير مباشرء ليتوصل في خاتمة المطاف إلى 
كبح جماح جميع العناصر المختلفة أو زعزعة استقرارها كي يميل ميزان 
القوى المحلي إلى مصلحته. 

في المرحلة الأولى من القتال الذي اندلع في 13 نيسان/ أبريل 21975 
وتمثلت شرارته الأولى بعيارات نارية طائشة انطلقت من سيارة عابرة من دون 
لوحات تسجيل؛ واستهدفت بيار الجميل زعيم حزب الكتائب شبه العسكري 
أمام كنيسة مارونية في شرق بيروت» وتمثلت من ثم بالمجزرة التي حدثت 
بعد ذلك بقليل في المنطقة ذاتها وراح ضحيتها ركاب حافلة تقل فلسطينيين 
ولبنانيين عزلًا من بينهم نساء وأطفال60, قدم الأسد العون لكل من منظمة 
التحرير والحركة الوطنية اللبنانية؛ وظل» فى الوقت نفسه؛ على علاقة طيبة 
بالرئيس اللبناني الماروني سليمان فرنجية. أما قادة فتح الذين كانوا حتى تلك 
اللحظة يتفادون الوقوع في شباك شؤون لبنان الداخلية» تاركين الجبهة الشعبية 
لتحرير فلسطين تقاتل إلى جانب الحركة الوطنية اللبنانية» فأخذوا يشعرون أن 
عناصر مرتبطة بنظام الأسد كانت تصب الزيت على النار» فيما هم يسعون بلا 
كلل لإخماد العنف» ويبذلون جهدًا مضئيًا للتوصل إلى هدنة تلو أخرى. ومن 
جهة أخرىء كانت لديهم أيضًا أسباب تدعوهم إلى الاقتناع في بعض 
اللحظات بأن إسرائيل تسعر النيران بوساطة عملاء أجهزة استخباراتها'». 


بحلول كانون الأول/ ديسمبر 1975 بدا جليًا أن الأسد قد أخذ ينعطف 


(40) وفمًا لأبي إياد فإن أدلة موثقة قدمها لاحمًا منشقون عن المكتب الثاني اللبناني بينت وجود 
تخطيط مسبق للمجزرة» كما بينت أن تنفيذها تم على أيدي عناصر من المكتب الثاني وأعضاء من حزب 
الوطئيين الأحرار الذي كان يتزعمه كميل شمعوت؛ .164 .م ,”صا زط ,صمل لط بنمعادم؟ فصة مهير! طم 

(41) مقابلة مع أبي إياد» 11 تموز/ يوليو 1985. 


538 


مبتعدًا عن الحركة الوطنية اللبنانية. ففى السادس من ذلك الشهر دعا عدوه 
اللدود بيار الجميل إلى دمشق؛ واستقبله استقبال رؤساء الدول2». وفي 
التاسع من الشهر ذاته أقنع حركة المحرومين الشيعية بقيادة الإمام موسى 
الصدر وكذلك بقية الأحزاب الخاضعة للنفوذ السوري بالانشقاق عن الحركة 
الوطنية اللبنانية”*». كما حاول دق إسفين بين الحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة 
التحرير. 

كان السبب الكامن وراء تصرفات الأسد هو عدم قدرته على إخضاع 
زعيم الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط لإرادته. وسوف يؤكد جتبلاط 
لاحمًا أن #السوريين كانوا يسعون لأن يفرضوا علينا جميعًا وجهة نظرهم 
وأفكارهم ومصالحهم ووصايتهم»*". لم يكن جنبلاط على اتفاق مع الأسد 
لا في الوسائل ولا في الغايات. فبينما كان الأسد يضغط لوقف القتال» كان 
كمال جنبلاط يقود : نهج المواجهة ردًا على موجة «القتل على الهوية» التي 
بدأتها الكتادب الب وكان كمال جنبلاط يرغب في أن يُحلّ محل 
«المؤسسات الطائفية البالية» القائمة «مؤسسات علمانية وديمقراطية حقيقية1, 
في حين كان الأسد من أنصار الوصول إلى تسوية» ورعى فى نهاية المطاف» 
بالتعاون مع سياسبين مسلمين تقليديين وشخصيات دينية كبيرة» إصلاحات 
«خجولة»؛ وجدت تعبيرها آنذاك في «الوثيقة ثيقة الدستورية» التي أذاعها الرئيس 
سليمان فرنجية في شباط/ فبراير 1976*. ودعت تلك الإصلاحات» من 
حيث الجوهرء إلى تمثيل متساو للمسلمين والمسيحيين في المجلس النيابي» 
والمساواة التامة بينهم في الوظائف العليا للدولة» وتعزيز سلطات المجلس 
التشريعيء لكنها أبقت على احتكار الموارنة لرئاسة الجمهورية» والسئّة لرئاسة 
الوزراء» والشيعة لرئاسة مجلس النواب©©, 


٠ 242(‏ .2 ,010ها برأا 6ر210 راط ,ناوعانهعا لمعه لعتز[ نحطم 
(43) ,(1987 ,ووع؟ بوعذبعظ براطادمال! تعليملا بجع]!) «منعطما جعنه وأووبساى 726 ,مدعاءط قطاتطد1 

٠ |‏ 
)244 .54 .م ,(1978 لعم!5 :وتيوط) ممؤئئ ء[ “يمع باوأطصسة امتصمع]ز 
0450 كك ,38 .وم ,امطئط ء] «تو ,اسيل 


(46) لمزيد من التفاصيل عن هذه الإصلاحات. انظر: «ا ءءمماما! امه أعءلار»مح ,نةالمطا 
.52-3 .جح ,انم ونام 


539 


7م 


من المرجح أن يكون سبب تراجع الأسد عن دعمه الحركة الوطنية 
اللبنانية هو رسالة حكومة الولايات المتحدة ة الأميركية التي نقلها إليه سفيرها 
في دمشق ريتشارد مورفي وذلك في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 15ظ1 . فوفقًا 
لمراسل صحيفة لوموند» دعت تلك الرسالة الرئيس السوري إلى الانحياز 
لمصلحة حل «متوازن» للحرب الأهلية اللبنانية» وقدمت ضمانات بأن يلقى 
تدخل سوري ضمن الحدود «المعقولة» في لبنان ترحيبًا أميركيّا وبأن تقوم 
واشنطن في الوقت الملائم بالضغط على إسرائيل للقبول يه”». 
ند الاند اق كاب علي تناد تموز/ يوليو 1976 رواية مختلفة في 
شأن فحوى الرسالة الأميركية» غير أنه قرأ «بعض فقرات» من محضر اجتماعه 
مع ريتشارد مورفي فحسب. . ومن هذه الفقرات يمكن الفهم أن السفير 
الأميركي كان يسعى إلى تصحيح «انطباع» حصل عند بعض السوريين أن 
الولايات المتحدة «تؤيد أصحاب الخط المتصلب المتطرفين من المسيحيين 
في لبنان»؛ وأكد أن «الحل المستقر؛» الذي سيلبي للمسيحيين حاجتهم إلى 
«الشعور بالأمن»» يجب أن يكون مقبولًا لدى «المعتدلين المسيحيين»؛ ورغب 
في سماع «ما هو تخطيط سورية»؛ وحاول أن يوضح «الرأي الممحص"» 
للولايات المتحدة» وهو أن «إسرائيل سترى في تدخل قوات مسلحة أجنبية 
تهديدًا كبيرًا جدًا حيث إنهاء مهما قلنا لها [من قبيل ثنيها عن ذلك] ستنطلق 
للتدخل». وأضاف السغير: «وهذا موقف نود بوضوح تجنب نشوئه». كما 
شدد السفير على أن مسعاه لا يمثل «أي مباحثشات مشتركة بين إسرائيل 
والولايات المتحدة». 
أجاب الأسد بأن «الانطباع» الموجود فعلا لدى السوريين هو أن 
«الولايات المتحدة تؤدي دورًا في الاقتتال في لبنان.. . لمساعدة اتفاقية سيئاء 
في الأساس [اتفاقية الأول من أيلول/ سبتمبر 1]1976. وأن «اهتمام» سورية 
«الجدي» بما يجري في لبنان نابع من قناعتها بأن «جميع المواطنين اللبنانيين 
مسلمين ومسيحيين... هم جميعًا من أبناء أمتنا العربية». وهذا ما يشكل 
أساس سعي سورية «إلى وقف الاقتتال» وإلى إيجاد «المناخ الملائم؟ من 


(47) .1/6/1976 ,عولط عم «باهاوصده © عآ .1[ زوتقمهطذا وءتطعنامط 16 عممل عترلزة هكآ» ,نوع اناه1 عا 


50 


أجل «حوار؟ بين القوى السياسية المختلفة كي يجدوا حلا لمشكلاتهم. وأما 
في ما يخص إسرائيل» فأكد الأسد أن الصراع في لبنان «مشكلة داخلية عربيةة 
وأنه «لا يحق لإسرائيل التدخل في الشؤون الداخلية للأمة العربية». وأضاف 
أن سورية جاهزة للتصدي «في أي وقت تسعى فيه إسرائيل لمواجهتنا»*6. 

ليس من المعروف». بشكل قطعيء ما هي الأمور الأخرى التي قيلت 
خلال الاجتماع بين الأسد وريتشارد مورفي. لكن الأمر المؤكد هو أن الأسد 
بدأ خلال الشهرين التاليين بالابتعاد عن الحركة الوطنية اللبنانية ذات الميول 
اليسارية مقتربًا أكثر من أعدائها. 

وفمًا لأقوال الأسدء في يوم من الأيام حوالى منتصف كانون الثاني/ يناير 
6 «ورغم جهدنا السياسي. .. وتقديمنا للسلاح والذخائر بكميات كبيرة 
وبأنواع مختلفة... انهارت جبهة الأحزاب الوطنية وانهارت جبهة المقاومة 
الفلسطينية... وأر سلوا لنا الصرخات ونداءات الاستغاثة»”*». وهي رواية 
للحوادث لا تكاد تتطابق قطّ مع الوقائع » فقد كان الأسد حيئها أبعد ما يكون 
عن بذل الجهد لمصلحة الحركة الوطنية اللبنانية» بل كان يعمل على تقويضها 
منذ كانون الأول/ ديسمبر» كما سبقت الإشارة. وكذلك لا يوجد أي دليل على 
قيام الحركة الوطنية اللبنانية أو منظمة التحرير بإرسال نداءات استغاثة إلى 
وفكيق: والصحيح هو أن الميليشيات المارونية» في مطلع كانون الثاني/ يناير» 
وبينما كانت معظم قوات فتح لا تزال في الجنوب بالقرب من الحدود مع 
إسرائيل» شنت هجومها: فحاصرت في الرابع من ذاك الشهر مخيم تل الزعتر 
في ضواحي بيروت الشرقية؛ وفي اليوم الثاني عشر منه بادروا إلى الهجوم 
على مخيم آخر هو مخيم ضبية شمال المدينة؛ وفي اليوم التاسع عشر اجتاحواء 
أو بحسب تعبير الزعيم الماروني كميل شمعون «طهروا»» منطقة الكرنتينا ذات 
الأغلبية المسلمة ومساكن الصفيح”. ومن جهة أخرىء وإذ ما عاد بمقدور 
فتح أن تستمر أكثر في النأي بنفسها بعد تلك الهجمة على المخيمات» أعطت 

(48) خطاب حافظ الأسد بتارييخ 0 تموز/ يوليو 1976. حزب البعث العربي الاشتراكي» 
الحركة التصحيحية: ج 6؛ ص 152-148. 


)249 حزب البعث العربي الاشتراكي» الحركة التصحيحية؛ ج 6 ص 114. 
(50) شمعون. أزمة فى لبئان» ص 40. 


541 


الأوامر لجزء من قواتها الموجودة على الجبهة بالتحرك شمالاء وهاجمت 
بالاشتراك مع الحركة الوطنية اللبنانية بلدة الدامور اللبنانية المشرفة على طريق 
صيدا ‏ بيروت» كما هاجمت فريتين مجاورتين إحداهما قرية ة السعديات وفيها 


قصر شمعون. وكتب كميل شمعون في دفتر يومياته بتاريخ 4 كانون الثاني / 
يناير: «من وجهة النظر العسكرية فإن ميزان القوى [في منطقة الدامور] يميل 
لمصلحة الفلسطيئيين»”*. وأما بالنسبة إلى منطقة بيروت فإن سيطرة مقاتلي 
الحركة الوطنية اللبنانية على جسري نهر بيروت أدت إلى عزل ضواحي بيروت 
المارونية عن مدينة جونيه وهي بمنزلة القلب للمنطقة المارونية!2". 

هكذا يتضح أن «جبهات» الحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة التحرير لم 
«تنهر؛ كما زعم الأسد. كذلك من المشكوك فيه أن يكون تصريحه العلني 
الذي اعقب بلك العرامم عو رخيته ثى لإنقاد المقاومة» هو السبب الحقيقي 
للأمر الذي أعطاه لوحدات من جيش التحرير الفلسطيني الخاضع لسيطرته في 
9 كانون الثاني/ ب يناير بالدخول إلى لبنان» أو لتلك النصيحة لتحليرية في 
حديثه الهاتفي مع الرئيس سليمان فرنجية في 20 كانون الثاني/ يثاير: : «إنَّ هناك 
خطًا أحمر بالنسبة للفلسطيئيين لا نسمح لأحد بتجاوزه إطلاقً7!0". ووفمًا 

الاحتمالات كان دافعه للقيام بذلك الفعل هو إدراكه أن الأمور 98 

تخرج عن نطاق سيطرته» وأنه إذا لم يتدخل في تلك اللحظة المحددة بشكل 
أو آخر فستزداد صعوبة حفاظه على التوازن بين القوى المتصارعة وتفاديه 
لأكثر ما يخشاه؛ أي تقسيم لبنان على أساس ديني أو تدخلات إسرائيل. 

تولى الأسدء سعيًا منه إلى تحقيق سياسته في توازن القوى» توجيه مسار 
معقد وكثير التعرجات وذلك من خلال جيش التحرير الفلسطيني ومنظمة 
الصاعقة اللذين كانا يتبعانه في كل ما يقوم به. قفي 3 كانون الثاني/ يناير 
6 قام باستخدام منظمة الصاعقة في محاولة عديمة الجدوى لإيجاد شرخ 


(51) شمعون» أزمة في لبنان» ص 19. 

(2)52 7 مم ,ات مطامط *عنده عإووبساى 717 ,رجقعاعط 

(53) خطاب حافظ الأسد بتاريخ 20 تموز/ يوليو 1976» حزب اليعث العربي الاشتراكي» 
الحركة التصحيحية؛ 1970 - 1980: [من المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي إلى المؤتمر القومي الثالث 
عشر] (دمشق: القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبي» 1983)) ج 6: ص 117 و118. 


502 


اكاك اللا يننا 


بين الحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة التحرير*”. وفي الفترة بين 14 و20 
كانون الثاني/ ينير» وبينما كان يبقي خطوط اتصاله مفتوحة مع قائد إحدى 
الميليشيات المارونية أي بيار الجميل قائد الكتائب» سمح لمنظمة الصاعقة 
بالقيام بدور واضح في الهجوم على الدامور» عرين كميل شمعون قائد ميليشيا 
«النمور) المارونية!ة6. . وفي 23 كانون الثاني/ ينا ناير» وبيئما كان وزير خارجية 
الأسد ورئيس أركانه في بيروت في مهمة لصنع السلام؛ دخلت وحدات من 
جيش التحرير الفلسطيني في اشتباكات مع مقاتلين موارنة في زغرتا في شمال 
لبنان ومع أحد تشكيلات الجيش اللبناني في منطقة البقاع. وفي الأول من 
شباط/ فبراير قامت وحدات أخرى من جيش التحرير الفلسطيني بفتح معركة 
مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفصائل يسارية أخرى من منظمة التحرير 
في صراع للسيطرة على شارع في منطقة عين الرمانة في بيروت الشرقية. وفي 
آذار كانت الصاعقة تنقل أسلحة وذخائر إلى الكتائب©6. 


لكن قدرة الأسد على توجيه الحوادث في لبنان بشد الخيوط عن بعد 
من خلال الصاعقة وجيش التحرير الفلسطيني تقوّضت بفعل سلسلة من 
التطورات الجديدة والمترابطة بعضها ببعض. جاء في المقام الأول ما حدث 
في 21 كانون الثاني/ يناير من انشقاق عدد من الوحدات العسكرية المسلمة 

عن الجيش اللبناني ومن ضمنها تشكيلات مدفعية» بتأثير من الضابط السني 
أحمد الخطيبء وانضمام تلك الوحدات إلى الحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة 
التحرير» الأمر الذي أدى إلى تشرذم الجيش اللبناني كله خلال الأشهر القليلة 
التالية على أسس دينية. وساهم في تلك العملية أبهًا البلاغ التلفزيوني الذي 
أذاعه العميد الركن عزيز الأحدب القائد السني لمنطقة بيروت العسكرية في 
1 آذار/ مارس؛ ودعا فيه الرئيس سليمان فرنجية إلى الاستقالة. ثم كان 
انشقاق آلاف عدة من مقاتلي الصاعقة بعد أن استخدمها الأسد في منتتصف 
آذار/ مارس لإعاقة تقدم قوات أحمد الخطيب المنشقة نحو القصر الرئاسي 
خارج بيروت. وبات جليًا أن كثيرين من الفلسطينيين في الصاعقة قد تأثروا 


١. 7 254)‏ ,8011071علا “مناه فأعوعنة 31 776 بملتقعاعط 
(5) شمعون» أزمة في لبنان ص 6 و19. 
(0) المصدر نفسه. و .5 .2 ,اهطأرآ هل “يرمع باواطصيد 


5203 


بوجهات النظر الرئيسة لفتح» وصار الأسد غير متأكد من أن جيش التحرير 
الفلسطيني لن يتأثر بها بدوره. وفي تلك اللحظة. كان لهذه التطورات الجديدة 
الفضل في منح تفوق عسكري للحركة الوطنية اللبنانية ومنظمة التحرير اللتين 
انطلقتا نحو الهجوم في 17 آذار/ مارسء بناء على إصرار كمال جنبلاط الذي 
أضحى الآن يضغط من أجل «عمل عسكري حاسم». وتمكنوا خلال الأسبوع 
التالي من طرد الميليشيات المارونية من آخر معاقلهم في بيروت الغربية. كما 
تمكنوا في هجوم آخر لهم في 20 آذار/ مارس من السيطرة على المرتفعات 
المطلة على منطقة المتن المارونية!”6. 

ساورت الأسد الشكوك في أن فتح كانت وراء تمرد أحمد الخطيب 
و«الانقلاب التلفزيوني» لعزيز الأحدب» وفسر مشاركتها في هجوم الحركة 
الوطنية اللبنانية على أنها تقويض لخطة الإصلاح الدستوري التي أعدها 
بالاتفاق مع الساسة التقليديين في شباط/ يناير 1976. ولم يخف مشاعره عن 
قادة فتح, لكنه في العلن صب جام غضبه على كمال جنبلاط» وقام بحشد 
قوات كبيرة على الحدود موجهًا بذلك رسالة عن نيته استخدام القوات 
العسكرية السورية. وعملت فتح على إقناع كمال جنبلاط بالاجتماع إلى الأسد 
في 27 آذار/ مارس رغبة منها في تفادي مثل هذا الاحتمال البغيض. 

كانت كلمة السر في الدوائر البعثية في دمشق يومها: «كمال جنبلاط 
شخص خطير... فهو سيورطنا في مواجهة أخرى مع إسرائيل». وأما كمال 
جنبلاط فكان مصممًا أشد التصميم على منع تحول بلده إلى «تابع» يدور في 
فلك الأسد ودخول مواطنيه إلى «السجن السوري الكبير». وكان يشعر بأن 
ما يدور في لبنان هو «تحرر ديمقراطي لشعب بأسره؛؛ وأن ذلك هو ما يسبب 
القشعريرة لنظام الأسد©». وأرخت تلك المشاعر سدولها على الاجتماع بين 
الزعيمين. 

(57) تستند الفقرة السابقة إلى روايات المصادر التالية: أبو إياده حديث مع المؤلف» 11 تموز/ 
يوليو 1985؛ شمعون. أزمة في لبنان» ص 30» و43 58 -61» وص 63 -72؛ الجمهورية العربية 


السورية. مجموعة خطب الفريق القائد حافظ الأسد» جح 6 ص 8 و .20/4/1976 -19 رعه:171 ج10 مواق 
(258 ,48-49 غه رفك .وم ,روطت عل عييمم ,أفاطملال 


4آ]5 


ظل الأسدء خلال ذلك الاجتماع الذي تحول إلى لقاء فاشل» يوجه الحديث 
نحو فكرة واحدة هي ضرورة وضع حد للحرب الأهلية. وقال مشددًا على 
فكرته: «هناك مؤامرة تجري لتقسيم لبنان وإضعاف المقاومة الفلسطينية». ولم 
يعترض كمال جنبلاط على ذلك. ثم طرح الأسد بطريقة فيها نوع من الوعظ 
حجته القائلة إن نجاح «المؤامرة» رهن بالاستمرار في القتال في حين أن هزيمتها 
هي في وقفه. ويقول الأسد إن كمال جنبلاط رفض هذه «الحقيقة البديهية؛ 
وأصر على أن «الحسم العسكري» هو وحده القادر على وضع حد ل #حرب 
الانعزاليين [الموارنة المتشددين]0. ثم أكد الأسد على أن :كمال جنبلاط كان 
يعتقد أنني أحرمه من نصر في متناول يده!. وأما رواية كمال جنبلاط عن ذلك 
الاجتماع فتقول إن الأسد كان يعبر عن نفسه بقدر كبير من الصدقء وإنه قال 
لكمال جنبلاط إنه كان يرى «فرصة تاريخية في توجيه الموارنة نحو سورية؛» 
وجعلهم يدركون من خلال تقديم العون إليهم أنهم ما عاد لهم حاجة إلى التوجه 
نحو «أطراف خارجية؛ طلبًا للعون والحماية. وأضاف الأسد: «لا يمكنني أن 
أسمح لك بأن تكون من يقهر المعسكر المسيحي». فرد عليه كمال جنبلاط: 
«ولكن الانعزاليين لا يمثلون إلا نسبة تقل عن 25 فى المئة من المسيحيين»» 
فعاد الأسد إلى القول: «ومع ذلك؛ لا يمكنني أن أسمح لك بأن تقهرهم»”6. 

في اليوم التاليء أي في 28 آذار/ مارسء اجتمع الأسد إلى قادة فتح 
وطلب منهم أن ينفصلوا عن كمال جنبلاط بشكل علني؛ ولكنهم رفضوا تلبية 
هذا الطلب. وبعدها طلب منهم أن يمتنعوا عن اتخاذ موقف عدائي علني من 
الدخول المرتقب لقواته إلى لبنان» فقاموا #بطرح حججهم؛ المضادة لهذا 
العمل «بشكل مطول؛ ما أثار «استياءه بشكل واضم». ولكنهم أذعنوا 
لطلبه بإبعاد رجالهم عن القعال60), 


(59) يستند ما ورد هنا عن الاجتماع إلى رواية كمال جبلاط: -184 .مم ,اطنط ءا نمم بتقاطسسل 
,185 
ورواية حافظ الأسد عنها للرئيس اللبناني الياس سركيس كما وردت في كتاب كريم بقرادوني» 
السلام المفقود. ص 6 
)260 مقابلة مع أبي إياد» 1 تموز/يوليو 1985. 
(61) خطاب حافظ الأسد بتاريخ 20 تموز/ يوليو 1976؛ والجمهورية العربية السورية» مجموعة 
خطب الفريق القائد حافظ الأسد ج 6» ص 133. 


545 


ينك 


في التاسع من نيسان/ أبريل» وعلى الرغم من توقف الأعمال القتالية قبل 
ذلك بأسبوع, دفع الأسد بقواته إلى لبنان» حيث تمركزت أولّا عند المعبر 
الحدودي في منطقة المصنع على طريق دمشق ‏ بيروت» ثم انتقلت إلى ضهر 
البيدر ومنها عبرت سلسلة الجبال المشرفة على بيروت. ولم تتوغل أكثر من 
ذلك فى لبنان» ما خلا مئات عدة من القوات الخاصة الذين تنكروا بزي 
مقاتلي الصاعقة؛ واحتلواء مع عناصر من هذه المنظمة ممن ظلوا على ولائهم 
لسورية» مواقع حساسة في بيروت وطرابلس. وفي الوقت نفسه. قامت سفن 
سورية تمخر الشواطئ اللبنانية باحتجاز إمدادات قادمة إلى قوات الحركة 
الوطنية اللبنانية. 

من قبيل حرص الأسد على إنكار اتهامات خصومه له بأن ما قام به ضد 
الحركة الوطنية اللبنانية» ثم ضد المقاومة الفلسطينية» إنما تم باتفاق تام بينه 
وبين الأميركيين» جاء تشديده في تلك المرحلة» أو تحديدًا في 14 نيسان/ 
أبريل» على أنه تلقى «إنذارًَا من واشنطن جاء فيه: «أعلمتنا الحكومة 
الإسرائيلية بأنها تعتبر الأعمال السورية في لبنان قد وصلت إلى نقطة ستجد 
إسرائيل نفسها ملزمة باتخاذ تدابير وإجراءات خاصة بهاء إذا تم تخطيها... 
ونحن في الولايات المتحدة قلقون من أن ينشأً انطباع في سورية بأن انعدام 
وجود رد فعل إسرائيلي علني؛ يعني عدم اهتمام من إسرائيل تجاه الأعمال 
السورية» وذلك خلاقًا لما قمنا بإيلاغه إلى دمشق باستمرار خلال الأسابيع 
الأخيرة». 


ووفتًا لرواية الأسدء فإن رده لم يكن مهادنًا قطّء وكان على النحو التالي: 

1 - إن سورية ترى أن ما ورد في الرسالة يشكل إنذارّاء وهي ترفض هذا 
الإنذار رفضًا قاطعًا. 

2 إن سورية ليست مستعدة الآن» ولن تكون مستعدة في المستقبل 
لقبول أي إنذار من أي جهة في العالم. 

3 -إن ما يحدث في لبنان شأن عربي داخلي» والعرب فقط هم أصحاب 
الاختصاص فى معالجة هذا الشأن. 


6آظ5 


4 - إن الاعتبار الوحيد الذي حدد. ويحدد الآن وفى المستقبل» أبعاد 
التدخل السوري في لبنان» بما في ذلك حجم القوات السورية ومواقعهاء هو 
مصلحة شعب لبنان. لأن تاريخنا واحد ومستقبلنا واحد ومصيرنا واحد2©. 

حتى لحظة كتابة هذه السطور لم يقل الأسد الحقيقة في شأن التفاهم 
غير الرسمي الذي جرى بوساطة أميركية بينه وبين إسرائيل في شأن «الخط 
الأحمرة» ذلك التفاهم الذي حدد تفصيلات القيود المفروضة على تدخله 
العسكري في لبنان. وقال لوفد الجبهة اللبنانية في أواخر عام 1976: 

الخط الأحمر لا وجود له. وعلى كل حال فإنى لا أراه. فى بدء 
العام 1976 حذرتني الولايات المتحدة» ونصحئي الاتحاد 
السوفياتي ألا أجتاز الحدود اللبنانية في المصنع. فالخط الأحمر 
كان إذن في المصنع, لأن إسرائيل كانت تعتبر دخول الجيش 
السوري لبنان سببًا كافيًا لإعلان الحرب. اجتزنا المصنع فحدثونا 
[الأميركيون والإسرائيليون] عن خط أحمر جديد في صوفر. ولما 

تجاوزنا صوفرء حددوا لنا بيروت على أنها الخط الأحمر الجديد. 

والآن» وبعد انتشارنا في بيروت راحوا يتكلمون عن النبطية وعن 

الليطاني كخط أحمر. فما هو هذا الخط الأحمر المبهم والمتحرك 

والمتنقل بشكل مستمر من مكان إلى آخر؟””. 

تتعذر المواءمة بين الملاحظات السابقة والرواية التى يقدمها تالكوت 
سيلي الذي عمل سفيرًا للولايات المتحدة في سورية بين عامي 1978 
و1981.» لأنه كتب في عام 1985: 

بدأت العلاقات الأميركية ‏ السورية تتحسن في عام 1976 عندما 

أدت المصالح المشتركة في إخماد الحرب الأهلية اللبنانية إلى 

تعاون وثيق... 


وقامت الولايات المتحدة بتأدية دور الوسيط في صفقة وافقت 


(62) الجمهورية العربية السورية» مجموعة خطب الفريق القائد حافظ الأسد. ص 152 -153. 
(63) ورد الاقتباس في: بقرادوني» السلام المفقود» ص 84. 


517 


إسرائيل بموجبها على الامتناع عن التدخل إذا لم تجتز القوات 

السورية «خطًا أحمر» محددًا فى جنوب لبنان. وكانت الولايات 

المتحدة سعيدة بالنتيجة؛ ذلك أنها حافظت على توازن بين الأطراف 

اللبنانية وتفادت نصر اليساريين. وفى 19 نيسان/ أبريل 1976 أعلن 

البيت الأبيض أن «سورية كانت تؤدّي دورًا بناء في الآونة 

١ 264 اله‎ 

خيرةة 0. 

عندما طلب مؤلّف هذا الكتاب من ريتشارد مورفي الذي كان سفير 
الولايات المتحدة في سورية بين عامي 4 و1976. أن يعلق على روايتى 
الأحمر؟ أو وجود خريطة عليها خط أحمر. ولكن من الإنصاف القول إننا 
قمنا بالوساطة في صفقة. وكان اهتمامنا منصبًا على أمرين: أولهما هو أن 
الوضع الأمني الداخلي في لبنان كان يتدهورء وكنا نعلم أن لبنان طلب 
المساعدة من سورية. وثانيهما هو أننا لم نكن نرغب في أن نشهد اندلاع 
حرب بين إسرائيل وسورية إذا ما دخلت القوات السورية إلى لبنان)650, 
وتبقى حقيقة واحدة على الأقل ليست موضع شك: لم يرسل الأسد قواته قط 
خلال الحرب الأهلية أو بعدها إلى المنطقة الحدودية جنوب نهر الليطاني. 

منذ عام 1976 تولدت عند كمال جنبلاط القناعة بأن صاحب فكرة توريط 
الأسد عسكريًا في لبنان هو وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر؛ بما عرف 
عنه من ميل خاص إلى الصفقات السرية الملتوية*. وكذلك كان قادة فتح 
مقتنعين تمامًا بأن الأسد قد وقع في الفخ الذي أعده رجل الدولة الأميركي 
المحنك. وقال أبو إياد عن ذلك: «لقد وقع أشقاؤنا السوريون في... شرك 
هنري كيسنجرا الذي كان يرغب في وقوع «مواجهة سورية فلسطينية» ليصرف 

264 .5 .م ,كانه اماع زوملا ,3 .لا بعلزاعمعة 

(65) ريتشارد مورفي» محادثة هاتفية مع المؤلف» 12 أيار/ مايو 53. 

26 37 .م ,تمطاا ءا “روم بتوأطصك 

أدت هذه النزعة لاحمًا إلى ظهور تعبير لغوي جديد ما زال يستخدم في وزارة الخارجية الأميركية 
هو: «اللعب على طريقة هئري كيستجر؛ (16 .ى .11 بزواط)ء انظر: ,20/2/1993 ,اعوط وماعطرزعه1! 


5268 


19م 


أذهان العرب عن #دسائسه؛ الرامية إلى تيسير «مصالح إسرائيل والولايات 
المتحدة في المنطقة0”». وتؤكد الصفحات التي كتبها الكاتب البريطاني باتريك 
سيل بما تنم عنه من إدراك واسع للأمورء أن أبا إياد لم يجاف الحقيقة في ما 


ذه : إليه(62), 


لكن الأسد كان مدركا تمامًا خطورة المياه التي يسبح فيهاء وحاول 
بأقصى ما يملكه من براعة أن يبقي خيوط اللعبة بين يديه وأن يوجهها نحو 
مصلحته. فدلااهك أن سيق المقاوفة الفلسطينية» وهو أمر ربما تمناه 
الإسرائيليون» لكنه ضار بمصالحه؛ سعى إلى مجرد الحد من قدرتها وإخضاعها 
لإرادته وتجريد حلفائها اللبنانيين اليساريين من السلاح» مستشعرًا أن استدارته 
السياسية غير الشعبية تلك ستثير ردة فعل قوية في بلده هوء وذلك ما كان 
فعلا. 

لعل الأسد تلاعب بدهاء بالحقائق المتعلقة بصفقة «الخط الأحمرةء إلا 
أن طريقة ل ل 
بهئري كيسنجر ولا بالإسرائيليين. نت ا ل ات 
وتوقفت بينما كان د حا امات كد الخار ة على الصعيدين الإقليمي 
والعالمي؛ تاركًا الجميع في شك من حقيقة نياته. ثم استأنفت قواته تقدمهاء 
وتوقفت من جديد بينما كان يطلق دعوة للحوار مع منظمة التحرير بهدف 
رأب الصدع. ثم عمد بعد ذلك إلى المناوبة ب بين الضربات العسكرية والضغط 
السياسى»؛ مخضعًا مبادراته العسكرية دائمًا لأهدافه السياسية» وعينه لا تنى 
تراقب التهديد الإسرائيلي في الطرف البعيد من الميدان. ١‏ 

بذل الأسد جهده في اتخاذ جانب الحيطة والحذر درءًا للأخطار» حتى 
اتخذ تدخله العسكري :بين 9“نيسان/ أبريل و31 آياز/ ماو :1976-شكل ههمة 
محدودة. وإذا كان ذلك التدخل قد ازداد حجمًا في ما بعد حتى شمل في 
ذروته زهاء 30 ألقًا من جنود الأسدء وامتد مع حلول نهاية حزيران/ يونيو 


ليشمل شرق لبنان كله بما في ذلك سهل البقاع: إن الأسد لم يحكم سيطرته 


)267 .2 ,فانصا راط ,وتموغ درط بنادعاده8 لتنه 1:30 طم 
(68) انظر: .2278-0 .ع ,ماسر ره معدا رعلهء5 


على بيروت الغربية وطرابلس وصيدا حتى منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر بعد 
اندفاعات عسكرية عدة تخللتها فترات توقف طويلة بما فيها قمتان عربيتان 
عقدتا في الرياض والقاهرة للتوسط في إيجاد تسوية. 

غير أن العداوة الكامنة بين الأسد والمقاتلين الفلسطيئيين تحولت خلال 
تلك الشهور الخمسة إلى حرب صريحة. كان ذلك صراعا غير متكافئ» لم 
يكن لدى قادة فتح أي وهم في كسبه. ومع ذلك فقد هاجموا جيش الأسد في 
أثناء تقدمه. يدفعهم إلى ذلك خوفهم من أفق خسارتهم لحريتهم في الفعل. 
وفي نهاية المطاف. قلب الأسد موازين القوى ضدهم وضد حلفائهم في 
الحركة الوطنية اللبنانية من خلال عزله لهم عن مصادر أسلحتهم وإمداداتهم» 
وتقديمه عونًا حاسمًا لخصومهم من الموارنة اليمينيين. 

بدت أفعال الأسد في عيون الفلسطينيين كأنها طعنات في الظهر. وتعمقت 
مرارتهم تجاهه مع مأساة مخيم تل الزعتر التي حمّلوه مسؤوليتها أيضًا. فالمخيم 
الواقع داخل الجيب الماروني ظل بدءً! من 21 حزيران/ يونيو تحت وطأة حصار 
مستدام هدف إلى القضاء عليه بالتجويع. والواقع أن الأسد. بتثبيته القوات 
الفلسطينية في الجبال» حرر الميليشيات اليمينية» الأمر الذي مكنها من القيام 
بهجوم شامل على تل الزعتر. وجاء سقوطه في 12 آب/ أغسطسء بعد مقاومة 
شرسة من خندق إلى خندقء ليطلق العنان لمجزرة ارتكبتها الكتائب بالاشتراك 
مع مقاتلي كميل شمعون بحق ما لا يقل عن 3000 مدني حوصروا في المخيم. 

تضافرت تلك الحوادث بما تركته في تاريخ العلاقات العربية من لطخة 
سوداء لا تمحى؛ مع ذلك التطابق المحير بين مصالح الأسد ومصالح إسرائيل 
في عام 1976 حيث قام كلاهما بتزويد الموارنة بالسلاح فيما قامت سفنهما 
بقطع الإمدادات عن الفلسطينيين في مناطق مختلفة من الساحل اللبناني» 
فشكلا معًا صدمة قاسية للشعور العام العربي. فمنذ عام 1917» لم يسبق 
لأي نظام سوريء مهما كان لونه» أن قاتل الفلسطينيين. فهي سياسة لا سابقة 
لهاء صدمت قطاعات واسعة من الرأي العام السوري» وجعلتها تشعر بالنفور» 
ودفعت في نهاية المطاف. مع عوامل أخرىء الإخوان المسلمين ومؤيديهم 
إلى حافة الثورة الفعلية. 


لم يكسب الأسد من ذلك كله إلا ميزة تفوق استراتيجية على المقاومة 
الفلسطينية من دون أن ينجح في السيطرة الكلية عليها. ومن المفارقات أن ما 
أطلق عليه اسم صفقة «الخط الأحمر»» مكنت المجموعات المسلحة من عدم 
الوقوع كليّا تحت نيره» وذلك بسبب إبقائها لقواته في المناطق الواقعة شمال 
نهر الليطاني. غير أن الإسرائيليين سرعان ما حولوا منطقة جنوب الليطاني إلى 


منطقة إطلاق كيفي للنيران. 
فاصل من ا الظاهري 
ساهمت ظروف جديدة ومصالح قوية مشتر كة في دفع الأسد وفتح إلى 


التقارب مجددًا: نشوء شريط معاد فى خخريف 1976 فى المنطقة الحدودية بقيادة 
الرائد مسعد حداد المدعوم من إسرائيل» ووصول حزب الليكود إلى السلطة في 
إسرائيل في أيار/ مايو 1977 بقيادة زعيمه المتطرف مناحيم بيغن» وتصعيده 
الهجمات المدفعية والجوية الإسرائيلية على قواعد الفلسطينيين ومخيمات 
اللاجئيين في جنوب لبنان على الرغم من التزام منظمة التحرير ما توافقت عليه 

مع السوريين في اتفاقية شتورا في تموز/ يوليو 1977 في شأن التوقف عن شن 
عمليات فدائية داخل إسرائيل» وزيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس 
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 وتوقيعه اتفاقيات كامب ديفيد في 17 
أيلول/ سبتمبر 1978» ومعاهدة السلام المنفرد مع إسرائيل في 26 آذار/ مارس 
9 وانهيار التحالف بين سورية رميات مارو لي لطر 
8 والغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان في آذار/ مارس التالي وهروب نحو ربع 
مليون إنسان نحو الشمالء وتركز السلطة خلال العام ذاته في يد قائد الكتائب 
بشير الجميل» وتعاونه العلني مع إسرائيل» وتبني إسرائيل في كانون الثاني/ يناير 
_ ا ل ل ا ا لل 
- الإيرانية في أيلول/ سبتمبر 1980 وما لازمها من تفاقم تدهور قدرة العرب على 
التوازن مع قوة إسرائيل؟ وتهديد مناحيم بيغن في ربيع 1 بتدمير بطاريات 
صواريخ أرض - جو التي نصبها الأسد في وادي البقاع» وضم إسرائيل مرتفعات 
الجولان في 14 كانون الأول/ ديسمبر 1981. جميع تلك العوامل دفعت الأسد 
وياسر عرفات إلى طرح خلافاتهما جانبًا واستعادة ألق تحالفهما القديم. 


551 


7م 


مع تكرار قصف المنطقة الحدودية التي تسيطر عليها فتح» أدرك عرفات 
باكرًا مدى أهمية إعادة بناء الجسور مع سورية بالنسبة إلى منظمة التحرير» وكرس 
لهذا الغرض كثيرًا من الجهد والدبلوماسية ابتداء من خريف 1976 فصاعدا. 
وسادت نداءاته إلى دمشق في عام 1977 نبرة الإلحاح» حيث كتب إلى الأسد 
فى 18 أيلول/ سبتمبر عندما كانت قواته تتعرض لهجمات شرسة من شريط سعد 
حداد ومن إسرائيل نفسها: أناشد أخانا الرئيس أن يقف معنا في هذه الأوقات 
الصعبة وأرجو منه أن يزودنا بالسرعة القصوى بالذخائر التي نحتاجهااة. 


غير أن زيارة أنور السادات إلى القدس وعواقبها كانت الحافز الأقوى 
لذلك التحسن المهم في العلاقات بين فتح ونظام الأسد. ووفمًا لأقوال أبي 
إياد غير الأسد فجأة جميع تكتيكاته بالنسبة إلى المقاومة»20©. وبمبادرة من 
الأسدء أصبحت سورية ومنظمة التحرير نواة «جبهة الصمود والتصدي» التي 
أسّست في 5 كانون الأول/ ديسمبر 1977 وضمت ليبيا والجزائر واليمن 
الجنوبي بوصفهم أعضاء داعمين77. ومع أن سورية لم تقم بأي فعل عسكري 
خلال الحملة الإسرائيلية ضد المواقع الفلسطيئية في جنوب لبنان في عام 
8ه الا أنها تولت الدفاع عن المخيمات الفلسطينية ضد الغارات الجوية 
بوساطة صواريخ «سام ‏ 47 في عام 721979©. 


مع مرور الوقت» ازدادت مشاعر التفاهم حرارة إلى درجة جعلت عرفات 
يحيى سورية بوصفها «قاعدة للصمود؛» ويحيي الأسد بوصفه «بطل التصدي 
في أمتنا العربية؛» وذلك لمناسبة انعقاد المؤتمر القطري السابع لحزب البعث 
في + كانون الثاني/ يناير 771980©. وخلال الشهور القليلة التالية ازدادت الرقعة 


(69) نص البرقية موجود في مكتب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في أحد الملفات 
المتصلة بعلاقات المنظمة بالنظام السوري. 

(70) مقابلة مع أبي إياد تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 

(71) حزب البعث العربى الاشتراكيء الحركة التصحيحية)» ص 230 -231. 

(72) ياسر عرفات في مقابلة مع أسانذة وباحثين جامعيين مصريين؛ مجلة فكر (باريس»» السنة 
الثانية» العدد 6 (حزيران/ يونيو 1985)؛» ص 15. 

(73) «المؤتمر القطري السابع»» المناضلء العدد الخاص 129 (كانون الثاني/ يناير 1980)» 
ص و60-59. 


552 


التي تسيطر عليها فعليًا منظمة التحرير في لبنان وذلك جراء قرار الأسد سحب 
قواته من كامل الشريط الساحلي جنوب بيروت لأسباب احترازية. ولئن زادت 
هذه الخطوة في حرية منظمة التحرير» فإنها زادت كذلك في أعباء أمنها الداخلي» 
واقتضت نوعًا من التبعشر في قواتهاء ما جعلها أكثر ضعفًا أمام الضربات 
العسكرية الإسرائيلية*©, 


الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 والتخلي التام عن 
المقاومة الفلسطينية وتركها تواجه مصيرها 


مع تزايد الأدلة على غزو إسرائيلي وشيك واسع النطاقء إذ احتشدت 
ثلاث فرق إسرائيلية قرب الحدود اللبنانية وتلقى أبو إياد من مصادره 
الاستخبارية معلومات موثوقة عن الزيارة السرية التي قام بها وزير الدفاع 
الإسرائيلي أريئيل شارون في كانون الثاني/ يناير 1982 0 
حول بيروت وعن الغاية من تلك الزيارة» قامت سورية ومنظمة التحرير في 
أيار/ مايو 2 بوضع «علاقتهما الاستراتيجية؛ على أساس أكثر 0 
ووفقا لأبي إياد فإن الأسد ومساعديه كانوا يتجنبون حتى تلك اللحظة أي 
نقاش مع قادة فتح في شأن الحملة الإسرائيلية الوشيكة؛ وأما الآن فتعهد 
الأسد ليس بتقديم الغطاء الجوي للمقاتلين الفلسطينيين فحسبء بل بدعمهم 
أيضًا باحتياطي كبير من القوات الخاصة إذا اقتصر الغزو على جنوب لبنان» 
وبزج ثقل سورية العسكري كله في الصراع إذا امتدت المعارك إلى البلد 
بأكمله79©. 


لكن الأسد لم يف بتعهداته» أو لم يستطع الوفاء بها. والواقع أنه سحب 
صواريخ «سام ‏ 47 من المخيمات الفلسطينية في 20 أيار/ مايوء أي قبل 


)74( عتاعءاو2 كه امتصزول «عوللا 1982 عطا هأ معسممصمععط بمماتاتكا ممنتمنادءلة©» ,طلعأبردة لتعملا 

.9م ,(1983 #عتتصرن5) 4 .مم ,12 .آ0؟ ,كعويكى 

(75) ياسر عرفات؛ مجلة فكر (باريس) (حزيران/ يونيو 1985): ص 14. و: لسه ؟انطء5 بوه2 

لة ممصزد :علملا ببعل؟) ممصلعم" هما نز لعادافممكا" لصه لعألظ ببم1[ ورمصمطءط! ذؤ أعمما ,تمو'ولا لطع 
.5 .م ,(1984 تعأعباطء5 


(76) مقابلة مع أبي إياد» تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 


553 


خمسة عشر يومًا من بدء العدوان الإسرائيلي”©. وبعد اندلاع الحربء وما 
تلا ذلك من تدمير لشبكة صواريخه من طراز «سام؛ في سهل البقاع والضربة 
القوية التي أصابت سلاحه الجوي؛ أخذت قواته تتفادى الدخول في قتال 
واسع النطاق مع الغزاقه وتكتفي بالرد المحدود في حال استّهدفت. وباستثناء 
0 جندي سوري و2700 جندي من جيش التحرير الفلسطيني الخاضع 
لسيطرة السوريين حوصروا في بيروت وقاتلوا ببسالة كبيرة» فإن القوات 
السورية لم تقدم عونا كبيرًا للمقاتلين الفلسطينيين. وفي 11 حزيران/ يونيو» 
أي بعد خمسة أيام من بدء الحرب البرية وقبل يومين من حصار الإسرائيليين 
لبيروت الغربية» وافق الأسد على وقف منفرد لإطلاق النار» خرقه الإسرائيليون 
لاحقًا عندما هاجموا مواقع سورية على الطريق السريعة بين دمشق وبيروت؟ 
وبعد وقف آخر لإطلاق النار يوم 25 حزيران/ يونيو» لم يقم الأسد بأي 
مغامرة» وانسحب فعليًا من الحرب. 

كانت وراء سلوك الأسد ذاك أسباب عسكرية سليمة سبقت مراجعتها في 
الفصل 15. وأجاب الأسد عن سؤال مبعوث جزائري إليه في شأن التدابير 
اللازمة لمساعدة الفلسطينيين بالقول إنه لن يخوض حربًا لا يحدد هو زمانها 
ومكانهاء وأضاف: «هذه الحرب ليست حربي !7000. 

هكذا استمر نحو ثمانية آلاف رجل بين مقاتل نظامي ومتطوع موقت في 
صفوف منظمة التحرير يقاتلون في بيروت معتمدين على وسائلهم الخاصة 
وغير آبهين بالخطر المحدق بهم في ظل خلل كبير في ميزان القوى ضدهم 
(ربما بلغ عديد القوات الغازية نحو 90 ألف رجل و1300 دبابة)©. ويقول 
أبو إياد عن ذلك لاحما: «كلما طالت مدة صمودهم في وجه الحصارء ازداد 


(77) ياسر عرفات. فكر (حزيران/ يونيو 1985))» ص 15. 

(78) تقل هذا الحديث إلى ياسر عرفات من خلال المبعوث محمد شريف مساعدية الذي أرسله 
الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد إلى دمشق!؛ ياسر عرفات» مجلة فكر (باريس) (حزيران/ يونيو 
25255 ص 19. 

(79) هذه تقديرات ععدرط #ءاماءمعواء وقد أوردها جانسن في كتابه: تزه [//ه8 72:6 ,العكمول أعقطعنللة 

ب4 .م ,(1982 روقععط لم8 طاده5 نطالط ,وماده) (بمنبعطعا معط أءه,5[ بردالاا «انحراءو8 


ولم تسمح الرقابة الإسرائيلية حتى تاريخه بنشر أي تقرير عن العدد الفعلي للقوات الغازية. 


554 


اكاك اللا يننا 


الضرر الذي كان يلحق بمكانة الأسد. بدا كمن أخذته الدهشة من إصرارنا. 
وقد ادعى عبر اتصالات جانبية مع وكلائه في لبنان» وأنظار العالم والشعب 
العربي كلها مشدودة إلى بيروت؛ أن «عرفات أشاد شخصيًا بالدور السوري 
فى لبنان6000. لكن الأسدء شأنه شأن «الأصفار» العربية الاثنين والعشرين 
الأخرى؛ وهي لازمة كثيرًا ما كررها عرفات. اكتفى بمراقبة الإسرائيليين وهم 
يشددون حصارهم ويكثفون قصفهم على أحياء المديئة والمخيمات الفلسطينية 
بقسوة محسوبة» الأمر الذي خلّف دمارًا هائلا ومعاناة وبؤسًا كبيرين لدى 
المدنيين. ووفمًا لرواية عرفات فإن الفلسطينيين وحلفاءهم اللبنانيين خسروا 
خلال أيام الحصار الثمانية والثمانين والحوادث التي أعقبته مباشرة ما لا يقل 
عن 72 ألف شخص بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين؛ بمن فيهم 
ضحايا القصف المدفعي وقصف الدبابات لمخيم عين الحلوة بالقرب من 
صيدا وضحايا المجزرة الرهيبة في صبرا وشاتيلا في بيروت”©. 


انقطاع العلاقات ومعركة طرابلس 

تراكمت عوامل كثيرة فسببت قطيعة علنية بين الأسد وقادة فتح في عام 
3ه وأظهرت إلى السطح مشاعر المرارة الدفينة لديهم جميعًا؛؛ ومن تلك 
العرامل: خروج عرفات من معركة بيروت وقد ازداد مكانة؛ ونقده العلني 
للدعم السوري غير الكافي للمقاومة الفلسطينية في أثناء الحرب؟؛ وميله إلى 
تجربة خيار دبلوماسي في إطار السعي إلى وطن قوميء وإحجامه عن استبعاد 
مبادرة ريغان للسلام التي أعلنت في الأول من أيلول/ سبتمبر 1982» والتي 
لم تأخذ في الحسبان أي هاجس من هواجس الأسد؛ ابلح إنامة مياد 
في سورية (بعد أن تلقى وعدًا عبر طرائق غير رسمية بأنه إذا ذهب إلى دمشق 
فور خروجه من بيروت فإن الأسد سيخرج شخصيًا لاستقباله)20؛ 0 
محاولات الأسد الحثيثة غير المباشرة تحطيم سلطة عرفات ونفوذ فتح. 


(80) مقابلة مع أبي إياد. تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 
() ياسر عرفاتء مجلة فكر (باريس) (حزيرات/ يونيو 1985)» ص 20. 
(82) أبو إياده حديث مع المؤلف. 1 تموز/يوليو 1985. 


555 


حتى في الفترة الواقعة بين عامي 1979 و1982» عندما كانت العلاقات 
بين سورية وفتح ودية في الظاهرء فإنها لم تكن في الحقيقة سلسة على 
الإطلاق. حيث بدا الأسد كمن لا يدع أي فرصة تفوته لزيادة الأمور تعقيدًا 
في وجه عرفات. ولهذا اشتكى الأخير إلى الأسد في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 
7 من بيان توزعه عناصر من الصاعقة يشير إلى نشوء حركة ضد قيادة 
فتح» وكذلك من تهديدات يطلقها شخص يدعى أبو سعيد» هو أيضًا من 
عناصر الصاعقة؛ باختطاف واغتيال عناصر قيادية من فتح. وأضاف عرفات 
في تلك الرسالة قائلًا إنه يستعجل الكتابة إلى الأسد على أمل وضع حد لهذه 
الممارسات الخطيرة» وكله ثقة أن «أبا سليمان» بما عرف عنه من حكمة وإباء 
سيصحح مسار الأمور”*©. ومرة أخرى في عام 1978» حاول أحمد جبريل 
قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة الذي لا يفعل شيئًا من 
دون علم الأسدء أن يقنع جورج حبش قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 
ونايف حواتمة قائد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بتوحيد قواهم معه في 
سبيل شل الدور القيادي لخط عرفات اليميني4. وكان جيريل هو نفسه من 
كشف عن ذلك لاحمّاء كما كشف أيضًا أن الأسد ومعمر القذافي اتفقا في 
اجتماع لهما في بنغازي في عام 9ئ1ظ1 على أن #إبعاد عرفات عن قيادة منظمة 
التحرير؛ أمر مرغوب فيه ولتحقيق هذا الغرض لا بد من تقديم دعم فاعل 
للمجموعات الفلسطينية التي تعارضه وتسعى لتغيير موازين القوى لمصلحتها 
في حركة المقاومة*". وبالتساوق مع هذه السياسة جاء ظهور مقاتلي المنظمة 
التي يتزعمها أبو نضال في دمشق في عام 1 تحت حماية نظام الأسد. 
وكان أبو نضال قد انشق عن فتح في عام 1974» وكان مسؤولًا عن اغتيال 
عدد من الناشطين في منظمة التحرير”". 

(83) ثمة نسخة من هذه الرسالة موجودة في مكتب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في تونس 
في أحد الملفات المتصلة بعلاقات المنظمة بالنظام السوري. 

(84) إلى الأمام (مجلة تصدرها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة) (أيلول/ سبتمبر 
4 )»)» ص 44 وما يليها. 


(85) لمعرفة المزيد عن أبى نضالء انظر كتاب: بج16) عمالط «ضل 014 4 «أموذلة نذا عاف5 عاعضتوط 
.(1992 ,عقباه11 مامه ارملا 


556 


لم يكن تصاعد جهد الأسد لتقويض سلطة عرفات نابعًا من رفض 
الأخير الدائم التحول إلى دمية يحركها بخيوطه فحسبء لكنه كان ينبع أيضًا 
من شكه المتزايد في أن فتح كانت تزود بالسلاح ألد أعدائه أي الإخوان 
المسلمين. وفي هذا الخصوص فإن الرجل الذي افترضت المخابرات 
السورية أنه مسؤول مباشرة عن ذلك هو أبو طعان (حسين ديب) قائد 
جهاز الكفاح المسلح الفلسطينيء أي الشرطة العسكرية لمنظمة التحرير في 
شمال لبنان. وفي عام 1980» وصلت إلى مسامع فتح معلومات عن أن 
النظام السوري اتخذ قرارًا «بتصفيتهة*. لكن عناصر الاستخبارات السورية 
قاموا لاحما باعتقاله واتهامه بترؤس جهاز في منظمة التحرير مسؤول عن 
تسليح الإخوان المسلمين. وزّعم أنه قدم اعترافًا كشف فيه عن «تفاصيل 
بالغة الأهمية»””©. غير أن قادة فتح نفوا بشكل قاطع أي صلة لهم بتزويد 
الإخوان المسلمين بالأسلحة”©. 

في أي حالء» سيطرت على الأسد فكرة أن أحد أهداف الغزو الإسرائيلي 
للبنان كان «تحويل المقاومة الفلسطيئية من مشكلة لإسرائيل إلى مشكلة 
لسورية»» وذلك وفتًا لما كتبه في عام 1982 أبو ماهرء ممثل فتح في دمشق©. 
وكان ذلك؛ من بين عوامل أخرى» هو الدافع وراء رفض الأسد في بداية الأمر 
تأمين ملجأ للمقاتلين الذين حوصروا في بيروت. لكنه عدل عن رأيه لاحقّاء 
واستقبل ما لا يقل عن 3750 مقاتلًا من مقاتلى منظمة التحرير» وهو ضعف 
العدد المعتاد لمقاتليها فى المناطق اللبنانية الخاضعة لسيطرة القوات السورية 
تقريبًا. لكن «المشكلة» الحقيقية كانت في أساسها مشكلة سياسية أكثر منها 


(5) ثمّة خطأ في الاسمء فأبو طعان اسمه مصطفى ديب خليل وليس حسين ديب. 

(86) التقرير رقم ق/ 80/ 10740 بتاريخ 18 أيلول/ سبتمبر 1980 في مكتب رئيس منظمة 
التحرير الفلسطينية في أحد الملفات المتصلة يعلاقات المنظمة بالنظام السوري. في ذلك الوقت كانت 
دمشق تشتبه بشكل واضح بأن لأبي طعان صلة غير مباشرة بحوادث العنف التي اندلعت في طرابلس في 
آب/ أغسطس 1980. 

(87) أحمد جبريل؛ في مجلة إلى الأمام؛ الأول من أيلول/ سبتمبر 1984» ص 50. 

(88) مقابلة مع أبي اللطف (فاروق القدومي)» تونسء 11 تموز/ يوليو 1985. 

(89) رسالة في 9 آب/ أغسطس 1982 إلى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية مسن أبي ماهر 
(محمد راتب غنيم)» دمشقء موجودة في ملف لدى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. 


5157 


ل يد 


عسكرية لأن الدعم الذي تتمتع به منظمة التحرير لم يكن من الشعب 
الفلسطينى وحده بل من الشعب السوري كذلك. الأمر الذي جعل من 
الضروري جدّاء في نظر الأسدء إيجاد قيادة أكثر طواعية على رأس منظمة 
التحرير. 

سنحت الفرصة للأسد عندما ظهر انشقاق في صفوف فتح في سهل 
البقاع في 10 أيار/ مايو 1983» كان ملهماه أبو صالح (نمر صالح)» عضو 
اللجنة المركزية لحركة فتح» والعقيد أبو خالد العملة» وهو ضابط محترف 
من فتح أصبح لاحمّا «المحرك الفعلي» للفصيل المنشق عن فتحء وكان 
قائده هو العقيد أبو موسى (سعيد موسى مراغة)» وهو عسكري ذو سيرة 
محترمة وضابط سابق في الجيش الأردني تلقى تدريبه في ساندهرست“. 
وعجل في التمرد الاستياء الذي قوبل به تعيين عرفات لضابطين في مراكز 
قبادية رئيسة في البقاع» على الرغم من آداتها السو في خرب 2 
لأنهما موضع ثقته ثقته» وكذلك السخط على أسلوب عرفات «التسلطي» في 
القيادة ومحاولته الابتعاد بمنظمة التحرير عن نهج «الكفاح 0 
وتوجيهها نحو المبادرات الدبلوماسية. غير أن وصف المتمردين لحركتهم 
المناهضة لعرفات بأنها «حركة تصحيحية» وهو الوصف ذاته الذي أطلقه 
الأسد على انقلابه في عام 1970 ضد منافسيه البعثيين» وحقيقة أن المتمرد 
أبا صالح كان يدور منذ عام 1980 في فلك الأسد. ذلك كله يشير إلى تأثير 
أو توعية سملن بونحية الأسد أما استعداده لتحقيق المكاسب من 
مشكلات فتح فذاك أمر لا مراء فيه. 


من الأمور الجديرة بالدراسة تلك الطريقة التي تحرك بها الأسد حينها 
ضد عرفات. فقد سار فى بداية الأمر على خطين أحدهما فى السر والآخر فى س 
العلن؛ وكان يتبرأ في العلن من الخط الذي يتبعه في السر. ففي العلن» كان 
يقوم بدور الوسيط. وأرسل في أيار/ مايو 1983 رسائل إلى عرفات وإلى غيره 
من قادة فتح يدعوهم فيها إلى «إبداء الحكمة في الأزمة الراهنة وتقدير خطورة 
الظروف التي تواجهها سورية ومنظمة التحرير». كما عرض من خلال نائب 


(8) هي الأكاديمية العسكرية الملكية التي يتخرج فيها ضباط الجيش البريطاني ‏ المترجم. 


558 


رئيس وزرائه عبد الحليم خدام أمرين: أولهما إعادة تأليف اللجنة المركزية 
لفتح على أساس المناصفة بين من يعارضون عرفات ومن يوالونه» وثانيهما أن 
يحل أبو موسى محل أبي جهاد» المساعد العسكري لعرفات» في موقع نائب 
القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية. وفي غضون ذلكء يسر الأسد بهدوء أمر 
استيلاء المتمردين على مستودعات إمداد فتح الخاضعة لحراسة السوريين 


ع- (90 


بالقرب من دمشق 

عندما اتضح أن أبا موسى لا يتمتع بدعم كافٍ في صفوف فتح. لأنه لم 
ينجح في استقطاب إلا بضع مئات من مقاتلي الحركة وقام لاحقا بتعبئة 
متطوعين من المعخيمات الفلسطينية في سورية» قامت منظمة الصاعقة 
الخاضعة للسيطرة السورية والجبهة الشعبية ‏ القيادة العامة بالانحياز إلى 
قضيته. لكن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير 
فلسطين لم تسانداه. وبعد مضي ثمانية أسابيع على التمرد أضحت سورية 
منخرطة أكثر وعلى نحو مباشر في الأزمة. ففي 23 حزيران/ يونيو وجه 
عرفات اتهامًا علئيًا لجيش الأسد بقطع الإمدادات عن رجاله وبقصف مواقعهم 
في سهل البقاع. وقال: «مشكلتي هي بوضوح مع... سورية. وليست مع أبي 
موسى. إنني أسعى إلى عدم إغلاق النافذة الأخيرة مع السوريين» ولكن الأمر 
يرجع إليهم. يريد السوريون أن يقرروا بالنيابة عن الفلسطينيين» وهو قرار لن 
أعطيه لأحد”6, وبعد ذلك بيومين قام الأسد. مظهرًا استياءه من ذلك 
«الاتهام الكاذب» ومتظاهرًا دومًا بالبراءة» بطرد عرفات بطريقة قاسية من 
سورية ومن المناطق اللبنانية الخاضعة للسيطرة السورية» مانعا إياه بذلك من 
الوصول المباشر إلى قواته في طرابلس وسهل البقاع*". 


(90) التهار. 1/ 6/ 1983. 

[طدئق راومط برماعسأباعه 1 

(92) ما لم ترد الإشارة بخلاف ذلك» فإن جميع الملاحظات الواردة في هذه الفقرة والفقرات 
الثلاث السابقة تستند إلى مقابلات جرت في تونس بين 6 و11 تموز/ يوليو 1985 مع أبي إياد. وأبي 
اللطف, وخالد الحسن وأبي يحبى؛ وإلى حديث مع يزيد صايغ في 16 أيار/ مايو 1993 وكذلك إلى 
الروايات التي وردت في واشنطن بوست اعوط «ماه12511 في 20 و23 أيار/ مايو 3 وفي الفترة بين 
2 و29 حزيران/ يونيو من العام نفسه. 


559 


كانت ردة الفعل بين الفلسطينيين على خطوة الأسد تلك قوية حتى أن 
مفتي القدس الشيخ سعد الدين العلمي أصدر في اليوم التالي تمامّاء أي في 
26 حزيران/ يونيو فتوى اسعئنائية مدهشة بحق الرئيس السوري» ناه فنها آنه 
قتل كثيرًا من المسلمين» ومن بينهم مسلمون فلسطينيون» وأن الشرع الإسلامي 
يقضي بوجوب قتل مثل هذا الشخص037, 

على الرغم من اشتداد طوق الحصار على أنصار عرفات خلال الأسابيع 
التالية في شرق لبنانء فإنهم لم يحنوا أعناقهم» وظلوا يردون على الضربة 
بمثلها. وفي 2 آب/ أغسطس رأت الإدارة السياسية في القيادة العامة للجيش 
والقوات المسلحة السورية أنه بات من الضروري التحذير بعبارات واضحة 
من أن الاقتتال في البقاع... بين الفصائل المتنافسة من فتح بات يشكل تهديدًا 
لقواتنا. ولم تجد الإدارة السياسية حرجا في التعبير العلني عن وجهة النظر 
القائلة إن الطريقة ة الوحيدة لوضع حد نهائي للاقتتال هي في اوضع حد 
لعرفات... مرة واحدة وإلى الأيد400. 

غير أن ذلك لم يمنع عرفات من التسلل في 18 أيلول/ سبتمبر إلى 
ميناء طرابلس في شمال لبنان» حيث النفوذ الكبير لحلفائه الجدد من 
الأصوليين الإسلاميين المعادين للأسد. وحيث تمركز نحو ألفي مقاتل 
من أنصاره من فتح. ووصل على متن سفينة ركب فيها حال علمه 
باستعدادات الجيش السوري للقضاء على أنصاره. اتخذ عرفات حينها 
مقرًا لقيادته في مخيم البداوي للاجئين» ولكن كان له مؤيدون أيضًا في 
مخيم نهر البارد الذي يبعد نحو عشرة أميال شمال المدينة. وكذلك 
سرعان ما التحق به» وعلى نحو غير متوقع في 30 أيلول/ سبتمير عدد من 
الناجين الموالين له ممن طردوا من البقاع ودفعتهم الدبابات السورية 
اا ل ا الاك 

انرق .11983 راعمط رماع ا«أططعط 1 

(94) الجمهورية العربية السورية» القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة: الإدارة السياسية» 
النثسرة السياسية الأسبوعية» العدد 31» 2/ 8/ 1983» ص 3. ووجدت نسخة من هذه النشرة في الملف 
المشار إليه سابقًا لدى رئيس منظمة التحرير الفلسطيئية. 


560 


7م 


جنح الظلام من دون أن يتم اكتشافهم. وهكذا بلغ عديد قوات عرفات 
نحو أربعة آلاف رجل. 


بحسب وجهة نظر الأسدء كان من الضروري إخراج عرفات من طرابيلس 
قبل أن تتحول المدينة إلى بؤرة يتجمع فيها أعداء نظامه. لكنه كعادته تحرك 
ببطء وأناة» متجنبًا القيام بأي مغامرات غير ضرورية» ولسوف يزعم حتى 
النهاية أن جيشه لم يقم بأي دور في الهجوم على القوات المؤيدة لعرفات. 
الخضراءء قائد جيش التحرير الفلسطيني الخاضع للسيطرة السورية» في 
امشهد مسرحية في 17 تشرين الأول/ أكتوبر عن انضمامه إلى صفوف 
المنشقين وتأيبده قضيتهم في عزل عرفات عن رئاسة منظمة التحرير*". لكن 
المعركة لم تنشب حتى 3 تشرين الثاني/ نوفمبر عندما تحركت قوات مناوثة 
لعرفات في اتجاه المخيمات الفلسطينية» يدعمها قصف بعيد المدى من مواقع 
يحتلها السوريون منذ أمد بعيد جنوب طرابلس. وظل عرفات صامدًا طيلة 
ثلاثة أسابيع في وجه قوات تفوق قواته عددًا وعدة. وبعد ذلك دخل وقف 
لإطلاق النار حيز التنفيذ. وفي نهاية المطافء غادر المدينة هو ومقاتلوه في 
0 كانون الأول/ ديسمبر عن طريق البحر. وخلال تلك الفترة» قتل ما لا يقل 
عن 450 فلسطيئياء وجرح ما يربو على الألف. معظمهم من المدنيي: 090 
وأبدى عمال الإغاثة الدوليون الغربيون «ذهولهم» من «ذلك الإيمان الصلب 
جراحهم فلا يصرخون وهم ينتظرون قدوم الأطباء لاستخراج شظية)(”, 

ثمة حقيقتان بالغتا الدلالة تتعلقان بمعركة طرابلس: الأولى تتعلق بسلوك 
بعض رجال المدفعية العلويين في صفوف الحملة العسكرية على عرفات,. إذ 
أرسلواء لما احتدم القتال» إلى قيادة منظمة التحرير يخبرونها أنهم لن يسددوا 


(95) أبو إياد. حديث مع المؤلف» تونس» 11 تموز/ يوليو 1985. 
(96) تستئد الملاحظات الواردة في هذه الفقرة والفقرة التي سيقتها إلى مقابلات مع قادة حركة 
فتح الذين ورد ذكرهم في الهامش رقم 94 وإلى الروايات الواردة في: ,6-20/11/1983 ,/دمط ومع رامدلا 
113 ,20 هه 
:297 3 ,اعوط رماع مها 


نيران مدافعهم إلى قواتها بل إلى البحر. ذلك أنهم كانوا متأثرين بالنشاط العقائدي 
والتوجيهي لجماعة معارضة سرية هي الحزب الوطني الديمقراطي بقيادة أحمد 
سليمان الأحمد؛ وهو ابن أحد كبار مشايخ الطائفة العلوية وأشهرهم في عصره”. 
أما الحقيقة الثانية فتتعلق بذلك التطابق بين مصالح الأسد ومصالح 
إسرائيل. وعلى نحو مشابه لما جرت عليه الأمور في عام 1976» التقى 
الطرفان على أرضية مشتركة هى معارضة الإرادة المستقلة للشعب الفلسطيني 
التي كان يجسدها عرفات. وبينما كانت مدفعية الأسد تدك مواقع رئيس منظمة 
التحرير من البر» كانت مدافع السفن الإسرائيلية الراسية بالقرب من طرايلس 
تقصفها من البحر. وسيتكشف أيضًا أن إسرائيل خططت لاغتيال عرفات 
باستخدام قوات خاصة تتسلل إلى المرفأ تحت غطاء المدفعية البحرية» لكن 
الحكومة الأميركية ثنتها عن ذلك”*". وتوافقت إسرائيل وسورية على أمر 
آخر: كانتا مستاءتين» كل منهما لأسباب تخصهاء من مبادرات عرفات 
الدبلوماسية. كان الأسد يريد الورقة الفلسطينية فى يده. وكانت قيادة الليكود. 
كما بينت مجريات الأمور» تفضل منظمة تحرير فلسطينية أكثر راديكالية. 
واعترف يتسحاق شامير في 24 تموز/ يوليو بأن «تكتيكات عرفات هي في 
بعض الأحيان أكثر خطورة عليناة*"2. لكن أكثر ما كان يرغب فيه شامير 
وزملاؤه في أعماقهم هو القضاء على منظمة التحرير كقوة حقيقية في الواقع 
السياسي للشرق الأوسط. وكانوا في ذلك على وفاق مع الأسد مرة أخرى. 


عرفات يصنع المفاجآت 
بدت أهداف الأسد وإسرائيل كأنها على وشك أن تتحقق في 20 كانون 


الأول/ ديسمبر 1983 عندما كانت السفن التي أقلت عرفات ومقاتليه تبحر 
مبتعدة عن طرابلس. كان الأفق المنبسط أمام عرفات المهيض الجناح وأمام 


(98) كشف عن ذلك أحمد سليمان الأحمد نفسه. انظر إفادته في الوطن العربي (باريس) (آب/ 


أغسطس 1988). 
(99) كشفت عن ذلك «مصادر عليا فى القدس» اقتبست منها: .66 .م ,2/1/1984 ,17:6 
(2100 ,اكول ررماوستطاكه1! 


562 


منظمة التحرير يبدو كالحًا بالفعل. لكن آمال الأسد وإسرائيل خابت بعد 
يومين في إثر لقاء عرفات المفاجئ الرئيس المصري حسنى مبارك؛ ذلك 
اللقاء الذي أشاعت أخباره جوًا من الترقب العام. 1 

فى حين كانت الحكومات العربية قد حافظت على مسافة تبعدها عن 
حكومة القاهرة منذ عام 1979» ها هو عرفات يغض الطرف عن معاهدتها 
المنفردة مع إسرائيل ويصافح رئيسها. وكان تزويد مصر عرفات بالسلاح سرًا 
خلال الأيام التي سبقت معركة طرابلس هو القشة التي أشارت إلى جهة 
الريح. غير أن خطوة عرفات الجريئة كانت نتيجة ضغط الظروف أكثر مما هي 
نتيجة ميل أو اعتراف بالفضلء ذلك أنه من دون استعادة علاقاته بالقاهرة» 
ومن قبلها بالأردن» كان سيواجه صعوبة بالغة في منع الأسد من أن يخنق 
تمامًا حرية الميادرة لدى منظمة التحرير. 

غير أن المصدر الحقيقي لنفوذ عرفات الدائم كان في ذلك التقدير الذي 
ظل يخصه به العدد الأكبر من عامة الفلسطينيين الذين كانوا يزدرون من 
انشقوا عن «فتح ودورهم كأدوات لدى الأسد». ومن المفارقات أن مصالحته 
مع مصر التي سهلت عودتها إلى الصف العربي في خاتمة المطاف. مهدت 
الطريق أيضًا لتلك الاستدارة التي قام بها الأسد بعد ستة أعوام عندما أعاد 
علاقاته الدبلوماسية بمصر ليكسر العزلة التي أوقعه فيها دعمه لإيران خلال 
حربها مع العراق وتدهور فرص استمرارها في القتال. 

كما كان متوقعّاء أثار لقاء حسني مبارك وعرفات احتجاجات من شتى 
الاتجاهات. فقد اتهمت إسرائيل حسني مبارك بانتهاك «روح؛ معاهدة السلام 
الموقعة في عام 1979. ودان السوريون عرفات لتعزيزه نزعة «الاستسلام». 
وضغط جورج حبش» قائد الجبهة الشعبية» في اتجاه استقالة عرفات من رئاسة 
منظمة التحرير. حتى اللجنة المركزية لفتح دانت قائدها لخروجه عن مبدأ 
«القيادة الجماعية». ولاحمّاء في 22 حزيران/ يونيو 1984» وفي محاولة لرأب 
الصدع في صفوف منظمة التحرير؛ اعترف عرفات نفسهه بعد اتفاق مع قادة 
الجبهتين الشعبية والديمقراطية:» بأن مبادرته «مثلت تجاورًا؛ لقرارات منظمة 
التحرير النافذة. وانضم إلى بقية من وقع ذلك الاتفاق في الدعوة إلى #حوار 

563 


7 


وطني شامل» يضم جميع الفصائل» ووافق على ترك القرار النهائي في شأن 
خطوات منظمة التحرير التالية إلى المجلس الوطني الفلسطيني» وهو يعادل 
البرلمان الوطني للشعب الفلسطيني""2. 

لكن الفصائل التي تدعمها سورية اشترطت «التخلي عن قيادة عرفات» 
لقاء مشاركتها في الحوار المقترح02". كما رفضت الجزائرء بناء على إلحاح 
الأسد. استضافة اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني2"". 

عندها قام عرفات بمفاجأته الثانية» فأعلن في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 
عن أن المجلس سيُعقد في عمّان, أي حيث كانت محنة المقاتلين التي لا 
تنسى في عام 1970. وحاول الأسد بشتى السبل منع توفر النصاب اللازم 
للمجلس لقيامه بأعماله. وأشار عرفات إلى أن قرار السوريين هو أن من 
يحضر المؤتمر لن يطأ أرض دمشق مرة أخرى*" 
قيادة حزب البعث السوري أن المجلس اجتمع في آخر الأمر في الأسبوع 
الرابع من تشرين الثاني / نوفمبر «دون أن يكتمل النصاب القانوني 
للاجتماع0!*"". ولكن وفمًا لأقوال أبي إياد فإن أحد عشر عضو زيادة عن 
نسبة الثلثين المطلوبة حضروا اجتماع عمان*""2. ونظرًا إلى أنَّ الجبهتين 
الشعبية والديمقراطية والساخطين من فتح قاطعوا الاجتماع» فإن الأسد نجح 


. وفى وقت لاحقء» ادعت 


(101) تستند الملاحظات الواردة في هذه الفقرة والفقرة التي سبقتها إلى مقابلة مع أبي أياد؛ 
وإلى الروايات الواردة فى: ,6/1/1984 قهة ,26/12/1983 ,24 ,13 ,اعم وبماج مامهلا 

وإلى نص الاتفاق الموقع في 22 حزيران/ يونيو 1984 الذي نشر كملحق للتقرير السياسي 
للمؤتمر القطري الثامن لحزب البعث. انظر: حزب البعث العربي الاشتراكي» القيادة القطرية» تقارير 
المؤتمر القطري الثامن ومقرراته: التقرير السياسي والتقرير التنظيمي» ؛ (دمشق: الحزب. 1985)» التقرير 
السياسي»؛ ص 133 -141, 

(102) حزب البعث العربي الاشتراكي» القيادة القطرية» تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته. 

(103) ياسر عرفات في فكر (حزيران/ يونيو 1985)؛: ص 59. 

(104) فكر (حزيران/ يونيو 1985). ص 60. 

(105) حزب البعث العربي الاشتراكيء القيادة القطرية» تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته» 

(106) مقابلة مع أبي إياد 11 تموز/ يوليو 1985. 


564 


في منع عرفات من استعادة وحدة الصف في منظمة التحرير. وانتهت جلسات 
اجتماع المجلس في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر بإعادة انتخاب عرفات رئيسًا 
للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وفي حين ترك المجلس للجنة أمر متابعة 
البحث عن مبادرة للسلام» فإنه استثنى صراحة قرار الأمم المتحدة رقم 242 
الصادر في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967 كإطار صالح للمفاوضات لأن 
ذلك القرار اكتفى بمجرد الإشارة إلى «تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين» من 
دون أن يذكر الحقوق الوطنية الفلسطينية. 


مبادرة ياسر عرفات والملك حسين في عام 15955 


ساهمت خطوة عرفات التالية في اتساع الهوة بينه وبين النظام السوري. 
ففى 11 شباط/ فبراير 1985 توصلء هو والملك حسينء إلى اتفاق على أسس 
مبادرة سلام فلسطينية - أردنية مشتركة تضمنت» في ما تضمنت» الانسحاب من 
الأراضي العربية كلها التي احتلت في حرب عام 1967 مقابل السلام؛ 
ومفاوضات برعاية الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن يحضرها جميع 
أطراف الصراع على أن تتمثل منظمة التحرير على قدم المساواة في وفد أردني 
فلسطيني مشترك؛ وبممارسة الشعب الفلسطيني حقه «الثابت في تقرير المصيرة 
في «سياق... اتحاد كونفدرالي بين دولتي الأردن وفلسطين العربيتين270", 

فسّر الأسد هذه الخطوة بأنها محاولة لتنحية سورية؛ ودفعها بعيدًا إلى 
خلفية المشهد. فرد على ذلك بتشجيع تشكيل منظمة تحرير فلسطينية بديلة 
في دنس لي 25 أذازم نار فصتا امس جبهة الإلقاذ الويلى التسيطرى الذي 
ضمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمنشقين عن فتح إلى جانب الفصائل 
المعروفة بدعم سورية لها. كما حاول الأسد الضغط على الملك حسين من 
خلال تأسينن حزب أردني معاد لنظامه. 


لكن مبادرة الملك حسين وعرفات تلاشت 0 
بسبب أي شيء فعله الأسد ولكن بسبب «لاءات الإدارة الأميركية الثلاث... 


(107) عن المفاوضات بين ياسر عرفات والملك ونتائجهاء انظر عرفات في قكر (حزيران/ يونيو 
5 ) ص 2 5 - 56. 


565 


الثابتة - لا لمنظمة التحرير ولا لدولة فلسطينية مستقلة» ولا لمؤتمر دولى 
للسلام:*0"©: على حد قول عرفات. وكان الأخير قد مضى في أثناء تفاوضه 
مع إدارة رونالد ريغان من خلال الملك حسين بعيدًا إلى درجة موافقته على 
القيام بإقناع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالاعتراف بإسرائيل والقبول 
بقرار الأمم المتحدة رقم 242. إذا اعترفت الولايات المتحدة بحق الشعب 
الفلسطيني في تقرير المصير في سياق قيام اتحاد كونفدرالي فلسطيني - 
أردني. وانهارت المفاوضات بسبب عدم رغبة الأميركيين في التنازل ببخصوص 
هذه القضة21099, 


في ظل الضم المتزايد للأراضي المحتلة الذي واظبت عليه إسرائيل بقوة 
الأمر الواقع» حيث بلغت نسبة ما قضمته بحلول عام 1983 من خلال مصادرة 
الأراضي العربية وغيرها من الممارسات نحو 40 في المئة من مجمل أراضي 
الضفة الغربية و31 في المثة من مساحة قطاع غزة»”''© وفي ظل تصميم 
الليكود على عدم مقايضة الأرض بالسلام» وإصرار قادة حزب العمل 
الإسرائيلي الأكثر مرونة على استبعاد منظمة التحرير من أي عملية سلامء 
والتأثير القوي للجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (©4188) في سياسة 
الولايات المتحدة المتعلقة بالشرق الأوسطء والانحياز القوي لإدارة ريغان 
إلى جانب إسرائيل؛ فإن من غير الواضح كيف توقع الملك حسين وعرفات 
في عام 1985 أن ينتج أي شيء ذي بال عن مبادرتهما. فقيل عام واحد فقطء 
«استشاط الملك حسين غضيًاة من تعامى الحكومة الأميركية عن ممارسات 
الاحتلال الإسرائيلى؛ خصوصًا رفضها ممارسة أي ضغط ملموس على الدولة 
اليهودية فى شأن الشرط المسبق المتعلق بتجميد الاستيطان الذي كان جزءًا 
من خطة ريغان نفسه للسلام في عام 1982. وقال الملك حسين في ذلك: 
«لقد أدركت الآن أن المبادئ لا تعني شيئًا للولايات المتحدة»217. 


(108) فكر (حزيران/ يونيو 1985).» ص 44. 
(2109 انظر 0 7 ,رادو رماع اكه «رطاهدعا5 آه جعطد و'ألأصعف» بأسرما/ا دمألألة 
(2110 مير ون بينفيئيستي (نائب عمدة القدس الإسرا اثيلي الأسبق): ا116 77:6 ,لأكتهعنمعء8 ممروكز 
الث :10.00 ,اللماعمتطكوما) 398 زجع للنا5 اعلم ,كعءأءلأامط ؤأمع:يو[ كز برعنصيدى 4م نإعوزو,ط ونوطا علصمو8ظ 
.9 .م ,(1984 ,تاععقعمع] برعتاوط عالطسط عه1 عانطلاقما عكتممعتمظ 


0)10) بم ,20/3/1984 لهة 16م ,م ,16/3/1984 جلدم ١تماعارأناعه1ا‏ 


566 


اكاك اللا يننا 


عودة حركة فتح إلى الظهور فى المعادلة العسكرية اللبنانية 
والمزاعم المتعلقة «بالضمانات» المقدمة إلى إسرائيل 
وااحرب المخيمات») بين عامى 5 و1988 


لم يكن اتفاق عرفات مع الملك حسين هو تحديه الوحيد لمكانة الأسد 
الإقليمية فى منتصف ثمانينيات القرن العشرين. فقد تمكن من إعادة بناء 
قاعدة نفوذه في مخيمات اللاجئين في لبنان وذلك من خلال الاستفادة من 
تقليات العلاقات بين الدول العربية وتقلبات موازين القوى فى لبنان» وقدرته 
على أن يُجيّر لمصلحته التوتر بين دمشق وبغداد» والصراع بين الأسد والقوات 
اللبئانية المارونية والصراع بين حركة أمل الشيعية المتحالفة مع سورية وحزب 
الله الأصولي المدعوم من إيران. ويدءًا من عام 1983 فصاعداء شارك مقاتلو 
الجبهتين الشعبية والديمقراطية وفتح مشاركة فاعلة في المقاومة السرية 
المسلحة التى حولت جنوب لبنان إلى «مصيدة قاتلة؟ للجنود الإسرائيليين» 
ودفعت إسرائيل لاتخاذ قرارها في كانون الثاني/ يناير 1985 بسحب قواتها 
تدريجًا من كامل المنطقة» باستثناء الجيب «الأمني؟ الذي حددته بنفسها2"'2. 
وبعد ذلك بشهرين» مضى عرفات إلى درجة التأكيد على أن المقاومة فى 
جنوب لبنان كانت «فلسطينية أولا ومن ثم لبنانية». وأورد دليًا على ذلك 
«اتفاق حركة أمل مع إسرائيل؟ على إبقاء المقاتلين الفلسطينيين بعيدًا. كما 
أوضح عرفات سبب عدم الإقرار بفضل عمليات الفلسطينيين ضد جيش 
الاحتلال: ففي اجتماع عقد في دمشق في خريف 1982. وحضره بعض قادة 
الحركة الوطنية اللبنانية» وافقت اللجنة المركزية لمنظمة التحرير» خلافًا لرأي 
عرفات» على أن يتم تنفيذ الأعمال المسلحة الفلسطينية تحت اسم «المقاومة 
اللبنانية» أملا في «تعزيز موقف الشعب اللبناني2126. 


نظرًا إلى أن الأسد ساهمء إلى درجة كبيرة» في ظهور حركة أمل في عام 


(112) تعود عبارة «المصيدة القاتلة؛ إلى الصحافيين الإسرائيليين زئيف شيف وإيهود يعاري في 
كتابهما: .08 .م ,1167 ابمتبماعا ذؤ اعمج[ ,رم 'هلا نمه ألطء5 
(113) ياسر عرفات في فكر (حزيران/ يونيو 1985): ص 21. 


567 


4 قوة رئيسة في جنوب لبنان وفي مد نفوذها إلى بيروت الغربية» وبما أن 
حركة أمل لم تكن تقوم بأي خطوة مهمة من دون إذن الأسد» فلا يمكن تصور 
قيام أمل بالتوصل إلى «اتفاق مع إسرائيل» من دون علم الأسد. هذا إذا 
افترضنا صحة تلك الواقعة تاريخيًا. وفي هذا الصدد., فإن من المهم الإحاطة 
بمضمون مذكرة داخلية لمنظمة التحرير بتاريخ 26 تشرين الأول/ أكتوبر 
4 : جاء فيها: «نقل السفير النمساوي [معلومات] عن أن مفاوضات سرية 
تجري منذ وقت بين إسرائيل وسورية... وأن التفاهم بينهما قد تقدم كثيرًاة. 
وأنهما «قررتا معًا العمل ضده)*21, 

ليس من الممكن الجزم بمدى الثقة التي يمكن إيلاؤها لهذه المذكرة» 
ولا يما إذا كان عرفات قد حصل لاحمًا على دليل قاطع ذي صلة؛ لكنه أشار 
في بيان علني في تونس في 17 أيار/ مايو 1985 إلى أن سورية وقادة أمل 
قدموا ضمانات إلى إسرائيل بحماية حدودها الشمالية من خلال منع منظمة 
التحرير من إعادة تأسيس وجود مسلح في جنوب لبنان. وإذا كانت سورية قد 
قدمت مثل هذه الضمانات» فهي على الأرجح ضمانات ذات طابع غير رسمي 
أو غير مباشرء أي ضمانات شفوية» ولعلها قدمت عبر أحد قادة أمل بطريقة 
مشابهة لتلك الضمانات السرية التي ذكر أحد التقارير أن الأسد قدمها إلى 
إسرائيل عبر هنري كيسنجر في شأن منع تسلل المقاتلين الفلسطينيين إلى 
إسرائيل عبر الحدود السورية219. 

في أي حالء فإن الأسد, إذ رأى في عودة عرفات إلى المعادلة العسكرية 
اللبنانية تهديدًا لنفوذه الإقليمي» رد على ذلك بإطلاق يد أمل في تعاملها مع 
المخيمات الفلسطيئية في بيروت وقرب صور وصيدا. وكان لأمل» بالطبع» 
أسبابها الخاصة في الاعتراض على عودة المقاتلين الفلسطينيين. فهي لم تكن 
تخشى من تحول ميزان القوى المحلي إلى غير مصلحتها فحسب. بل تخشى 

(114) المذكرة موجودة في أحد الملفات الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية عن علاقاتها 
بالنظام السوري. 


(115) ورد التقرير من مصادر في مؤتمر جنيف للسلام في الشرق الأوسطه انظر: 1676 مج/ة 
.14 ,ركت :171 


568 


أيضًا من استئناف السياسة الإسرائيلية في الرد الانتقامي المدمر بما يعنيه من 
زيادة معاناة جمهورها الشيعي. 

بعد أن زود النظام السوري ميليشيات أمل بالصواريخ والمدافع والدبابات 
من طراز (754)» قام مقاتلوها الذين دربتهم فتح خلال عقد السبعينيات» 
بحصار مخيمات اللاجئين وشن الحرب على الفلسطينيين على نحو متقطع 
خلال الفترة الواقعة بين 19 أيار/ مايو 1985 و20 كانون الثانى/ يناير 1988. 
وخلّف هذا القتال المرير الذي عرف باسم #حرب المخيمات»؛ زهاء 3000 
قتيل وعددًا لا يحصى من الجرحى والمشوهين ودمارًا شديدًا في معظم أنحاء 
مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة على الأطراف الجنوبية لمديئة بيروت. 


بين عامى 1986 و1987» واجه اللاجئون الفلسطينيون نقصًا مهددًا للحياة 
في الغذاء والدواء إلى درجة اضطروا معها إلى أكل الأعشاب والكلاب 
والقطط'', الأمر الذي يظهر مرة أخرى أن الأسد لم يكن يتورع عن 
استخدام أي وسيلة لتحقيق أهدافه» كما يظهر الحدود القصوى التي يمكن أن 
يمضي إليها في مواجهته لأي عقبة تقف في طريقه. 

خلال حصار سابق فرضته أمل على المخيم نفسه في عام 1985» وفي أثناء 
اجتماع لجامعة الدول العربية في تونسء دعا إلى «رفع الحصار... التزامًا بقيم 
المروءة العربية وتسهيل مهمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر؛» أوضح ممثل 
الأسد أن «سورية... تعد القتال حول مخيمات اللاجئين مسألة لبنانية داخلية2126. 


من الأمور ذات الدلالة» في ضوء التفاهم الذي تقدم ذكره بين إسرائيل 
وسورية وحركة أمل؛ أنه عندما حقق المقاتلون الفلسطينيون في عام 1986 
تفوقًا كبيرًا على أمل في التلال المشرفة على صيداء تدخل الطيران الإسرائيلي 

في المعركة وقصف مواقع الفلسطينيين.19) 

(116) 7 ,اعمظ رماع اطناكه11 

(117) تصريح لأكرم الحوراني أحد قادة المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية؛ نشرة المعارضة 


رقم 7 (حزيران/ يونيو 1985)): ص 2-1. 
(2)118 ,6 ,اعوط رماع س«تناعه1ا 


5369 


الل هد 


كان لحرب المخيمات نتائج لم يتوقعها الأسد. ففي المقام الأول 
انهارت جبهة الإنقاذ الوطنى الفلسطينى وتلاشت فعليًا. ذلك أنه فى المرحلة 
بين عامي 1985 و1986 من مراحل القتال» وححدت جميع الفصائل الفلسطينية 
صفوفها. وساعدت الجبهتان الشعبية والديمقراطية والجماعات التابعة لأبي 
نضال وأحمد جبريل وفصيل فتح التابع لأبي موسى أنصار عرفات من خلال 
توجيه نيرانهم إلى حركة أمل. ورد الأسد على ذلك بإغلاق مكاتبهم ومنع 
صدور صحفهم ومجلاتهم ومصادرة ممتلكاتهم في سورية» ولكن بشكل 
موقت كما تبين لاحقا. كما استخدم القوة لإخماد تظاهرات اللاجئين في 
مخيمي اليرموك وفلسطين بالقرب من دمشقء ويقال إنه زج في السجن نحو 
0 فلسطيني من ناشطين وغيرهم. وبعد هزيمة حركة أمل في تشرين 
الثانى/ نوفمبر 1986 على أيدي أنصار عرفات فى التلال المطلة على صيداء 
انتقلت الفصائل التابعة لأحمد جبريل وأبي موسى إلى سلوك نهج محايد*'©. 

في المقام الثاني» أحدثت الحرب تغيرًا غير متوقع في العلاقات الفلسطينية 
المارونية» حيث ساعدت القوات المارونية التابعة للرئيس اللبناني أمين 
الجميل في دخول عدد كبير من المقاتلين الموالين لعرفات إلى البلاد عن 
طريق مرفأ جونية» وذلك في محاولة واضحة لتخفيف قبضة حركة أمل على 
بيروت الغربية وجتوب لبنان وبغية الحد من التفوذ السورئ20): ويحدث ذلك 
بعد إزاحة إيلي حبيقة الذي تلقى تدريبه في إسرائيل» عن قيادة الميليشيات 
المارونية في 16 كانون الثاني/ يناير 1986. وكان حبيقة قد انحنى أمام إرادة 
الأسد. واحتضنته دمشق على الرغم من اعترافه عبر الإذاعة الإسرائيلية بقيادته 
مجازر صبرا وشاتيلا في أيلول/ سبتمبر 0201982. 

لعل ذلك «التحالف التكتيكي» لحزب الله مع أنصار عرفات خلال 


(119) أنا مدين ليزيد صايسغ (محادثة؛ 16 أيار/ مايو 1993) بالمعلومات المتعلقة بسلوك 
الفصيلين الأخيرين المشار إليهما. وأما بقية ما ورد في هذه الفقرة من معلومات فهي مستقاة من تصريح 
أكرم الحوراني في نشرة للمعارضة الوطنية الديمقراطية السورية: رقم 7» ص 2. 

(120) تم الكشف عن ذلك أولًا من مصادر في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية؛ انظر: 

.7 ,اعوط ارماعاناناعه لا 

(121) مقابلة لأبي إياد مع الصدى (تونس) (تموز/ يوليو 1985): ص 13. 


5310 


«حرب المخيمات» كان أقل إثارة للدهشة22". أما الدروز فتأوا بأنفسهم 
أخلاقيًا عن أمل» وسمحوا للفلسطينيين بقصف مواقعها من التلال المشرفة 
على بيروت الخاضعة لسيطرتهم. 


هكذا فإن المقاومة الشرسة للمقاتلين الفلسطينيين» وقدرة نسائهم 
وأطفالهم وشيوخهم على التحمل» وسفك الدماء الوحشي الأرعن» وعدم 
الكفاءة العسكرية لميليشيات حركة أمل» وهزيمتها في معركة صيداء وعدم 
نجاحها في السيطرة إلا على مخيم ضعيف الدفاع في بيروت (مخيم صبرا)» 
وعدم قدرتها على إخضاع بقية المخيمات» وتنامي القدرة العسكرية لمنظمة 
التحريرء كل ذلك أجبر الأسد على التدخل. فلفق» فى بداية الأمر» هدنة 
لحفظ ماء الوجه في 18 حزيران/ يونيو 1985» لكنه في نهاية المطافء ونظرًا 
إلى استئناف القتال وتضاؤل فرص حركة أمل في كسبه. أدخل قواته مرة 
أخرى إلى بيروت الغربية في شهر شباط/ فبراير 1987. ومن قبيل الانحناء 
للضغط الدولي وما صدر من حلفائه الإقليميين (إيران وليبيا) من إدانة أو 
استنكارء» خفف بشكل جزئي من محنة اللاجثين الفلسطينيين في نيسان/ 
أبريل. لكن مجلس النواب اللبناني ألغى في أيار/ مايوه بضغط من الأسدء 
اتفاقية القاهرة الموقعة بتاريخ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 1969» تلك الاتفاقية 
التي سمحت ضمن حدود معينة بوجود عسكري مستقل لمنظمة التحرير في 
لبنان. ولم تقم قوات الأسد بالسيطرة ة على مواقع حركة أمل التي كانت تطوق 
المخيمات في جنوب بيروت حتى 20 كانون الثاني/ يناير 1988 ٠‏ وَقُدّمَ ما 
ننج من ذلك من فك لحصار دام اثنين وثلاثين شهرًا على أنه بادرة ة تضامن 
مع الانتفاضة. تلك الثورة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة التي كانت قد 
بدأت مسيرتها منذ 9 كانون الأول/ ديسمبر 22201987. 


(122) طرح مراسل أميركي على حافظ الأسد سؤالا عن هذا التحالف ولكنه تفادى الإجابة عنه؛ 
دار البعث للصحافة والطباعة والنشر و التوزيع» مقابلة الرئيس الأسد مع اكوم امماعاراجأعه1! ولام 11 
اط (بالعربية) في 18/ 5/ 1986, ص 26 - 27. 

(123) تستند الملاحظات الواردة في الفقرات السابقة في جزء منها إلى مقابلات جرت في تونس 
اا ا تجو يولي 1983 جع إلى إنات دس القت وخائد بحسن وى يديره وتستند في جزء 


آخر إلى الروايات التي وردت في: 
.1 2 لاق ,5/3/1988 :18/1/1986 ,17 ,اعمط رج«ماعمازكم لا 


571 


الانتفاضة والاتفاق الهش في عام 1988 
واستمرار التباعد فى السياسات 


بدا لبرهة من الوقت كأن الأسد وعرفات يتجهان نحو تسوية خلافاتهما. 
وبالفعلء التقى الزعيمان فى دمشق في 25 نيسان/ أبريل 21988 وبعد 
مفاوضات دارت بين كبار مساعديهماء توصّلا إلى اتفاق في شأن اتباع سياسة 
مشتركة تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي. لكن اتباعهما لاحما نهجين 
متباعدين دل بوضوح على أن اتفاقهما لم يكن محددًا قط أو أنه كان هشَّاء 
وأن المشكلات الصعبة التي تكتنف علاقاتهما ظلت من دون حل. 


كان لدى الأسد الاستعداد الكافى للتخلى عن رهانه على تقويض شرعية 
منظمة التحرير بعد أن أدرك عدم جدوى ذلك الرهان؛ فالوقائع على الأرض 
كانت أوضح من أن تشوه أو أن يتم تجاهلها. ذلك أن الجبهتين الشعبية 
والديمقراطية انضمتا من جديد إلى منظمة التحرير في نيسان/ أبريل 1987 
وظل السواد الأعظم من الفلسطينيين متمسكًا بها طوال الوقت. كما أن 
الانتفاضة أعطت المنظمة زخمًا جديدًا. وعلى الرغم من أن الانتفاضة انطلقت 
من دون قرار مسبق أو أي حافز خارجي» فإنه بات واضحًا حيئها أن منظمة 
التحرير هى القوة الموجهة لها. فقد حدد البيان الأول الذي أصدرته «القيادة 
الوطنية الموحدة للانتفاضة» بتاريخ 8 كانون الثاني/ يناير 1988 منظمة التحرير 
بوصفها «الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطيني»» وكانت تلك القيادة 
السرية تضم ممثلين عن فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية والحزب 
الشيوعي الفلسطيني*12". واستخلص الأردن النتائج الضرورية؛ فقام في العام 
نفسه بفك ارتباطه القانوني والإداري بالضفة الغربية. كما سيعترف تقويم 
داخلي لجهاز استخبارات إسرائيلي في آذار/ مارس 9 بعدم وجود أي 
«قيادة جدية» في الضفة الغربية وقطاع غزة غير قيادة منظمة التحرير'**". أما 

(124) للاطلاع على الترجمة الإنكليزية لنص البيان انظر: ,منم8 اع0ل همه ممساءما بمصطعمة 


,(1989 ,كوعمط 0«ا طاناه5 تمماكم8) «وألممبعء0 ذأعه؟ل اكسصامعه ومتعاعونا ««وا«أاععاوط 11 نملهلاا”! ,.كلء 
.328-329 .م 


(25) .199 راعوط رماع دراجزعه1! 


5202 


19م 


حركة المقاومة الإسلامية - حماس» وهي جناح من أجنحة الإخوان المسلمين 
يعتقد أعضاؤه أن «#أرض فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين 
إلى يوم الدين»» ويلزمون أنفسهم بحسب «الميثاق؛ الموفّع في 18 آب/ 
أغسطس 1988 العمل على «رفع راية الله على كل شبر من فلسطين»» فلم 
تكن قد اكتسبت ذلك الوزن الذي صار لها بعد عام 1990**'©. وكانت حركة 
الجهاد الإسلامي؛ وهي جماعة أصولية لها رؤى مشابهة لكن بداياتها ترجع 
إلى أوائل عقد الثمانينيات» حصلت على تمثيل لنفسها في «القيادة الوطنية 
الموحدة» للانتفاضة في حزيران/ يونيو 8 إن لم يكن أبكر. ومن الأمور 
ذات الدلالة البالغة أن جميع الفصائل المدعومة من سورية ليس لها حضور 
في الأراضي المحتلة. وما كان للأسد أن يغفل عن تلك العوامل كلها. فالطعن 
في شرعية منظمة التحرير أو إضعافها كان أمرّا يحمل في ذاته بذور هزيمته. 

غير أن الأسد كان شديد الصلابة تجاه حرية العمل المسلح لمنظمة 
التحرير في المناطق اللبنانية الخاضعة للسيطرة السورية. واتضح ذلك خلال 
لاو ميليشيات أبي 
موسى في الأول من أيار/ مايو 1988» أي بعد ستة أيام من لقاء الأسد 
وعرفات. واستمر ذلك القتال بشكل متقطع حتى 7 تموز/ يوليو وراح ضحيته 
نحو 174 قتيلا و6635 جريحًا. ومع أن أسباب اندلاعه قد تكون مصالح 
محلية أو توترات بين الفصائلء إلا أن الدعم الذي قدمته القوات السورية 
والمدفعية التي تمت إعارتها لفصيل أبي موسى هما الأمران اللذان أديا إلى 
هزيمة أنصار عرفات وانسحابهم من منطقة بيروت إلى مخيم عين الحلوة 
للاجئين بالقرب من صيدا””*". 

حصل المسلحون من أنصار عرفات على فسحة أخيرة من الوقت من 
جراء صعود سلطة الجنرال ميشال عون في أوساط الموارنة في أيلول/ سبتمبر 


(126) حماس.ء ميثاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس).؛ فلسطين. المادة 6 (ص 6) والمادة 
1 (ص 9). وتصف حركة حماس في ميثاقها (المادة 27. ص 22) منظمة التحرير الفلسطينية بأنها 
«أقرب المقربين إلى حركة المقاومة الإسلامية ففيها الأب أو الأخ أو القريب أو الصديق [....] فوطتنا 
واحدء ومصاينا واحدء ومصيرنا واحد وعدونا مشترك». 

(2127 .9 فصة 8 ,اعوط رمع تاناكما 


8 © والعلاقات العسكرية التي بناها مع العراق» وتحديه المغامر لسورية. 
والواقع أن الهواجس المشتركة وصلات منظمة التحرير بالعراق هما العاملان 
اللذان أنتجا تفاهمًا بين ميشال عون وعرفات: حيث التقى الزعيمان في كانون 
الثاني/ يناير 1989 وخلال الاشتباكات المتكررة بين قوات ميشال عون 
والجيش السوري لم يخف عرفات تأييده للجنرال اللبناني**2. غير أن زيادة 
حجم التواجد العسكري السوري في لبنان نتيجة اتفاق الطائف في 24 تشرين 
الأول/ أكتوبر 1989» وانتصار السوريين على ميشال عون في تشرين الأول/ 
أكتوبر 1990 في أثناء أزمة الخليج وتعزيز السيطرة السورية على لبنان بفعل 
«معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق» السورية ‏ اللبنانية في 22 أيار/ مايو 
1 كلها أعلنت نهاية الوجود الفلسطيني المسلح المستقل في لبنان» بكل 
ما تحمله كلمة نهاية من معنى. وبقي مع ذلك مقاتلون من منظمة التحرير في 
ذلك البلد. لكنهم ما عادوا يمتلكون أسلحة ثقيلة» وبات عملهم محصورًا 
ضمن حدود ترسمها لهم سورية» إلا إذا كان نشاطهم سريًا. 

كذلك لم يتنازل الأسد البتّة في شأن مسألة مركزية أخرى طالما كان لها 
أثر الشد والجذب في العلاقات الفلسطينية ‏ السورية وهي» على وجه التحديد 
ميل منظمة التحرير إلى القيام بمبادرات دبلوماسية مستقلة. وظل في هذا 
الصدد متمسكًا على الدوام بالموقف الذي حدده في مؤتمر حزب البعث في 
عام 1985. حيث أعلن حينها بوضوح موقفه القائل إن قضية فلسطين ليست 
قضية الفلسطينيين وحدهم» وإن شعب سورية ظل «عشرات السنين؟ يجند 
«كامل طاقاته البشرية والاقتصادية والعسكرية» في خدمة القضية الفلسطينية» 
وإن رفع شعار «القرار الوطني الفلسطيني المستقل» هو #بدعة» «يريدون [منها] 
أن يفرغوا قضية فلسطين من مضمونها العربي2'*”0. لكن كان ذلك» من وجهة 
نظر فتح؛ يدل عمليًا على أن مصالح نظام الأسدء أو في أحسن الأحوال 
مصالح سورية» تتقدم على مصالح منظمة التحرير أو مصالح الشعب 
الفلسطيني. ذلك أن قادة فتح أضحوا حينها يشكون كل الشك في عبارات 


(128) .15/12/1989 قصة ,27/11/1989 :عمط «منوسانزكه1ا 
(129) حزب البعث العربى الاشتراكى. القيادة القطرية» تقارير المؤتمر القطري الثامن ومقرراته» 
التقرير السياسى» ص 107-104. 


52/04 


الأسد القومية التي صارت في رأيهم أقرب ما تكون في طبيعتها إلى أداة من 
أدوات التلاعب أو الانتصار اللفظي الرتيب لرمزية بعثية. ومن العوامل الأكيدة 
التي شكلت حافزًا للأسد على هذا الصعيد قناعته الراسخة بأنه ما دام ميزان 
القوى الإقليمي مائلًا لمصلحة إسرائيل فإن الدبلوماسية لن تسفر عن نتائج لها 
أهمية تذكر - ومن هنا كان مفهومه عن «التوازن الاستراتيجي» مع إسرائيل - 
وأن الخطوات الدبلوماسية المنشردة لمنظمة التحرير ستصب في مصلمة 
إسرائيل» وقد تؤدي إلى المزيد من الفرقة بين العرب أو أنها ستضعف موقف 
سورية ة التفاوضي. 

في العمقء فإن تباعد الرؤى بين الأسد ومنظمة التحرير» وكذلك اختلاف 
رديهما على قوة إسرائيل» يرجعان كلاهما إلى عدم تشابه موقفيهما 
الموضوعيين. كان الأسد في موقف يسمح له بأخذ ما يحتاج إليه من وقت 
حتى يتمكن من تحقيق التوازن الاستراتيجيء أو على الأقل» ميزان قوى لا 
يميل بشكل كارئي لمصلحة إسرائيل. أما جمهور منظمة التحرير» أي الشعب 
الفلسطيني» فكان» ولا يزال» مكبلا في أرضه وخارجها على حد سواءء وكان 
يتحمل يوميّاء ولا يزاله وطأة قوة إسرائيل. وبقدر ما يتعلق الأمر بمنظمة 
التحرير فإن انعدام الفاعلية ستكون عقوبته موتها. لذلك فإن الظروف المعيشية 
لشعبها وغريزتها في الحفاظ على ذاتها كانا أمرين أجبراها على بذل كل ما 
تملكه من جهد على الصعيد الدبلوماسي لأن خيارها العسكري ضاق كثيراء 
ويرجع معظم الفضل في ذلك إلى جهد الأسد نفسه. 

في كل حالء كان من الممكن تلمّس نبرة عدم ارتياح سورية خفيضة في 
إثر تصاعد نشاط عرفات الدبلوماسي في أواخر عام 1988. فقد استقبل الأسد 
ببرودة الخطاب الذي ألقاه رئيس منظمة التحرير أمام الجمعية العامة للأمم 
المتحدة في جنيف في 13 كانون الأول/ ديسمبرء ودان فيه «الإرهاب بكل 
أشكاله؛ بما في ذلك إرهاب الدولة»؛ كما أعلن قبوله قراري مجلس الأمن رقم 
2 ورقم 338» وأعلن التزام منظمة التحرير العمل للوصول إلى «تسوية 
سلمية شاملة بين أطراف الصراع العربي ‏ الإسرائيلي بما في ذلك دولة 
فلسطين وإسرائيل»» ودعا «قادة إسرائيل» و«أهل الكتاب» إلى صنع السلام؛ 

575 


07 


لاسلام الشجعان»» «تحت إشراف الأمم المتحدة213208. ووصف الأسد السياسة 
المعلنة في ذلك الخطاب بأنها سياسة تنازلات» وقال: «نحن لو كنا مكانه [أي 
مكان عرفات] لمارسنا أسلوبًا آخر. ولو رأينا أن الأسلوب ذاته هو الأسلوب 
الأفضل لسلكناه. لم نسلك هذا السبيل لأننا لا نعتقد أنه أفضل الطرق إلى 
السلام20”.6 وأثار خطاب عرفات نقدًا أكثر حدة من المنظمات الفلسطينية 
الخاضعة للنفوذ السوري» فشجب أبو موسى من الفصيل المنشق عن فتح ذلك 
الخطاب واصقًا إياه بأنه «خيانة». وكذلك دانت منظمة الصاعقة عرفات بسبب 
«خضوعه للمطالب الأميركية الابتزازية» ولاعترافه المجاني «بوجود الكيان 
الصهيوني00200, 1 

اتسمت ردة فعل الأسد على «الحوارة الذي أطلقه خطاب عرفات بين 
الولايات المتحدة ومنظمة التحرير بشيء من التناقض. فبدا أولّا كمن ساورته 
الهواجس في شأنه» لكنه عاد ينظر إليه في آذار/ مارس 1989 بوصفه «خطوة 
إيجابية213:!0. وعلى أي حال» وصل الحوار إلى طريق مسدودة حتى قبل أن 
يعلق في حزيران/ يونيو 1990. وفي الحقيقة» بدا عرفات كما لو أنه؛ بمبادراته» 
قد ألقى بأهم أوراقه على الطاولة» ولم يضمن أي شيء بالمقابل» كما توقع 
منتقدوه. 


لم يكن أمرًّا غير ذي شأن أن تكون سورية هي البلد العربي الوحيد الذي 
لم يعترف بالدولة الفلسطينية التي أعلنها المجلس الوطني الفلسطيني في 15 
تشرين الثانى/ نوفمبر 1988» وهذا ما تعمّد الإشارة إليه أحد أعضاء اللجنة 
التنفيذية لمنظمة التحرير في شباط/ فبراير 22201١‏ 


(130) للاطلاع على الترجمة الإنكليزية لكلمة ياسر عرفات» انظر: مدعاة باردرعظ نزانوط» ,5815 
,3-10 .مم ,14/12/1988 «رقتكة طاناه5 لصة أكدظ. 


(131) مقابلة حافظ الأسد مع: 40-4 .وم ,28/3/1989 ,215:6 
(132) ,16/12/1988 لصه ,5 .م ,15/12/1988 «بهتقة طاناه5 لمة أكو8 موعلة باممرعظ برأزوط» :2815 
10 


(133) مقابلة حافظ الأسد مع : سه امد عوءلة باعموع12 نزانه» :2815 له ,40 .م ,28/3/1989 ,2116 
.0 .م ,16/12/1988 لشة ,5 .م ,15/12/1988 «بواكف طأانامع 


(134) تصريح لعبد الله حوراني: ,9 .م ,16/2/1989 ,17:6 


فتح صفحة جديدة؟ 


مع التقلبات الحرجة في بنى علاقات القوة إقليميًا ودوليًا في مطلع عقد 
التسعينيات؛ لم يعد بإمكان منظمة التحرير والنظام السوري أن يستمرا في 
الشد باتجاهين مختلفين» أو أن يتابعا السعي وراء أهداف متضاربة من دون أن 
يكون في ذلك قدر من المجافاة للحس السليم. فانهيار الاتحاد السوفياتي» 
وما ترتب عنه من نقص في إمداد سورية بأسلحة متطورة؛ وتدمير معظم 
قدرات العراق على يد الآلة العسكرية الأميركية خلال حرب الخليج» والكسب 
الواضح الذي حققته إسرائيل من هذه التطورات» هذه الأمور كلها أبرزت 
الحاجة الماسة إلى تنسيق الجهد. على الجبهة الدبلوماسية على الأقل. وكان 
لبحث منظمة التحرير عن التوافق مع سورية دوافع أخرى تتمثل في تفاقم 
سوء أوضاع الشعب الفلسطيني» والضرر الذي أصاب موتقفها نفسه بفعل شدة 
قمع سلطة الاحتلال بقيادة الليكود؛ وهجرة اليهود السوفيات واسعة النطاق 
إلى إسرائيل» وعمليات الطرد الكاسحة للعمال الفلسطينيين وعائلاتهم من 
الكويتء والانخفاض الحاد في حجم تحويل الأموال إلى الضفة الغربية 
وقطاع غزة» وتجميد ملوك دول الخليج وأمراؤها المساعدات المقدمة إلى 
منظمة التحرير ردًا على موقفها المتناقض في أثناء حرب الخليج. وازدياد 
نفوذ المنظمة الأصولية المنافسة لهاء أي حركة حماس» بفعل استمرار وارداتها 
المالية من الخارجء وقدرتها على تقديم الخدمات الاجتماعية» وعدم الفاعلية 
الفاضح لسياسة «التنازلات المجانية؛ التي اتبعتها منظمة التحر ير بين عامي 
8 و1990. 

أخيرّاء استعادت سورية ومنظمة التحرير علاقاتهما د 
1 ,© أي بعد نحو ثلاثة شهو شهور من انتهاء حرب الخليج. وفي 20 تشر 
الأول/ أكتوبر التقى الأسد وعرفات في محاولة لصوغ موقف م*ء ا 
مفاوضات مؤتمر مدريد للسلام الذي اقترحته الولايات المتحدة. والتقيا 
لاحمًا في اجتماعين اثنين» الأول في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر لتبادل وجهات 


النظر في شأن الجولة الأولى من المحادثات. والثاني في 19 نيسان/ أبريل 
3 بناء على طلب الأسد الذي كان تواقًا لإعادة الحياة إلى عملية السلام 


577 


وإنهاء أربعة شهور من الجمود في مسألة إبعاد إسرائيل لنحو أربعمئة فلسطيني 
إلى منطقة مقفرة في جنوب لبنان'*7". 


ياسر عرفات يمضي في سبيله 

إذا كانت حدة انعدام الثقة بين منظمة التحرير والنظام السوري قد خفت 
فإنه لم ينته تمامًا. وفي سياق محادثات السلام (ونذكر هنا أن القيادة في 
إسرائيل بين حزيران/ يونيو 1992 وأيار/ مايو 1996 كانت لحزب العمل» 
وهو حزب أكثر اعتدالا وأقل تصلبًا من حزب الليكود) حاول الإسرائيليون 
الاستفادة من انعدام الثقة ذاك» فكانوا يوحون تارة أنهم سيختارون عقد صفقة 
مع الفلسطينيين من دون علم السوريين» ويوحون تارة أخرى أنهم سيتبعون 
استراتيجية «سورية أولَا» في التفاوض تاركين الفلسطينيين يحتارون في شأن 
ما يدور. 

في بادئ الأمرء لم يسمح الفلسطينيون ولا السوريون للإسرائيليين 
بالتلاعب بهم بعضهم ضد بعض. ورفض الأسد علنًا الصفقات «المنفردة» أو 
«الجزئية» والحلول «الانتقالية» أو «أنصاف الحلول»؛ وأصر على «سلام شامل 
مقابل انسحاب كامل» من مرتفعات الجولان والأراضي العربية المحتلة 
الأخرى**'2. وعلى الرغم من تمسكه الدائم بهذه الصيغة» فإنه أبدى استعداده 
في أيار/ مايو 1993 للقبول بإمكانية السير بسرعات مختلفة في مسارات 
التفاوض المختلفة. كما ألمح إلى استعداده ‏ في حال أدى ذلك التفاوت في 
السرعات إلى التوصل إلى اتفاق في أحد المسارات قبل غيره ‏ لدراسة إن 
كان التوقيع على اتفاقات ثنائية سيخدم المصلحة الجماعية لكل الأطراف. 
لكنه ربط ذلك بوجود «ضمانات» بإحراز تقدم ممائل على المسارات الأخرى 
كلّهاء وأضاف قائلا: «كذلك ستؤخذ عوامل أخرى في الاعتبار)”*2. 


(2)135 .1/5/1993 لمة ,22/4/1993 قمة 20 :10/1991 21 عمط وميوسلزعم1ا 
(2136 .5 .م ,1/3/1993 رعع:م17 مسري 
(137) مقابلة حافظ الأسد مع باتريك سيل» الوسط (لندن)» العدد 67 (10 أيار/ مايو 1993)» 
ص 14 و17 
508 


اكاك اللا يتن 


أما عرفات فمضى في نهاية المطاف في سبيله معتمدًا على نفسه»؛ وسمح 
بإجراء محادثات طويلة مع إسرائيل عبر قنوات جانبية في النرويج في عام 
3 .» وهى محادثات كتمها لا عن سورية وبقية الدول العربية وحسبء بل 
عن معظم كبار مساعديه أيضًا. وأفضت تلك العملية إلى التوصل إلى مسودة 
اتفاق في أوسلو في 19 آب/ أغسطس في العام ذاته. وأعلن عنها في 1 آب/ 
أفبطين: كما أفضت إلى تبادل رسائل تضمنت اعتراقًا متبادلا بين إسرائيل 
ومنظمة التحرير في 9 أيلول/ سبتمبرء وإلى توقيع «إعلان مبادئ» في واشنطن 
بعد أربعة أيام بشأن حكم ذاتي فلسطيني محدود. ولاحمّاء تمخضت عملية 
التطبيق عن ثلاث اتفاقيات مرحلية» أولاها تلك الموقعة فى 9 شباط/ فبراير 
4» وحددت صلاحيات السلطة الفلسطينية والترتيبات الأمنية لسلامة 
المستوطنين اليهود فى غزة وأعطت للإسرائيليين السلطة النهائية على المعابر؛ 
وثانيتها تلك الموقعة فى 4 أيار/ مايو 1994» ونصت على انسحاب القوات 
الإسرائيلية من أريحا وقطاع غزة» وفصلت السلطات التي سيتمتع بها الفلسطينيون 
في تلك المناطق؛ وثالثتها تلك الموقعة في 28 أيلول/ سبتمبر 1995 التي 
ألزمت إسرائيل توسيع سلطة الفلسطينيين على شؤونهم الداخلية في الأحياء 
العربية من مدينة الخليل» وفى كل المناطق الحضرية من التجمعات السكانية 
الأخرى في الضفة الغربية» وفي القرى العربية المحيطة بتلك المناطق حيث 
يكون لإسرائيل حق النقض أو الفيتو على كثير من وظائف الحكومة المهمة» 
كما ترجع إليها «المسؤولية النهائية؛ في المناطق الريفية» ويستمر وجودها 
العسكري في مناطق كثيرة من الضفة الغربية» مع إقامة صلات بين الأجهزة 
الأمنية للطرفين**". أما القضايا الشائكة ‏ أي تحويل السلطة الفلسطيئية شبه 
المستقلة إلى دولة ذات سيادة» ورسم الحدود النهائية مع إسرائيل» ووضع 
القدس الشرقية» ومستقبل المستوطنين اليهود في الضفة الغربية؛ ومصير ملايين 
اللاجئين الفلسطينيين - فتقرر تأجيلها إلى مفاوضات الحل النهائي المستقبلية» 
لكن وصول كتلة الليكود القومية المتطرفة إلى السلطة في عام 1996 جعل 
إمكانية إيجاد حل لها عن طريق المفاوضات عرضة للخطر. 


(138) للاطلاع على مقتطفات من أكثر الاتفاقيات أهمية أو بعض الإضاءات عليهاء انظر: 
.9/1995 لمة ,5/5/1994 14/9/1993 لهة ,10 1٠‏ ,اعمط ماع اطعه لا 


509 


من الواضح أن طرائق عرفات في التفاوض تختلف اختلاقًا ملحوظًا عن 
طرق الأسد الذي لن يوا على أي صفقة مع إسرائيل إلا إذا حددت تفاصيل 
كل خطوة وشروطها وكذلك النتيجة النهائية تحديدًا دقيقًا وبشكل مسبق. 
ولكن يمكن تفسير النهج المختلف لعرفات ذاك أساسًا بموقفه الموضوعي 
المختلف وبمشكلات الشعب الفلسطيني الملحة ومعاناته الشديدة. 
كما هو متوقع؛ أظهر الأسد استياءه من عدم اطلاعه على مفاوضات 
منظمة التحرير السرية مع إسرائيل في عام 1993. وأما بالنسبة إلى نتائجهاء 
فشعر فعلًا أن عرفات بفكه الارتباط بين المسارين السوري - الإسرائيلي 
والفلسطيني ‏ الإسرائيلي سمح لإسرائيل أن تمسك بالأوراق الرابحة. وقال 
في معرض التعبير عن رأيه في 20 أيلول/ سبتمبر 1993 إن منظمة التحرير 
خسرت كما خسر العرب» ولم يربح سوى إسرائيل”**". لكنه كان قد 
وافق على استقبال عرفات في دمشق قبل أسبوعين» في 5 أيلول/ سبتمبر» 
أي قبل تبادل رسائل الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير» 
وألمح إلى أنه لن يعارض الصفقة شريطة أن يضمن عرفات مساندة الشعب 
الفلسطيني الذي يحترم حقه في اتخاذ قراراته بئفسه”*". وفي غضون ذلك» 
تابع دعمه لا لجماعة أحمد جبريل التي أكدت في 10 أيلول/ سبتمبر أن 
«رحلة عرفات ستتتهي نهاية بائسة» فحسبء بل للفصيل المنشق عن فتح 
بقيادة العقيد أبي موسى الذي اتهم في اليوم ذاته عرفات ب«الخيانة» وأحل 
«سفك دمه)2)1451(7, 


لعل أكثر ما يوضح تكتيكات الأسد المعقدة والمرنة هي تلك «الصلات 
الودية» التي أقامها بحركة حماس الأصولية التي رفضت محادثات السلام 
بقضها وقضيضهاء وتشبثت برؤيتها القائلة إن «فلسطين أرض إسلامية من 
البحر إلى النهرء لا يصح التفريط بأي جزء منها... من قبل أي منظمة... أو 


(139) مقابلة حافظ الأسد مع محرر صحيفة الأخبار (القاهرة) كما وردت في: ,اعمط ان0اع1ف/كه[ا 


2/11/1 
(2140 .1993 ,اعوط رماع اابأعم1ا 
(141) للاطلاع على مقتطفات من بيانات أحمد جبريل وأبى موسىء انظر: ,اعمط «ملعابلعه7ة 
.11/9/1993 


0 "ظ52 


حاكم. أو كل الحكام26*©. وعندما سئل الأسد عن صلاته بحركة حماس 
أجاب: «لا غرابة فى الأمر. قوى مختلفة لكل منها رؤيتها الخاصة المتميزة 
تشترك في لعبة. ويحصل أحيانًا أن العوامل المشتركة: أو على الأقل غياب 
التناقضات؛ تسمح لهذه القوى بأن تتعايش... أو تتعاون»2*9. 

أما بالنسبة إلى المحادثات السورية ‏ الإسرائيلية» فوافق الأسد على 
استئنافها في عام 1994» لكنها ظلت تسير ببطء شديد منذ ذلك العام حتى 
الانتخابات الإسرائيلية في أيار/ مايو 1996 من دون أن تسفر عن نتيجة» على 
الرغم من أن النهج الذي اتبعه لم يكن يخلو من المرونة. وهكذا وصف 
السلام مع إسرائيل بأنه «خيار استراتيجي» بالنسبة إلى سورية؛ ودعا إلى 
«علاقات سلم عادية») و«سلام حقيقي) يضمن «مصالح الجميع!» وذلك في 
كلمة ألقاها في جنيف في 16 كانون الثاني/ يناير 1994 بحضور الرئيس 
الأميركي بيل كلينتون**". كما وافق في مرة أخرى» في أواخر عام 1994 
وفي عام 5 » على تطوير الحوار ليشمل مفاوضات مباشرة بين وفدين 
رفيعي المستوى يضمان رئيسي الأركان في البلدين لبحث مسائل تفصيلية 
كالمناطق الآمنة والمناطق منزوعة السلاح, لكنه أصرء من خلال وزير 
خارجيته» على أن تكون الترتيبات «متوازنة ومتوازية ومتساوية»2459. 


في بداية الأمرء كل ما استطاع الأسد أن يأخذه من رئيس الوزراء الراحل 
إسحق رابين» من خلال الإسرائيليين الذين شاركوا في المفاوضات» هو 
التزام بانسحاب «جزئي» أو «مرحلي؟ من مرتفعات الجولان مقابل «سلام 


(142) عبرت حماس عن هذه الرؤية بهذه الصيغة في بيانها رقم 73 في 21 نيسان/ أبريل 1991. 

(143) مقابلة حافظ الأسد مع باتريك سيل» الوسطء العدد 67 (أيار/ مايو 1993)؛ ص 17 و18. 

(2144 3 ,اعمط «رماع ناوهلا 

وفي مقالة في آذار/ مارس في صحيفة الشورة؛ ربط رئيس تحريرهاء عميد خولي, بين «الموقف 
الواضح» لحافظ الأسد في جنيف وتأكيد الرئيس بيل كليئتون أن الولايات المتحدة كانت «مخلصة في 
سعيها إلى تحقيق تسوية شاملة وعادلة»» لكنه تذمر من فشل بيل كليشون في دعم ذلك «بأي خخطوة 
عملية» بسبب «الضغوط الشديدة؛ عليه من إسرائيل وأنصارها في الكونغرس؛ صحيقة الثورة» 
١و4‏ 1 

(2)145 .1195 لفسة ,8/4/1995 :30/12/1994 ,اعمط مع ستطعه 1 


5851 


الل هد 


كامل)2*29, ويبدو أن رابين وافق لاحقًا بشكل سريء في تموز/ يوليو 94 
على انسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان حتى «خطوط 4 حزيران/ يونيو 
7؛» وذلك كما ورد على لسان الأسد وعلى لسان سفيره إلى الولايات 
المتحدة في عام 2*71996©. كما يبدو أن ثمة ما يؤكد ذلك في تقرير بثته 
إذاعة الجيش الإسرائيلي في أيلول/ سبتمبر 1994 مفاده أن إسرائيل وافقت 
على انسحاب كامل من الجولان؛ خلال ثلاث سنوات. غير أن رابين قال 
في 8 أيلول/ سبتمبر في «توضيح» علني لذلك البيان: «لسنا مستعدين لإلزام 
0 
التي سيستغرقها ذلك". وتابع قائلا: «وهذه المدة يجب أن تكون أكثر من 
ثلاث سئوات. لأن مدة الثلاث سنوات تتعلق بالخط الأول فقط»0**'©. وخلال 
المراحل المتتالية من المحادثات ظل رابين» ومن بعده شمعون بيريز»ء يربطان 
كل ما يوافقان عليه بمزيد من الشروط المسبقة من قبيل إجراء «استفتاء» 
للإسرائيليين على أي انسحابء وإقامة نقطة مراقبة على جبل حرمون 
الاستراتيجي في الجولان» والسيطرة على موارد المياه في الأراضي المحتلة» 
وبالتالي دفع حدود إسرائيل إلى الشرق من خط الحدود الحالي؛ وكانت هذه 
الشروط المسبقة كلها تأتي بدورها مشروطة دائمًا بموافقة السوريين المسبقة 
على تلام كامل يجري على مراخل» وعلاقات دبلوماسية وحدود مفتوحة 
وحرية حركة الأفراد والبضائع. وغيرها من المتطليات 215 


تعرض الموقف الإسرائيلي لنقد شديد في الصحافة السورية» حيث أبدت 
صحيفة الثورة عداء خاصًا لتأكيد رئيس الوزراء إسحق رابين في عام 1995 أنه لن 
يتخلى عن «ستتيمتر واحد من الجولان؟ إلا بموجب استفتاء الإسرائيليين على 
ذلكء وقالت إن #عرض الجولان على الاستفتاء» وهو أرض سورية محتلة... يشكل 


(146) انظرء على سبيل المثال: .1994 ,اعوط وماج اكه[ 

(147) للاطلاع على نص ملاحظات السفير وعلى مقتطفات من تصريح حافظ الأسدء انظر: 
مجلة الدراسات الفلسطيتية» المجلد 6» العدد 29 (شتاء 1997). 

(20148 4 راعوط ,رماع جرا(كم1! 


(149) :30/6/1994 ,11 :16/3/1995 هه ,15 ,14 :30/12/1994 ,29 ,19 ,4 :عمط و«معمازعهلا 
.16 لمة ,17/12/1995 ,4 :15/7/1994 


562 


استخفاقًا بقرار مجلس الأمن الذي اعتبر قرار ضم إسرائيل للجولان باطلًا 
ولاغيّاة”؟'". وفي شباط/ فبراير 1996 استنكرت صحيفة تشرين «الإشارات 
الإسرائيلية المتناقضة؛ و«الشروط التعجيزية» التي تطرحهاء والتي لن تؤدي إلا إلى 
إعاقة عملية السلام””"2. لكن رفض الأسد أن تباشر سورية إجراءات التطبيع بالتوازي 
مع مجرد انسحاب جزثي وفي غياب التزام إسرائيلي واضح بالانسحاب الكامل من 
الجولان» وقرار رئيس الوزراء الجديد شمعون بيريز بالدعوة إلى انتخابات إسرائيلية 
في أواخر أيار/ مايوه ساهما أيضًا في تجميد العملية. ثم جاء صعود بنيامين نتنياهو 
بن خزرب اللكره إلى الجلطة::وزنضه فيض الأرضن مقائل السلام» ذاقنا من 
فرص الوصول إلى أي تفاهم بين سورية وإسرائيل في المستقبل المنظور. 


التعاون محددا 


سرعان ما أدى استلام حزب الليكود زمام الحكم في إسرائيل إلى ظهور 
صعوبات جديدة أمام الفلسطينيين» وبروز عقبات جديدة في الطريق نحو 
السلام الذي سبق لعرفات وبيريز أن مهداه جزئيًا. 


بالعودة بالتاريخ إلى الوراء» إلى 2 كانون الأول/ ديسمبر 1948» يومها 
وردت إلى صحيفة نيويورك تايمز رسالة مفتوحة موقعة من 28 شخصية يهودية 
أميركية مرموقة؛ من بينهم العالم الكبير ألبرت آينشتاين» توضح أن حزب 
حيروت ‏ وكان يقوده حينها مناحيم بيغن وبات المكون الرئيس لليكود ‏ هو 
«حزب سياسي يشبه من حيث تنظيمه وأساليب عمله وفلسفته السياسية ودعوته 
الاجتماعية الأحزاب الفاشية والنازية». ومضت الرسالة تقول عن هذا الحزب 
«إنه يبشر داخل المجتمع اليهودي بأفكار هي مزيج من القومية المتعصية 
والتصوف الديني والتفوق العنصري»**'. وفي ذلك ما يصف بصدق طبيعة 


(150) الثورة, 30/ 5/ 1995. 

(0 )تشرين. 2/4/ 1996. 
(21252 .4 ,كه :110 عجولا بولا 
اهتديت إلى نص هذه الرسالة بفضل مراجع كتاب: 1786 ,الوه .8 مدائباه2 مه الد8 .إلا عورمء 
إلا .ذا بعارولا بجع1١)‏ ادرعئع,8 عم وا 947[ ,أمهدكط لاطا لالعجرء نا أمباول ؤموعأسء م4 اجر اماععاال عاوسمأئجوط 
200-01 .مم ,(1992 برقمارملة 


563 


سلوك العناصر القومية المتعصبة في الحزب تجاه الفلسطينيين» في تلك الأيام 
وفي ما بعدء ونهجهم في الأراضي المحتلة منذ أن استلموا السلطة مجددًا في 
أيار/ مايو 1996. 


من خلال «الوقائع» التي تواصل حكومة إسرائيل بقيادة حزب الليكود 
إيجادها على الأرض فى القدس الشرقية العربية ‏ مثل مصادرة الأراضي 
العربية؛ وتسريع عملية إزالة منازل العرب ”غير المرخصة»؛ وزيادة عدد 
المستوطنين اليهود؛ وتدمير مأوى للعجزة تعود ملكيته إلى العرب؛ وإغلاق 
المؤسسات العربية التي تقدم الأموال الضرورية بشكل ملح لترميم المنازل؟ 
وشقٌ نفق تحت المسجد الأقصى في ساعات متأخرة من الليل؛ والسعي 
الحثيث إلى تنفيذ مشروع مستوطنة لنحو 30 ألف يهودي في منطقة تقع في 
الجزء العربي من المدينة تدعى جبل أبو غنيم؛ أو هارحوما كما يدعونها 
بالعبرية ‏ فإنه من الصعب تفادي استتتاج أن هذه الحكومة تسعى إلى فرض 
إرادتها على الفلسطينيين بالقوة وأنها تتتحل لنفسها السيادة الكاملة في القدس» 
على الرغم من أن معظم دول العالم لا تزال تنظر إلى القدس على أنها مدينة 
متنازع عليهاء وأن مصير الجزء الشرقي منها سيتقرر في محادثات الحل النهائي 
وفقًا لاتفاقيات أوسلو. 


على نحو مشابه» فإن قيام إسرائيل بإعادة نشر قواتها بموجب بروتوكول 
الخليل فى 15 كانون الثاني/ يناير 1997» وانسحابها من نحو 80 في المئة 
فقط من الخليل» واحتفاظها بسيطرة أمنية كاملة على الجزء الباقي» إضافة إلى 

منع الفلسطينيين منعًا اناه بموجب أمر عسكريء من تشييد أي بناء أو ترميمه 
في هذا الجزء الذي يضم المدينة القديمة كلها ويشكل الفلسطينيون الأغلبية 
الكبرى من سكانه» كل ذلك يشير إلى أن مصالح وحاجات نحو 120 ألف 
فلسطينى من سكان المدينة هى» من وجهة نظر الحكومة التي يقودها الليكود. 
أقل أهمية من مصالح ومشاعر نحو 450 مستوطنًا يهرديًا05. 

(153) للاطلاع على خلاصة لبروتوكول الخليل والأمر العسكري المشار إليه انظر: مجلة 


الدراسات الفلسطينية» المجلد 8: العدد 30 (ربيع 1997). يرجع عدم الدقة في أعداد الفلسطيتيين إلى 
عدم إجراء أي إحصاء للسكان في الضفة الغربية منذ عام 1967. 


4ظ50 


19م 


في تناقض صارخ مع المعاملة القومية المتعصبة وقصيرة النظر التي 
يعامل بها بنيامين نتنياهو الفلسطينيين» جاءت دعوة رئيس الوزراء الأسبق 
شمعون بيريز في 17 أيار/ مايو 1998 إلى اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية» 
وقال: «لا يحق لنا أخلاقيًا في أن نسيطر على شعب آخر. إنهم جديرون بأن 
يكون لهم حياتهم واحترامهم واستقلالهم)59", 

تلك الظروف الجديدة؛ وعدم التخلي للسلطة الفلسطينية إلا عن قدر 
محدود من الحكم الذاتيى في جيوب صغيرة منعزلة وغير متصلة بعضها 
ببعض؟ وإصرار بنيامين نتنياهو على استبعاد قيام دولة فلسطينية» وعلى التراجع 
عن القيود التي وضعتها حكومة حزب العمل على توسيع المستوطنات 
اليهودية في الضفة الغربية*؟'»» وعلى زيادة مصادرة أراضى الفلسطينيين من 
أجل إنشاء الطرق الالتفافية والمناطق الآمئة حول تلك المستوطنات» وعلى 
فرض تفسيره الخاص للاتفاقيات السابقة ورؤيته الخاصة للجدول الزمنى 
للانسحايات القادمة ومداهاء أو على حد تعبير عرفات #تحويل المفاوضات 
إلى إملاءات2**8؛ وأخيراء محاولة نتنياهو تحويل قوات الشرطة التابعة 
للسلطة الفلسطينية إلى ذيل للجيش الإسرائيلي وتكليفهاء على حد تعبير 
صحيفة تشرين السورية» «بدور كدور» جيش أنطوان لحد المدعوم من إسرائيل 
في المنطقة التي أعلنتها إسرائيل من طرف واحد «منطقة آمنة» في جنوب 
لبنان” 217‏ هذه العوامل كلها دفعت عرفات إلى إصلاح الأمور بينه وبين 
الأسد. فبادر عرفات في 25 تموز/ يوليو 1996» بوسباطة مصرية» إلى لقاء 
الرئيس السوري في اللاذقية. واتفق الاثنان على الحاجة إلى موقف عربي 
موحد خلال المرحلة القادمة من عملية السلام. كما ساند عرفات رغبة سورية 
الدائمة في انسحاب إسرائيلي كامل من مرتفعات الجولان» في حين أعرب 


(2)154 .8/5/1198 ,اعوط ماع« ركذا 
(155) بدت هذه السياسة» حتى بالنسية إلى ثمانية من كبار مساعدي ساسة أميركيين سابقين من 
بينهم ثلاثة مستشارين لثلاثة وزراء خارجية» «سياسة معيقة تمامًا لهدف الوصول إلى حل تفاوضي». 
انظر: .996 ,اقوط :نماو ارارأعم اا 
(2)156 .7 راحمط ماع العملا 
(157) تشرينء العدد 6770 25/ 3/ 1997؛. ص 1. 


5855 


الأسد عن تأييده لأمل الشعب الفلسطينى في إقامة دولته على كامل أراضي 
الضفة الغربية وقطاع غزة وأن تكون القدس الشرقية عاصمة لها؟'©. ولعل 
الأسد كان يقف ضد قبول عرفات ببروتوكول الخليل المرحلي غير المتكافئ» 
لكن الزعيمين ظلا متمسكين بقوة بأهدافهما النهائية التي توافقا عليها. 


بعض الاستنتاجات 


أي ضوء تسلطه تفاصيل العلاقات بين الأسد والاتجاه السائد في فتح 
بين عامي 6 و1997 على صفات الأسد وأهدافه وأساليبه؟ 

تؤكد تلك التفاصيل صورته قائدًا ذا موهبة خاصة في التكتيكات السياسية 
وأستاذًا في فن تفريق صفوف الخصوم وضرب بعضهم ببعض لما فيه مصلحته 
النهائية. وفي لبنان الذي كان مسرحًا لصدامات متكررة في المصالح بين فتح 
والنظام السوري» قام الأسدء كما تقدم شرحه بإسهابه بالمناوبة بين تقديم 
الدعنم رنوسيه الشربات بوسائل باثيرة أو يجاتوية لكل طرف من الأطراف 
الرئيسة في الحرب الأهلية» وشق صفوف كل طرف من طرفي النزاع» ملحمًا 
الضعف في غضون ذلك بكلا الفريقين ومغيرًا ميزان القوى المحلي لمصلحته. 
وعلى نحو مشابه فإنه لما واجه صعوبة في إخضاع منظمة التحرير لغاياته» 
نشَّط الفصائل الفلسطيئية التابعة لهه وحاول من خلالها استمالة التنظيمين 
الفلسطينيين المستقلين» أي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة 
الديمقراطية لتحرير فلسطين» بغرض زعزعة فتح وشل دورها القيادي؟ وعندما 
سنحت الفرصة أحدث شرا في صفوف فتح نفسها. غير أن الأسد لم يكن 
قادرًا على الدوام على استخدام الفصائل الفلسطينية» حتى المقربة منه لضرب 
فتح ساعة يريد» وهذا ما أثبتته مرحلة بين عامي 1985 و1986 من «حرب 
المخيمات6. وكانت قدرته على التلاعب بتلك الفصائل تزداد عندما تتطابق 
نزاعاتها المتبادلة على نزاعاته مع فتح. 

كذلك فإن تاريخ العلاقات بين الأسد وفتح يولد الانطباع بأنه لا يرتاح» 


(158) بالاستئاد إلى فحوى الاتفاق كما وصفه محمد الحسن في تقرير فلسطين (نشرة دورية 
تصدر عن مركز القدس للوعلام والاتصال: .4 .م 2/8/1996 ,2.8 ,ارمصء!! عارأام أو 


5566 


في المناطق التي يسعى إلى بسط نفوذه عليهاء لحلفاء ليسوا أدوات لديه. أو 
بعبارة أخرىء فإنه يبدو كمن يعتقد أن من كانوا صنيعته هم وحدهم الحلفاء 
المخلصون والجديرون بالثقة. 

في سياق صراع الأسد للسيطرة على لبئان» قام بنسف تحالفات وبناء 
جسور ‏ على نحو متتال تارة وعلى نحو متزامن تارة أخرى ‏ مع مجموعات 
قومية عربية وأخرى انعزالية» ومع قوى علمانية وأخرى إسلامية» ومع أحزاب 
يسارية وأخرى يمينية. ويصعب تفسير اختياره الحلفاء في لحظة معينة أو 
تغيير اصطفافاته إلا بأسباب تتعلق بمسائل سلطوية صرف. على الرغم من أنه 
كان يلبس خطواته دائمًا لبوس القومية العربية. والواقع أنه من الصعب على 
المرء ألا يستنتج أن القومية العربية - بمعنى توحيد الشعوب العربية تمييرًا لها 
من مجرد تنسيق جهد الدول العربية» خصوصًا في مواجهة إسرائيل - قد 
تراجعت على يد الأسد من كونها هدفا أو غاية أو قناعة فكرية لتصبح رمزية 
أكثر منها جوهرّاء أو أنها أصبحت مجرد وسيلة. وعلى أي حالء لم يكن من 
الممكن ‏ في هذه المرحلة من تاريخ العرب على الأقل» وفي ضوء توزع 
القوى الدولي وقوة سورية الذاتية ومواردها ‏ تجاوز تباعد مصالح الأنظمة 
العربية وتوجهاتها ولا صوغ الوقائع والحوادث وفقًا لخطوط قومية عربية. 

تكشف الوقائع التي سبق ذكرها في هذا الفصل عن جانب آخر من 
شخصية الأسد هو قسوته. فعلى الرغم من قدرته على إبداء المرونة في سعيه 
إلى تحقيق أهدافه» وإعطائه فرصة للدبلوماسية» عندما تكون الظروف مواتية» 
لتقوم مقام السلاح في تحقيق العمل المطلوبء فإنه قادر أيضًا على استخدام 
القوة العمياء الشديدة في اللعبة عندما تكون سلطته فى خطرء أو عندما يتعرض 
خط أساس من خطوط سياسته للتحدي. وبين العنف غير المألوف الذي 
تعامل به مع مدينة حماه التاريخية عندما تمرد عليه الإخوان المسلمون في عام 
2 أن رعاياه راحوا ضحية هذا الجانب من سياسته بقدر لا يقل عن 
الفلسطينيين في معركة طرابلس في عام 1983 أو في «حرب المخيمات» بين 
عامي 1985 و1987. وصرخة تلك المرأة الفلسطينية وسط أنقاض المنازل 
وجثئث النساء والأطفال بفعل القصف القادم من المواقع السورية جنوب 
طرابلس هي صرخة لا تنسى: «حافظ الأسد إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين!؟. 


557 


07 


لكن لا مجال للشك فى أن إسرائيل كانت مصدرًا لهواجس الأسد. وأن 
قوتها العسكرية كانت مثار قلقه الدائم على الرغم من أن إضعاف منظمة 
التحرير كان الشغل الشاغل لكليهما في مراحل عدة» خصوصًا في عامي 
6 و1983.» على اختلاف أسبابهما الخاصة. وواقع الأمر أن قدرًا كبيرًا 
من سلوك الأسد تجاه منظمة التحرير يمكن تفسيره بدلالة الهدف الإقليمي 
الذي وضعه لنفسه والذي حاول تحقيقه بعناد بالغ؛ ألا وهو احتواء قوة 
إسرائيل والتوازن معهاء وهو أمر يتطلب في رأيه قدرًا كافيًا من السيطرة على 
القوى الفاعلة في لبنان المجاور أو خاصرته الرخوة بالتعبير العسكري» ذلك 
لأنه كان يدرك أن قوته لا تكفي للتغلب على إسرائيل وأن أي عمل عسكري 
طائش يقوم به عنصر خارج عن السيطرة قد يعرض جيشه لمخاطر لا حد لها. 

على الرغم من نجاحه في أن يصبح الحكم في مصير لبنان» في الوقت 
الحالي على الأقل» ونجاحه في تجريد منظمة التحرير من سلاحها الثقيل 
ومنعها من تأدية أي دور عسكري جدي مستقل في لبئنان» فإنه فشل في 
تحويلها إلى بيدق على رقعة شطرنجه الدبلوماسية. وأحد أسباب ذلك هو 
تلك الشبكة الواسعة من العلاقات التي نسجها قادة منظمة التحرير في العالم 
العربي واستفادتهم من عوامل الغيرة والاحتكاك التي تثير الفرقة بين الحكومات 
العربية. والسبب الآخر هو الانتشار الجغرافى لجمهور منظمة التحرير 
الفلسطينية» أي الشعب الفلسطيني الذي يقيم معظمه بعيدًا عن متناول الأسد. 

من الواضح أن الأسد كان حاضر البديهة شديد الذكاء» ودل النهج الذي 
اتبعه منذ عام 1990 على أنه منفتح على الظروف والمفاهيم الجديدة. 
وأظهرت مشاركته في عملية السلام التي رعتها الولايات المتحدة قدرته على 
المماطلة وتطويع أفكاره في سبيل مواجهة ما يطرأ من أمورء كما يمكن في 
الوقت نفسه ملاحظة نوع من نزعة الشك لديه في ما يتعلق بتنائج المحادثات» 
نظرًا إلى رجحان كفة القوة العسكرية الإسرائيلية والصعوبة الملحوظة في فك 
ارتباط حكومة الولايات المتحدة بمصالح إسرائيل أو انتزاعها من لامبالاتها 
تجاه الحقوق العربية. 

تؤكد تجربة الفلسطينيين (واللبنانيين) كلها مع الأسد ومع الإسرائيليين 


568 


تلك الحقيقة التى أدركها القدماء ‏ آخذين في الحسبان الفارق الذي أحدثته 
المعرفة والمهارات العقلية ‏ عن الدور الذي لا يحسد عليه من لا يملكون 
القوة الكافية أو من لا حول لهم ولا قوة في عالم تحكمه القوة» أو إذا اقتبسنا 
الكلمات التي قيلت في القرن الخامس قبل الميلاد» ونسبها المؤرخ ثوكيديدس 
إلى سفراء أثينا إلى أهل ميلوس: «أنتم تعلمون» ونحن نعلم» بوصفنا بشرًا 
واقعيين؛ أن مسألة العدالة لا تطرح إلا بين أطراف متعادلة في القوة» وأن 
الأقوياء يفعلون ما تمكنهم قوتهم من فعله» وأن الضعفاء يعانون كما تحتم 
عليهم طبيعة ضعفهم0”*''. يبقى ذلك صحيحًا على الرغم من كل الهراء عن 
«النظام العالمي الجديدا. 

في الختامء لا بد لي من تذكير القارئ بأن ما عبّرتٌ عنه من آراء 
واستنتاجات فى هذا الفصلء وغيره من فصول الكتابء. إنما تستند إلى 
المصادر المتاحة» وأن طبيعتها التجريبية أمر لا مفر منه. وكان من الممكن أن 
يؤدي الوصول إلى ملفات النظام السوري الداخلية وملفات الحكومات 
الأخرى إلى تأويلات مختلفة. وحتى لو كان ذلكء. فلا بد من أن نتذكر دائمًا 
أن كل تأويل يحملء ولو من دون قصد. عنصرًا ذاتيًا. وفي هذا الخصوص 
يجدر بنا أن نتذكر تلك الملاحظة التي أوردها المؤرخ الهولندي بيتر جيل في 
عام 1944 عندما قال: «التاريخ... سجال لا ينتهي6". 


(159) ,8 .2 عند نزط ومتلواممهاآ ها لعاتقفظ ,حمه1[ «دلعهوتممماءط عر( كه «ورم ص21 776 ,كع ارعس 
.89 يفقم رلا عأوهظ ,(978|] :[1943] ,دوعر برانويء اونا 50) 0 علوملا بجعلط بوملدمط) عدماكعصالاعآ 
(160) ععتمعه عنلا0 برط طعابت عطا ممم لعاذاكمم] بكجتهوا هسه رمز ,«رمءاممملة ,ابوت عمئماط 
.18 .م ,(1949 ,جوععط نزنأوعء امنا علولا بمعد1] بعل 


5569 


نقطة 207176 


الفصل الخامس والعشرون 
خائمة 


تجنبتٌ استخدام اللغة الأكاديمية في هذا العمل الذي يركز على السمات 
الأساسية للمجتمع الريفي السوري وعلاقاته الداخلية» وعلى الحركة البعثية 
وبنية موازين القوى في هذا البلد بعد عام 1963. ذلك أن تلك اللغة صعبة 
على القارئ العادي» وهي أحيانًا تزيد في غموض الحقائق الراسخة والوقائع 
الخفية المتصلة بها بدلا من توضيحها. كما تفاديت الأحكام التجريدية 
الشاملة» واكتفيت في تحليلي بمستوى بسيط من التعميم. ولم أحاول عقد 
مقارنة بين السيرورات الريفية والسياسية في سورية ونظيراتها في أجزاء أخرى 
من «العالم الثالث». وهي مقارنة ستكون قيّمة بالتأكيد لو تمّتء لكنها تفترض 
معرفة عميقة بكثير من المجتمعات الريفية والسيرورات السياسية فى سياقات 
ثقافية وتاريخية مختلفة» وهي معرفة لا أدعي امتلاكها. 1 


لن يكون من المجدي في هذا المقام تكرار الاستنتاجات كلها ذات 
المستوى البسيط من التعميم التي توصلت إليها في هذا الكتاب. ذلك أن 
القراءة المتمعنة لصفحاته ستكشف بوضوح أن النموذج الذي اتبع في الكثير 
من فصول الكتاب يقوم على الانتقال من التعميم إلى ما يتصل به من أدلة 
تجريبية تؤكده. لذلك سأكتفي الآن بتسليط الضوء على أكثر النتائج صلابة 
وأعمقها دلالة. 

إذا كان ثمة من مسأمة لا تقبل الجدل في شأن المجتمع الريفي في 
سورية فهي أن الفلاحين لم يشكلوا جماعة اجتماعية متجانسة أو متماسكة 
طوال قرون الحكم العثماني وصولَا إلى الفترة التي تلت الاستقلال مباشرة» 

5241 


وهذا ما تجلى بأوضح ما يكون في الثورة السورية الكبرى (1927-1925) 
ضد الانتداب الفرنسيء وكذلك الأمر عندما أسس أكرم الحوراني الحزب 
العربي الاشتراكي في عام 1950. ذلك أن فلاحي سورية كانوا يختلفون 
بعضهم عن بعض من حيث التجربة التاريخية والولاء الديني والأفق الاجتماعي 
والمصالح الاقتصادية» وكذلك من حيث طبيعة استجابتهم لمختلف أشكال 
المتاعب أو الإلحاح أو القمع التي يتعرضون لها على يد ملاك الأرض 
الغائبين أو ملتزمي الضرائب أو المرابين أو شيوخ القبائل الأكبر أو الحكومات 
القائمة. وكما سبق تفصيله في موضعه؛ كان من الممكن التمييز فيهم بين 
المحاصصين والعاملين بأجر والفلاحين ذوي الحيازات الصغيرة أو المتوسطة؛ 
وبين فلاحي الأراضي المشاع المتنقلين والفلاحين ذوي الإقامة الثابتة؛ وبين 
الفلاحين الجبليين الجريئين المقدامين ذوي الخلفية المقاتلة والفلاحين 
المستضعفين قاطنى السهول الذين اعتادوا أنماط المقاومة الحذرة» وبين 
الفلاحين ذوي الروابط العشائرية القوية أو المتراخية والفلاحين ذوي الروابط 
الإقليمية فحسب؛ وبين الفلاحين الذين ينتمون إلى التيار الديني الرئيس السُني 
والفلاحين الذين ينتمون إلى مختلف طوائف «البدع» الإسلامية الأخرى أو 
إلى الديانة المسيحية؛ وبين الفلاحين الذين ينتمون إلى جماعات صوفية 
والفلاحين الذين ليس لهم مثل هذا الانتماء؛ وأخيرّاء بين الفلاحين البستانيين 
الذين تمتعوا بمزايا هذه التركيبة المهنية منذ القرن السابع عشر وربما قبل 
ذلك؛ والفلاحين الزراعيين الذين لم ينظموا لغايات اقتصادية وسياسية إلا في 
العقود الأخيرة. 

انعكس التداخل بين أبرز حوادث هذا القرن العشرين والعمليات التي 
ترجع إلى ماضٍ بعيد في حقيقة أن أكرم الحوراني ‏ وهو أول زعيم سوري 
في التاريخ الحديث ركز انتباهه على الفلاحين وحياتهم القاسية التي لم يكن 
يكترث لها أحدء وسعى إلى التواصل معهم على اختلاف هوياتهم وفئاتهم 
على أمل صهرهم معًا في قوة سياسية فاعلة وتوجيههم نحو التشديد على 
جذورهم العربية المشتركة ‏ هو سليل عائلة من رجال الدين أسست الطريقة 
الصوفية الرفاعية في القرن الخامس عشر في منطقة حماه» وهي طريقة حظيت 
بقبول واسع في الريف السوري بسبب توجهها ابتداءً نحو الفلاحين؛ واجتهادها 


2ظ52 


في خدمة أكثرهم فقرّاء والأصول الريفية لكبار دعاتها السوريين. ولكن يجب 
أن نضيف أن أكرم الحوراني نفسه كان يعارض بشدة ما تشجعه تلك الطريقة 

كذلك؛ لم تكن صدفة تاريخية أن استمد الحوراني وحزبه الدعم الأساس 
فى حماه نفسها من حى العليليات الذي كان يقطنه آنذاك فلاحون بستانيون 
وكان يقع خارج أسوار المدينة أيام العثمانيين. 


مما كانت له أهمية بالغة تشجيع الحوراني لكثير من شباب أعضاء حزبه. 
ممن يتحدرون من أسر ريفية أو حضرية ذات وضع اجتماعي متوسط أو 
متواضع؛ على الانضمام إلى الدراسة المجانية في الكلية العسكرية في حمص 
وتأمين موطئ قدم لهم في سلك الضباط. وعلى الرغم من قوله لاحقا في عام 
0 «علمتني التجارب أن أي انقلاب عسكري هو ضد مصلحة سورية 
وضد الديموقراطية6”» فإن ميله خلال أربعينيات القرن العشرين وخمسينياته 
إلى توجيه أنصاره الشباب نحو المهنة العسكرية كان أحد العوامل المهمة التي 
ساهمت في إحكام سيطرة العناصر ذات الأصول الريفية» في لحظة محددة» 
على القوات المسلحة؛ وعلى الدولة في نهاية المطاف. غير أن ما ساعد في 
هذه العملية أكثر من غيره هو طغيان عدد المجندين العاديين وصف الضباط 
والضباط الصغار من أصول فلاحية في قوام الجيشء وهو أمر لا تفسره كثيرًا 
حقيقة أن الفلاحين كانوا يشكلون قبل أواسط الستينيات أغلبية واضحة من 
عدد السكان الناشطين اقتصاديّاء ولا مرسوم عام 1955 الذي سمح للسوريين 
بدفع بدل نقدي لقاء إعفائهم من الخدمة الإلزامية في الجيش قدره 500 ليرة 
سورية كانت تعادل نحو 140 دولارًا أميركيًا وفقًا لأسعار صرف السوق الحرة 
حينهاء وهو مبلغ لم يكن بمقدور فقراء الفلاحين دفعه. والواقع هو أن أقدارهم 
كانت تتجه نحو الأسوأ نتيجة الزيادة الضخمة فى عدد السكان فى الأرياف» 
وازدياد البطالة الجزئية» وتزايد الضغط على مقومات الحياة» وتزايد 
استخدام الآليات الزراعية التي تستخدم الطاقة وتوافر العمل البشري» 


(1) ظهرت هذه الفقرة في مذكراته التي نشسرت مؤخرًا على حلقات متتالية في صحيفة الشرق 
الأوسط (لندن). للرجوع إلى الإقرار المشار إليه انظر عدد الصحيفة» 864أ6, 13/ 9/ 1997, ص 14. 


5063 


لل ينك 


وازدياد حصة ملاك الأرض الغائبين أو أصحاب رأس المال من الإنتاج» 
وخسارة الفلاحين المحاصصين في كثير من المزارع حقوقهم المتعارف عليها 
منذ زمن طويل والمتمثلة بورائة حق إشغال الأرض. والعوامل السابقة لم 
تجعل من الصعب على فقراء الفلاحين أن يتجنيوا الخدمة العسكرية الإلزامية 
فحسبء ولا هي دفعتهم إلى النظر إلى الخدمة العسكرية الدائمة بوصفها 
خيارًا ومصدرًا أفضل للدخل وحسبء بل زادت أيضًا من فرص تأثرهم بما 
يطرحه الحوراني وحزبه» الحزب العربي الاشتراكي؛ من أفكار وبرامج. 

على العموم. ثمة نتيجة أخرى تعززها الأدلة بقوة ولا بد من التشديد 
عليهاء وهي أن العقيدة البعثية تاريخيًا لم تمثل قوة واحدة» بل مجموعة من 
العناصر التي كانت لهاء على الرغم من ارتباطهاء بعضها ببعض بطرائق 
مختلفة» أهداف اجتماعية وآفاق فكرية متباينة. وفي الجوهرء لم يكن حزب 
البعث في بداياته» أي بين عامي 1943 و1952» حزيًا ذا توجه فلاحي» بل 
حزيًا مقترنًا بمثال القومية العربية؛ فمؤسساه الرئيسان كانا من أسرتين حضريتين 
تعملان في تجارة «البوايكية؟ أي تجارة الجملة للحبوب والقمح والشعير» 
وترعرعا في بيئة تعزز احترام الميول القومية العربية» وهو ما امتاز به» إلى 
جانب كثيرين من أفراد النخبة الثقافية الإنتليجنسيا الحضرية. كثر من أبناء 
طبقة التجار الذين عاد عليهم تقسيم الولايات العربية في الإمبراطورية العثمانية 
بعد عام 1917 بالضرر الكبير من حيث حرية حركة التجارة المحلية وقدرة 
الاتتصاد على الحياة فى الأراضى المجزأة. وفى أواسط عقد الأربعينيات 
انضم إلى حزب البعث كثيرون من الشبان العلويين اللاجثين ممن فقدوا 
منازلهم في أعقاب ضم تركيا للواء الاسكندرون ذي الأغلبية العربية في عام 
9 » وهو مازاد في اتقاد حماسة المشاعر القومية العربية في صفوف 
الحزب. وكان لنكبة فلسطين في أواخر الأربعينيات أثر مشابه لكن أشد عممًا 
بسبب جسامة مأساتهم وفداحة نتائجها. 

لم يحظ حرّاث الأرض بانتباه كبير من حزب البعث حتى «وحدته» مع 
الحزب العربي الاشتراكي بقيادة الحوراني في عام 1952. غير أن تلك 
«الوحدة؛ كانت تحالمًا بين القادة أكثر منها اندماجًا على مستوى القواعد 
الحزبية» وظل العدد الكبير من الفلاحين أنصار الحوراني يعمل وفق توجيهاته. 


5“ 4 


والواقع أن حزب البعث لم يضرب قط بجذوره عميقا في القرىء غير أنه 
ساهم مساهمة ملحوظة في نمو إنتليجنسيا ريفية واعية سياسيًا. فقد كان في 
صفوفه كثيرون من الطلاب وفي أطره القيادية كثيرون من المعلمين الذين 
ينحدرون من أصول فلاحية أو ريفية» انشدوا إليه نتيجة عدائه الشديد للظلم 
الاجتماعي وللتمييز بين الطوائف. 

على النقيض من ذلك. أولى التيار السائد بين البعثيين «الانتقاليين» فى 
عقد الستينيات أهمية بالغة منذ البداية للفلاحين وأوضاعهم, فزاد بشكل كبير 
الحصة المستحقة من الإنتاج لفئة من لا يملكون أرضًاء وخفض مجددًا سقف 
الملكية الخاصة للأرض» وسرّع وتيرة توزيع الأراضي المصادرة بموجب 
قوانين الإصلاح الزراعي» وأعفى الفلاحين المستفيدين من ثلاثة أرباع قيمة 
الأرضء وأعفاهم في بعض المناطق من دفع أي مبلغ على الإطلاق» كما عزز 
الحافز التنظيمى الذي أطلقه الحوراني بين الفلاحين» فأنشأ خلال النصف 
الثاني من العقد اتحادات فلاحية في أكثر من 1500 قرية. 


على العكس من حزب البعث القديم الذي كان قادته وناشطوه مدنيين 
بشكل ثابت ومطرهد. فإن البعث «الانتقالي» ظل حتى عام 7 يستئد 
اشتركت في أن لها أصولا ريفية متشابهة وتوجهات ريفية متشابهة» وضمت 
علويين من مناطق اللاذقية وحمص وحماه؛ وإسماعيليين من مصياف وسلمية» 
ودروزًا من جبل العرب» وسئة من مناطق حوران ودير الزور ومن بلدات 
ريفية صغيرة مختلفة. غير أن مركز الثقل الحقيقي للحزب ونظامه في تلك 
المرحلة كان الحلقة الداخلية للجنته العسكرية السرية» ومن ثم المكتب 
العسكري الذي خلفها. ولم يكن معظم أعضاء تلك اللجنة أبناء فلاحين 
محاصصين لا يملكون أرضًا أو فلاحين محرومين. ولكنهم كانوا ينحدرون 
من طبقة الوجهاء الريفيين أو القرويين المتوسطة أو الأقل شأنًا ممن كانوا في 
حالة صعود اجتماعي منذ عام 0» وهو ما يرجع أساسًا إلى ما أوجدته 
حكومة الاستعمار الفرنسي من مناطق خاصة ذات حكم شبه ذاتي في جبل 
الدروز ومناطق العلويين» وإلى سياسة تلك الحكومة في دعم الوجهاء الريفيين 
وإقامة توازن بين الأرياف والمدن. 


555 


في عام 1968 انهار التحالف الذي كان قائمًا بين جماعات عسكرية 
ريفية مختلفة بفعل الضغط الداخلي الذي ظل يتعرض له منذ عام 1963» 
تاركًا الهيمنة الحاسمة على القوات المسلحة في يد جناح يسيطر عليه ضباط 
فانقسموا مرة أخرى. وظهرت حالة غير مستقرة من «ازدواج السلطة» بين 
مجموعتين» الأولى بقيادة اللواء صلاح جديد» وكانت تمسك بزمام الأمور في 
الجناح المدني للحزب» وتدفع نحو تغييرات داخلية بنيوية أعفق» والثانية 
بقيادة اللواء حافظ الأسد. وتسيطر على معظم الوحدات الحساسة في القوات 
المسلحة وتعطي الأولوية لمسائل الأمن القومي في أعقاب النتائج الرهيبة 
لحرب عام 1967. واستمر «ازدواج السلطة؛ حتى عام 1970 بخروج حافظ 
الأسد منتصرًا بعد أن عمق قاعدة التأييد له في صفوف الجيش. 

كان حافظ الأسد. في السياسات الاقتصادية ‏ الاجتماعية» منذ البداية 
وفي الجوهرء بنّاء إجماع؛ ولم يتحول عن هذه النزعة الأساسية إلا موقتًا في 
الأعوام المليئة بالمتاعب من التمرد المساح للمقاتلين الإسلاميين. وعلى 
الرغم من اهتمامه الدائم برغبات الفلاحين» فإنه لاحظ باكرًا أن إحدى الطرائق 
الناجعة للم شمل البلد وضمان استمرار سلطته هي بناء الجسور مع التجار 
ورجال الصناعة في المناطق الحضرية وتأمين مصلحة لهم في نظامه. هكذا 
سمح لهم بدور أكبر في اقتصاد البلد» بشكل بسيط في بداية الأمر وبشكل 
أكثر أهمية منذ أواسط الثمانينيات. كما دعم في أوائل التسعينيات سن قوانين 
تشجع الاستثمار الخاص» وخفض خفضًا كبيرًا الضرائب على الأرباح الصافية 
للشركات. لكن تبنيه هذه السياسة كان يرجع أيضًا إلى الظروف الاقتصادية 
الصعبة وإلى ضرورة اتخاذ تدابير علاجية ناجعة. 

تغير طابع حزب البعث في عهد حافظ الأسد. وأحد أسباب ذلك هو أن 
الحزب أصبح بالمعنى العددي حزبًا جماهيريًا. فقد ازداد عدد أعضاء الحزب 
بشكل كبير حتى بلغ 1.008.243 عضوا في عام 1992. كما انتشرت المنظمات 
التابعة للحزب انتشارًا كبيرًا. وعلى سبيل المثال؛ امتدت الاتحادات الفلاحية في 
عام 5 لتشمل 5.061 قرية وتضم 801.230 عضواء وهو رقم يمثل» على 
الأرجح, ما لا يقل عن 95 في المئة من السوريين الناشطين في مجال الزراعة 


5256 


1909م 


باستئناء المستخدمين. لكن ازدياد حجم الحزب لم يترجم على شكل قوة 
سياسية لها نفوذ قوي على الممسكين بالسلطة الحقيقية أو على صناعة القرارات 
المهمة» حيث جرى الحد من استقلال الرأي الذي كان أعضاء الحزب يتمتعون 
به في الماضي بشكل أو بآخرء وأضحت الأولوية هي للتطابق ة فى الرأي 
وللانضباط الداخلي. وأصبح الحزب في الواقع أداة أخرى يستخدمها النظام في 
سعيه إلى السيطرة على المجتمع بأسره أو في حشد التأييد لسياساته. وتحولت 
الأطر القيادية الناشطة في الحزب تدريجًا إلى بيروقراطيين ومحترفين في 
مجالات عملهم وفقدوا تلك الحيوية الأيديولوجية التي ميزتهم في عقدي 
الخمسينيات والستينيات» ذلك أن الولاء غير المشروط لحافظ الأسد تقدم في 
النهاية على الولاء للقناعات القديمة. 

وكانت تلك الحصيلة إلى حد كبير نتاجًا ثانويًا لنجاح حافظ الأسد في 
ترسيخ سلطته» حيث شيد في الواقع بنية مرنة رباعية الطبقات ضمن بوساطتها 
الاستقرار لسلطته التي أصبحت في النهاية سلطة لا ينازعه فيها أحد. وعلى 
النقيض من ذلكء فإن منافسيه الرئيسين في اللجنة العسكرية أو في المكتب 
العسكري» في المرحلة التي كان البعث فيها يمر بمرحلة انتقالية» لم يكونوا 
قادرين على تنظيم سلطتهم بطريقة فاعلة نتيجة صراعاتهم الداخلية وصدمة 
حرب عام 1967. أما قادة البعث القديم فلم يتمكنوا قطّ من بناء سلطة 
حاسمة على الرغم من أنهم شغلوا مناصب عليا في بعض الفترات» بما في 
ذلك رئاسة الوزراء. 

لا تتجلى الأهمية الأساسية للسلطة في البنية السياسية الراهنة إلا في 
المستوى الأعلى لهذه البنية» حيث يمسك حافظ الأسد وحده بعصب السلطة 
الحقيقية» وله الكلمة الأخيرة فى المسائل الحساسة كلّها. أما فى المستويات 
الأخرى كلها فليس للسلطة» كما سبق وفصلنا في فصول سابقة» سوى أهمية 
ثانوية. وضع ذلك» يظير قدن متفرع يدن الاتفتاع أو النقد المعتدل في 
مؤتمرات حزب البعث أو اتحاد الفلاحين أو الاتحاد العام للعمال أو جلسات 
مجلس الشعب ]و عوك الفحاعة والسجارة: لكن هذا النقد لا يطال البتّة حافظ 
الأسد أو توجهاته الأساسية» بل يوجّه صوب مناحي مشتقة من سياسته أو 
نحو التدابير التنفيذية أو أساليب عمل من هم في مستويات أدنى. ويهذه 


557 


الطريقة يتحسس حافظ الأسد مزاج الشعبء وهي أيضًا إحدى وسائله في 
إبقاء مرؤوسيه تحت الرقابة. 

في الوقت ذاته» من الضروري ألا تغيب عن الأنظار تلك الأشكال 
الحاذقة من النفوذ التي تمارسها عناصر من خارج الحلقة الرسمية للسلطة 
من أمثال كبار التجار ورجال الصناعة. وبغض النظر عن نجاح هؤلاء في 
نقل روح الربح التي تحركهم هم أنفسهم إلى كبار المسؤولين في مؤسسات 
الدولة المتصلة بمصالحهم., فإن الدعامة الأساس لنفوذهم هي أموالهم 
المودعة في حسابات مصرفية أجنبية بعيدًا عن قبضة النظام المتلهف إلى 
اجتذابها. 

ثمة عدد من الحقائق الأخرى الجديرة بتسليط الضوء عليها. فمن بين 
واحد وثلاثين ضابطًا اختارهم حافظ الأسد بين عامي 1970 و1997 لشغل 
مراكز حساسة فى القوات المسلحة وقوات النخبة العسكرية وشبكة أجهزة 
الأمن والاستخبارات؛ كان ما لا يقل عن تسعة عشر منهم من الطائفة العلوية 
التي يتتمي إليهاء بمن فيهم ثمانية من عشيرته وأربعة من عشيرة زوجته» ومن 
بين هؤلاء الاثني عشر ضابطًا المذكورين» هناك سبعة تربطه بهم صلات قربى 
إن من طريق الدم أم الزواج. وكان أحد عشر ضابطًا من أولئك الضباط 
العلويين التسعة عشر ينحدرون» شأنهم شأن معظم أعضاء اللجنة العسكرية 
لحزب البعث في عقد الستينيات» من طبقة الوجهاء الريفيين أو القرويين 
الأقل شأنًا التي كانت تتمتع باحترام ونفوذ بين فلاحي مناطقها على الرغم من 
عدم ثرائها. 

كثيرًا ما يقدم الرجال الذين يحيط القائد نفسه بهم دليلًا على طريقة 
تفكيره . لكن» على الرغم من وضوح رؤية حافظ الأسد» في سعيه إلى ضمان 
أمن عهده وصلابته» أنَّ من الحكمة أن تتشكل نواة قاعدة سلطته من علويين 
أو أقارب. فإِنّه من الشطط القول إنه طائفي أو عشائري من حيث أفقه أو 
نهجه. ولا توجد أدلة كافية على أن أبناء طائفته أو عشيرته كان لهم حظ أكبر 
من حلو الحياة أو مرّها مما كان لأغلبية الشعب السوري. 

من الواضح أن بنية السلطة التي صاغها حافظ الأسد تعتمد اعتمادًا كبيرًا 


568 


على شخصه. وما من شك في أنها تستند بقدر كبير إلى مهارته السياسية 
وبراعته التي لا مراء فيها في التحكم بالظروف أو تسخير القوى لمصلحته أو 
تفتيت جميع خصومه الداخليين وإحباط مناوراتهم والتغلب عليهم. والواقع 
أن كثيرين من السوريين يتساءلون إن كانت بنية السلطة ستستمر من بعده أم 
أنها ستتداعى من أعلاها إلى أسفلها بعد وفاته. ويصعب طيعًا التنبؤ بدقة 
بتتائج وفاته» ففي مثل هذه الأحوال تتوقف الأمور كثيرًا على طبيعة الظروف 
الداخلية والإقليمية المصاحبة لأزمة كهذه. 

يبقى السؤال عن تحسّن أحوال الفلاحين منذ متتصف عقد الستينيات» 
أي منذ تقدمت عناصر ريفية إلى واجهة المشهد السياسي. ففي عام 1991 
وصف رئيس الاتحاد العام للفلاحين عهد حافظ الأسد بأنه «عصر الفلاحين 
الذهبي؛؛ وذلك في معرض حديثه عن التغيرات النوعية التي عرفتها القرية 
السورية. وإذا فكرنا في بحبوحة عيش العدد الأكبر من حرّاث الأرض» فهل 
يصمح التأكيد على أنه كان يسطر أسطورة أم أن وصفه يستند إلى أساس ما في 
الواقع؟ 

كان من بين العوامل التي ساهمت»ء على نحو مباشر أو غير مباشرء في 
تحسين فرص حياة عدد كبير من الفلاحين ومستوى معيشتهمء بغض النظر عن 
المشكلات التي رافقتها: انتشار التعليم وخبراء الزراعة المدربين في الأرياف 
وانتشار المراكز الصحية والوحدات الطبية المتنقلة والارتفاع الملحوظ في 
متوسط العمر المتوقع ومنظومة النقل والمواصلات الأسرع والأكفأ وتزويد ما 
لا يقل عن 95 في المئة من القرى السورية بالكهرباء وإعفاء الطبقات الزراعية 
من ضريبة الدخل وإعفاؤها أيضًا من ضريبة الأرباح منذ عام 1992 وإعفاؤها 
مؤخخرًا من الضرائب والرسوم على السلع الزراعية المصدرة. 

في الوقت ذاته؛ وعلى الرغم من تحسس النظام رؤى جماهير المزارعين 
ومعاناتهم» فإن مما لا شك فيه أن التفاوت في الدخل الزراعي ظل قائمّاء بل 
ظل في ازدياد منذ أن بدأت في عام 1972 عملية تحرير الاقتصاد ‏ التي 
تسارعت وتيرتهاء ولو بفتور ومن دون حماسة. في بداية عقد التسعينيات ‏ مع 
مايرافق هذه العملية من تخفيف قبضة الضوابط المركزية على الاقتصاد. 


559 


ناكلم 


وضمن حدود القدرة على التأكد من صحة المعلومة التالية» فإنّه مما يلفت 
توزع الدخل الزراعي بين العمال الذين لا يملكون أرضًا والفلاحين ذوي 
الملكية الصغيرة والفلاحين ذوي الملكية المتوسطة والمزارعين الأغنياء 
والمستثمرين. أما بالنسبة إلى توزع الملكية الخاصة للأرضء فتشير الأرقام 
الوحيدة المتوافرة؛ وترجع إلى الفترة الواقعة بين عامي 1970 و1971» إلى 
أن المستفيدين الرئيسين من إجراءات الإصلاح الزراعي لم يكونوا صغار 
الفلاحين بل الفلاحين المتوسطين الذين انحدرت منهم الشخصيات الرئيسة 
في نظام حافظ الأسد ونظام البعث «الانتقالي» في عقد الستينيات. وإذا استثنينا 
الحيازات المملوكة جزئيًا والمستأجرة جزئيًا التى شكلت أقل من 9 فى المئة 
من المساحة الكلية للحيازات الخاصة:؛ فإن نسبة ملاك الأرض المتوسطين» أي 
الذين يملكون بين 10 دونمات و100 دونم» كانت تصل إلى 23.8 في المئة 
من مالكي الأرض في الفترة الواقعة بين عامي 1970 و1971» في حين كان 
من يملكون أقل من 10 دونمات يشكلون نسبة تصل إلى 75.4 في المئة من 
كل ملاك الأرضء لكن الفئة الأولى كانت تملك نسبة تصل إلى 58.7 في 
المئة من مساحة الأراضى الزراعية المملوكة بشكل كلى» فى حين كانت الفئة 
الثانية تملك نسبة تصل إلى 23.5 فى المئة فقط من تلك المساحة. أما التفاوت 
في الحيازات المستأجرة فكان أكثر وضوحًا بكثير: ذلك أن نسبة 1.9 في المئة 
من المستأجرين كانت تستأجر نسبة تصل إلى 35.3 في المئة من الأراضي 
المؤجنرة0: وهذا يع أن ملكية الأرض» من وجهة نظر اقتضادية أضبحت 
أقل قيمة من القدرة على إدخال رأس المال أو التكنولوجيا الحديثة للتأثير في 
الإنتاج الزراعي. وهذا ما يفسر الميزة التي يتمتع بها في الأرياف المزارعون 
ممن يملكون الأرض ويملكون رأس مال على شكل آلات زراعية أو 
المستثمرون الذين يستأجرون الأرض تجاه بقية الطبقات الزراعية. 

لا يمكن إنكار أن الفقر ما زال موجودًا عند أسفل سلم الدخل» ولكن 
ليس إلى تلك الدرجة من البؤس التي كانت سائدة في النصف الأول من 


(2) انظر الجدول (2 -1). 


600 


القرن العشرين. ولكن إذا ما استمر النظام في تكييف سياسته أكثر فأكثر مع 
نزعة العولمة الاقتصادية الصاعدة فإن فرص حياة أولئك الفلاحين ستزداد 
سوءًا على الأرجح. وتشير الأدلة التي جمعها باحثون في معهد دراسات 
السياسات (وءنلده5 بزوزا20 0؛ عاطلاكه1) فى الولايات المتحدة إلى أن تقدم 
عملية العولمة والتجارة «الحرة) أسفر عن أن #مجموع ثروة 447 مليارديرًا 
في أنحاء العالم أكبر من دخل النصف الأفقر اد العالم»؛ وأن هذه 
الظاهرة تهمل «ثلثي سكان العالم على الأقل»» وتهمشهم. وتلحق الأذى بهمء 
وأنها «تدمر المجتمعات الريفية القابلة للحياة»”*. وذلك ما يعطي مز يدا من 
المضمون للملاحظات التي قدمها سعد الله ونوس» وهو كاتب مسرحي سوري 
من قرية حصين البحر في محافظة طرطوسء في كلمته المؤثرة التي ألقيت 
بمناسبة يوم المسرح العالمي في المعهد الدولي للمسرح التابع لليونسكو في 
باريس في 27 أذار/ مارس 1996» قبل عام من وفاته» وقال فيها: «يا للخيبة! 
فإن العولمة التي تتبلور وتتأكد في نهاية قرننا العشرين... تعمق الهوة بين 
الدول الفاحشة الغنى» والشعوب الفقيرة. 20 
التلاحم داخل الجماعات» وتمزقها إلى أفراد تضنيهم الوحدة والكابة»©. 


)2( «رعل1:2 عع7 01 دععنالأة1» ,(كعتلبه5 وعزلو2 405 عاناتاكهآ عطا 04 «ماعععنل-ه2) طوقمدحه© معطمل 
7 ,اده :رماع« أكماا 


(4) للاطلاع على الترجمة الإنكليزية لنص كلمة سعد الله ونوس» انظر: ‏ ,#بمصء! اعم 111401 
.14-15 .مم ,(1997 وممة) 27.2 ,203 .مم 


601 


نقطة 207176 


6203 





[ لست مسمموع مسق ميج كو م 
إخيي عي كي ميم تمصي مينست م36 سي م دكت 3 اك كت كه رج كم وت 6 كن رجت ومسي 6و1 دك كني جه ني وك بج رج 
علدا تب و م 657 بي لكري انتوم وح وموم فجتري بكم ب حيط ديت كيم حورجم قي ع كجسيم. و ممعم حيط سه حي برجم لتحي “كر 761 (9) 


)6966-+96)( 


رم 296١1‏ جذ؟ 8< ا 
-61وع مك 


1١66-]6وع‏ ديمس كم جعم| خ كسم ب لجع | وضع مصوىر 


(#دمم 


6)4 





ره ]266 

الى يا 

“61# 8961-0 
مر ممم 


611 961-04و جكم]| 





كستم) 11م 59- 61وم (9961-0461 
م ملع 


مرو ع 6وح - و6وع 





6ع ح مير ع 


> ام6وو ود لمق مسمس 6) ١‏ وما 






لس كسم ووم لي توك جو طووم كو 66 (ه) 
تم 


6# ويد نتن 0 
296-961 
مجصم حرم لصم 
وصيعر متو وروي 
موي باصي م صوملم قيس لبمس 6 ()461) 


امود اممو | «خموير 








يسم وخر بترو -61وء مكم تمي 





]6و بجني 


- 61وج 6] 





526-4261 1 العقداد 


- ميق فوس 


كيم ركسم 
وك مهي مص 64 115 961-596م 
و سق و يض وتسمروج 

بي "كم 5 قوع 
خىمم مسبم 


وض ب 


605 


كم رين | شر تكسم تووم | حر هيم كسم لوو 


960-61ع 
جع مم 


6 ور ووع من 
قمر جنهم) | عض «وكيصم يقرو | مصسييع 266 لصيس 


ريع يم حت مس م سحي لكل شرم وممر يد و رمسعوةم 


يسمبمم كك وموم 


نقطة 2676 


كم 


”نم مس 


8261) 


961؟ امكو 


يموع مم 


)6و + نب 


> ا6موع مة] 





6و ونب 


- ا6وع مك3 


606 


!8]6؟ ]6+ 
رو فت يكس 
رصي لسومم م 
رم سيم 


6م م 
ينترسمم | اه ذل 
ا 
اك الكت كم 
بي 


م6 ع تسم 
8961-0461 
تدم 
66 9961-8961 
درت صم 
ككس اسم 
م 
شنم در ووو دوم 
ف ويسم لومم 
95 61-59611وع 
كبتخمم بصم ويا 


ون جم لوو 


61 عا 

عو عي كوم 

متو6 :مع ] - 0461 
ام ممع 


6ع ح “مير 
-1موو “ي» 
00 العقدان 


)نوع مك 


0002 لمم 
> رووو كر 


[0002] 
ولك لعي 


ىك رووو عت | ممم )) فى مت 
> 61وع 6 


حي وه 





607 


تبي كمسر بون | “و تكسم يترم 


!996 
ل ع ريسم و 
كبتة و ووو مك 
نل السقوا 
“6# دروود كم 
“لامعو حابي 
6 متم 
96-9961 
0 
ركيم لسر مووور 
أبس وم رمس 
معن م كع وكمر 
و ملستي 
4561-8611 
ميمه 
تكسم يتروما 
عو نح تعمايم 
يحمي لمعم 


)0961-5961( 


امود امو | الصتم 


امود >ذه | ععصمرنمر 





رصم 
تاقيم ونيم 
ل ليت «إمد6ع 


608 


ن 1ق هو طداة 


6ع 
ل تير زرهوو 
يهم 644 زذرهوم 
ديسروم رضم 
»م 961-2961 
مر مم2 
ضوعو نر وموع ج “لكبو 
م نويع 


يسمي 
بووصد حي يدو 
مسجم رم 2 د 


0 الى د 
6]1وو- ضووع 
يسوم نس 


»ب 1-5961 96ع 


دك صنو2 1 يموع 


صصص كم 


موب صجسةم 


- روووح جنب 


- 1 مةوو /؟ي» 
01 العقده 


-)موح ونب 


(5961-02461) 
حيسم مجم 


عوك ممصم 


لين ا 


متمد ذييسسى 





60 9 


9961 
عض > ممم 
ترب رمم 76م 
امود د ع6 

يقمض كبر 66م 

يتم ]م مم6 

عم 66 ويتوبكم 

متسيس جين | برض «ص حرصم تو | مي ضح يسمي ليم 
6961 26 "م 

“2 9961-6961 
دقوم كتمع 

ضرمي صمي حيوى 

“مم6 611 99- 0961م 
ع ليم 

64# 61و - زؤوع 

«رمترعيم لي لي سم 


مي 


وا حر يسع لمبيم | “ترتي سلسم 


رخ ممم 
يم يل )61+ 


مبستم 


- روود جك | قعميم وي 


656١ 
9961 > 6؟‎ 
“ا 61و59‎ 

١‏ ب"و >( م6وو 

طم ومو تم 


- رعو ونم 





630 


مي 
وك يتضكيمر 
6 صمو 

دم بم كه 
وموم سبي 
م عدي ديو 
ل وتبس يسم 

بيع ووم 


امم بينزه 


ون 


مم ابص م مسر تاد 


قوم مسكم) | فرووم طمدم) 
لبي حر ومو | 6م ويس عمم ليس 


قك نيهود ”أسمم 
تمصت كج 
64# وجوج دجس 


جح مم عرو 


(66») يتيمن 


6 0ك 
-1م6وو 6 
11 العقدا 


يعوب جضي | تيم ميس 


496 ممست 


- روود جك أ مس مستت 





تكس مني 


صم 6 وتو 6 ؟ 


611 


ن1قهطجة 


9466-61 
وعدم 
جككجم من 
وطس كتوم شوم 
امدحمانى كتريسم 
614-]896آ 
م 
ورم مسر 
يع يسعمى لببيس 


6و لوا 
ينسم م وص تيتيسم 


صسيسويب م سمي ص 


6 مك3 
961و 6ك» 


596١|‏ 61ر5 


رمخ تم 


> 66وج ؟نب 


ميمت 





- 61وج ؟وضم 


612 


!96-6+م 


وعم 


فمووع تكو 


جقمرمر كج 


61-61وع 
وبمسم ممم 
م 6 حي 4 
)56 ' 7 9961 
“6# وووو ومو 
م ل اتيم 
فرووع ورم 


جود “كن وسور 


لضم ويم 


تومن يني | بصيم شومر بترو اببسم 6م وشتتيى 


الصدكيسع وعم الخصسم جكوية مو روسب كب جر ووع كروي م ف 


رخمم] بعصم 
لم مم وو 


6261) 


و 


5936| 


خض - روود >خم 


6و سم 


حوهوي جرب | ١ب‏ كلم ميم 


ع0 حابر 


>- 9961 6ي”» 





5:6١‏ 61”ر 


> )ووح جنب 


13ح6 


[لسيد كسم “كسم + رمج رسكم كي مصعم «إجعب إج© 1001/05(9 301 4ن[![إلكنا وتم عمهررمد) (8] + زرمدم هز- جؤسون) توصي صم في مك لىع 


بكست اهوو سم 66م 
وو عم يي وك لهم و66 
وساي جتعمصس عتمم 
وجه جو يسم كتم فضي نهر 
في ينان دعوم مصومر 61و خر 

لصي ع فق م | سي حي ورمعو | حي خم يد وريس | تي يت -61وو مجم 

061 ح “كاب 

امم ع قسمق - 61و69 “> 

8961-0611 896 بصي 

ب جسم > 61وو 6ي» 

عام كمي كتمص 596 5561 

فكع يرسك اعم | رت يمسم مب يي - مووو مجم 

06١ كم‎ 


م ضري بص كذ جمصمى - ووو 


فجيي ووم | لمييه شوو يم بوب مسوم . “اك اوود خر 


صتسييس بيو | جيل شوم يتور | © وشم ليد يي ,يي روصتن - ووه مسم 





لدي 
يي وم كإصمة 
صقم امو 
مكح ضر لمي 
611 ؟ 961 
يي حي يسول 
م وعصام وي 
6 لرد 


عب كم متم شوو 


614 


دومج لو مب قوم 
2# و عومج - ] 6و8 
وم 6 


©“ى نووعج - 8961 


يس مه 
وس وكشي ع كي يشمة 
١‏ 0 الا[ صم ووو يووء 


لج ومس دي يسم حم بم ممم وحمي حي 


كم 


صم مقع ”| ومسي سيم كيم 


كصس بكيم أرخ) مككسه وك | عرو برو وج - 6و0 


نقطةه 1201 


10 العقدادا 


-رمووضر 


لتم ص 8961 
ليم مم 
10 التقدارا 


-يوووشضر 





615 


بوم 


ليوات لهات بورد 


4961-0461 
ضر ميو 
تيم رمم 
“6 59611 - ]م6وم 
مم 
بعصي قيمع عم 


61 4] عب “سم 
“61# 6961-04 
مم 6 
و ا 
“8961-6961 
يقد جم 
6# 9961-8961 
“اا 5961 امكو 
مك رمم 
ات 


سيم بيني | يسم وكيصم) يقرو | 6 ع صم لمم 


]كس 
جنم ورند 


١6و‏ “يي 
]996 “بز 
6 ”و 
-رمووخشر 
امع جحي 
> ]996 “إير» 
596١‏ 61>ى 


-ووووضي 





616 


896-66١ 
تمي عضي ميم‎ 
9961- 1+ 
ودع مم‎ 
5961-9961 
كسمم‎ 
يي شيير متي‎ 
5966-5969 
يوسم‎ 


ممم ترم 


6 مكية] 


- ]نوو “كر 


|96 م 


-66وو “ير 





1مع] عب تسم 
في ورم كسم لوصح 
تدك أنقى قري 
5 ذية كرم بشع حلي 0461 ج مب 
بعك يضم يقرو | مإصممر شيوم كترم |« > 6و9 366 
8961-61 


بويع 


67 


وقمر ف متسايييو 


خييم تمع 
5611 'ثمرا 9961 
“6# رووور مير 
مم متسضامم 
“64 89611 -961ع بتومم) بووصدس م0 ميم 


لتم رودم بيني | يسوم وشيم يقرو | رصسم 6606 وحششتي | طعي لبس أي يي ميب ل حلرمووعيى | صمي لستيي] 





نقطة 2676 


618 


6961-046١ 

لدي 64 ور6وع 
جتصجص بتكم ب 
6 بيسس جم لمرمس 


ؤ461] 
نسم ف 
10 
كم مي 
1 ص تو 
م زوم 0- ]896 
دما 
صم يبس مومع 


وخ كيم سكسم مرو 


تسم مجن | صصط وضروم, يتب | مسجم المريم 





6961 “6ك 


- يعوو ع“صيم| ‏ يستيم موري 


6ع جح “كير 


روووم» أخضري مت ميس 


6م ج “ايم 


> ووو مكق 


فم “يدع 


ع 
دعقي في صخي 
دح اسن دي 
د بسوحم م 6كسم 
كتم ووم 6و6 
جم وتسم برهم 
كم درممن صم 


عوكم ض رضي 


وبي كير 


خحومم كام 1 996 


يتكسس يترم | يمحي جكي مرو 


وميم 





|46 -61ع9» 
46١ - 6١‏ 15م 
توي و مقع ] - 0661 
تجم 
6 65 8961-04 
دك صصر عككما 
لسري من وبشرصمر تمي شدي كط 
جح كسم تمر سم ميم حعويم 086 92و 
بكرضصر يتور كد ان | سرس لات “نين - )مم0 عمصير 


0661-46 ١ 


620 


حمتو6 ووم مع - ومع و 


وتكطم وكير 
رسيم ومسب | حض كبس 6 5" | ممعم روم عب 


مجك عرس وميم بومسم في »فى زروعق - 1 6ه ! 
ب | كم كم مضت | بيكشم صو 
حر خمعمو رامسم | مو وو ومن «يعكتم 61م “اكز 


يكسم يروم | كيين مرو خوو : - )معن ج كيو 





ن 1ق هو طداة 


621 


صمم المضم 
لمعب يرت ها 
ونو مدو 
“ل الا 
ل متيد 6 كتيمس 
وي حون “كن 
صم جيم 


+86١ 
لذي عب يض ويم‎ 
يم تيم‎ 
6661 - خرو فى 6و«‎ 
بت يم‎ 
6م 66م لستوم‎ 
كرو ممم م- 6و6‎ 
6 عو‎ 


69613- ]ووو لي 


لصن ووع- ووو 


ييمم بجبووصدس» 
61-]96+ 


ل 0 





6202 


شم بيه سبي 06 
وب وطس 
قم سكسم 
نمم صسمر 
نبي كم جين 


وعيصم حم وود 


يكسم رضم 


0866-61 
كوكم لضم 
»ب ] 1-086 846 
باللا 
متم وضعحيم 
فى ادق 
وكسوم ريمس سنت 
متو ووترصيم] وز 
يي كه قي بشم مده 
5566-0965 
جذكم 


ويتح 7) ي5ز» المريم 


وصصم لومم 
996-619 
حبسم 
بم حيع) كو 


ص ويم جوم 


06 02د 


ام جك | مصاع جر مني 





0861-61 جتلرسر 
بعكم ف يتضكيم 
جويعم خيىى 
“مي ممع يكسم 


متم ومع و- ]ممم 
كص 
مم نكا ممم 


شعو ور ووع- إاووج 


603 


خم لمم 


6# 5ممع ج - 02461 


سيك لنناتدها 4ن اا 


يت رجي يسمجم لمممت حووعن جقصصي | عبتم مسمس 


2461-9461 

دض 6ك مر 

ّ 463 1- 61و فيكم 

خومي من وترم -0861 2592 
“4# 3] 696- قوع 

ججس ايسم ‏ 6 إممميم | ميهج وعح وعد بيع وعم عمس جنم رو في ميو 61 56 


مومهم ينه | «متكيع “و وكرد] 





ن1قهطجة 


06024 


1461-2461 ؟» 


6ع ] - 61ع0 


عط ووم جو | بصحمم | )6 شتت 


وم 


ل وميم وكتيو 


ض صم جوم 


قن لترسدوا 


461-246١ 
ع‎ 

“7 5 6ع ] - 61 م0 

ان 


66 م 


بي اترعنت يوانح ال انان 


شعي ن. اللصي ن) استدييرنه 


دروي ١‏ ص 


6 خصيمق 
سطس متو 1ص 6 
>ذم ”م1 0461 
ج فلكي “كل ممم 


وك | تيم رسج لبمس 


(0 »> يم 





6205 


5861-61 
معدم وكرو/ 
“64 0861-8611 
مسنم 
و2 كيم 2 


مع ] لإ به 


جكب ص صمي 
معنيو وق ص | و عيضم ضر وود ١ض‏ عم لبميس 


8461-61 
مهم 
كج * ركم 
ترم شمع وميم 
يتس اكستي6 وحشععا 
حم 4 
ورت سي شعي 
كلسم مكيم 
سكيم يتوم | مسر «وكحيصم تبي | يرحب عتم ولصسم 


إمم؟ ممصم 


5562 0861 





دسم يقر تيم 


46١‏ -]66ع 
يم 
جيم 07 بيه 
جومت كوس كر 
و عيضم شي وججد] خضي جسم متيس ولمرصس 
0861-61 
كوكم كدر 
5461-0861 
من 
فوم تيع 
4614م ؟-]461] 
لي 
2ب مر ويسم ومقير ف شدعمم م 
بي ووم تيبي شييم توم 


626 


مسيم ينه | مدع ورتب 2 جتذي | ويتسي رركتي ولمميسم 


نقطةه 12001 


0861 562ىو 


> 461 كر 


ومست 


3“ 1461 - 


086١|‏ 62ى 





2627 


متبحى 


بي سور ب 
كسس بوي 
مم ينه 


0961-61 
كوكم رطمم 
كب ريسي وعرتعر 
ض وي لم ممم 
كي يوم سنو 
4461-4613 
لمي 646 وتو 
و ممكب سر 


086-61 


عتم في م2 
وشيم عشيجيم ستو 
ممح دم 6م 
61-2461 4] فوم 
6 4611 0461-1 
“م6 يت سيط ]| 
يسيم 6م اليس 


5562 0861 


)6ع - 1461 36 


086 خ<م”ر 





- 461 ك1 


628 


8461-861١ 
مترصسم ورك‎ 
1261-5611 65“ 
يقري‎ 
كم خ مايرم‎ 
خييم مستع) وي‎ 
2 جعن هك‎ 
وي ووصو 6مس لمممث‎ 
يكيم‎ 
عم ووم لم صلم‎ 
اس ان‎ 
ترس رمي دب‎ 
846-61 
يه كسمم‎ 
حو متعم جو‎ 
|130 عكن انكي‎ 
بتمعتومهم| وبعنم | لت‎ 


ببسم حي مويسم | كمسر كوج وس 


خعم] وص 


بج ف يذو 


06 462ى 


-صق ما كق 


1أمع؟ ممست 


1461 ك3 


إمع؟ مومسم 





36 1461 - 


خوج ز رمعو - 0861 


مي سم 

وبي تي 

]8261-0861 
يتك 


*64 نومع و- اقعع 


6209 


وم 
قن اتناندا 
2619م -461] 
ذه ديسو يهب وسمعامى 
“تمي 1ممم]- 6961 
قي مي مي شه 
يميد يطعم ووه | ف للتسيم صر 
نح كسم جيني | وصخوط بيصم يقرو | ويم عمس ارصم | تيس لببسسسل 





نقطة«ه 1201 


60230 





هم :866 نع 

يه يوون لبي 
ل بيعم كم 
متك يم شمر 

6461-64 

برسي تيم م 
لمتإصيم حيوم صتتوم 

]46]- 8613 

وس قر 
5 611 1-04 6و9 

يلوم 
“م هو 
كو فرؤوو لي 
: نين |66 +ذه 
3 دصار يي -ووعو وصم | مسيم صلم 


صدى 
5 


611 


36د 
بوم بوم 
6461-2861 
ببسم قمر 
كمي مي 


خييم اتوم و )ممع 
ص يسم 


عي سوم ف 
الترصم يوضم تيع 
فمقع؟ كردم 
وعقعر كي ضيومر 
حييم متم ووم عو 
بتكم 66 كس 


سي بيني | بح مخركج يشي | فير يصعي لمبيي 3 خيس لمحس .| بيريب) 6ك وى 


4561 462ى 


-ووعو مسم 





0861-61 
كوكم جضممر 
»ب 6461-0861 


متم 11 مم و - 461 ] 
وه و جين جتيد 
ري ممم وحايع 
مع دسم لعب 
مرتانيو بين النفاني سويز 7لر| ات افليس السددين 


622 


و6 م و0 - 61وج 
مدسمم ميم 
لص عضي تيم 
فرووع خسم معي 
2 زيم نعم خسم 
كن بص نور رص فض رم 


ن 1ق هطداة 


056 


كم مكو 


-)وممومت 





اووع لد 
“61 6- 61م 
لمحم 
6 ووس بكس 


“كعد 


ان 


6313 


ويو - رووه 


6ع بتكم متي 

تك حاضيم شيو 

ترم وم كي م 
بهم وي صتهم 
496١-0461‏ 


دجم 


لت بم ووم 2 
من جين بض «يصعوجمن يقرو | عبر 276 صميو 





6034 


056 
ع يكو مم رمم 
سج 1] 0861-9586 
تسم 
6 لومم و66 
خضي رتسم كرو 
كتمع بصعتم ح كيد 
حر ممسمر ج كير 
جنم و41 وم 
رمسم م6 
كوتيع صم 
قد وجو جو | صقري كوكم | 8661 -ا6عء 
وكيم تي 


0251-4611 


صويع قومرم ذل بص مم كم ابييل تيمم 
سكسم بيهم | “تي يتتكسم) يتهوم) | ص كصسم توم 


شه 
يعي م سمس ورتم 





رووء ضمي 
بمو - 0861 
خم مكو عر ممم عسوم 


886١ 
م - رووم‎ 


ا 


امع عت كوم 
خض ضمي 
ميم ضييم متم ) 
086-19 
توم 
6461-0861 
جم روصم 
4461-6461 
ميم 


635 


وصوطد كت تووم 
615 4 - 0661 
ويسم لمي توم 
13 046-]96ظ2 
ورتم 
تقد ل كاعم انرا 
عت 11 مون - ر6وع 


مم سم 
لل يبرم وموم 
مضي زرووع 
]6 “كن ورتهم امصرقيك بح دعصم 


ووس مر ميقم | اجتوجم م رمسم 


علضم جضمر | جف ل ممعي | وكيم بترو ف صم 





ن1قهطحة 


616 


لوجم ورد 


دوكيهم م وذا] 


5861 
وبتبوسمم حيدم تيون 
متو 1 مع 6- ]086 

يقري جز 
ف بتكيس مكبر 
لمشيييم شيوم توم 
9م6-08وع؟ء خضمم| 


كبك“ زنوؤع< - |6 ةا 
حل كسمم ليوج 

و يمت خض لمتويم 

حييم متم وأمس 


086-861 
م قو م 
بهم صزوم) حيو 
صمتو .مع 0861-6 
م صم 
بيجم 6ك مستي 
خم 8461-0861 
بم مي روصي 
رمم ف م 
يتمجسم ميو جما 
وك دمو ستو 


لتر صم 1و0 


حم مير 





627 





86١ 
مرك عب وكين‎ 
متم نموم - 61ع]‎ 
جتميم اموي‎ 


ث6 11 6ع - 0861 


66-08611عو تم 
وعقي ف لصوي 
رمم شييسم صمتو 
مم9 - ا6مع جور 
حيو بحميوع لسسع 
بعصم ساسم م0 
كسمم نروع - 2461 
مس وتو مي 
تيب يي كس ليع 
ممم ء اومن وهم 
6م - ووو خم 
١ل‏ م سشييسم “متو 
961 -إ6وم صن 
سم حل مي كوم 
ل اديه 


مقن لم عد 
يت بعشو ف مجم 
رشبي متو وي جح و لوي 
ب دسم جؤوع لصي 
مي “متم بر “إل 


[١‏ لست حيسم ] تحسم اجيج يجي لبي يمس كمع بجع إعبن اليك و0 


روعي ]6م بوص 
محم | يي موض|م | (610ض5 





6238 


يني صر ترم 
0861-61 
م 
وتم ف طرضيرم 
متعم حيو تي 
61-611 24ا 


5 


نقطة 2016 


0061 
ربخي 
ع كن تمع 

5461-0865 
6 ما 


0861 - 6 


6و مه 


به خمميّمع مين 
كترم كرسي ومرتيور 
هرسيم شوم 
متم 0861-86 
2 
جم وين 





1866-61 
ين 
بشييم صتوء 
0861-61 
بكسي ورتم فض 


ضرمم وى 


600 


تعويمم مم2 
611 46-08؟ 
بسع خم حرجهم 
و وت خض رمم 
لمم حيو متو 
وبتكم يتنهم بو ”جا 
لم عنمل ربجتو مم6 


اتوم روصم 
متوكبم 66م “| كتمم والإسيمه يصماصد 





متسيس نو اعصصسيعمر لوكس | موكضسر ف روس 


لإ)اموع 


0861-61 
جم يو مص 
0ت 08611 
كوم برضم 
»“92461-08611 
م 

6*4 4611 2661-9 
م 6 


6041 


61> -461|] »> 
645 11مم] -61غ02 


يصع ين 


كص وكوك | عم رصبلل ضي 


كبس ف بيتوي | بص0ج) يبعي صتوء 
يسببقم| رمم لكي 0 ايوس 





نقطةه 1201 


602 


6١‏ لد 
ع رم بعكم 
فمريم حدكي 

نيم بوبم 

محص دروي 
وتو مقس وس رتسم 
لم فض جوم 
61و لدبب 
م كم صم 
لمتمصيم شييم تمتو 
0861-8614 
يليه 


حيسم وض صم 


كسم وي تيم 

ومتسيع | «إسعي كارن 
قي لقرحى النرين نيان قيلي دين لسري وين 
شيع حر حيسم وي سيم يسجمت للرمن 





603 





إووء ل عب 


يكسم بعتم م 


وك كتوم زو وج 
يتم المكراق 
عقوم عجر 
64# 11 6ع ج -461ا 
1 
0461-4611 
تم صم جيه 


متو ور تسم 


رضي يمي 
متسل 


سيب لينم © حب ويديم .سل تمصي لسهن سم لكي اج كسسيبةت «تصيم “كي مت ب كنت جسني لض روم تارجم مكحم كيدي جك مسوم جر رع 
اي ير 
66 0 م 
وتكجم مر 


ترم خم 9861 


644 


عب وكوي وعقين 


0861-5861 
شه 
ف حجم وك صم 
08613 أت كوكم 
رصم فورض | رمم وتوم سي ع | .حبس لمس | شي يك تمي | )61م 





ن]ق © طداة 


المراجع 
1- العربية 


كتب 
ابن خلدون. أبو زيد عبد الرحمن بن محمد. مقدمة العلامة ابن خلدون. 
بيروت: [د.ن.آء 1978. 


. القاهرة: [د. ن» د.ت.]. 


أبو صالح. عباس وسامي مكارم. تاريخ الموحدين الدروز السياسي في 
المشرق العربي. بيروت: [المجلس الدرزي للبحوث والإنماء]ء» [د.ت.]. 
(لكنه منشور في السبعينيات). 

أبي راشد, حنا. جبل الدروز. بيروت: مكتبة الفكر العربي» 1961. 

. القاهرة: مكتبة زيدان العمومية. 1925. 


. حوران الدامية: جبل الدروز. القاهرة: مكتبة زيدان العمومية» 
06 ؟؛ 1927. 





الاتحاد العام للفلاحين. المؤتمر العام السابع. دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» 
1 . 


. المؤتمر العام السادس. دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» [1986]. 
. المؤتمر العام الخامس. دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» [د.ت.]. 
. المؤتمر العام الرابع. دمشق: الاتحاد العام للفلاحين» [د.ت.]. 


6045 


الأخبار والنظام, دليل الحمهورية السورية» 9 -1940. دمشق: [د.ن.]» 
00.. 


الأذني» سليمان. كتاب الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية. 
بيروت: [د.ن.1]» 1863. 








. حلب: [د.ن.]ء 1859. 

ألكسان» جان (محرر). ماذا حدث في تشرين. دمشق: [د.ن.]» [د.ت.]. 

الأمانة العامة للجبهة الإسلامية. ميثاق الجبهة الإسلامية في سورية. [د.م.]: 
[د.ن.اآء 1981. 

أمين» محمود. سلمية فى خمسين قرنًا. دمشق: [د.ن.]» 1983. 

البديري» أحمد الحلاق. حوادث دمشق اليومية» 1762-1741. تحرير أحمد 
عزت عبد الكريم. القاهرة: مطبعة لجنة البيان العربي» 1959. 

بريّز» خليل مصطفى. سقوط الجولان. القاهرة: [د.ن.]» 1980. 

بكداش» خالد. الحزب الشيوعي في سورية ولبنان: سياسته الوطنية وبرنامجه 
الوطئى. بيروت: [د.ن.]ء» 1942. 

. حول قضية الإصلاح الزراعي في سورية. [د.م.]: [د.ن.]» 1960. 


. لأجل النضال في سبيل السلم والاستقلال الوطني والديمقراطية 
يحب الاتحاه بحزم نحو العمال والفلاحين. دمشق؛ بيروت: زد.ن.اء 
1. 


البيطارء عبد الرزاق. حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر. دمشق: مجمع 
اللغة العربية» 1963. 


التميمى» رفيق ومحمد بهجت. ولاية بيروت. بيروت.: دار لحد خاطر» 
[1918]. 


جمعة؛ نعيم. التمويل الزراعي. دمشق: [د.ن.]» 1991. 
646 


الجمهورية العربية السورية. رئاسة مجلس الوزراء. المكتب المركزي 
للإحصاء. التعداد العام للسكان لعام 0 . دمشق: المكتب المركزي. 
0 . 


- . التعداد العام للسكان لعام 1970. دمشق: المكتب المركزي. 
0. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1996. 
.. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1994. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1993. 

+ .. المجموعة الإحصائية الإحصائية السنوية السورية لعام 1992. 
-. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1991. 

.. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1990. 

. المجموعة الاحصائية السنوية السورية لعام 1987. 

5 المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1986. 

- .. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1984. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1983. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1981. 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1980. 

+ . المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1978. 
المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1977. 

المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1976. 
+ . المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1974. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1971. 


6517 


0 


. نتائج بحث العينة السكانية للقوة البشرية وقوة العمل في القطر 
العربي السوريء أيلول 1972. دمشق: المكتب المركزي للإحصاء. 
[1973]. 


. نتائج التعداد العام للسكان في الجمهورية العربية السوريةه 1981. 
دمشق: المكتب المركزي» 1988. 
. نتائج التعداد العام للسكان في الجمهورية العربية السورية» 1970. 
دمشق: المكتب المركزي» [د.ت.]. 


الجمهورية العربية السورية. القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة. الإدارة 
السياسية. مجموعة خطب الفريق القائد حافظ الأسد. دمشق: [القيادة 
العامة ]» 1972. 

الجمهورية العربية السورية. هيئة تخطيط الدولة. الخطة الخمسية الخامسة 
للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 1985-1981. دمشق: الهيئة» 1981. 

الجمهورية العربية السورية. وزارة الاقتصاد الوطني. مديرية الإاحصاء. 
التقسيمات الإدارية فى الجمهورية العربية السورية. دمشق: مطبعة 
الجمهورية السورية» 1952. 


الجمهورية العربية السورية. وزارة الإعلام. سورية الثورة فبي عامها الرابع 
عشر. دمشق: مطابع مؤسسة الوحدة» 1977. 

الجمهورية العربية السورية. وزارة التخطيط. مديرية الإحصاء. التعداد العام 
للسكان لعام 0 . دمشق: الوزارة» 1960. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1963. 

.. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1965. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1955. 

. المجموعة الإحصائية السنوية السورية لعام 1950. 

الجمهورية العربية السورية. وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي. نتائج التعداد 


648 











الزراعي: 1971-1970: المرحلة الأولى ‏ بيانات أساسية. دمشق: الوزارة» 
1012 


الجمهورية العربية السورية. وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. النشرة 
الإحصائية السنوية لعام 0. 
الجندي. أدهم. تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي. دمشق: 
مطبعة الاتحادى. 1960. 
الجندي. سامى. البعث. بيروت. دار النهار. 1069 . 
5 كسرة خبز. بيروت. دار النهار للنشر» 9 . 
الجندي. محمد سليم. تاريخ معرة النعمان. دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد 
القومى» 1964-1963. 
الجيلانى» مؤيد. محافظة حماه. دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد القومى. 
4 . 
حزب البعث العربي الاشتراكي. نضال البعث. بيروت: [د.ن.1» 1971. 
. العوامل والأسباب الأساسية التى أدت إلى سقوط سلطة الحزب. 
التنظيمى. دمشق: الحزب» 1985. 


. المؤتمر القطري الخامس العادي: 4 18 أيار/ مايو 1971. 
[دمشق]: الحزب» 1971. 

. القيادة القومية. مكتب الثقافة والإعداد الحزبى. الحركة التصحيحية. 
1980-0: [من المؤتمر القومى العاشر الاستثنائى إلى المؤتمر القومى 
الثالث عشر]. دمشق: [القيادة القومية» مكتب الثقافة والإعداد الحزبى؛ 
3 . 














: مكتب الثقافة والإعداد الحزبى. دراسات تنظيمية. 0 - 
0 . دمشق: الحزب» 1.68 


649 


. من تقارير ومقررات المؤتمر القطري الرابع. دمشق: الحزب» 
8 . 


. التقرير التنظيمى. دمشق: الحزب» 1968. 


ابن خلدون للطباعة والنشر. 1972. 








الحكيم» يوسف. سورية والانتداب الفرنسى. ط. 2. بيروت: دار النهار. 
1. 

حمادة» سعيد. النظام النقدي والصرافي فى سوريا. بيروت: المطبعة الأميركانية» 
5. ْ 

الحمود؛ نوفان رجا. العسكر في بلاد الشام في القرنين السادس عشر والسابع 
عشر الميلاديين. بيروت: دار الآفاق الجديدة» 1981. 

حناء عبد الله. القضية الزراعية والحركات الفلاحية في سوريا ولبئان: القسم 
الثاني (1945-1920). بيروت: دار الفارابي» 1978. 
الأول (1920-1820). بيروت: دار الفارابي» 1975. 

خليل» هاني. حافظ الأسد: الأيديولوجية الثورية والفكر السياسي. تقديم 
مصطفى طلاس. دمشق: دار طلاس» 1987. 

دكروب. محمد. جذور السنديانة الحمراء. بيروت: دار الفارابي» 4. 





رافق» عبد الكريم. بحوث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لبلاد الشام في 
العصر الحديث. دمشق: [د.ن.]ء 1985. 


الرزاز» منيف. التجربة المرة. بيروت: دار غندور للطباعة والنشر والتوزيع» 
17 

الزرقاء محمد عليء والياس مرقص. صفحات مجهولة من تاريخ الحزب 
الشيوعى فى سورية ولبنان. دمشق: [د.ن.اء 19 


650 


يا 


زريق» معروف. تاريخ دومة. دمشق: دار الفكرء 1986. 

زكرياء أحمد وصفي. عشائر الشام. ط 2. دمشق: دار الفكرء 1983. 

زهر الدين, عبد الكريم. مذكراتي عن فترة الانفصال في سورية ما بين 28 
أيلول 1961 و8 اذار 1963. بيروت: دار الاتحاد» 1968. 

زيعور, علي. في العقلية الصوفية ونفسانية التصوف. بيروت: دار الطليعة» 1979. 


السباعي» بدر الدين. أضواء على رأس المال الأجنبي في سورية 
(1958-1850). دمشق: [د.ن.]ء» 1967. 


السيد؛ء جلال. حزب البعث العربى. بيروت: دار النهار للنشرء» 1973. 


الشالط؛ عمر محمود وحسن بشير الورع. [«دوما بلد الكروم»]. نسخة 
مصورة]. دمشق: [د.ن.]ء» 1964-1963. 


الشمالي» فؤاد. أساس الحركة الشيوعية في البلاد السورية اللبنانية. بيروت: 
[د.ن.]» 1935. 

شمعونء كميل نمر. أزمة فى لبنان. بيروت: [دار الفكر الحرء 1977]. 

الشهبئدر» عبد الرحمن. ثورة سورية الكبرى:[أسرارها وعواملها ونتائحها: 
تنبؤات خطيرة عن كارثة فلسطين الحاضرة]. عمان: دار الجزيرة» 
[1940]. 

الشهرستاني» أبو الفتح محمد عبد الكريم. الملل والتحل. تحرير عبد العزيز 
محمد الوكيل. القاهرة: [د.ن.]» 1968. 

طلاس» مصطفى. مرآة حياتى: العقد الأول 1958-1948. ط 2. دمشق: دار 
طلاس للدراسات والنشر» 1991. 

الطويل» محمد أمين غالب. تاريخ العلويين. بيروت: دار الأندلس» 1966. 

عزيز» طارق. الصراع العراقي الإيراني. بيروت: [د.ن.]» 1981. 

عرودكي» يحيى. الاقتصاد السوري الحديث. دمشق: [د.ن.]» 1972. 


651 


عضيمة:؛ صالح. تحليل رفعت الأسد: مقولة في حكمة السياسة وسياسة 
الحكمة. باريس: مؤمسة الاثنى عشر» 1992. 
العظم» خالد. مذكرات خالد العظم. بيروت: [الدار المتحدة للنشر]» 1973. 3 أجزاء. 
عفلق» ميشيل. فى سبيل البعث. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر» 9 
. نقطة البداية: أحاديث بعد الخامس من حزيران. ط 2. بيروت: 
المؤسسة العربية للدراسات والنشر» 71. 
العقيقي» أنطون ضاهر. ثورة وفتنة في لبنان: صفحة مجهولة من تاريخ الجبل من 
141 إلى 3. تحرير يوسف إيراهيم يزبك. بيروت: الطليعة» 8. 


العلبي؛ عبد المؤمن محمد. أنماط توزيع الدخل والأجور في القطر العربي 
السوري» 1975-1960. الكويت: [د.ن.]ء 1979. 

علماء ورجال دين من الطائتفة العلوية الإسلامية فى الجمهورية العربية السورية 
ولبنان. العلويون: من هم وما هي عقيدتهم [د.م.]: [د.ن.اء 1973. 

العودات» هيثم. انتفاضة العامية الفلاحية فى جبل العرب. دمشق: [د.ن.] 1976. 

غرايبة» عبد الكريم. سورية في القرن التاسع عشرء 0 -1876. القاهرة: 
دار الجيل» 1962-1961. 

فراء صوفيا ولوك ويللي دوهوفل. الرقة وأبعادها الاجتماعية. ترجمه عن 
الفرنسية عبد الرحمن حميدة. دمشق: وزارة الثقافة» 1982. 

القاسمىء ظافر. وثائق جديدة عن الثورة السورية الكبرى 1927-1925. 
بيروت: دار الكتاب الجديد» 1965. 

قراعلي» اروتين (المطران). أهم حوادث حلب في النصف الأول من القرن 
التاسسع عشر. نشرها لأول مرة وعلّق على حواشيها بولس قراعلي. 
القاهرة: المطبعة السورية. زد.ت.]. 


قرقوطء ذوقان. تطور الحركة الوطنية في سورية» 1939-1920. بيروت: دار 
الطليعة» 1975. 


6252 


قساطلىء نعمان. الروضة الغتاء فى دمشق الفيحاء. ط 2. بيروت: دار الرائد 
العربى؛ 1982. 

. الروضة الغنّاء فى دمشق الفيحاء. بيروت: المطبعة الأميركانية» 

.9 





قطب. سيد. معالم في الطريق. شتوتغارت: [د.ن.1]» 1978. 
كرد على» محمد. خطط الشام. دمشق: [د.ن.أ]ء» 1928-1925. 6 مج. 
(أعيدت طباعته في بيروت في السبعينيات). 


لوقا» إسكندر» رياض برازي ومنى يغمور. سورية الثورة في عامها الثاني عشر. 
دمشق: وزارة الإعلام» [1974]. (المكتبة الإعلامية؛ 1) 


المالكي؛ رياض. ذكريات على درب الكفاح والهزيمة. دمشق: دار دمشق. 
2 


محاضر محادثات الوحدة» مارس - أبريل 1963. القاهرة: مؤسسة الأهرام» 


3. 
المسعوديء. على بن الحسين بن علي. التنبيه والإشراف. [بغداد: د.ن.]ء 
8 . 


مطرء فؤاد. أين أصبح عبد الناصر في جمهورية السادات؟. بيروت: دار النهار 
للنشر» 1972. 


. صدام حسين: الرجل والقضية والمستقبل. بيروت: دار القضاياء 
0. 


المقريزيء أحمد بن على. كتاب الخطط المقريزية أو المواعظ والاعتبار فى 
ذكر الخطط والآثار. بيروت: [د.ن.]» 1951. 


المعلم» وليد. سوريا 1958-1918: التحدي والمواجهة. دمشق: [د.ن.]» 1984. 


653 





ل ينك 


المؤتمر الإسلامي العلوي. مناظرات في المؤتمر الإسلامي العلوي. [د.م.]: 
[د.ن.]ء 1973. 


الننجارء عامر. الطرق الصوفية في مصر. القاهرة: [د.ن.] 1978. 
هيلان, رزق الله. باقة منزلية: خواطر فى السياسة والمجتمع. دمشق: مكتبة 
ودار توزيع ميسلون» 1984. 
. الثقافة والتنمية الاقتصادية فى سورية والبلدان المخلفة. دمشق: 
مكتبة ودار توزيع ميسلون» 0. 


ياسين, بو علي. حكاية الأرض والفلاح السوري» 1979-1858. بيروت: 
دار الحقائق» 1979. 


يونسء عبد اللطيف. ثورة الشيخ صالح العلي. ط 2. دمشق: منشورات وزارة 
الثقافة» [د. ت]. 


دوريات 


باروت» محمد جمال. «[ حول الشعبوية الحورانية في سورية].» الفكر 
الديمقراطى: العدد 11» 1990. 


الصياد: تشرين الثاني/ نوفمبر 1970. 

الطليعة: العدد 6» حزيران/ يونيو 1975. 

مجلة الدراسات الفلسطيئية: المجلد 8.» العدد 29» شتاء 1997. 
: المجلد 8؛ العدد 30 ربيع 1997. 

الديمقراطي: السنة 3» العدد 29» نيسان/ أبريل 1984. 

العربي الاشتراكي: تموز/ يوليو 1985. 


العيسى» سليمان. «بدايات البعث العربى.» المناضل: العدد 84» نيسان/ أبريل 
6. 


فكر: السنة الثانية» العدد 6» حزيران/ يونيو 1985. 
المناضل: العدد 190» تشرين الثاني/ نوفمبر 1985. 
: العدد 189» تشرين الأول/ أكتوبر 1985. 
: العدد 160» أيار/ مايو 1983. 
: العدد 95. آذار/ مارس 1977. 
: العدد 297 كانون الأول/ ديسمبر 1976. 
: العدد 90. تشرين الأول/ أكتوبر 1976. 
نضال الشعب: العدد 49» نيسان/ أبريل 1949. 


النهج: العدد 22» تشرين الثاني/ نوفمبر 1973. 
الوسط: العدد 267 10 أيار/ مايو 1993. 


2- الأجنبية 
م800 


:0140111071 عأ«بري و] ع0 7:6تهطجنه ء7أمادنط* أ 6 :12100110 .ع اماقم كول اأعلطم 
300025ء 1[طتاط) .1982 ,رعذتههه6ة! غالدرع تلولا :طانامذزع8 بعاعؤزى 1غ[ 1/1[ 
(25 رقع2190مأكلط دعلنطاة 5ع0 وملاءة5 رعكتقصوطز! الو تلدنا”! 


سالاد ءاه ع7[ إن عنازاه 3/7 4 :هط رالا ,0716ل برط .ننوءانده18 عترط لهة 1920 نااىم 
,800165 5ع نط1 :علعملا بجعل8 .ناأهومء1]05 زع[)نا8 قلهارآ نط صملغوأذتة؟ا' .ءأعويدات 
.19281 


024 ألته 1 ,لاتمادالط «أع:ل1 كزه برودا5 عولط 4 :دءد8 776 .354 و1زء[8! ,متلع122 ناه 
4 ,اللقظ .ل .8 بمعلاعآ جووزع0دى 


+0015 1011ا/أ0نه! كعك اأعلاء1 .[52/717] .1501211 ص1 130ققة لبالا رتنتقمطبرظ -لذف 
.05 4 .1862-1908 ,الترظ .ل .8 :نسعلاعا .لطعت]! #أملنما .ا عدم عغتاطنط 


عت دعالط :2ه0همناآ .نجه |كل ره كع عراز علاكزه اانتمعع4 7ه ,اتكقلةق .13تأ0[ تنتاطاقة ,مستعطدم 
050 ,دلاولا 


655 


و 7108طممةن) ,نولوط بربماعن0)/! هته انرء «تررماعءنع12 :وتسبزى .لا 0صنتصل8 كتنام]اوهف 
0 541001 113272:0) .1959 رؤووء:2 '[2171511لآ 213230 :.11355 
(1 بقطمومع 11020 


016 بتاع1]! .هتلط أدعء ةر 1«وماط 176 جاوء07 عا عأءأء0 1 .8 أرعط0] ,لإعتموم 
.6 ,5ل1ء21 عل مس11 


مطمل زط ططعدعء1 عط صمط لع غ2اأكسهةا' ؛ببدكمءط «مزاصبروظ 772 ,حاتطآ1] تحندة11 رأنامكوم 
.(1938 سا طعدعءءظ سا لعطكتاطدظ) ,1968 رووعر2 ممعوع8 تومغاوه8 .5مدز1 1لا معل1امف 


38 باأ0لإه8 :كاجو ,كرزمااءط دعل كع تسينالا اء كريتع ما . 


5 411610 :1111©111/ع4114 ء 01 1بوتدده2 7776 .8211 .8 100118125 300 .لا عع :00 راألو8 
١] 001‏ .177 .17/7 :0لا" بجع[ ,اررعوعرظ عو[ا نا 947 [ رأعه 52[ لاا اأترعتدرعن إونادل 
,1992 


ع 6 0و8 05 20 .أوب .ركوط نويلم0 116 ,نوادرودمء2 786 .06 210006 ,عقعاد8 
.[. .ه] ,[كعتاامن] عاعولا بج ىل« .كماما عد نومع م1 :ا عمواه8 


:1760 /[0 5اةةع71(ء 10( ب101107انتأونك!! :1011نت كءدكه01) أوأع30 014 116 .ققضواط ,تكقتوظ 

,0201111111515 كا( ك[9 97:4 كعءدكمأن أماءىء 007 0ت همء70هط 0/4 5 وه[ زه برللناة ا 

رو5؟2 1513 117لا امأعع م8 :.ل .11 بممماععماءظ .مرعء 0/1 ع1 4ه ,كأ15 817 
(أقق8 عوعل8 عط جه 500165 ومماأءعسمترط) .1978 


,7 .1 عاتملا بتك 11 :د50 ءا ونجه اودع 12 171:6 .وأجتزك .القلط امآ علتصاءء0 بلاع8 
.7 مبلإلنقم 022 ) 3110 


بععلء أو أأعه:و] إن برعبيرى 4 «اععزو,7ط واوط عاورو8 ندع !!!| 716 .تمزع الل دامع تروعظ 
بتأعققعدع] نزعزلوط عتاطبط ,10 عأنالاكه] ع5لرمتعاوظ مقعمعصسم :0 .0آ رماع متطمة/1ا 
(398 ز5وع1ل0ساذ آطلم) .1984 


أأءه"5[ زه بودماداط 4 نكعجها!! إعنء5 5 أءهى1 .215 ه54 لإمصعظ لنة ده[ عاعقا8 
رؤوع8 عئا0ثان) :ةل" بتاء[! ,ومع |تدرع5 عن دبعو [لاء 1:1[ 


.05 !ىا عاعهجه![0) عتده8 كاز جره برودوظ ددم «نرماكالط أو«بظ أعدعء ل .ععوللا رطعم1اه8 
01 بواأوعع الدنا الإءاععاقء8 نع تع طلهه5 أعصول برط طعصعءط عط سمط لعغ12ئمة:]1” 
.6 رووع:2 وته1أاة0 


:]1 أعمقط0 .1760-1826 ,مممعءاك د« دددوزاعه7 أمءةاثامم نآ أتعطععط ,ممسلمظ8 
11151013 112 5110165 نم5 1312265) .1963 رووع22 3هت[م2ةن) لطلتزمل] 01 زوم ازولآ 
(ععضع 50 [هغ1)1أهه 300 


يءانرممهج80 انم ءأوصهة ره كرنهتجعلة .عل غعاع7ن2 عنأماائة كتناما رعصرء سام8 
.05 1891.4 ,5ظزه50 5” تع قططتتتء5 وأأمقط© تعارملا بجعاة .ومملطط .لا .16 أعدم1ام نإ 


656 


17م 


و[.هه .ظ] :ه00همآ .متسرك زه دع أاعاأاماد3 أماعمء: م0 ج17 ره ا#مصعر .قطمل رعمءده80 
1840 


عادولا بجعةلا! ابرع 8 [-311 [ ,ورد أأعنامه) مده رمقاوعز ]نس .لطفسعءظ ,اعلسوعط 
1982-4 ,101 يق رع ردة11 


.ع أطتدووظ ع[ لزه ىا أ«طاط 11 نعلا درول تورعناا إن 5ع جبناعءيتا5 776 :1 .أملا 
إإ 177665 776 :2 .1/01 
.م1 عدا اكإن عبزاععوسروط 7176 :3 .املا 
بلإقتتناالا .ل :008<مآ ,لما برام ع[) 01:0 وتنك وز وأونم 12 .5ابناعآ صطم1 بالعمطعاعسظ 


ته «وسحوط بواجرمءط :دملاو رمع 0 «رمأاه عطارا ادولوم 1776 .همعاء1آ ,موطمه0 
4 رووعء2 نوانواع المنآا عمل طتصهن) :لمفاعصظ رععلتتطسدن0 ئنزامم 


كذ ©[ا انمز امعط [00ئا! :1ه بورماكة لظ 01 معط عط[ زا دو [ونا3 .(.لع) .له .11 ,0641© 
0 ,2 .لآ 071010 :ههلا بتاع[1 :00011.آ بره ابرععع,ط ء[ط[؛ ها نواد[ /[ه 


إن أل 11 0:10 ععءتماهظ8 بوره ثاثالا أأعمءى]- م4 776 .11 لاممطامة ,مقطوءل:060 

*(مكر 110115هء اع[ 011 كاده 17 0010 5تزكدعراً نويهاتاتابة كزه كزكبرأمدا ١ل‏ «كتدمتنوعم0 

عتأطناظ 105 عانطتاكص[ عدتتماع أمظ حنوءلتعصية :.ل) .(آ رماع ستطامة/لا .عناوم عربرار] 
.7 ,لأعتقعوع]] بزوأامط 


01 وود ,7,1919-1946نهطقآ نته أمء أ 1اترى االعننرعتانتوائل عا .ؤعناوع2[ رلصهاناه©6 
الله 0086© ته أه 10(1املاعونة' | ن «وألمصلاععه' [ 02 كتهعويه لطر واه ومن ع[ )1نه610م 
1970 روعلقاءه5 قنه الل :ماموط .أتومنومة 


071 !511 !271211اعع3 :لبر درا عسوو مل ءأوعنةداد :77 .732 1101205ل! دنآ 
1979 بتضأع1آ! متهن تمهلهمآ .1961-1978 ,كع لاوط برا «عزأوط :1 لابه 


,18/101301 علتهلا بجعلا ,عإرزرط براءظ تزه بوبم35/0 .ع 7/1051 رمهلة12 


:ةل بتهأكلة "1 .1947-1974 ركم لآ أأءعه«وآ-طهل 11 :تورماء1! عبزعيراظ .8 :0ناع11 ,لإنامناط 
4 ركعامه8 مم11 


1 إن :اط ك4 نادمءأمدملة زه عع4 776 .أقققناطط أعتعة لضة 1لأللا ,اأموساد[ 
عط1) .1975 ,تعأوناطاء5 له متك :علعملا بجع1! .5 [8[ مز 789[ ««مثر ورم1نوء 1ن 
(11 .ام بممتاهع 0111 1ه بورماك 


00 ! ,تواأاتسه8 .ظ :واموظ .كزمعمل! عمل رمأو ذاعم اء عرزم/ىز2 .ع1 ,لناوودنادز 
.1994 اندلا ع1" تههلدما .1993/94 ,متترن ء[ألم+2 بواصيمن) .أتونا ععمعع تااعامآ أوتسمدمعء8 
0117 ناا طعاناطط عط ممع لعنةاكمهعآ اكتمعا هه مر ,تمءاممولة جعاعاط ,ابرع 


.1949 رووعء بوالومع الملا علولا تمع حوت] بجعلا معامع 1 


657 


577 .[ 0:مكصهاة نإ 160 ذل .««د|دل ره «منامعة !0 178 دده 5ه 01لااى .1 .له .11 رططز0 
2 ,رذوع:2 ومعقعء8 :ماوو8 علأه .]1 دزالا لسه 


عط كه رونا3 4 امه 1 :1 6:1 نواعأء50 أنواكا .تع ص8 10معة1ظ1 لصة دمالتصة1آ ,رازن 
ا اقوط «عمءلة! ءن[ا دا ءتبتاآنت) وبع أدماب! جره ««متامع ]ان ««رعادء1! ك[و أع مم1 
7 رؤوع22 نوالوطء الهلا 021010 


.]1 مقع1)8 .277|وط ره وألءصماعنن؟ظ «ع5701 .(.كلع) تعتصما .11 .ل لسصه .1 .م .1 رطنت 
.[1953] رؤوعء2 نوالوع اتونا [أعهره0) :لا 


أت 1189لا مممء 1م ء[ا زه 1206 ءا جره 2 [9[ «روعءة ءا «و اتممع82 .لأوائو8 أوع02 
(5167 زقأومصعظ1 تداناكدصه0) 820 عتأقتدهأصاط) .1913 ,[.طم .م نمهل0هممآ 


عا :0 906[ «روءا ع[ جور بمصء؟! .ع1520 04 لجقه80 لسة 0166 مواعده] .متماارظ ادع 
.007 ,ع011 5121037 .1 .11 :00011آ .كلاءكه 0 82 زه 11606 


.ض] :080011آ .كبع كوو زو ء0ه 17 6[ ورهن 1888 «رمعلاآ ©[1 "امل "مدع . 
.9 ,لطم 





رعأأعطع هآ عتعتةتطئتا :وأعوط .16 0جمزوجه<1 ,وه«ط ,و«أاعولوط روتجبرى .وعلط 5عل010 
,1932 


0144 5011 أء ك”لاء710 كع ,الوأعأأء7 هد ,ءدأماداكآ 30:1 :ءىناطط «مغاهلا( مط .أموع1آ1 رودو 
.9 رؤووع:2 واتطاط-فظلط : دتهلععأكصط .عننو ةلامح 


.3 ,[.2 .5] :وضوط . : 


عل تمحهآ :مقدصة ]1 .ءابادمبومقع ع0 عل0لاظ ,صواكل' 4 «مأع86! ما .لقصحتطةظآ-ابلاة ,فلنسمظ1 
1959 ,0176لا" 1 





7 ,[.طم .2] :000ممآ .بممع!! ممأاصدن1 «وتسزك ,2 عع ه10 هزد رممالتصد11 
.1984 ,رممماعوا لصة علءاجع510 :700مآ .عام سععوءط «0 اعنرم 127 :اذله4 .تداك ,1120 


بجج1! ,عكباولط ء1أ !17 «مطلة ءا د «رمع دول +عسوط إن ععار 77:6 .1/1 نا طالزء5 رطكرء11 
.3 رععاه80 التستسباك تعأرملا 


,21655 للق 1ع حمق :األطاع8 ,ورك ره ««مأامعاربمع:0 عنتروبرمعى .(.لع) .8 5810 ,طأءلقستلط 
.1236 


لم11 ه دز بوبمامطلط 270 عءرعتععدم© :واد زو ع«نادع! 776 .5 .© القطدصةك8 ,ممدع 1800 
.05 1974.3 رؤوعء8 معقعتط0) 01 جاتو حتمنا :معدعتطن) .جرمنامع/ اينع 


لإالققء باألانآ 07:101:0 :0500آ بردععظ أمءةاأاوط ه ,اماعط ونه وأسبرد مازعال4 ,تصدئناه11 
.[1945] ,قوع 


كألاهك أله أه لاء18] «منفننومااه © 4 :سات تنواكا :77 .(.كلهء) سعاد .154 .5 لمه 


658 


«مءل[ ١‏ لزه دع ء اوداك عط عله هءاأكتأاطاط [1965 ,2 رابرل-28 عديال ,عع 0011 
0 ,تعتاوكةت) :07:10:0) .ونام بررواكالط «عاموط 


ع7 ٠0‏ مكدع دي أب ل كزه ««متد5ه م[ ع1[ مز اعد زه بورةاى2 776 .103110 رعصبط 
.9 ,رقل 810113 لكل تعجهة1! :علتهل" بجك1! .688 1 أ :دم اباوبع8آ1 


.0 081 58011611011 عتانائل غضعةم طامع2 عاماء1' .أعاناماه8 درطل 'ك دعوهنره! .)ها )82 15 
.1968 ,[.2 .5] تقلقة8 .أأأعهتناعومة5 .1 .8 اء وعسسرفقءدآ 


عط متوط 4ع غ2 أقمهقها' .نوده د11 هأ املاع ائك2170! ننه :4177101 مولناط 12 .نال لقلكآ ص1 
0 ,لله ضوع !1 لقة ع011608ا1]0 :2002ماآ .أقطامءذه عمط نزط عأطوقم 


260110711 186 .الع طرمماعباعء10 220 102أع لأ كضمعع 1 +20 علصو8ظ 5021 0ع م1 
1955 رؤققة21 قضاعاره]آ قصطهل :عتم لم8 ,ورك ره ابر «جرماعنج 1 


2001 ع :1800-1914 ,أقدط عأ تابط ء :]ا كه مورهاكطقط أنه معط 17 .(.لع) 5ع اتهطن) ,اأبخمود15 
.5 ,رووء81 80 قعلطان) 01 إذو]ء كتهنا :معمعتط0 .كو أفمءخ! [ه 


5عء أتكلاة عطا ععلهنا لعطمتاطوط ,توصك عتددم معط ربه ببوستع 0 -لوزالا اه امبروط . 
انوطع الهلا 0:1010] :002همةآ .قتلو قلق [8ه10) 1212208 04 عأباتاكمآ لونزمظ عط 01 
.1954 ,[ؤووع:ط 


جطالا ,امأ805 .(رمتتصطعط مءلمنانر! أعم دا نروم/1[ «انسراء 8 ره ء1اله8 7176 .أعقطء11/ا رمعدصول 
.2 رووعءه لط طانا0م5 


بلع0ا5 نواموط .ترعطئط ع «بزوم ‏ لقتصدعا بأواطاضسل 


111 دا «وأاه انام 001 :و تنمطعط جا ععترعاهةلا هننه اع ةربه .110ه/لا ,1ل أاقك1 
]1 ,وسلوالف أهده 1 أقمتعاد! 15 عمعامع 0 :11355 ,عع ل1ءطمرد0 ,اوموق 
(38 ر5كلقككث 1همه281اء12 صا 5010165 لتدصج1]) .1979 ,لإاأورء الولنا 


:011لا بجعع81 :يه1! 1982 عا عاأ للك ع 011171311 أكاعء12 ,0 رآ ب نعوواى «ء0دل . 
.86 رووع22 نجالومء للمن] وأطسياه6 


,7ك أأمعنه العا[ هنل زه د ثاثاو 11 :عاه 0ه[ إعدرء 1[ ©[ تنه وأسدرزك .5 «إتلقطط ,لإتسامطك1 
7 رووع28 نروالوق217نآ ماأععمصعط تومأععولط ,1920-1945 


,85017/18 رع 1أانآ :8م805 .أمبمعرزونا رن كعمع! ,بصصمعط عع صلووتك1 
7 ,[.هم .2] الاملمما .ببمتوعطا باأكتأع اا ءطو 4 ول .صو ”18 مجه لظ ,رعممآ 


.4 باقاء0آ تهولهمنآ .كدمتاصبرووط ««بع وما ع[ لزه كماديت) تنه كارع :هلط . 
(315 رضوعطئنا و”ممصصحء8) 


,1086 ةن .كدعا عاءفناا «#عاها عذأا ها 5 أ1أن) :«7أأعاا .مابصولا 1:2 ,ونالأممضآ 
67 رقوع:2 بإازوطة117ولآ لتوحية1آ1 


659 


0 


اناالا 8 يع أمزعهد ع أوجرودرمعة ' ل علناظا «صعطتا ناه أء عأنزى دك عأوجيت 11 هط .16لكث رنامتاهآ 
(كقصة2آ عل كتهجمد» الطتاكمة”! عل دعمتأمدمة81) .1936 رعنوأأمطاق عتمعسممس1 


06 ,:رمأاهء أ أصدا ,كءاواع اط ,ارطع 071 اعاعنزة كعاو0تنوا! :171 .7181005 01 عنودعنا . 
.1945 ,112310135 01 عناع638.آ 


.1800-1980 ,1تو070ل 1ه وأمرى «ذة كر أناء3 :2ه كلهو نم87 .آ8 مقصعهلة ,وأاعآ 
.7 رووعع2 بواأورء حلصلا عع ل ءطصدت :عمل طسوت 


عاد جنا متم اععاوط 1816 :104/5200 .(.كل6) متصاء8 [ع30 320 لسقطعةت ,سمقتصعاءماآ 
.1989 رووع:2 800 طانا50 :وماأو80 .برهةامملعء0 أأءه«؟] ادزرأموه 


هآ عأهل0ترصاط تمدع «عل:: 071011طعطآ نت وتجرى .لزع أكتء1]1 لاعطامء 5 ,0282188آ 
.58 رقوع:2 نوالوطء 311لا 010:0 


رسع طاسم/! إن كاءء5 اأععه3 ءا ها اأعةل[ 4 :تأءءأعه 1ك[ 0110 ([وعتزووة 717116 .أعناتقة5 ,عل نآ 
.3 ,[.طم .8] :2008همآ .مسرى 


كزه اعهصة:[ :11 :1840-1861 عررزاعءاوط ثرت وأنتتزق :ةذ #جترمع!1 77ه 011071 .عتاذه81 ,8/1202 
1968 ,8 تملضع تهات نتهلتامنآ .بوزعاءع30 ودره ى /زأو بره أمنجاع:16 116 


.[.ل .هض] ,[طام .ه] :بجمعده اا عءع نع لرووعه من وعاعواء3 .كأعوصظ عع رعلع: لهة أعمكا ,عصدلة 
.1913-1-38 ,اأقظ .ل .15 بمعلاع.آ .ادل ره هألءوماعين::ظ2 .كأنامآ ,مهمع أدكة/ا 


بتاكم عاملثللا عطا نرأ عء 201 عتدمدمء1 وررعاكه!![ إن كتراع 0 777 .ععنط8 ,كزع أكة1/ا 
ببع1! علرولا بب ع [! ,600-1750 [ ,وصصءال «ا «رثوه معطا ءأد«ره|كآ :ا كته دز[ ةا اتمع عل 
.988 رووععط نزو نازولا عأوملا 


.0 ,لاتاظلا/!آ :000دم.آ .اممواط ءنم«معط اعوط ء 4100/1( 
.8 ,[طح .ه] عاتملا بجع[! .مطل مبودطء ةزه كلمعل :11 .لكقطاعت] رممجللط 


عسبناالت روه ' [ «لئى 01/077 77لقع 0ل ع0نناكل .0172 هالع تصنء هل عل اء عووععم عل عطهيه ع01116 
0 ,.ث ."1 .0 :مقطتة 2[ ,06 أاكلتهاى اء عناؤاجرا 065 ,99046 [ائزأ 0ه علاطا 0116 1«انرى 


0111 :ققتتة(آ1 .(968[-928[) عء76م«اجامء كع رازءأ"الزى ك01/©5 510/511 كعك اأعلاع 1 . 
1070 ,نأ فصع تناع 0ل عل اع عووعىم عل 31866 


.1963 31-1138861 1230 تأتصاعءع8 .وهتهطنها/] ,لا نوا لعانلظا .رمالا مرعم0 


:مآ .1800-1914 لل«وارمءظ 1ط 186 هذ اعمط ءالوللط 1716 ع8 50 ,دع 0 
1 ,لعسطاع 11 


.5] االطاع8ا ,“رع طنمعاصع3 بأعها8 .تعادعءن) طاعسوعدع ]1 ههج أمدع:0 مملكوععءطاآ عملأوعلوط 
0 


660 


روة1"11 وعته 161261055 تقصدآ] عمء 1120 بجءل[! .هربزك ره ءزأطبامعى 726 .أعقطمهظا ,تقلوط 
.[1956] 


رعقنا10] قمتطوتاطيظ تزعوعع م ووع؟8 1107051 :إلامء1/105 ,بوروط ادزمرتوعط عا كرو لم2 11 
.1974 


5 م أمتجمءظ 70ب أمأع50 ناته !| زه كدءء3 بواضع7 إن كمع 5 .لتتت 01 لم رعوموء2 
.0 رؤوعة1آ 0011تاع5ة01) :01010 .ترمةاامبع] برعع 07 ءاه 


7 رؤوعع2 باوااع]] لإلطتدما/! اهملا ببعل! .تبمتماععط “عن وإععندرا3 176 .1301018 متقكاء 8 


ع6 جره[ جا معطت كج[ ء«أوداظا دا نماطط زه كوطتاء مل ع7 .أصصة:010) ,مأهمضلماءط 
وإقلعاطناه12 :لآ .1 لوا 


وأل هعاس00( زو ععأد«ااعء8 .(.قلع) ونع طتوطن) ..آ لتقطءن؟. لسة سذتاائ/ما علزمط 
00 ]0 لإاأأواء كلالا :معمعتطن) ,تجسنادعن اانععاعدةاط 176 اعمط ء[00ث/! ءا 
8 رووت21 


عتصتمصمعظ كمه )2ل لعاتونا باسصالعظ8 .برمنوء!! !| 0ط ء 7ط جز ««متاهلاا3 «مأنواب تروط 11:6 
0 رقاقق مرعاوء/الا :10 صم ذكد س0 


1ه 5م162 زه بروه[1170ل ونا :1 .أنل! «اعوط «جوءل! انوع :4 :77 .(.لم) .8 وعتصول ,لممطعاقط 
3 ورووع]؟8 ناوطع الهلا ممأععسصضط :ل .لآ رومأءععصلقط ,ممريمزم 


.1980 ب,لعأكفقط0) -أعطعنا8 تكمدط .دعرزموقلط علقطعائلا رمتطق1آ 
1979 ,لاللامق8 ,عأأانا تللمأوم8 .مسعالا ب«زطه!! 716 ١‏ 


1112/0665 0110 ,1031901151711 ,كع ع 17110 ن5عاهت/صلاط 111 :اه ععننه 0 .وعالصهسخ ,مطةأ] 
.6 ,لزاع 10وممعطاصف أهزعه5 صا ذ5ع50101 للاأمطعاء5)0 .مونررد امومع مهلم مز 
(15 ونروماوممعطامط لداع ه50 صذ 500015 سامطاء5)0) 


,5ة/إ18ل! :لاا 8 .723-1783 1[ ,كلا كه به( إن ءء انام 7716 .تمتمدكا -انحلطط ,1310 


لامقعه] ز5نالض7/1ا كز ماأهطن) :عاتملا بجع1! نره1آ 17 أأل ع:1ه00 .ن) لمقطاهص10 ,لهلمه]آ 
3 رؤووع21 


.ل لصة .0 .0 نتاملهمآ .لع 250 ,مجرمعءاك زه «وبماكقلط اممعولة 716 ع 0لصدععام ,اأعودسا 
.5ل0؟ 2 .1794 بتامعقلطه] 


ج11 .9435 [ ع3 اننع مماءنك2! :17010 طه جك 1[ زه ك5 [:07تمءط 711:6 .ذل ]أكتالا ,داع 521 
رووع26 5لأاية1/ة .)5 عملا 


لاط 210 اوة؟!' لصة 80160 جه[ «مسمزعط 5 أعمنىا .اموثهلا لبط لمه نله”ع2 لطعم 
4 بتأعأكناطء5 310 5112011 :جملا بجن لط ممصلع 1ط 128 


.1888 ,ه50 لصة برعانصع8 لمقطعت] :مهلتاما .تعايسمز :71 ,ط00)0011) تعطعقتسسطع5 


66 


الا[ .عن انماعاكءغ[ ابروكوعط إن كبرتره ل ترم 0نورعتاط علمء7! :11 له كارممع 11 .ل) 131265 بأ50 
.5 رووع28 لواتورء الملا علهلا نم2129 


,1992 ,ع 5نا10] متولسصه] 011 بجع [! ,علط جور م0 4 :أو10/! بتاك .عاع اقوط رعاهعه 


01 تجاذوةء اأحاتآ الزإعاععاتع8 اعوط ءانوثالط عا «دؤز ماع ع نداد 186 «ماسبرى تزه 41504 . 
.89 رووعوط وتصدمكاتلة0 


0 ,كنتكنةة1' .8 .1 :2000م] ٠.‏ : 





01 ,80118 .#تمتددء راط ببوأسبرد 16 «كبمزنواع8 طول ,3 ,ل .للا أأمع 191 ,عتزاعءع5 
.5 ,لتازقاء الملا عأهاك لسدائروط 


زه ترروادطل] أءنعء3 ا :رمع 1«أدودلكا 4ه ,كذاعه دا ,عطمع4م 786 .1 .1 80280 ,مقطععاة 
.6 رؤقع]2 أقعع1لآ 11630615 :ع1هملا بزاثة]! ,اعمط ء[هك:/( ء[ا د« به «رماصاط دروء عل 


ووممتنه/! زه طالهء17 عن زه دعكبنه0 010 ء«لنلول! 11 110زأ « 1779 تدك .لتتقلة مطتتسة 
.7015 1776.3 ,عتاماوعاتط نالا تستاطندا .عسمناملل ره انأمء1! 


مل عاتلظ .كرمززهل! “زه طأالوء11 عا كزه كعدبنمن) 0ثرت ععيتاه!! :1ا واارا بوطيتواط1 1ل . 
لإط ,م120 لعمنةأسط صة له القتسصتطدا5 افشامعة181 روماه[ رممتاعنلمهاه1 ده طالب 
[1937] ,نصصسطنا ستعله84 عط" :عاتملا بجعل8 .ممصمدن) مابحل8 


2 اا تاع12آ عتتتلهططارآ :5امةآ .170070011 ,وه[ ,6« أاععاوط عجري 


0 تاتوقء األانا :توطاتط تسسذ ععم|!!! مارك كل ::رممو15 [/12 .لاع طوجتاظ عقتنامآ بأععبرة 
,74 ,تدع تطاء 8311 


1 عاذ لإا دملأداكمهها' ها لعاتل8 .مآ «ماعءم«ممماءط ع[ زه دورمائة21 :11 .5ع010لإعتاط 1" 
.8 :[1943] رووع2 /زالواء هلآ 01020 ١6011:‏ بلاع]8 ب082000.آ .عضماذع م ااانا ./لو 


.تلات 105 "زه 17:20 16[] :رن [190 ««وعلاآ ع[ ١زم‏ أ7مصء8 .01106 مواعره"1 ,لإععاسن 1" 
2 ,ع01116 لع ه521 .3/1 .11 :0ه0مهمآ 


أاءنآ لمملا بجع1! .بإاتراط علا ننه ترعاط :11 +181 ئ مومع .لا حصدذاا اللا فسن" 


م1 علا نه لع 3 أقصة؟!" .مهناب أوبع]1 تبدأدديتاظ ا كزه بود0اىةط 77 .تامعنآ ,نوأكأه:1' 
.1932 رتعأكنتطء5 8020 مساك تعأدولا بوعل8 تنه تسافدظ عنولة زط 


71 كاذ 71مواءتء1 82010116 .44131155 1820201216 01 تتقعكناظ .1121025 لعأتهنا 
.5 ,[118)010115 0عاتصلا] :تملا بجع71 . [1954 م1] 945 [ ,اعمط ء/14104 


.لا :0 .0آ لماع صتامة/! ععبومرط مز ١رعسروم‏ ,عقن أساع موه ]0 امعصامومه12 . 


.(1960 رعتنا لناع عق 06 علو وطتدعلا 5ا1) .1960 ,01 امار .انئ00 


.7 ,ركعاهاد3 وءاثدلا ء[ا زه اعه ك4 أمءأاكزاهات .عع تع صحره0 كه امعسضومء دآ . 


.6 ,01166 عقتاصاء الع 001 .5 .لآ :0 .ئآ ,امأو متأط مدا 


662 


يا 


© :17 007101110115 1207107711 إن مك17 .115ق]كك ع1للامضمء8 01 الع تامتدمء12 . 
,اتا :عاتملا ببع11! .1951-1952 ,اعمط 14100 


14 اهمعط دا كء[ولةا3 :700-1900 ,اعمط عءل100/ل ء1«ه[ك! 786 .(.لهع) ..آ .هخ رطء)1 ج1000 
981 ركوع:2 مأبتطةآ :.ل .[[ رامأععمءط ,1700-1900 لمم عالط أمزء30 


1 أوبروط 2710 مأتنزي عنام 7 كأءنهم !1 .ع0 اناعمطءذمقطن) وتمعصة1 سأأسمامه00) ,لإعماملا 
:1 له 24 الأعدع؟1 عغطا 012 0ع 2اكصهآ .1785 014 ,1784 ,1783 جبروء7 116 
.5 2 .1788 ,لامكضاط0 .ل لسة .ل .0 .0 


ل[ «رفنةا3 ه تاعمط 10016( عا :ا أقء71ورماعنعء12آ 070 مك1 :2ط .عع 1002 ,اع ماسولا 
1216222010181 01 عاناتأكمآ 2[1بز0ظ1 :عاتملا بجعع88 به0هم.آ .وه« 0:0 ,وثنتزد ,أمروط 
.[1957] ,ككتقكف 


لا0] تعلدهلا بجعلا عة 2005م[ .اعمط ء4:001! معطا مز «و«عصوط جه 74هر8ط . 
.[1948] ,كتتققهة أهصه 21 ممعام1 01 عالأتأاكدآ 





1 17006 أكذاة 8 كزه كاععجركدم« :9 004111075 ع[1 تمجه اتمعع8 .أدع صر ,لزع اعلوء/لآ 
01,9 عدم ناها5 .351 .8 :مملدمآ .مسري 


.0 ,.016 2 ااننهاتط :ذ5كنا10' .كع !أباه[ه كول ونروط عا .20065 رعوولء أد لا 
.46 ,[ذتناه1] :وتمة8 ابرع 0 ورأعمرط ييل اك و تررق ع وتروسبووط . 


«وذاصب0077) كزن مك ةلآ 5 زكرن[ دار أ[[وسترو رماع د17 776 .]1 أزعط0] رتعععء8- رع مانلا 
.[1972] ,أكقن5 هآ :ل .11 ركناءتاهع5 ,د00 رز 


.93 لصف 7/0110 :.ن) .(آ دمع ستطاعة/17 .1994 كوزنا عإره8 وانرم11 :77 .علصد8 110:10 


علصوظ 0:10/ما عط]!' :.0 .10 يسمأعستطمة/[ 993[ بمورعظ تدع بمورماءيع7 110714 . 
.[1993] 


رعلصة8 1710210 غط1] :.ن) .(آ رسماعستطائة/171 .989 [ ارممء غ18 ابرع ججرمماء مك12 1780714 . 
.1989 


لصف 10ئه/لا عط1] :.ن) .(آ رسمأعستطاقة/17 988[ ا بمدعال ابرع ماع12 وإرم/1ا . 
.[1988 


ر[علصوظ 17/010 عط1] :.0) .10 رماع ستطفة/7! .1986 ارممع!ل ادع وروماءنه 0 010[ . 
.1286 


ر[علصق8 17/0210 عط'1] :0 .نآ ,دامع ستطفة/7 ,1982 مجع اترعوممماءيج 12 11010 . 
.1282 


أ 811260 الصاع8 .آنا ]تابط برأومطظ :11 «ء7:0لة و أتترك جز عإزرطآ توط«نا .ذ 5013 1[! رطاء2120 
3 رؤقع21 13و 1ع تتلث 116 


663 


كام لونمروم 


عأكة'! 0315 2112طكنا 200101011115111 أء 21565 أنا0م 18101011261215)» ,0131000 رتعطة) 
9 1 .20 ,6 .701 :معزؤمع ك4 «.1آ رععة معنزمم ندل عمقدهاناكتائط 


ع ل نمه عنة©) طتلوعط كه مه1غدج القناوظ لأقسماعع 1 16» تتقلههاث ,عاهلدداآ 
اعمط ء001ل/! زه أدتتلامل أه110:1ه 171121 «.لمأأناأه ع1 تطأتفظ غطا معدا قوز 12 
1981 بصقتصطء1 ,! عناككآ ,13 .701 نكءألنرى 


701.39 :أمتدلامل اعوط ء1100/1/ 771:6 «.قأكلزا5 صا ممتأ5عن0 لمأووعععنا5 عط1» . 
,5 م5 ,2 .50 


6 كنأ [ه0 «.قصع لكلا5 ومقصص انقبط و5عنغ5 دعل مومتاعظ [آ» .ققط0 ,وتعطءئانت]1 
7 ,7 .8601.320 ناور [ 10 


1 .20 ,8 .801 يسوابعؤ] بورمائزةط عنبومرمعظ «,ول1أنا0 عتتصواذ] عط1» .0هقع8 ,وابوعا 
.7 لم110 


00076 062 الأعألا أوع0آ ذل :5 صا كأسدمدء2 لطة عأهاك» .عدزامعسصورط ,أهاعل8 
4 ععاضالا ,2 .20 ,[11 .آهل بعء وباك ابروعوءم «راعء زوعط موأأهم رآ 


.6 5قأءم5 ,2 .10 ,50 .701 :أوتصتمل اعوط عله 11 
54 أله" .1 .00 ,1 ١.1؟‏ :واءرم1ا مين 


تلطه عمل8 )وز 5'مقاستهوأبرك زه علهه80 عط 04 عغ1مهل8» .2 0هل8 ,نط5 1اة5 

01 ألم16 مممستماسك نزط سمتعتاعظا سمءتومبطا! عط 4ه وعترعاو84 معطا عداوه1اء015آ1 

مكتالا .أل :لمات 0 نرم تعدبا 0/1 أ710امل <«.كاعدساءاظ كنامامه) طاابا بلمممقطلم 
5 ,2 .20 


إن أمسستمل موا 1982 عط هآ ععمفممصسوك5 بصفاتلتاظة مدتستادعلوط» .لأجعلا رطع اوه 
.1983 تلاك رك .30 ,12 .أ70 نك زفنناى عدرزاوء 21 


نككه:أعاتط فعا اعمط عالوأاط «اأوء صف اتادعنا عطا عماكتمقطءء84» .مطلانا حساك 
6 387ق5ةناضقل ,[1[ .20 ,6 .701] 


وو و1 


[110.مم]) :ىجممء8 طالااطالة «مععطاعع8 «ألأوسلط 212*5تنز5» .فمموط ,ناأفلو8 
82 ل ادسععء اسع طتوع لول 


لدع ناتاه 5'لدعة وصتاعله0طع] .كمملأععاظ لاسمفأمعسة اعوط 5'معلزاذ» «ععلام/ا روعطمعط 
.92 لإتقنحاناء *[-لتتقنتطةل ,174 .20 :ا بممع!! امعط ء[لل ةلال «.ععوظ 


664 


11 
18 كصقل غ1أمع مم3 عنان 1 امم أء عتغاعهم1 مهفن 1[)» .عتهدل/ط!-عدمهم ,5تنومدت8 


.(1980 ,1[ ممجآ غالوع اونا رعاعلء عمؤزوزمن عل عوغط1) «.مقسوط عل 


281815 عتطاعة عل علناظ :(ع1قتامعه علولا5) قدو عل ونزوط ع[آ» عأممة ,ممسهدلط1 
رقلعة2 رؤععلاع1 عل )8زماء00 ع1 عبنامم عأ ةمأعماءم عوغط1) «عأقعيم عاسمصمعة ”ل اء 
(1951 رعصصوطءه5 عل 16زوره نولا 


«.1830-1914 ,لسمقاءعنصا] غ1 3820 ذناء5ةتة2آ مز كلمع15” عتستمومع8» .صلل ,لرلائععم 
.(1986 .10.0 ,الماع متطكه11 ,لوالكء /الولا مللاماعع06018 ,لمأأمارء و2155 2 .ططط) 


الانااطعن) لالأععاع ص الآ عطا ما مممجتفط عط 01 بماسصدموء5 عط » .بجعتلدة ب,اأمعع مما 
0 لتاأقاء الضلا مقع أتعطتة ركأوعط1 .ة .841) «.ده1)ةمناءء0 أوتعطمترءط 350 5لامتالاعء]" 
.(1982 بأنصاع8 


665 


يد 


فهرس عام 


ا 

آدامز مادلين: 30 
آخن (مدينة): 484, 507 
آل أبو راس: 70 
آل أبو عساف: 70 
آل الأطرش: 4721-69 273 225 

7 2542229 
آل البرازي: 246 - 248 
آل جربوع: 70 
آل الحجار: 263 
آل الحراكي: 44 209 
آل الحريري: 69 


آل الحلبى: 70 
آل الحمدان: 222 223 


آل الحناوي: 00 


آل دحدل: 47 


آل الصمدي: 263 

آل عامر: 70 271 73 274 254 

آل العظم: 246 247 

آل قرنا: 246 

آل الكيلاني: 246 247 

آل المارديني: 263 

آل المقداد: 68 

آل الهجري: 70 

آينشتاين؛ ألبرت: 583 

إبراهيم» إبراهيم: 29 

إبراهيم باشا: 284 

إبراهيم» حكمت: 436 

الأبرش» عمر: 379 

ابن بطوطة» محمد بن عبد الله: 41 

ابن خلدون: أبو زيد عبد الرحمن بن 
محمد: 185 - 187 189 


ابن عربي» محبي الدين: 204 

أبن نصير» أبو شعيب محمد: 56 

أبو خالد العملة: 558 

أبو ذر الغفاري: 57 

أبو طعان انظر خليل» مصطفى ديب (أبو 
طعان) 

أبو علي الحناوي (الشيخ): 222 

أبو غدة» عبد الفتاح: 483 485 486؛ 
50 

أبو ماهر انظر غنيم؛ محمد راتب (أبو ماهر) 

أبو نضال انظر البناء صبري (أبو نضال) 

أبو يزيد البسطامي: 204 

إبين (قرية): 111 

الأتاسي؛ نور الدين: 429 

الاتحاد السوفياتي: 375, 431)377) 
3 523 537 547 

اتحاد الصحافيين: 498 

اتحاد الطلبة: 370 

الاتحاد العام للفلاحين (سورية): 39 106» 
32 [171. 333) 359: 364 
4 445 462 466 - 469 
الكتائب الفلاحية المسلحة: 469 

الاتحاد العام لنقابات العمال: 69) 2200 


40 


اتحاد قوى الشعب العامل (الناصري): 
29 

اتحاد الكتاب: 498 

اتفاق إعلان البادئ بشأن ترتييات 
الحكومة الذاتية الانتقالية الفلس طينية 
(1993: واشنطن): 579. 584 

اتفاق أوسلو انظر اتفاق إعلان المبادئ 
بشأن ترتيبات الحكومة الذاتية 
الانتقالية الفلسطينية 
واشنطن) 


اتفاق القاهرة (1969): 535 536 


:1993( 


571 
اتفاقيات التعاون الاستراتيجي بين الولايات 
المتحدة وإسرائيل (1981 - 1983): 

523 

اتفاقية الجزائر (1975): 520 

اتفاقية سيناء (1 أيلول/ سبتمبر 1976): 
540 

اتفاقية شتورا (1977): 551 

اتفاقية الصداقة والتعاون بين الاتحاد 
السوفياتي وسورية (1980): 523 

الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان 
(1978): 551 


الاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982): 


19م 


0 2382 523) 554-553 
7- 558 
- حصار بيروت: 2380 554 555 

الأجهزة الأمنية: 441 

أجور العمال الزراعيين: 101 

أجور النساء: 101 

الاحتلال المصري لسورية (1840-1831): 
216 

الأحدب» عزيز: 543 544 

الأحرف النصيرية السرية «ع م س»: 
56-5 

الأحكام العرفية: 507, 509 

الأحمدء أحمد سليمان: 405 425 
562 

الأحمد» سليمان: 405 

الأحمرء عبد الله: 449 

الأخرس» محمد: 210 

الإخوان المسلمون (سورية): 28 342: 
4 382 0389 425: 468 
9 483-4823 492-485 
3509-4 529 2550 0557 
57 
- جناح دمشق: 483 486: 488 - 


492 9 


الطليعة المقاتلة: 483 484, 
8 504.496 506 

الإخوان المسلمون (مصر): 484. 

إدلب: 44 45 48. 62 26 91 
1 238 253 304 354. 

إذاعة دمشق: 2374 376. 

الأذني: سليمان [الأضني]: 54. 

إراحة الأرض (الأرض السيات): 
8- 159 

الأراضي الجافة: 173 

إربد: 532 

الأردن: 2180 2334 2.484 491., 
4 516 4522 525. 2527 
0 -534» 536 563: 6565 
522 

الأرسوزي؛ زكي: 28 265 266: 369 

الأرض المروية: 162 

الأرمن: 304. 353 

الأرمئازي» علي: 250 

الإرهاب: 575 

أريحا: 579 

إزرع: 221168 293 

أزمة #الخلافة» (1984-1983): 430 


508 449 436 5 


استقرار البدو: 34 

استقلال سورية (1946): 64 

الاستيطان الإسرائيلي: 566 

الأسد. باسل: 418. 437 439 

الأسدء بشار: 418: 437 439 

الأسدء حافظ: 227 65)» 267 669 
74-3 40 


0 [121غه» 


2 262. 2268 282-281: 
9 2306 2335-330 337 
0 344-342 354 2355 
371-3:غ 2374-373 376 
8 383-380. 390-385غ: 
402-0. 406. 422-418 
6 429 435 452-437 
455 466 468: 471 477: 
4823-9 484 486 489 
494-32 497 516 519 
0 525-522. 530-527 
2- 2565 567- 2578 580- 
3 586-585.: 2588 596- 
600 
الأسد. بهجت: 367 
الأسدء رفعت: 339-338» 368غ: 


2421 .406 391-390 7 


6020 


476 )452 440-426 232 
5]3 

الأسد» سومر رفعت: 439 

الأسد. عزيز: 368 

الأسدء علي سليمان: 366 368 

إسرائيل: 374 376: 380 438 473) 
0 517 520-519 522 
84 526 2527 2535 537- 

546 544 542-540 8 

-566 2563-562 2.557 2 

582 580-577 2.575 0 
588 6 

إسطنبول: 193 

أسعار القطن العالمية: 173» 176 177 

أسعار القمح العالمية: 177 

أسعار النفط: 2176 517 

أسعار النفط السوري: 2167 486 

الإسلام: 52. 54 56. 61. 200, 
5 480 501:493» 507 

الإسلام الأصولي: 203 

إسماعيل (الإمام): 53 

إسماعيل بك (مشير الجبل): 222 

إسماعيل؛ وائل: 268: 278 

الإسماعيلية: 52 - 54») 295: 304 


الإسماعيليون: 47. 49. 55. 2268 
5 353 595 

الأسمدة الكيماوية: 172 

الاشتراكية: 49 

الأشوريون: 304. 353 

أصبحيء ربى: 29 

أصحاب العمل: 76. 85 

الإصلاح الزراعي: 36, 44؛ 66 68» 
6 83) 91 97 4106 117. 
65 298: 2315314 325 
6 365. 445. 600 

أصلان؛ علي: 421 434 

الأصولية: 49 

الأطرش» إبراهيم: 224 - 225 

الأطرشء إسماعيل: 222 224 

الأطرشء سلطان (باشا): 73: 229 230 

الأطرش» سليم: 73 

الأطرش» شبلي: 225 - 226 

الأطرش» منصور: 673-72 2268 
8 354 475 

إعزاز: 48 

الأغنياء الجدد: 391 

الاقتصاد السوري: 176. 486 

الأقليات: 2304 353 


الاكتفاء الذاتي: 167 181177 

الأكراد: 95 237, 304: 353 

ألمانيا الغربية: 485: 506 

أم عبيدة (قرية في جنوب العراق): 206 

الأمّار: 295 296 

الإمبراطورية العثمانية: 6.191 193. 
6 212198 263219 

الإمبريالية الأميركية: 521 

الأمم المتحدة: 2171 293, 2386 2537 
5 - 0566 576 
الجمعية العامة: 575 
مجلس الأمن: 375) 565) 575» 
53 
الأعضاء الخمسة الدائمون: 565 
-- القرار 242: 565 566» 575 
-- القرار 338: 575 

الأممية الشيوعية: 235 

الأمن الاقتصادي: 148 

الأمن الريفي: 34 

الأمية: 147» 360 

الأنبار: 518 

الإنتاج الزراعي: 162, 165. 170» 


600 


الانتداب الفرنسى على سورية (1920- 


60 


6130 668-66 63 53 
592 3000 6 4 

انتشار الزراعة المشاعية: 42 

انتفاضة الأخوان المسلمين في حماه 
(1964): 484. 

انتفاضة الأخوان المسلمين في حماه 
(1982): 2382 428. 495 503 

الانتفاضة الفلسطيئية (1987): 572-571 

أنطاكية: 54 2.191 265 2266 0315 
369 
حي العفان: 369 

أنظمة الإرشاد الزراعي: 172-171 

إنغلزء فريدريك: 186 

انقلاب 1949: 373 

انقلاب أيلول/ سبتمبر 1961: 282 

انقلاب آذار/ مارس 1963: 273 282 - 
3 514373 

انقلاب 23 شباط/ فبراير 1966: 73» 
4 528-527 

انقلاب عام 1970 انظر الحركة 
التصحيحية (1970) 

الإنكشارية: 195 

الإنكشاريون المحليون (اليرلية): 196 


انهيار الاتحاد السوفياتي: 401) 524) 
577 

انهيار قيمة الليرة السورية: 176 

أورويا: 290 2141 2295 399 427 

إيبش» يوسف: 28 

إيبلا (مملكة): 181 

الائتمان الرزاعي: 2118 121؛ 124 

إيران: 56 401 522-520» 0563 
517 

الأيوبي» محمود: 338 

لبد 

باراك. إيهود: 421 

باريس: 427» 440: 477 

الباطنية: 54 

بانياس: 48) 262 406 

بايرء غابربيل: 193 

بحمدون: 438 

بحوي (قرية): 295 

بحيرة طبرية: 94 

البدو: 46 47» 49 

البرازي» باكير: 248 

البرازي» تمام: 28 

البرازي» خالد: 249 


البرازي» محمد (الأميرالاي): 248 
البرازي» مصطفى: 248 

البرازي» مكرم: 248 

البراغماتية: 511 

البرجوازية: 403 

بركات» حليم: 29 

بركات» صبحي: 250 

برلين الغربية: 448 

بروتوكول الخليل (1997): 584. 586 
بروتوكول ملكارت (1973): 536 
بروديل» فرنائد: 33 

بريصين (قرية): 278 

بريطانيا: 264 404 446 
البشرايح (قرية): 237 

بشرايل (قرية): 239 

البصرة: 56» 2204 206 

بصرى: 66 668 113 

البطالة الزراعية: 308» 314. 593 


البعثية (عقيدة): 227 261, 594 


البعثيون «الاشتراكيون الديمقراطيون؛: 


2308 


البعثيون الماركسيون»: 328 
بعمرة (قرية): 298 


بغداد: 494, 514. 518 2520 567 

البقاع (لبنان): 2.381 543:, 558: 560 

بكداش» خالد: 234, 2236 238 240» 
2 247 

البكر؛ أحمد حسن: 517 - 518 

البلاغ رقم 66 (1967): 374 376 

بلزاك؛ أونوريه دو: 186 189 

بلوخ, مارك: 90 

البناء حسن: 484 

البناء صبري (أبو نضال): 556» 570 

بنغازي: 556 

البنك الدولي: 165 

بنو سويدان: 47 

بلو شمر: 353 

بورشغريف. آرنو دو: 531 

بوركهارت؛. جان لوي: 42) 125 

بورينغ» جون: 216 

البيانرني» علي: 492 

البيانوني» محمد أبو النصر: 493 

بيت ياشوط (قرية): 445 

بيرئز» فولكر: 28 

بيروت: 197. 2.233 250., 298., 2399 


546 544541 538 1 


0و 555-553) 557: 568- 
1 573 

بيروقراطية الدولة: 309 

بيريز» شمعون: 582 583» 585 

البيطار» صلاح الدين: 28, 257, 262» 
6 268 283 424 477 

البيطار» مدحت: 262 

بيغن» مناحيم: 2551 583 

بيكارد» إليزابيث: 29 

بيل» غيرترود: 46: 50» 246 

اناه 

تادف (بلدة): 489 

التأميم: 309 

تأميم الريجي (1951): 371 

تبئة (قرية): 109 

التجار التقليديون: 391 

التجارة بالمواد المهربة: 396 

تجارة الترائزيت: 197 

تجارة المخدرات: 444 

التجنيد: 221 

التحالف العسكري بين تركيا وإسرائيل 
(1996): 524 

التحالف الوطني لتحرير سورية: 508 


تخرير السوق: 155 


تحويلات السوريين المهاجرين: 176» 
466 

التدخل العسكري السوري في لبنان 
(1976): 546 548 

التركء رياض: 242 

تركيا: 137» 181-180» 193 229» 
37 2.265 369, 2399 503» 
6 594 

تروتسكيء ليون: 187» 189 

ترييف القوات المسلحة: 303-301 

التسرب من التعليم الابتدائي: 148 

التسليف الزراعي: 114 

التضخم: 395 

التعددية السياسية: 385 

تعليم أطفال الفلاحين: 145 

التعليم الجماهيري: 149 

التغلغل الريفي في بيروقراطية الدولة: 
308 

تقسيم فلسطين (1947): 237 

التقمص: 50: 55 

التقية الدينية: 189 

تل طوقان: 206 

تل هادية: 158 


التل» وصفى: 532» 534 


ات ا وين 


تلتيثة (قرية): 223 
تلكلخ: 237, 239. 268 
التنظيمات العثمانية: 126» 2128 192 
التنمية الزراعية: 176 
التهريب: 400 
تهريب المخدرات: 429 
التوايم (قرية): 211 
توزيع الدخل في سورية: 100؛ 105 
تونس: 568 - 569 
تيت» بلجامين: 30 
5 
الثورة البلشفية (1917): 2187 235 
شورة تركيا الفتاة (1908): 93. 210» 
218 
الثورة الجزائرية (1962-1955): 315 
ثورة الزنج (883-869م): 56 
الشورة السورية الريفية في الشمال 
(1921-1919): 213 


الثورة السورية الكبرى (1927-1925): 


273-71 213)») 219)») 227» 
0 250»؛ 2263 2278 284غ. 
512 


ثورة العامية (1890-1889): 225 


226 


6075 


الشورة العلوية (1921-1918): 221» 
258 

الثورة الفرنسية (1789): 187 

ثورة الفلاحين (كسروان ‏ لبنان) (1858- 
59 233225 

ثوكيديدس (المؤرخ): 589 

دج 

جامعة الدول العربية: 530» 2537 569 

الجامع العمري (بصرى): 67 

جامعة عين شمس (مصر): 483 

جب الجراح: 297 

جب العلي: 63 

الجبا (قرية في الجولان): 207 

الجباوي؛ إبراهيم: 208 

الجباوي؛ سعد الدين: 207 

الجبرية: 245 

جبريل» أحمد: 528 556 570 580 

جبل أبو غنيم: 564 

جبل الدروز (جبل العرب): 27. 39 


91 81 23 .720-69 .48 6 


222 .»219 :217 .168 »: 8 


2231 2229 2227-2225 3 
353 :284 2268 2254 4 
55 


جبل شبيث: 63 

جبل الشيخ (حرمون): 47)» 2533 582 

جبل العلويين: 27 45 248 2152:6222 
9 424 

جبل قاسيون: 438 

جبلة: 93 110. 298 -299: 367: 
3 445 

الجبهة الإسلامية: 493 

جبهة الإنقاذ الوطني الفلسطيني: 565» 
50 

جبهة التحرير الفلسطينية: 528 

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: 
6 559 2564563 2567 
0 572 586 

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: 537» 
3 2556 2559 2565563 
7 570 572: 586 

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين_القيادة 
العامة: 2.556 559 

جبهة الصمود والتصدي: 552 

الجبهة اللبنانية: 547 

الجبهة الوطنية التقدمية: 240. 2355 
504 


الجبهة الوطنية العراقية: 521 


الجبهة الوطنية لإنقاذ سورية: 508 

جديد» أحمد عليا: 298 

جديد.ء صلاح: 28؛ 59: 69) 
2282-1 2299297 306 
2 2315 2334-326 354» 
0377-6 420 429 440 
4. 2475 530-527) 532 
56 

جديد» عزت: 2333 377 

جديد» غسان: 298 

جديل» محمود: 297 298 

جرش: 534 

جرمانا: 48 

جريدة نضال الشعب: 238 

الجزائر: 527: 533: 2552 564 

الجزراوي؛ طه: 494 

الجزيرة (منطقة): 45 48؛ 154 - 155» 
8 237 243 2353 483 

جسر الشغور: 443 502 

جسرين: 205: 210 

جعمورء رياض: 491 

جمرين: 66 

الجمعيات التعاونية الزراعية: 461 


487 3 


جمعية تركيا الفتاة: 116 

الجمعية الخيرية لمكافحة الفقروالجهل 
والمرض: 315 

الجمعية الغرّاء الخيرية الإسلامية: 481 

الجمهورية العربية المتحدة: 257 6261 


514-1019 


الجميل؛ أمين: 570 

الجميل؛ بشير: 551 

الجميلء بيار: 538 2539 543 

جميلء ناجي: 419 - 2420 422. 476 

جنبلا (بلدة في جنوب العراق): 56 

جنبلاط. كمال: 2344 440. 476 
7 [537. 539 544 545 
548 

الجنديء خخالد: 296. 328 - 329 

الجندي» سامي: 28, 59 296, 299. 
8 325 5142376 

الجنديء عبد الكريم: 282-281 
5 315: 33330 

الجندي. محمد (أبو علي): 295 

الجندي؛ محمد علي: 295 296 

جشوب لبنان: 0 541.535 548 
1 - 0553 2568-5667 2570 


258 


الجنيد البغدادي: 204 

جنيف: 581 

جهاز الكفاح المسلح الفلسطيني: 557 

جواد. عمر: 495 

الجولان: 45 94. 207 2.355 357» 
5 2380-377 438. 471 
3 523. 2.527 551 578» 
1 -583: 585 

جونيه: 542 

جوهرء بدر الدين (اسم مستعار): 
61-0 

جويجاتي» مرهف: 29 

جيبء هاملتون أ. ر.: 205 

الجيرودي» منير: 282 

الجيش الأردني: 558 

جيش التحرير الفلسطيني: 2334 532» 
4 542 544 561.554 

الجيش السوري: 332-331. 334 
5 375. 377. 528-527» 
2535-4 574 
اللواء 70 المدرع: 377 

الجيش العراقي: 494 

الجيش اللبناني: 543 

جيل» بيتر: 589 


00ج 


جيلان (مقاطعة فارسية): 247 
الجيلاني» عبد القادر: 211 
دح 

حادثة الهنداوي (نيسان/ أبريل 1986): 
446 

الحارث بن أسد المحاسبي: 204 

حارة بستان القصر (حلب): 503 

حارم: 503 

حاصور: 237» 239 

حاطوم؛ ذوقان: 72 

حاطوم؛ سليم: 72 -723) 2307 313: 
23038 

حاطوم؛ فواز: 72 

حاطوم؛ مالك: 72 

الحافظء أمين: 269 2306 2310 
4- 475 

الحافظ؛ ياسين: 328 

الحاكم بأمر الله (الخليفة الفاطمي): 52 

حالة الطوارئ في سورية: 509 

حامد. كامل (الشيخ): 368 

الحامد» محمد: 484 

حبش» جورج: 2556 563 

حبلكه» حسن: 481-480 


حبيب» على: 439 444 


628 


حبيقة» إيلي: 570 

حداد» بسام: 29 

حداد» سعد: 552-551 

حداد» صبحي: 419 

حداد» محمد: 28 

حدّة» ناصر: 234» 236 

حدية (قرية): 2237 239 

حديدء مروان: 483 484؛ 488 

حرّاس المحصول (الوقافة): 94 

الحراكي؛ نورس: 209 

الحرب الأهلية في لبنان (1975): 46: 
1 2535 538 540 545 
7- 548 586 
حادثة عين الرمانة (13 نيسان/ 
أبريل 1975): 538 
موجة «القتل على الهوية»: 539 

الحرب الباردة: 524 

حرب الخليج (1991-1990): 524 
4 577 

الحرب العالمية الأولى (1918-1914): 
94-3 128 198. 203» 
7 250 428 

الحرب العالمية الثانية (1945-1939): 


254 2237 200 154 4 


الحرب العراقية_الإيرانية (1988-1980): 
551:522-9 

الحرب العربية الإسرائيلية (1948): 
5 594 

الحرب العربية الإسرائيلية (1967): 
5 282. 302.: 332-330غ» 
5 2374 2377-376) 466 
4 529 596 597 

الحرب العربية الإسرائيلية (1973): 
5 380-77 486 537 

حرب المخيمات (1988-1985): 
5371-9 587-586 
-حصار مخيم برج البراجنة: 569 

الحرس الجمهوري: 356» 387» 2406 
433438 438-437 

الحرس القومي البعثي: 312 

الحرفيون: 196 

حركة أمل (لبنان): 571-567 
- انظر أيضًا حركة المحرومين 
الشيعية (لبنان) 

الحركة التصحيحية (1970): 261». 
2 450 476 484 

حركة الجهاد الإسلامي (فلسطين): 573 

الحركة الشيوعية العالمية: 242 


حركة فتح: 484: 2522 530-525 
5388-3 541 545-544 
838 2.550 553-552 555 
0 2565-563 2567 2569 
574-32 586 
قوات العاصفة: 527 

حركة المحرومين الشيعية (لبنان): 539 
- انظر أيضًا حركة أمل (لبئان) 

حركة المقاومة الإسلاميةحماس: 508: 
3 577 581-580 

الحركة الوطنية اللبنانية: 440, 2476 
5444-7 0546 2550 567 

الحرية: 385 

حرية الاعتقاد: 480 

الحرية الفردية: 385 

حرية الفكر: 148 

الحرية المدنية: 385 

الحريري؛ أحمد جمال: 69 

الحريري» زياد: 306 

الحريريء علاء الدين: 256 

حزب الإحياء العربي: 266 

حزب إصلاح الريف: 369 

حزب الله (لبنان): 508» 567» 570 

حزب البعث العربي: 265 


حزب البيعث العربي الاشتراكي 
(سورية): 228 62 69-66») 
24-2 97 112-111100» 
8 47 155-154. 6170 
0 2210 252» 2254 261- 
8 278 0279 281- 282: 
297-5. 299:؛ 306 307» 


»327 2325 .315 3313-9 


2340 339 2337 83 5-0 
371 -370 2356 353 3 
341 


401 390 4387-6 


441 2429 424 422 3 


452 449 447 445 3 

477 2.467 465 4622-1 

514 512 2,499 491 4 

7 2»521-519 527-526غ. 

564 2552 2537 533-17 
5397-4 

حزب البعث العربي الاشتراكي (العراق): 
6 67 25221 

حزب تركيا الفتاة: 67 

حزب حيروت: 583 

الحزب السوري القومي الاجتماعي: 
0 299-298 


620 


حزب الشباب: 2512245 

حزب الشعب العربي: 440 

الحزب الشيوعي السوري: 234-233: 
237-6غ240:6 

الحزب الشيوعي السوري-المكتب 
السياسي: 242 

الحزب الشيوعي السوفياتي: 241: 339 

الحزب الشيوعي الفلسطيني: 572 

الحزب العربي الاشتراكي: 201 238؛ 


2265-264 .261 252 ,245 
594 2 

حزب العمل الإسرائيلي: 2566 578» 
55 

حزب العمل الشيوعي: 241 


انظر أيضًا رابطة العمل الشيوعي 
حزب القوات اللبنانية: 567 
حزب الكتائب اللبنانية: 46» 381» 
5339-8 543 551-550 
حزب الليكود: 551) 562»: 566» 
5799-7 584-583 
الحزب الوطني الديمقراطي: 562 
الحسكة: 48 6276 2141 2353 462 
حسنء عدنان بدر: 443 
الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر): 56 


19م 


حسنء علي محمود: 437 

حسن (قرية في منطقة البصرة): 206 

الحسين بن طلال (ملك الأردن): 2494 
5534-0 567-565 

الحسين بن علي بن أبي طالب: 53 

حسين؛ صدام: 494) 519-517» 
522-31 

حصين البحر (قرية): 601 

الحضارة الإسلامية القروسطية: 185 

حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير: 
37 566-565 

الحقوق السياسية: 384 

حقوق الملكية: 34 179 

حكر كبير (قرية): 239 

الحكم الذاتي الفلسطيني: 579» 585 

حكومة اللاذقية: 367 

الحكيم؛ خالد: 200 

الحكيمء محمد (مفتي حلب): 479 

الحلاج» الحسين بن منصور: 204 

الحلاق» أحمد البديري: 208 

حلب: 27. 48-47. 54, 226 91. 
1 106-105.» 112-111» 

143 0.141 4139 .127 25 

38 170-168غ» 


1 191غ» 


621 


194-3غ» 197غ. 2072-206» 
211-0» 213» 218» 2223 
55.) 622532 2) 
344-53 354) 2371 462 
8س 483.») 485 489 
3-2 »+ 495 500-499 


5093-2 515 
حلّة عارة (قرية): 419 
حماءه: 27. 44 276 2.92 4ف 141 


2201 197 ).191[ 68 


206-5» 218 237غ؛ 246 


295 2256 2253-2511 9 


382 2353 ,344 2 -6 


483 )480-479 .)468 41 
492-491 489-487 5 
505-502 499 4965 


595 593- 7 9 

حمدان قرمط: 192 

حمدوني» أحمد: 466 

حمزة بن علي بن أحمد (الهادي الأعظم): 
2 220 

حمص: 227 44 48. 2.76 92. 95 
01 


»)173 2.168 .141[ » 7 


234 2218 2.199 197 1 


:243-242 2239 237 5 
297 :294 2257 2252-1 
:356 2.353 344 304 8 
595 480-479 6 

حناء عبد الله: 28 

حواء سعيد: 492 2494 505 

حواتمة» نايف: 556 

حوادث أيلول/ سبتمبر 1970 (الأردن): 
1 564533 

حوران: 27: 239 42. 45) 48-47 
6 268 91 117. 125 6127 
8 174 2211 219-216: 
2 2249 2268 293: 306: 
1 595 

الحوراني» أكرم: 28. 238. 246. 
251-8. 257-253: 266 
8 2.278 297, 299. 306 
5 344 2382 426: 428 
9 595-5920503 

الحوراني» رشيد: 249 

حوض الفرات: 45؛ 664 264 

حويجة:؛ إبراهيم: 446 

حي السبكي (دمشق): 266 

حي الشاغور (دمشق): 230 


حي العدوي (دمشق): 488 

حي العليليات (حماه): 201» 2253 593 
حي العمارة (دمشق): 484 

حي المشارقة (حلب): 503 

حي الميدان (دمشق): 480 

حيدر» أحمد محمد (الشيخ): 419 
حيدرء علي: 419. 430. 435 


2. 


4329-8 

حيش (قرية): 205 
دخ 

خالد بن الوليد: 294 
الخالد» سيف الدين: 253 
خان أرنبة: 376 
خان شيخون: 2207 254-253 
خدام» عبد الحليم: 9 559 
الخدمات التعليمية: 145» 62147 149 
الخدمة العسكرية الإلزامية: 222» 594 
خراسان: 52 
الخراط» حسن: 230 
الخرافات قبل الإسلامية: 204 
خربة غزالة: 21168 
الخصيبي؛ أبو عبد الله الحسين بن 

حمدان: 56 


خطب الجمعة: 145 

الخطة الخمسية (1985-1981): 160 

الخطيب» أحمد: 544-543 

خلف. صلاح (أبو إياد): 28 363: 
7 530-529») 534-532» 
549-8 554-552 564 

الخليج العربي: 68» 85؛ 176. 358. 
0 486. 536. 577 

الخليل: 579» 584 

خليل» مصطفى ديب (أبو طعان): 557 

الخميني؛ روح الله الموسوي: 401: 
505 

الخوابي (منطقة): 295 

الخوة: 2125 218 

خوري» وليم: 268 

الخولي؛ محمد: 2420 442 447-444 

خير الله. زين الدين: 490 

مه 

داعل (بلدة): 668 211 

دامرجي؛ عبد الحميد: 30 

الدامور (لبنان): 543-542 

داي» ستيف: 29 

دايان» موشي: 375-374. 378: 535 


دباغ» عدنان: 419 


الدخل الزراعي: 89, 100-97» 599 
600 


درعا: 268-67 281 211» 2293 353» 
5338 

الدروز: 050-46 52) 55-54 
2720-8 273 91. 215غ: 218 
2 229. 293. 304غ 313» 
59514 
الأجاويد: 70 
-الجهال: 52-51»: 71-70 
-العقال: 221251-50 225 

الدريكيش (مدينة): 268 

الدقر» محمد علي: 481 

دمشئى: 36غ2 42. 48: 226 81: 94 
٠110-1109 »)106 01 6‏ 
114-3غ. 117غ» 127غ» 139» 
1 144 156غ؛ 170:. 174» 
3 199-195. 205غ» 2208 
0 212 222 226» 
0-09 235» 237: 2247 
0 52 262» 266غ. ٠308‏ 
2 2344-3433 356-354») 
9 71 376-3753غ2 379» 


434-432 428 2420 »1 


60 


3-6 446 [471غ 473 
4822-0 485-484) 488 
9 491. 500 515» 517 
8 2529-5237 2539 541 
4 552 2557-555 2559 
2565-4 2567 2570 572 
60آ]5 

دوباء علي: 419 426. 444-442 
506 

دوباء محمد أسعد: 443 

دوبوي» تريفور ن.: 2377 379 

الدوحة: 485 

دوما: 110» 200-199: 210+ 230 

دوير بعبده (قرية): 297 

الديانة الدرزية: 52 

ديب» ماريوس: 29 

دير بخت (قرية): 211 

دير الزور: 27: 63-62 101» ٠105‏ 
41 239-238 265-264 
4 2306 331غ. 354-353» 
7 476 492 595 

دير عطية: 237 

الديمقراطية: 2385-383 593 

الديمقراطية الاقتصادية: 384 


الديمقراطية السياسية: 384 
الدين: 49 
دده 
ذو النون المصري: 204 
اواك 
رابطة العمل الشيوعي: 2141 
-انظر أيضًا حزب العمل الشيوعي 
رابعة العدوية: 204 
رابين» إسحق: 2375 582-581 
راسل» ألكسندر: 194 
راشيا: 266 
رافق» عبد الكريم: 29 194 
الرأي العام السوري: 550 
ربلة (قرية): 168 
رجال الأعمال: 399 
الرجعية العربية: 521 
رحمون» موسى: 264 
الرزاز» منيف: 274 329 
رزق» حسن: 249 
رزوق» عبد الكريم: 420 
الرستن: 2294 512 
الرشوة: 403 
الرعاية الصحية الريفية: 140-138» 
1042 


624 


الرفاعي» أحمد: 206 209 

الرفاعي» رضا: 213 

الرفاعي» طاهر: 213 

الرقة: 62 265 76 92 2141 2144 
0 304 353 2.462 467 

الرقيطة (قرية): 468 


الركابى» فؤاد: 476 


الركبي» فيصل: 29 
رويدي» جون د.: 29 
الرياض: 550 

رياق: 197 


ريغان» رونالد: 523, 566 
ريف دمشق: 152 
ريللي» جيم: 29 

5 
الزبداني: 114 
زرير» نزيه: 2419 476 
الزعبي» فارس: 211 
الزعبي؛ محمد مفلح: 211:68 
الزعبي» محمود: 69 
الزعبي» موسى: 69, 293 
الزعيمء عبد الستار: 2489 492-491 
زعيّن» يوسف: 354 
زغرتا (لبئان): 543 


الزكاة: 221 

زوتوفء ألكساندر: 473-472 

زوزود: 52 

الزيادة السكانية: 34 

زيارة أنور السادات إلى القدس (1977): 
552-1 

دعاصت 

السادات, أنور: 537-536 552-551 

السافاك: 521 

سبّة (قرية): 237 

السبخة (قرية): 144 

السبعاوي يونس: 264 

السبئيون: 60 

ستاوسرء باربرا: 29 

ستيرن» س. م.: 193 

السجن (قرية): 284 

سجن تدمر: 503-502 

سد 16 تشرين: 161 

سد أتاتورك: 181 

سد البعث التنظيمي: 161 

سد الرستن: 294 

سد الفرات (أو سد الطبقة): 62 2134 
37 153 2161-160 2165 


327 


السراج» عبد الحميد: 28 248» 303 
سرايا الدفاع: 339-58 356 387 
0 2.406 2421-420 426 
838- + 4344_4311 436 

517502 498 495 7 

سركيسء الياس: 363 

سرمدا: 502 

سعر صرف الليرة السورية: 156 

سعد الدين» عدنان: 28., 2.425 482» 
2486-5 492491 494 
5072-6 

السعديات (لبنان): 542 

السعودية: 268 85 

سعيد آغاء محمد (شيخ البساتنة): 199 

سعيد» ماجد: 2419 443 

سقبا (بلدة): 205 

سقوط مخيم تل الزعتر (12 آب/ أغسطس 
6 550 

السقيلبية: 237 

سكة حديد الحجاز: 216 

سكوت» جيمس: 189-188 

سلامء داليا: 29 

السلطة الفلسطينية: 585 

سلمان» علي: 221 


سلمان الفارسي: 57-55 

سلمان» محسن: 444 

السلمية: 47 296-295» 2353 595 

سلوك (قرية شمال الرقة): 467 

سليمان المرشد: 297 

السماقيات (قرية): 66 

سميث» آدم: 90) 473 

السنة: 49-48. 53. 469-68 303غ. 
3 420 452 481 487 
8 499 

السئة في لبئان: 539 

سنوات الجفاف: 101. 109. 405. 
465 

سهل إدلب: 48 

سهل البقاع: 549, 554, 559-558 

سهل الجولان: 375 

سهل حوران: 65» ٠69‏ 81: 2109 113» 
3536158 

سهل طار العلا: 314 

سهل الغاب: 2314 357 

سهل الموصل: 50 

سهوة البلاطة: 270 

سهول مسكنة: 160 

سهيلة (قرية» كسروان): 233 


7 


السودان: 516 

سورية الكبرى: 512 

سوق الحميدية: 389 

السوق السوداء اللبنانية: 401 

سويتء لويز: 206 

السويداء: 48-47: 67-66» 70-69» 
6.6412 
3 353 

السويداني» أحمد: 293, 307 331» 
527 

سياسات البعث الزراعية: 301 

سياسة التحرير الاقتصادي: 100 

سيانو (قرية): 110 

السيدء جلال: 28» 265-264» 354 

سيرت» وليد محمد: 518 

سيلء باتريك: 281: 363» 549 

سيلي» تالكوت: 548-547 

ا 

شارون؛ أريئيل: 2381 553 

الشاعرء فهد: 2307 313 

شامير» يتسحاق: 562 

شبكات المياه: 138 

شبكة البرق العثمانية: 197 

شبكة قنوات الري: 200 


شبكة الهاتف: 143 

شدود؛ سهيل: 29 

شرابي؛ هشام: 29 

الشراكة الحموية: 92 

الشرطة السرية: 441-440 

الشرع فاروق: 268 

الشرع؛ موفق: 268 

شرق الأردن: 226 

شرق لبئان: 560 

الشرقلية (قرية): 96-95 

شركة طائرات العال الإسرائيلية: 446 

الشركة العربية السورية لتنمية المنتجات 
الزراعية: 428 

الشركة اللبنانية السورية للتبغ (الريجي): 
371-00 

شركة 1065168 :0غ310: 169 

الشركس: 295, 304 

الشريط الحدودي في جنوب لبنان: 
5522-1 

الشريعة الإسلامية: 204 

شريعة حمورابي: 90 

الشعلان» لورانس: 69 

شعير بريور: 174 


الشعير الرومي: 174 


الشعير العربي: 174 

الشكارة: 94, 239 

شمال العراق: 264 

شمال ليئان: 557 560 

الشمالي؛ فؤاد: 235-233 

شمعون. كميل: 543-541: 550 

الشهابي» حكمت: 421-420: 438 
439 

شهبا: 274-73 254 

الشهبندر» عبد الرحمن: 230 

الشهرستانيء أبو الفتح: 61 

الشوفي» حمود: 329-328) 2.386 424 

الشيحة (قرية): 253 

الشيخ بدر (قرية): ١256‏ 268 

شيخ البساتنة: 191 

الشيخ» حافظ: 29 

الشيخ حديد (قرية): 112 

الشيخ مسكين (قرية): 211 

شيخ المشايخ: 152 

شيراك؛ جاك: 446 

الشيعة الإمامية الإثنا عشرية: 249-48 
53-2 256 60-59. 266 668 
4 4 

الشيعة في لبئان: 539 


ص- 

الصاحبء أسعد: 212 

صادق» بشير: 282 

الصافي؛ عقل (اسم مستعار): 60 

صافيتا: 237, 239 

الصالح؛ نجم الدين: 268 

صالحء نمر (أبو صالح): 558 

صالحة؛ توفيق: 73 

صايغ, يزيد: 29 

الصباغ» صلاح الدين: 264 

صحنايا: 236 

صحيفة تشرين: 4396-395 2583 585 

صحيفة الثورة: 582 

صحيفة الشعب: 440 

صحيفة نيويورك تايمز: 583 

الصدرء موسى: 259 2481 539 

الصراع مع إسرائيل: 522» 2526 572) 
575 

الصلح» رغيد: 29 

الصمد (قرية): 66 

صلخد: 47. 94 

صور: 568 

الصوفية: 208-203 213-212: 236» 


215 


الصيادي» محمد أبو الهدى: 2207 
2110-9 

صيدا: 2550 2555 2570-568 573 

صيدنايا: 236 

صيغة الأرض مقابل السلام: 583 

داضت 

الضباط الحضريون: 306 

الضباط الدروز: 307 

الضباط الريفيون: 306 

الضباط السئة: 421:307-306 

الضباط العلويون: 303. 307-306» 
313 425 596 598 

ضريبة أعمال الطرق: 128 

ضريبة الأرباح: 133-132 

ضريبة الأغنام: 128 

ضريبة الجزية: 223 

ضريبة الدخل: 132-131 

ضريبة العشر: 2131-128 218. 239 

الضريبة على رؤوس الحيوانات (الكودا): 
9 218 

ضريبة الكرّوزة: 129 

ضريبة المُحَرّمية: 128 

ضريبة الميري: 221128-126 


ضريبة الويركو: 131-129 


ضريح السيدة زينب (بدت الحسين بن 
علي): 48: 208 

الضفة الغربية: 534» 0566 572-571» 
7 579 586 

الضمانون: 200 

5003 

طاووس ملك: 50 

الطائفة العلوية: 256 59» 265 304» 
5 422 437 562 598 

الطائفية: 422 

طرابلس الغرب: 446 

طرابلس («لبنان): 438. 475. 2546 
0 562-559 

طرابلسي» فواز: 29 

الطرائق الصوفية: 206-204 211-210 
-الطريقة الرفاعية: 211-205» 
3 249 592 
- - فرع السعدية (أو الجباوية): 
2008-7 
-الطريقة القادرية: 212-211» 
7 293 
-الطريقة النقشبندية: 212 

طرطوس: 48 281 141. 237. 295. 


601:357-356 344 8 


689 


ينا 


طريق بيروت-دمشق الدولي: 2381 546 

طريق دمشق_بيروت للعربات: 197 

طريق صيدا-بيروت: 542 

طريق طرابلس_حمص: 400 

الطعمة» خليل: 253 

طعمه؛ جورج: 293 

طلاسء عبد القادر: 294 

طلاس». مصطفى: 294. 332-331» 
3 421-420 425 449 

الطوائف الحرفية: 196 

-غع- 

عابو حسني: 490 

العالم» عدنان: 528 

عامر» نواف: 73 

العاملون بأجر: 76 

العايد» مصطفى: 467 

عايش» محمد؛ 518 

عبد الله بطاطوء ماري: 29 

عبد الله بن رواحة الأنصاري: 57 

عبد الله بنسبأ: 60 

عبد الله» شكري: 29 

عبد الباسط» عبد الحكيم (أيو فهد): 
5 210 

عبد الجليل» غانم: 518 


عبد الحميد الثاني (السلطان العثماني): 
7 207 4209 212» 218 

عبد الرحيمء إبراهيم: 298 

عبد الرحيم» يونس: 298» 303 

عبد الناصرء جمال: 279-278»: 6.500 
13 0005 2*2 

عبد النورء أنطوان: 205 

عبسي ٠»‏ فؤاد: 419 

عبيل) حمد: 6273-72 284 

عبيكد) علي: 2 284 

عثمان بن مظعون النجاشي: 57 

العجز الزراعي: 177-176 

عجلون: 534 

عدوان» ممدوح: 2 498 

عدي بن مسافر (الشيخ): 50 

عرابي؛ يوسف: 529-527 

العراق: 50» 53» 192» 229: 6.250 
4 494غ. 506) 518-516» 
01-0 524-523») 536غ 
205743 

عربين: 210 

عرفات» ياسر (أبو عمار): 529-527: 
1[ 534) 2536 552-551 


576-572 570 )5685-5 


583:580-8غ586-585 
العرقوب: 2533 535 
العرقية: 265 
عرنوق: 237 
العروية: 250» 262. 268 278. 507 
العزلة الإثنية: 219 
عساكر: 528 
عشيرة بني سويدان: 293 
عشيرة البوخابور: 239 
عشيرة البوعبيد: 265 
عشيرة الحدادين: 298-297» 406 
9 445 447 
عشيرة الحريري: 211669-68 
عشيرة حمدان: 294 
عشيرة الحسون: 278 
عشيرة الخرشان: 265 
عشيرة الخياطين: 237؛ 297» 366 
عشيرة الحمد: 66 
عشيرة الزعبي: 47 212-211:69-68 
عشيرة فرزات: 294 
عشيرة الكلبية: 366-365: 406 447 
عشيرة المتاورة (العلوية): 222 443 
-عشيرة البشارغة: 443 
-عشيرة النميلاتية: 443 


عشيرة المقداد: 68-66 

عشيرة الميادين: 492 

عصبة العمل القومي: 264 

عضيمة؛ صالح: 338 

العطار؛ عصام: 486-483؛ 490-489) 
2 507 

العطارء نجاح: 2488 507 

العظم» خالد: 485 

العظمة. ماجد: 489 

عفرين: 112 

عفلق» ميشيل: 28» 257: 262: 2264 
268-6» 2279 283 517 

عقلة» عدنان: 496-493 506-505 

العقيدة العلوية: 419 

العكسء علي: 223 

العلاقات الأميركية_السورية: 547 

العلاقات الزراعية: 89 

العلاقات السورية_الفلسطينية: 574 

العلاقات الفلسطيئية_المارونية: 570 

علم الكلام: 204 

العلمي؛ سعد الدين (مفتي القدس): 560 

العلريون: 50-49 254 60. 219» 
1» 306-303. 313: 344 


6- 2.364 367غ 406-405 


8 422 424 452 481 
7 490 499 595 
-علويو الجبال: 220» 356. 424) 
4143 
-علويو السهول: 220؛ 356 

علي بن أبي طالب: 53) 57-55» 
61-9 

العلي» صالح: 221, 298, 443 

عمان: 564 

عمران» محمد: 2282-281 297» 2306 
32 476-475 515-514 

عملية السلام في الشرق الأوسط: 438: 
4 77 583 2585 588 

العنصر العسكري السئي الحضري: 303 

العنف: 485. 488) 492. 497: 2538 
57 

العهد (ميثاق رسمي في العقيدة الدرزية): 
51 

العولمة الاقتصادية: 601 

عونء ميشال: 574-573 

عويسء إبراهيم: 29 

عياشء عبد الغني: 282 

عيروط» هنري (الأب): 189-187 

العيسمي» شبلي: 73-72 


العيسمي» يوسف: 72 

عين بشريتي: 237 

عين التيئة: 237 

عين دابش: 237 

عين الرمانة (منطقة» بيروت): 543 

عين عرب: 247 

عين العروس (قرية): 426 

دغ- 

الغاب (منطقة): 152» 168 

الغانم» وهيب: 28: 4267266 369 
320 

غران ميتشل» ماغي: 29 

غرة» محمد: 488 

غرفة تجارة دمشق: 2»390-389 392 

غزال» زهير: 29 

الغزالي» أبو حامد محمد بن محمد: 204 

غزة (قطاع): 526) 572-571566» 
7 579 586 

غصم (قرية): 66 

غنيم» محمد راتب (أبو ماهر): 557 

غوطة دمشق: 227 2.41 43 245 248 
2 81. 89 92 94. 96 
0 114 126. 0.145 4152» 


2»200-197 195-193 1 


52ظ6 


671 


5» 210» 213: 228-227» 
2331-0 
دف 

فارسء هاني: 28 

فاطمة (بنت النبي): 53 

فتح قناة السويس (1869): 197 

فترة «ازدواجية السلطة»: 332 

الفدائيون: 527-526» 533-532 

الفرات (منطقة): 63 

فرانكفورت: 506 

الفرقة الثالثة المدرعة: 356. 2387 434: 
502 

فرنجية»؛ سليمان (الجد): 539-538 
543-32 

فرنسا: 63 2264 265» 367 

فريدريك الأكبر: 386 

الفساد: 403-402 431 444 448 
7 498 

فك الارتباط القانوني والإداري بين 
الأردن والضفة الغربية (1988): 
522 

فلاحو الجبال: 45؛ 2189 215: 219» 


369 7 


فلاحو السهول (العلويون): 45-44: 
9 215 219 

الفلاحون البستانيون: 41. 43 189» 
31 201-194. 227. 253»: 
5 

الفلاحون الدروز: 251472-45 219- 
0 226, 2254 268 

الفلاحون الزراعيون: 41 189 

الفلاحون العلويون: 48 61) 2219 
7 :© 268 344 425 

الفلاحون المسالمون: 45 

الفلاحون المسيحيون: 2223 254؛ 268 

الفلاحون المغامرون (أهل العود): 
45-4 62 354 

فلسطين: 154. 229. 251. 264, 
5 575 

الفلسطيتيون في لينان: 487 

فنسنتء أندرو: 29 

الفورة النفطية (1981-19773): 167 

فولبرايت» ج. وليم: 535 

فولتير» فرانسوا ماري أرويه: 386 

فولني» سي إف: 125 195 


فياضء» شفيق: 2.406 2426 434 


فيصل الأول (ملك العراق): 63 249 

فيصل» يوسف: 242 

فيلهلم الثاني (إمبراطور الجرمان): 48 

دق- 

قاسم شاه (الإمام الإسماعيلي): 295 

القامشلي: 237 

قانون الأرض لعام 1858: 216 

قانون الإصلاح الزراعي (سورية): 42 
4 2240-2239 2257 2313 
1 595 

قانون تشجيع الاستثمار رقم 10 (1991): 
4012 

القاهرة: 52 193: 261 2483 513 
5 534 5636550 

القباني» حمود: 73 

قبر الست (قرية): 48: 208 

قبرص: 180 

قبلان» عبد الأمير (المفتي الجعفري 
الممتاز في لبئان سابقًا): 481 

قبيلة البقارة: 62 

قبيلة بني تغلب: 200 

قبيلة بني عبس: 294 

قبيلة الجبور: 62 

قبيلة الرولة: 69» 295 256 


قبيلة شمر: 304 

قبيلة العفادلة: 65-62 467 

قبيلة العقيدات: 62» 239 

قبيلة عنزة: 63 

قبيلة الفدعان: 64-62 

قبيلة الكفارنة: 66 

قبيلة الموالي: 44 

قبيلة ولدة: 62» 64 

القدس: 584 

القدس الشرقية: 579» 584» 586 

قدسيء الياس: 192-191 

القدموس: 248 295 

القدم (قرية): 213 

القدمي؛ ديب: 213 

القدومي» فاروق (أبو اللطف): 526 

القذافي؛ معمر: 516» 556 

القرامطة: 256 193-192 

قرحتا: 205؛ 210 

القرداحة: 268 278: 2299 365 368 
حارة العيلة: 2299 365 

قرفيص: 2.426 443 

قرمطء حمدان: 192 

القروض الزراعية والصناعية: 123 

القريًا: 273 223. 227 


القريتين (قرية): 476 

القشيري: 204 

القضية الفلسطينية: 238: 574 

القطاع الخاص: 85 122-121 167» 
2 395 402 2428 508 

القطاع الزراعي: 465 

القطاع العام: 2180 2309 392, 395, 
2 508 

قطب. سيد: 484-483 

القطن السوري: 173 

قطنا: 113 

القطيفة: 438 

القطيني» عبدو: 253 

قلعة الحصن: 93 

قلعة الخوابي: 48 

قلعة المضيق: 253 

قلعة الكهف: 48 

القلمون: 48 2151 234. 237». 243» 
254 

قمح حلب: 175 

القمح الحماري: 174 

القمح الحوراني: 174 

قمح الدوشاني: 174 

القمح السلموني: 174 


655 


قمح شام: 175 
القمح الصقلي (سيناتور كابيللي): 174 
القمح المكسيكي: 175 
قناة السويس: 379 

قنبر بن كادان الدوسي: 57 
قنوات (بلدة): 70 
القنيطرة: 76 242, 


376-84 


65-4 


القوات الخاصة: 356» 438» 517 
-الوحدات الخاصة: 435: 439-438» 

502 4 

القوتلي»؛ شكري: 226. 429-428 

القومية: 49» 250 

القومية السورية: 511 

القومية العربية: 264 513-511» 520» 
7 594 

القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة 
الفلسطيئية (1988): 573-572 

كه 

كامب ديفيد انظر معاهدة السلام المصرية 
الإسرائيلية (1979) 

كاهن, كلود: 193 

الكتاتيب (مدارس تعليم القرآن): 145 

الكرخ: 518 


7 


كردستان: 520 

الكرملين (السوفياتي): 237 

الكرنتينا (منطقة» لبنان): 541 

الكسارء منذر: 444 

الكسمء عبد الرؤوف: 49 

كعب الأحبار: 215 

كفتاروء أحمد (مفتي الجمهورية السورية 
سابقًا): 479 482-481 

كفر تخاريم: 213: 238 

كفر زبين: 427 

كفر سجنة: 205 

الكفرون: 237 

كلارك» بيتر: 28 

الكلية العسكرية في حمص: 373, 593 

كلينتون» بيل: 581 

كنعان» عثمان: 282 

كهربة الريف: 2134 424 

الكوفة: 56 

الكونغرس الأميركي: 404 

كونواي» ديان: 29 

الكويت: 529؛ 577 

كيسء مارغريت: 30 

كيسلجرء» هنري: 379) 473-472 
5549-8 568 


ذال 

لابيدوسء إيرا م.: 193 

اللاجئون الفلسطيئيون: 579 

اللاذقية: 44؛ 48, 2101:8162 143» 
1» 170. 315 344) 356 
35 2365 371:369-368: 406 
525023 585 595 

لالش (قرية في العراق): 50 

اللبرلة: 486 

لبنان: 45 53. 2.151 224: 237» 
3 363 381. 2.399 420 
8 438 477 481 485 
512-11 522) 2525 527 
538-535 546-540 548 
549 2.553 555) 2567 571» 
4 588-586 

اللجنة الطالبية في اللاذقية: 370 

اللجنة العسكرية السرية البعثية: 72» 
4 4284-2831 2297295 
301-9غ 303. 307-306غ» 
0 315 373 419 447 
5516-3 595 598-597 

لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية 
(أيياك): 566 


لجنة المخابرات الرئاسية: 2442 445 
-الأمن السياسي: 443-442 
-المخابرات العامة: 442 444, 
7 488 
-- فرع الأمن الخارجي: 442 
-- فرع الأمن الداخلي: 442 447 
-- فرع فلسطين: 442 
-المخابرات العسكرية: 443-442 
-مخابرات القوى الجوية: 442) 
446-45 

لحدء أنطوان: 585 

اللغة الآرامية: 48 

اللغة الفرنسية: 145 

اللقبة (قرية): 447 

لندن: 427: 440: 446 

لتكولن» أبراهام: 383 

لواء الإسكندرون: 265: 369.: 443 
4]ظآ5 

لويسء برناره: 192 

ليبيا: 358 2517-516 5712552 

مد 

ماخوسء إبراهيم: 28: 2315 325 


376-35 


المارديني» عبد الرحمن: 28 


ماسترزء بروس: 194 

ماسينيون» لوي: 192 

المالكيء عدنان: 298» 303 

مالون» ديفيد: 29 

مبادرة ريغان للسلام (1982): 555 

مبارك» حسني: 563 

مبدأ توازن القوى: 522 

متحف حماه: 428 

المتن (منطقة» لبنان): 544 

المجتمع الإسلامي: 205: 212 

المجتمع التجاري الحضري: 309 

المجتمع الريفي: 227 591 

مجحم بن مهيد: 64-63 

المجدل: 284 

مجزرة حماه (2 198): 2504 508 

مجزرة صبرا وشاتيلا (1982): 46) 
5 570 

مجزرة مدرسة المدفعية (1979» حلب): 
492-01 

مجلس أبحاث العلوم الاجتماعية في 
نيويورك: 29 

المجلس الإسلامي الأعلى (سورية): 482 

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في 


لينان: 481 


مجلس الشعب: 069 123 23916240 
5 480-479 509 

مجلس المبعوثان التركي: 67» 249 

المجلس الوطني الفلسطيني: 565-564» 
576 

المجلس الوطني لقيادة الثورة (سورية): 
69 

المحادثات السورية الإسرائيلية: 581 

محاكم حلب الشرعية: 191 

محاكم دمشق الشرعية: 191 

محجة (قرية): 110 

محطة تلفزيون [1/2ه: 440 

محمد بن إسماعيل (الإمام): 53 

محو الأمية: 145 

المخابرات الأميركية: 521 

المخرم الفوقاني (قرية): 297 

مخلوفء عدنان: 2406 437 

مخيمات اللاجثين الفلسطينيين في سورية: 
و5 
-مخيم فلسطين: 570 
-مخيم اليرموك: 570 

مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان: 
1 2536-5355 553-551 


573571 56975 


-مخيم البداوي: 560 
-مخيم برج البراجنة: 569 
-مخيم تل الزعتر: 541: 550 
-مخيم شاتيلا: 2381 555: 569 
-مخيم صبرا: 381» 5716555 
-مخيم الضبية: 541 
-مخيم عين الحلوة: 555» 573 
-مخيم نهر البارد: 560 

المدارس: 145 

المدارس الريفية: 147 

المدرسة الابتدائية المدنية العثمانية العليا 
(الرشدية): 199 

المدرسة القرآنية القديمة (دوما): 199 

مدرسة المدفعية (حلب): 490-489 

المدني» علي: 419 

المدينة المنورة: 197 

المرابع: 91 

المرابون: 118» 123 

مراد» حديئة: 73 

مراغة» سعيد موسى (أبو موسى): 
59-8» 2570 2573 2576 
550 

المرسوم التشريعي رقم 31 (1980): 
468 


اكوك شين 


المرسوم رقم 4 (1977): 425 

المرسوم رقم 10 (1986): 181-180 

المرسوم رقم 66 (1969): 314 

المرسوم رقم 88 (1963): 313 

مرسيليا: 198 

المرشديون: 297 

مرفأ جونيه: 570 

مرفأ طرطوس: 438 

مرفأ اللاذقية: 533 

مركز الدراسات العربية المعاصرة في 
جامعة جورج تاون: 29 

المركز الدولي للبحوث الزراعية في 
المناطق الجافة (إيكاردا): 158» 
175 

مزار الشيخ عدي (لالش): 50 

المُزارعة: 90 

المزة: 420 

مسألة ألوهية علي بن أبي طالب: 60 

المساواة: 384 

المستثمرون السوريون: 181-180 

المستثمرون العرب: 181-180 

مستشفى المزة العسكري: 489 

المستوصفات القروية: 139 

المستوطنات الصهيونية (1948): 251 


المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية: 
9 585 

المسجد الأقصى: 584 

المسعوديء أبو الحسن علي بن الحسين: 
183 

المسيحية: 54» 208: 368 

المسيحيون: 249-48 354-353 
-الروم الأرثوذكس: 48 
-الروم الكاثوليك: 48 
-السريان الأرثوذكس: 48 
-الموارنة: 246 2.512 2.539 2545 
آى5 

المسيفرة (قرية): 2211 293 

مشتى حلو: 237 

المشرفة: 237. 239 

مشروع الاتحاد الكونفدرالي الفلسطيني- 
الأردني: 566-565 

مشروع الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية 
والعراق (1963): 515-514 

مشروعات الأناضول (جنوب شرق 
تركيا): 181 

المشهدي» محبي عبد الحسين: 518 

مصادرة إسرائيل الأراضي العربية: 
585-64 


مصر: 252 6.56 2118 147ه. 62193 
8 2278 484. 2.490 513 
5617-6 523 563 

المصرف الزراعي التعاوني: 116» 118» 
21371 

المصرف الزراعي العثماني: 116 

مصياف: 2,246 254: 295 - 2296 298» 
3 400 447 595 

مضايا (بلدة): 114 

المعارضة: 28. 445 477» 2,487 
0 502 

المعارضة العلمانية: 496 2.2498 
543 

المعارضة الوطنية: 507 

معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق السورية 
اللبنانية (1991): 574 

معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (1979): 
0 490 498 517 563 

المعتقدات اليزيدية: 50 

المعتقلون السياسيون: 507 

معراتة: 207 

معربة (قرية): 66 

معرة النعمان: 44 207, 210-209» 


254 


معركة طرابلس (1983): 561» 563» 
7ى5 

معركة الكرامة (1968): 530 

معلولا: 48 

معمل الفرات للجرارات: 169 

معهد دراسات السياسات (الولايات 
المتحدة): 601 

المعهد العربي للتخطيط (الكويت): 100 

المعهد الفرنسي في دمشق: 29 

مفهوم التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل: 
3 575 

المقاومة الفلسطينية: 330, 2334 381: 
2537-6 546-545 549 
553.20 2555 557 

المقاومة فى جنوب لبنان: 567 

المقداد بن الأسود الكندي: 57 

المقداد. خالد عبد الرحمن: 67 

المقداد؛ عبد الحميد: 67 

مقدسي» أنطون: 28 

مكة: 485 

مكتب الأمم المتحدة الاقتصادي 
والاجتماعي في بيروت: 162 

مكتب التحقيقات الفدرالي (الولايات 
المتحدة): 441 


المكئنة: 179 

المكيافيلية: 186 

الملاحة البخارية عبر المتوسط: 197 

ملاحفجيء؛ علي: 419 

الملحم؛ طراد: 256 

ملّاك الأراضي الكبار: 132-131 

ملكية الأرض الزراعية: 88: 600 

ملكية الأرض المجزأة: 179 

منبج: 62 

منظمة أيلول الأسود: 534 

منظمة التحرير الفلسطيئنية: 28» 363» 
35 2530 2534-533 537- 
9 544-541 2549 551 
3 558-556 561 62568 
580-71 2586 588 

منظمة الصاعقة: 530. 533)» 542 
3 546 556 559) 576 

منظمة العفو الدولية: 503 

المهايني» ثابت: 29 

المهندء هزيمة (الهنيدي): 284 

مؤتمر التنظيم الفلاحي (1: 1965): 466 

المؤتمر الدولي للسلام في الشرق 
الأوسط (1991: مدريد): 577 

مؤتمر الصلح (1919): 512 


مؤتمر الفلاحين (1951): 257 

مؤتمر القمة العربية (1978: بغداد): 
519 

الموحسن (قرية): 238 

مورفي؛ ريتشارد: 29, 472: 541-540) 
548 

الموساد: 446 

مؤسسة الإسكان العسكرية: 425 

مؤسسة دمشق للحواسيب الرقمية: 428 

المؤسسة العامة للأعلاف: 158 

موسكو: 473 

المياه الجوفية: 151 

مياه الري: 152 

ميثرا (من آلهة الفرس): 50 

الميرء أحمد: 28. 282-281» 296- 
2157 

المير» محمود: 296 

الميرء ملحم: 296 

ميليشيا #نمور الأحرار؟ (لبنان): 543 

الميليشيات المارونية اللبئانية: 541» 
5344-3 570551 

مينزل» ث.: 50 

دن- 


نابليون بونايرت: 2 504 


لل ايند 


ناصيف. محمد: 2442 448-447 

النبطية (جنوب لبئان): 66 

النيك: 235 

النبهاني» محمد: 211 

نتنياهو, بنيامين: 583: 585 

النجار» بشير: 419 

النجم؛ محمد: 253 

النحاس» صائب: 428: 448 

النرويج: 579 

نشتكين الدرزي: 52 

النظام الضريبي: 0005© 1 

النظام العالمي الجديد: 589 

النفط العراقي: 521 

النمو الزراعي: 2 165)» 168-167» 
175-4000 

النمو السكاني: 3 179201772165236 

نهجة براق (قرية فى جنوب دمشق): 210 

نهر بردى: 41: 152: 200 


نهر البليخ: 16162 

نهر بيروت: 542 

نهر الخابور: 5 3531612143 
نهر دجلة: 154 

نهر العاصي: 4 168 191 255غ؛ 


233 4 


نهر عفرين: 47 

نهر الفرات: 45 62 2137 2143 152» 
4 159.: 161غ» [181» 2239 
52703 

نهر قويق: 191 

النهر الكبير الشمالي: 161 

نهر الليطاني: 2548 550 

نهضة الزراعة: 33 

نوى (بلدة): 294 

نيكسون. ريتشارد: 472-471 531 

ده 

هامبورغ: 198 

الهجرة المعاكسة: 102 

الهجرة من الريف: 102 

هجرة اليهود السوفيات إلى إسرائيل: 577 

هدسون. مايكل: 29 

هضبة الوعر في حمص: 95 

الهلال الخصيب: 181 

هنانوء إبراهيم: 213 

هنداويء نزار: 446 

الهنديء هاني: 28 

هنيدي؛ مزيد: 282-281: 284 

هوبر» ريك: 29 

الهويدي» جاسم المحيميد: 65 


هويدي» حسن: 492 
الهويدي؛ عبد الرزاق: 65 
الهويدي. فيصل: 64 
هيوم» ديفيد: 55 
دود 
وادي الغاب: 45» 353 
وادي اللوا: 70 
وادي النصارى: 48 
واسط: 56 
واشنطن: 4 421 523 540. 546 
الوثيقة الدستورية (1976. لبنان): 539 
وثيقة الوفاق الوطني اللبناني (1989: 
الطائف): 574 
الوجود العسكري السوري في لبنان: 574 
الوحدة العربية: 262» 264: 2512 515» 
517 


الوحدة المصرية_السورية (1961-1958): 


514 294 279 239 8 

الوزير» خليل (أبو جهاد): 527» 534 
و55 

وسائل النقل: 143 


وكالة الأنباء الفرنسية: 399 


ونوسء سعد الله: 601 

الولايات المتحدة: 34)» 138. 141» 
0 2.179 2385-3384 421 
7 431 441 473 500 
3 540 549-546 2566 
5577-6 588 

ويلرس». جاك: 45. 300 


ويلسون. وودرو: 512 


دي- 
اليابان: 34 

يبرود: 235-234 

يزدان: 50 

اليزيدية: 50 

اليزيديون: 7 50-49 255 353 
اليمن: 56 

اليمن الجنوبي: 552 

اليهود: 49 

اليهودية: 54 

اليوسف» إبراهيم: 491-489 
اليوسف». عبد الرحمن: 94 
يوسفء مراد: 242 


اليونس» محمود: 2268 278 


ن 1ق هه طداة